الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول في حقيقته
(1)
قوله: (وهو المحتمل للصدق والكذب لذاته، احترازًا من خبر (2) المعصوم، والخبر على خلاف الضرورة) (3).
ش: اختلف (4) في الخبر هل يحد أو لا يحد؟ قولان، فإذا قلنا: لا يحد ففيه قولان، قيل: لعسره (5)، وقيل: لأنه ضروري (6).
فإذا (7) قلنا بأنه يحد فقيل: هو الكلام الذي يدخله الصدق والكذب، قاله
(1) انظر مسائل هذا الفصل في: اللمع ص 207، والفصول 1/ 281، والمعتمد 2/ 542، والبرهان فقرة 488، والوصول 2/ 135، والمستصفى 1/ 132، والمحصول 2/ 1/ 307 وما بعدها، والإحكام للآمدي 2/ 4 وما بعدها، والعدة 3/ 839، والتمهيد 3/ 9، ومختصر ابن الحاجب 2/ 45، وفواتح الرحموت 2/ 100، والمعالم للرازي ص 234، وتيسير التحرير 3/ 24، وإرشاد الفحول ص 44، والإبهاج 2/ 310، والتبصرة 289، وشرح القرافي ص 346، والمسطاسي ص 94.
(2)
"الخبر" في ز.
(3)
في ش: "عن خلافا الضرورة"، وفي خ:"عن خلاف الضرورة".
(4)
"واختلف" في ز.
(5)
انظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 45، وشرح الكوكب المنير 2/ 295، وشرح حلولو ص 294.
(6)
هذا رأي الإمام الرازي في المحصول 2/ 1/ 314، وانظر أيضًا: المعالم للرازي ص 234، والإحكام للآمدي 2/ 4، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 45، وفواتح الرحموت 2/ 100، وشرح حلولو ص 294.
(7)
"وإذا" في ز.
المعتزلة (1) والقاضي أبو (2) بكر منا (3)(4).
واعترض هذا الحد بأنه يقتضي دخول الصدق في كل خبر، ودخول الكذب في كل خبر، وليس الأمر كذلك، فإن من الخبر ما لا يدخله إلا الصدق، ومن الخبر ما لا يدخله إلا الكذب (5).
فإن خبر الله تعالى، وخبر الرسول عليه السلام، وخبر مجموع الأمة، لا يدخله إلا الصدق ولا يدخله الكذب.
وكذلك الخبر (6) على وفق الضرورة، كقولك: الواحد نصف الاثنين، فلا يدخله إلا الصدق.
(1) انظر: المعتمد 2/ 542، 543، والإحكام للآمدي 2/ 6، وشرح الكوكب المنير 2/ 289.
(2)
"أبي" في الأصل.
(3)
نسبه ابن الحاجب للقاضي في المختصر 2/ 45، لكن الباجي والجويني ذكراه عنه بلفظ "أو الكذب"، انظر: الفصول 1/ 281، والبرهان فقرة 488.
وهذا ما اختاره أبو يعلى في العدة 3/ 839، والغزالي في المستصفى 1/ 132.
(4)
تنوعت حدود الأصوليين للخبر، فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 289 وما بعدها، حيث ذكر ثمانية من حدود الأصوليين للخبر.
وانظر ما سبق في التعليقين (1) و (3) وأيضًا: جمع الجوامع 2/ 106، والمحصول 2/ 1/ 307 وما بعدها، والمعالم ص 233، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 9، والوصول 2/ 135، والحدود للباجي ص 60، والتعريفات للجرجاني ص 85، وشرح المسطاسي ص 94، 95.
(5)
انظر: الفصول 1/ 281، والوصول 2/ 136، والإحكام للآمدي 2/ 7، ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 45.
(6)
"الكذب" في ز.
ومثال ما لا يدخله إلا الكذب ولا يدخله الصدق: كالخبر على (1) خلاف (2) الضرورة، كقولك (3): الواحد نصف العشرة.
فالحد المذكور إذًا غير جامع، لأنه خرج عنه ما لا يدخله إلا الصدق وما لا يدخله إلا الكذب، ولأجل هذا قال المؤلف في حد الخبر: وهو المحتمل للصدق و [الكذب](4) لذاته (5)، فزاد قوله: لذاته، أي لذات الخبر، أي لنفس الخبر، احترازًا من احتمال أحدهما دون الآخر لأمر (6) عارض، لا من (7) ذات [الخبر](8) من حيث هو خبر، كخبر المعصوم، والخبر على وفق الضرورة، أو على خلاف الضرورة، فإن عدم احتمال الكذب أو عدم احتمال الصدق في ذلك إنما (9) عرض من جهة المخبر به أو من جهة المخبر عنه لا من جهة ذات الخبر، ولأجل هذا زاد المؤلف قوله: لذاته./ 270/
قوله: "احترازًا من خبر المعصوم والخبر على خلاف الضرورة"، أراد بالمعصوم الله تبارك وتعالى، ورسوله عليه السلام، ومجموع الأمة، وكذلك
(1)"عن" في ز.
(2)
"اختلاف" في ز.
(3)
"كقوله" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ذكر قريبًا من هذا الحد ابن همام الحنفي في التحرير، فانظره بشرح التيسير 3/ 24.
(6)
"لا من" في ز.
(7)
"ولا من" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
في هامش الأصل زيادة "هو".
الخبر على خلاف (1) الضرورة، فامتناع الصدق والكذب في هذه الأمور إنما هو بالنظر إلى متعلق الخبر لا بالنظر إلى ذاته (2)، وأما إن نظرت إلى معقول الخبر من حيث هو خبر مع قطع النظر عن متعلقه فهو محتمل للصدق والكذب.
قوله: (احترازًا من خبر المعصوم والخبر (3) على خلاف الضرورة) اعترض (4)[هذا](5) بأن قيل (6): إنما يحترز مما يراد خروجه ولا يحترز مما يراد دخوله.
أجيب عنه: بأن في الكلام حذف مضاف تقديره: احترازًا من خروج خبر المعصوم، والخبر على خلاف الضرورة.
ونظير هذه العبارة قول المؤلف في حد التخصيص في الباب الأول في الفصل الثامن: (فقولنا: أو ما يقوم مقامه: احترازًا من المفهوم)(7)، تقديره: احترازًا من خروج المفهوم، على حذف المضاف.
قال المؤلف في شرحه: الخبر من حيث هو خبر يحتمل الصدق والكذب والتصديق والتكذيب، فالصدق: هو مطابقة الخبر للمخبر عنه، والكذب: هو عدم مطابقة الخبر [للمخبر](8) عنه، والتصديق هو الإخبار عن كونه
(1)"وفق" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 346.
(3)
"والحبر" في ز.
(4)
"واعترض" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"يقال" في ز.
(7)
انظر: مخطوط الأصل ص 53، وشرح القرافي ص 51.
(8)
ساقط من ز.
صدقًا، والتكذيب: هو الإخبار عن كونه كذبًا، فالصدق والكذب نسبتان بين الخبر ومتعلقه، عدميتان لا وجود لهما في الأعيان، وإنما وجودهما في الأذهان:
والتصديق والتكذيب خبران وجوديان في الأعيان (1) مسموعان، فظهر الفرق بين الصدق والتصديق و [بين](2) الكذب والتكذيب.
[و](3) قوله في حد الخبر: هو المحتمل للصدق والكذب [والتصديق والتكذيب](4)، كما قال في الشرح (5) معترض بأن قيل: الصدق والكذب نسبتان بين الخبر ومتعلقه، والنسبة بين الشيئين لا تعرف [إلا](6) بعد معرفتهما، فتعريف الخبر بهما تعريف الشيء بما لا يعرف (7) إلا بعد معرفته وهو محال (8)، وكذلك التصديق والتكذيب: هما نوعان من أنواع الخبر، والنوع لا يعرف (9) إلا بعد معرفة الجنس فتعريف الجنس بهما أيضًا دور (10).
(1) انظر: شرح القرافي ص 346، وفيه اختلاف يسير عما هنا. وانظر: شرح المسطاسي ص 95.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 346.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"مما لا يعرف" في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 346، 347، والمسطاسي ص 95.
(9)
"وأنواع لا تعرف" في ز.
(10)
انظر: المحصول 2/ 1/ 308، والمعالم ص 233، والإحكام للآمدي 2/ 6، وشرح =
أجيب عن ذلك: بأن الحد شرح اللفظ، وهو نسبة اللفظ إلى المعنى، [والمعنى](1) في نفسه معروف فلا دور (2).
وأجاب بعضهم: [بأن](3) النسبة (4) بين الخبر ومتعلقه معناها الإسناد، والصدق والكذب خلاف الإسناد، فالإسناد قابل لهما وهما مقبولان، والفرق بين القابل والمقبول ظاهر.
وقد أشار المؤلف إلى هذا في الباب الأول في الفصل السادس في حد الخبر بقوله: (إِسنادًا يقبل الصدق والكذب لذاته)(5).
قوله: (وقال الجاحظ (6): يجوز عزوه عن الصدق والكذب والخلاف (7) لفظي).
= القرافي ص 346، وشرح المسطاسي ص 95، وانظر: شرح حلولو ص 294 و295 حيث نسب هذا الاعتراض للإبياري.
(1)
ساقط من ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 247، والمسطاسي ص 95.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"بالنسبة" في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 41، مع ملاحظة سقوط بعض الكلمات في هذا الموضع من المتن المطبوع معه. وانظر: شرح المسطاسي ص 28، من مخطوط مكناس رقم 352.
(6)
أبو عثمان: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، المعروف بالجاحظ لجحوظ عينيه، أي بروزهما، أديب ظريف وكاتب بليغ له من الكتب البديعة: البيان والتبيين، والمحاسن والأضداد، والحيوان، عاش أغلب حياته في البصرة وإليه تنسب الفرقة الجاحظية من المعتزلة، وله مقالات في الكلام خالف فيها سائر المعتزلة. توفي سنة 255 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 11/ 526، والوفيات 3/ 470، وتاريخ بغداد 12/ 212، والفرق بين الفرق ص 175.
(7)
"والخلافي" في ز.
ش: مذهب أهل السنة: أن الخبر على قسمين خاصة: صادق، وكاذب، فلا واسطة بين الصدق والكذب (1).
وقال الجاحظ من المعتزلة: الخبر على ثلاثة أقسام: صادق، وكاذب، وغير صادق ولا كاذب (2).
وسبب الخلاف يرجع إلى العرب، هل وضعت العرب لفظ الصدق للمطابقة (3) كيف كانت، أو وضعته للمطابقة مع القصد إليها؟
وكذلك لفظ الكذب، هل وضعته العرب لعدم المطابقة كيف كانت، أو وضعته لعدم المطابقة مع القصد إلى ذلك؟ (4).
وإلى هذا السبب أشار المؤلف بقوله: والخلاف لفظي، أي هذا (5) الخلاف يرجع إلى التسمية، فعلى مذهب الجمهور لم تضع العرب لفظ الصدق والكذب إلا لمطابقة في الصدق وعدم المطابقة في الكذب، وعلى مذهب الجاحظ وضعت العرب لفظ الصدق والكذب للمطابقة مع اعتقادها في الصدق ولعدم المطابقة مع عدم اعتقادها (6) في الكذب.
(1) انظر: شرح القرافي ص 347، والمسطاسي ص 95، وشرح حلولو ص 295.
(2)
انظر: المعتمد 2/ 544، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 11، والوصول 2/ 131، والمحصول 2/ 1/ 318، ومختصر ابن الحاجب 2/ 50، والإحكام للآمدي 2/ 10، والإبهاج 2/ 310، وإرشاد الفحول ص 44.
(3)
"والمطابقة" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 348، والمسطاسي ص 96.
(5)
"وهذا" في ز.
(6)
"اعتقاد عدمها" في ز. ولعله الصواب ويجري هذا على قوله بعده:
الثاني: عدم المطابقة مع عدم الاعتقاد. إذ الأولى أن يقول: الكذب هو عدم المطابقة مع اعتقاد العدم؛ لأن عدم الاعتقاد قد يكون للجهل. =
فها هنا أربعة أوجه:
أحدها: المطابقة مع الاعتقاد.
الثاني: عدم المطابقة مع عدم الاعتقاد.
الثالث: المطابقة مع عدم الاعتقاد.
الرابع: عدم المطابقة مع حصول الاعتقاد.
فهذه أربعة أقسام:
مثال حصول المطابقة مع الاعتقاد، قولك: زيد في الدار إذا كان زيد في الدار واعتقدت أنه [فيها، فهذا خبر صادق بالاتفاق لوجود المطابقة والاعتقاد.
ومثال عدم المطابقة مع عدم الاعتقاد، قولك: زيد في الدار إذا لم يكن فيها واعتقدت أنه لم] (1) يكن (2) فيها، فهذا القسم كاذب (3) باتفاق لعدم (4)
= وتكون الأقسام الأربعة بعد كالآتي:
1 -
المطابقة مع اعتقادها.
2 -
عدم المطابقة مع اعتقاد العدم.
3 -
المطابقة مع اعتقاد العدم.
4 -
عدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة.
أقول: ولو عبر الشوشاوي بالقصد بدلاً من الاعتقاد لكان أسلم، والتعبير بالقصد هو صنيع القرافي في شرحه ص 347، فيكون الصدق موضوعًا للمطابقة مع قصدها، والكذب موضوعًا لعدم المطابقة مع قصدها.
والقسمان الآخران هما: المطابقة، وعدم المطابقة، مع عدم قصدهما، والله أعلم.
(1)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
"ليس" في ز.
(3)
"كذب" في ز.
(4)
"ولعدم" في ز.
المطابقة وعدم الاعتقاد (1).
ومثال المطابقة مع عدم الاعتقاد، قولك: زيد في الدار إذا كان فيها واعتقدت أنه ليس فيها، فهذا (2) القسم محل الخلاف.
مذهب الجماعة أنه صدق لوجود المطابقة.
ومذهب الجاحظ أنه ليس بصدق ولا كذب لعدم اعتقاد المطابقة.
ومثال عدم المطابقة مع وجود الاعتقاد، قولك: زيد في الدار إذا لم يكن فيها واعتقدت أنه (3) فيها، فهذا القسم أيضًا محل الخلاف، فمذهب (4) الجماعة أنه كذب لعدم المطابقة.
ومذهب الجاحظ أنه ليس بصدق ولا كذب لعدم اعتقاد عدم المطابقة.
وهذه الأقسام الأربعة: اثنان بالاتفاق (5)، واثنان بالاختلاف (6) فَتَحَصَّلَ مما ذكرنا أن الصدق عند الجاحظ: هو المطابق مع اعتقاد أنه مطابق، والكذب هو غير المطابق مع اعتقاد أنه غير مطابق، وماعدا ذلك فليس بصدق ولا كذب عنده.
حجة الجماعة القائلين بحصر الخبر في قسمين: قوله
(1) لاحظ قوله: واعتقدت أنه لم يكن فيها، مع قوله: وعدم الاعتقاد، ثم ارجع للتعليق رقم (6) في الصفحة قبل السابقة، ويسري هذا على المثال الذي بعده.
(2)
"وهذا" في ز.
(3)
"لم يكن" زيادة في ز.
(4)
"مذهب" في ز.
(5)
"باتفاق" في ز.
(6)
"بالخلاف" في ز.
تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [بَلَى](1)
…
} إلى قوله: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} (2)، فدل على أن الكذب هو عدم المطابقة، وقوله عليه السلام:"مَنْ كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده في النار"(3) فدل على أن الكذب يتصور بدون العمد؛ لأن تقييده بالعمد يدل على تصوره بدون العمد، وقوله عليه السلام:"كفى بالمرء كذبًا (4) أن يحدث بكل ما سمع"(5)[فجعله كاذبًا إذا حدث بكل ما سمع](6) وإن كان لا يشعر (7) بعدم المطابقة، [فذلك يدل على أن القصد لعدم المطابقة](8) / 271/ ليس
(1) ساقط من ز.
(2)
النحل: 38، 39، وتمامها:{بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} .
(3)
هذا حديث صحيح رواه جمع كثير من الصحابة ومن بعدهم حتى جعله بعض المحدثين مثالاً على المتواتر من الأحاديث. انظر كلام ابن حجر حول هذا في فتح الباري 1/ 203، ونزهة النظر شرح نخبة الفكر ص 22.
وانظر هذا الحديث على سبيل المثال عند البخاري في كتاب العلم برقم 110 عن أبي هريرة، وعنه أيضًا عند مسلم في المقدمة برقم 3، وفي الزهد برقم 3004 عن أبي سعيد، وعند الترمذي في كتاب العلم برقم 2669 عن عبد الله بن عمرو، وفي التفسير برقم 2951 عن ابن عباس. ولم أطلع في الروايات التي راجعتها على لفظ "في النار" بل كل ما رأيته من الروايات بلفظ "من النار" فلعلها فيما لم أره.
(4)
"كاذبًا" في الأصل.
(5)
حديث صحيح أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 8/ 596، عن أبي هريرة مرفوعًا، وعنه أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه برقم 5. وقد رواه موقوفًا على ابن مسعود ابن المبارك في الزهد 128، وانظره بغير هذا اللفظ موقوفًا عن عمر وعبد الله بن مسعود في مسلم رقم 5، ومصنف ابن أبي شيبة 8/ 596.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(7)
"لا شعور له" في ز.
(8)
ساقط من ز.
بشرط في تحقق الكذب وهو المطلوب (1).
حجة الجاحظ: قوله تعالى حكاية عن الكفار: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} (2) فجعلوا الجنون قسيم الكذب، وقسيم الشيء غيره، ولا يوصف الجنون بصدق ولا كذب، فجعلوا الجنون قسيم الكذب لعدم القصد فيه، مع أن خبره على التقديرين (3) غير مطابق، فدل ذلك على اشتراط القصد في حقيقة الكذب (4).
أجيب عنه: بأن ألافتراء عبارة عن الاختراع فهم نوعوا الكذب إلى اختراع وجنون، لا أنهم نوعوا كلامه إلى كذب وغيره (5).
وقوله: (واختلفوا في اشتراط الإِراده في [حقيقة] (6) كونه خبرًا)، وعند (7) أبي علي وأبي هاشم الخبرية معللة بتلك الإِرادة، وأنكره الإِمام لخفائها، فكان يلزم ألا يعلم خبر (8) البتة، ولا (9) ستحالة (10) قيام (11) الخبرية بمجموع الحروف لعدمه، ولا ببعضها (12) وإِلا كان خبرًا، وليس فليس.
ش: ذكر المؤلف ها هنا الخلاف بيننا وبين المعتزلة في مقامين:
(1) انظر: شرح القرافي ص 347، والمسطاسي ص 95.
(2)
سبأ: 8.
(3)
"التقدير بين" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 347، والمسطاسي ص 95، 96.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 347، 348، والمسطاسي ص 96.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"فعند" في ش.
(8)
"خبرا" في الأصل وأ.
(9)
"ولان" في أ.
(10)
"والاستحالة" في ز.
(11)
"بقيام" في ز.
(12)
"ولا ببعضه" في نسخ المتن الثلاث.
أحدهما: هل تشترط الإرادة في كون الخبر خبرًا أم لا؟
المقام الثاني: إذا قلنا باشتراط الإرادة، هل هي علة الخبرية أم لا؟
ثم ذكر المؤلف (1)[بعد هذا](2) جوابين، الأول عن الأول، والثاني عن الثاني.
قوله: واختلفوا في اشتراط الإرادة في حقيقة كونه خبرًا.
هذا هو المقام الأول، مذهب أهل السنة أن (3) الإرادة غير مشروطة في [حقيقة](4) كون الخبر خبرًا (5)، ومذهب المعتزلة أنها مشروطة (6).
حجة المعتزلة: أن الخبر قد يأتي والمراد به الأمر كقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (7) وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ} (8)، ويأتي والمراد به الدعاء كقولنا: غفر الله لنا، ويأتي والمراد به التهديد كقوله تعالى:{سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} (9)، وإذا اختلفت موارد استعماله فلا يتعين للخبرية إلا بالإرادة (10)(11).
(1)"لها" زيادة في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"لان" في ز.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
انظر: التبصرة ص 289، والعدة 3/ 840.
(6)
انظر: المعتمد 2/ 542، والمحصول 2/ 1/ 316.
(7)
البقرة: 233.
(8)
البقرة: 228.
(9)
الرحمن: 31.
(10)
عبارة ز كما يلي: "فلا يتعين للخبر إلا الإرادة".
(11)
انظر: شرح القرافي ص 348، والمسطاسي ص 96.
أجيب عن هذا بوجهين:
أحدهما: أن الصيغة [إنما](1) وضعت حقيقة للخبر، واستعمالها في غير الخبر مجاز، فتصرف (2) لمدلولها بالوضع لا بالإرادة (3)، والذي يحتاج إلى الإرادة هو المجاز (4) كما تقدم لنا في الأمر، هل تشترط الإرادة في كونه (5) أمرًا (6) أم لا؟ تقدم بيان ذلك في باب الأوامر في قول المؤلف ولا يشترط (7) فيه إرادة المأمور به ولا إرادة (8) الطلب خلافًا لأبي علي وأبي هاشم من المعتزلة (9) فالخلاف في هذه المسألة كالخلاف في تلك (10).
الجواب (11) الثاني: ما ذكره المؤلف عن الإمام وهو قوله: وأنكره الإمام لخفائها فكان يلزم أن لا يعلم خبر (12) البتة، لأن هذا جواب عن السؤال الأول، وهو هل تشترط الإرادة في حقيقة كون الخبر خبرًا أم لا؟
قوله: (وأنكرها (13) الإِمام لخفائها)، معناه: أنكر الإمام فخر الدين
(1) ساقط من ز.
(2)
"فتنصرف" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 348، والمسطاسي ص 96.
(4)
"المجاوز" في ز.
(5)
"كون" في ز.
(6)
"أمر" في ز.
(7)
"تشترط" في الأصل، والمثبت من ز ونسخ المتن.
(8)
"والإرادة" في ز.
(9)
انظر: مخطوط الأصل صفحة 116، وشرح القرافي ص 138.
(10)
انظر: المحصول 2/ 1/ 316 و1/ 2/ 24.
(11)
"في الجواب" في ز.
(12)
"خبرا" في الأصل.
(13)
"وأنكره" في ز.
اشتراط (1) الإرادة لأجل خفاء الإرادة لأنها أمر باطني لا يطلع عليه لخفائه (2)، فلو كانت شرطًا في حقيقة الخبر للزم أن لا يعلم (3).
وأما المقام الثاني: وهو قولنا: هل الإرادة علة الخبرية أم لا؟
معناه: هل تلك الإرادة هي التي أوجبت كون اللفظ خبرًا أم لا؟
[قال](4) أهل السنة: ليست الإرادة علة الخبرية.
[و](5) قال أبو علي وأبو هاشم الجبائي (6) وغيرهم من المعتزلة: الإرادة علة الخبرية (7).
قوله: (ولاستحالة (8) قيام الخبرية بمجموع الحروف لعدمه ولا ببعضها (9) وإِلا كانت خبرًا، وليس فليس).
هذا جواب عن السؤال الثاني وهو قولنا: هل الإرادة علة الخبرية أم لا؟
(1)"اشتراك" في ز.
(2)
"لخفائها" في ز.
(3)
انظر: المحصول 2/ 1/ 316.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
عبارة الأصل: قال أبو علي وأبو هاشم وأبوه الجبائي. وعبارة ز: وقال أبو علي وأبو هاشم والجبائي. وكلا العبارتين ركيك. فالصواب المثبت. وانظر: شرح القرافي ص 348.
(7)
انظر: المحصول 2/ 1/ 317 و1/ 2/ 31.
(8)
"والاستحالة" في ز.
(9)
"ببعضه" في الأصل.
[و](1) هو جواب أهل السنة القائلين بأن الإرادة ليست علة للخبرية (2).
وبيان هذا: أن ما قال المعتزلة من كون الإرادة علة للخبرية (3) محال، وبيان استحالته: أن هذه الخبرية المعللة بالإرادة لا تخلو، إما أن تقوم بمجموع حروف (4) الخبر، وإما أن تقوم ببعض الحروف دون البعض، والكل باطل لأنه محال.
فلا يصح قيامها بمجموع الحروف لعدم المجموع، لأن الكلام من المصادر السيالة كالماء يأتي بعض الحروف ويذهب بعضها، فلا يوجد منه أبدًا إلا حرف واحد فلا يمكن اجتماعها في حالة [واحدة](5) من النطق، والإرادة تكون في دفعة واحدة فلا يصح قيامها بالمجموع لعدم المجموع، إذ لو قلنا؛ قامت الخبرية بمجموع الحروف لأدى (6) إلى قيام المعنى الوجودي بالأ [مر](7) العدمي وذلك محال.
ولا يصح [أيضًا](8) قيامها (9) ببعض الحروف خاصة دون البعض، لأنه
(1) ساقط من ز.
(2)
"الخبرية" في ز.
(3)
"الخبرية" في ز.
(4)
"لفظ" زيادة في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"ذلك" زيادة في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
"قيامه" في ز.
يلزم [منه](1) أن يكون ذلك البعض الذي قامت به خبرًا (2) والبعض الآخر ليس بخبر، وذلك أيضًا محال، وهو خلاف الإجماع.
قوله: (وإِلا كان خبرًا)، أي: وإن قامت الخبرية بالبعض كان ذلك البعض خبرًا وحده، وليس بخبر بإجماع (3)، فليس قيام الخبرية به، وهو المطلوب.
وقيل: معناه: فليس اشتراط الإرادة (4) في الخبر بصحيح.
قال المؤلف (5) في الشرح: فكأن الإمام فهم عنهم أن تلك الخبرية أمر وجودي فلا يصح قيامها بمجموع الحروف ولا ببعضها.
…
(1) ساقط من ز.
(2)
"خبر" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 348، والمسطاسي ص 96.
(4)
"للإرادة" في ز.
(5)
"الإمام" في الأصل.