المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان - ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة - جـ ١

[صهيب فايز عزام]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الدراسات السابقة

- ‌أهمية الدراسة

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌مشكلة الدراسة

- ‌أهداف الدراسة

- ‌منهجية الدراسة

- ‌خطة البحث

- ‌الفصل الأولمفهوم ذوي الاحتياجات الخاصةفي اللغة والاصطلاحومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة:

- ‌ المبحث الثاني- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح

- ‌ المبحث الثالث- معانٍ ذاتُ دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌الفصل الثانيأنواع الإصابة وأسبابها عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- أنواع الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول- الاصابة الحركية

- ‌ المطلب الثاني الإصابة الحسية:

- ‌ المطلب الثالث الاصابة العقلية:

- ‌ المطلب الرابع الاصابة التواصلية:

- ‌ المبحث الثاني- أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي

- ‌ المطلب الثاني: إصابة الجنين اثناء الحمل أو الولادة:

- ‌ المطلب الثالث: الإصابة بسبب التعرض للحوادث:

- ‌المطلب الرابع: الإصابة بسبب الاعتداء:

- ‌ المطلب الخامس: الإصابة بسبب القصاص في الجنايات:

- ‌ المطلب السادس: الإصابة بسبب ما ينتج عن الأمراض العضوية أو النفسية:

- ‌الفصل الثالثذوو الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المبحث الاول: المصطلحات التي استخدمها القرآن الكريم للدلالة على ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الثاني: توجيه القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: هداية القرآن الكريم الى الطريق القويم:

- ‌1. المودة والرحمة:

- ‌2. التكافل والتعاون:

- ‌3. الاحترام والتقدير بين أفراد المجتمع:

- ‌4. العدالة والمساواة:

- ‌5. الشورى:

- ‌ المطلب الثالث: المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان:

- ‌ المطلب الرابع: التقوى والإيمان أساس المفاضلة في القرآن الكريم:

- ‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى:

- ‌ المبحث الثالث: مواقف خلدها القرآن الكريم لأناس من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: موقف أيوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في جسده:

- ‌ المطلب الثاني: موقف يعقوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب الثالث: موقف شعيب عليه السلام وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الرابع: موقف موسى عليه السلام وصبره على الإبتلاء بعقدة اللسان:

- ‌ المطلب الخامس: موقف ضمرة بن العيص وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب السادس: موقف عمرو بن الجموح وصبره على الإبتلاء بالعرج

- ‌ المطلب السابع: موقف عبد الله بن أُم مكتوم وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الثامن: موقف ثابت بن قيس وصبره على الإبتلاء بالصمم:

- ‌ المطلب التاسع: موقف معاذُ بْن جَبَلِ وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب العاشر: موقف عبد الرحمن بن عوف وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب الحادي عشر: موقف طلحة بن عبيد الله وصبره على الإبتلاء بشل يده

- ‌ المبحث الرابع: عناية القرآن الكريم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول: دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وعدم النفور منهم

- ‌ المطلب الثاني: احترام وتقدير ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الثالث: حسن معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية مطالبهم

- ‌ المطلب الرابع: استثناء القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة من بعض التكاليف

- ‌ المطلب الخامس: نزول قرآن بحق ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال معاذ بن جبل الذي كان أعرجَ

- ‌2 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال عمرو بن الجموح الذي كان أعرجَ

- ‌3 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل (كانا أعرجين)

- ‌4 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ابن أم مكتوم الذي كان أعمى

- ‌5 ـ ما نزل من قرآن واستثني منه الضعفاء

- ‌6 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ضمرة بن العيص المصاب في بصره

- ‌7. ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف الذي كان أعرجَ

- ‌8 ـ ما نزل من القرآن الكريم بحق الضعفاء

- ‌9 ـ ما نزل من القرآن الكريم دعما لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌10 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله طلحة بن عبيد الله الذي كانت يده مشلولة

- ‌11 ـ ما نزل من قرآن لرفع الحرج عن ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الخامس: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المطلب الأول: حقهم في الحياة:

- ‌ المطلب الثاني: حقهم في الكرامة

- ‌ المطلب الثالث: حقهم في الحرية:

- ‌ المطلب الرابع: حقهم في التعلم والتعليم

- ‌ المطلب الخامس: حقهم في الكسب والتصرف والتملك

- ‌ المطلب السادس: حقهم في العمل

- ‌ المطلب السابع: حقهم المالي من مصارف الزكاة

- ‌ المطلب الثامن: حقهم في الزواج والانجاب:

- ‌الفصل الرابعذوو الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌ المبحث الأول: مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌1. الضعفاء من اسباب الرزق والنصر

- ‌2. النبي صلى الله عليه وسلم يختار ابن أم مكتوم رضي الله عنه مؤذنا وهو أعمى

- ‌3. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير إكراما له

- ‌4. الرسول صلى الله عليه وسلم يوجه المسلمين لاختيار الأمراء الأَكْفاء وإن كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌5. الرسول صلى الله عليه وسلم يساوي بين دماء الضعفاء والأقوياء

- ‌6. قرب النبي صلى الله عليه وسلم من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لذوي الاحتياجات الخاصة لما هو خير لهم

- ‌ المطلب الثاني: مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم لقدرات الضعفاء

- ‌1. الأوامر والتكاليف تؤدى بقدر الاستطاعة

- ‌2. مراعاة قدرات الضعفاء في الصلاة

- ‌3. النبي يوصي الأئمة بالتجوز في الصلاة مراعاة لقدرات الضعفاء

- ‌4. امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخير صلاة العشاء رحمة بالضعفاء

- ‌5. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير لييسر عليه أداء صلاة الجماعة:

- ‌6. إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من وجوب الجهاد

- ‌7. العقل مناط التكليف:

- ‌ المطلب الثالث: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. فضل من يرحم الضعفاء

- ‌2. أهمية التراحم بين أهل العافية وذوي الاحتياجات الخاصة:

- ‌3. الرسول يحذر من ظلم الضعفاء

- ‌4. من الرحمة بذوي الاحتياجات الخاصة عدم غيبتهم:

- ‌5. الرسول يوصي الأقوياء بأن يرحموا الضعفاء

- ‌ المطلب الرابع: الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. التحذير من الاحتجاب عن الضعفاء وترك قضاء حوائجهم

- ‌2. من أعظم أبواب الصدقة معاونة ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌3. الوعيد بالطرد من رحمة الله عز وجل لمن ضلل الأعمى

- ‌4. من أعان صاحب حاجة كان الله في عونه:

- ‌5. حديث جامع في فضل من يعين ذوي الاحتياجات

- ‌6. حق المسلم وحرمة دمه:

- ‌8. الدفاع عن المسلم

- ‌1. الإصابة في الأبدان علامة خير للإنسان

- ‌2. الجنة جزاء من صبر على الصرع:

- ‌3. من فقد بصره فصبر واحتسب عوضه الله الجنة:

- ‌4. أعرج يمشي برجله صحيحة في الجنة:

- ‌5. طلحة "من المبشرين بالجنة" ويده مشلولة:

- ‌6. تفقد ذوي الاحتياجات الخاصة والسؤال عنهم

- ‌7. إصابة الاجسام كفارة للخطايا والآثام

- ‌8. أن يرضى العبد بما اختاره الله فهو خير له

- ‌9. أهل البلاء يوم القيامة أعظم ثوابا:

- ‌ المطلب الثاني: العبرة بسلامة القلوب والسرائر لا بسلامة الأجساد والمظاهر

- ‌1. مناط التفضيل بين الناس تقوى الله عز وجل

- ‌2. يُقدَّر الإنسان عند النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان

- ‌3. الوزن يوم القيامة للإيمان لا للأجسام

- ‌4. إستعن بالله فأنت قوي

- ‌5. القرب من الله بسلامة الجوهر لا بسلامة المظهر

- ‌6. بالتقوى والإيمان يَفضُل الإنسان

- ‌7. افتخار الجنة واعتزازها بالضعفاء

- ‌ المطلب الثالث: توجيه السنة لذوي الاحتياجات الخاصة للاندماج في المجتمع

- ‌2. صلاة الجماعة من أهم الأعمال لأفراد المجتمع

- ‌3. التعاون والتكافل

- ‌4. التواد والتعاطف بين افراد المجتمع توجيه نبوي

- ‌5. من رأى مبتلى في المجتمع

- ‌6. الضمان الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. وأنت في المجتمع انظر الى من هو دونك

- ‌8. استعن على البلاء بالدعاء

- ‌9. كن مطمئناً ما أصابك لم يكن ليخطئك

- ‌10. إصبر على اختيار الله فهو الخير

- ‌11. شدة مآل صاحبها إلى الجنة

- ‌ المطلب الرابع: البلاء يكشف عن معادن الرجال

- ‌3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان

- ‌8. النار مأوى للجبارين والجنة مأوى للضعفاء والمساكين:

- ‌1. طلحة بن عُبَيد الله رضي الله عنه "يده مشلولة

- ‌2. عبد الرَّحمَن بن عَوف رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌3. ابن أم مكتوم رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌4. عمران بن حصين رضي الله عنه "كان مُقعدا

- ‌5. عتبان بن مالك بن عجلان الأنصاري رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌6. مُعاذ بن جبل رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌7. ثَابت بن قيس رضي الله عنه "كان في أذنه وَقَر

- ‌8. عبد اللهِ بن عميرٍ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌9. ابو سفيان رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌10. ابو قحافة رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌11. العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌12. عبد الله بن عباس رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌13. جابر بن عبد اللهِ رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌14. ابن أبي أوفى رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌15. كعب بن مالك رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌16. أبو أسيد الساعدي رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌17. عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌18. حسان بن ثابت رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌19. مَخرَمَةُ بْن نوفل رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌20. أبو عِنَبَة الخَوَلَانيّ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌21. أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما "أصيبت بالعمى

- ‌22. أم زُفَر الحبشية رضي الله عنها "مصابة بالصرع

- ‌قائمة المراجع والمصادر

الفصل: ‌3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان

3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان

.

عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمرَهُ كُلَّهُ له خير، وليس ذلك لأحد الا للمؤمن، إن أصابته سَرّاءُ شَكَر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضَرّاء صبر، فكان خيراً له). (1)

جاء في تطريز رياض الصالحين: "في هذا الحديث: فَضْلُ الشكر على السّرّاء والصبر على الضرّاء، فمن فعل ذلك حصل له خيرُ الدارين، ومَنْ لم يشكر على النعمة، ولم يصبر على المصيبة، فاته الأَجر، وحصل له الوِزْر". (2)

من فقه الحديث:

أ. من ابرز صفات المؤمن الرضى عن الله تعالى.

ب. اذا وصل اليك من ربك العطاء فلتبادر الى الشكر، وإذا وصل اليك البلاء فلتتحلّ بالصبر.

ج. تذكر عند المصيبة ان كل شيء بقضاء وقدر، تهن عليك مصيبتك.

4.

مثل المؤمن والمنافق.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثلُ المؤمن كمثل الزرع، لا تزالُ الريحُ تُميلُهُ، ولا يَزالُ المُؤمنُ يُصيبُهُ البلاء، ومثلُ المنافقِ كمثلِ شجرةِ الأرز*، لا تَهتزُّ حتى تَستَحصِد). (3)

جاء في كتاب المنهاج، شرح صحيح مسلم بن حجاج: معنى الحديثِ أَن المؤْمن كثيرُ الآلامِ في بدنه أَو أَهله أَو ماله، وذلك مُكفِّرٌ لسيِّئَاته ورافعٌ لدرجاته، وأَما الكافر أو المنافق فقليلُها، وَإِن وقعَ به شيءٌ لم يُكفِّر شيئا مِنْ سيِّئَاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة. (4)

من فقه الحديث:

أ. لا يخلو مؤمن من محنة.

ب. من ضعف إيمانه قل بلاؤه.

(1) - مسلم، صحيح مسلم، كتاب الزهد والرقائق، بَابُ الْمُؤْمِنُ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْر، ج 4، ص 2295، حديث رقم 2999.

(2)

- النجدي، فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي، (توفي: 1376 هـ)، تطريز رياض الصالحين، تحقيق: د. عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم الزير آل حمد، الرياض، دار العاصمة للنشر والتوزيع، ط 1، 1423 هـ-2002 م، ص 37.

(3)

- مسلم، صحيح مسلم، كتاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَابُ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالزَّرْعِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَشَجَرِ الْأَرْزِ، ج 4، ص 2163، حديث رقم 2809.

*- الأرز شجر حرجية من فصيلة الصنوبريات، (تستحصد) أي لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه (النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن حجاج، ج 7، ص 151 - 153)

(4)

- انظر؛ النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن حجاج، ج 7، ص 151 - 153.

ص: 128

5.

الصبر والرضا علامة التسليم.

عن انس رضي الله عنه قال: قال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ). (1)

قال ابن رجب: فهاتان درجتان للمُؤمن بالقضاءِ والقدَرِ في المصائبِ:

أَحدُهُما: أَن يرضى بذلك، وهي درجة عالية رفيعة جدا، قال اللهُ عز وجل:{مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)} [التغابن: 11]، هي المصيبةُ تُصيبُ الرَّجل، فيعلمُ أَنها من عند اللهِ، فَيُسلِّم لها ويرضى.

فالحياةُ الطيِّبةُ: هي الرِّضا والقناعةُ، فالرِّضا بابُ اللهِ الأَعظَم وجنَّةُ الدنيا ومستراح العابدين.

أما الدرجةُ الثانيةُ: أَن يَصبرَ على البلاءِ، وهذهِ لِمَن لَم يستطع الرِّضا بالقضاء، فالرِّضا فضلٌ مندُوبٌ إِليه، والصَّبرُ واجبٌ على المُؤمن حَتم، وفي الصَّبرِ خَير كثير، فإِن اللهَ أَمر به، ووعد عليه جزيل الأَجر، قال اللهُ عز وجل: {

إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (1)} [الزمر: 10]، وَقَالَ:{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 157].

والفرقُ بَينَ الرِّضا وَالصَّبرِ: أَن الصَّبرَ كَفُّ النَّفس وحبسُها عن التَّسخُّط مع وُجود الأَلم، وتمني زوال ذلك، وكفُّ الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع، والرضا: انشراحُ الصَّدر وسعتُهُ بالقضاءِ، وتركُ تمنِّي زوال ذلك المُؤلِم، وإِنْ وُجِدَ الإِحساسُ بالأَلمِ، لكنَّ الرِّضا يُخفِّفُه لِمَا يُباشرُ القلبَ مِنْ روح اليقين والمَعرِفةِ، وإِذا قَوِيَ الرِّضا، فقد يُزيلُ الإِحساسَ بالأَلمِ بالكُلِّيَّة. (2)

من فقه الحديث:

أ. بالصبر على البلاء تكفر السيئات وترفع الدرجات.

ب. من الأمور الدالة على محبة الله الإبتلاء.

ج. اصبر ولا تجزع فقضاء الله نافذ.

6.

الابتلاء بالأجسام من علامات قوة الايمان.

عن مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (قُلْتُ يَا رسول الله: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الأَنبياءُ ثُمّ الأَمثَلُ فَالأَمثلُ، فَيُبتلَى الرَّجُلُ على حَسَبِ دِينِهِ، فَإِن كَان دِينُهُ صُلبًا اشتَدَّ بلاؤُهُ، وإِن

(1) - الترمذي، سنن الترمذي، أبواب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، ج 4، ص 601، حديث رقم 2396. "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ".

(2)

- انظر؛ ابن رجب، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، ج 1، ص 486 - 488.

ص: 129

كانَ في دِينهِ رِقَّةٌ ابتُلي على حسَبِ دِينِهِ، فما يَبرَحُ البلاءُ بالعَبدِ حَتَّى يَترُكَهُ يَمشي على الأَرضِ ما عليهِ خطيئَة). (1)

جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ" أَي: أَكثر أَو أَصعبُ بلاء؟ أَي: مِحنَةً وَمُصيبةً، قال:"الأَنبياءُ" أَي: هُم أَشدُّ في الابتلاءِ، لأَنهُم يتلذذون بالبلاء كما يتلذَّذُ غيرُهُم بالنَّعماء، ولأَنهم لو لم يُبتلَوا لَتُوُهِّمَ فيهمُ الأُلوهيَّةُ، وليُهون على الأُمَّة الصَّبرُ على البليَّة. "ثُمَّ الأَمثلُ" أَيِ: الأَشبهُ بهم، "فَالأَمثَل": أَيِ الأَشرَفُ فَالأَشرفُ، والأَعلى فالأَعلى رُتبةً ومنزلةً يعني: مَنْ هو أَقربُ إِلى اللهِ بلاؤُهُ أَشدُّ ليكونَ ثوابُهُ أَكثرَ، إِذ لا يخلو واحدٌ منهُم مِنْ عظيم مِحنَةٍ، وجَسيمِ بَليَّة بالنِّسبةِ لأَهل زمنه، ويدُلُّ عليه قَولُه:"يُبتَلَى الرَّجُلُ على حَسَبِ دِينِهِ" أَي: مقداره ضعفًا وقُوَّة، ونقصا وكمالا. "فَإِنْ كَانَ دِينه صُلْبًا" أَي: شديدا، اشتَدَّ بلاؤُه أَي: كمِّيَّة وكيفيَّة، وإِن كان في دينه رقة هون عليه البلاء، ليكون ثوابهُ أَقلَّ، ولولا التخفيفُ في بلائه لَخُشِيَ عليه الكُفرُ مِنَ ابتلائهِ، "حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الْأَرْضِ": كنايةٌ عن خلاصه من الذُّنوب، فكَأَنهُ كان محبوسا، ثمَّ أُطلق وخُلِّيَ سبيله، "مَا لَهُ" أَي: عليه ذَنبٌ. (2)

من فقه الحديث:

أ. أتباع الأنبياء هم أشد الناس بلاء.

ب. المحن والبلايا مِمْحاةٍ للخطايا.

ج. بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.

7.

من يشكر النعمة ويؤدي حقها تدوم عليه.

عن ابي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ ثلاثةً في بني إِسرائيل: أَبرَص وأَقرعَ وأَعمى، بدا للهِ عز وجل أَن يَبتلِيهم، فَبعَث إِلَيهِم مَلَكا، فأَتى الأَبرَص، فقال: أَيُّ شيءٍ أَحبُّ إِليك؟ قال: لَونٌ حَسَنٌ، وَجِلدٌ حَسَنٌ، قَد قَذِرَنِي النَّاس، قال: فمسحهُ فذهب عنهُ، فأُعطيَ لونا حسنا، وجلدا حسنا، فقال: أَيُّ المال أَحب إِليك؟ قال: الإِبل، - أَو قال: البقرُ، هو شكَّ في ذلك: إِنَّ الأَبرصَ، والأَقرع، قال أَحدُهُما الإِبلُ، وقال الآخر: البقر -، فأُعطي ناقةً عشراءَ، فقال: يُبارَكُ لك فيها وأَتى الأَقرع فقال: أَي شيء أَحبُّ إِليك؟ قال شعر حسن، ويذهبُ عني هذا، قد قَذِرَنِي النَّاس، قال: فمَسَحَهُ فذهبَ وأُعطي شعرا حسنا، قال: فأي المال أَحبُّ إِلَيك؟ قال: البقر، قال: فأَعطاه بقرةً حاملا، وقال: يبارَكُ لك فيها، وأَتى الأَعمى فقال: أَيُّ شيءٍ أَحبُّ إِليك؟ قال: يَرُدُّ اللهُ إِليَّ بَصرِي، فأُبصِرُ به النَّاس، قال: فَمسحهُ فَرَدَّ اللهُ إِليهِ بصرهُ، قال: فأَيُّ المال أَحبُّ إِليك؟ قال الغنمُ: فَأَعطاهُ شاةً والِدًا، فأُنتجَ هذان وولَّدَ هذا، فكان لهذا وادٍ مِنْ إِبل، ولهذا وادٍ من بقر، ولهذا وادٍ من غنم، ثُم إِنه أَتى

(1) - الترمذي، سنن الترمذي، ابواب الزهد، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّبْرِ عَلَى البَلَاءِ، ج 4، ص 601، حديث رقم 2398، حكم الالباني حسن صحيح.

(2)

- انظر؛ القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج 3، ص 1140 - 1141.

ص: 130