الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ل -
التأمين لم يقم دليل على منعه فيكون مباحا بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة:
لقد ذكرت اللجنة في بحث الشرط الجزائي كلاما مفصلا عن العلماء السابقين على أن الأصل في الأشياء الإباحة، فرأت الاكتفاء بذكره هناك عن إعادته هنا.
وأما وجه استدلال العلماء المعاصرين بهذا الدليل، فقد أوضحه الشيخ عبد الرحمن عيسى بقوله:
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (1) قال المفسرون: أي: هو الذي خلق لأجلكم جميع ما في الأرض؛ لتنتفعوا به في دنياكم بالذات أو بالواسطة وفي دينكم بالاعتبار والاستدلال.
وقالوا أيضا: استدل كثير من أهل السنة بالآية على أن الأصل في الأشياء الإباحة، وقال صاحب [تفسير المنار] : إن هذه الجملة هي نص الدليل القطعي على القاعدة المعروفة عند الفقهاء: (إن الأصل في الأشياء الإباحة) .
هذا الأصل يتبعه أن تكون معاملات الناس فيما خلقه الله لمنفعتهم مباحة إلا ما ورد فيه دليل بخصوصه يقتضي غير ذلك فبمقتضى هذه القاعدة تكون عمليات التأمين التي بيناها مباحة؛ لأنها من معاملات الناس فيما خلقه الله لمنفعتهم، ولم يرد بخصوصها نص يحظرها (2) .
(1) سورة البقرة الآية 29
(2)
[أسبوع الفقه الإسلامي] ، (478) .
وقال أيضا بالنسبة للتأمين على الحياة: ويمكن أن نثبت للتأمين ضد الأخطار الشخصية في الصناعات والمهن الخطيرة - الجواز أيضا من ناحية الإباحة التامة الثابتة لكل عمل يتصل بما خلقه الله لمنفعتنا، ولم يرد فيه بخصوصه دليل يقتضي الحظر؛ لأن كل ذلك ينطبق على هذا التأمين (1) .
وقال الأستاذ مصطفى الزرقاء: رأينا الشخصي في الموضوع في نظري أن نقطة الانطلاق في بحث حكم الشريعة الإسلامية في عقد التأمين يجب أن تبدأ من ناحية هي عندي حجر الأساس وهي: هل أنواع العقود في الشريعة الإسلامية محصورة لا تقبل الزيادة؟ أي: هل نظام التعاقد في الإسلام يحصر الناس في أنواع معينة من العقود المسماة، وهي العقود المعروفة في صدر الإسلام من بيع وإجارة وهبة ورهن وشركة وصلح وقسمة وإعارة وإيداع وسائر العقود الأخرى المسماة، التي ورد لها ذكر وأحكام في مصادر فقه الشريعة من كتاب وسنة وإجماع ولا يبيح للناس إيجاد أنواع من العقود غير داخلة في أحد الأنواع السابقة المذكورة لهم، أم أن الشريعة تركت الباب مفتوحا للناس في أنواع العقود وموضوعاتها فيمكنهم أن يتعارفوا على أنواع جديدة إذا دعتهم حاجاتهم الزمنية إلى نوع جديد ليس فرعا من أحد الأنواع المعروفة قبلا، ويصح منهم كل عقد جديد متى توافرت فيه الأركان والشرائط العامة التي تعتبر من النظام التعاقدي العام في الإسلام؛ كالشرائط المطلوبة شرعا في التراضي والتعبير عن الإرادة وفي محل العقد، بحيث لا يتضمن العقد ما يخالف قواعد
(1)[أسبوع الفقه الإسلامي] ، ص (478) .
الشريعة التي عبر عنها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وإن كان مائة شرط (1) » ، فكتاب الله في هذا المقام معناه: القواعد العامة في الشريعة، وليس معناه القرآن فهو مصدر بمعنى المفعول، أي: ما كتبه الله على المؤمنين وأوجبه عليهم، كقوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2)
والجواب على هذا السؤال: أن الشرع الإسلامي لم يحصر الناس في الأنواع المعروفة قبلا من العقود، بل للناس أن يبتكروا أنواعا جديدة تدعوهم حاجتهم الزمنية إليها بعد أن تستوفى الشرائط العامة المشار إليها.
وهذا ما نراه هو الحق وهو من مبدأ سلطان الإرادة العقدية في الفقه الإسلامي وقد استوفيت بحثه في كتابي [المدخل الفقهي العام] وهو الجزء الأول من سلسلة الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد. . وقد خالف في ذلك الظاهرية، فاعتبروا أن الأصل في العقود هو التحريم ما لم يرد في الشرع دليل الإباحة (3) .
وقد ذكر الأستاذ الزرقاء بيع الوفاء عند الحنفية شاهدا على أن العقود لا تنحصر فيما كان موجودا في عصر التنزيل أو الصحابة.
فقال: ومن الشواهد الواقعية في المذهب الحنفي على أن الأصل في العقود الجديدة هو الإباحة شرعا عقد (بيع الوفاء) الذي نشأ في القرن
(1) خرجه بهذا اللفظ البزار والطبراني عن ابن عباس. وأصله في الصحيحين وأحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي عن عائشة.
(2)
سورة النساء الآية 103
(3)
[أسبوع الفقه الإسلامي] ، ص (387، 388) .
الخامس الهجري.
ولا أجد في تاريخ الفقه الإسلامي واقعة أشبه بواقعة التأمين من بيع الوفاء في أول ظهوره لا من حيث موضوع العقدين، بل من حيث الملابسات الخارجية والاختلافات التي أحاطت بكل منهما، فبيع الوفاء أيضا عقد جديد ذو خصائص وموضوع وغاية يختلف فيها عن كل عقد آخر من العقود المسماة المعروفة قبله لدى فقهاء الشريعة، وهو ينطوي على غاية يراها الفقهاء محرمة؛ لأنه يخفي وراءه ألوانا من الربا المستور، وهو الحصول على منفعة من وراء القرض حيث يدفع فيه الشخص مبلغا من النقود ويسميه ثمنا لعقار يسلمه صاحبه إلى دافع المبلغ الذي يسمى مشتريا للعقار؛ لينتفع به بالسكنى أو الإيجار بمقتضى الشراء بشرط أن صاحب العقار الذي يسمى في الظاهر بائعا متى وفى المبلغ المأخوذ على سبيل الثمنية استرد العقار، ونتيجة ذلك أن ما يسمى مشتريا بالوفاء لا يستطيع أن يتصرف بالعقار الذي اشتراه، بل عليه الاحتفاظ بعينه كالمرهون؛ لأنه سوف يكلف رده لصاحبه متى أعاد إليه الثمن ولكل منهما الرجوع عن هذا العقد، أي: فسخه وطلب التراد ولو حددت له المدة.
هذه خلاصة بيع الوفاء الذي تعارفه الناس في بخارى وبلخ في القرن الخامس الهجري وثارت حوله اختلافات عظيمة بين فقهاء العصر إذ ذاك حول جوازه ومنعه وتخريجه، أي: تكييفه، أعظم مما هو واقع اليوم في عقد التأمين.
أ - فمن الفقهاء من نظر إلى صورته فاعتبره بيعا، وطبق عليه شرائط البيع فاعتبره بيعا فاسدا، لأن الشرط المقترن به مفسد وأفتى فيه بذلك.
ب - ومنهم من اعتبره بيعا صحيحا وألغى فيه شرط الإعارة معتبرا أن هذا الشرط من قبيل الشرط اللغو لا الشرط المفسد وأفتى بذلك، وهذا مشكل جدا وفيه ضرر للبائع؛ لأن الثمن فيه عادة أقل من القيمة الحقيقية للعقار كالدين المرهون له فيه.
ج - ومنهم من نظر إلى غايته لا إلى صورته، فرآه في معنى الرهن الذي اشترط فيه انتفاع المرتهن بالمرهون، فاعتبره رهنا وألغى فيه شرط الانتفاع، وأفتى بذلك.
قال العلامة الشيخ بدر الدين محمود بن قاضي سماوه: في الفصل (18) من كتابه [جامع الفصولين] نقلا عن فتاوى الإمام نجم الدين عمر بن محمد النسفي ما نصه:
البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالا للربا وأسموه: بيع الوفاء هو رهن في الحقيقة لا يملكه المشتري ولا ينتفع به إلا بإذن مالكه، وهو ضامن لما أكل من ثمر وأتلفه من شجره ويسقط الدين بهلاكه، لا فرق عندنا بينه وبين الرهن في حكم من الأحكام؛ لأن المتعاقدين وإن سمياه بيعا لكن عرفهما الرهن والاستيثاق بالدين، إذ العاقد (أي: البائع) يقول لكل أحد بعد هذا العقد: رهنت ملكي فلانا، والمشتري يقول: ارتهنت ملك فلان، والعبرة في التصرفات للمقاصد والمعاني، فهبة المرأة نفسها مع تسمية المهر وحضرة الشهود نكاح، وهكذا.
ثم قال: قال السيد الإمام: قلت للإمام الحسن الماتريدي: قد فشا هذا البيع بين الناس، وفتواك أنه رهن وأنا على ذلك، فالصواب: أن نجمع الأئمة ونتفق على هذا ونظهره بين الناس. فقال: المعتبر اليوم فتوانا، وقد
ظهر ذلك بين الناس فمن خالفنا فليبرز نفسه وليقم دليله. انتهى كلام النسفي.
أقول: أبرز المخالفون بعد ذلك أنفسهم، واستقرت الفتوى في المذهب الحنفي على ما سمي:(القول الجامع) وهو أن بيع الوفاء ليس بيعا صحيحا، ولا بيعا فاسدا ولا رهنا، وإنما هو عقد جديد ذو موضوع وخصائص مختلفة عما لكل واحد من هذه العقود الثلاثة، ولكن فيه مشابه من كل عقد من هذه الثلاثة؛ لذلك قرر فقهاء المذهب بعد ذلك أحكاما مستمدة من هذه العقود الثلاثة جميعا، ولم يلحقوه بأحدها ويطبقون عليه أحكامه، والكلام في ذلك مبسوط في مواطنه من مؤلفات المذهب الحنفي.
وبهذا القول الجامع أخذت مجلة [الأحكام العدلية] حتى جاء قانوننا المدني سنة 1949م فمنع بيع الوفاء استغناء بأحكام الرهن الحيازي، والتاريخ اليوم يعيد نفسه فتتجدد لدينا مشكلة نظير مشكلة بيع الوفاء هي مشكلة عقد التأمين، فبعض العلماء يراه عقد مقامرة وبعض آخر يراه عقد رهان يتحدى فيه قضاء الله وقدره، وبعض آخر يراه التزام ما لا يلزم، وآخرون يرونه عقد تعاون مشروع على ترميم المضار وتحمل مصائب الأقدار، فهو نظام معاوضة تعاونية، وإن انحرف به ممارسوه وأحاطوه بشوائب ليست من ضرورة نظامه، وواضح أني لا أعني تشبيه عقد بيع الوفاء بعقد التأمين من حيث الموضوع، وإنما أعني: أن بيع الوفاء شاهد واقعي في تاريخ الفقه الإسلامي على جواز إنشاء عقود جديدة، وأنه اعتراه في أول نشأته ما اعترى اليوم عقد التأمين من اختلاف في تخريجه وتكييفه
وإلحاقه ببعض العقود المعروفة قبلا وتطبيق شرائطه عليه أو اعتباره عقدا جديدا مستقلا يقرر له من الأحكام الفقهية ما يتناسب مع خصائصه وموضوعه (1) .
وقد أجاب الأستاذ أبو زهرة عن ذلك فقال: قد قرر أن الأصل في العقود عند الحنابلة وخصوصا ابن تيمية - الإباحة حتى يقوم دليل على المنع، ونقول: إن موضوع الكلام كان في الشرط لا في أصل العقود.
ولقد أجاب عن ذلك الأستاذ: بأن المشارطات قد تؤدي إلى تغير معنى العقد، وأن الاختلاف في العقود هو ذات الاختلاف في الشروط، ونقول: إن المذكور في كتاب العقود لابن تيمية هو في الشرط، ومجيئه للعقود إنما هو من أن الشروط بطبيعتها تغير مقتضى العقد فهي تتضمن تغييرا في ماهيته من بعض النواحي، وإذا كان الأمر كذلك فإن عقد التأمين عقد جديد، فهل يباح بمقتضى هذه القاعدة؟ وقد نساير الأستاذ الجليل ولا نمنع الإباحة ما دام العقد متفقا مع ما قرره الشارع من أحكام للعقود وليس مجافيا لها، فالعبرة في هذا العقد من ناحية لا من حيث إنه عقد جديد يجوز، بل ناحية ما اشتمل عليه، أيتفق مع أحكام الشريعة أم يخالفها؟ وبالنسبة لبيع الوفاء قلنا: إن هذا العقد معناه: أن يبيع شخص عينا على الشيخ أن له استردادها إذا رد الثمن في مدة معلومة، وفي غالب أحوال هذا العقد التعاقد تكون العين ذات غلة، فتكون غلتها للمشتري، ويكون مؤدى العقد أن يكون قد اقترض البائع مبلغا فائدته هي غلة العين، وإذا لم تكن لها غلة فإن
(1)[أسبوع الفقه الإسلامي] ، ص (387) وما بعدها.
الربا ينتفي عنه، وإن كان يندر ذلك.
وإن هذا العقد قد شاع في بلاد ما وراء النهر، وصارت القروض لا تكون إلا على أساسه وللناس حاجة فيها فصارت الحاجة تطلبه والحاجات إذا عمت نزلت منزلة الضرورات، ولذلك نقل ابن نجيم صحته والذين قالوا بصحته اختلفوا: أيخرج على أنه رهن أم يخرج على أنه بيع فيه شرط الخيار للبائع أو المشتري؟ وعلى الأول لا تباح الغلة، وعلى الثاني لا تنتقل الملكية إلى المشتري؛ لأنه إذا كان الخيار للبائع تستمر ملكيته للمبيع بمقتضى أحكام المذهب الحنفي وتنتقل الملكية للمشتري مع حق الفسخ إذا كان الخيار له.
والكثيرون من الفقهاء لا يبيحونه، ولسنا ندري لماذا يستشهد الأستاذ بعقد تحيط به الشبهات، على هذا النحو، وعلى فرض إباحته فقد أدخل في عقد قائم إما الرهن وإما البيع فلا يكون جديدا، وقد كتب الأستاذ ردا ولم يجئ بالنسبة لبيع الوفاء بجديد غير أنه نقل نصوص الفقهاء فيه ونحن مسلمون بها ابتداء (1) .
وعقب على ذلك الأستاذ مصطفى الزرقاء فقال: قال الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة: (إن الخلاف بين الظاهرية وغيرهم في مشروعية التعاقد إنما هو في الشروط التي يشرطها العاقد في العقد لا في إنشاء عقود جديدة، فالظاهرية يتطلبون في إباحة الشرط نصا شرعيا، وسواهم يطلب دليلا مطلقا من نص أو سواه، وإن الحنابلة جعلوها مباحا في الزواج، وابن
(1)[أسبوع الفقه الإسلامي] ، ص (515) .
تيمية أباحه مطلقا. .) إلخ.
وجوابي على هذه الملاحظة: أن الخلاف في جواز المشارطات العقدية التي لم يرد فيها نص شرعي إذا توافر فيها المعيار الشرعي في الشروط هو نفسه الخلاف في جواز إنشاء عقود جديدة لم يرد فيها نص شرعي وهو مشمول بقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) والخلاف الذي فيها، وذلك لأن الشرط جزء من العقد الواقع فيه، فما يقال في الشروط الجديدة التي لم يرد فيها نص شرعي من حيث الجواز وعدمه يقال في العقود الجديدة التي ليس فيها نص، وأستاذنا المفضال أبو زهرة نفسه يقرر هذا في كتبه وهو أمر مفروغ منه. اهـ.
وقال الأستاذ الجليل أبو زهرة: بمناسبة ذكرى بيع الوفاء شاهدا من الواقع التاريخي في الفقه الإسلامي على جواز عقود جديدة غير العقود المعروفة قبلا قال رحمه الله: إن بيع الوفاء قد أباحه الحنفية على أساس أنه عقد من العقود المعروفة، وهو يرى أنه ليس عقدا جديدا، بل هو بيع ربوي اخترعه أكلة الربا، ولا يجوز أن يباح للضرورة.
وجوابي على هذه الملاحظة: أن ما بينه الأستاذ أبو زهرة هو صحيح بالنسبة إلى بداية ظهور بيع الوفاء في القرن الخامس الهجري، حيث إن فقهاء العصر إذ ذاك اختلفوا في تخريجه والحكم فيه على أساس إلحاقه بأحد العقود المعروفة، فمنهم من ألحقه بالبيع الصحيح واعتبر شرط الوفاء والإعادة فيه لغوا، ومنهم من ألحقه بالبيع الفاسد، ومنهم من ألحقه بالرهن وهم الأكثر، ولكن المتأخرين من الفقهاء بعد ذلك ضربوا بكل هذه التخريجات عرض الحائط؛ لعدم انطباقها على حقيقة بيع الوفاء وطبيعته
العرفية وقصد المتعاقدين فيه، وخرجوا فيه برأي جديد سمي:(القول الجامع) ورجح بعلامة الفتوى وخلاصته: أنه عقد جديد لا يشبه أي عقد آخر من العقود المعروفة، وأثبتوا له حكما مركبا من بعض أحكام البيع الصحيح وبعض أحكام البيع الفاسد وبعض أحكام الرهن وصححوه على هذا الأساس إذا استوفى شرائط الانعقاد العامة، كما أوضحته في المحاضرة، وهذا مقرر في [الدر المختار] ، و [رد المحتار] ، و [تنقيح الفتاوى الحامدية] ، للعلامة ابن عابدين وغيرها من كتب المتأخرين وأخذت به المجلة في المادة (118) وبنت عليه أحكام بيع الوفاء في الفصل الذي عقدته له وأوضحه شراحها.
وأما كونه حيلة اخترعها أكلة الربا كما يقول الأستاذ أبو زهرة فهذا أمر آخر، وإنني لم أبحث فيما ينبغي أن يحكم به على بيع الوفاء في نظري من الجواز وعدمه فقد أكون متفقا مع الأستاذ أبي زهرة في رأيه فيه ولكني أستشهد به شاهدا واقعيا على إقرار فقهائنا السابقين له بصفة أنه عقد جديد وليس صورة من عقد سابق معروف فتكون قضية جواز إنشاء عقود جديدة غير الأنواع المعروفة في العصر الفقهي الأول قد وقعت فعلا ولم تبق في الحيز النظري فقط.
وتكون النتيجة بالنسبة إلى موضوعنا هي: إن كون التأمين عقدا جديدا خارجا عن نطاق العقود القديمة ليس بمانع من جوازه شرعا إذا لم يكن فيه ما يخالف الشرائط الشرعية العامة في نظام التعاقد (1) .
(1)[أسبوع الفقه الإسلامي] ، ص (539 - 541) .