المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى: - ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة - جـ ١

[صهيب فايز عزام]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الدراسات السابقة

- ‌أهمية الدراسة

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌مشكلة الدراسة

- ‌أهداف الدراسة

- ‌منهجية الدراسة

- ‌خطة البحث

- ‌الفصل الأولمفهوم ذوي الاحتياجات الخاصةفي اللغة والاصطلاحومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة:

- ‌ المبحث الثاني- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح

- ‌ المبحث الثالث- معانٍ ذاتُ دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌الفصل الثانيأنواع الإصابة وأسبابها عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- أنواع الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول- الاصابة الحركية

- ‌ المطلب الثاني الإصابة الحسية:

- ‌ المطلب الثالث الاصابة العقلية:

- ‌ المطلب الرابع الاصابة التواصلية:

- ‌ المبحث الثاني- أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي

- ‌ المطلب الثاني: إصابة الجنين اثناء الحمل أو الولادة:

- ‌ المطلب الثالث: الإصابة بسبب التعرض للحوادث:

- ‌المطلب الرابع: الإصابة بسبب الاعتداء:

- ‌ المطلب الخامس: الإصابة بسبب القصاص في الجنايات:

- ‌ المطلب السادس: الإصابة بسبب ما ينتج عن الأمراض العضوية أو النفسية:

- ‌الفصل الثالثذوو الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المبحث الاول: المصطلحات التي استخدمها القرآن الكريم للدلالة على ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الثاني: توجيه القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: هداية القرآن الكريم الى الطريق القويم:

- ‌1. المودة والرحمة:

- ‌2. التكافل والتعاون:

- ‌3. الاحترام والتقدير بين أفراد المجتمع:

- ‌4. العدالة والمساواة:

- ‌5. الشورى:

- ‌ المطلب الثالث: المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان:

- ‌ المطلب الرابع: التقوى والإيمان أساس المفاضلة في القرآن الكريم:

- ‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى:

- ‌ المبحث الثالث: مواقف خلدها القرآن الكريم لأناس من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: موقف أيوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في جسده:

- ‌ المطلب الثاني: موقف يعقوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب الثالث: موقف شعيب عليه السلام وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الرابع: موقف موسى عليه السلام وصبره على الإبتلاء بعقدة اللسان:

- ‌ المطلب الخامس: موقف ضمرة بن العيص وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب السادس: موقف عمرو بن الجموح وصبره على الإبتلاء بالعرج

- ‌ المطلب السابع: موقف عبد الله بن أُم مكتوم وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الثامن: موقف ثابت بن قيس وصبره على الإبتلاء بالصمم:

- ‌ المطلب التاسع: موقف معاذُ بْن جَبَلِ وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب العاشر: موقف عبد الرحمن بن عوف وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب الحادي عشر: موقف طلحة بن عبيد الله وصبره على الإبتلاء بشل يده

- ‌ المبحث الرابع: عناية القرآن الكريم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول: دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وعدم النفور منهم

- ‌ المطلب الثاني: احترام وتقدير ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الثالث: حسن معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية مطالبهم

- ‌ المطلب الرابع: استثناء القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة من بعض التكاليف

- ‌ المطلب الخامس: نزول قرآن بحق ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال معاذ بن جبل الذي كان أعرجَ

- ‌2 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال عمرو بن الجموح الذي كان أعرجَ

- ‌3 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل (كانا أعرجين)

- ‌4 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ابن أم مكتوم الذي كان أعمى

- ‌5 ـ ما نزل من قرآن واستثني منه الضعفاء

- ‌6 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ضمرة بن العيص المصاب في بصره

- ‌7. ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف الذي كان أعرجَ

- ‌8 ـ ما نزل من القرآن الكريم بحق الضعفاء

- ‌9 ـ ما نزل من القرآن الكريم دعما لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌10 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله طلحة بن عبيد الله الذي كانت يده مشلولة

- ‌11 ـ ما نزل من قرآن لرفع الحرج عن ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الخامس: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المطلب الأول: حقهم في الحياة:

- ‌ المطلب الثاني: حقهم في الكرامة

- ‌ المطلب الثالث: حقهم في الحرية:

- ‌ المطلب الرابع: حقهم في التعلم والتعليم

- ‌ المطلب الخامس: حقهم في الكسب والتصرف والتملك

- ‌ المطلب السادس: حقهم في العمل

- ‌ المطلب السابع: حقهم المالي من مصارف الزكاة

- ‌ المطلب الثامن: حقهم في الزواج والانجاب:

- ‌الفصل الرابعذوو الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌ المبحث الأول: مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌1. الضعفاء من اسباب الرزق والنصر

- ‌2. النبي صلى الله عليه وسلم يختار ابن أم مكتوم رضي الله عنه مؤذنا وهو أعمى

- ‌3. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير إكراما له

- ‌4. الرسول صلى الله عليه وسلم يوجه المسلمين لاختيار الأمراء الأَكْفاء وإن كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌5. الرسول صلى الله عليه وسلم يساوي بين دماء الضعفاء والأقوياء

- ‌6. قرب النبي صلى الله عليه وسلم من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لذوي الاحتياجات الخاصة لما هو خير لهم

- ‌ المطلب الثاني: مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم لقدرات الضعفاء

- ‌1. الأوامر والتكاليف تؤدى بقدر الاستطاعة

- ‌2. مراعاة قدرات الضعفاء في الصلاة

- ‌3. النبي يوصي الأئمة بالتجوز في الصلاة مراعاة لقدرات الضعفاء

- ‌4. امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخير صلاة العشاء رحمة بالضعفاء

- ‌5. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير لييسر عليه أداء صلاة الجماعة:

- ‌6. إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من وجوب الجهاد

- ‌7. العقل مناط التكليف:

- ‌ المطلب الثالث: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. فضل من يرحم الضعفاء

- ‌2. أهمية التراحم بين أهل العافية وذوي الاحتياجات الخاصة:

- ‌3. الرسول يحذر من ظلم الضعفاء

- ‌4. من الرحمة بذوي الاحتياجات الخاصة عدم غيبتهم:

- ‌5. الرسول يوصي الأقوياء بأن يرحموا الضعفاء

- ‌ المطلب الرابع: الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. التحذير من الاحتجاب عن الضعفاء وترك قضاء حوائجهم

- ‌2. من أعظم أبواب الصدقة معاونة ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌3. الوعيد بالطرد من رحمة الله عز وجل لمن ضلل الأعمى

- ‌4. من أعان صاحب حاجة كان الله في عونه:

- ‌5. حديث جامع في فضل من يعين ذوي الاحتياجات

- ‌6. حق المسلم وحرمة دمه:

- ‌8. الدفاع عن المسلم

- ‌1. الإصابة في الأبدان علامة خير للإنسان

- ‌2. الجنة جزاء من صبر على الصرع:

- ‌3. من فقد بصره فصبر واحتسب عوضه الله الجنة:

- ‌4. أعرج يمشي برجله صحيحة في الجنة:

- ‌5. طلحة "من المبشرين بالجنة" ويده مشلولة:

- ‌6. تفقد ذوي الاحتياجات الخاصة والسؤال عنهم

- ‌7. إصابة الاجسام كفارة للخطايا والآثام

- ‌8. أن يرضى العبد بما اختاره الله فهو خير له

- ‌9. أهل البلاء يوم القيامة أعظم ثوابا:

- ‌ المطلب الثاني: العبرة بسلامة القلوب والسرائر لا بسلامة الأجساد والمظاهر

- ‌1. مناط التفضيل بين الناس تقوى الله عز وجل

- ‌2. يُقدَّر الإنسان عند النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان

- ‌3. الوزن يوم القيامة للإيمان لا للأجسام

- ‌4. إستعن بالله فأنت قوي

- ‌5. القرب من الله بسلامة الجوهر لا بسلامة المظهر

- ‌6. بالتقوى والإيمان يَفضُل الإنسان

- ‌7. افتخار الجنة واعتزازها بالضعفاء

- ‌ المطلب الثالث: توجيه السنة لذوي الاحتياجات الخاصة للاندماج في المجتمع

- ‌2. صلاة الجماعة من أهم الأعمال لأفراد المجتمع

- ‌3. التعاون والتكافل

- ‌4. التواد والتعاطف بين افراد المجتمع توجيه نبوي

- ‌5. من رأى مبتلى في المجتمع

- ‌6. الضمان الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. وأنت في المجتمع انظر الى من هو دونك

- ‌8. استعن على البلاء بالدعاء

- ‌9. كن مطمئناً ما أصابك لم يكن ليخطئك

- ‌10. إصبر على اختيار الله فهو الخير

- ‌11. شدة مآل صاحبها إلى الجنة

- ‌ المطلب الرابع: البلاء يكشف عن معادن الرجال

- ‌3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان

- ‌8. النار مأوى للجبارين والجنة مأوى للضعفاء والمساكين:

- ‌1. طلحة بن عُبَيد الله رضي الله عنه "يده مشلولة

- ‌2. عبد الرَّحمَن بن عَوف رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌3. ابن أم مكتوم رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌4. عمران بن حصين رضي الله عنه "كان مُقعدا

- ‌5. عتبان بن مالك بن عجلان الأنصاري رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌6. مُعاذ بن جبل رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌7. ثَابت بن قيس رضي الله عنه "كان في أذنه وَقَر

- ‌8. عبد اللهِ بن عميرٍ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌9. ابو سفيان رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌10. ابو قحافة رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌11. العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌12. عبد الله بن عباس رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌13. جابر بن عبد اللهِ رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌14. ابن أبي أوفى رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌15. كعب بن مالك رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌16. أبو أسيد الساعدي رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌17. عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌18. حسان بن ثابت رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌19. مَخرَمَةُ بْن نوفل رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌20. أبو عِنَبَة الخَوَلَانيّ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌21. أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما "أصيبت بالعمى

- ‌22. أم زُفَر الحبشية رضي الله عنها "مصابة بالصرع

- ‌قائمة المراجع والمصادر

الفصل: ‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى:

قال الطبري: " يقول تعالى ذِكره: لَم يُصَبْ أَحدٌ من الخلقِ مُصيبةٌ {إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} يَقُولُ: إِلَّا بقضاء الله وَتقديره ذلك عليه {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، يقول: ومن يُصدِّق بِالله، فيعلم أَنَّه لا أَحد تُصيبُه مُصيبةٌ إِلا بِإِذن الله بذلك يهد قلبه: يقول: يوفق الله قلبه بالتسليم لأَمره والرضا بقضائه". (1)

قد يقول قائل لماذا تنزل المصائب والابتلاءات على أهل الإيمان، فنجد الإمام القرطبي يقول:"إن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله عن المصائب في الدنيا، فبين الله تعالى أَن ما أَصاب من مصيبة في نفس أَو مال أَو قول أَو فعلٍ، يقتضي هَمَّا أَو يوجب عقابًا عاجلا أَو آجلا فبعلم الله وقضائه". (2)

فهذه رسالة ربانية للمسلمين أنَّ كل شيء يقع إنما هو بقضاء وقدر، ومن المعلوم أنَّ المسلم لا يكتمل إيمانه إلا بتسليمه المطلق بالقضاء والقدر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:(يا غُلامُ، أَو يا غُلَيِّمُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنفعُكَ اللهُ بِهنَّ؟ " فقُلتُ: بلى. فَقَالَ: " احفَظِ اللهَ يَحفَظكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّف إِلَيهِ في الرَّخاءِ، يَعرِفكَ في الشِّدَّةِ، وَإِذَا سأَلتَ، فَاسأَلِ اللهَ، وَإِذَا استَعَنتَ، فَاستَعِن بِاللهِ، قَد جَفَّ القلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَو أَنَّ الخَلقَ كُلَّهُم جَمِيعًا أَرَادُوا أَن يَنفَعُوكَ بِشَيءٍ لَم يَكتُبهُ اللهُ عَلَيكَ، لَم يَقدِرُوا عَلَيهِ، وَإِن أَرَادُوا أَن يَضُرُّوك بِشَيءٍ لَم يَكتُبهُ اللهُ علَيكَ، لم يَقدرُوا عَلَيهِ، واعلَم أنَّ في الصَّبرِ على ما تَكرَهُ خَيرًا كثِيرا، وأَنَّ النَّصرَ مَع الصَّبرِ، وأَنَّ الفَرجَ مَع الكَربِ، وأَنَّ مع العُسرِ يُسرا). (3)

فما أصاب ذوي الاحتياجات الخاصة يدخل في القضاء والقدر والتسليم بذلك والصبر عليه توجيه قرآني وهدي نبوي، لأنه جزء لا يتجزأ من الإيمان مع التأكيد أن الحياة الدنيا عابرة والله عز وجل وعد في الآخرة ثوابا عظيما للمؤمنين الصابرين.

•‌

‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى:

إن القرآن الكريم لم يهمل المصيبة الجسدية، ولم ينكر وجودها ولم يتجاهل أثرها في نفس صاحبها، ولذلك فقد وجه المسلم الى الصبر على ما يواجهه في هذه الحياة من متاعب ومصاعب، وما ينزل به من ابتلاء يحل في جسمه او في أهله، ووعده بالأجر العظيم إن هو صبر واحتسب، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تحدثت عن الصبر والصابرين، وما وعدهم الله فيها من الأجر العظيم، فقد بشرهم الله تعالى فقال:{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} [البقرة: 156]، قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: أي بشرهم لصبرهم على الإمتحان،

(1) - الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج 23، ص 421.

(2)

- القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 18، ص 139.

(3)

- احمد بن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (توفي: 241 هـ)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد، وآخرون، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1421 هـ-2001 م، مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ج 5، ص 19.حديث رقم 2803، حكم الأرنؤوط حديث صحيح.

ص: 41

والتزامهم بأحكام الله، وأدائهم ما أمر الله، مع ابتلاء الله لهم، حيث كانوا يقولون:{إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (1)، وجاء في صفوة التفاسير:"وبشر الصابرين على المصائب والبلاء بجنات النعيم ثم بين تعالى تعريف الصابرين بقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} أي نزل بهم كرب أو بلاء أو مكروه، قالوا: {إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أي استرجعوا وأقروا أنهم عبيد لله يفعل بهم ما يشاء."(2)

وفي معيّة الله للصابرين قال تعالى: {

وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال: 46].

قال الشوكاني رحمه الله: " أَخبَرهُم بأَنهُ مع الصَّابرين في كل أَمرٍ يَنبَغي الصَّبر فيه، ويا حبذا هذه المعية التي لا يَغلِبُ مَن رُزقها غَالبٌ، ولا يُؤتى صاحبُها مِن جهة مِنَ الجهات، وإِن كانت كثيرةً "(3).

وعن محبة الله لهم، قال تعالى: {

وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)} [آل عمران: 146].

قال الرازي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: " والمَعنى أَن مَنْ صَبرَ على تَحَمُّلِ الشدائد في طريق اللهِ ولم يُظهرِ الجزع والعَجزَ وَالهلعَ فإِن اللهَ يُحبُّهُ، ومحبَّةُ اللهِ تعالى للعَبدِ عبارة عن إِرادة إكرامه وإعزازه وتعظيمه، والحكم له بالثَّواب وَالجنةِ، وذلك نهايةُ الْمَطلوب". (4)

وأما عظم الأجر الذي أعده الله للصابرين، قال تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)} [الزُّمر: 10]،

قال الطبري رحمه الله: إنما يعطي الله أهل الصبر على ما لقوا في الدنيا ثوابهم بغير حساب، (5) وقال الأوزاعي:"ليس يوزن لهم ولا يكال لهم إنما يغرف لهم غرفا."(6)

قال الامام القرطبي: والصبر يورث الرضى بقضاء الله، وعلامة الرضا سكون القلب بما ورد على النفس من المكروهات والمحبوبات.

فالصبر ترك الشكوى، والصبر حده ألا تعترض على التقدير، فأما إظهار البلوى على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر (7).

وفي نهاية هذا المبحث يتبين أن القرآن الكريم يهدي الى الطريق القويم، ويُعطي كل ذي حق حقه الضعيف والقوي، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة توجه ذوي الاحتياجات الخاصة لبيان فضلهم وحقوقهم وواجباتهم، وأن ما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة لا ينقص من كرامتهم ولا يحط من قيمتهم، فالبلاء الحقيقي هو ما يصيب الإيمان لا ما يصيب الأبدان، فكرّم الله عز وجل الانسان سواء في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة أو غيرهم وجعلهم في معظم المسؤوليات والجزاء

(1) - انظري؛ الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج 3، ص 221.

(2)

- الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، القاهرة، دار الصابوني للطباعة والنشر، ج 1، ص 107.

(3)

- الشوكاني، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني، (توفي: 1250 هـ)، فتح القدير، دمشق، وبيروت، دار ابن كثير، ودار الكلم الطيب، ط 1، 1414 هـ، ج 2، ص 359.

(4)

- فخر الدين الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي، (توفي: 606 هـ)، مفاتيح الغيب = التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ، ج 9، ص 381.

(5)

- انظر؛ الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج 21، ص 270.

(6)

- ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 7، ص 79.

(7)

- انظر؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 2، ص 174.

ص: 42

متساويين، وما أصاب ذوي الاحتياجات الخاصة فبقدر الله عز وجل، والتسليم بذلك والصبر عليه توجيه قرآني وهدي نبوي لأنه جزء لا يتجزأ من الإيمان، وان الله عز وجل وعد الصابرين بالأجر العظيم إن هم صبروا على ما أصابهم من مصائب ومصاعب واحتسبوا الأجر والثواب عند الله.

ص: 43