الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقريب شَبَه أهل هذه الدعوة
من الخوارج
والخلاصة أن التشابه بين الكفار والمسلمين المعاصرين ـ إن سلمنا به ـ أبعد بكثير من التشابه بين الخوارج والوهابية، فالتشابه بينهم من التكفير والتحليق واستحلال الدماء .. أكبر.
وحجة الخوارج على علي هي حجة الوهابية على مخالفيهم، فالخوارج قالوا بصرف الحكم كله لله (لا حكم إلا لله) وهي كلمة حق أريد بها باطل مثلما أراد الوهابية من قولهم (لا ذبح إلا لله ولا توسل إلا بالله ولا استغاثة إلا بالله
…
الخ)، فهذا حق من حيث الأصل لكن قد تكون هناك صور في التطبيق تخرج عن هذه القاعدة إما بتأويل أو جهل فهذا لا يكفر إلا بعد ارتفاع موانع التكفير وقيام الحجة.
الجواب: المالكي الضال يُعارض القرآن حيث ذكر الله سبحانه أن المشركين مُقِرُّون أن الله خالق السموات والأرض وخالقهم ورازقهم ومدبّرهم وغير ذلك من إقرارهم بربوبية الله عز وجل، وقد ذكر الشيخ رحمه الله الآيات الدّالة على ذلك في كشف الشبهات وغيره من كتبه ليبين في ذلك التوحيد المطلوب من العبد بعد ذلك التوحيد الذي لا يدخله في الإسلام.
أما قول الضال عن المشركين أنهم يعبدون الأصنام لذاتها فمعارضة أيضاً للقرآن حيث ذكر الله ذلك عنهم بأبلغ عبارة وأبينها وأوضحها فتأمل قولهم: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ففي هذا نفي أي غرض لهم غير ذلك، وحصر لمطلوبهم وهو التقرب إلى الله، مع ملاحظة أن من المشركين من يؤمن بالبعث فهو يتخذ الواسطة بينه وبين الله كشفيع لشئون دنياه وآخرته، ومنهم من لا يؤمن بالبعث ككفار قريش فيتخذون الوسائط من الأصنام التي هي بزعمهم على صور الملائكة والصالحين كشفعاء لرزقهم ونصرهم وما ينوبهم في دنياهم.
وكيف يقول: قالوه انقطاعاً لا اعتقاداً؟ والله سبحانه يخبر عنهم أنهم يقولون: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ويقولون: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وآيات كثيرة بيّن الله فيها اعتقادهم ومطلوبهم من آلهتهم الباطلة، وهذا الجاهل من النوع الذي لا يدري ولا يدري أنه لا يدري وهو شرّ الأنواع.
وقوله: أما المسلمون فإنهم لا يسجدون لأحد غير الله إلى آخر كلامه، فيقال: ليس الكفر السجود لغير الله فقط، فالذي يتخذ الوسائط بينه وبين الله كافر ولو كان لا يسجد لها.
والمالكي الضال يدافع عن الشرك والمشركين فقد جعل من
يرجو نفع الأموات بأن يدعوا له أنه يختلف كثيراً عن الكفار، وهذا شرك بلا ريب، وقد لبس الحق بالباطل حيث ذكر الأحياء والأموات، وطلب الدعاء من الصالحين الأحياء جائز، وأما الأموات فشرك، وقد خلط هذا بهذا مع ظهور الفرق، فهو يصحح الشرك ويدافع عن المشركين ويعادي الموحدين.
أما أن حجة الوهابية على مخالفيهم كحجة الخوارج على علي فبهتان عظيم وسيعلم هذا الخبيث عاقبة جرأته على الحق وأهله، وهو إنا سَوّل له الشيطان وأغواه وأضله.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله في نجد فهم بحمد الله أبْعد الناس عن مشابهة الخوارج وغيرهم من أهل البدع. إنتهى. (1)
وله سلف في هذا الاتهام ماتوا بغيظهم وما بلغوا مرادهم.
(1) الدرر السنية 9/ 194.