الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«كنا نصلي في زمن عمر يوم الجمعة فإذا جلس على المنبر قطعنا الصلاة، إذا سكت المؤذن خطب ولم يتكلم أحد» . انتهى المقصود (1) .
7 -
وجاء فيها أيضا: ولأبي داود في المراسيل عن ابن شهاب: «بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ فيجلس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام فخطب (2) » .
(1)[الدراية](1\217) .
(2)
[الدراية](1\215) .
ثانيا: نقول عن فقهاء الإسلام في تعدد المؤذنين في المسجد الواحد
للوقت الواحد
اكتفينا بذكر نقول عن الفقهاء في ذلك:
1 -
قال ابن عابدين: ذكر السيوطي أن أول من أحدث أذان اثنين معا بنو أمية. اهـ. قال الرملي في حاشية البحر: ولم أر نصا صريحا في جماعة الأذان المسمى في ديارنا بأذان الجوق، هل هو بدعة حسنة أو سيئة؟ ، وذكره الشافعية بين يدي الخطيب، واختلفوا في استحبابه وكراهته.
وأما الأذان الأول فقد صرح في النهاية بأنه المتوارث، حيث قال في شرح قوله:" وإذا أذن المؤذنون الأذان الأول ترك الناس البيع " ذكر المؤذنين بلفظ الجمع؛ إخراجا للكلام مخرج العادة، فإن المتوارث فيه اجتماعهم لتبلغ أصواتهم إلى أطراف المصر الجامع. اهـ. ففيه دليل على أنه غير مكروه؛ لأن المتوارث لا يكون مكروها، وكذلك نقول في الأذان بين يدي الخطيب، فيكون بدعة حسنة إذ ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن. اهـ.
ملخصا.
أقول: وقد ذكر سيدي عبد الغني المسألة كذلك أخذا من كلام النهاية المذكور، ثم قال: ولا خصوصية للجمعة، إذ الفروض الخمسة تحتاج للإعلام (1) . انتهى.
2 -
3 -
قال ابن حجر نقلا عن الشافعي: (وقال الشافعي في [الأم] : وأحب أن يؤذن مؤذن بعد مؤذن، ولا يؤذن جماعة معا، وإن كان المسجد كبيرا، فلا بأس أن يؤذن في كل جهة منه مؤذن يسمع من يليه في وقت واحد)(3) . انتهى.
4 -
قال النووي: إذا كان للمسجد مؤذنان فأكثر أذنوا واحدا بعد واحد، كما صح عن بلال وابن أم مكتوم، ولأنه أبلغ في الإعلام، فإن تنازعوا في
(1)[حاشية ابن عابدين](1\390) ط دار الفكر.
(2)
[المننتقى](1\134) .
(3)
# [فتح الباري](2\210) .
الابتداء أقرع، فإن ضاق الوقت والمسجد كبير أذنوا في أقطاره كل واحد في قطر؛ ليسمع أهل تلك الناحية، وإن كان صغيرا أذنوا معا إذا لم يؤد إلى تهويش.
قال صاحب [الحاوي] وغيره: ويقفون جميعا عليه كلمة كلمة، فإن أدى على تهويش أذن واحد فقط، فإن تنازعوا أقرع، قال الشيخ أبو حامد والقاضي حسين وغيره: فإن أذنوا جميعا واختلفت أصواتهم لم يجز؛ لأن فيه تهويشا على الناس، ومتى أذن واحد بعد واحد لم يتأخر بعضهم عن بعض؛ لئلا يذهب أول الوقت، ولئلا يظن من سمع الأخير أن هذا أول الوقت. قال الشافعي في [الأم] : ولا أحب للإمام إذا أذن المؤذن الأول أن يبطئ بالصلاة ليفرغ من بعده، بل يخرج ويقطع من بعده الأذان بخروج الإمام) (1) . انتهى.
5 -
قال أحمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي الشهير بابن النحاس: ومنها: - أي: من البدع - ما اعتاده المؤذنون اليوم من الأذان جماعة على نسق واحد، وقد قال الغزالي: إن ذلك منكر مكروه يجب تغييره. انتهى.
وقال ابن الحجاج: لم يعرف عن أحد جوازه. انتهى.
قلت: ويحتمل أن يقال: إذا دعت إلى ذلك ضرورة، مثل: أن يكثر الناس، أو يستمع العمران ولا يبلغهم صوت واحد، وإن اجتمعت الأصوات وقطعت جرم الهواء أسرع وأبعد - فلا بأس، وكذلك إذا كثر الناس يوم الجمعة والعيد ولا يبلغ آخرهم أذان الواحد - فلا بأس
(1)[المجموع شرح المهذب](.3\131، 132) .
بالاجتماع، بشرط أن لا يخل اجتماعهم باللفظ المشروع) (1) انتهى.
وفي كتاب [السنن والمبتدعات] : (والأذان جماعة على وتيرة واحدة بدعة)(2) .
6 -
قال ابن الحاج: والسنة المتقدمة في الأذان: أن يؤذن واحد بعد واحد، فإن كان المؤذنون جماعة فيؤذنون واحدا بعد واحد في الصلوات الخمس التي أوقاتها ممتدة، فيؤذنون في الظهر من العشرة إلى الخمسة عشر، وفي العصر من الثلاثة إلى الخمسة، وفي العشاء كذلك، والصبح يؤذنون لها على المشهور من سدس الليل الآخر إلى طلوع الفجر، في كل ذلك يؤذن واحد بعد واحد، والمغرب لا يؤذن لها إلا واحد ليس إلا) (3) . انتهى.
7 -
وقال ابن الحاج أيضا: فصل في الأذان جماعة: فإن كثر المؤذنون فزادوا على عدد ما ذكر، وكانوا يبتغون بذلك الثواب، وخافوا أن يفوتهم الوقت، ولم يسعهم الجميع إن أذنوا واحدا بعد واحد، فمن سبق منهم كان أولى، فإن استووا فيه فإنهم يؤذنون الجميع.
قال علماؤنا رحمة الله عليهم: ومن شرط ذلك: أن يكون كل واحد منهم يؤذن لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره، وكذلك الحكم في مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.
قال الشيخ الإمام النووي رحمه الله في كتاب [الروضة] له: باب
(1)[تنبيه عن أعمال الجاهلين وتحذير السالكين من أفعال الهالكين](ص 41) .
(2)
[السنن والمبتدعات] ص (41) .
(3)
[المدخل](2\247) .
الأذان. من كلام الرافعي رحمه الله: فإذا ترتب للأذان اثنان فصاعدا، فالمستحب أن لا يتراسلوا، بل إن اتسع الوقت ترتبوا فيه، فإن تنازعوا في الابتداء أقرع بينهم، وإن ضاق الوقت، فإن كان المسجد كبيرا أذنوا متفرقين في أقطاره، وإن كان صغيرا وقفوا معا وأذنوا، وهذا إن لم يؤد اختلاف الأصوات إلى تشويش، فإن أدى إليه لم يؤذن إلا واحد، فإن تنازعوا أقرع بينهم. اهـ.
وأذانهم جماعة على صوت واحد من البدع المكروهة المخالفة لسنة الماضين، والاتباع في الأذان وغيره متعين، وفي الأذان آكد؛ لأنه من أكبر أعلام الدين، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يغزو قوما أمهل حتى يدخل وقت الصلاة، فإن سمع الأذان تركهم، وإن لم يسمعه أغار عليهم؛ ولأن في الأذان جماعة جملة مفاسد منها:
الأول: منها مخالفة السنة.
الثاني: من كان منهم صيتا حسن الصوت - وهو المطلوب في الأذان - خفي أمره فلا يسمع.
الثالث: أن الغالب في الجماعة إذا أذنوا على صوت واحد لا يفهم السامع ما يقولون، والمراد بالأذان إنما هو نداء الناس إلى الصلاة فذهبت فائدة معنى قوله:(حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم) .
الرابع: أن بعضهم يمشي على صوت بعض، والمراد بالأذان أن يرفع الإنسان به صوته مهما أمكنه، وذلك لا يمكنه في الجماعة كما تقدم.
الخامس: أن الغالب على بعضهم أنه لا يأتي بالأذان كله؛ لأنه لا بد أن
يتنفس في أثنائه، فيجد غيره قد سبقه بشيء منه، فيحتاج أن يمشي على صوت من تقدمه، فيترك ما فاته من ذلك ويوافقهم فيما هم فيه.
السادس: أنه قد مضت عادة المؤذن على السنة أنه إذا أراد أن يؤذن عمل الحس؛ من تنحنح، أو كلام ما، من حيث إنه يشعر به أنه يريد أن يؤذن، ثم بعد ذلك يشرع في الأذان، هذا وهو مؤذن واحد فكيف بالجماعة؟!
وما ذاك إلا خيفة أن يؤذن ومن حوله على غفلة، فقد يحصل بسببه لبعضهم رجفة، فإذا كان هذا في حق المؤذن الواحد فما بالك بجماعة يرفعون أصواتهم على بغتة، وقد تكون حامل فتأخذها الرجفة بذلك فتسقط، وترتجف بذلك الأولاد الصغار، وكذلك كل من ليس له عقل ثابت، وتشويشهم كثير قل أن ينحصر.
وقد تقدم أن أول من أحدث الأذان جماعة هشام بن عبد الملك، فجعل المؤذنين الثلاثة الذين كانوا يؤذنون واحدا بعد واحد على المنار في عهد رسول لله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يؤذنون بين يديه جميعا إذا صعد الإمام على المنبر. وأخذ الأذان الذي زاده عثمان بن عفان رضي الله عنه لما أن كثر الناس، وكان ذلك مؤذنا واحدا- فجعله على المنار، فهذا الذي أحدثه هشام بن عبد الملك، ولم يزد على الثلاثة الذين كانوا فيمن قبله يؤذنون واحدا بعد واحد شيئا، ثم أحدثوا في هذا الزمان على الثلاثة جمعا كثيرا، كما هو مشاهد. وكذلك زادوا على المؤذن الواحد على المنار فجعلوهم جماعة، وفعلهم ذلك لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون ذلك منهم ابتغاء الثواب، فالثواب لا يكون إلا بالاتباع لا بالابتداع، وإن كان لأخذ الجامكية، فالجامكية لا تصرف في بدعة، كما
أنه يكره الوقف عليها ابتداء، وبالجملة فكل ما خالف الشرع فمفاسده لا تنحصر في الغالب (1) .
8 -
قال ابن قدامة: (فصل: ولا يستحب الزيادة على مؤذنين؛ لأن الذي حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان له مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم، إلا أن تدعو الحاجة إلى الزيادة عليهما فيجوز، فقد روي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان له أربعة مؤذنين، وإن دعت الحاجة إلى أكثر منه كان مشروعا، وإذا كان أكثر من واحد وكان الواحد يسمع الناس، فالمستحب أن يؤذن واحد بعد واحد؛ لأن مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم كان أحدهما يؤذن بعد الآخر.
وإن كان الإعلام لا يحصل بواحد أذنوا على حسب ما يحتاج إليه، أما أن يؤذن كل واحد في منارة أو ناحية، أو دفعة واحدة في موضع واحد. قال أحمد: إن أذن عدة في منارة فلا بأس، وإن خافوا من تأذين واحد بعد الآخر فوات أول الوقت، أذنوا جميعا دفعة واحدة) (2) .
(1)[المدخل] لابن الحاج (2\247 - 249) .
(2)
[المغني](1\ 378) .
ثالثا: الحكمة
الحكمة العامة لمشروعية الأذان: الإعلام بدخول الوقت، وأما الحكمة الخاصة في الأذان الأول للفجر: فالإعلام بقرب وقت الفجر، حتى أن المتهجد إذا سمعه أنهى ما بقي من صلاته وارتاح حتى يذهب إلى صلاة الفجر نشيطا، وفيه إيقاظ النائم حتى يتأهب لصلاة الفجر مبكرا.
وأما الحكمة الخاصة للأذان الأول يوم الجمعة فهي: الإعلام بدخول
الوقت لصلاة الجمعة، ففيه تنبيه الغافلين والمشتغلين بمعايشهم.
وأما الحكمة الخاصة للأذان الثاني الذي بين يدي الخطيب فهي: الإعلام بقرب شروع الخطيب في الخطبة؛ لينصت الناس ويتركوا الكلام.
هذا ما تيسر ذكره وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
قرار رقم (54) وتاريخ 4\4\1397هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه وبعد:
ففي الدورة العاشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في شهر ربيع الأول عام 1397هـ اطلع المجلس على ما ورد من المقام السامي برقم 4\ ب \ 28079 وتاريخ 23\11\96 هـ بخصوص توحيد الأذان في المسجد النبوي.
وبعد البحث والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس بأكثرية الأصوات أنه يتعين توحيد الأذان في المسجد النبوي، كما هو الحال في المسجد الحرام؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحافظة على ما كان عليه العمل في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم من عدم وجود أكثر من مؤذن في آن واحد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا يصار إلى التعدد إلا عند الحاجة إلى ذلك كما ذكره أهل العلم، وليس هناك حاجة؛ لوجود مكبر الصوت.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة العاشرة
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن باز
…
عبد الله بن محمد بن حميد
…
عبد الله خياط
محمد الحركان
…
عبد المجيد حسن
…
عبد العزيز بن صالح
صالح بن غصون
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
…
سليمان بن عبيد
محمد بن جبير
…
عبد الله بن غديان
…
راشد بن خنين
عبد الله بن قعود
…
صالح بن لحيدان
…
عبد الله بن منيع