المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي - ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة - جـ ١

[صهيب فايز عزام]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الدراسات السابقة

- ‌أهمية الدراسة

- ‌أسباب اختيار الموضوع

- ‌مشكلة الدراسة

- ‌أهداف الدراسة

- ‌منهجية الدراسة

- ‌خطة البحث

- ‌الفصل الأولمفهوم ذوي الاحتياجات الخاصةفي اللغة والاصطلاحومعانٍ ذات دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في اللغة:

- ‌ المبحث الثاني- مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة في الاصطلاح

- ‌ المبحث الثالث- معانٍ ذاتُ دلالة لمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌الفصل الثانيأنواع الإصابة وأسبابها عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الأول- أنواع الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول- الاصابة الحركية

- ‌ المطلب الثاني الإصابة الحسية:

- ‌ المطلب الثالث الاصابة العقلية:

- ‌ المطلب الرابع الاصابة التواصلية:

- ‌ المبحث الثاني- أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي

- ‌ المطلب الثاني: إصابة الجنين اثناء الحمل أو الولادة:

- ‌ المطلب الثالث: الإصابة بسبب التعرض للحوادث:

- ‌المطلب الرابع: الإصابة بسبب الاعتداء:

- ‌ المطلب الخامس: الإصابة بسبب القصاص في الجنايات:

- ‌ المطلب السادس: الإصابة بسبب ما ينتج عن الأمراض العضوية أو النفسية:

- ‌الفصل الثالثذوو الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المبحث الاول: المصطلحات التي استخدمها القرآن الكريم للدلالة على ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الثاني: توجيه القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: هداية القرآن الكريم الى الطريق القويم:

- ‌1. المودة والرحمة:

- ‌2. التكافل والتعاون:

- ‌3. الاحترام والتقدير بين أفراد المجتمع:

- ‌4. العدالة والمساواة:

- ‌5. الشورى:

- ‌ المطلب الثالث: المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان:

- ‌ المطلب الرابع: التقوى والإيمان أساس المفاضلة في القرآن الكريم:

- ‌ المطلب السادس: عظم أجر الصابرين عند الله تعالى:

- ‌ المبحث الثالث: مواقف خلدها القرآن الكريم لأناس من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الأول: موقف أيوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في جسده:

- ‌ المطلب الثاني: موقف يعقوب عليه السلام وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب الثالث: موقف شعيب عليه السلام وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الرابع: موقف موسى عليه السلام وصبره على الإبتلاء بعقدة اللسان:

- ‌ المطلب الخامس: موقف ضمرة بن العيص وصبره على الإبتلاء في بصره:

- ‌ المطلب السادس: موقف عمرو بن الجموح وصبره على الإبتلاء بالعرج

- ‌ المطلب السابع: موقف عبد الله بن أُم مكتوم وصبره على الإبتلاء بالعمى:

- ‌ المطلب الثامن: موقف ثابت بن قيس وصبره على الإبتلاء بالصمم:

- ‌ المطلب التاسع: موقف معاذُ بْن جَبَلِ وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب العاشر: موقف عبد الرحمن بن عوف وصبره على الإبتلاء بالعرج:

- ‌ المطلب الحادي عشر: موقف طلحة بن عبيد الله وصبره على الإبتلاء بشل يده

- ‌ المبحث الرابع: عناية القرآن الكريم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌المطلب الأول: دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وعدم النفور منهم

- ‌ المطلب الثاني: احترام وتقدير ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المطلب الثالث: حسن معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية مطالبهم

- ‌ المطلب الرابع: استثناء القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة من بعض التكاليف

- ‌ المطلب الخامس: نزول قرآن بحق ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال معاذ بن جبل الذي كان أعرجَ

- ‌2 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله سؤال عمرو بن الجموح الذي كان أعرجَ

- ‌3 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل (كانا أعرجين)

- ‌4 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ابن أم مكتوم الذي كان أعمى

- ‌5 ـ ما نزل من قرآن واستثني منه الضعفاء

- ‌6 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله ضمرة بن العيص المصاب في بصره

- ‌7. ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله عبد الرحمن بن عوف الذي كان أعرجَ

- ‌8 ـ ما نزل من القرآن الكريم بحق الضعفاء

- ‌9 ـ ما نزل من القرآن الكريم دعما لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌10 ـ ما نزل من قرآن وكان سبب نزوله طلحة بن عبيد الله الذي كانت يده مشلولة

- ‌11 ـ ما نزل من قرآن لرفع الحرج عن ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌ المبحث الخامس: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم

- ‌ المطلب الأول: حقهم في الحياة:

- ‌ المطلب الثاني: حقهم في الكرامة

- ‌ المطلب الثالث: حقهم في الحرية:

- ‌ المطلب الرابع: حقهم في التعلم والتعليم

- ‌ المطلب الخامس: حقهم في الكسب والتصرف والتملك

- ‌ المطلب السادس: حقهم في العمل

- ‌ المطلب السابع: حقهم المالي من مصارف الزكاة

- ‌ المطلب الثامن: حقهم في الزواج والانجاب:

- ‌الفصل الرابعذوو الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌ المبحث الأول: مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية

- ‌1. الضعفاء من اسباب الرزق والنصر

- ‌2. النبي صلى الله عليه وسلم يختار ابن أم مكتوم رضي الله عنه مؤذنا وهو أعمى

- ‌3. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير إكراما له

- ‌4. الرسول صلى الله عليه وسلم يوجه المسلمين لاختيار الأمراء الأَكْفاء وإن كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌5. الرسول صلى الله عليه وسلم يساوي بين دماء الضعفاء والأقوياء

- ‌6. قرب النبي صلى الله عليه وسلم من ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لذوي الاحتياجات الخاصة لما هو خير لهم

- ‌ المطلب الثاني: مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم لقدرات الضعفاء

- ‌1. الأوامر والتكاليف تؤدى بقدر الاستطاعة

- ‌2. مراعاة قدرات الضعفاء في الصلاة

- ‌3. النبي يوصي الأئمة بالتجوز في الصلاة مراعاة لقدرات الضعفاء

- ‌4. امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخير صلاة العشاء رحمة بالضعفاء

- ‌5. النبي صلى الله عليه وسلم يلبي دعوة ضرير لييسر عليه أداء صلاة الجماعة:

- ‌6. إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من وجوب الجهاد

- ‌7. العقل مناط التكليف:

- ‌ المطلب الثالث: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. فضل من يرحم الضعفاء

- ‌2. أهمية التراحم بين أهل العافية وذوي الاحتياجات الخاصة:

- ‌3. الرسول يحذر من ظلم الضعفاء

- ‌4. من الرحمة بذوي الاحتياجات الخاصة عدم غيبتهم:

- ‌5. الرسول يوصي الأقوياء بأن يرحموا الضعفاء

- ‌ المطلب الرابع: الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌1. التحذير من الاحتجاب عن الضعفاء وترك قضاء حوائجهم

- ‌2. من أعظم أبواب الصدقة معاونة ذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌3. الوعيد بالطرد من رحمة الله عز وجل لمن ضلل الأعمى

- ‌4. من أعان صاحب حاجة كان الله في عونه:

- ‌5. حديث جامع في فضل من يعين ذوي الاحتياجات

- ‌6. حق المسلم وحرمة دمه:

- ‌8. الدفاع عن المسلم

- ‌1. الإصابة في الأبدان علامة خير للإنسان

- ‌2. الجنة جزاء من صبر على الصرع:

- ‌3. من فقد بصره فصبر واحتسب عوضه الله الجنة:

- ‌4. أعرج يمشي برجله صحيحة في الجنة:

- ‌5. طلحة "من المبشرين بالجنة" ويده مشلولة:

- ‌6. تفقد ذوي الاحتياجات الخاصة والسؤال عنهم

- ‌7. إصابة الاجسام كفارة للخطايا والآثام

- ‌8. أن يرضى العبد بما اختاره الله فهو خير له

- ‌9. أهل البلاء يوم القيامة أعظم ثوابا:

- ‌ المطلب الثاني: العبرة بسلامة القلوب والسرائر لا بسلامة الأجساد والمظاهر

- ‌1. مناط التفضيل بين الناس تقوى الله عز وجل

- ‌2. يُقدَّر الإنسان عند النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان

- ‌3. الوزن يوم القيامة للإيمان لا للأجسام

- ‌4. إستعن بالله فأنت قوي

- ‌5. القرب من الله بسلامة الجوهر لا بسلامة المظهر

- ‌6. بالتقوى والإيمان يَفضُل الإنسان

- ‌7. افتخار الجنة واعتزازها بالضعفاء

- ‌ المطلب الثالث: توجيه السنة لذوي الاحتياجات الخاصة للاندماج في المجتمع

- ‌2. صلاة الجماعة من أهم الأعمال لأفراد المجتمع

- ‌3. التعاون والتكافل

- ‌4. التواد والتعاطف بين افراد المجتمع توجيه نبوي

- ‌5. من رأى مبتلى في المجتمع

- ‌6. الضمان الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة

- ‌7. وأنت في المجتمع انظر الى من هو دونك

- ‌8. استعن على البلاء بالدعاء

- ‌9. كن مطمئناً ما أصابك لم يكن ليخطئك

- ‌10. إصبر على اختيار الله فهو الخير

- ‌11. شدة مآل صاحبها إلى الجنة

- ‌ المطلب الرابع: البلاء يكشف عن معادن الرجال

- ‌3. الشكر في الرخاء والصبر على البلاء علامة الإيمان

- ‌8. النار مأوى للجبارين والجنة مأوى للضعفاء والمساكين:

- ‌1. طلحة بن عُبَيد الله رضي الله عنه "يده مشلولة

- ‌2. عبد الرَّحمَن بن عَوف رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌3. ابن أم مكتوم رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌4. عمران بن حصين رضي الله عنه "كان مُقعدا

- ‌5. عتبان بن مالك بن عجلان الأنصاري رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌6. مُعاذ بن جبل رضي الله عنه "كان مصاباً بالعرجَ

- ‌7. ثَابت بن قيس رضي الله عنه "كان في أذنه وَقَر

- ‌8. عبد اللهِ بن عميرٍ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌9. ابو سفيان رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌10. ابو قحافة رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌11. العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌12. عبد الله بن عباس رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌13. جابر بن عبد اللهِ رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌14. ابن أبي أوفى رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌15. كعب بن مالك رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌16. أبو أسيد الساعدي رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌17. عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه "اصيب بالعمى

- ‌18. حسان بن ثابت رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌19. مَخرَمَةُ بْن نوفل رضي الله عنه "أصيب بالعمى

- ‌20. أبو عِنَبَة الخَوَلَانيّ رضي الله عنه "كان أعمى

- ‌21. أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما "أصيبت بالعمى

- ‌22. أم زُفَر الحبشية رضي الله عنها "مصابة بالصرع

- ‌قائمة المراجع والمصادر

الفصل: ‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي

•‌

‌ المبحث الثاني- أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة

إن الإصابات عند ذوي الاحتياجات الخاصة ترجع الى أسباب وعوامل أدت الى حدوثها، اتناولها في هذا المبحث في مطالب ستة:

‌المطلب الأول الإصابة بسبب عامل وراثي

.

المطلب الثاني: إصابة الجنين أثناء الحمل أو الولادة.

المطلب الثالث: الإصابة بسبب التعرض للحوادث.

المطلب الرابع: الإصابة بسبب الاعتداء.

المطلب الخامس: الإصابة بسبب القصاص في الجنايات.

المطلب السادس: الاصابة بسبب ما ينتج عن الأمراض العضوية أو النفسية.

• المطلب الأول: الإصابة بسبب عامل وراثي:

إن من أبرز أسباب الإصابة عند ذوي الاحتياجات الخاصة ما يعرف بالعامل الوراثي، فللعوامل الوراثية تأثير هام في نشوء الإصابة وتطورها، ويعزى لتلك العوامل السبب في حدوث حالات الإصابة المتوسطة والشديدة، وهي تشمل الحالات التي تنتقل من جيل الى جيل، إذْ يتم نقل الخصائص أو السمات، من السلف الى الخلف عن طريق الجينات* (1). مما يؤدي الى إصابة بعض الأفراد بالشلل، أو العمى، أو الصمم، ونحو ذلك.

وقد يقع تساؤل هل الزواج من الأقارب بحد ذاته سبب للأمراض الوراثية؟

أجيب على هذا التساؤل من ناحيتين: شرعية وطبية، أما من الناحية الشرعية فلم يثبت ما يدل على ذلك، وأما ما يتناقله الناس من قولهم غربوا النكاح وينسبونه الى النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا القول لم تثبت صحته الى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بحثت في كتب الحديث عنه فلم أجده وأما ما ورد في هذا المعنى، فهي نصيحة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قدمها لآل السائب، الذين حصروا الزواج فيما بينهم، (عن ابن أَبي مُلَيكة قال: قال عمر لِآل السَّائب قد أَضوأتُم فانكحوا في النَّوابِغ، قال الحَربيُّ يعني تزوَّجوا الغرائب). (2)

جاء في معجم مقاييس اللغة: "ضَوِيَ" الضَّادُ والواوُ والياءُ أَصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هُزال، يقال: غُلام ضاوِي: مهزول، وجارِية ضاوِيَّةٌ، وكانت العربُ تقول: إِذا تقارب نسبُ الأَبوين خرج الولدُ ضاوِيا (3).

(1) - انظر؛ رشوان، د. حسين عبد الحميد، الاعاقة والمعوقون، ص 75.

*- الجين: "وحدة وراثيَّة موجودة في الكروموسوم تحدِّد خصائص معيَّنة للكائن الحيّ". (د. أحمد مختار عبد الحميد، معجم اللغة العربية المعاصر، ج 3، ص 2421).

(2)

- ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، ، (توفى: 852 هـ)، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، دار الكتب العلمية، ط 1، 1419 هـ-1989 م، كتاب النكاح، باب ما جاء في استحباب النكاح وصفة المخطوبة وغير ذلك، ج 3، ص 309.

(3)

- انظر؛ احمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج 3، ص 376.

ص: 22

إن الاسلام لم يُحَرِّم زواج الأقارب، بل جعله مباحا دل على ذلك قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ الَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (50)} [الأحزاب: 50]

قال الامام الطبري رحمه الله: فأحل الله له صلى الله عليه وسلم من بنات عمه وعماته وخاله وخالاته، المهاجرات معه منهن دون من لم يهاجر منهن معه، يعني: اللاتي تزوجتهن بصداق مسمى. (1)

فهذا نص صريح على زواج الأقارب، والنبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته فاطمة لابن عمه علي رضي الله عنه، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على حسن الاختيار سواءٌ أكان من الأقارب أم من غيرهم، عن عائشة قالت: قال صلى الله عليه وسلم: (تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا اليهم). (2)

اما رأي العلم والطب بزواج الأقارب، فيقول الدكتور محمد الربيعي في كتابه "الوراثة والإنسان":" كل منا يحمل من أربعة الى ثمانية جينات شريرة أو مشوهة، إلا أنها لا تشكل اي خطر على صحتنا، لأنها توجد متنحية، ولقد قدر أن كل واحد من ثلاثة أشخاص طبيعيين يحمل جينا مختبئا، يؤدي في حالة وجوده بشكل زوجي الى قصور عقلي خطير، وعند زواج شخص بآخر من نفس العشيرة، فان الاحتمال كبير في أن يكون الزوج حاملا لنفس الجين الشرير، ويرتفع ذلك الاحتمال عند الزواج من نفس العائلة، مما يؤدي الى زيادة مضطردة في احتمال ولادة أطفال مصابين بأحد الأمراض الوراثية، ويساوي احتمال ولادة طفل مصاب بمرض وراثي، لأولاد العم أو الخال من 6 - 8%، في مقابل احتمال 3 - 4% لظهور مثل ذلك المرض في المجتمع ككل، لذلك لا ينصح بزواج أبناء العم خصوصا، عند وجود حالة مرضية وراثية في العائلة". (3)

فلا تعارض بين الشّرع والعلم فكل منهما يدعو لحسن الاختيار، فهو العامل الأساسي لتجنب الإصابة بالأمراض الوراثية، سواءٌ أكان مِنَ الأقارب أمْ مِنَ الأباعد.

(1) - انظر؛ الطبري، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر، (توفى: 310 هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة للنشر، ط 1، 2014 هـ-2001 م، ج 20، ص 284.

(2)

- ابن ماجة، ابو عبد الله بن يزيد القزويني، (توفي: 273 هـ)، سنن ابن ماجة، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، دار الرسالة العالمية، ط 1، 1430 هـ-2009 م، أبواب النكاح، باب الأكفاء، ج 3، ص 14، حكم الأرنؤوط حديث حسن بطرقه وشواهده.

(3)

- د. محمد الربيعي، الوراثة والانسان، الكويت، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ص 56، 57.

ص: 23