الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتهام المالكي الشيخ بأنه يرسم
صورة زاهية للمشركين
قال المالكي في نقضه ص 4،5:
3 -
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص7: (وإلا فهؤلاء المشركون يعني كفار قريش ـ يشهدون أن الله هو الخالق وحده لا شريك له وأنه لا يرزق إلا هو ولا يحي إلا هو ولا يميت إلا هو ولا يدبر الأمر إلا هو وأن جميع السماوات ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيها كلهم عبيده وتحت تصرفه وقهره .. ) ثم سرد الآيات في ذلك.
أقول: هنا رسم صورة زاهية للمشركين ولم يذكر تكذيبهم بالبعث ولا اعتقادهم أن الذي يهلكهم هو الدهر ولا اعتقادهم أنهم يمطرون بنوء كذا وكذا ولا أكلهم الربا وقتلهم النفس ودفنهم البنات ولا غير ذلك من المظالم والجرائم .. ومن الطبيعي أن من لم يؤمن بيوم البعث لن يتورع عن ارتكاب المحرمات. انتهى.
الجواب: إذا كانت هذه صورة زاهية كما زعمت للمشركين فلماذا نسَبْتها طعْناً إلى الشيخ محمد ولم تنسبها إلى الله لأن الشيخ اسْتدل بالآيات التي قلت عنها: ثم سرد الآيات في ذلك، فمنها أخذ الشيخ وصْفَهم.
فإذا كان سرد الآيات في ذلك فما ذنبه على تقدير أن ذلك صورة زاهية للمشركين كما زَعَمْت؟
قال الشيخ في (كشف الشبهات) بعد الكلام الذي بتره هذا الأبتر: فإذا أردت الدليل على أن هؤلاء المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون بهذا فاقرأ قوله تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيقولون الله فقل أفلا تتقون} وقوله: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل فأنى تسحرون} وغير ذلك من الآيات.
إذا كانت هذه صورة زاهية للمشركين كما زعمت فانظرها في الآيات لم يبتدعها الشيخ محمد، ولأن فهمك فاسد صارت هذه عندك صورة زاهية، أما عند أهل التوحيد الذين إمامهم الشيخ محمد فليست صورة زاهية بل صورة بشعة قبيحة أن يعرفوا ربهم هذه المعرفة ومع هذا يشركون به في عبادته، وهذا مراده رحمه الله.
ثم قال المالكي المتمعلم ص5 من نقضه:
والحاصل: أنه لا يجوز لأحد أن يذكر فضائل الكفار ويهمل أخطاءهم ولا يجوز أن نختار أخطاء المسلمين وننسى فضائلهم ولا يجوز أن نختار الآيات التي نوهم العوام بأن فيها ثناء على الكفار ونترك الآيات التي تذمهم وتبين كفرهم وظلمهم وتكذيبهم بالبعث و
…
الخ. انتهى.
الجواب: الشيخ في واد الهدى وأنت في واد الضلالة فهو رحمه الله ليس يذكر فضائل الكفار وإنما أراد بيان التوحيد للمشركين في زمانه وأن ما يُقرون به من توحيد الربوبية وهي أفعال الرب سبحانه لا يدخلهم في الإسلام مع وجود الشرك فيهم كأولئك الذين يُقرون بما يقرون به لله ومع هذا يُشركون به.
ولذلك قال الشيخ بعد سياقة الآيات المتقدمة: فإذا تحققت أنهم مقرون بهذا وأنه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت أن التوحيد الذي جحدوه هو توحيد العبادة الذي يُسميه المشركون في زماننا الاعتقاد، وذكر بعد ذلك كلاماً يقرر فيه هذا المعنى، ثم قال: فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدّعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة [يعني لا إله إلا الله] ما عرفه جهلة الكفار بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من
المعاني، والحاذق منهم يظن أن معناها: لا يخلق ولا يرزق إلا الله ولا يدبر الأمر إلا الله، فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله. انتهى.
فالشيخ هنا يبين التوحيد والشرك أحسن بيان.
فقل للعيون الرمد للشمس أعينٌ تراها سواكِ في مغيب ومطلع
أما تكذيب قريش بالبعث فكفر مستقل حتى لو لم يشركوا لكن ليس هذا موضوع الشيخ وبحثه فهو يتكلم عن بيان الشرك والتوحيد ويحتج على قومه بسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم مع أهل الشرك وأن أهل زمانه مشابهون لقريش في الشرك، وإن خالفوهم بالنطق بلا إله إلا الله والإيمان بالبعث وغير ذلك، فهذا كله يهدمه الشرك ويجمعهم مع مشركي الأمم قبلهم ومع قريش.
قال المالكي الجاهل في نقضه ص5:
فالشيخ محمد أخذ الآيات التي تدل على إيمانهم على وجه الجملة بأن الله هو الخالق الرازق، مع أن هذه الاعترافات التي اعترف بها المشركون ذكر بعض العلماء أنهم اعترفوا بها من باب (الإفحام والانقطاع) وليس من باب الاقتناع ولو كانوا صادقين في اعترافهم لأنهم بلوازم هذا الاعتراف فلذلك يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم بلوازم هذا الاعتراف كما في قوله تعالى:{فقل أفلا تتقون} {قل أفلا تذكرون}
…
الخ.
فكأن الله عز وجل يوبخهم بأنهم كذبة وأنهم لا يؤمنون بالله عز
وجل كما لا يستطيعون أن يقولوا أن الأصنام هي التي خلقت السماوات والأرض فبقوا بين الاعتراف بالقول (انقطاعاً) وممارسة ما يخالفه.
الجواب: المالكي يفضح نفسه حيث إنه ما عرف التوحيد الذي دعا إليه الشيخ محمد وهو دعوة الرسل، فهو يقول عن الآيات السابقة التي أوْردها الشيخ محمد تدل على إيمانهم على وجه الجملة بأن الله هو الخالق الرازق.
إن الإقرار بأفعال الرب كلها بل وأسمائه وصفاته لا يُدخل في الإسلام فضلاً عن الإيمان حتى يُفْرَد سبحانه بالعبادة التي هي فعل العبد.
أما ما ذكر من كوْن قريش اعترفوا بذلك من غير اقتناع فهذا يُكذبه القرآن إذْ الرب سبحانه ذكر اعتقادهم بالربوبية احتجاجاً عليهم بما أقروا به من فعله ليوحّدوه في أفعالهم، وإنما قال المالكي ما قال من عدم فهمه للتوحيد المراد من العباد وهو ألا يُعبد مع الله سواه بالحب والخوف والرجاء الموجبة للدعاء والذبح والنذر وسائر أنواع العبادة.
وقول المالكي: فكأن الله عز وجل يوبّخهم بأنهم كذبه إلى آخره كذب وباطل فالرب سبحانه لم يُكذّبهم في ذلك وإنما يدعوهم إلى توحيد عبادته بالبراءة من آلهتهم محتجاً عليهم بما أقروا به من الربوبية، وهذا في مواضع من القرآن.