المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث الثاني أساليب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى وفيه أربعة مطالب:   ‌ ‌المطلب - دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

[عبير الشلهوب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أساب اختيار الموضوع:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌مصطلحات الدراسة:

- ‌منهج الدراسة:

- ‌تقسيمات الدراسة:

- ‌الشكر والتقدير:

- ‌الفصل التمهيدي:دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌المبحث الأولأهمية دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌1: الفرع الأول من جانب الداعية:

- ‌2: الفرع الثاني من جانب المدعو:

- ‌3: الفرع الثالث من جانب الدعوة:

- ‌المبحث الثانيحقوق العاملات المنزليات وواجباتهن في الإسلام

- ‌المطلب الأولحقوق العاملات المنزليات في الإسلام

- ‌المطلب الثانيواجبات العاملات المنزليات في الإسلام

- ‌الفصل الأول:موضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌المبحث الأولموضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالىفي مجال العقيدة

- ‌المطلب الأولإيضاح أصول العقيدة الصحيحة للعاملات المنزليات

- ‌المطلب الثانيتحذير العاملات المنزليات من الشرك

- ‌المبحث الثانيموضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالىفي مجال العبادات

- ‌المطلب الأولالعبادة وحاجة العباد إليها

- ‌المطلب الثانيبيان أركان الإسلام للعاملات المنزليات

- ‌المبحث الثالثموضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالىفي مجال الأخلاق والآداب

- ‌المطلب الأولموضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالىفي مجال الأخلاق

- ‌المطلب الثانيموضوعات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالىفي مجال الآداب

- ‌الفصل الثاني:وسائل دعوة العاملات المنزلياتإلى الله تعالى وأساليبها

- ‌تمهيد

- ‌أولاً تعريف وسائل وأساليب الدعوة إلى الله:

- ‌المبحث الأولوسائل دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌المطلب الأولالمشافهة المباشرة

- ‌المطلب الثانيالمشافهة غير المباشرة

- ‌المطلب الثالثالكتابة

- ‌المطلب الرابعالمسابقات والهدايا

- ‌المبحث الثانيأساليب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌المطلب الأولالحكمة

- ‌المطلب الثانيالموعظة الحسنة

- ‌المطلب الثالثالمجادلة بالتي هي أحسن

- ‌المطلب الرابعالقدوة الصالحة

- ‌الفصل الثالثمعوقات دعوة العاملات المنزلياتإلى الله تعالى وسبل التغلب عليها

- ‌المبحث الأولمعوقات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌أولاً: معنى معوقات الدعوة إلى الله تعالى:

- ‌ثانياً الحكمة من وجود المعوقات في الدعوة إلى الله تعالى:

- ‌ثالثاً: معوقات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى المتعلقة بالداعية:

- ‌رابعاً: معوقات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى المتعلقة بالعاملات أنفسهن:

- ‌المبحث الثانيسبل التغلب على معوقات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌أولاً: سبل التغلب على معوقات دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى المتعلقة بالداعية:

- ‌ثانياً: سبل التغلب على معوقات دعوة العاملات المنزليات المتعلقة بالعاملات أنفسهن:

- ‌الفصل الرابعمناقشة نتائج الدراسة الميدانية

- ‌المبحث الأولمناقشة نتائج الدراسة الميدانية المتعلقة بالعاملات المنزليات المسلمات

- ‌أولاً: البيانات الأولية للعاملات المنزليات المسلمات

- ‌ثانياً: آراء العينة في المشكلات التي تواجهن في مدينة الرياض

- ‌ثالثاً: القائم بدعوة العاملات المنزليات المسلمات من وجهة نظر العينة:

- ‌رابعاً: تأثير سلوك ربة البيت على دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى:

- ‌خامساً: موضوعات الدعوة إلى الله تعالى التي تم طرحها على العاملات المنزليات المسلمات:

- ‌سادساً: آراء العينة في أفضل الوسائل والأساليب الدعوية:

- ‌المبحث الثانيمناقشة نتائج الدراسة الميدانية المتعلقة بربات البيوت:

- ‌أولاً: البيانات الأولية لربات البيوت

- ‌ثانياً آراء عينة الدراسة في آثار وجود العاملات المنزليات المسلمات:

- ‌ثالثاً مدى معرفة عينة الدراسة بالخدمات التي يقدمها مكتب توعية الجاليات:

- ‌رابعاً تأثير سلوك ربة البيت على العاملة المنزلية المسلمة:

- ‌خامساً: آراء العينة في التزام العاملات المنزليات المسلمات بأحكام الإسلام:

- ‌سادساً: آراء العينة في أهم موضوعات دعوة العاملات المنزليات المسلمات:

- ‌سابعاً: آراء العينة في أفضل وسائل وأساليب دعوة العاملات المنزليات المسلمات إلى الله تعالى:

- ‌ثامناً: آراء العينة في معوقات دعوة العاملات المنزليات المسلمات إلى الله تعالى:

- ‌تاسعاً: آراء العينة في سبل التغلب على معوقات دعوة العاملات المنزليات المسلمات إلى الله تعالى:

- ‌المبحث الثالثمناقشة نتائج الدراسة الميدانية المتعلقة بالقائمين بدعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

- ‌أولا: القائم بدعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى في مدينة الرياض:

- ‌ثانياً: موضوعات دعوة العاملات المنزليات المسلمات إلى الله تعالى:

- ‌ثالثاً: وسائل دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى:

- ‌رابعاً أساليب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى:

- ‌خامساً: تأهيل القائمين بدعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى:

- ‌سادساً: البرامج الدعوية المقدمة للعاملات المنزليات المسلمات:

- ‌سابعاً: معوقات دعوة العاملات المنزليات المسلمات إلى الله تعالى وسبل التغلب عليها:

- ‌الخاتمة

- ‌أولاً: نتائج الدراسة النظرية:

- ‌ثانياً: نتائج الدراسة الميدانية:

- ‌التوصيات

- ‌الملاحق

- ‌بيان إحصائي

- ‌ملحقنموذج استمارة ربات البيوت

- ‌الاستمارة الخاصة بربات البيوت

- ‌نموذج استمارة العاملات المنزليات باللغة العربية

- ‌استمارة خاصة بالعاملات المنزليات المسلمات

- ‌ثبت‌‌ المراجع والمصادر

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌(ج)

- ‌(ح)

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ز

- ‌(ش)

- ‌(ص)

- ‌ ط

- ‌ض

- ‌(ظ)

- ‌(ع)

- ‌(غ)

- ‌(ف)

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ و

- ‌الصحف:

- ‌المجلات:

- ‌النشرات:

- ‌الصحف الالكترونية:

الفصل: ‌ ‌المبحث الثاني أساليب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى وفيه أربعة مطالب:   ‌ ‌المطلب

‌المبحث الثاني

أساليب دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى

وفيه أربعة مطالب:

‌المطلب الأول

الحكمة

أولاً معنى الحكمة:

للحكمة معاني متعددة في اللغة أغلبها يدور حول معنيين:

الأول: المنع؛ لأنها تمنع صاحبها من الوقوع فيما يذم، الحاء والكاف والميم أصل واحد وهو المنع، وأول ذلك الحكم وهو المنع من الظلم .. والحكمة هذا قياسها؛ لأنها تمنع من الجهل (1).

الثاني: الإتقان فسمي الحكيم بذلك لإتقانه للأمور ومعرفته للصواب بطول الخبرة والتجربة (2).

والحكمة في الاصطلاح لها عدد من المعاني منها ما يلي:

قال الإمام بن القيم -رحمه الله تعالى-: فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي (3).

(1) معجم مقاييس اللغة أبو الحسين أحمد بن فارس، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط، د، دار الجيل، بيروت، 1420 هـ، 2/ 91.

(2)

انظر القاموس المحيط مجد الدين الفيروز آبادي، 4/ 136، لسان العرب؛ ابن منظور، 12/ 142 - 143.

(3)

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، 2/ 354.

ص: 98

وقال الإمام النووي-رحمه الله تعالى-: والحكمة فيها أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائليها على بعض صفات الحكمة، وقد صفا لنا منها أن الحكمة، وقد وصف لنا منها أن الحكمة: عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقق الحق والعمل به والصد عن إتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك (1).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله تعالى-: معناها الدعوة إلى الله بالعلم والبصيرة والأدلة الواضحة المقنعة الكاشفة للحق ولمبينة له وهي كلمة تطلق على معاني كثيرة (2).

يتضح مما سبق أن أسلوب الحكمة أسلوب واسع جداً يتسع لجميع أساليب الدعوة إلى الله تعالى، وينبغي لمن يطبقه أن يتصف بالعلم ونفاذ البصيرة وعدم العجلة والعنف (3).

ثانياً: أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى:

مما يدل على أهمية الحكمة قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125](4).

أمر الله عز وجل الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الآية باستخدام الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، وعطف سبحانه الموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن عليها، مع أنهما داخلان في مفهومها، من باب عطف الخاص على العام (5).

(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 220.

(2)

الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، 23.

(3)

انظر الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، ابن باز، 25، المدخل إلى علم الدعوة، البيانوني، 245، مفهوم الحكمة في الدعوة، د، صالح بن حميد، ط 1، دار الوطن، الرياض، 1414 هـ، مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، د، سعيد بن وهف القحطاني، ط 1، بدون دار نشر، الرياض، 1425 هـ، 20 - 22.

(4)

النحل: 125]

(5)

انظر مفهوم الحكمة في الدعوة، صالح بن حميد، 9.

ص: 99

قال ابن القيم-رحمه الله تعالى-: فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعي بطريق الحكمة، والقابل الذي عنده نوع من غفلة وتأخر يدعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب ولترهيب، والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن (1).

ومن تتبع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أنه كان يلازم الحكمة في جميع أموره عامة، وفي دعوته إلى الله تعالى خاصة، عن طريق معرفة أحوال المخاطبين، ودعوتهم بما يناسبهم من أسلوب ووسيلة (2)، فأدى ذلك بفضله سبحانه إلى استجابة الناس له ودخولهم في دين الله أفواجا.

إذن مدار أساليب الدعوة إلى الله جميعها الحكمة، فهي المقدمة والمهيمنة والمشتملة عليهم لذا يجب على الداعية اصطحابها في كل زمان ومكان مهما اختلفت لأساليب التي يدعو بها إلى الله تعالى، وذلك لا يشترط في حق الأساليب الدعوية الأخرى، فالداعية قد يستغني عن الموعظة الحسنة في عمله الدعوي أحيانا؛ لكنه لا يستغني عن استخدام الحكمة (3)

ثالثاً: كيفية استخدام أسلوب الحكمة في دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى:

لابد عند استخدام أسلوب الحكمة مع العاملات المنزليات المسلمات أن تراعي الأمور التالية:

(1) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة، 1/ 184.

(2)

للاستزادة انظر من صفات الداعية مراعاة أحوال المخاطبين في ضوء الكتاب والسنة وسير الصالحين د، فضل إلهي، ط 1، إدارة ترجمان الإسلام، باكستان، 1417 هـ، 35 - 117، المرأة المسلمة، أحمد أبابطين، 526.

(3)

انظر المدخل إلى علم الدعوة البيانوني، 245، المرأة المسلمة، أحمد أبابطين، 529؛ مفهوم الحكمة في الدعوة، صالح بن حميد، 10.

ص: 100

1: البصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108](1)، قال الطبري -رحمه الله تعالى-: يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم قل يا محمد هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته سبيلي وطريقتي ودعوتي، أدعو إلى الله وحده لا شريك له: على بصيرة، ذلك يقين علم مني به أنا، ويدعو إليه على بصيرة أيضاً من اتبعني وصدقني وآمن بي (2)، قال الشوكاني -رحمه لله تعالى-: البصيرة هي المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل (3).

وفي الآية دليل على أن كل متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق عليه أن يقتدي به في الدعوة إلى الله تعالى (4)، فكان قدوة الدعاة عليه الصلاة والسلام على بصيرة فيما يدعو الناس إليه، وعلى بصيرة في حال المدعو، وعلى بصيرة في كيفية الدعوة (5)، وهذا ينبغي على الدعاة فعله، فلابد من:

\أ: التحلي بالعلم والمعرفة للتمكن من استخدام الحكمة في الدعوة إلى الله، قال الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله تعالى-: فإياك أن تدعو على جهالة، وإياك أن تتكلم فيما لا تعلم، فالجاهل يهدم ولا يبني، ويفسد ولا يصلح، فاتق الله يا عبد الله، وإياك أن تقول على الله بغير

(1) يوسف: 108]

(2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 13/ 96 - 97.

(3)

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، 3/ 81.

(4)

انظر المرجع السابق، 81.

(5)

انظر زاد الداعية، ابن عثيمين، 13 - 15.

ص: 101

علم، لا تدعو إلى شيء إلا بعد العلم به والبصيرة بما قاله الله ورسوله، فلابد من بصيرة وهي العلم (1).

واشتراط العلم ليس مسوغا وحجة لترك دعوة العاملات المنزليات إلى الله تعالى، فحتى ربة البيت الأمية عندها علم غالباً بأركان الدين وواجباته كالصفة الصحيحة للوضوء، وكيفية الصلاة، فالمدعو إليه أو المنهي عنه إن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهور كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها، فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه، ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء (2)

ب: مراعاة حال العاملات المنزليات، فأحوالهن الاجتماعية والثقافية والنفسية مختلفة، فالداعية الحكيم ينظر إلى الفروق السابقة وينتبه للمستوى العقلي والفكري للمدعو؛ حتى يكون لدعوته فائدة وثمرة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله (3)، فيجب على الداعية التنبيه لهذا حتى لا يُحدث فتنة قال ابن حجر -رحمه الله تعالى-: وفيه التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله، ولا يحث به إلا من يعقله، ولا يحدث قليل الفهم بما لا يحتمله (4)، وكذلك من الحكمة مراعاة مكان وزمان عرض الدعوة فلا ينبغي على الداعية الحكيم عرض دعوته على المدعو في وقت انشغاله وتعبه (5).

(1) من أقوال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، في الدعوة، 56.

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 23.

(3)

صحيح البخاري كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا، 27، رقم 127.

(4)

فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، 12/ 154.

(5)

انظر الحكمة والموعظة الحسنة وأثرهما في الدعوة إلى الله في ضوء الكتاب والسنة، د، أحمد المورعي ط، د، دار الأندلس الخضراء، جدة بدون سنة طبع ن 211 - 212.

ص: 102

ج: استخدام وسائل وأساليب الدعوة وفق ما يقتضيه الحال، فمن العاملات من لا ينفع معها إلا الرف واللين وهذا هو الغالب، ومنهن من لا ينفع معها إلا الشدة، وأخريات ينفع معهن اللين في وقت معين، وفي وقت آخر الشدة، ومنهن من تستجيب للدعوة المباشرة، وأخريات لا يستجبن إلا للدعوة غير المباشرة وهكذا (1).

2: التدريج في الدعوة أي الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى لحين الوصول إلى الغاية المطلوبة بطرق مشروعة مخصوصة (2)، ومن الحكمة في التدريج البدء بالأهم فالمهم، وأهم أمر هو الدعوة إلى إخلاص العبادة لله وحده والبعد عن الشرك ووسائله، فالدعية الحكيم يبدأ بما بدأ به الرسل عليهم الصلاة والسلام (3)، ولا يصح أن يبدأ بدعوة المشرك إلى نوع من الشريعة قبل التوحيد؛ لأن المدعو لو فعل جميع العبادات وتحلى بجميع الأخلاق الفاضلة مع بقاء الشرك، فإن تلك الأعمال لا تنفعه بينما لو حقق التوحيد ووقع منه بعض الكبائر فإنه لا يخرج من الإيمان وترجى له المغفرة وهو واقع تحت المشيئة، وقال تعالى:{إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (4)(5)، وهذا هو أسلوب

(1) انظر الطب النفسي والدعوة إلى الله، د، عبد الله الخاطر، ط 2، المنتدى الإسلامي، 1418 هـ، 44 - 45، 48 - 57، المرأة المسلمة، أحمد أبابطين 525؛ من صفات الداعية مراعاة أحوال المخاطبين، فضل إلهي، 85 - 86.

(2)

انظر التدرج بين التشريع والدعوة، د يوسف أبو هلالة، ط 1، دار العاصمة، الرياض، بدون سنة طبع، 7.

(3)

انظر العقيدة أولاً معشر الدعاة، د، حمدان المهدي الهاجري، ط 1، بدون دار نشر، المدينة المنورة، 1414 هـ، 30 - 36.

(4)

سورة النساء من الآية 48.

(5)

انظر التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، د، إبراهيم المطلق، الكتاب الإسلامي، وزارة الشئون الإسلامية، والأوقاف والدعوة والإرشاد، 1417 هـ، 146، وقام الباحث بإجراء مقابلة مع كل من الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد العثيمين-رحمهما الله-، والشيخ صالح الفوزان، حول موضوع التدرج في الدعوة، والكلام المذكور في المتن مستفاد ن قول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله.

ص: 103

القرآن الكريم فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: أول ما أنزل منه أي القرآن سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبداً. (1).

إذن أول ما ينبغي على الداعية في دعوة العاملات المنزليات المسلمات تصحيح العقيدة وإيضاح حقيقة الشرك ووسائله، وشرح نواقض الإسلام الاعتقادية والعملية خاصة ما هو منتشر بين أوساطهن كالسحر وتعليق التمائم لدفع الضرر، أما دعوتهن إلى الشريعة فإن المصلحة تقتضي إلزامهن بأحكام الشريعة جملة دون تدرج؛ لأنهن مسلمات، فالرسول عليه الصلاة والسلام تدرج لحتمية الواقع وحاجته لهذا الأسلوب، أما بعد اكتمال الدين فلا يقبل إلا الإسلام كاملاً (2)، قال الشيخ ابن باز-رحمه الله تعالى-: الواجب على المسلمين أن يلتزموا بالجميع، من أسلم يلتزم بالجميع، من أسلم يعلم التوحيد، ثم يعلم جميع الشرعية في الحال، حتى يلتزم بها كلها (3).

لكن الحكمة تقتضي مراعاة جانب مهم وهو تأخير إنكار المنكر إذا اقتضت حاجة الدعوة لذلك، قال الشيخ ابن العثيمين -رحمه الله تعالى-: تأخير إنكار المنكر قد يكون من باب استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله

فإذا رأى إنسان من المصلحة أن لا يدعو هذا الرجل في هذا الوقت أو في هذا المكان، ويؤخر دعوته في وقت آخر، أو في مكان آخر؛ لأنه يرى

(1) صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب تأليف القرآن، 895 - 896، جزء م الحديث رقم:4993.

(2)

انظر التدرج بين التشريع والدعوة، يوسف أبو هلالة، 8 - 15.

(3)

التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم المطلق، 143.

ص: 104

أن ذلك أصلح أو أنفع، فهذا لا بأس به، (1)، فهناك أمور تقدم في الدعوة؛ لأنه يترتب على إصلاحها صلاح ما دونها، فإن كانت العاملة المنزلية ترتكب عدة أخطاء، فيجب تصحيح الخطأ الأكبر فالأصغر، فإن كانت مثلاً لا تحسن الصلاة ولا تلتزم بالحجاب الشرعي الصحيح، فيجب أولاً تعليمها كيفية الصلاة، ثم ننكر عليها عدم التزامها بالحجاب الصحيح؛ لكن ذلك لا يعني تركها على ما هي عليه من تساهل بالحجاب حتى تتقن الصلاة، فإن في ذلك فتنة بل تؤمر به حتى لو لم تتقن الصلاة بعد تعليمها (2).

وتنبغي مبادرة الداعية بإيضاح أمور العقيدة أولاً والتأكيد عليها حتى بالنسبة للعاملة التي لم تترك معروفاً أو ترتكب منكراً، لأن هذا التأكيد يقيها الانحراف والعصيان (3).

وتقع ربة البيت مسئولية كبيرة في استخدام الحكمة مع العاملة المنزلية؛ لمعرفتها غالباً بظروف عاملتها وعمرها وعملها، فهي التي تحدد الأسلوب المتوقع نجاحه معها، وغالب العاملات المنزليات يفيد معهن أسلوب الرفق واللين في الدعوة وفي الاحتساب، لكثرة الجهل عندهن، فإذا تم تعليمهن برفق ولين وهدوء فإنهن لا محالة سوف يستجبن (4)، وذلك أسلوب رسولنا عليه الصلاة والسلام مع غالب الناس فقال تعالى:{فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} (5) فمن واجب الواجبات وأهم المهمات، والاقتداء بالرسول عليه الصلاة والسلام والتخلق

(1) المرجع السابق: 143 - 144.

(2)

انظر فقه إنكار المنكر د بدرية البشر، ط 1، دار الفضيلة الرياض، 1421 هـ، 161 - 168.

(3)

انظر أصول الدعوة، د عبد الكريم زيدان ط 9، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1420 هـ، 422 - 423.

(4)

انظر من صفات الداعية اللين الرفق، أ، د فضل إلهي، ط 7، إدارة ترجمان الإسلام، باكستان، 1420 هـ، 13 - 19.

(5)

سورة آل عمران من الآية 159.

ص: 105