الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
موضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى
في مجال الأخلاق والآداب
وفيه مطلبان:
المطلب الأول
موضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى
في مجال الأخلاق
مراتب الدين الإسلامي كما هو معلوم ثلاثة، الإسلام، والإيمان، والإحسان، وقد تناولت الدراسة باختصار مرتبة الإسلام في موضوع العبادات ومرتبة الإيمان في موضوع العقائد، وبقي تناول مرتبة الإحسان وهذا ما سيتم طرحه إن شاء الله في موضوع الأخلاق والآداب.
أولاً: أهمية حسن الخلق:
يجب على الداعية أن يوضح للعاملة المنزلية أن حسن الخلق أمره عظيم وذلك لما يلي:
أ: أكثر ما يدخل الناس الجنة حسن الخلق، فعندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال:«تقوى الله وحسن الخلق» (1)
ب: حسن الخلق سبب للقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام حيث قال: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا» (2)
(1) جامع الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حسن الخلق، 462 - 463، رقم: 2004، وقال عنه الترمذي: حديث صحيح وحسنه الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/ 669، رقم 977.
(2)
جامع الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في معالي الأخلاق، 465، رقم 2018، وقال الترمذي حديث حسن غريب، وحسنه الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 418، رقم 791.
ج: حسن الخلق من كمال الإيمان، كما قال عيه الصلاة والسلام:«أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا» (1).
د: حسن الخلق يوصل المسلم إلى الثواب الجزيل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (2)، وقد استحق تلك الدرجة؛ لأن المصلي والصائم يجاهدان أنفسهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طباعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوساً كثيرة، فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد (3) وينبغي التنبيه إلى أن دعوة العاملات المنزليات إلى حسن الخلق لن يجدي نفاً إذا كانت نظرية بحته، فإذا كانت ربة البيت غير متحلية بحسن الخلق مع العاملات المنزليات وغيرهن ثم قامت بدعوتهن إلى التحلي بمكارم الأخلاق فلن تجدي دعوتها نفعاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم حث الناس على حسن الخلق، وكان في المقابل يتصف بذلك، والدليل قوله تعالى:{وإنك لعلى خلقٍ عظيم} (4)، وعندما سُئلت عائشة رضي الله عنه عن خلقه صلى الله عليه وسلم قالت: خُلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن (5) أي أنه عليه الصلاة والسلام يمتثل كل ما في
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل، 2/ 250، رقم 7396، صحيح ابن حبان، 2/ 227، رقم 479، المستدر على الصحيحين، 1/ 43، رقم 3، وقال الحاكم: صحيح ولم يخرج في الصحيحين وهو على شرط مسلم وصححه الألباني السلسلة الصحيحة، 1/ 573، رقم 284.
(2)
سنن أبي داود 4/ 252، رقم 4798، مسند الإمام أحمد، 6/ 133، رقم: 25057، وصححه الألباني، صحيح أبي داود، 3/ 911، رقم 4013.
(3)
عون المعبود شرح سنن أبي داود، 13/ 107، باختصار.
(4)
سورة القلم، الآية:4.
(5)
صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، 301 - 302، رقم:1739.
القرآن الكريم من أوامر ونواهي حتى صار خلقاً تطبعه وسجية له، هيناً ليناً قريباً من الناس يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم، ولا يعبس في وجوههم (1)، ومن الأدلة أيضًا على حسن خلقه ما رواه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً (2)، وقال رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا (3)، فالإنسان يظهر حسن خلقه مع الضعفاء لعدم وجود مصلحة تستلزم المجاملات، وكذا يظهر حسن خلقه أيضاً مع أهل بيته لطول ملازمته لهم، وهذا حال نبينا عليه الصلاة والسلام، فكان حسن خلقه سبباً لقبول الدعوة عند الكثير من المدعوين ومن ذلك إسلام روضة ومولاتها رضي الله عنه فكانت روضة وصيفة لامرأة من أهل المدينة قالت لها مولاتها يوم وصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: يا روضة قومي على الباب فإذا مر الرجل فأعلميني، فانتظرت روضة حتى مر الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذت بطرف ردائه فبش في وجهها، فنادت مولاتها، فخرجت هي وزوجها فعرض، عليهم الإسلام فأسلموا جميعاً (4)،
فبشاشته وحسن خلقه عليه الصلاة والسلام رغم تعبه من عناء الهجرة كان من أسباب دخول
(1) انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن الطبري، 29/ 18 - 19، تفسير القرآن العظيم ابن كثير: 29/ 516، تيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، السعدي: 879 ..
(2)
متفق عليه صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل، 1079 - 1080، رقم 6203، صحيح مسلم واللفظ له، كتا الفضائل، باب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، 1021، رقم:6017.
(3)
سبق تخريجه
(4)
انظر الإصابة في تمييز الصحابة، الحافظ بن حجر العسقلاني، تحقيق: علي البجاوي، ط دار الجيل بيروت، 1412 هـ، 7/ 657 ..
روضة رضي الله عنه للإسلام، وهذا ما يجب على الداعية الاتصاف به، وعدم الاحتجاج بالتعب والجهد فليس هناك جهد أعظم من جهد ومشقة الهجرة وذلك لم يمنع لرسول صلى الله عليه وسلم من التحليل بمكارم الأخلاق ولتبسم في وجه الناس، وحسن الخلق من الداعية قد ساهم في دخول غير المسلمين إلى الإسلام فكيف يكون حال حسن الخلق مع المسلمين؟ لابد أنه سيزيد من تمسكهم بالدين الإسلامي، وسيساهم في ثباتهم عليه، وتقبل ما يدعوهم الداعية إليه.
ثانياً: أقسام حسن الخلق (1):
حس الخلق ليس مقصوراً على علاقة الإنسان مع الآخرين، بل هو أكثر من ذلك، ويمكن أن نقسمه إلى قسمين (2)
القسم الأول: حسن الخلق مع الخالق:
ويكون ذلك عن طريق عدد من الأمور منها ما يلي (3):
1: تلقي أحكامه تعالى بالرضا.
2: تلقي أقداره تعالى بالصبر والرضا.
4: شكره تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
(1) أنظر الأخلاق الإسلامية وأسسها، عبد الرحمن حينكه الميداني، ط 5، دار القلم، دمشق، 1420 هـ، 1/ 58 - 60.
(2)
انظر شرح الأربعين النووية، الشيخ محمد العثيمين، ط 3، دار الثريا، الرياض، 1425 هـ، 293 - 294.
(3)
انظر الأخلاق الإسلامية، الميداني، 58؛ شرح الأربعين النووية، ابن عثيمين، 293 - 294.