المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الموضوع الثالث عشر: مقاصد السور وما يحتاج إلى معرفته المفسر من الأسماء والظروف والأفعال والحروف - الأصلان في علوم القرآن

[محمد عبد المنعم القيعي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الموضوع الأول: أماكن النزول وأزمنته وأحواله

- ‌الموضوع الثاني: النزول وما يتعلق به

- ‌أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌ سبب النزول وفوائده:

- ‌ الأسماء والمبهمات

- ‌ ما تكرر نزوله وما تأخر حكمه عن نزوله وما تقدم عليه:

- ‌ ما نزل من القرآن على بعض الأنبياء، وما نزل منه موافقًا لقول بعض الصحابة:

- ‌ كيفية إنزاله:

- ‌ نزول القرآن على سبعة أحرف:

- ‌الموضوع الثالث: المحكم والمتشابه

- ‌الموضوع الرابع: المناسبات والفواصل

- ‌الموضوع السابع: فضائل القرآن وأحكام تتعلق به

- ‌الموضوع التاسع: التفسير والمفسرون

- ‌مدخل

- ‌منزلة التفسير:

- ‌طرائق التفسير:

- ‌شروط المفسر

- ‌مع المفسرين وكتبهم:

- ‌الموضوع العاشر: الاستنباط

- ‌الموضوع الحادي عشر: "إعجاز القرآن

- ‌الموضوع الثاني عشر: معاني المفردات

- ‌الموضوع الثالث عشر: مقاصد السور وما يحتاج إلى معرفته المفسر من الأسماء والظروف والأفعال والحروف

- ‌الموضوع الرابع عشر: الإعراب وغير المشهور من اللغات

- ‌الموضوع الخامس عشر: فنون البلاغة

- ‌الموضوع السادس عشر: عَلاقة الكلمات بعضها ببعض واستعمالها

- ‌الموضوع السابع عشر: وسائل الإقناع

- ‌الموضوع الثامن عشر: اللفظ القرآني دلالته وأقسامه

- ‌الموضوع التاسع عشر: ترجمة القرآن

- ‌مدخل

- ‌شروط المترجم والترجمة:

- ‌حكم ترجمة القرآن:

- ‌الموضوع العشرين: أهم قواعد التفسير

- ‌خاتمة:

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌الموضوع الثالث عشر: مقاصد السور وما يحتاج إلى معرفته المفسر من الأسماء والظروف والأفعال والحروف

‌الموضوع الثالث عشر: مقاصد السور وما يحتاج إلى معرفته المفسر من الأسماء والظروف والأفعال والحروف

يتعين على المفسر أن يعرف المقصد الأساسي للسورة التي يريد أن يفسرها. وهذا مجمل للمقاصد العامة؛ فمثلًا:

مقصود القرآن: تعريف الناس بخالقهم.

ومقصود سورة الفاتحة: إحساس العباد بمراقبة الله لهم.

ومقصود سورة البقرة: ذِكْرُ الكتاب وأوصافه.

وسورة آل عمران: تقرير مبدأ التوحيد.

وسورة النساء: الاجتماع على التوحيد.

وسورة المائدة: الوفاء بما هدى إليه الكتاب.

وسورة الأنعام: الاستدلال على ما دعا إليه الكتاب.

وسورة الأعراف: إنذار مَن أعرض عما دعا إليه الكتاب.

وسورة الأنفال: تبرئة العباد من الحول والقوة، وحثهم على التسليم لأمر الله، واعتقاد أن الأمور ليست إلا بيده.

وسورة التوبة: معاداة مَن أعرض عما دعت إليه السور الماضية؛ من اتباع الداعي إلى الله في توحيده، واتباع ما يرضيه، وموالاة مَن أقبل عليه.

وسورة يونس: وصف الكتاب لما اشتمل عليه من الحكمة، وأنه ليس إلا من عنده سبحانه؛ لأن غيره لا يقدر على شيء منه، وذلك دالٌّ -بلا ريب- على أنه واحد في مُلْكه لا شريك له في شيء من أمره.

ص: 238

وسورة هود: وصف الكتاب بالأحكام والتفصيل في حالتي البشارة والنذارة المقتضي لوضع كل شيء في موضعه الصحيح بالقدرة والاختيار.

وسورة يوسف: وصف الكتاب بالإبانة لكل ما يوجب الهدى لما ثبت فيما مضى، ويأتي في هذه السورة من تمام علم منزله غيبًا وشهادة، وشمول قدرته قولًا وفعلًا.

وسورة الرعد: وصف الكتاب بأنه الحق في نفسه، يؤثر في غيره تارة فيهدي بالفعل، وتارة لا يؤثر؛ بل يكون سببًا للضلال والعمى.

وسورة إبراهيم: التوحيد وبيان أن هذا الكتاب غاية البلاغ إلى الله؛ لأنه كامل ببيان الصراط الدال عليه والمؤدي إليه.

وسورة الحجرات: وصف الكتاب بأنه في الذروة من جمع المعاني الموضحة للحق من غير اختلاف أصلًا.

وسورة النحل: الدلالة على أن الله تام القدرة والعلم، فاعل بالاختيار، نزيه عن شوائب النقص.

وسورة الإسراء: الإقبال على الله وحده، وخلع كل ما سواه؛ لأنه وحده المالك لتفاصيل الأمور، وتفضيل بعض الحق على بعض.

وسورة الكهف: وصف الكتاب بأنه قيم؛ لكونه زاجرًا عن الشريك الذي هو خلاف ما قام عليه الدليل في "سبحان"، مع أنه لا وكيل دونه ولا إله إلا هو، وقاصًّا بالحق أخبار قوم قد فضلوا في أزمانهم وفق ما وقع الخبر به في "سبحان"، مع أنه يفضل من يشاء ويفعل ما يشاء.

وسورة مريم: بيان اتصافه بشمول الرحمة؛ بإضافة جميع النعم على

ص: 239

جميع خلقه المستلزم للدلالة على اتصافه بجميع صفات الكمال المستلزم لشمول القدرة على إبداع المستقرب المستلزم لتمام العلم، الموجب للقدرة على البعث، والتنزه عن الولد؛ لأنه لا يكون إلا لمحتاج، ولا يكون إلا مثل الوالد، ولا سَمِيَّ له سبحانه فضلًا عن مثيل.

وسورة طه: إعلام الداعي صلى الله عليه وسلم بإقبال المدعويين، والترفق إلى أن يكونوا أكثر الأمم زيادة في شرفه صلى الله عليه وسلم.

وسورة الأنبياء: الاستدلال على تحقيق الساعة، وقربها ولو بالموت، ووقوع الحساب فيها على الجليل والحقير؛ لأن موجدها لا شريك له يعوقه عنها، وهو مَن لا يبدل القول لديه.

وسورة الحج: الحث على التقوى واستحقاقه لها بالعدل إلى درجة استئهال الإنعام بالفضل في يوم الجمع لطيف التذكير به.

وسورة المؤمنون: اختصاص المؤمنين بالفلاح.

وسورة النور: مدلول اسمها المودع قلبها المراد منه: أنه تعالى شامل العلم اللازم منه تمام القدرة، اللازم منه إثبات الأمور على غاية الحكمة، اللازم منه تأكيد الشرف للنبي صلى الله عليه وسلم، اللازم منه شرف مَن اختاره سبحانه لصحبيه على منازل قربهم منه واختصاصهم به، اللازم منه غاية النزاهة والشرف والطهارة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنها، ثم ماتت هي رضي الله عنها صالحة محسنة، وهذا هو المقصود بالذات؛ ولكن إثباته محتاج إلى تلك المقدمات.

ص: 240

وسورة الفرقان: إظهار شرف الداعي صلى الله عليه وسلم بإنذار المكلفين عامة بما له سبحانه من القدرة الشاملة المستلزمة للعلم التام المدلول عليه بهذا القرآن المبين، المستلزم لأنه لا موجود على الحقيقة سوى مَن أنزله، فهو الحق وما سواه باطل.

وسورة الشعراء: أن هذا الكتاب مبين في نفسه باعجازه أنه من عند الله، مبين لكل ملتبس.

وسورة النمل: وصف هذا الكتاب بالكفاية لهداية الخلق أجمعين؛ بالفصل بين الصراط المستقيم وطريق الحائرين، والجمع لأصول الدين لإحاطة علم منزله بالخفي والبين وبشارة المؤمنين ونذارة الكافرين بيوم اجتماع الأولين والآخرين، وكل ذلك يرجع إلى العلم والحكمة، فالمقصود إظهار البطش والنقمة.

وسورة القصص: إظهار التواضع لله المستلزم لرد الأمر كله إليه، الناشئ عن الإيمان بالآخرة، الناشئ عن الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الثابتة بإعجاز القرآن، المظهر للخفايا على لسان مَن لم يتعلم قط من أحد من الخلق المنتج لعلو المتصف به.

وسورة العنكبوت: الحث على الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء إلى الله سبحانه وحده من غير تعريج على غيره سبحانه أصلًا؛ لئلا يكون مثل المعرج مثل العنكبوت، فإن ذلك مثل كل مَن عرج عنه سبحانه وتعالى وتعوض عوضًا منه، فهو صور ضعف الكافرين وقوة المؤمنين، وقد ظهر سر تسميتها بالعنكبوت، والله تعالى أعلم.

وسورة الروم: إثبات الأمر كله لله، فتأتي الوحدانية مطلقًا في الإلهية

ص: 241

وغيرها، والقدرة على كل شيء، فيأتي البعث ونصر أوليائه وخذلان أعدائه، وهذا هو المقصود بالذات. واسم السورة واضح فيه بما كان من السبب في نصر الروم من الوعد الصادق والسر المكتوم.

وسورة لقمان: إثبات الحكمة للكتاب اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله.

وسورة السجده: إنذار الكفار بهذا الكتاب السار للأبرار بدخول الجنة، والنجاة من النار، واسمها السجدة منطبق على ذلك بما دعت إليه آياتها من الأخبار وترك الاستكبار.

وسورة الأحزاب: الحث على الصدق في الإخلاص في التوجه إلى الخالق من غير مراعاة بوجه ما للخلائق؛ لأنه عليم بما يصلحهم، حكيم بما يفعله؛ فهو يُعلي من يشاء وإن كان ضعيفًا، ويُردي من يريد وإن كان قويًّا، فلا يتهم الماضي لأمره برجاء لأحد منهم في بره، ولا خوف منه في عظيم شره وخفي مكره.

وسورة سبأ: أن الدار الآخرة التي أشار إليها آخر الأحزاب كائنة لا ريب في إثباتها.

وسورة فاطر: إثبات القدرة الكاملة لله تعالى، اللازم منها تمام القدرة على البعث.

وسورة يس: إثبات الرسالة التي هي رُوح الوجود.

وسورة الصافات: الاستدلال على آخر "يس" من التنزه عن النقائص، اللازم منه رد العباد للفصل بينهم بالعدل، اللازم منه الوحدانية

ص: 242

مطلقًا في الإلهية وغيرها، وذلك هو المعنى الذي أشار إليه تسميتها بالصافات؛ لأن الصف يلزم منه الوَحْدَة في الحشر باجتماع التفرق، وفي المعنى باتحاد الكلمة.

وسورة ص: بيان ما ذكر في آخر الصافات من أن جندها هم الغالبون، وإن رؤي أنهم ضعفاء، وإن تأخر نصرهم سلامة للفريقين؛ لأنه سبحانه واحد لكونه محيطًا بصفات الكمال.

وسورة الزمر: الدلالة على أنه سبحانه صادق الوعد، وأنه غالب لكل شيء، فلا يعمل لأنه لا يفوته شيء؛ ويضع الأشياء في أوفق محالها.

وسورة غافر: الاستدلال على آخر التي قبلها من تصنيف الناس في الآخرة إلى صنفين، وتوفية كل ما يستحقه على سبيل العدل، فإن فاعل ذلك له العزة الكاملة والعلم الشامل.

فمن لم يسلم أمره كله إليه، وجادل في آياته الدالة على القيامة أو غيرها بقوله؛ فإنه يجزيه فيعذبه ويرديه.

وسورة حم السجدة: الإعلام بأن بالعلم إنما هو ما اختاره المحيط بكل شيء قدره، وعلمًا من علمه لعباده، فشرعه لهم فجاءتهم به عند رسلهم.

وسورة الشورى: الاجتماع على الدين الذي أساسه الإيمان، أم دعائمه الصلاة، وروح أمره الألفة بالمشاورة المستعصية لكون أهل الدين كلهم فيه سواء، كما أنهم في العبودية لشارعه سواء.

وسورة الزخرف: البشارة بإعلاء هذه الأمة بالعقل والحكمة حتى يكونوا أعلى الأمم شأنًا؛ لأن هدايتهم بأمر لدني هو من غريب الغريب

ص: 243

الذي هو للخواص، فهو في الرتبة الثانية من القرابة، وأن ذلك أمر لا بد لهم منه وإن اشتدت نفرتهم منه وإعراضهم عنه.

وسورة الدخان: الإنذار بالهلكة لمن لا يقبل هداية الذكر الحكيم من الخير والبركة، رحمة جعلها بين خلقه مشتركة.

وسورة الجاثية: الدلالة على أن منزل هذا الكتاب -كما دل عليه في الدخان- ذو العزة، لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء، والحكمة لأنه لم يضع شيئًا إلا في أحكم مواضعه.

وسورة الأحقاف: إنذار الكافرين بالدلالة على صدق الوعد في قيام الساعة، اللازم للعزة والحكمة، الكاشف عنها أتم كشف بما وقع الصدق في الوعد به من إهلاك المكذبين، وأنه لا يمنع من شيء من ذلك مانع؛ لأنه لا شريك له، فهو المستحق للإفراد بالعبادة.

وسورة محمد: التقدم إلى المؤمنين في حفظ الدين بإدامة جهاد الكفار حتى يلزموهم الصغار أو يبطلوا إضلالهم كما أضل الله أعمالهم.

وسورة الفتح: اسمها الذي يعم فتح مكة وما تقدمه من صلح الحديبية، وفتح خيبر ونحوهما، وما تفرع عنه من إسلام أهل جزيرة العرب، وقتال أهل الردة، وفتح جميع البلاد الذي يجمعه كله إظهار هذا الدين على الدين كله.

وسورة الحجرات: توقير النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ ذلك من إجلاله بالظاهر؛ ليكون دليلًا على الباطن.

وسورة ق: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة التي معظمها الإنذار بيوم الخروج.

ص: 244

وسورة الذاريات: الدلالة على صدق ما أنذرت به سورة ق تصريحًا، وبشرت به تلويحًا، ولا سيما من مصاب الدنيا وعذاب الآخرة.

وسورة الطور: تحقيق وقوع العذاب الذي هو مضمون الوعيد المقسم على وقوعه في الذاريات هو مضمون الإنذار المدلول على صدق "ق".

وسورة النجم: ذم الهوى لإنتاجه الضلال بالإخلاد إلى الدنيا التي هي دار البلاء والتصرم والغناء، ومدح العلم لإثماره الهوى في الإقبال على الآخرة؛ لأنها دار البقاء في السعادة أو الشقاء.

وسورة القمر: بيان آخر النجم في أمر الساعة من تحققها، وشدة قربها، وتصنيف أهلها، باعتبار ما ذكر هناك من العجب من القرآن.

وسورة الرحمن: الدلالة على ما خُتمت به القمر من عظيم الملك، وتمام الاقتدار بعموم رحمته وشدة غضبه.

وسورة الواقعة: شرح أحوال الأقسام الثلاثة المذكورة في الرحمن، الأولياء من السابقين واللاحقين، والأعداء المشاققية من المصارحين والمنافقين من الثقلين؛ للدلالة على تمام القدرة بالفعل.

وسورة الحديد: بيان أن عموم الرسالة مناسب لعموم الإلهية بالإرسال إلى الأزواج الثلاثة المذكورة في السورتين الماضيتين من الثقلين.

وسورة المجادلة: الإعلام بإيقاع البأس الشديد الذي أشارت إليه الحديد بمن حاد الله ورسوله؛ لما له سبحانه من تمام العلم اللازم عنه تمام القدرة، اللازم عنه الإحاطة بجميع صفات الكمال.

وسورة الحشر: بيان ما دل عليه آخر المجادلة من التنزه عن شوائب النقص بإثبات القدرة الشاملة؛ لأنه قوي عزيز.

ص: 245

وسورة الممتحنة: براءة من أقر بالإيمان من الكفار دلالة على صحة ما ادعاه، كما أن الكفار تبرءوا من المؤمنين وكذبوا بما جاءهم من الحق؛ لئلا يكونوا على باطلهم أحرص من المؤمنين على حقهم.

وسورة الصف: الحث على الاجتهاد التام.

وسورة الجمعة: بيان أول الصف بدليل هو أوضح شرائع الدين وهو الجمعة، التي اسمها مبين من المراد منها.

وسورة المنافقون: كمال التحذير مما يثلم الإيمان من الأعمال الباطنة والأحوال الظاهرة المنافية للإسلام.

وسورة التغابن: الإبداع في التحذير مما حذرت منه المنافقون؛ بإقامة الدليل القاطع على أنه لا بد من الملك للدينونة على النقير والقطمير يوم القيامة.

وسورة الطلاق: تقدير حسن التدبير في المفارقة والمهاجرة بتهذيب الأخلاق بالتقوى.

وسورة التحريم: الحث على تقدير التدبير في الآداب مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ولا سيما للنساء؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في حُسْن عشرته وكريم صحبته.

وسورة الملك: الخضوع لله لاتصافه بكمال الملك الدال عليه تمام القدرة.

وسورة ن: إظهار ما استتر، وبيان ما أُبهم في آية:{فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} .

وسورة الحاقة: تنزيه الخلق ببعث الخلائق لإحقاق الحق وإزهاق الباطل؛ بالكشف التام بشمول العلم للكليات والجزئيات.

ص: 246

وسورة المعارج: إثبات القيامة وإنذار مَن كفر بها، وتصوير عظمتها بعظمة ملكها وطول يومها.

وسورة نوح: الدلالة على القدرة على ما أنذر به آخر "سأل" من إهلاك المنذرين، وتبديل خير منهم ومن القدرة على إيجاد القيامة.

وسورة الجن: إظهار شرف هذا النبي الخاتم؛ حيث لين له قلوب الجن والإنس وغيرهم؛ فصار مالكًا لقلوب المجانس وغيره.

وسورة المزمل: الإعلام بأن محاسن الأعمال تدفع الأخطار وتخفف الأحمال والأثقال، ولا سيما الوقوف بين يدي الملك المتعال.

وسورة المدثر: الجد والاجتهاد في الإنذار بدار البوار لأهل الاستكبار، وإثبات البعث في أنفس المكذبين الفجار.

وسورة القيامة: الدلالة على عظمة المدثر المأمور بالإنذار لعظمة مرسله وتمام اقتدار بأنه كشف له العلوم حتى صار إلى الأعيان بعد الرسوم.

وسورة الإنسان: ترهيب الإنسان من الكفران بما دل عليه آخر "القيامة" من العرض على الملك الديان؛ لتعذيب العاصي في النيران.

وسورة المرسلات: الدلالة على آخر "الإنسان" من إثابة الشاكرين بالنعيم، وإصابة الكافرين بعذاب الجحيم في يوم الفصل.

وسورة عم: الدلالة على أن يوم القيامة الذي كانوا مجمعين على نفيه، وصاروا بعد بعث النبي صلى الله عليه وسلم في خلاف مع المؤمنين -ثابت ثباتًا لا يحتمل شكًّا ولا خلافًا.

ص: 247

وسورة النازعات: الإقسام على بعث الأنام، ووقوع القيام يوم الزحام، وزلل الأقدام بعد البيان التام فيما مضى من هذه السور العظام.

وسورة عبس: شرح {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} بأن المراد الأعظم تزكية القابل للخشية بالتخويف بالقيامة التي قام الدليل على القدرة عليها.

وسورة التكوير: للتهديد الشديد يوم الوعيد الذي هو محط الرحال؛ لكونه أعظم مقام لظهور الجلال لمن كذب بأن هذا القرآن تذكرة في صحف مكرمة بأيدى سفرة.

وسورة الانفطار: التحذير من الانهماك في الأعمال السيئة نسيانًا ليوم الدين، الذي يحاسب فيه على النقير والقطمير، ولا تغني فيه نفس عن نفس شيئًا.

وسورة التطفيف: شرح آخر "الانفطار" بأنه يثيب المؤمنين ويعاقب المكذبين.

وسورة الانشقاق: الدلالة على آخر "المطففين" من أن الأولياء ينعموم والأعداء يعذبون.

وسورة البروج: الدلالة على القدرة على مقصود الانشقاق الذي هو صريح آخرها، من تنعيم الولي وتعذيب الشقي.

وسورة الطارق: بيان مجد القرآن في صدقه بتنعيم أهل الإيمان وتعذيب أهل الكفران في يوم القيامة حين تبلى السرائر.

وسورة الأعلى: إيجاب التنزيه للأعلى سبحانه عن أن يلحق ساحة عظمته شيء من شوائب النقص كاستعجال في أمر.

ص: 248

وسورة الغاشية: شرح ما في آخر "سبح" من تنزيه الله تعالى من العبث بإثبات الدار الآخرة، وذكر ما فيها للأتقى والأشقى.

وسورة الفجر: الاستدلال على آخر "الغاشية": الإيجاب والحساب والثواب والعقاب، وأول ما فيها على هذا المقصود الفجر.

وسورة البلد: نفي القدرة عن الإنسان وإثباتها لخالقه الديان.

وسورة الشمس: إثبات التصرف في النفوس التي هي سرح الأبدان تقودها إلى سعادة أو نكد وهوان.

وسورة الليل: الدلالة على مقصود الشمس؛ وهو التصرف التام في النفوس بإثبات كمال القدرة بالاختلاف، وباختلاف الناس في السعي مع اتحاد مقاصدهم.

وسورة الضحى: الدلالة على آخر "الليل" بأن أتقى الأتقياء الذي هو أتقى على الإطلاق في عين الرضا دائمًا.

وسورة "ألم نشرح": تفصيل ما في آخر "الضحى" من النعمة، وبيان أن المراد بالتحدث بها هو شكرها بالنصب في عبادة الله.

وسورة التين: سر مقصود "ألم نشرح"، وذلك هو إثبات القدرة الكاملة، وهو المشار إليه باسمها، فإن في خلق التين والزيتون من الغرائب ما يدل على ذلك.

وسورة اقرأ: الأمر بعبادة مَن له الخَلْق والأمر؛ شكرًا لإحسانه، واجتنابًا لكفرانه؛ وطمعًا في جنانه، وخوفًا من نيرانه.

وسورة القدر: تفضيل الأمر الذي هو "قسمي" ما ضمنه مقصودا اقرأ.

سورة "لم يكن": الإعلام بأن هذا الكتاب القيم من علو مقداره وجليل آثاره.

ص: 249

وسورة "إذا زلزلت": انكشاف الأمور وظهور المقدور أتم ظهور، وانقسام الناس في الجزاء في دار البقاء إلى سعادة وشقاء.

وسورة العاديات: الإعلام بأن أكثر الخلق يوم الزلزلة هالك لإيثار الفاني على الباقي عند ذي الجلال.

وسورة القارعة: إيضاح يوم الدين؛ بتصوير أحواله، وتقسيم الناس فيه إلى ناجٍ وهالك.

وسورة التكاثر: التصريح بما أشارت إليه العاديات من أن سبب الهلاك الذي صورته القارعة الجمع للمال، والإخلاد إلى دار الزوال.

وسورة العصر: تفصيل نوع الإنسان المخلوق من علق، وبيان خلاصته وعصارته، وهم الحزب الناجي يوم السؤال.

وسورة الهمزة: بيان الحزب الأكثر الخاسر الذي ألهاه التكاثر؛ فبانت خسارته يوم القيامة.

وسورة الفيل: الدلالة على آخر "الهمزة" من إهلاك المكاثرين في دار التعاضد والتناصر بالأسباب.

وسورة قريش: أن إهلاك الجاحدين المعاندين لإصلاح المقربين العابدين، وهو بشارة عظيمة لقريش خاصة.

وسورة "أرأيت": التنبيه على أن التكذيب بالبعث لأجل الجزاء أبو الخبائث.

وسورة الكوثر: المنحة للمنزَّل عليه صلى الله عليه وسلم لكل خير يمكن أن يكون.

وسورة الكافرون: إثبات مقصود الكوثر بالدليل الشهودي على أن منزلها كامل العلم شامل القدرة؛ لأنه المنفرد بالوحدانية.

ص: 250

وسورة النصر: الإعلام بتمام الدين، اللازم عن مدلول اسمها، اللازم عنه موت النبي صلى الله عليه وسلم.

وسورة تبت: البت والقطع الحتم بخسران الكافر، ولو كان أقرب الخَلْق إلى أعظم الفائزين.

وسورة الإخلاص: بيان حقيقة الذات الأقدس ببيان اختصاصه بالاتصاف بأقصى الكمال.

وسورة الفلق: الاعتصام من شر كل ما انفلق عنه الخَلْق الظاهر والباطن.

وسورة الناس: الاعتصام بالإله الحق من شر الخَلْق الباطن.

وبعد..

فهذا ملخص إجمالي وتفصيله يطول.

أما الأدوات1 التي يحتاج إلى معرفتها المفسر، فهي مرتبة على أحرف الهجاء، وهذا بيانها:

- "الهمزة" وتأتي على وجهين:

نداء القريب نحو: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ} ، والثاني الاستفهام نحو:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} .

وقد تخرج عن الاستفهام الحقيقي الذي هو طلب الفَهْم إلى معانٍ أخر:

1-

التسوية: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} .

2-

الإنكار الإبطالي: وهذه تقتضي أن ما بعدها غير واقع، وأن مدعيه كاذب؛ نحو:{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا} .

1 انظر معرفة هذه الأدوات بتوسع في مغني اللبيب عن كتيب الأعاريب للعلامة ابن هشام، والإتقان للسيوطى، والبرهان للزركشي، وكتب النحو واللغة.

والواقع أن المؤلف اعتمد في هذه الأدوات على الإتقان مباشرة، والحق يقال: إن هذه الأدوات تحتاج إلى تحقيق لبيان ما هو منها حقيقة، وما هو منها مجاز، وقد قام الأخ الفاضل سليمان آيدين تركي الجنسية بتحقيق حروف المعاني في رسالة الماجستير في قسم التفسير وعلوم القرآن، كلية أصول الدين بالقاهرة، فليرجع إليها مَن يشاء.

وقد قام المحقق بتحقيق بعض هذه الحروف في كتابنا: التعليل في القرآن الكريم دراسة وتفسيرًا.

ص: 251

فإن دخلت على مثبت نفته، وإن دخلت على نفي أثبتت ما بعده؛ نحو:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أي: الله كافٍ عبده.

3-

الإنكار التوبيخي: فيقتضي أن ما بعدها واقع، وأن فاعله ملوم؛ نحو:{أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} .

4-

التقرير: ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه، ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به فعلًا أو فاعلًا أو مفعولًا أو غير ذلك، وقوله تعالى:{أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا} محتمل لإرادة الاستفهام الحقيقي بأن يكونوا لم يعلموا بأنه الفاعل، ولإرادة التقرير؛ بأن يكونوا قد علموا، وعليه فهو من باب التقرير بالفاعل، ويشهد له إجابته بقوله:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} مما يدل على أنهم سألوا عن الفاعل.

5-

التهكم: نحو: {يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} .

6-

الأمر: نحو: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} أي: أسلموا.

7-

التعجب: نحو: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} .

8-

الاستبطاء: نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} .

"أحد":

هو أكمل من الواحد، وأخص بالعقلاء، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، قال تعالى:{لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} .

ولا يدخل في العدد والحساب منفردًا، فنقول: أحد عشر، وفي التنزيل:{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} .

وإذا وقع لفظ الأحد بعد النفي استغرق القليل والكثير، قال تعالى:

ص: 252

{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} . وإذا وقع بعد الإثبات أفاد التخصيص بالواحد دون تعينه؛ نحو قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} .

وقد يكون تابعًا لما قبله؛ نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . والصحيح أنه بدل من لفظ الجلالة؛ لأنه المقصود بالحكم، وإلى الأحدية يستند التأثير وإلى الواحدية الانفراد في الألوهية، قالوا: ولا بد من الأسباب وجودًا، والغيبة عنها شهودًا فأثبتها من حيث أثبتها بحكمته، ولا تسند إليها لعلمك بأحديته.

- "إذ":

الأصل فيها أنها للزمان الماضي، واشترط أن تكون ظرفًا أو مضافًا إليها الظرف.. مثل:{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ} .

وقد تخرج عن الزمان الماضي إلى الحاضر؛ نحو: {وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} .

فشهادة الله تقع أثناء الحديث مباشرة، والحاضر المكتوب إذا انتهى صار ماضيًا، وهذا هو السر في التعبير عن الحاضر بما هو للزمان الماضي.

وقد تخرج إلى الاستقبال؛ نحو: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} ، والتعبير عنه بالماضي لتأكيد وقوعه.

قيل: ما عبر بإن فإنه لم يكن بعد.. وما عبر عنه بإذ فقد كان هذا بالنسبة لـ"إذ" في غير المستقبل.

وما أدخل عليه "إن" مما قد وقع، فهو في الواقع كأن لم يكن؛ نحو:{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} .

وتقع "إذ" للتعليل؛ كما في قوله: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} .

ص: 253

وعلل بها لأن سبب عدم النفع الظلم الواقع في الماضي، وترد للتوكيد والتحقيق:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ} .. وهذا في الماضي، ولا بد من إضافتها إلى جملة اسمية أو فعلية ماضية ولو في المعنى، ويعوض عن الإضافة بالتنوين.

- "إذا":

تكون على وجهين:

أحدهما: المفاجأة: وتخصص بالجمل الاسمية ولا جواب لها، لا تقع في ابتداء الكلام، وهي للحال. ومعنى المفأجاة: حضور الشيء معك في وصف من أوصافك الفعلية، قال تعالى:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} .

فالقنوط فاجأهم وقت إصابتهم، أو في مكان إصابتهم. والمفاجأة المتصلة بالمكان ألصق بصاحبها منها في الزمان؛ لأن الزمان يتسع لهم ولغيرهم، والمكان لا يسع غيرهم، وكلما كانت المفاجأة فيما يخص كانت أقوى وألصق منها فيما يعم.

وقد قيل: إن "إذا" الفجائية ظرف مكان، وقيل: ظرف زمان، وقيل: حرف.

ثانيهما: أنها ظرف لما يُستقبل من الزمان، وحينئذ تكون عكس الفجائية فتقع في الابتداء وتختص بالجمل الفعلية، ولها جواب؛ لأنها متضمنة معنى الشرط.

وقد تخرج عن الاستقبال إلى الحال لبيان القدرة؛ نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} فإن الغيشان مقارن لليل، وكذا التجلي مقارن للنهار.

وكل ما يعد الله بوقوعه في المستقبل يمكن أن يوقعه في الحال؛ ولكنه حدد لكل شيء وقتًا.

ص: 254

وقد تخرج إلى الماضي لاستحضار صورته التي وقعت: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ

} الآية.

وقد تكون للأزمنة الثلاثة لبيان أن الحال لم يتغير عما هو عليه؛ نحو: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} .

وتختص "إذا" بالدخول على كثير الوقوع والمتيقن والمظنون وتفيد العموم بخلاف "إن"، فتدخل على نادر الموضوع والمشكوك الموهوم.. ولا تفيد إلا مجرد الربط، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} إلى قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} .

فلتَكْرَار الوضوء وندرة الجنابة، استخدم "إذا" و"إن".. وما خرج عن ذلك فيلتمس له مخرجًا مثل:{وَلَئِنْ مُتُّمْ} ؛ وذلك لغفلة الناس عنه. فإذا وقع الموت فزعوا كالذي يندر وقوعه.

وتختص "إذا" أيضًا بأن المشروط بها إن كان عدمًا وقع الجزاء في الحال متصلًا بها، بخلاف المشروط بـ"إن"، فلا يقع الجزاء إلا بعد اليأس من وجوده.

- "إذن":

ومعناها الجواب والجزاء.. وإذا كان بعدها "اللام" كانت جوابًا لـ"لو"؛ نحو: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} والتقدير: لو كان معه من إله إذن لذهب.

- "أف":

اسم فعل ماضٍ أو مضارع أو أمر. ومعناها: الضجر أو بئس أو شيئًا قذرًا.

ص: 255

- "أل":

على ثلاثة أقسام:

1-

موصولة: وهي الداخلة على الأسماء الموصولة، وأسماء الفاعلين، والمفعولين.. وهل هي اسم موصول أو حرف موصول أو حرف تعريف؟

2-

حرف تعريف: وهي إما جنسية أو عهدية.. وكل من القسمين ثلاثة أقسام:

فالعهد إما ذكري؛ نحو: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ، وضابط هذه أن يسد الضمير مسدها ويسد مدخولها، نقول: فعصاه

وإما ذهني؛ نحو: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ..

وإما حضوري؛ نحو: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ..

وكل ما يقع بعد أيها، واسم الإشارة، و"إذا" الفجائية وفي الزمان الحاضر؛ نحو:"الآن" فهو من العهد الحضوري.

والجنسية: إما لاستغراق الأفراد، وهي التي تحل محلها "كل" على الحقيقة؛ نحو:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} .

أو الاستغراق الخصائصي: وتحل محلها "كل" مجازًا؛ نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} ، أو لتعريف الماهية والحقيقة والجنس؛ نحو:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} ، والمراد: ماء مخصوص لا مطلق الماء.. وبهذا تتميز عن "أل" الداخلة على النكرة إن كانت اسم جنس؛ نحو: الرهط.

3-

زائدة لازمة؛ نحو: "الله"، أو غير لازمة وهي الوقعة حالًا في قوله تعالى:{لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} .

ص: 256

وقيل: تنوب "أل" مناب الضمير؛ كما في قوله تعالى: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} أي: مأواه.. وقيل: تنوب عن الظاهر أيضًا؛ نحو: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} أي: أسماء المسميات.

- "ألَا" بالفتح والتخفيف:

وهي للتنبيه.. وتدل على التحقيق؛ لأنها مركبة من همزة الاستفهام التقريري، ولا النافية..

وتدخل على الجمل الاسمية؛ نحو: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} .

وتأتي للتحضيض وهو الطلب، والعرض وهو الطلب بلين.

وتدخل على الجمل الفعلية فقط؛ نحو: {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} .

- "ألَّا" بالفتح والتشديد:

وهي للتحضيض، وعليه خرج:{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} .

والأصل فيها أنها للاستثناء متصلًا {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ} أو منقطعًا {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} .

وقد ترد بمعنى غير؛ نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ

} والتقدير: خير الله.

ولا يصح أن تكون "إلا" هنا استثنائية؛ لأن المعنى يكون: لو كان فيهما آلهة ليس معهم الله لفسدتا.. وهذا باطل؛ لأن مفهومه: لو كان فيهما آلهة معهم الله لم تفسدا.. وهذا في غاية الفساد؛ إذ المراد: لو كان فيهما آلهة سوى الله منفردًا بالتدبير لفسدتا.

والأوضح أن يكون "إلا" بمعنى بدل؛ أي: بدل الله لفسدتا.

ص: 257

وقيل: ترد "إلا" بمعنى "بل"، وخرج عليه:{مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلَّا تَذْكِرَةً} .

ولا ريب أن الإضراب والاستثناء أخوان.

- "الآن":

اسم للزمان الحاضر؛ نحو: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} .

- "إلى" بالكسر والتخفيف:

أصلها لانتهاء الغاية المكانية أو الزمانية أو المطلقة؛ نحو: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} ونحو: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ونحو: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ} .. ولا تخرج عن ذلك عند غير الكوفيين، وما ورد على خلاف الغاية فبالتضمين.

وقال الكوفيون: لها معانٍ أخر.. فتأتي بمعنى "مع"؛ نحو: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} . وقال غير الكوفيين: التقدير: من يضيف نصرته إلى نصرة الله؟

وتكون إلى بمعنى "مع" في حالة ضم شيء إلى شيء والحكم به أو عليه أو التعليق عليه؛ نحو: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ونحو: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} .

والسر في اختيار "إلى" لبيان أن ما بعدها هو المقصود.

وبالتأمل في الآيات التي فيها "إلى" بمعنى "مع" يتضح أن المقصود هو: الله، وغسل المرافق، وتكثير أموال الأوصياء في خلط مالهم بمال اليتامى.

وبمعنى "في"؛ نحو: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} . والسر أنه الجمع النهائي الذي يحصل الناس فيه على أجزيتهم.

وللتبيين بعد الحب والبغض؛ نحو: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} .. والسر

ص: 258

أن يوسف أراد وأحب أن يكون السجن هو غايته وملجؤه؛ حتى ينجو من تدبير النساء له.

- "اللهم":

قيل: أصله "يا ألله"{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ} .

- "أم":

متصلة، وهي الواقعة بعد همزة التسوية، ولا جواب لها {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} . والواقعة بعد همزة يطلب بها وبـ"أم" التعيين، ولها جواب {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ} .

وسميت متصلة في الموضعين؛ لأن ما بعدها لا يستغني عما قبلها. ومنقطعة: وهي الواقعة إما بعد الخبر المحض {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} .

أو بعد الاستفهام الإنكاري؛ نحو: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} .

أو بعد الاستفهام بغير الهمزة؛ نحو: {هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} .

وسميت منقطعة لأنها للإضراب الانتقالى.. فما بعدها لا يرتبط بما قبلها.

وقد تتضمن مع كونها للإضراب استفهامًا إنكاريًّا؛ نحو: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ} ، والتقدير: بل أله البنات. فلو لم يقدر هذا الاستفهام الإنكاري للزم المحال؛ إذ يصير المعنى: بل له البنات، وهذا في غاية البطلان.

- "أمَّا" بالفتح والتشديد:

حرف شرط وتفصيل وتوكيد، وتلزم "الفاء" جوابها ولو تقديرًا

ص: 259

{فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} أي: فيقال.

- "إمَّا" بالكسر والتشديد:

للإبهام: {إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} .. والسر حتى لا ييئسوا ولا يتكلوا.

وللتخيير؛ نحو: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} .. والسر السعة على الإبهام.

وللتفصيل؛ نحو: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} .. والسر بيان أحوال العباد.

والفرق بين "إمَّا" وبين "أو" في هذه المعاني: أن "إما" يُبنى الكلام معها من أول الأمر على ما جيء بها لأجله؛ ولذلك وجب تكرارها.. و"أو" يبتدأ الكلام معها على الجزم، ثم يطرأ الإبهام أو التخيير أو التفصيل؛ ولهذا لا يتكرر.

- "إِنْ" بالكسر والتخفيف:

على أوجه:

شرطية: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} ، وحرف "لم" أقوى منها في الجزم؛ لأنه لا يفصل بينه وبين معموله؛ ولذا فالجزم بـ"لم" إن دخلت عليها "إن" كما في قوله:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} . والجزم بـ"إن" إذا دخلت على "لا" لاحتمال النفي والنهي في حرف "لا"؛ كما في قوله: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ} .

وترد "إن" بمعنى النفي؛ كما في قوله تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} ، وقوله جل شأنه:{إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا} ، وقوله:{أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} .

ص: 260

ويتأكد كونها للنفي إن وقعت بعدها "إلا" أو "لها" المشددة؛ كما في قوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا} ، وقوله:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} .

وقيل: كل شيء في القرآن فيه "إن" فهو للإنكار.

وقد تكون مخففة من الثقيلة، واختلف في بقاء عملها حينئذ. ويتعين كونها مخففة إن وقعت بعدها اللام المفتوحة:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} .

وقد يشتم فيها التعليل؛ كما في قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .

وقيل: هي باقية على الشرطية، وذكرت للتهييج.

وقد ترد بمعنى "قد"؛ نحو: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} .

ومنهم مَن أبقاها على الشرطية وقدر "وإن لم تنفع".

وقيل: هي باقية على الشرطية لاستبعاد انتفاعهم.

وقد وقع الاشتراط بها في ستة مواضع، والشرط غير مراد، وقد ذكر التسجيل الحالة فقط:{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ، {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ، {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} ، {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ} ، {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} .

فكونهم مفردين الله بالعبادة أدعى للشكر.. وكونهم في حال السفر ولم يجدوا كاتبًا أدعى لتوثيق الدين برهان مقبوضة.

فإن كانوا مقيمين، واحتاجوا لتوثيق الدين بالرهن؛ فلا بأس.

ص: 261

وفي حالة إرادة الإماء التحصن يتحقق إكراه السادة لهن على البغي.. فإن لم يردن تحصنًا فلا إكراه؛ لأنهن في تلك الحالة راضيات.

وفي حالتي اليأس من الحيض ببلوغ السن وعدم الحيض أيضًا من الأصل أدعى للارتياب.

والخوف مع السفر أدعى لقصر الصلاة، والواجب على الزوج في حالة مراجعة الزوجة أن يريد بذلك الإصلاح.

- "أَنْ" بالفتح والتخفيف:

تقع على أوجه:

1-

موصول حرفي: وينصب المضارع بعدها.

2-

ومخففة من الثقيلة: وهي الواقعة بعد فعل اليقين أو الظن القريب منه: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} .

3-

ومفسرة: وهي المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه؛ نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} . وزائدة للتوكيد؛ نحو: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} .

4-

وشرطية كالمكسورة: نحو: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} .

5-

ونافية: نحو: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} .

6-

وتعليلية: نحو: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ} .

والصواب أنها في المواضع الثلاث مصدرية؛ كما في قوله: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} أي: كراهة.

ص: 262

7-

أو هي بمعنى لئلا.

- "إِنَّ" بالكسر والتشديد:

للتوكيد والتحقيق.. والتوكيد بها أقوى من التوكيد بـ"اللام". وتقع جوابًا عن سؤال ظاهر أو مقدر، وفيها معنى التعليل:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} .

وقد ترد بمعنى "نعم" ويبطل عملها: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} .

- "أَنَّ" بالفتح والتشديد:

للتوكيد فرع المكسورة.. والتوكيد بها لأحد الطرفين، وبالمكسورة للإسناد. وهي موصول حرفي تُؤول هي وما بعدها بالمصدر المنسبك أو السكون إن كان ما بعدها فعلًا جامدًا:{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي: قدرته.

وترد بمعنى "لعل"؛ نحو: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} .

- "أَنَّى":

اسم مشترك بين الشرط والاستفهام عن المكان أو الزمان أو الحال، أو بمعنى "حيث"؛ نحو:{فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} .

- "أو":

ترد لمعاني الشك من المتكلم؛ نحو: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} .

والإبهام على السامع ليفكر: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} .

وللإباحة التي لا يمتنع فيها الجمع توسعة {وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ

} الآية. وللتخيير الذي يمتنع فيه

ص: 263

الجمع للاكتفاء بواحد؛ ومثاله: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} عند مَن جعل الخيرة للإمام.

وللتفصيل بعد الإجمال لمزيد الإيضاح: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} بعد قوله: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} .

والإضراب للفت النظر: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} ولمطلق الجمع كالواو؛ لبيان أن أي شيء يتحقق فهو مفيد: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} .

وبمعنى "إلا" الاستثنائية.. أو "إلى" الغائية؛ كما في قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} . والفرق بينهما أن التي بمعنى الغاية تقدر بمعنى "إلى"، ويكون المضارع منصوبًا بـ"أن" مضمرة فيها، ويستمر العمل بالفعل حتى تتحقق الغاية، بخلاف التي بمعنى "إلا"؛ فقد لا يقع الفعل إن حصل المطلوب.

فمثلًا قول الشاعر:

وكنت إذا غمست فتاة قوم

كسرت كعوبها أو تستقيم

فإن كانت بمعنى الغاية؛ فالكسر مستمر إلى أن تتحقق الاستقامة وإن كانت بمعنى "إلا"، فقد لا يقع الكسر إن تحققت الاستقامة من أول الأمر.

وإذا وقعت "أو" بعد النهي وجب اجتناب الكل؛ لأنها في تلك الحالة نقيضة "أو" الإباحية: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} .

والأصل في "أو" أنها لعدم التشريك نقيض الواو؛ ولذا يعود الضمير في "أو" على واحد من قسميها؛ نحو: اضرب زيدًا أو عمرًا، فإن ضربته

ص: 264

أي: أحدهما.. وقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} فالتقدير: إن يكن الخصمان.

وقيل "أو" بمعنى "الواو"؛ لعود الضمير على كليهما.

- "أَوْلَى":

أي: قاربه ما يهلكه: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} .

- "إِي" بالكسر والسكون:

حرف جواب بمعنى "نعم" لتصديق الخبر، وإعلام المستخبر، ووعد الطالب. ولا تقع إلا قبل القسم وبعد الاستفهام:{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} .

- "أَيّ" بالفتح والتشديد:

شرطية: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} .

واستفهامية عما يميز أحد المشتركين: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا} .

وموصولة: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} .

ووصلة في النداء لما فيه "أل": {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} .

- "إِيَّا" بالكسر والتشديد:

ضمير يُضاف إلى ما بين المراد فيه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} ، {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ} .

- "أَيَّان":

يُستفهم بها عن الزمان والمكان المراد تفخيمهما: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} ، {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} .

وقيل: لا يُستفهم بها إلا عن الزمان المستقبل، أريد تفخيمه أولًا، وهو الصواب:{يَسْأَلونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} .

ص: 265

- "أين":

شرطية: ويُستفهم بها عن المكان الذي حل فيه، فإن دخلت عليها "من" كان الاستفهام بها عن المكان الذي برز منه:{أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ} .

- "الباء":

حرف جر له معانٍ أشهرها:

الإلصاق: وهو تعلق أحد المعنيين بالآخر حقيقة؛ نحو: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُم} .. أو مجازًا؛ نحو: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} .

وتأتي للتعدية: كالهمزة {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} .

وللاستعانة: وهي الداخلة على آلة الفعل {بِسْمِ اللَّهِ} .

والتسبب والتعليل إذا كان مدخولها كذلك {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} .

وبمعنى "مع": لبيان المصاحبة وعدم المفارقة: {اهْبِطْ بِسَلامٍ} .

وللظرفية: لبيان الاستقرار زمانًا: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر} .. أو مكانًا: {نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} .

وللاستعلاء: لبيان الرفعة في المكانة: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} .

وللمجاوزة: لبيان الشمول: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} .

وللغاية: لبيان الشعور بأنه المقصود: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} .

وللمعاوضة: لبيان الفضل؛ لأن المعطي يُعطي تفضلًا: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .

وللتوكيد: لبيان مزيد الاتصال، وأنه ليس كغيره:{كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} .

ص: 266

- "بل":

إن تلاها جملة فهي للإضراب.. إما الإبطالي؛ أي: إبطال ما قبلها وإثبات ما بعهدها: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} .

وإما للإضراب الانتقالي.. ومعناه: إبقاء ما قبلها على ما هو عليه، وإثبات ما بعدها؛ نحو:{وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ، بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا} .

- "بلى":

إما أن تقع ردًّا لنفي سبقها؛ كقوله: {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى} ، فقد ردت النفي السابق وأثبتت نقيضه.

وإما أن تقع جوابًا لاستفهام دخل على النفي فتفيد إثبات ما نفي: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ، بَلَى قَادِرِينَ} .

- "بئس":

فعل لإنشاء الذم: {فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} .

- "بين":

موضوعة للخلل بين الشيئين: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} .

وهي ظرف.. ولا تستعمل إلا فيما فيه مسافة أو له عدد ولو حُكْمًا: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} ، ويجب تَكْرَارُها إذا أضيفت إلى ما يقتضي الوَحْدَة والمقابلة:{فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا} .

- "التاء":

حرف جر معناه القسم بالله.. ويفيد معنى التعجب: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} .

ص: 267

- "تبارك":

فعل لا يُستعمل إلا ماضيًا، ولا يسند إلا لله:{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} .

- "ثُمَّ":

حرف يفيد في الأرجح ثلاثة أمور: التشريك، والترتيب -إما الزماني أو الذكري- والتراخي:{ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .

- "ثَمَّ" بفتح الثاء:

اسم يُشار به إلى المكان البعيد: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} .

- "جعل":

لفظ عام في الأفعال كلها.. يرد بمعنى أوجد: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} .

وأوجد من: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} .

وبمعنى التصيير: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} .

وفي الحكم بشيء على شيء حقًّا: {وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين} أو باطلًا: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} .

وبمعنى "صار"؛ قال الشاعر:

فقد جعلت قلوص بني سهيل

من الأكوار مرتعها قريب

- "حاشى":

اسم في الراجح معناه التنزيه "حاشى لله".

وقال الفارسي: هو فعل من الحشاه وهو الناحية؛ أي: صار في ناحية والمقابل في ناحية أخرى.

ص: 268

- "حتى":

حرف لانتهاء الغاية.. تختلف عن "إلى" في أنها لا تجر إلا الظاهر، والفعل بعدها ينقضي شيئًا فشيئًا، ولا يقابل بها الابتداء، ولا تجر إلا الآخر المسبوق بذي أجزاء والملاقي له:{سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} .

وهى إما بمعنى "إلى"؛ نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} .. أو بمعنى "كي"؛ لإرادة الاستمرار في المطلوب، وأنه علة يحرص على تحققها:{لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} .. أو بمعنى "إلا" الاستثنانية؛ لبيان الابتداء بما بعد حتى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} .

ولو عدل إلى أداة الاستثناء لأمكن أن يكون هذا القول بعد التعلم.

وتدخل الغاية في كل من "إلى" و"حتى" أو لا تدخل إن قام الدليل على ذلك.

فإن لم يوجد دليل على دخول الغاية أو عدم دخولها، فالمختار دخولها في "حتى" وعدم دخولها مع "إلى".

- "حيث":

ظرف مكان تُستعمل للزمان أيضًا: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} .

- "دون":

ظرف مكان نقيض فوق ولو حكمًا: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِك} .

وترد اسما بمعنى غير: {اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} .

وقيل: تُستعمل في أدنى مكان من الشيء، ولتفاوت الحال، ولتجاوز الحد.

ص: 269

{لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: لا تجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية غيرهم.

- "ذو":

اسم بمعنى صاحب، وضع للتوصل إلى وصف الذوات بأسماء الأجناس، كما أن الذي أوضعت صلة إلى وصف المعارف بالجمل:{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} . وكثيرًا ما تقال في المتبوع وصاحب على التابع.

والإضافة في "ذو" أشرف من الإضافة في "صاحب"، قال تعالى عن يونس:{وَذَا النُّونِ} .. وهذا في معرض الثناء.

وفي معرض ما ظاهره اللوم قال: {وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} .

- "رُب":

للتقليل أو للتكثير أو للإثبات.. ويعرف التقليل والتكثير بقرائن أخرى.

أو هي لإبهام العدد؛ نحو: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} .

- "السين":

حرف يختص بالفعل المضارع، ويخلصه للاستقبال بعد صلاحية الفعل للحال وللاستقبال، ويشتم منه رائحة التوكيد.

وقيل: قد يفيد الاستمرار؛ كما في قوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} لأن الآية نزلت بعد قولهم: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} .

- "سوف":

أكثر توسعًا من "السين"، وأغلب استعمالها في الوعيد، و"السين" في الوعد:{أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} ، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلالُ} .

ص: 270

وقد تستعمل في الوعد، و"السين" في الوعيد؛ نحو:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} .

- "سواء":

ترد بمعنى مستوٍ: {أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} .

وإذا كسرت واوها أو سينها قصرت كما في هذا المثال.. وإذا فتحت مدت؛ كما في قوله: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} .

وترد بمعنى الوسط؛ كما في قوله: {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} .

وبمعنى التمام؛ كما في قوله: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} .

- "سبحان":

معناه التنزيه.. ويضاف للمفرد الظاهر أو الضمير: {سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} .

- "ظن":

أصله للاعتقاد الراجح، وقد يرد بمعنى اليقين وبمعنى الشك وبمعنى الكذب، ويترجح إلى اليقين بورود الوعد عليه وبدخوله على "أن" المشددة التي هي للتوكيد.

ويقل احتمال اليقين فيه إن كان عليه وعيد وبعده "أن" المخففة: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} ، {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} .

فإذا اتصلت "أن" بالاسم، فهو لليقين مع تخفيفها:{وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} .

فإن زادت البراهين على عدم صدق الظن كان كذبًا؛ كما في قوله: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} .

ص: 271

- "على":

للاستعلاء الحسي: {وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} .. أو المعنوي: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} .

وترد للمصاحبة؛ وذلك لبيان الإيثار والتفضل: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ} ، {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} .

وآثر التعبير بـ"على"؛ ليبين غلبة المغفرة لظلم الناس، وكأنه من باب:"سبقت رحمتي غضبي".

وفي إيتاء المال على حبه؛ لاستعلاء المنفق وسيطرته على ما في الإنسان من حرص.

وترد "على" بمعنى "من" الابتدائية؛ لبيان السيطرة؛ نحو: {عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} .

والتعليل؛ نحو: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} .

والسر في اختيارها على "اللام"؛ لأن تعظيم الله يجب أن يكون أعلى وفوق كل شيء.

وترد للظرف؛ نحو: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ} لأن دخوله كان فيه غلبة لهم؛ إذ لو تيقظوا لمنعوه من الدخول.

وترد بمعنى "الباء"؛ لبيان الخضوع: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ} .

وترد للتوكيد: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} .

وللإسناد والإضافة: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} .

والسر في "على" هذا لبيان أن الله يتكفل بعبده في كل شيء؛ كأنه ألزم نفسه تفضلًا بذلك.

ص: 272

وكل "على" تُسند إلى الله فهي من باب التفضل الذي أخبر به؛ لأنه لا يلزمه غيره بشيء.

وترد "على" فعلًا ماضيًا بمعنى "طغى": {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ} .. وترد اسمًا إن كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد؛ نحو: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} .

- "عن":

أشهر معانيها المجاوزة التى هي الابتعاد: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} .

وترد بمعنى البدل: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} لأن دعوى ذلك فيه تجاوز للحق.

وللتعليل: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} لأنهم يعدون الترك من أجل نصحه تجاوز عن الحد.

وبمعنى "على"؛ نحو: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} لأن البخيل يبتعد ببخله عن رعاية مصالحه.

وبمعنى "من"؛ نحو: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} لتضمن القبول معنى العفو الذي هو التجاوز عن الذنوب ومحوها وترك المؤاخذة عليها.

وبمعنى "بعد": {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} أي: متجاوزين مبتعدين في كل حالة من أحوالهم من الصواب.

- "عسى":

ومعناها: الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} .

ص: 273

وللقرب: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} .

وإذا وردت خبرًا أفردت.. وإن وردت استفهامًا جمعت، ومعناها أخبرتم:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} .

قيل: كل "عسى" في القرآن واجبة الوقوع.

ولها جانبان: ما يتعلق بالله، وسبيله القطع، وما يتعلق بالعباد، وسبيله الظن.

من أجل ذلك هي من الله للقطع، ومن العباد للرجاء حتى لا يفارقهم الخوف.

وهل "عسى" فعل ماضٍ في اللفظ والمعنى، أو هى ماضٍ في اللفظ، مستقبل في المعنى؟ وقيل: بكل.

- "عند":

ظرف مكان، تستعمل في الحضور والقرب حسيين:{فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} ، {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} .. أو معنويين: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} ، {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} .

ويساويها في الحضور والقرب "لدى" و"لدن"؛ قال تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} ، {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} .

وتختص "لدن" بأنها لا تقع إلا في ابتداء الغاية، ولا تكون فضلة يُستغنى عنها، ولم تقع في القرآن إلا مجرورة بـ"من".

و"لدن" أخص من "عند" وأبلغ؛ لأنها تدل على ابتداء نهاية الفعل.

وتختص "عند" بأنها تكون ظرفًا للأعيان والمعاني، وتستعمل للحاضر والغائب.

ص: 274

وتختص "لدى" بأنها لا تُستعمل إلا في الحاضر، ويمتنع دخول "من" عليها.

- "غير":

اسم ملازم للإضافة والإبهام، ولا تتعرف إلا إذا وقعت بين ضدين:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .. وتوصف بها النكرة: {نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} .

ومن معانيها: أنها إما للنفي المجرد: {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} .

وإما بمعنى "إلا"؛ نحو: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} .

وإما لنفي الصورة من غير مادتها: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} .

وإما متناولًا للذات؛ أي: إثبات نقيض ما بعدها؛ نحو: {بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أي: تقولون الباطل.

- "الفاء":

عاطفة وتفيد الترتيب المعنوي؛ نحو: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} ، أو التفصيلي بعد الإجمال:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا} .

وتفيد التعقيب أيضًا بحسب المقام، فقد يكون هناك تراخٍ وقد لا يكون؛ قال تعالى:{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} أي: فجعله بعد مدة، وقال:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} .

وتفيد التسبب؛ قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} .

وقد تفيد التسبب من غير أن تكون عاطفة؛ كما في قوله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ} لاختلاف الجملتين خبرًا أو إنشاء.

ص: 275

وقد ترد "الفاء" لربط الجواب أو شبهه بالشرط أو شبهه، فبدونها لا يصلح الارتباط؛ قال تعالى:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فهذه الآية لربط شبه الجواب بشبه الشرط.

وقد ترد للاستئناف؛ نحو: {كُنْ فَيَكُونُ} بالرفع.

- "في":

أشهر معانيها الظرفية مكانًا وزمانًا.. حقيقة؛ كما في قوله: {غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ} .. أو مجازًا: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ} .

وترد للمصاحبة، وسر العدول إليها الاستيلاء كما يستولي الظرف على المظروف بحلوله فيه؛ قال تعالى:{ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} .

وللتعليل بقصد الانحصار: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} .

وللاستعلاء بقصد التضيق: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} .

وبمعنى "الباء": {يَذْرَأُكُمْ فِيهِ} أي: بسببه.. وعدل للاستقرار.

وبمعنى "إلى" لبيان أقصى ما يملكون: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} . فمن شدة غيظهم خبئوا أيديهم في أفواههم.

وبمعنى "من": {وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} لأنه مستقر فيهم.

وبمعنى "عن": {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} لإرادة تجرده من النعم في الآخرة.

وللمقايسة، وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق لإرادة إظهار

ص: 276

القلة في جانب الكثرة: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} .

وللتوكيد: {ارْكَبُوا فِيهَا} .

- "قد":

حرف يختص بالفعل المتصرف الخبري المثبت المجرد من ناصب وجازم، فإن دخلت على الماضي فهي إما للتحقيق، أو لتقريبه من الحال.

وإن دخلت على المضارع، فهي إما لتقليل الوقوع، أو لتقليل المتعلق، أو للتكثير.

وقد ترد لتوقع ما دخلت عليه؛ قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} لأنها تتوقع أن يفتيها الله.

- "الكاف":

أشهر معانيها التشبيه: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ} .

وللتعليل: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا} أي: لأجل إرسالنا.

وعدل إليها حتى لا يتكرر مع سابقه من قوله: {وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} ولإلحاقه به في شبه العلة.

وترد للتوكيد؛ نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .

وقد زيدت هنا للتوكيد؛ لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة مرة أخرى؛ كأنه كررها.

وقد جمع بين "الكاف" والمثل لتأكيد النفي؛ تنبيهًا على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف، فنفى بليس الأمرين جميعًا.

وأوضح من ذلك أن يقال: المراد بالمثل: الذات أو الصفات، على نحو قوله:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} .

ص: 277

- "كاد":

معناها: قارب، ونفيها نفي للمقاربة، وإثباتها إثبات لها:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} ، {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} .

وقيل عكس ذلك.. فنفيها إثبات وإثباتها نفي.. ولا يأتي منها فعل الأمر.

واستُدل للمذهب الثاني بقوله: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} وقد فعلوا.

وقوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} ولم يفتنوه.

وتفيد الدلالة على وقوع العمل بعسر.

وقيل: نفيها في الماضي إثبات، وفي المضارع نفي.

والمختار أنها كغيرها.. نفيها نفي وإثباتها إثبات، ويجب التأمل فيما صاحبها من القرائن.

وترد "كاد" بمعنى "أراد": {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} .

- "كان":

أصلها للفعل الماضي المنقطع: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} .

وقد يراد بها الدوام أزلًا وأبدًا: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} وذلك لبيان قد الصفات، وأنها لا تحدث بحدوث متعلقها.

فالله غفور قبل وجود المغفور له.. والأفعال المسندة إلى الله تدل على الحدث، وهي مجردة عن الزمان.

وترد "كان" للحال لبيان خصوصية المذكورين.. كالصحابة في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} .

وتأتي للمستقبل لبيان الإعداد له منذ الأزل: {يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} .

وترد بمعنى "صار": {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} .

ص: 278

وبمعنى "ينبغي": {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} .

وبمعنى "حفر": {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} .

وسر العدول إليها في هذه المواضع الثلاثة؛ لبيان أن كفر إبليس معلوم من قبل أن يظهره، وأن قدرة الخلق على الإثبات معدومة، وأن المعسر يمهل إن كان صادقًا في إعساره غير متظاهر به في الحال وهو يخفي يساره.

وترد للتوكيد: {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ليبين أنه لا يعلم إلا ما شهده منهم.

- "كأن":

للتشبيه القوي الذي لا يكاد أن يفرق فيه بين المشبه والمشبه به: {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} .

وترد للظن والشك فيما إذا كان خبرها مشتقا: {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} .

- "كأين":

اسم مركب من "كاف" التشبيه، و"أي" المنونة للتكثير في العدد:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} .

- "كل":

اسم موضوع لاستغراق أفراد المذكور المضاف هو إليه؛ نحو: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} .

فإن أضيفت إلى المفرد المعرف استغرقت الأجزاء: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} .

ص: 279

وإن أضيفت إلى غيره استغرقت الأفراد: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} .

وترد باعتبار ما قبلها وما بعدها على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن تكون نعتًا لنكرة أو معرفة، فتدل على كماله. وتجب إضافتها إلى اسم ظاهر يماثله لفظًا ومعنى؛ نحو:{وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} أي: بسطًا كل البسط.. أي: تامًّا.. {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} .

ويفهم من هذا التجاوز عن البسط والميل المقبولين شرعًا، واللذين هما في قدرة البشر.

ثانيها: أن تكون لتوكيد المعرفة، ففائدتها العموم.. وتجب إضافتها إلى ضمير راجع للمؤكد؛ نحو:{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} .

ثالثها: ألا تكون تابعة؛ بل تالية للعوامل. فبحسب موقعها ترفع أو تنصب أو تجر.

وحيث أضيفت إلى منكر وجب في ضميرها مراعاة معناها: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} .

فإن أضيفت إلى معرف جاز مراعاة لفظها في الإفراد والتذكير، ومراعاة معناها:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} .

وحيث وقعت في حيز النفي بأن تقدمت عليها أداته، أو الفعل المنفي، فالنفي يُوجه إلى الشمول خاصة، ويفيد بمفهومه إثبات الفعل لبعض الأفراد، ما لم يدل دليل خارجي يعارض المفهوم؛ كما في قوله:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} فقد قام الدليل على تحريم كل واحد منهما.

ص: 280

وإن وقع النفي في حيزها فهو موجه إلى كل فرد.

- "كلا":

للردع والزجر في الغالب.. ويجب الوقف عليها.. فإن ابتدأت بها كانت بمعنى "حقا" أو بمعنى "ألا" بالفتح والتخفيف.

أو حرف جواب بمعنى "نعم"، والظاهر أنها كلمة واحدة.

وقيل: هي مركبة من "كاف" التشبيه، و"لا" النافية، وضعفت لتقوية التشبيه.

وقيل: هي مصدر "كلا" إذا عجز وثقل، وقيل: معناها "سوف": {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} .

- "كم":

اسم مبهم مفتقر إلى التمييز..

وهي إما استفهامية: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} ؟.. أو خبرية بمعنى "كثير".. وتستعمل في مقام المباهاة: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ} .

- "كي":

حرف للتعليل: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} .

- "كيف":

اسم شرط جوابه محذوف: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} .. ويستفهم بها في الحال {كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} ؟.

وكلما أخبر الله بلفظ "كيف" عن نفسه، فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب.. أو التوبيخ:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} .

- "اللام":

أربعة أقسام: جارة، وناصبة، وجازمة، ومهملة غير عاملة..

ص: 281

فالجارة مكسورة على الظاهر وياء المتكلم، ومفتوحة فيما عدا هذين.

ومن أشهر معانيها الاستحقاق؛ وهي الواقعة بين ذات ومعنى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} .

والملك: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} .

والاستحقاق أعم من الاختصاص والتملك.. ويليه الملك.. ثم الاختصاص.

وترد للتعليل: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} أي: من أجل حبه للمال بخيل.

و"اللام" أصل في التعليل.. فيقال: لـ، ولأجل.

وتأتي موافقة لـ"إلى" وبمعناها: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} أي: إليها.. والسر أنه أوحى لأجل أن تشهد على بني آدم بما فعلوه على ظهرها.

وبمعنى الاستعلاء: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} لأن التواضع لا استعلاء فيه.

وبمعنى "في" لبيان العلة: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} .

ولم يقل "في" لبيان العدل الذي من أجله كانت القيامة.

وبمعنى "عند" كقراء الجحدري: "بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَا جَاءَهُمْ" بتخفيف الميم.. أي: عند مجيئه.. وعدل إليها ليبين وصفهم في تكذيبهم لوجود ما يستدعي التصديق والانقياد.

وبمعنى "بعد": {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} وعدل إليها ليؤدي المغرب في أول وقته.. فإن الدلوك ميل الشمس إلى الغروب، والبعدية يمكن أن تمتد فيقع المغرب في وقت العشاء.

وبمعنى "عن": {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} أي: قالوا عنهم ذلك في غيبة المؤمنين.

ص: 282

وما من أجله قبل ذلك القول؛ وهو إيمان المؤمنين.

أما الناصية، فهي لام التعليل:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} .

وأما الجازمة، فهي لام الطلب:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} .

ويستوي أن يكون الطلب من الله أو من العبد: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} أو كان للتهديد: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} .

وأكثر ما تجزم فعل الغائب، ثم فعل الخطاب.. وبقلة فعل المتكلم:{فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ} ، {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} .

وأما غير العاملة، فهي ثلاثة أقسام:

1-

لام الابتداء: وفائدتها توكيد مضمون الجملة، وتخليص المضارع للحال:{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} .

2-

لام الجواب: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} ، {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} .

3-

اللام المؤطئة: وهي الداخلة على أداة شرط للإيذان بقسم محذوف: {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ} .

- "لا":

إما نافية تعمل عمل "إن"؛ فتنفي الجنس بالتنصيص على نفي كل فرد: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} .

أو تعمل عمل "ليس"؛ فلا يراد بها التنصيص على كل فرد؛ بل يراد النفي في الجملة: {وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ} بالرفع.

وإما ناهية يطلب بها الترك؛ فتختص بالمضارع وتخلصه للاستقبال: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} .

ص: 283

وإما زائدة للتوكيد بمنزلة إعادة الجملة مرة أخرى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} .

واختلف في "اللام" من قوله: {لا أُقْسِمُ} فقيل: زائدة، وفائدتها مع التوكيد التمهيد لنفي الجواب، والتقدير: أقسم بيوم القيامة، لا يتركون سدى.

وقيل: هي نافية لما تقدم عندهم من إنكار البعث والابتداء بـ"أقسم".. وصح ذلك لأن القرآن كله كالسورة الواحدة.

ألا ترى أنه قد يأتي بسؤال ويجيب عنه في سورة أخرى؛ كما في قوله من سورة الحجر: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} .

وجوابه ما ذكر في سورة القلم: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} .

وقيل: منفيها "أقسم" على أنه إخبار لا إنشاء. والمعنى في ذلك: أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظامًا له؛ كقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} .

فكأنه قيل: إن إعظامه بالإقسام به كل إعظام؛ أي: أنه يستحق إعظامًا فوق ذلك.

وترد "لا" اسما بمعنى "غير"؛ كقوله: {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} .

- "لات":

قيل: فعل بمعنى "نقص"، وقيل: هي مقلوبة عن "ليس"، وقيل: هي لا النافية، "والتاء" فيها للتأنيث.. وقيل: بل "التاء" زائدة.. وتعمل عمل "إن" عند قوم.. وعمل "ليس" عند آخرين.. ولا تعمل عند جماعة، وما بعدها مفعول لفاعل يناسبه.

ص: 284

وقيل: هي حرف جر، ولا يذكر معها إلا أحد معموليها:{فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} .

- "لا جرم":

قيل: "لا" نافية أو زائدة، و"جرم" بمعنى حقًّا أو كسب.. وقيل: هي مركبة، ومعناها: لا بد أو حقًّا.. وموضع ما بعدها حسب ما يقدر من معانيها.

- "لكنَّ" بالتشديد:

للاستدراك.. ومعناه: إثبات لما بعدها حكمًا مناقضًا لما ثبت قبلها: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} .

وقيل: هي للاستدراك ورفع التوهم، وأصلها مخففة، وبعدها "إن"، فخذفت الهمزة لالتقاء الساكنين.

أما "لكنْ" المخففة فللاستدراك أيضًا.

وقد تُسبق بحرف العطف: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .

وقد تكون "و" العاطفة إن تلاها مفرد: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ} .

- "لعل":

أشهر معانيها: التوقع والتوكيد لذلك.

ومعنى التوقع: الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} .

وترد للتعليل لاستبعاد الوقوع: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} .

ص: 285

وترد للاستفهام: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} . وعدل عنه لكون التزكية من الله، وأن الحرص على هداية المدعويين من مهمات الدعاة.

وللتشبيه: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} .

- "لم":

حرف نفي وجزم يقلب المضارع ماضيًا: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} .

- "فلما":

وهي على أوجه:

حرف وجود لوجود: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ} .

وقيل: هى ظرف زمان.

وترد بمعنى "إلا": {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} .. وحرف إثبات؛ لأنها مركبة من "لم" و"ما"، ونفي النفي إثبات.

وتفترق عن "لم" في أنها لا يدخل عليها أداة الشرط، وأن منفيها آكد وقريب من الحال، ويتوقع حصوله، ويجوز الوقف عليها.

- "لن":

قيل: النفي بها أبلغ من النفي بـ"لا"، وهى لنفي ما يستقبل.

وادعى الزمخشري وابن عطية أنها تفيد التأبيد.

ورُد بأن التأقيت يأباه؛ كما في قوله: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} .

وإنما يستفاد التأبيد من قرائن خارجية؛ كقوله: {لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ} .

والمختار أنها لنفي ما قرب، و"لا" لنفي ما هو ممتد، قال لموسى:{لَنْ تَرَانِي}

ص: 286

وقال تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} إذ الألف يمد الصوت بها، فكانت أوسع من "لن".

وقد ترد للدعاء: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} .

- "لو":

حرف شرط في المعنى، يصرف المضارع إليه بعكس "إن" الشرطية، فإنها تجعل الماضي مستقبلًا.

واختلف في إفادتها الإقناع، وكيفية إفادتها إياه على أقوال:

أحدهما: أنها لا تفيده بوجه ولا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع الجواب؛ بل هي لمجرد ربط الجواب بالشرط، دالة على التعليق في الماضي.

ثانيًا: أنها حرف لما كان سيقع لوقوع غيره في الماضي، والمتوقع لم يقع.

ثالثًا: أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط.

واعترض بأن هذا -وإن صح في بعض الأمثلة- لم يصح إجراؤه في قول الله: {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا} فإنه يدل على امتناع توليهم لامتناع أسماعهم. وإذا كان كذلك فامتناع التولي في حال الإسماع من باب أولى.

رابعًا: حرف يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه من غير تعرض لنفي التالي.

والصواب: أن "لو" حرف وُضع للملازمة بين أمرين، فالأول ملزوم والثاني لازم.. وكل منهما إما مثبت وإما منفي، فصارت الأقسام أربعة.

فمثال المثبتين: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} .

ص: 287

ومثال المنفيين في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن بنت أبى سلمة: "لو لم تكن ربيبتي لما حلت لي؛ لأنها بنت أخي من الرضاعة".

ومثال الملزوم الثابت واللازم المنفي قوله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} .

ومثال الملزوم المنفي واللازم المثبت قوله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم".

وأعني بالمثبت والمنفي ما هو في الصورة واللفظ، لا ما هو في الحقيقة، والمعنى: فإن من حولها إن كان مثبتًا في الصورة منفيًّا في الحقيقة، وإن كان منفيًّا في الصورة كان مثبتًا في المعنى.

كذا قيل في مقتضاها.

وعليه: فالحكم إما نفي الأول لنفي الثاني؛ لأن الأول ملزوم، والثاني لازم، والملزوم عدم عند لازمه.

وأما تحقق الثاني لتحقق الأول؛ لأن تحقق الملزوم يستلزم تحقق لازمه.

قيل: كل شيء من القرآن فيه "لو" لا يكون.

وتختص "لو" بالدخول على الفعل الظاهر أو المقدر.

وإذا تلاها الفعل كان المقصود مجرد التعليق؛ نحو: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأسْمَعَهُمْ} .

وإذا وليها الاسم كان المقصود التعليق واختصاص الاسم بذلك؛ نحو: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} . فالمقصود بعد التعليق اختصاص المذكورين بالبخل.

ص: 288

وإذا وليها "أن" المؤكدة كان المقصود زيادة على ذكر التوكيد، وأنه قد فوت على نفسه ما كان حقه أن يفعل؛ نحو:{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} .

فالمقصود التعليق وتوكيد الاختصاص ولومهم على ترك الصبر..

وقد ترد "لو" شرطية في المستقبل إن صلح مكانها "إن" الشرطية؛ نحو: {وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} .

وترد مصدرية إن صلح مكانها "أن" المصدرية؛ نحو: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي} أي: الافتداء.

وترد للتمني إن صلح مكانها "ليت"؛ نحو: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ} .. وللتقليل؛ نحو: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} .

وعدل إليها في هذه المواضع؛ لبيان الندرة والإقناع.

- "لولا":

حرف امتناع لوجود: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} .. وترد للتخصيص والعرض في المضارع لفظًا ومعنى، أو معنى فقط:{لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} .

وعدل إليها لبيان امتناع ذلك.

وقد ترد للتوبيخ؛ نحو: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} .

وللنفي، كذا قيل في قوله:{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} .

وكل هذا يمكن أن يدخل في العرض والتحضيض.

- "لوما":

لم ترد إلا للتحضيض: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .

ص: 289

- "ليت":

معناها التمني.. ويشتم التوكيد معه: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} .

- "ليس":

لنفي مضمون الجملة في الحال، ونفي غيره بالقرينة:{أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} ، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} .

هذا في المستقبل لوجود القرائن.

- "ما":

إما اسمية أو حرفية.

والاسمية موصولة بمعنى "الذي"، ويستوي فيها المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.

وأكثر ما تستعمل في غير العقلاء، وفي العقلاء نحو:{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} ، ويعود الضمير عليها مراعاة للفظها، فيفرد.. أو لمعناها في غير المفرد فيُجمع:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ} .

أو استفهامية بمعني: أي شيء.. ويُسأل بها عن أعيان ما لا يعقل وأجناسه وصفاته، وأجناس العقلاء وأنواعهم وصفاتهم:{مَا لَوْنُهَا} ؟

ولا يُسأل بها عن أعيان أولي العقل في الراجح.

وقول فرعون: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ؟ جهل منه بذات الله؛ ولذا أُجيب بالصفات: {قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} .

وتُحذف ألفها إن سبقها جار: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} ؟

أو شرطية: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} .

ص: 290

أو تعجيبة: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} .

وقد ترد "ما" نكرة تامة؛ نحو: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} .

أو نكرة ناقصة؛ كما في قوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} .

أو نكرة موصوفة؛ نحو: {نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه} أي: نعم شيئًا يعظكم به.

والحرفية إما مصدرية زمنية: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} .. أو غير زمنية: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ} أي: بنسيانكم.

أو نافية تعمل عمل "ليس": {مَا هَذَا بَشَرًا} .

أو نافية غير عاملة، وهي لنفي الحال مع التوكيد:{وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} .

وقد ترد زائدة للتوكيد كافة لما قبلها عن العمل: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} .. أو غير كافة: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} .

وحيث وقعت "ما" قبل "ليس" أو "لم" أو "لا" أو بعد "إلا" فهي موصولة؛ نحو: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} .

وحيث وقعت بعد كاف التشبيه فهى مصدرية: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} .

وحيث وقعت بعد الباء فإنها تحتملها؛ نحو: {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} أي: بظلمهم الذي كان، أو بالظلم الذي كان.

وحيث وقعت بين فعلين سابقهما علم أو دراية أو نظر؛ احتمل أن تكون موصولة أو استفهامية؛ نحو: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ، {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} ، {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} .

وحيث وقعت في القرآن "إلا" فهي نافية إلا في مواضع:

ص: 291

1-

{وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} سورة البقرة.

2-

{فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} سورة البقرة.

3-

{وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} سورة النساء.

4-

{وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} سورة النساء.

5-

{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} سورة المائدة.

6-

{وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} سورة الأنعام.

7-

{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} سورة الأنعام.

8-

{مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} سورة هود.

9-

{مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} سورة هود.

10-

{فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ} سورة يوسف.

11-

{ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} سورة يوسف.

12-

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} سورة الحجر.

13-

{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} سورة الكهف.

- "ماذا":

على أوجه:

1-

"ما" استفهامية، و"ذا" موصولة.

2-

"ما" استفهامية، و "ذا" اسم إشارة.

ص: 292

3-

"ماذا":

كلها استفهام.

وقيل: هي اسم جنس بمعنى "شيء".. أو اسم موصول بمعنى "الذي".

وقيل: "ما" زائدة، و"ذا" للإشارة.

وقيل: "ذا" زائدة، و"ما" للاستفهام.

{وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} .

- "متى":

ترد للشرط والاستفهام عن الزمان: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} ؟

- "مع":

تدل على مطلق المقارنة. والقرائن هي التي تحدد نوع المقارنة هل فيها مماسة أو لا؛ قال تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} .

وقد يشار بها مع المقارنة إلى مكان الاقتران؛ كقوله: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} .. وإلى زمانه؛ نحو: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} .

فالمقارنة كانت في السجن وهو مكان، وفي الغد وهو زمان. ومعية الله لعبده المقارنة من غير كيفية. والمقطوع به أنه لا مماسة بينهما.

فمقارنة النصر في قوله: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} ، ومقارنة التوفيق والجزاء في قوله:{إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} ، وما تضاف إليه "مع" هو المعان.

- "مِن" بالكسر:

أشهر معانيها ابتداء الغاية؛ مكانية: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، أو زمانية:{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ} ، أو مطلقة:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} .. ومعنى ابتداء الغاية أن هذه الأفعال قد بدأت من أول ما ولي منه.

وللتبعيض، وهي التي يسد مسدها "بعض" لإرادة الجزء لا الكل؛ قال تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} .

وللتبيين والتفصيل بعد الإجمال؛ كقوله: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} .

ص: 293

وللتعليل: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ} . وسر العدول إليها أنها اختصار لأصل ما يُعلل به وهو: "من أجل".

وللفصل بين الضدين: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} .

وللبدل لإرادة أن المستبدل أقل بكثير من المستبدل به: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} ، فالدنيا المستبدلة قليلة بالنسبة للآخرة المستبدلة بها..

وللتنصيص على استغراق كل الأفراد؛ حتى لا يخرج فرد واحد من هذا العموم الشامل؛ كما في قوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} ؛ إذ لو قال: "وما إله الله" لكان أقل في التوكيد، ولا يحتج بكلمة التوحيد للفرق بين المنفي "بما" والمنفي "بلا" وهو الاستمرار.

وترد بمعنى "الباء": {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} . وعدل إليها لبيان حرصهم على التستر حتى لا يفضحوا.

وترد للاستعلاء لإرادة تمام العلو والتمكن: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} . وعدل إليها؛ كأن الله جرده منهم ثم مكنه من رقابهم.

وترد للظرف؛ كما في قوله: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} . وعدل إليها لأن صلاة الجمعة بعض من اليوم يستغرق أداؤها جزءًا منه.

وترد للمجاوزة: {قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} . وعدل إليها لأنه ابتداء غفلتهم، فأول ما غفلوا غفلتهم عن المسئولية والجزاء عليها؛ إذ لو تنبهوا لذلك وتيقظوا لبرئوا من الهول ونجوا منه.

وترد بمعنى "عند": {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} . وسر العدول إليها أن الجزاء منه وحده.

ص: 294

- "مَن" بالفتح:

لا ترد إلا اسمًا.. موصولة: {وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} أو شرطية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} أو نكرة موصوفة: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} أو استفهامية عن ذوات العقلاء: {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ، ويستوي فيها المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.

قيل: واختصاصها بالعقلاء "وما" بغير العقلاء؛ نظرًا لزيادة استعمال "ما" على "من" وهذا في الموصولة.

أما في الشرطية فلا اختصاص لأيهما؛ لأن الشرط يستدعي الفصل ولا يدخل على الاسم.

- "مهما":

اسم يعود الضمير بالتذكير عليها إن روعي لفظها وبالتأنيث إن روعي معناها، وهي لشرط ما لا يعقل غير الزمان:{مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا} .

- "النون":

حرف إن لم يكن ضميرًا فهي اسم كنون النسوة ونون المتكلمين.

والتنوين أنواع: تنوين التمكين اللاحق للأسماء المعربة، والتنكير اللاحق للمبني من الأفعال وأسمائها، وتنوين المقابلة في جمع المؤنث السالم، وتنوين العوض الذي يُستغنى به عن المضاف إليه.

- "نَعَم" بفتح النون والعين:

يُجاب بها عن الاستفهام الموجب: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} وهي لتصديق المخبر

ص: 295

- "هنا":

يُشار بها للمكان القريب، فإن وليتها "الكاف" كانت للمتوسط، وإن أعقبتها اللام والكاف كانت للبعيد، ويشار بها للزمان تجوزًا:{إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ، {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} .

- "هيت":

اسم فعل بمعنى أسرع وبادر: {قَالَتْ هَيْتَ لَكَ} .

- "هيهات":

اسم فعل بمعنى بعد: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} .

- الواو:

منها: الجارة؛ وهي واو القسم وتعتبر الأصل فيه، ويليها الباء ثم التاء:{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} .

ومنها: الناصبة، وتُسمى واو المعية، يستوي فيها أن يليها الاسم:{فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أو الفعل في جواب النفي أو الطلب: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} .

وواو الصرف التي تصرف الفعل إلى النصب؛ كما في قوله: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكَ الدِّمَاءَ" بالنصب.

ومنها: غير العاملة؛ كواو العطف التي هي لمطلق الجمع ولا تقتضي ترتيبًا: {أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} ، {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} ، {يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} . قد تليها بعض أحرف العطف كـ"إما" و"لا" و"لكن":{إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} .

وقد ترد بمعنى "أو"، وخرج مالك على ذلك قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ

} الآية.

ص: 297

ويشتم منها التعليل إن نصب الفعل بعدها.

ومنها "واو" الاستئناف: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} .. وواو الحال؛ وهي الداخلة على الجمل: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} .

- "ويكأن":

كلمة تندم وتعجب، والصواب أنها كلمة واحدة:{وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} .

- "ويل":

معناها التقبيح، وقد تقال للتحسر؛ نحو:{قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} .

- "الياء":

أصل أحرف النداء، فيُنادى بها البعيد، وقد تفيد توكيد ذلك ولا يُنادى "أيها" و"اسم الله" إلا بها، وقد يُنادى بها الاسم والحرف في الظاهر:{يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون} ، {أَلَّا يَسْجُدُوا} إذ التقدير: يا قوم اسجدوا.

ص: 298