الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الموضوع الثاني: النزول وما يتعلق به
أول ما نزل وآخر ما نزل
…
الموضوع الثاني: النزول وما يتعلق به
وفيه نقاط:
1-
أول ما نزل وآخر ما نزل:
اختلفوا في أول ما نزل؛ فعن عائشة وأبي موسى الأشعرى أنها {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} . وشاهد ذلك في الصحيحين1. وعن جابر بن عبد الله أنها "المدثر"، وروي أيضًا في البخاري2: وجمع بين هذين القولين بأن مراد جابر في أولية المدثر إما سورة كاملة، ولا دليل لهذا التأويل؛ لأنها لم تنزل كلها دَفْعَةً واحدة3، ومنهم من جعل ذلك من اجتهاده4.
قلت: وليكن القول الأول أيضًا من اجتهاد الرواة5.
ومنهم مَن أوَّله بأنه بعد انقطاع الوحي.
ويرد بأنهم عارضوا جابر بـ"اقرأ"، فقال للمعترضين: أحدثكم عن رسول الله وتحدثونني؟!!
ومنهم مَن جعل الأولية نسبية، كل يحدث بما يعلم، وهذا مسلم.
ومنهم مَن جعل أولية ما قاله جابر في الرسالة، و"اقرأ" في النبوة، وهذا مسلم أيضًا6.
ومنهم مَن جعل أولية ما قاله جابر فيما نزل بسبب؛ وهو ارتعاده صلى الله عليه وسلم، وما قالت عائشة فيما نزل بغير سبب7.
1 أخرجه البخاري، ك بدء الوحي.
2 البخاري في بدء الوحي 1/ 3، 4، وتفسير سورة المدثر 4/ 161-163، وتفسير سورة اقرأ 4/ 174، ومسلم في صحيحه 1/ 98، 99.
3 قلت: ما ادعاه بعض علماء القرآن من أن سورة المدثر نزلت بتمامها جملة واحدة لا يتلاءم مع ما ذكرناه في سبب نزولها؛ فإنها نزلت على أسباب متعددة ومتباعدة في الزمن، وقد نزل لكل سبب منها جملة من الآيات، فوق أن هذا القول يحتاج إلى دليل مثبت له.
4 التحقيق أن هذا القول من جابر بن عبد الله اجتهاد منه، وقد أخطأ في الاجتهاد.
5 قلت: القول الأول ليس بالاجتهاد؛ بل هو من مقولة النبي صلى الله عليه وسلم على ما عليه المحققون من علماء القرآن.
6 هذان الرأيان مسلمان عند المؤلف رحمه الله تعالى.
7 كل هذه تأويلات ذكرها الحافظ السيوطي وغيره، وهي تحتاج إلى دليل.
والقول الثالث: أن أول ما نزل سورة "الفاتحة".
وإذا وَازَنَّا بين هذه الأقوال الثلاثة لم نجد فيها حديثًا صحيحًا سالمًا من المعارضة، مقطوعًا برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعد عدم وجود النقل المطمئن -فيما نعلم- يكون الترجيح بالاستنباط، فالسنن الإلهية في آيات الكتاب كالسنن الكونية في الأرض والسماء، والثمرة تنبت من نواة بها خصائص الثمرة.
وسورة الفاتحة مشتملة على ما اشتمل عليه القرآن، فلا بُعْدَ أن تكون هي الأولى في النزول بمكة.. وآخر ما نزل بها "المؤمنون" أو "العنكبوت".
وأول ما نزل بالمدينة "ويل للمطففين".. وآخر ما نزل بها من السور الكاملة سورة التوبة.
وأول ما أعلن به سورة "النجم".
وأعلم أنه ما من قول قيل في أول النزول وآخره إلا عورض بقول آخر، مما يؤكد أن هذه الأقوال بُنيت على الاجتهاد وليس فيها توقيف صحيح.
وأقرب الأقوال في آخر القرآن نزولًا {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} .