الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس في أنواعها
وهي أحد (1) عشر نوعًا.
الأول: التعليل بالمحل، وفيه خلاف، قال الإِمام (2): إِن جوزنا أن تكون العلة قاصرة جوزناه (3)، كتعليل (4) الخمر بكونه خمرًا، أو البر يحرم الربا فيه لكونه برًا (5).
ش: ذكر المؤلف في جواز التعليل بالمحل، أي محل النص
(1)"إحدى" في ز.
(2)
"فخر الدين" زيادة في ش.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 386.
(4)
"كتحريم" في الأصل.
(5)
يحسن التفريق بين: التعليل بالمحل، والتعليل بالاسم، والتعليل بالعلة القاصرة، لتشابه هذه الثلاثة.
فأما التعليل بالمحل: فهو التعليل بما وضع اللفظ له، أي بالمسمى، كتعليل الربا في البر بوصف البرية.
وأما التعليل بالاسم فظاهر، وهو كتعليل الربا في البر لتسميته برًا.
وأما العلة القاصرة فهي ما اشتمل عليه المحل ولم يوضع اللفظ له، كتعليل الربا في البر لاشتماله على نوع من الحرارة والرطوبة الملائمة لمزاج الإنسان، وهي علة لا توجد في غيره.
خلافًا (1)، كتحريم الخمر بعلة كونه خمرًا، وتحريم الربا [في البر](2) بعلة كونه برًا. / 315/.
ذكر سيف الدين الآمدي في جواز [هـ](3) ثلاثة أقوال: ثالثها: يجوز في الجزء ولا يجوز في الكل (4)(5)، والقول بالمنع مطلقًا هو قول الأكثرين (6).
حجة الجواز مطلقًا: أن العلل الشرعية أمارات على الأحكام، فكما يجوز أن يكون الوصف أمارة على الحكم، فكذلك يجوز أن يكون المحل أمارة على الحكم (7).
حجة المنع مطلقًا: أن العلة (8) فائدتها التعدية للفرع، والمحل قاصر، فلا يصح أن يكون علة (9)، ولأجل هذا خرج الإمام الخلاف في التعليل بالمحل على التعليل بالعلة القاصرة، فالمحل والعلة القاصرة شيئان لا شيء
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 386، والإحكام للآمدي 3/ 201، ومختصر ابن الحاجب 2/ 217، والإبهاج 3/ 149، ونهاية السول 4/ 256، وانظر بهامشه حاشية الشيخ بخيت المطيعي 4/ 257، وشرح القرافي ص 405، والمسطاسي ص 156، وحلولو ص 358.
(2)
ساقط من ط.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"الحل" في ط.
(5)
انظر: الإحكام للآمدي 3/ 201، وانظر: شرح المسطاسي ص 156.
(6)
انظر: المصدرين السابقين، ونهاية السول 4/ 258، ونقل ابن الحاجب وابن السبكي أن الأكثرين على جوازه، فانظر: الإبهاج 3/ 149، ومختصر ابن الحاجب 2/ 217، وشرح حلولو ص 358.
(7)
انظر: شرح المسطاسي ص 156.
(8)
"العلية" في ط.
(9)
انظر: شرح المسطاسي ص 156.
واحد (1)، فلو كانا شيئًا واحدًا (2) لما حسن التخريج.
والفرق بين المحل والعلة القاصرة:
أن المحل ما وضع (3) اللفظ [له](4) كوصف البرية، والعلة القاصرة هي وصف اشتمل عليه محل النص ولم يوضع اللفظ له، كاشتمال البر على نوع من الحرارة والرطوبة، وهو ملائم لمزاج الإنسان ملاءمة (5) لا تحصل (6) بين الإنسان والأرز، فإن الأرز [حار](7) يابس يبسًا شديدًا منافيًا لمزاج الإنسان، فيحرم الربا في البر لأجل هذه الملائمة الخاصة التي لا توجد في غير البر، فهذه علة قاصرة لا محل، وأما وصف البرية بما هو (8) برية فهو (9) المحل (10).
حجة من جوز التعليل في الجزء دون الكل: أن الجزء قد يتعد [ى](11) بخلاف (12) الكل، أي كل المحل (13).
(1)"وحد" في ط.
(2)
"واحد" في الأصل.
(3)
"وقع" في ط.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
"وملائمة" في ز.
(6)
"تحمل" في ط.
(7)
ساقط من ط.
(8)
"هي" في ز، وط.
(9)
"وهو" في ط.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 406، والمسطاسي ص 156.
(11)
ساقط من ز.
(12)
"الخلاف" في ز.
(13)
قوله: الجزء قد يتعدى بخلاف الكل: ليس على إطلاقه.
ذلك أن العلماء اتفقوا على أن المتعدية لا تكون محلًا ولا جزء محل؛ لأن الشيء =
قوله: (قال الإِمام: إِن جوزنا أن تكون العلة قاصرة جوزناه).
يقتضي: أن كل من قال بجواز التعليل بالعلة القاصرة، قال به في المحل، وليس كذلك، فإن الأكثر على جواز التعليل بالعلة القاصرة، والأكثر على منع التعليل بالمحل.
قوله: (الثاني: الوصف إِن لم يكن منضبطًا جاز التعليل بالحكمة، وفيه خلاف، والحكمة هي (1) التي لأجلها صار الوصف علة، كذهاب العقل الموجب لجعل (2) الإِسكار علة) (3).
ش: ذكر المؤلف ها هنا الخلاف في جواز التعليل بالحكمة (4).
قيل بالجواز، وقيل بالمنع، وهو (5) قول الأكثرين، ثالثها: يجوز إذا كانت الحكمة ظاهرة منضبطة، وإلا فلا يجوز (6).
= يستحيل أن يكون نفسه وغيره.
فمن علل بالجزء لم يرد جزء المحل المعين، بل أراد جزءًا عامًا يشمل الفرع والأصل، انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 217، والإحكام للآمدي 3/ 201.
(1)
"هو" في ط.
(2)
"نجعل" في ز.
(3)
"علته" في ط.
(4)
انظر: المحصول 2/ 2/ 389، ومختصر ابن الحاجب 2/ 213، والإحكام للآمدي 3/ 202، والإبهاج 3/ 150، وجمع الجوامع 2/ 238، ونهاية السول 4/ 260، والمسودة ص 423، وفواتح الرحموت 2/ 274، وشرح القرافي ص 406، والمسطاسي ص 157.
(5)
"وهي" في ط.
(6)
وهناك قول رابع ذكره القرافي في المتن وأهمله الشوشاوي، وهو: يجوز إذا لم يكن الوصف منضبطًا. وانظر: شرح حلولو ص 359، وانظر الأقوال الثلاثة في: المسطاسي ص 157.
والفرق بين الوصف والحكمة: أن الوصف عبارة عما شرع الحكم عنده للحكمة، والحكمة عبارة عما شرع الحكم لأجله.
مثال ذلك: اختلاط الأنساب، فإنه الحكمة في جعل [وصف](1) الزنا سببًا لوجوب الحد، وكذلك ضياع المال، فهو الحكمة في جعل وصف السرقة سبب القطع، وكذلك ذهاب العقل هو الحكمة في جعل الإسكار علة لوجوب الحد، وغير ذلك.
حجة القول بجواز التعليل بالحكمة وجهان:
أحدهما: أن الحكمة هي أصل للوصف (2)، [فإذا جاز التعليل بالوصف](3) فأولى وأحرى (4) أن يجوز التعليل بالحكمة، لأنها أصله (5).
الوجه الثاني: أن الحكمة هي نفس المصلحة والمفسدة، وهي سبب ورود الشرائع، فالاعتماد عليها أولى من الاعتماد على فرعها (6).
حجة القول بمنع التعليل بالحكمة وجهان:
أحدهما: أنه لو جاز التعليل بالحكمة لامتنع (7) بالوصف؛ لأن الأصل لا يعدل عنه إلا عند تعذره، والحكمة ليست متعذرة، فيجب التعليل بها، فإذا
(1) ساقط من الأصل.
(2)
"الوصف" في ز.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
"فأخرى" في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 406، والمسطاسي ص 157.
(6)
انظر المصدرين السابقين.
(7)
"لا تمنع" في ز.
علل بها امتنع التعليل بالوصف (1)، لكن المنع من التعليل بالوصف خلاف إجماع أرباب القياس (2).
الوجه الثاني: أنه لو جاز التعليل بالحكمة للزم النقض، وهو تخلف الحكم عن علته، وذلك خلاف الأصل، لأن النقض من مبطلات العلة، كما تقدم في بيان النقض (3).
وبيان ذلك مثلًا: أن وصف الرضاع (4) سبب التحريم، وحكمته أن جزء المرأة وهو لبنها صار جزءًا من الرضيع، لأنه قد صار لحمًا للرضيع، فأشبه لبنها منيها الذي صار جزءًا للرضيع، فكما أن ولد الصلب (5) حرام، فكذلك ولد الرضاع، وهو سر قوله عليه السلام:"الرضاع لحمة كلحمة النسب"(6)، إشارة إلى الجزئية، فإذا كانت هذه هي الحكمة، فلو أكل رضيع
(1)"بالوصل" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 406، والمسطاسي ص 157.
(3)
انظر: صفحة 312 من مخطوط الأصل، وصفحة 382، من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 399.
(4)
"ارضاع" في ز.
(5)
"الطلب" في ز.
(6)
لم أجد حديثًا بهذا اللفظ، وغالب أحاديث الرضاع تدور حول أحد ثلاثة أمور: إما وقت الرضاع، وإما المقدار المحرم منه، وإما ما يحرم به.
أما وقت الرضاع، فهو الحولين الأولين، وهما وقت بناء اللحم والعظم، وقد ورد به حديث عن ابن عباس يرفعه بلفظ:"لا رضاع إلا ما كان في الحولين"، أخرجه الدارقطني في سننه 4/ 174، ورواه الدارقطني من كلام ابن عباس وعمر في السنن 4/ 174، ورواه مالك من كلام ابن مسعود، وانظر: المنتقى 4/ 155، وانظر: فتح =
قطعة من لحم امرأة فقد (1) صار (2) جزؤها جزءه، فكان يلزم التحريم، ولم يقل به أحد، فقد وجدت العلة (3) وتخلف حكمها، فانبطلت (4) العلة.
= الباري 9/ 146، وسنن الترمذي 3/ 459، وروى الترمذي عن أم سلمة ترفعه:"لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء" فانظره في كتاب الرضاع برقم 1152.
وانظر معناه موقوفًا على ابن مسعود في: سنن أبي داود برقم 2059، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 461، ومصنف عبد الرزاق 7/ 463، برقم 13895، وقد روي عن ابن مسعود، رفعه أبو داود في سننه برقم 2060، والدارقطني 4/ 172.
أما المقدار المحرم، فهو خمس رضعات، وهي التي تبني لحمًا وتفتق الأمعاء بخلاف ما هو أقل منها، ويدل على هذا، اللفظ الثاني من أحاديث القسم السابق، ويدل عليه أيضًا ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة برقم 1452، وهو حديث نسخ الرضعات العشر بخمس، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تحرم المصة ولا المصتان" رواه مسلم من حديث عائشة برقم 1450، وأيضًا الترمذي برقم 1150.
وأما الذي يحرم بالرضاع فهو ما يحرم بالنسب سواء بسواء، دلت على ذلك أحاديث كثيرة، انظر منها: حديث ابن عباس عند البخاري في الشهادات برقم 2645، وعند مسلم في الرضاع برقم 1447، وعند البيهقي 7/ 452.
ومنها أحاديث عائشة، انظرها عند البخاري في النكاح برقم 5099، 5239، وعند مسلم في الرضاع برقم 1444، وعند الترمذي في الرضاع برقم 1147، وعند البيهقي 7/ 452.
وكل هذه الأحاديث لم أجد فيها لفظ: "لحمة كلحمة النسب"، والحديث الشهور بهذا اللفظ هو في الولاء وليس في الرضاع، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب"، أخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 341، عن ابن عمر وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وانظر: السنن الكبرى للبيهقي 10/ 292.
(1)
"فقط" في الأصل.
(2)
"طر" في ز.
(3)
أي الحكمة التي جعلت علة.
(4)
لم أجد لهذا التعبير تعليلًا، وقد مضى نظير له في صفحة 397 من هذا المجلد فانظر الكلام عليه هناك.
وكذلك وصف الزنا حكمته اختلاط الأنساب، فإذا أخذ رجل صبيانًا صغارًا (1) وغيبهم عن آبائهم حتى صاروا رجالًا ولم يعرفهم آباؤهم فاختلطت أنسابهم، فكان ينبغي أن يجب عليه الحد أي حد الزنا، لوجود حكمة وصف الزنا، لكنه خلاف الإجماع، فقد وجدت العلة ها هنا أيضًا وتخلف حكمها فبطلت العلة.
فلو جاز التعليل بالحكمة للزم النقض بهذه (2) الصور، فلا يجوز التعليل بها إذًا، وهو المطلوب (3).
حجة القول بالتفصيل: أنه إذا جاز التعليل بالوصف لانضباطه وإن لم يكن هو المقصود، فأولى وأحرى أن يجوز التعليل بالحكمة إذا كانت منضبطة؛ لأن الحكمة هي المقصودة، وإنما جيء بالوصف من أجل الحكمة ليكون الوصف معرفًا لها ودليلًا عليها (4).
قوله: (الثالث (5)، يجوز التعليل بالعدم، خلافًا لبعض الفقهاء، فإِن عدم العلة علة لعدم المعلول) (6).
ش: مثال التعليل بالعدم: قولنا: لا علة تتقى في العصير فيباح
(1)"صغيرًا" في ط.
(2)
"هذه" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي 406 - 407، والمسطاسي ص 157.
(4)
انظر: الإحكام للآمدي 3/ 203، وشرح المسطاسي ص 157.
(5)
"والثالث" في ش.
(6)
اتفق العلماء على تعليل الحكم الثبوتي بالوصف الثبوتي، كقولهم: هذا مسكر فيحرم، كما اتفقوا على تعليل العدمي بالعدمي كقولهم: هذا غير مسكر، فلا يحرم، إلا ما نقل عن الحنفية في منعهم التعليل بالعدم مطلقًا، ونقل بعضهم الاتفاق على عدم التعليل بالعدم المحض.
فعلى هذا ينحصر الخلاف في هذه المسألة: في العدم المخصوص بشيء معين، هل =
كاللبن (1)(2).
وقولك: لا علة تتقى في العصير فلا يحرم كاللبن، فالمثال الأول تعليل الحكم الثابت (3) بالمعدوم (4).
والمثال الثاني: تعليل الحكم المعدوم بالمعدوم (5).
= يكون علة للحكم الثبوتي، أو لا يكون؟ مثل تعليل العقوبة بعدم فعل الطاعات، ومثل تعليل التيمم بعدم الماء، ونحو ذلك.
انظر المسألة في: المحصول 2/ 2/ 400، والتبصرة ص 456، واللمع ص 300، والإحكام للآمدي 3/ 206، والإبهاج 3/ 152، وجمع الجوامع 2/ 239، ونهاية السول 4/ 265، وانظر بهامشه حاشية المطيعي ففيها تفصيل حسن.
وانظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 214، ومفتاح الوصول للتلمساني ص 138، وتيسير التحرير 4/ 2، وفواتح الرحموت 2/ 274، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 48، والروضة ص 330، والمسودة ص 418، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 730، والمعالم للرازي ص 292، وشرح القرافي ص 407، والمسطاسي ص 157، وحلولو ص 359.
(1)
"كالبن" في الأصل.
(2)
هذا مثال للعدم المطلق، وقد مر بنا في التعليق أنه لا يصلح للتعليل.
وانظر: الجواب على دليل المانعين الأول الآتي بعد قليل يتبين لك وهم الشوشاوي في مثاله. انظر: المسودة ص 419، وتيسير التحرير 4/ 2، وحاشية المطيعي على نهاية السول 4/ 269.
(3)
"الثالث" في ط.
(4)
"في المعدوم" في ط.
(5)
مر بنا تعليقًا أن هذا لا يشمله الخلاف المراد بالمسألة، وفيه خلاف للحنفية لم يتعرض له الشوشاوي.
وانظر: المسودة ص 418، ونهاية السول 4/ 265، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 240.
حجة القول بالجواز وجهان:
أحدهما: أن العلة الشرعية أمارة ودلالة على الحكم، وهي مُعَرِّفٌ له، والمعرف للشيء يجوز أن يكون وجوديًا وعدميًا، حقيقيًا وإضافيًا، حكمًا وحكمة، قاصرًا ومتعديًا؛ إذ لا مانع من ذلك كله (1).
الوجه الثاني: بالقياس على الحكم، فإن الحكم يجوز أن يكون وجودًا وعدمًا/ 316/ فكذلك العلة (2).
حجة القول بالمنع وجهان:
أحدهما: أن العدم نفي محض لا تمييز فيه، وما لا تمييز فيه فلا يمكن جعله علة، [لأن العلة حكم، والحكم فرع التصور، أي لأن العلة فرع التميز (3).
الوجه الثاني: أن العلة وصف وجودي] (4) لأنها [نقيض](5) لا علية، ولا علية عدم، فتكون العلة (6) وجوديًا، والصفة الوجودية لا تقدم بالعدم ولا المعدوم، وإلا لزم الشك في وجود الأجسام، لأنا لا نرى من هذا العالم إلا أعراضه، فلو جوزنا قيام الصفات الوجودية بالعدم، لجاز أن تكون هذه
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 158.
(2)
انظر: المصدر السابق.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 401، والإحكام للآمدي 3/ 206، والإبهاج 3/ 152، وشرح القرافي ص 407، والمسطاسي ص 158.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
ساقط من ط.
(6)
"العلية" في الأصل.
الألوان قائمة (1) بالمعدوم، فلا يوجد شيء من أجزاء العالم، وهو (2) خلاف الضرورة (3).
الجواب عن الأول: أن العدم الذي يقع التعليل به لا بد أن يكون عدم شيء بعينه، فهو عدم متميز، فيصح التعليل به؛ فإن عدم العلة علة لعدم المعلول، كما نقول: عدم الإسكار علة الإباحة والتطهير؛ لأن الإسكار علة التحريم والتنجيس، فإذًا عدم الإسكار ثبت الإباحة والتطهير (4).
والجواب عن الثاني: أنه لا نسلم أن العلية وصف وجودي؛ لأن العلة عندنا نسبة وإضافة (5)، والنسب والإضافات عدمية عندنا، فيكون قولنا: لا
(1)"قاعة" في ز.
(2)
"فهو" في ز، وط.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 401، والإحكام للآمدي 3/ 206، وشرح القراقي ص 407، والمسطاسي ص 158.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 407، والمسطاسي ص 158.
(5)
النسب والإضافات أمور اعتبارية، والنسبة أن يكون الشيء لا يعقل إلا بالقياس إلى غيره، وأقسامها سبعة: الأين، والمتى، والوضع، والملك، والفعل، والانفعال، والإضافة.
فقولهم: النسب والإضافات، من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الإضافة من أقسام النسبة كما بينا.
والإضافة: هي النسبة المتكررة أي نسبة تعقل بالقياس إلى نسبة كالأبوة والبنوة، والتقدم والتأخر، ونحوها.
وقد اختلف هل النسب والإضافات وجودية أو عدمية؟ والجمهور على أنها عدمية، والفلاسفة يقولون: وجودية ذهنًا لا خارجًا.
انظر: المواقف للإيجي ص 97 - 98، 177، وجمع الجوامع 2/ 240، 426، وشرح القرافي ص 408، وانظر تعليق الشيخ عفيفي رحمه الله على الإحكام للآمدي 2/ 174.
علية (1) ثبوتًا؛ لأن النفي إذا دخل على النفي صار ثبوتًا، فتكون العلة عدمًا، لأن نقيضها ثبوت فلا يتم مقصودكم (2).
قوله: (الرابع: المانعون من التعليل بالعدم، امتنعوا من التعليل بالإضافة (3) لأنها عدم).
ش: تكلم ها هنا على العدم الإضافي، وما تقدم هو العدم المطلق (4).
مثال العدم الإضافي: النبيذ غير مسكر للعقل فيباح، أصله اللبن؛ لأن عدم العلة علة لعدم (5) المعلول.
قال المؤلف في شرحه (6): النسب والإضافات، كالأبوة والبنوة، والتقدم والتأخر، والمعية والقبلية والبعدية، عدمية عندنا مطلقًا ذهنًا وخارجًا، وهي عند الفلاسفة وجودية في الذهن عدمية في الخارج، فهي عندهم موجودة في الأذهان مفقودة في الأعيان، بخلاف الأوصاف العدمية فهي عدم مطلقًا في الذهن والخارج، فهذا هو الفرق بين العدم الإطلاقي،
(1)"الا عليه" في ط.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 407، والمسطاسي ص 158.
(3)
في أ: "بالأوصاف"، وفي خ، وش:"بالإضافات".
(4)
المراد بالإضافة هنا: الأوصاف الإضافية، كالأبوة والبنوة، والتقدم والتأخر، ونحوها.
فكلامه لبيان أن من منع التعليل بالعدم منع التعليل بالأوصاف الإضافية لأنها عدم، وليس كلامه هنا عن العدم الإضافي، ويدل على هذا كلام الإمام في المحصول 2/ 2/ 405، والقرافي في شرح التنقيح ص 408، والمسطاسي ص 158، وحلولو ص 360.
(5)
"العدم" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 408.
والعدم (1) الإضافي (2)، فقد استوى القسمان في العدم في الخارج، فلأجل ذلك من منع ذلك منع هذا، ومن جوز ذلك جوز هذا من باب أولى.
قوله: (الخامس: يجوز تعليل (3) الحكم (4) الشرعي بالحكم (5) الشرعي، خلافًا لقوم، كقولنا: نجس فيحرم) (6).
ش: حجة الجواز: أن العلل الشرعية أمارات ومعرفات للأحكام، فللشارع (7) أن يجعل الحكم علمًا على حكم آخر، كالنجاسة فإنها حكم شرعي، وقد جعلها الشرع علمًا على تحريم البيع أو الأكل، [وتحريم البيع أو الأكل](8) حكم شرعي أيضًا (9).
(1)"العدمي" في ز، وط.
(2)
الصواب: هذا الفرق بين الأوصاف العدمية، والأوصاف الإضافية، وانظر: شرح القرافي ص 408.
(3)
"التعليل" في ش.
(4)
"بالحكم" في ش.
(5)
"للحكم" في ش.
(6)
انظر: المعتمد 2/ 789، والمحصول 2/ 2/ 408، ومختصر ابن الحاجب 2/ 230، وجمع الجوامع بحاشية المحلي 2/ 234، والإحكام للآمدي 3/ 310، والإبهاج 3/ 153، ونهاية السول 4/ 271، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 44، والروضة ص 319، والمسودة ص 411، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 755، وتيسير التحرير 4/ 34، وفواتح الرحموت 2/ 290، وشرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 158، وحلولو ص 360.
(7)
"فللشارعي" في ط.
(8)
ساقط من ز.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 158.
حجة المنع وجهان:
أحدهما: أن الحكم (1) شأنه أن يكون معلولًا لا علة، فلو كان علة للزم قلب الحقائق (2).
والوجه الثاني: أن الحكمين متساويان في [كون](3) كل واحد منهما حكمًا، فليس جعل أحدهما علة [للآخر](4) بأولى من العكس (5).
الجواب عن الأول: أن كونه معلولًا لعلته، غير مانع من أن يكون علة لحكم آخر، فيكون علة باعتبار، ومعلولًا [باعتبار](6) آخر، وهذا ليس فيه قلب الحقائق، فإن قلتم: إن شأن الحكم ألا يكون (7) علة البتة، فهذا محل النزاع (8).
الجواب عن الثاني: أن المناسبة تعين أحدهما للعلية والآخر للمعلولية (9)، كما [تقول] (10): نجس فيحرم، وطاهر فتحل به الصلاة؛ فإن النجاسة مناسبة للتحريم، والطهارة مناسبة للتحليل، ولو عكس ذلك لم يستقم (11).
(1)"الشرعي" زيادة في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 158.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 158.
(6)
ساقط من ط.
(7)
"أن يكون" في ز، وط.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 159.
(9)
"للمعلولة" في الأصل.
(10)
ساقط من ز.
(11)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 159.
قوله: (السادس: يجوز التعليل بالأوصاف العرفية (1)، كالشرف والخسة، بشرط اطرادها (2) وتمييزها (3) عن غيرها) (4)(5).
ش: المراد (6) بالشرف ما لا تقززه (7) النفوس، كاللبن والعسل (8)، والمراد بالخسة ما تقززه النفوس، كالبول والدم (9).
فتقول مثلًا: اللبن والعسل طاهر لشرفه؛ لأنه لا تقززه النفوس.
وتقول مثلًا: البول والدم نجس لخسته؛ لأنه تقززه النفوس، فهذان (10) قاعدتان (11).
واعترض على قاعدة الشرف بالخمر؛ لأنه لا تقززه النفوس، وهو مع
(1)"العرقية" في أ.
(2)
"اطراده" في أ، وز، وط.
(3)
في أ: "تمييزه"، وفي ش:"تميزها".
(4)
"غيره" في أ.
(5)
انظر: المحصول 2/ 2/ 412 - 413، وجمع الجوامع 2/ 234، وشرح القرافي ص 408، ونهاية السول 4/ 255، والإبهاج 3/ 149، وشرح المسطاسي ص 159، وحلولو ص 361.
(6)
"والمراد" في ز، وط.
(7)
"تقوره" في ز، وهو تصحيف، ومعنى تقززه: تأباه، انظر: القاموس مادة: قز.
(8)
أصل الشرف: العلو، يقال: جبل مشرف، أي عال، ولذا يقال: رجل شريف وخلق شريف، وطعام شريف، أي عال على غيره. انظر: القاموس، ومختار الصحاح مادة:"شرف".
(9)
سبق بيان الخسة، وهي الحقرة والدناءة، وانظر: مختار الصحاح مادة: "خسس".
(10)
في ط: "فهذا"، والأولى: فهاتان، بالتأنيث لاسم الإشارة.
(11)
"قاعدان" في الأصل.
ذلك نجس.
واعترض على قاعدة الخسة بالمخاط؛ لأنه تقززه النفوس، وهو مع ذلك طاهر.
وإنما جاز التعليل بالشرف (1) والخسة للمناسبة (2)؛ لأن الشرف يناسب التعظيم، والخسة تناسب ضد التعظيم، وهو الإهانة (3).
قوله: (بشرط (4) اطرادها وتمييزها عن غيرها)، أي بشرط اطراد تلك الأوصاف، أي إذا وجدت تلك الأوصاف وجدت أحكامها، وأما إذا وجدت دون حكمها (5) فذلك (6) نقض لها، وقد تقدم أن النقض قادح في العلة (7).
وإذا لم [تتميز](8) تلك الأوصاف عن غيرها لم يصح تصورها، وإذا لم يصح تصورها لم يصح التعليل [بها](9)؛ لأن الحكم بها فرع تصورها (10).
قوله: (بشرط اطرادها وتمييزها)(11)، يوهم كلامه أن هذين الشرطين
(1)"بالشرب" في ط.
(2)
"للمناسب" في ط.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 159.
(4)
في ز: "شرط"، وفي ط:"يشترط".
(5)
"أحكامها" في ز، وط.
(6)
"فلذلك" في ط.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 408، والمسطاسي ص 159، وحلولو ص 361، وانظر قادح النقض في صفحة 312 من مخطوط الأصل، وصفحة 382 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 399.
(8)
ساقط من ز، ومكانها بياض، وفي ط:"تميز".
(9)
ساقط من ز.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 408، وحلولو ص 361.
(11)
"وغيرها" في ز.
مخصوصان بهذه الصورة، وليس كذلك، بل ذلك عام لجميع صور التعليل، ولا يختص بهذه الصورة.
قوله: (السابع: يجوز التعليل بالعلة المركبة عند الأكثرين، كالقتل العمد العدوان)(1).
ش: حجة الجواز وجهان:
أحدهما: أن العلل (2) الشرعية أمارات [و](3) معرفات، فكما يصح التعريف بالمفرد (4)، فكذلك يصح بالمركب (5).
الوجه الثاني: أن المصلحة قد لا تصح إلا مع التركيب، كوصف الزنا، فإنه لا يستقل بالحد حتى ينضاف إليه (6) العلم بكون الموطوءة أجنبية، وإلا لم يناسب وجوب الحد. / 317/.
وكذلك القتل وحده لا يناسب وجوب القصاص حتى ينضاف إليه العمد
(1) انظر: اللمع ص 301، والمحصول 2/ 2/ 413، وجمع الجوامع 2/ 234، والإحكام للآمدي 3/ 212، ومختصر ابن الحاجب 2/ 230، ونهاية السول 4/ 288، والإبهاج 3/ 158، وتيسير التحرير 4/ 35، وفواتح الرحموت 2/ 291، والوجيز للكرماستي ص 180، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 133، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 757، وروضة الناظر ص 319، وشرح القرافي ص 409، والمسطاسي ص 159، وحلولو ص 361.
(2)
"العلال" في ز.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"الفرد" في الأصل.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 159.
(6)
في الأصل خلل في هذا الموضع، جعل العبارة غير مستقيمة.
العدوان (1).
حجة القول بالمنع: أن القول بتركيب (2) العلة الشرعية يؤدي إلى نقض العلة العقلية.
بيانه: أن عدم جزء المركب علة لعدم ذلك المركب، فإذا فرضنا علة مركبة من ثلاثة أجزاء، فعدم واحد منها، عدم لذلك المركب، فإذا عدم جزء آخر لم يترتب عليه عدم ذلك المركب، وإلا لزم تحصيل الحاصل، فقد وجدت العلة العقلية بدون أثرها، وذلك نقض لها، وهو محال؛ لأن نقض العلة العقلية محال (3)
والجواب (4) عنه: أن الاثنين الباقيين من الثلاثة ماهية أخرى غير ماهية الثلاثة، فإذا عدم واحد من الاثنين عدم مجموع الاثنين، فإن عدم الحزء الثاني من الاثنين هو علة لعدم الاثنين، لا أنه (5) علة لعدم الثلاثة [فلم توجد العلة](6) بدون أثرها، فلا نقض (7).
قوله: (الثامن: يجوز التعليل بالعلة القاصرة (8) عند الشافعي وأكثر
(1) انظر: شرح القرافي ص 409، والمسطاسي ص 159.
(2)
"بالتركيب" في ط.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 409، والمسطاسي ص 159.
(4)
"وللجواب" في الأصل.
(5)
"لانه" في الأصل.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 409، والمسطاسي ص 159.
(8)
انظر: المسألة في: المعتمد 2/ 801، والبرهان ص 1090، والمستصفى 2/ 345، واللمع ص 301، والتبصرة ص 452، والمنخول ص 419، والمحصول 2/ 2/ 423، وجمع الجوامع 2/ 241، والإبهاج 3/ 154، ونهاية السول =
المتكلمين، خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه، إِلا أن تكون منصوصة؛ لأن فائدة التعليل عند الحنفية التعدية (1) للفرع، وقد امتنعت (2).
وجوابهم: بقاء (3) سكون النفس للحكم (4) والاطلاع (5) على مقصود الشرع) (6).
ش (7): ومعنى العلة القاصرة، [أي القاصرة](8) على محل النص، أي لم توجد في غير محل النص، كتعليل تحريم الربا في الذهب والفضة بكونهما (9) أصول الأثمان والمثمونات، وكتعليل الربا أيضًا في البر بكونه مشتملًا على نوع من الحرارة والرطوبة ملائم لمزاج الإنسان ملاءمة لا تحصل بين الإنسان والأرز، فإن الأرز حار يابس يبسًا شديدًا منافيًا لمزاج الإنسان، فهذه الملاءمة
= 4/ 276، والإحكام للآمدي 3/ 216، والوصول لابن برهان 2/ 269، ومختصر ابن الحاجب 2/ 217، والإشارة ص 182، ومقدمة ابن القصار ص 127، وإحكام الفصول للباجي 2/ 739، وتيسير التحرير 4/ 5، وفواتح الرحموت 2/ 276، والتوضيح 2/ 133، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 61، والروضة ص 320، والمسودة ص 411، وأصول ابن مفلح 3/ 735، وشرح القرافي ص 409، والمسطاسي ص 159، وحلولو ص 361.
(1)
"المتعدية" في الأصل.
(2)
"انتفت" في نسخ المتن.
(3)
في أ، وش:"بقي"، وفي خ:"نفى".
(4)
"الحكم" في أ.
(5)
"والاطباع" في أ.
(6)
"فيه" زيادة في خ، وش.
(7)
"قوله" في ط.
(8)
ساقط من ز، وط.
(9)
"بكونها" في ز، وط.
الخاصة لا توجد في غير البر، فهي (1) علة قاصرة على محل النص كالثمنية في النقدين.
وقد حكى القاضي عبد الوهاب (2) في جواز التعليل بالعلة القاصرة ثلاثة أقوال:
الجواز مطلقًا، وهو قول أصحابنا (3) وأصحاب الشافعي (4)(5).
والمنع مطلقًا، وهو قول أكثر العراقيين (6).
والجواز في المنصوصة والمنع في المستنبطة إلا أن ينعقد (7) فيها إجماع،
(1)"فهو" في ط.
(2)
انظر كلام القاضي في: شرح القرافي ص 409، وشرح المسطاسي ص 159، وحلولو ص 361.
(3)
انظر: الإحكام للباجي 2/ 739، ومقدمة ابن القصار ص 127، والإشارة للباجي ص 182، ومختصر ابن الحاجب 2/ 217.
(4)
انظر: اللمع ص 301، والتبصرة ص 452، والبرهان فقرة 1090، والمحصول 2/ 2/ 423، والإبهاج 3/ 154.
(5)
وهو قول معظم الخائضين في الأصول، وبه قال عبد الجبار وأبو الحسين من المعتزلة، وهو رواية في مذهب الحنابلة اختارها أبو الخطاب وأبو البركات وابن قدامة، وإليه ذهب بعض الحنفية. انظر: المحصول 2/ 2/ 423، والإبهاج 3/ 154، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 62، والروضة ص 323، والمسودة ص 411، والمعتمد 2/ 801، وتيسير التحرير 4/ 5.
(6)
انظر: جمع الجوامع 2/ 241، والإبهاج 3/ 154، وشرح القرافي ص 409. قال صاحب الإبهاج: ولم أر هذا القول في شيء مما وقفت عليه من كتب الأصول سوى هذا. اهـ. انظر: الإبهاج 3/ 154.
(7)
"يعتقد" في ط.
وهو قول العراقيين أيضًا (1)(2).
حجة الجواز مطلقًا: أن العلل الشرعية أمارات [و](3) معرفات للأحكام، فكما يجوز أن تكون أمارات على أشياء (4)، فكذلك يجوز أن تكون أمارات (5) على شيء واحد، ولا مانع من ذلك (6).
حجة المنع مطلقًا: أن فائدة العلة هي التعدية إلى الفرع، فإذا كانت قاصرة على محل النص، وقد (7) عدمت التعديه ها هنا، فيستغنى بالنص عنها (8).
حجة الجواز [في](9) المنصوصة دون المستنبطة: أن النص يجب الانقياد إليه ولا مندوحة عنه، وأما استنباطنا فلا يجوز أن يكون إلا للتعدية (10)؛ إذ لا فائدة للاستنباط إلا التعدية (11)(12).
والجواب: أن فائدة ذلك ما قاله المؤلف، وهو الاطلاع على حكمة الشرع
(1) انظر: تيسير التحرير 4/ 5، وفواتح الرحموت 2/ 276، والتوضيح 2/ 133، وهو الذي يحكيه أكثر الأصوليين عن الحنفية، انظر مراجع المسألة.
(2)
وهو المشهور عند الحنابلة، ورأى لبعض الشافعية: انظر: التمهيد لأبي الخطاب 4/ 61، والروضة ص 319، والتبصرة للشيرازي ص 452.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"الأشياء" في ط.
(5)
"أمارة" في ط.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 160.
(7)
كذا في النسخ الثلاث، والأولى:"فقد".
(8)
انظر: مقدمة ابن القصار ص 127، وشرح المسطاسي ص 160، وحلولو ص 361.
(9)
ساقط من ط.
(10)
"لتعدية" في الأصل.
(11)
"للتعدية" في ز، وط.
(12)
انظر: شرح القرافي ص 410، والمسطاسي ص 160.
في الأصل، فيكون ذلك أدعى لطواعية العبد وسكون نفسه للحكم، فإن العبد إذا لم يطلع على الحكمة فربما تنفر نفسه من ذلك فيحتاج إلى معالجتها ومعاناتها (1)(2).
قوله: (التاسع: اتفقوا على أنه لا يجوز التعليل بالاسم)(3).
ش: مثاله: تعليل الخمر بكونه خمرًا.
والفرق بين التعليل بالاسم والتعليل بالمحل: أن المحل مسمى، وهذا اسم فنقول في التعليل بالمحل مثلًا: حرم الخمر لكونه مائعًا (4) يقذف بالزبد، ونقول في التعليل بالاسم: حرم الخمر لتسميته بالخمر (5).
قوله: (اتفقوا على أنه لا يجوز التعليل بالاسم)، هذا الاتفاق غير صريح، بل نقل فيه الباجي ثلاثة أقوال: ثالثها: يجوز بالاسم المشتق دون الجامد (6).
(1) انظر: شرح القرافي ص 410، والمسطاسي ص 160، وحلولو ص 361.
(2)
في هامش الأصل تعليق هو: "انظر في الاطلاع على حكمة الشرع
…
" اهـ. وبعدها كلمتان لم تتضح لي بسبب خلل أصاب الورقة.
(3)
انظر: المسألة في اللمع ص 300، والتبصرة ص 454، والمحصول 2/ 2/ 422، ونهاية السول 4/ 254، وجمع الجوامع 2/ 234، والإبهاج 3/ 149، وإحكام الفصول للباجي 2/ 762، ومقدمة ابن القصار ص 132، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 41، والمسودة ص 393، والأصول لابن مفلح 3/ 728، وشرح القرافي ص 410.
(4)
"مانعًا" في ز.
(5)
في الأصل: لتسميتها الخمر، وقد عدلت بعد خلل أصاب الورقة.
(6)
انظر: إحكام الفصول للباجي 2/ 762، وانظر: التبصرة ص 454، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 41 - 42، وشرح المسطاسي ص 160، وحلولو ص 362.
مثال المشتق (1): ولد وعبد ومملوك.
ومثال الجامد (2): دينار ودرهم.
حجة الجواز: أن العلل الشرعية أمارات على الأحكام، فكما يجوز أن يكون الوصف أمارة على الحكم، فكذلك الاسم، ولا مانع من ذلك (3).
حجة المنع: أن الاسم طردي محض لا مصلحة فيه، وشأن الشرائع رعاية المصالح ومظانها، وما ليس فيه مصلحة ولا مظنة المصلحة فليس من شأن الشرع اعتباره (4).
حجة الجواز في المشتق دون غيره: أن الاشتقاق يشعر بالمناسبة والعلة، بخلاف الجامد فإنه طردي محض.
قوله: (العاشر: اختار [الإِمام] (5) أنه لا يجوز التعليل بالأوصاف المقدرة خلافًا لبعض الفقهاء، كتعليل العتق عن الغير بتقدير الملك) (6).
ش: تكلم المؤلف ها هنا على الأوصاف المقدرة، .......................
(1) المشتق: هو ما أخذ من غيره، سواء كان اسمًا أو فعلًا، فالاسم كما مثل الشوشاوي، والفعل كذهب، مشتق من الذهاب. انظر: معجم المصطلحات النحوية والصرفية للبدي ص 117.
(2)
الجامد من الأسماء: هو ما لم يؤخذ من غيره، ومثاله كما ذكر الشوشاوي.
انظر: المصدر السابق ص 48.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 160.
(4)
انظر: المصدر السابق.
(5)
ساقط من ز، وط.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 431، وجمع الجوامع 2/ 251، وشرح القرافي ص 410، والمسطاسي ص 161، وحلولو ص 363.
وهي (1) المعبر عنها (2) بالتقادير الشرعية، مثل: إعطاء الموجود حكم المعدوم، وإعطاء المعدوم حكم الموجود.
ومثال إعطاء الموجود حكم المعدوم: وجود الماء في حق من لا يقدر على استعماله، وكذلك النجاسة المعفو عنها، وكذلك الغرر اليسير في البيع، وكذلك فعل المكره، كطلاقه ونكاحه وعتقه وغير ذلك، وكذلك قاتل موروثه، فوجود ذلك كله كعدمه.
ومثال إعطاء المعدوم حكم الموجود: كالحمل في الميراث، ولأجل ذلك يوقف ميراثه حتى يولد، وكذلك الإعتاق عن الغير، يقدر الملك للمعتق عنه قبل العتق بالزمان الفرد، ولأجل ثبوت الملك له يثبت له الولاء، وتبرأ ذمته من الكفارة الواجبة عليه إذا أعتق عنه بسببها.
ومثاله أيضًا: تقدير ملك الدية للمقتول قبل موته بالزمان الفرد، ولأجل ذلك تورث الدية عنه.
ومثاله أيضًا: تقدير الثمن في ذمة المشتري في بيع الدين، وكذلك تقدير المثمون في السلم (3) في ذمة المسلم إليه، وكذلك تقدير الذمة نفسها،/ 318/ فإن الذمة من جملة المقدرات، فإن معناها: معنى شرعي مقدر في الإنسان قابل للإلزام (4) والالتزام.
(1)"وهو" في ز، وط.
(2)
"عنه" في ز، وط.
(3)
"المسلم" في ز.
(4)
"للازام" في ط.
واعلم أن أرباب الأصول اختلفوا في جواز التعليل بالمقدرات (1)، بالجواز، والمنع، واختار الإمام فخر الدين القول بالمنع، وأنكر القول بجوازه غاية الإنكار، وقال: إنها من الأمور التي لا ينبغي أن تعتقد في الشرائع، وقال: تقدير الأعيان في الذمة، وتقدير الملك في العتق عن الغير لا يتصور (2)(3).
قال المؤلف في الشرح: وإنكار (4) الإمام هو المنكر، فإن التقادير الشرعية لا يكاد يعرى منها باب من أبواب الفقه، فكيف يصح عقد السلم (5) في إردب من الحنطة (6)، وهو غير معين ولا مقدر في الذمة، فكيف تصح المطالبة بذلك الإردب مع كونه غير معين ولا مقدر في الذمة، فذلك (7) طلب بلا مطلوب، وعقد بلا معقود، بل هو لفظ بلا معنى، وكذلك إذا باعه سلعة بثمن إلى أجل، فإن هذا الثمن غير معين، فإذا كان غير مقدر في الذمة فكيف يتصور كونه ثمنًا، وكذلك الإجارة لا بد من تقدير المنافع المعقود عليها في الأعيان المستأجرة وإلا امتنعت إجارتها، وكذلك الصلح عن الدين، والعتق عن
(1)"المقدورات" في ط.
(2)
"يتضرر" في ط.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 432 - 434، وكلام الإمام في المحصول أقوى مما هنا، فإنه قال: إنها من جنس الخرافات، وقال أيضًا: هذا من الترهات التي لا حاجة في العقل والشرع إليها. اهـ، وانظر: شرح القرافي ص 410، والمسطاسي ص 161.
(4)
"وانكارم" في ط.
(5)
"المسلم" في ط.
(6)
"حنطة" في ز، وط.
(7)
"فكذلك" في ز.
الغير، وتوريث الدية، وغير ذلك.
قال (1): والحق جواز التعليل (2) بالمقدرات (3).
وذكر المؤلف في القواعد السنية مسائل من هذا الباب، وهي إعطاء الموجود حكم المعدوم، منها: رفع النية في العبادات، كالوضوء، والصلاة، والصوم، والحج، على القول بصحة الرفض.
وذلك أن الشرع يقدر هذه النية الواقعة، وهذه (4) العبادة الواقعة، كأنها لم توجد أصلًا، لا أنه رفعها بعد وجودها؛ لأن رفع الواقع محال (5).
ومنها: الرد بالعيب، على القول بأنه نقض البيع من أصله، فتكون غلة المبيع للبائع؛ لأن صاحب الشرع يقدر هذا العقد كأنه لم يقع قط ولم يوجد [أصلًا](6)، لا أنه نقضه بعد وقوعه؛ لأن رفع الواقع محال (7).
ومنها: من قال لامرأته: إن قدم فلان آخر الشهر فأنت طالق من أوله، فإنها مباحة الوطء إلى قدوم فلان بالإجماع، فإذا قدم فلان آخر الشهر، فقال ابن يونس مذهب مالك أنها تطلق من أول الشهر (8)؛ فإن الإباحة الواقعة في
(1)"المؤلف في شرحه" زيادة في ز، وط.
(2)
"جوازه لتعليل" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 410، 411.
(4)
"وهي" في ز، وط.
(5)
انظر: الفروق للقرافي 2/ 27، والأمنية في إدراك النية له أيضًا ص 48، 49.
(6)
ساقط من ط.
(7)
انظر: الفروق 2/ 27، والأمنية ص 49.
(8)
انظر: الجامع لابن يونس، كتاب الأيمان بالطلاق، فيمن طلق إلى أجل، مخطوط بالخزانة الحسنية بالرباط برقم 3700، وللمالكية أقوال في المسألة ذكرها القرافي في الفروق 1/ 70.
أثناء الشهر قدرها الشرع كأنها لم تقع أصلًا ولا وجدت قط، لئلا يكون ذلك رفع الواقع؛ لأن رفع الواقع محال (1).
وهذا كله من إعطاء الموجود حكم المعدوم، وهي من التقادير الشرعية.
قال المؤلف في الشرح (2)، وفي القواعد أيضًا (3): وقد بينت التقادير الشرعية في كتاب الأمنية في إدراك النية (4). انظر القواعد [(5) السنية، في الفرق السادس والخمسين، في الفرق بين رفع الواقعات وتقدير رفع الواقعات (6).
[و](7) انظر أيضًا الفرق الثالث] (5) في الفرق بين الشرط اللغوي، وغيره من الشروط العقلية والشرعية والعادية (8).
قوله: (الحادي عشر: يجوز تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي، ولا يتوقف على وجود المقتضي عند الإِمام، خلافًا للأكثرين في التوقف (9)،
(1) انظر: الفروق 1/ 70، 2/ 28، والأمنية ص 49.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 410.
(3)
انظر: الفروق 1/ 71.
(4)
في الأصل، وط:"المنية"، وفي ز:"الأمنية" وفي الفروق 1/ 71، الأمنية في إدراك أحكام النية، وفي مقدمة الكتاب ص 6 قال القرافي: الأمنية في إدراك النية. اهـ، والكتاب طبعته دار الكتب العلمية بيروت.
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(6)
انظر: الفروق 2/ 26.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: الفروق 1/ 61، 69 - 72.
(9)
"التوقيف" في ز، وط.
وهذا هو تعليل [انتفاء](1) الحكم (2) بالمانع، فهو يقول:[المانع](3)(4) ضد علة الثبوت والشيء لا يتوقف على ضده.
وجوابه: أنه لا يحسن في العادة (5) أن يقال للأعمى: إِنه لا يبصر زيدًا للجدار الذي بينهما، وإِنما يحسن ذلك في البصير).
ش: مثال تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي، قولك: الطير لا يطير لكونه في القفص، فعلة عدم طيرانه كونه في القفص، فقد عللنا الحكم العدمي وهو عدم الطيران، بالوصف الوجودي، وهو كونه في القفص، وهذا هو المعبر عنه عندهم بتعليل انتفاء الحكم بالمانع (6)، كما قال المؤلف.
[و](7) في كلامه تقديم وتأخير، تقديره: يجوز تعليل [الحكم](8) العدمي بالوصف الوجودي، وهذا (9) تعليل انتفاء الحكم بالمانع (10).
(1) ساقط من أ.
(2)
"للحكم" في أ.
(3)
ساقط من أ.
(4)
"هو" زيادة في نسخ المتن.
(5)
"القادة" في ش.
(6)
انظر المسألة في: المحصول 2/ 2/ 438، والإحكام للآمدي 3/ 242، ومختصر ابن الحاجب 2/ 232، وتيسير التحرير 3/ 37، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 759، ونهاية السول 4/ 295، والإبهاج 3/ 161، وشرح القرافي ص 411، والمسطاسي ص 161، وحلولو ص 364.
(7)
ساقط من ط.
(8)
ساقط من ز، وط.
(9)
"هو" زيادة في ز، وط.
(10)
في الأصل: تعليل الحكم بانتفاء المانع.
قوله: (ولا يتوقف على وجود المقتضي عند الإِمام خلافًا للأكثرين (1) في التوقف)، يعني أن الأصوليين اختلفوا في التعليل بالمانع، هل (2) يتوقف على وجود السبب المقتضي لثبوت الحكم أو لا يتوقف عليه؟ قال الإمام فخر الدين: لا يتوقف عليه (3).
وقالت الجماعة: بل يتوقف على وجود المقتضي (4).
فقولنا مثلًا: الطير لا يطير لكونه في القفص، فعلى (5) مذهب الإمام لا يتوقف التعليل بكونه في القفص على وجود [الشرط](6) المقتضي للطيران، وهو الحياة.
[وعلى مذهب الجماعة: لا يصح هذا التعليل إلا مع وجود المقتضي لثبوت الطيران، وهو الحياة](7).
قوله: (فهو يقول: المانع ضد علة الثبوب، والشيء لا يتوقف على ضده) هذا دليل الإمام القائل بعدم التوقف (8)، والضمير في قوله: هو (9)
(1)"لأكثرين" في الأصل.
(2)
"بل" في ط.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 438، واختار هذا الرأي: البيضاوي في المنهاج، وابن الحاجب، انظر: الإبهاج 3/ 161، 162، ومختصر ابن الحاجب 2/ 232، واختاره ابن الهمام في التحرير، انظر: التيسير 4/ 37.
(4)
وهو اختيار الآمدي، فانظر: الإحكام 3/ 242، وانظر، الإبهاج 3/ 161، ونهاية السول 4/ 296.
(5)
"هذا" زيادة في ط
(6)
ساقط من ز، وط.
(7)
ما بين القوسين ساقط من ز، وط.
(8)
انظر: المحصول 2/ 2/ 439.
(9)
"فهو" في ز، وط.
يقول، عائد على الإمام، معناه: فالإمام يقول في استدلاله على هذا: المانع من ثبوت الحكم هو ضد المقتضي لثبوت الحكم، فالمراد بعلة الثبوت [هو السبب المقتضي لثبوت](1) الحكم، فالمانع ضد المقتضي، وأحد الضدين لا يكون شرطًا في [وجود](2) الآخر؛ إذ من شرط الشرط إمكان اجتماعه مع المشروط، والضد لا يمكن اجتماعه مع ضده (3) وهذا معنى قوله: المانع ضد علة الثبوت، والشيء لا يتوقف على ضده.
الجواب: أن تقول: لا نسلم أن المانع ضد المقتضي، وإنما هو [ضد أثره، فالتضاد إنما هو](4) بين الأثرين لا بين المؤثرين.
وبيان ذلك: أن قولك مثلًا: لا تجب الزكاة [على الفقير لكونه](5) مديانًا، فهذا تعليل انتفاء الحكم بالمانع، وهو كونه مديانًا، فيقول الإمام (6) في هذا المثال: المانع ضد (7) المقتضي، فلا يتوقف عليه لأنه ضده، أي المانع الذي هو الدين، لا يتوقف على وجود المقتضي الذي هو النصاب لأنه ضده؛ لأن النصاب يقتضي وجوب الزكاة، والدين يقتضي (8) عدم وجوب
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 411، والمسطاسي ص 161.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
ساقط من ط.
(6)
"الامال" في ز.
(7)
"علة" زيادة في ز، وط.
(8)
"مقتضى" في ط.
الزكاة (1). / 319/.
وقالت الجماعة: لا نسلم أن المانع ضد المقتضي؛ لأن التضاد إنما وقع بين الأثرين لا بين المؤثرين؛ فإن (2) أثر النصاب وجوب الزكاة، وأثر (3) الدين عدم وجوبها، فقد وقع التضاد بين الأثرين، وهما الوجوب [وعدمه، ولم يقع التضاد بين المؤثرين، وهما النصاب والدين، لأنه يمكن اجتماعهما؛ لأنه قد يكون مديانًا وعنده النصاب، وإنما وقع التضاد بين الأثرين، وهما الوجوب](4) والعدم، والوجوب مع العدم متناقضان، والجماعة لم يقولوا بأن أحدهما (5) شرط في الآخر، [بل](6) قالوا بنفي أحدهما مطلقًا (7)، وقالوا: أحد المؤثرين شرط في الآخر، ولم يقولوا: أحد الأثرين شرط في الآخر.
فعلى مذهب الجماعة لا نقول: لا تجب الزكاة على الفقير (8) لكونه مديانًا، وإنما نقول: لكونه فقيرًا.
وكذلك لا نقول في الأجنبي: لا يرث لكونه عبدًا، وإنما نقول لكونه أجنبيًا.
(1) انظر: شرح القرافي ص 411، والمسطاسي ص 161.
(2)
"لأن" في ط.
(3)
"بواثر" في ز.
(4)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(5)
في ط: "بأن أحدًا".
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"قطعًا" في ز، وط.
(8)
"المفلس" في الأصل.
ولا نقول في الطير الميت: لا يطير لكونه في القفص، وإنما نقول: لكونه ميتًا.
قوله: (وجوابه: أنه لا يحسن في العادة أن يقال للأعمى: إِنه لا يبصر زيدًا للجدار الذي بينهما، وإِنما يحسن ذلك في البصير)، هذا دليل الجماعة، وهو دليل عادي [على](1) أن (2) المانع يتوقف على وجود المقتضي، وهو أنه لا يحسن أن يقال: الأعمى (3) لا يبصر زيدًا لأجل الجدار الكائن بينه وبن زيد، وإنما [الذي] (4) يحسن أن يقال: لا يبصر [هـ](5) لكونه أعمى، فالمانع الذي هو الجدار يستدعي ثبوت المقتضي، وهو البصر، لأن البصر يقتضي الإبصار عادة، فدليل الإمام واحد، [وهو](6) عقلي.
ودليل الجماعة شيئان: عادي، وشرعي.
فالعادي: ما ذكر (7) من الأعمى.
والشرعي: ما ذكر (8) من عدم الزكاة، وعدم إرث العبد (9).
…
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
"فإن" في ز، وط.
(3)
"للأعمى" في ز، وط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
ساقط من ط.
(6)
ساقط من ط.
(7)
"ذكره" في ز، وط.
(8)
"ذكرنا" في ز، وط.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 411، والمسطاسي ص 161.