المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد الثامن والتسعون بعد الأربعمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٦

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْحِكَايَة بِمن ومَا وأَي)

- ‌(الْأَصْوَات)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الْمركب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الْكِنَايَات)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الظروف)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

الفصل: ‌(الشاهد الثامن والتسعون بعد الأربعمائة)

مَوضِع يجلس فِيهِ الذَّلِيل وَهُوَ خلف الأتان. فَنحْن نقْتل الْأَبْطَال وَأَبُوك يقتل الْقمل والصئبان فشتان مَا بيني وَبَيْنك. وَهَذِه القصيدة مطْلعهَا: وَيَأْتِي شَرحه أَن شَاءَ الله فِي الصّفة المشبهة.

وترجمة الفرزدق قد تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّلَاثِينَ من أَوَائِل الْكتاب. وَأنْشد بعده

3 -

(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الأربعمائة)

الوافر:

(نهيتك عَن طلابك أم عمرٍ و

بعاقبةٍ وَأَنت إذٍ صَحِيح)

على أَن التَّنْوِين اللَّاحِق ل إِذْ عوضٌ عَن الْجُمْلَة وَالْأَصْل: وَأَنت إِذْ الْأَمر ذَاك وَفِي ذَلِك الْوَقْت.

وَكَذَا أوردهُ صَاحب الْكَشَّاف فِي سُورَة ص. اسْتشْهد بِهِ على أَن أوانٍ فِي قَوْله: طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ بني على الْكسر تَشْبِيها ب إِذْ فِي أَنه زمَان قطع مِنْهُ الْمُضَاف إِلَيْهِ وَعوض

ص: 539

عَنهُ التَّنْوِين وَكسر لالتقاء الساكنين. وَرُوِيَ أَيْضا: وَأَنت إِذا صَحِيح فَيكون التَّنْوِين فِيهِ أَيْضا عوضا عَن الْمُضَاف إِلَيْهِ الْجملِي عِنْد الشَّارِح الْمُحَقق وَيكون الأَصْل وَأَنت إِذْ نهيتك كَمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين. وَالْمَشْهُور أَنَّهَا فِي مثله للجواب وَالْجَزَاء. وَعَلِيهِ مَشى المرزوقي فِي شرح الهذليين قَالَ: رَوَاهُ الْبَاهِلِيّ: وَأَنت إِذا

صَحِيح. وَتَكون إِذا للْحَال كَأَنَّهُ يَحْكِي مَا كَانَ. وَالْمرَاد:

(فَإنَّك إِن ترى عرصات جملٍ

بعاقبةٍ فَأَنت إِذا سعيد)

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِن إِذا جوابٌ وَجَزَاء وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَفِي الْفَاء مَعَ مَا بعْدهَا الْجَزَاء فَمَا معنى إِذا فَإِن ذَلِك عِنْدِي لتوكيد الْجَزَاء كَمَا أَن الْيَاء فِي قَوْله الرجز: والدهر بالإنسان دواري لتوكيد الصّفة. انْتهى. وَقَوله قبل الْبَيْت: وَقَوله هُوَ بِالْجَرِّ مَعْطُوف على مَدْخُول الْكَافِي فِي قَوْله تَعَالَى: وكلاًّ آتَيْنَا.

ص: 540

وَاعْلَم أَن الشَّارِح الْمُحَقق قد دقق النّظر فِي نَحْو: يَوْمئِذٍ فَجعل إِذْ بَدَلا من)

الظّرْف قبله فَيكون يَوْم وَنَحْوه غير مُضَاف إِلَى إِذْ. وَحِينَئِذٍ يرد عَلَيْهِ: مَا وَجه حذف

التَّنْوِين من الظّرْف الأول وَمن قَالَ بِالْإِضَافَة كالجمهور فَحذف التَّنْوِين ظَاهر. وَيجوز فِيهِ الْبناء على الْفَتْح وَالْإِعْرَاب على حسب الْعَامِل. قَالَ ابْن السراج فِي الْأُصُول: واسماء الزَّمَان إِذا أضيفت إِلَى اسْم مَبْنِيّ جَازَ أَن تعربها وَجَاز أَن تبنيها وَذَلِكَ نَحْو: يَوْمئِذٍ بِالرَّفْع ويومئذ بِالْفَتْح فيقراً على هَذَا إِن شِئْت: من عَذَاب يومئذٍ بِالْجَرِّ وَمن عَذَاب يومئذٍ بِالْفَتْح. اه. وَقد قرر الشَّارِح الْمُحَقق هَذَا فِيمَا سَيَأْتِي وتنبه لهَذَا الِاعْتِرَاض فَأجَاب عَنهُ بِأَن الْإِعْرَاب لعروض عِلّة الْبناء أَعنِي الْإِضَافَة إِلَى الْجمل وَالْبناء لوُقُوع إِذْ الْمَبْنِيّ موقع الْمُضَاف إِلَيْهِ لفظا. وَقَوله: وَالَّذِي يَبْدُو لي أَن هَذِه الظروف الَّتِي كَأَنَّهَا فِي الظَّاهِر مُضَافَة إِلَى إِذْ لَيست مُضَافَة إِلَيْهِ بل إِلَى الْجمل المحذوفة هَذَا مُمكن فِي يَوْم وَحين فَإِنَّهُمَا يجوز إضافتهما إِلَى الْجمل وَقد سمع. وَأما سَاعَة وَلَيْلَة وغداة وَعَشِيَّة وعاقبة فَإِنَّهَا لَيست من الظروف الَّتِي يجوز إضافتها إِلَى الْجمل لِأَنَّهُ لم يسمع فَكيف يُقَال إِنَّهَا تُضَاف إِلَى الْجمل وَإِذ بدل مِنْهَا فَلَمَّا حذفت الْجُمْلَة المضافة إِلَيْهَا إِذْ عوض التَّنْوِين عَنْهَا

ص: 541

وَقد وجد بِخَط صَاحب الْقَامُوس تركيب هَذِه الظروف مَعَ إِذْ قَالَ: لَا يُضَاف إِلَى إِذْ من الظروف فِي كَلَام الْعَرَب غير سَبْعَة أَلْفَاظ وَهِي: يَوْمئِذٍ وَحِينَئِذٍ وساعتئذ وليلتئذ وغداتئذ وعشيتئذٍ وعاقبتئذٍ. اه. قيل: وَمُقْتَضَاهُ أَنه لَا يُقَال وقتئذ وَلَا شهرئذ وَلَا سنتئذ.

وَقد ورد أوانئذٍ فِي شعر الدَّاخِل بن حرَام الهزلي قَالَ الوافر:

(دلفت لَهَا أوانئذٍ بسهمٍ

حليفٍ لم تخونه الشروج)

والدليف: سير فِيهِ إبطاء. وحليف: حَدِيد. وتخونه: تنقصه. والشروج: الشقوق والصدوع.

وَزعم الْأَخْفَش أَن إِذْ مُعرب مجرور بِإِضَافَة مَا قبله إِلَيْهِ. قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَزعم الْأَخْفَش أَن إِذْ فِي ذَلِك معربة لزوَال افتقارها إِلَى الْجُمْلَة وَأَن الكسرة إِعْرَاب لِأَن الْيَوْم مُضَاف إِلَيْهَا. ورد بِأَن بناءها لوضعها على حرفين وَبِأَن الافتقار بَاقٍ فِي الْمَعْنى كالموصول تحذف صلته لدَلِيل. قَالَ مجزوء الْكَامِل:

(نَحن الألى فاجمع جمو

عك ثمَّ جهزهم إِلَيْنَا)

ص: 542

أَي: نَحن الألى عرفُوا. وَبِأَن الْعِوَض ينزل منزلَة المعوض مِنْهُ فَكَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَذْكُور وَبِقَوْلِهِ: وَأَنت إِذْ صَحِيح. وَأجَاب عَن هَذَا بِأَن الأَصْل حِينَئِذٍ ثمَّ حذف الْمُضَاف وَبَقِي الْجَرّ كَقِرَاءَة بَعضهم: وَالله يُرِيد الْآخِرَة أَي: ثَوَاب الْآخِرَة. اه. وَهَذَا مَعَ أَنه لَا قرينَة عَلَيْهِ لَا يُفِيد شَيْئا)

لوُجُود مُقْتَضى الْبناء فِيهِ. وَقد سَهَا سَهوا بَينا شَارِح شَوَاهِد الْمُغنِي فَقَالَ: الْبَيْت اسْتشْهد بِهِ الْأَخْفَش على أَن إذٍ معربة لعدم إِضَافَة زمَان إِلَيْهَا وَقد كسرت. وَأجِيب بِأَن الأَصْل وَأَنت حِينَئِذٍ ثمَّ حذف الْمُضَاف وَبَقِي الْجَرّ. هَذَا كَلَامه.

وَلَا يخفى أَن الْأَخْفَش لم يستشهد بِالْبَيْتِ وَإِنَّمَا اسْتشْهد بِهِ عَلَيْهِ فَأجَاب بِأَن الْحِين مِنْهُ مَحْذُوف. وَهُوَ غير قَائِل بِأَن إِذْ معربة لعدم الْإِضَافَة. وَقد تكلم ابْن جني فِي سر الصِّنَاعَة على يَوْمئِذٍ بِبَيَان وافٍ وَإِن كَانَ على خلاف طَريقَة الشَّارِح الْمُحَقق فَلَا بَأْس بإيراده مُخْتَصرا قَالَ: من وُجُوه التَّنْوِين أَن يلْحق عوضا من الْإِضَافَة نَحْو: يَوْمئِذٍ وليلتئذ وساعتئذ وَحِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ قَول الشَّاعِر: وَأَنت إذٍ صَحِيح وَإِنَّمَا أصل هَذَا أَن تكون إِذْ مُضَافَة إِلَى جملَة نَحْو: جئْتُك إِذْ زيد أَمِير وَقمت إِذا قَامَ زيد فَلَمَّا اقتطع الْمُضَاف إِلَيْهِ إِذْ عوض مِنْهُ التَّنْوِين فَدخل وَهُوَ سَاكن على الذَّال وَهِي سَاكِنة فَكسرت الذَّال لالتقاء الساكنين

ص: 543

فَقيل: يَوْمئِذٍ. وَلَيْسَت الكسرة كسرة إِعْرَاب وَإِن كَانَت إِذْ فِي مَوضِع جر بِإِضَافَة مَا قبلهَا إِلَيْهَا. وَإِنَّمَا الكسرة فِيهَا لسكونها وَسُكُون التَّنْوِين بعْدهَا وَيدل على أَن الْكسر فِي ذال إِذْ إِنَّمَا هِيَ لالتقاء الساكنين قَول الشَّاعِر: وَأَنت إذٍ صَحِيح أَلا ترى أَن إِذا لَيْسَ فبلها شَيْء فَأَما قَول أبي الْحسن أَنه جر إِذْ لِأَنَّهُ أَرَادَ قبلهَا حِين ثمَّ حذفهَا وَبَقِي الْجَرّ فساقط. أَلا ترى أَن الْجَمَاعَة قد أَجمعت على أَن إِذْ وكم ومن من الْأَسْمَاء المبنية على الْوَقْف. وَقد قَالَ أَبُو الْحسن نَفسه فِي بعض التَّعَالِيق عَنهُ فِي حَاشِيَة الْكتاب: بعد كم وإِذْ من التَّمَكُّن أَن الْإِعْرَاب لم يدخلهما قطّ. فَهَذَا تَصْرِيح مِنْهُ بِبِنَاء إِذْ وَهُوَ اللَّائِق بِهِ وَالْأَشْبَه باعتقاده وَذَلِكَ القَوْل الَّذِي حكيناه عَنهُ شَيْء قَالَه فِي كِتَابه الموسوم بمعاني الْقُرْآن وَإِنَّمَا هُوَ شَبيه بالسهو مِنْهُ.

على أَن أَبَا عَليّ قد اعتذر لَهُ مِنْهُ بِمَا يكَاد يكون عذرا. قلت: أورد هَذَا الْعذر فِي آخر إِعْرَاب الحماسة: قَالَ: سَأَلت أَبَا عَليّ عَن قَوْله: وَأَنت إذٍ صَحِيح فَقلت: قد قَالَ أَبُو الْحسن: إِنَّه أَرَادَ حِينَئِذٍ فَهَذَا تَفْسِير الْمَعْنى أم تَقْدِير الْإِعْرَاب على أَن تكون إِذْ مجرورة بِحِين المرادة المحذوفة فَقَالَ: لَا بل إِنَّمَا فسر الْمَعْنى وَلَا يُرِيد أَن إِذْ مجرورة بِحِين المرادة. وَالَّذِي قَالَه أَبُو عَليّ أجري على مقاييس مَذَاهِب أَصْحَابنَا غير أَن كَلَام أبي الْحسن ظَاهره هُنَاكَ أَنه يُرِيد مَا عدل أَبُو عَليّ عَنهُ. انْتهى.

ص: 544

ثمَّ قَالَ ابْن جني: وَيُؤَيّد مَا ذكرته من بِنَاء إِذْ أَنَّهَا إِذا أضيفت مَبْنِيَّة نَحْو قَوْله: إِذْ الأغلال فِي)

أَعْنَاقهم وإِذْ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت فَإِذا فِي هَذَا وَنَحْوه مُضَافَة إِلَى الْجمل بعْدهَا وموضعها نصب وَهِي كَمَا ترى مَبْنِيَّة. فَإِذا كَانَت فِي حَال إضافتها إِلَى الْجمل كلا إِضَافَة لِأَن من حق الْإِضَافَة أَن تقع على الْأَفْرَاد فَهِيَ إِذا لم تضف فِي اللَّفْظ أصلا أَجْدَر بِاسْتِحْقَاق الْبناء. ويزيدك وضوحاً قِرَاءَة الْكسَائي: من عَذَاب يومئذٍ فَبنِي يَوْم على الْفَتْح لما أَضَافَهُ إِلَى مَبْنِيّ غير مُتَمَكن. فَإِن قيل: بنيت إِذْ من حَيْثُ كَانَت غَايَة مُنْقَطِعًا مِنْهَا مَا أضيفت إِلَيْهِ أَو من حَيْثُ إضافتها إِلَى جملَة تجْرِي الْإِضَافَة إِلَيْهَا مجْرى لَا إِضَافَة فَهَلا أعربت لما أضيفت إِلَى الْمُفْرد فِي نَحْو قَوْلهم: فعلت إِذْ ذَاك قلت: هَذِه مغالطة فَإِن ذَاك لَيْسَ مجروراً بِإِضَافَة إِذْ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَاك مُبْتَدأ حذف خَبره تَخْفِيفًا وَالتَّقْدِير: إِذْ ذَاك كَذَاك. فالجملة هِيَ الَّتِي فِي مَوضِع الْجَرّ.

وَنَظِير هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد فِي قَول الآخر الْخَفِيف:

(طلبُوا صلحنا ولات أوانٍ

فأجبنا أَن لَيْسَ حِين بَقَاء)

ص: 545

وَذَلِكَ إِلَى أَنه ذهب إِلَى كسرة أَوَان لَيست إعراباً وَلَا أَن التَّنْوِين الَّذِي بعْدهَا هُوَ التَّابِع لحركات الْإِعْرَاب وَإِنَّمَا تَقْدِيره عِنْده أَن أَوَان بِمَنْزِلَة إِذْ فِي أَن حكمه أَن يُضَاف إِلَى الْجُمْلَة نَحْو: جئْتُك أَوَان قَامَ زيد وَأَوَان الْحجَّاج أميرٍ أَي: إِذْ ذَاك كَذَاك فَلَمَّا حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ أَوَان عوض من الْمُضَاف إِلَيْهِ تنويناً. وَالنُّون عِنْده كَانَت فِي التَّقْدِير سَاكِنة فَلَمَّا لقيها التَّنْوِين سَاكِنا كسرت النُّون هَذَا أَوَان الشد فاشتدي زيم وَقَوله: فَهَذَا أَوَان الْعرض وَغير ذَلِك.

فَإِن قيل: فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَهَلا حركوا التَّنْوِين فِي يَوْمئِذٍ وَأَوَان وَلم حركوا آخِره دون التَّنْوِين فَالْجَوَاب: أَنهم لَو فعلوا ذَلِك لوَجَبَ أَن يَقُولُوا: إِذن فَيُشبه النُّون الزَّائِد النُّون الْأَصْلِيّ وَلما أمكنهم أَن يفعلوه فِي أَوَان لأَنهم لَو آثروا إسكان النُّون لما قدرُوا على ذَلِك لِأَن الْألف سَاكِنة قبلهَا وَكَانَ يلْزمهُم من ذَلِك أَن يكسروا النُّون لسكونها وَسُكُون الْألف ثمَّ يَأْتِي

ص: 546

التَّنْوِين بعدهمَا فَكَانَ لَا بُد أَيْضا من أَن يَقُولُوا: أوانن. فَإِن قيل: فَلَعَلَّ على هَذَا كسرهم النُّون من أَوَان إِنَّمَا هُوَ لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا دون أَن يكون كسرهم إِيَّاهَا لسكونها وَسُكُون التَّنْوِين بعْدهَا فَالْجَوَاب مَا تقدم من كسرهم ذال إِذْ لسكونها وَسُكُون التَّنْوِين بعْدهَا. فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يحمل كسر النُّون من أَوَان لِئَلَّا يخْتَلف الْبَاب. وَلِأَن أَوَان أَيْضا لم ينْطق بِهِ قبل)

لحاق التَّنْوِين لنونه فَيقدر مكسور النُّون لسكونها وَسُكُون الْألف قبلهَا إِنَّمَا حذف مِنْهُ الْمُضَاف إِلَيْهِ وَعوض التَّنْوِين عقيب ذَلِك فَلم يُوجد لَهُ زمن تلفظ بِهِ بِلَا تَنْوِين فَيلْزم الْقَضَاء بِأَن نونه إِنَّمَا كسرت لسكون الْألف قبلهَا. فاعرف ذَلِك من مَذْهَب الْمبرد. وَأما الْجَمَاعَة إِلَّا أَبَا الْحسن والمبرد فَعندهَا أَن أَوَان مجرورة بلات وَأَن ذَلِك لُغَة شَاذَّة. انْتهى كَلَام لبن جني. وَالْبَيْت من مَقْطُوعَة تِسْعَة أَبْيَات لأبي ذُؤَيْب الْهُذلِيّ أَولهَا الوافر:

(جمالك أَيهَا الْقلب القريح

ستلقى من تحب فتستريح)

نهيتك عَن طلابك أم عمرٍ و

...

... . . الْبَيْت

(وَقلت: تجنبن سخط ابْن عمٍّ

ومطلب شلةٍ وَهِي الطروح)

وَقَوله: جمالك إِلَخ قَالَ الإِمَام المرزوقي فِي شَرحه: يجوز أَن يكون

ص: 547

المُرَاد: الزم جمالك الَّذِي عرف مِنْك وعهد فِيمَا تدفع إِلَيْهِ وتمتحن بِهِ أَي: صبرك المألوف الْمَشْهُور. وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى: تصبر وَافْعل مَا يكون حسنا بك. والمصادر يُؤمر بهَا توسعاً مُضَافَة ومفردة. وَهَذَا الْكَلَام بعثٌ على مُلَازمَة الْحسنى وتحضيض ووعد النجاح فِي العقبى وتقريب. وَقَوله: نهيتك عَن طلابك إِلَخ قَالَ الإِمَام المرزوقي: يذكر قلبه بِمَا كَانَ من وعظه لَهُ فِي ابْتِدَاء الْأَمر وزجره من قبل استحكام الْحبّ فَيَقُول: دفعتك عَن طلب هَذِه الْمَرْأَة بعاقبة أَي: بآخر مَا وصيتك بِهِ.

هَذَا كَمَا تَقول لمن تعتب عَلَيْهِ فِيمَا لم يقبله: كَانَ آخر كَلَامي مَعَك تحذيرك مَا تقاسيه السَّاعَة وَلست تُرِيدُ أَن تِلْكَ الوصاة كَانَت مؤخرة عَن غَيرهَا ومردفة سواهَا مِمَّا هُوَ أهم مِنْهَا وَلكنه تنبه على أَن الْكَلَام كَانَ مَقْصُورا عَلَيْهَا أَولا وآخراً. وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى: نهيتك عَن طلبَهَا بِذكر مَا يُفْضِي أَمرك إِلَيْهِ وتدور عاقبتك عَلَيْهِ وَأَنت بعد سليم تقدر على التملس مِنْهَا وتملك أَمرك وشأنك فِي حبها. وَكَأَنَّهُ كَانَ رأى لتِلْك الْحَالة عواقب مذمومة تحصل كل وَاحِدَة على طَرِيق الْبَدَل من صاحبتها وَكَانَ ذكرهَا كلهَا فَلذَلِك نكر الْعَاقِبَة. وَيجوز أَن يُرِيد: نهيتك بعقب مَا طلبتها أَي: كَمَا طلبتها زجرتك عَن

ص: 548

قريب لِأَن مبادئ الْأُمُور تكون ضَعِيفَة فيسهل فِيهَا كثير مِمَّا يصعب من بعد وَهَذَا أقرب الْوُجُوه فِي نَفسِي. وَالْعرب تَقول: تغير فلانٌ بعاقبة أَي: عَن قريب بعقب مَا عهد عَلَيْهِ قبل. انْتهى.

فَظهر من هَذَا أَن عَاقِبَة بِالْقَافِ وَالْمُوَحَّدَة.

وَكَذَا هِيَ فِي رِوَايَة أبي بكر الْقَارِي شَارِح أشعار الهذليين قبل الإِمَام المرزوقي وَهِي عِنْدِي بِخَطِّهِ وَعَلَيْهَا خطوط عُلَمَاء الْعَرَبيَّة. مِنْهُم أَحْمد بن فَارس صَاحب الْمُجْمل فِي اللُّغَة وفسرها)

الْقَارِي بقوله: آخر الشَّأْن. وَالْبَاء على الْمعَانِي الثَّلَاثَة مُتَعَلقَة بنهيتك. وَحَملَة وَأَنت صَحِيح حَال من الْكَاف فِي نهيتك. وصحفها الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة على الْمُغنِي بِالْفَاءِ والمثناة التَّحْتِيَّة فَجعل الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف على أَنه حَال من إِحْدَى الكافين كالجملة الاسمية وَجوز أَيْضا أَن تكون الْبَاء مُتَعَلقَة بنهيتك وَقَالَ: أَي: نهيتك عَن حَال عَاقِبَة. والاسمية حَال من التَّاء. أَقُول: لَا يَصح كَونهَا حَالا من التَّاء لِأَنَّهَا صفة للمخاطب لَا للمتكلم. فَتَأمل. وَقَوله: وَقلت تجنبن إِلَخ قَالَ الإِمَام المرزوقي: رُوِيَ لنا عَن

ص: 549