الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إتهام المالكي الشيخ بتكفير المسلمين
ثم قال المالكي في نقضه ص8،9:
7 -
ثم يواصل ص11: (لم يريدوا أن الله هو الخالق الرازق المدبر فإنهم يعلمون أن ذلك لله وحده كما قدمت لك، وإنا يعنون بالله ما يعني المشركون في زماننا بلفظ السيد!!).
أقول: هذا أيضاً فيه تكفير صريح للمسلمين في زمانه ثم ليس صحيحاً ما ذكره من أن المشركين يعلمون أن الله هو الخالق والرازق، فهذا متحقق في بعض الكفار لا كلهم فالدهريون لا يؤمنون بهذا وكذلك فرعون ادعى الربوبية والنمروذ ادعى أنه يحيي ويميت.
الجواب: المالكي الضال يترك الكلام الذي يبيّن مراد الشيخ فيسقطه فإن الشيخ قال قبل ذلك:
(عرفت حينئذ التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأبى عن الإقرار به المشركون، وهذا التوحيد هو معنى قولك: (لا إله إلا الله) فإن الإله عندهم هو الذي يُقصد لأجل هذه الأمور، سواء كان ملكاً أو نبياً أو ولياً أو شجرة أو قبراً أو جنياً، ثم قال: لم يريدوا أن الإله هو الخالق، إلى لفظ السيد.
والشيخ قال: لم يريدوا أن الإله والمالكي أبدلها كما ترى باسم (الله) وهذا يُفسد كلام الشيخ ويُشوّشه، وهذا مراد هذا الماكر لأن اسم الإله في هذه العبارة مرتبط بقوله: فإن الإله عندهم هو الذي يُقصد لأجل هذه الأمور، كذلك أبدل قول الشيخ: وإنا يعنون بالإله، أبدل اسم الإله باسم الله.
والشيخ هنا يبين أن الكفر ملة واحدة وإن اختلف الأسماء والعبارات، فالذي تسميه كفار قريش الإله هو الذي يُطلق عليه هؤلاء لفظ السيد، لأن الكلام ليس على المسمَّيات وإنما على المعاني.
والشيخ علم أن طلْبة هؤلاء من السيد وصاحب السّر هي طلبة قريش من آلهتها، وهو التقرب إلى الله بالوسائط مع الفارق أن قريشاً تجعل هذه الآلهة الباطلة بينها وبين الله في طلب الرزق والنصر في الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث لكن هذا كفر مستقل لا يَرِد على كلام الشيخ، لأن كلامه في تقرير مسألة واحدة وهي اتخاذ الوسائط بين العباد وربهم وأنها وإن اختلفت صفاتها وأسماؤها فالجامع لذلك هو التشريك بالتألّه الذي هو محض حق الإله الحق، وسواء عمل العبد معه أي عمل أولم يعمل فهو وحده هادم لكل بناء يقوم عليه من مباني العبادة.
وسِرّ هذا التشريك في توجّه القلب الموجب انقسام خالص الحب والخوف والرجاء الذي هو لله وحده لا يقبل فيه التقسيم
والشركة، لأنه تنقّص له سبحانه وكأن لا يعلم أمور عباده حتى يُعَلّم، وكأنه لا يرحم حتى تَسْتدعي الوسائط رحمته وكأنه بخيل حتى يُسْتدعى كرمه وجوده، وكأنه عاجز غير قادر حتى يُعان، هذا كله وغيره من مفاسد الشرك، ولذلك أحبط عمل من تدنّس به وأوجب له الخلود في النار لشدة غضبه على فاعله.
والشرك تَعَدٍّ بالمخلوق عن طوره ورفع له فوق مقامه وتخيّل أمور فيه ويقدر عليها وليست على الحقيقة فيه ولا يقدر عليها.
إن ارتفاع المخلوق وعزّه وشرفه بقدر إخلاص عبوديته لربه بمتابعة رسله، ومهما بلغ من الرفعة في هذا المقام فإنه لا يتغيّر شيء في ذاته من جهة التأثير في غيره ولا في نفسه، فيستوي هو وأدنى الخلق ولو قلت: وأكفرهم فهو أيضاً صحيح ـ في مقام العجز عن القدرة المؤثرة في الوجود بخلاف الوسيط عند المخلوق كالملوك ونحوهم فتتخذ الوسائط بينهم وبين الناس لِتَخلُّف الأربع المتقدمة وغيرها عنهم وهي العلم الشامل، والرحمة التامة، والكرم والجود، والقدرة وغير ذلك من نقص المخلوق.
فالمشرك مُشَبِّه لربه بخلقه وعبيده باتخاذ الوسائط، مما يوجب له رفع عبيده الذين أشركهم به إلى مقامه في قلبه، ويظهر أثر ذلك في عبادته لهذه الوسائط وتأليهها، ومهما عَبَدَ الله فلا يقبل منه لأنه ما قدره حق قدره بصرفه خالص حقه إلى مملوكه نتيجة اعتقاد فاسد في
هذا المملوك أوجب هذا التشريك.
وهنا يجعل المالكي الشيخ محمداً مكفِّراً للمسلمين وتقدم زعمه أن الشيخ محمد يقاتل المسلمين.
وتقدم أيضاً مثل عبارته هذه أن تكفير الشيخ صريح لعلماء المسلمين، وفي مواضع يرمي الشيخ بهذه الدّواهي قطع الله دابره. {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} .
أما كوْنه ليس كل المشركين يعلمون أن الله هو الخالق الرازق فهذا لا يَرِدُ على الشيخ لأنه لم يقل كلهم يعلمون ذلك وإنا كلامه في كفار قريش الذين يعلمونه كما أن غالب أهل الشرك يعلمونه.
وأيضاً مراد الشيخ عدم الاغترار ربما يُقرُّ به أهل الشرك من الربوبية فليس يدخلهم في الإسلام.
وليس مجال كلام الشيخ عن طوائف المشركين واختلافهم وإنا يُعالج مسألة واحدة هنا وهي مقارنة أهل وقته بمن كفّرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم.
فالدهرية وفرعون والنمروذ يعلم الشيخ أن هؤلاء أكفر من المشركين لكن لا صلة لهم ببحثه هنا، فهؤلاء معطلة، وكلام الشيخ في المشركين، وإنا المالكي الضال يتطلّب العيْب للبرءَاء {وقد خاب من افترى} .
والشيخ محمد يُكفّر من يتخذ الوسائط بينه وبين الله ولم يأتِ بذلك من عنده فهو إجماع أهل العلم.
قال رحمه الله في نواقض الإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم كفر إجماعاً. (1)
فهو رحمه الله لم ينفرد بهذا بل يحكي إجماع أهل العلم.
(1) الدرر السنية 2/ 176.