الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
بحث في البيوع
هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث في البيوع
إعداد
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
فبناء على ما جاء في الأمر السامي رقم 30891 في 20\ 12 \ 1396 هـ
من الرغبة في دراسة مجلس هيئة كبار العلماء للمعاملات التي يستغلها بعض التجار في المداينات لحصولهم على مكاسب مالية بطرق ملتوية لا تتفق ومبدأ المعاملات الشرعية في البيع والاقتراض والنظر فيما إذا كان بالإمكان إيجاد بديل للحد من جشع أمثال هؤلاء واستغلالهم للمحتاجين من الناس.
وبناء على ما قرره المجلس في دورته العاشرة من إعداد بحث في هذا الموضوع فقد أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في أنواع من البيوع التي يستعملها كثير من الناس، وهي قد تؤدي إلى الوقوع في الربا المحرم وهي:
1 -
بيع العينة والتورق.
2 -
بيع دين السلم.
3 -
بيع بيعتين في بيعة.
4 -
بيع المضطر.
5 -
بيع الإنسان ما ليس عنده، وبيعه ما اشتراه قبل قبضه.
بيان ما يمكن القضاء به على جشع التجار الذين يحتالون بأنواع من البيوع المحرمة على استغلال حاجة المضطرين.
وفيما يلي الكلام على كل منها: والله الموفق. . .
أولا: الأصل في المعاملات: الإباحة حتى يثبت من أدلة الشرع ما يخرجها عن هذا الأصل.
ثانيا: من القواعد الفقهية العامة المتفق عليها: أن الأمور تعتبر بمقاصدها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات (1) » . . . الحديث، وعلى هذا يجب سد ذرائع الشر والفساد، وإبطال الحيل التي يتوسل بها إلى تحليل المحرمات، وإباحة المنكرات.
ثالثا: الأصل في المعاوضات المالية التقابض ويجب ذلك فيما إذا كان العوضان ربويين ولو اختلفا صنفا؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد (2) » رواه أحمد ومسلم، غير أن الدليل من القرآن والسنة القولية والعملية قد دل على جواز تأجيل أحد العوضين في الجملة إذا كان الثمن ذهبا أو فضة وكان الآخر طعاما أو عقارا أو عروضا أخرى أو كان كل من العوضين أو أحدهما غير ربوي، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (3)
(1) صحيح البخاري بدء الوحي (1) ، صحيح مسلم الإمارة (1907) ، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647) ، سنن النسائي الطهارة (75) ، سنن أبو داود الطلاق (2201) ، سنن ابن ماجه الزهد (4227) ، مسند أحمد بن حنبل (1/43) .
(2)
صحيح مسلم المساقاة (1587) ، سنن الترمذي البيوع (1240) ، سنن النسائي البيوع (4561) .
(3)
سورة البقرة الآية 282
الآيتين، وروى ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال:«من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم (1) » رواه الجماعة. وعن أنس رضي الله عنه قال: «رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله (2) » رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه. وعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد (3) » وفي لفظ: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير (4) » رواهما البخاري ومسلم.
لكن من ضعف في نفسه الوازع الديني، وأصيب بداء الجشع من التجار ومن في حكمهم قد يتبايعون بيوعا صورية يحاولون بها إحلال ما حرم الله من الربا، وقد ينتهزون فرص الحاجة أو الضرورة فيبيعون بأسعار باهظة إلى أجل أو يشترون بضاعة مؤجلة بثمن بخس منقود إلى غير ذلك مما فيه تحكم الموسر بالمعسر، واستغلال ظروف حاجة الضعفاء والمضطرين، فاقتضى ذلك بحث أنواع من عقود البيع لبيان ما يجوز منها وما يمتنع أو تحوم حوله الريبة، وتبصير الناس بذلك وبعث الوعي فيهم والنصح لهم ثم إيجاد الحلول الناجحة لكف عبث العابثين والقضاء على حيل المحتالين للتلاعب بالشريعة والإضرار بالناس وأكل أموالهم بالباطل.
ومن البيوع التي قد يدخلها انتهاز الفرص والاستغلال ويتأتى فيها التمويه والاحتيال: بيوع الآجال والعينة والتورق وبيع المسلم فيه وبيع
(1) صحيح البخاري السلم (2239) ، صحيح مسلم المساقاة (1604) ، سنن الترمذي البيوع (1311) ، سنن النسائي البيوع (4616) ، سنن أبو داود البيوع (3463) ، سنن ابن ماجه التجارات (2280) ، مسند أحمد بن حنبل (1/217) ، سنن الدارمي البيوع (2583) .
(2)
صحيح البخاري البيوع (2069) ، سنن الترمذي البيوع (1215) ، سنن النسائي البيوع (4610) .
(3)
صحيح البخاري البيوع (2068) ، صحيح مسلم المساقاة (1603) ، سنن النسائي البيوع (4650) ، سنن ابن ماجه الأحكام (2436) ، مسند أحمد بن حنبل (6/42) .
(4)
صحيح البخاري الجهاد والسير (2916) .