الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد: فقد انتسب إلى أبي الحسن الأشعري في هذا العصر كثير من المسلمين، وأطلقوا على أنفسهم الأشاعرة نسبة إليه، وادعوا أنهم ملتزمون بما هو عليه في الاعتقاد وخاصة في مسائل الصفات، والحق أنهم لم يأخذوا بالعقيدة التي اعتنقها إمامهم في نهاية حياته كما في كتاب (الإبانة) و (المقالات) ، ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف
كتابه (الإبانة) مداراة للحنابلة وتقية، وخوفا منهم على نفسه.
وهذا كلام فيه نظر، بل إنه جد خطير، إذ إن فيه قدحا في الإمام أبي الحسن الأشعري واتهاما له بأنه يبدل عقيدته - في الظاهر - على حسب الأحوال والملابسات، أو مجاراة للتيارات الفكرية السائدة، وهذه مسألة خطيرة، فالغاية لا تبرر الوسيلة عند أهل الحق، وينبغي للإنسان أن يحسن الظن بأمثال الإمام في هذا، بل إنني أجزم ببطلان هذا الزعم في حق الإمام الجليل، إذ إنه لا يمكن أن يداري أو يجاري في عقيدته، وهي مدار السلامة وهي العقد بينه وبين الله تعالى، ولا يفعل هذا إلا الموغلون في البدعة، والذين ليسوا على رسوخ في عقيدتهم وثقة بما هم عليه، كأمثال الباطنية وغيرهم. ثم إن الحنابلة لم تكن لهم سلطة يمكن أن تلحق الأذى بالإمام، بل كان في أيامه كثيرون من المبتدعة المعاندين، ولم ينزل بهم بطش الحنابلة وبأسهم، فهذه دعوى باطلة مردودة.
وقد صرح الإمام في هذين الكتابين بأنه على عقيدة أهل الحديث، والزاعمون لهذا البطلان ممن انتسبوا إلى الإمام وسموا أنفسهم بالأشاعرة إنما هم في الحقيقة قد سلكوا طريقة ابن كلاب البصري، وهو ما كان عليه الأشعري في طوره الثاني من أطوار اعتقاده؛ فقد كان أولا معتزليا ثم تحول إلى مذهب ابن كلاب ثم استقر أخيرا على عقيدة السلف.
وادعى أتباعه أنهم هم أهل السنة والجماعة، ونسبوا من آمن بالنصوص الشرعية في الصفات الإلهية وأجراها على ظاهرها بدون تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل نسبوه إلى التشبيه والتجسيم، وهذا عين المخالفة لإمامهم حيث صرح بإثبات الصفات التي وردت في الكتاب والسنة، وردَّ على المعطلة والمشبهة. ولتوضيح هذه الحقيقة وتجليتها رأيت إبراز ما قرَّره في المقالات من مذهب أهل الحديث وصرح بأنه ملتزم به مع التعليق والإيضاح لما يحتاج لتعليق وذلك لبيان مدى موافقة الأشعري لمنهج السلف ومعتقدهم ومن ثم يظهر مخالفة أتباعه له في الاعتقاد.
وحسب علمي فإن ما قرره الأشعري في مقالاته عن أهل الحديث لم يحظ بشرح مستقل ولم يعتن به، لذا وضعت هذا الشرح المختصر. أما المنهج الذي سأتبعه في هذا الشرح فهو كالآتي:
1 -
رأيت أن أفضل من يشرح ما قرره الأشعري عن أصحاب الحديث في أمور الاعتقاد هم أهل الحديث أنفسهم لذا فإني أرجع إلى الكتب المؤلفة في عقيدة أهل السنة والجماعة على طريقة أهل الحديث وهي ما يأتي:
أ- اعتقاد أئمة أهل الحديث للحافظ الإمام أبي بكر الإسماعيلي.
ب- اعتقاد السلف أصحاب الحديث للحافظ الإمام شيخ الإسلام أبي عثمان إسماعيل الصابوني.
ج- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للحافظ الإمام شيخ الإسلام أبي القاسم عبد الله اللالكائي.
د- الحجة في بيان المحجة للإمام الحافظ أبي محمد الفضل التيمي الأصبهاني وغير ذلك من كتب أهل السنة والجماعة.
2 -
فإن لم أجد اجتهدت في شرح كلام المؤلف مستدلا له من الكتاب والسنة، وقد أذكر أقوال أهل العلم، وقد أكتفي بذكر الأدلة فقط لوضوح المسألة وجلائها.
3 -
كما أني لم ألتزم في الجملة بطريقة واحدة في العرض، فقد أبدأ بذكر الأدلة ثم أثني بالنقل عن أهل العلم، وقد أبدأ بالنقل عنهم أولا لتقرير وبسط وشرح ما ذكره الأشعري.
4 -
عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها من كتاب الله تعالى وذلك بذكر السورة ورقم الآية.
5 -
قمت بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب سواء في ثنايا النقول عن الأئمة أو غير ذلك، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت به، وإلا اجتهدت في بيان موضعه من كتب السنة الأخرى مع بيان درجته من حيث
الصحة وذلك نقلا عن أهل العلم المعتبرين.
6 -
قسمت الكتاب إلى فقرات وضعت لكل منها عنوانا وذلك على حسب موضوعها تسهيلا على القارئ.
7 -
قمت بشرح معاني الكلمات الصعبة المحتاجة إلى بيان وذلك في البند الخاص بـ " اللغة ".
8 -
قمت بعمل خلاصة لكل فقرة توجز أهم ما يستفاد منها.
9 -
قمت بعمل مناقشة تشتمل على بعض الأسئلة فيما يتعلق بموضوع الفقرة، وذلك تحفيزا للقارئ على الانتباه، ولكي يصلح الكتاب كذلك للناشئة الذين يستفيدون من هذه الطريقة.
هذا والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي الخطأ والزلل، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.