الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْن أبي شيبَة: ثَنَا أسود بن عَامر، ثَنَا جرير بن حَازِم، سَمِعت الْحسن يَقُول: حَدثنِي صعصعة - عَم الفرزدق - أَنه قَالَ: " قدمت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَسَمعته يقْرَأ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} قلت: وَالله مَا أُبَالِي أَلا أسمع غَيرهَا، حبسي حسبي ".
بَاب فِي ذكر الْمَوْت والقبر
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، ثَنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: " أَكْثرُوا ذكر هَادِم اللَّذَّات. يَعْنِي الْمَوْت ".
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن أبي سعيد. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب.
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا سعيد، عَن أَبِيه، أَنه سمع أَنا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:" كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول: إِذا وضعت الْجِنَازَة واحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم، فَإِن كَانَت صَالِحَة قَالَت: قدموني. وَإِن كَانَت غير صَالِحَة قَالَت لأَهْلهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْن تذهبون بهَا. يسمع صَوتهَا كل شَيْء لَا الْإِنْسَان، وَلَو يسمع الْإِنْسَان لصعق ".
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، ثَنَا يحيى بن معِين، ثَنَا هِشَام بن يُوسُف، حَدثنِي عبد الله بن بحير، أَنه سمع هانئاً مولى عُثْمَان [قَالَ] : " كَانَ عُثْمَان إِذا وقف على قبر بَكَى حَتَّى يبل لحيته، فَقيل لَهُ: تذكر الْجنَّة وَالنَّار وَلَا تبْكي، وتبكي من هَذَا؟ ! فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: إِن الْقَبْر أول منَازِل الْآخِرَة، فَإِن
نجا مِنْهُ فَمَا بعده أيسر مِنْهُ، وَإِن لم ينج مِنْهُ فَمَا بعده أَشد مِنْهُ. قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -: مَا رَأَيْت منْظرًا قطّ إِلَّا الْقَبْر أفظع مِنْهُ ".
قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث هِشَام بن يُوسُف.
أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، ثَنَا عبد الْوَهَّاب [الْخفاف] أَبُو نصر، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن أنس بن مَالك:" أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - دخل نخلا لبني النجار، فَسمع صَوتا فَفَزعَ، فَقَالَ: من أَصْحَاب هَذِه الْقُبُور؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، نَاس مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّة. فَقَالَ: تعوذوا بِاللَّه من عَذَاب (الْقَبْر) ، وَمن فتْنَة الدَّجَّال. قَالُوا: ومم ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تعبد؟ فَإِن الله هداه قَالَ: كنت أعبد الله. فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله، فَمَا يسْأَل عَن شَيْء غَيرهمَا، فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار، فَيُقَال لَهُ: هَذَا بَيْتك كَانَ فِي النَّار، وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة. فَيَقُول: دَعونِي حَتَّى أذهب، فأبشر أَهلِي. فَيُقَال لَهُ: اسكن. وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره، فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تعبد؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُول لَهُ: لَا دَريت وَلَا تليت. فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل؟ فَيَقُول: كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس. فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ، فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق غير الثقلَيْن ".
عبد بن حميد: أخبرنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا ابْن أبي ذِئْب، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن ذكْوَان، عَن عَائِشَة قَالَت: " جَاءَت يَهُودِيَّة، فاستطعمت
على بَابي، فَقَالَت: أَطْعمُونِي أعاذكم الله من فتْنَة عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الدَّجَّال. فَلم أزل أحبسها حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -، فَقلت: يَا رَسُول الله، مَا تَقول هَذِه الْيَهُودِيَّة؟ قَالَ: وَمَا تَقول؟ قلت: تَقول: أعاذكم الله من فتْنَة عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الدَّجَّال. قَالَت عَائِشَة: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَرفع يَدَيْهِ مدا يستعيذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر. قَالَ: ثمَّ قَالَ: أما فتْنَة الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا وَقد حذره أمته، وسأحذركموه تحذيراً لم يحذرهُ نَبِي أمته، إِنَّه أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور، بَين عَيْنَيْهِ مَكْتُوب كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن، وَأما فتْنَة الْقَبْر فِي تفتنون، وعني تسْأَلُون، فَإِذا كَانَ الرجل [الصَّالح] أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف، فَيُقَال لَهُ: فيمَ كنت؟ فَيَقُول: فِي الْإِسْلَام. فَيُقَال: مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم؟ فَيَقُول: مُحَمَّد رَسُول الله، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَآمَنا بِهِ وصدقناه. قَالَ: فَيُقَال لَهُ: فَهَل رَأَيْت الله؟ فَيَقُول: مَا يَنْبَغِي لأحد أَن يرى الله. فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار. فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا وقاك الله. ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا. وَيُقَال لَهُ: على الْيَقِين كنت، وَعَلِيهِ مت، وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. وَإِذا كَانَ الرجل [السوء] أَجْلِس فِي قَبره مشغوفاً، فَيُقَال لَهُ: فيمَ كنت؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيُقَال لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم؟ فَيَقُول: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فَقلت كَمَا قَالُوا. فتفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة، فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك. ثمَّ تفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار، فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا، على الشَّك كنت، وَعَلِيهِ مت، وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله. ثمَّ يعذب ".
قَالَ ابْن أبي ذِئْب: قَالَ مُحَمَّد بن عَمْرو، فَحَدثني سعيد بن [يسَار] ،
عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ: " إِن الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة، فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح قَالَ: اخْرُجِي أيتها الرّوح الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، أَخْرِجِي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان، فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ويعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيَقُولُونَ: مرْحَبًا بِالروحِ الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب، ادخلي حميدة، وَأَبْشِرِي بِروح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان. فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الله تبارك وتعالى وَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالُوا: اخْرُجِي أيتها الرّوح الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، اخْرُجِي ذميمة، وَأَبْشِرِي بحميم وغساق، وَآخر من شكله أَزوَاج، فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ويعرج بهَا إِلَى السَّمَاء، فَيُقَال: من هَذَا؟ فَيُقَال: فلَان. فَيُقَال: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث، ارجعي ذميمة فَإِنَّهُ لَا يفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء، فَيُرْسل من السَّمَاء، ثمَّ يصيران إِلَى الْقَبْر، فيجلس الرجل الصَّالح، فَيُقَال لَهُ
…
. " فَيرد مَا فِي حَدِيث عَائِشَة " وَيجْلس الرجل السوء فَيُقَال لَهُ
…
. " فَيرد مَا فِي حَدِيث عَائِشَة سَوَاء.
قَالَ عبد: وَأَخْبرنِي عَمْرو بن عون، أَنا أَبُو عوَانَة، عَن الْأَعْمَش، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زَاذَان أبي عمر، عَن الْبَراء بن عَازِب، قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد، فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَلَسْنَا حوله كَأَنَّمَا على رءوسنا الطير، فَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يرفع بَصَره ينظر إِلَى السَّمَاء وينكت فِي الأَرْض يحدث نَفسه، ثمَّ قَالَ: أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر - مرَارًا - ثمَّ قَالَ: إِن الرجل إِذا كَانَ فِي قبل من الْآخِرَة، وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا، أَتَاهُ ملك الْمَوْت فَجَلَسَ عِنْد رَأسه إِن كَانَ مُسلما قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان. قَالَ: فَتخرج نَفسه تسيل كَمَا تسيل قَطْرَة السقاء، وتنزل مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم الشَّمْس، مَعَهم أكفان من أكفان الْجنَّة، وحنوط من حنوط الْجنَّة، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر، فَإِذا أَخذهَا قَامُوا إِلَيْهِ، فَلم يتركوها فِي يَده طرفَة عين فَذَلِك قَول الله عز وجل: {إِذا
جَاءَ أحدكُم الْمَوْت توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} قَالَ: فَتخرج مِنْهُ مثل أطيب ريح وجدت على وَجه الأَرْض قَالَ: فيصعدون بِهِ فَلَا يَمرونَ على جند من الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قَالُوا: مَا هَذِه الرّوح الطّيبَة؟ فَقَالُوا: هَذَا فلَان. بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ، فَإِذا انْتَهوا بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الطّيب؟ فَقَالُوا: هَذَا فلَان. فَيفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء، ويشيعه من كل سَمَاء مقربوها، حَتَّى ينتهى بهَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة، قَالَ: فَيُقَال: اكتبوا كِتَابه فِي عليين، وَمَا أَدْرَاك مَا عليون، كتاب مرقوم، فارجعوه إِلَى الأَرْض، فَإِنِّي وعدتهم أَن مِنْهَا خلقتهمْ، وفيهَا أعيدهم، وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى. قَالَ: فترجع روحه فِي جسده. قَالَ: وَيبْعَث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه، فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: رَبِّي الله. فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم؟ فَيَقُول: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -. فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا يدْريك؟ فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدقت، فَذَلِك قَول الله عز وجل:{يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن قد صدق، فألبسوه من الْجنَّة، وأفرشوا لَهُ من الْجنَّة، وأروه منزله من الْجنَّة. قَالَ: فيلبس من الْجنَّة، ويفرش لَهُ من الْجنَّة، وَيرى منزله من الْجنَّة، ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره. قَالَ: ويمثل لَهُ رجل حسن الْوَجْه، حسن الثِّيَاب، طيب الرّيح، قَالَ: فَيَقُول لَهُ: أبشر بِمَا أعد الله لَك من الْكَرَامَة، هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد. قَالَ: فَيَقُول: وَمن أَنْت رَحِمك الله؟ فوَاللَّه لوجهك الْوَجْه جَاءَ بِالْخَيرِ. قَالَ: فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح، وَالله مَا علمت إِن كنت لحريصاً على طَاعَة الله، بطيئاً عَن مَعْصِيّة الله، فجزاك الله خيرا. قَالَ: فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة لكَي أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي ".
قَالَ الْأَعْمَش: وحَدثني أَبُو صَالح، حَدثنِي بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -، أَنه قَالَ:" يُقَال لَهُ: نم. قَالَ: فينام ألذ نومَة نامها نَائِم قطّ حَتَّى توقظه السَّاعَة ".
ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث الْبَراء قَالَ: " وَإِن كَانَ فَاجِرًا إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة جَاءَهُ ملك الْمَوْت فيجلس عِنْد رَأسه، فَيَقُول: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة إِلَى غضب وَسخط من الله. قَالَ: فَتفرق روحه فِي جسده، قَالَ: يستخرجها يقطع مِنْهَا الْعُرُوق والعصب كَمَا يسْتَخْرج الصُّوف المبلول بالسفود، قَالَ: وَينزل مَلَائِكَة من السَّمَاء سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر، فَإِذا وَقعت فِي يَد ملك الْمَوْت قَامَ إِلَيْهَا مَلَائِكَة فَلم يتركوها فِي يَده طرفَة عين، قَالَ: وَتخرج مِنْهُ مثل أنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض، فيصعدون بِهِ، فَلَا يَمرونَ على جند من الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث؟ فَيَقُولُونَ: هَذَا فلَان بِأَسْوَأ أَسْمَائِهِ. قَالَ: فَإِذا انتهي بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، أغلقت دونه فَلم تفتح لَهُ، وينادي مُنَاد: أَن اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين، فأرجعوه إِلَى الأَرْض، فَإِنِّي وعدتهم أَن مِنْهَا خلقتهمْ، وفيهَا أعيدهم، وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى، قَالَ: فَيرمى بِهِ من السَّمَاء فَذَلِك قَول الله تبارك وتعالى: {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خر من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} قَالَ: فتعاد روحه فِي جسده، ويأتيه ملكان شَدِيدا الِانْتِهَار فيجلسانه وينتهرانه، قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك؟ فَيَقُول: لَا أَدْرِي. فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا النَّبِي الَّذِي بعث فِيكُم؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا أَدْرِي. (يَقُولُونَ: ذَاك لَا أَدْرِي) . قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَريت. قَالَ: وَذَلِكَ قَول الله تبارك وتعالى: {ويضل الله الظَّالِمين وَيفْعل الله مَا يَشَاء} . قَالَ: وينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن قد كذب، فألبسوه من النَّار، وأفرشوه من النَّار، وأروه من منزله من النَّار. قَالَ: فيكسى من النَّار، ويفرش لَهُ من النَّار، وَيرى مِنْهَا منزله، قَالَ: ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه. قَالَ: ويمثل لَهُ رجل قَبِيح المنظر، قَبِيح الثِّيَاب، منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك، أبشر بغضب من الله وَسخط، هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد، هَذَا
يَوْمك الَّذِي كنت تكذب بِهِ، قَالَ: فيقوله لَهُ: وَيلك وَمن أَنْت؟ فو الله لوجهك الْوَجْه جَاءَ بِالشَّرِّ. قَالَ: فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث، وَالله مَا علمت إِن كنت لبطيئاً عَن طَاعَة الله، حَرِيصًا على مَعْصِيّة الله، فجزاك الله عني شَرّ الْجَزَاء. قَالَ: فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة. مِمَّا يرى مِمَّا أعد الله لَهُ ".
الْمنْهَال بن عَمْرو وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ، تَركه شُعْبَة، قَالَ ابْن أبي حَاتِم: إِنَّمَا تَركه لِأَنَّهُ سمع من دَاره صَوت قِرَاءَة بالتطريب.
وَذكر ابْن أبي خَيْثَمَة أَنه سمع فِي دَاره صَوت غناء؛ فَلذَلِك تَركه.
تمّ كتاب الزّهْد والورع والتوكل وَالرَّقَائِق وَالْحَمْد لله.
يتلوه كتاب الْحَشْر وَالْجنَّة وَالنَّار - إِن شَاءَ الله.