المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع في ترجيح الأقيسة - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٥

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل الرابع في ترجيح الأقيسة

‌الفصل الرابع في ترجيح الأقيسة

ش: إنما قدم المؤلف رحمه الله ترجيح الأخبار على ترجيح الأقيسة لوجهين (1):

أحدهما: أن الأخبار أشرف لإضافتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

الوجه الثاني: أن الأخبار أصل للأقيسة، فالأصل مقدم على فرعه.

واعلم أن ترجيح القياس يكون من أحد أربعة أشياء.

إما [أن يكون](2) من جهة الأصل، واما من جهة الفرع، وإما من جهة العلة، وإما من جهة الحكم.

قوله: (قال الباجي: يترجح أحد القياسين على الآخر بالنص على علته، أولا (3) يعود على أصله بالتخصيص (4)، أو علته مطردة منعكسة، أو تشهد (5) لها أصول كثيرة، أو يكون أحد القياسين فرعه من جنس أصله، أو

(1) انظر: شرح المسطاسي ص 177.

(2)

ساقط من ز وط.

(3)

في خ: "أو أنه لا"، وفي ش:"أو لأنه".

(4)

"لتخصيص" في أ.

(5)

"شهد" في نسخ المتن وز.

ص: 551

علته متعدية، أو تعم (1) فروعها، أو هي أعم، أو هي منتزعة (2) من أصل منصوص عليه، أو أقل أوصافًا، والقياس الآخر ليس كذلك (3).

ش: قوله: (يترجح أحد القياسين على الآخر بالنص على علته)(4).

مثاله: اختلافهم في قليل النبيذ.

قالت المالكية: هذا شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، قياسًا على الخمر.

وقالت (5) الحنفية: هذا شراب لا يسكر فلا يحرم، قياسًا على اللبن.

فقياس المالكية أولى؛ لأن علته منصوص عليها في قوله عليه السلام: "كل ما أسكر كثيره من الأشربة فقليله (6) حرام"(7).

(1)"يعم" في أوش.

(2)

"متنوعة" في أ.

(3)

انظر: الإشارة للباجي ص 194 - 195، وإحكام الفصول 2/ 918 - 926.

(4)

انظر: اللمع ص 325، والمستصفى 2/ 400، والمحصول 2/ 2/ 604، والإبهاج 3/ 357، ونهاية السول 4/ 514، وإحكام الفصول 2/ 918، والإشارة ص 194، والمسودة ص 385، وفواتح الرحموت 2/ 325، والتقرير والتحبير 3/ 228، والوجيز للكرماستي ص 208، وشرح القرافي ص 425، والمسطاسي ص 177، وحلولو ص 379.

(5)

"فقالت" في ز.

(6)

"وقليلة" في الأصل.

(7)

حديث صحيح أخرجه الأئمة عن عدد من الصحابة، فمن حديث جابر أخرجه الترمذي في الأشربة برقم 1865، بلفظ:"ما أسكر كثيره فقليله حرام"، وبهذا اللفظ أخرجه أبو داود في الأشربة برقم 3681، وابن ماجه برقم 3393، ومن حديث ابن عمر أخرجه ابن ماجه برقم 3392، بلفظ:"كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام"، وأخرجه أيضًا الإمام أحمد في المسند 2/ 91.

ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد في المسند 2/ 167، بلفظ =

ص: 552

وعلة الحنفية مستنبطة، وما ثبت بالنص أولى مما ثبت بالاستنباط؛ لأن الاستنباط يحتمل الخطأ بخلاف النص.

قوله: (أولا يعود على أصله بالتخصيص)(1).

مثاله: اختلافهم في التيمم بالجص والنورة.

قال مالك: يتيمم به؛ لأنه نوع من الصعيد (2).

[[وقال الشافعي: لا يتيمم [به](3)؛ لأنه ليس بتراب (4).

فقياس المالكية أولى؛ لأنه لا يكر على أصله بالتخصيص.

وأصل ذلك هو الصعيد]] (5) في قوله تعالى: {فَتَيَمَّموا صَعِيدًا طَيِّبًا} (6)، والصعيد أعم من جميع أنواع الأرض.

وأما علة الشافعي: فإنها تقتضي تخصيص الصعيد.

= حديث جابر المتقدم، وأخرجه النسائي 8/ 300، وابن ماجه برقم 3394، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عنه.

(1)

انظر: المستصفى 2/ 403، والإشارة ص 194، وإحكام الفصول 2/ 919، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 244، والمسودة ص 381، وشرح القرافي ص 425، والمسطاسي ص 177، وحلولو ص 379.

(2)

انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 286.

(3)

ساقط من ز.

(4)

انظر: المجموع للنووي 2/ 218.

(5)

ما بين المعقوفات الأربع ساقط من ط.

(6)

النساء: 43، وتمامها:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} ، والمائدة: 6، وبعدها:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} .

ص: 553

[و](1) مثاله أيضًا: اختلافهم في بيع اللحم بالحيوان.

قالت المالكية: هذا بيع معلوم بمجهول من جنسه فيمنع، قياسًا على منع [بيع](2) الرطب بالتمر بعلة (3) المزابنة.

ويقول الحنفي: هذا بيع ربوي بغير ربوي فلا يمنع، قياسًا على بيع الثياب بالعين.

فقياس الحنفية ها هنا أولى من قياس المالكية؛ لأن قياس المالكية يعود على أصله بالتخصيص والبطلان، وذلك أن تعليلهم بالمزابنة، وهي بيع المعلوم بالمجهول يقتضي حمل الحديث على الحيوان المأكول اللحم، فيخرج بسبب هذه العلة كثير من الحيوان، ويبطل حكم النهي (4) فيها (5).

واختلف العلماء في بيع اللحم بالحيوان على ثلاثة مذاهب:

قال الشافعي: لا يجوز [مطلقًا](6) ولو بعبد (7)؛ تقديمًا للخبر على (8) القياس (9).

(1) ساقط من الأصل.

(2)

ساقط من ز وط.

(3)

"فعلته" في ز وط.

(4)

"الفص" في الأصل.

(5)

انظر: شرح القرافي ص 425.

(6)

ساقط من ط.

(7)

"بعد" في ز.

(8)

"عن" في ز

(9)

انظر: روضة الطالبين للنووي 3/ 394 - 395، وكفاية الأخيار في حل غاية الاختصار لتقي الدين الحصني 1/ 470 - 471.

ص: 554

وقال أبو حنيفة: يجوز (1) مطلقًا؛ تقديمًا للقياس على الخبر (2).

وقال مالك بالتفصيل؛ لأنه قيده بالحيوان من جنسه الذي لا يراد إلا للحم (3)؛ جمعًا (4) بين الدليلين (5).

قال ابن الحاجب في الفروع: فمنه: بيع الحيوان باللحم، ومحمله عند مالك على الجنس الواحد للمزابنة، فيجوز بيع الطير بلحم الأنعام (6) وبالعكس، وخصصه القاضيان بالحي الذي لا يراد إلا للحم (7)، وما لا تطول حياته، وما لا (8) منفعة فيه إلا اللحم كاللحم (9)، خلافًا لأشهب، وهما روايتان، فإن طالت، أو كانت المنفعة [فيه](10) يسيرة، كالصوف في الخصي، فقولان، ومن ثم اختلف في بيعه بالطعام نسيئة، وفي المطبوخ بالحيوان، قولان:(11)

قوله: (أو علته مطردة منعكسة)(12).

(1)"ويجوز" في ز.

(2)

انظر: بدائع الصنائع 5/ 189.

(3)

"اللحم" في ز.

(4)

"هما" في ز.

(5)

انظر: الشرح الصغير للدردير 4/ 113.

(6)

في فروع ابن الحاجب: "بلحم الغنم".

(7)

في فروع ابن الحاجب: "إلا للذبح"، وفي ز:"إلا اللحم".

(8)

"ولا" في ز وط.

(9)

كذا في النسخ الثلاث، وفروع ابن الحاجب، والمعنى لم يظهر لي.

(10)

ساقط من ز وط.

(11)

انظر: الفروع لابن الحاجب المسمى جامع الأمهات ورقة 64 أ.

مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم 887 د.

(12)

انظر: اللمع ص 326، والبرهان فقرة 1347، وما بعدها، والمستصفى 2/ 402، والمنخول ص 445، والإحكام للآمدي 4/ 274، وإحكام الفصول 2/ 920، والإشارة ص 194، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 242، والروضة ص 392، =

ص: 555

مثاله: اختلافهم في إجبار العاصب اليتيمة الصغيرة على النكاح.

قالت المالكية: هذا شخص لا يملك التصرف في مالها، فلا يملك الإجبار، قياسًا على الأجنبي (1).

وقالت الحنفية: هذا شخص من أهل ميراثها، فيملك الإجبار، قياسًا على الأب (2).

فقياس (3) المالكية أولى؛ لأن علته مطردة منعكسة؛ لأنها تدور مع الحكم وجودًا وعدمًا، وعلة الحنفية غير منعكسة؛ لأن الحاكم يزوجها مع أنه ليس من أهل ميراثها.

قوله: (أو تشهد لها أصول كثيرة)(4).

مثاله: اختلافهم في النية في الوضوء.

= والمسودة ص 384، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 1032، والوجيز للكرماستي ص 210، وشرح المسطاسي ص 177، وحلولو ص 379.

(1)

انظر: المدونة 2/ 140.

(2)

انظر: بدائع الصنائع 2/ 238 و240.

(3)

"وقياس" في ز وط.

(4)

انظر: اللمع ص 325، والتبصرة ص 490، والمعتمد 2/ 846، 849، والمستصفى 2/ 402، والمنخول ص 447، والمحصول 2/ 2/ 624، والبرهان فقرة 1384، والإشارة ص 194، وإحكام الفصول 2/ 921، ونهاية السول 4/ 519، وروضة الناظر ص 392، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 231، والمسودة ص 376، والمغني للخبازي ص 331، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 228، وفواتح الرحموت 2/ 328، والوجيز للكرماستي ص 209، وشرح المسطاسي ص 178، وحلولو ص 379.

ص: 556

قالت المالكية: الوضوء عبادة، فيفتقر إلى نية (1)، أصله التيمم والصلاة والصوم والزكاة والحج.

وقالت الحنفية: الوضوء طهارة بالماء، فلا يفتقر إلى نية (2)، أصله زوال النجاسة.

فقياس المالكية أولى؛ لأنه تشهد له (3) أصول كثيرة، كالصلاة والصوم والحج (4) وغير ذلك. وأما قياس الحنفية، فلم يشهد له (5) إلا أصل واحد وهو زوال النجاسة.

قوله: (أو يكون أحد القياسين فرعه من جنس أصله)(6).

مثاله: [اختلافهم](7) في ضمان الصائل البهيمي.

قالت المالكية: من أتلف الصائل البهيمي فلا يضمن، أصله الصائل الآدمي.

وقالت الحنفية: من أتلف الصائل البهيمي يضمن (8)، أصله من أتلف

(1) انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 176.

(2)

انظر: بدائع الصنائع 1/ 19.

(3)

"لها" في ز وط.

(4)

"والزكاة" في ز وط.

(5)

"لها" في ز وط.

(6)

انظر: اللمع ص 325، والمعتمد 2/ 846، 853، والمحصول 2/ 2/ 628، ونهاية السول 4/ 521، وإحكام الفصول 2/ 921، والإشارة ص 194، والمسودة ص 376، 385، وأصول ابن مفلح 3/ 1036، وشرح المسطاسي ص 178، وحلولو ص 379.

(7)

ساقط من ز وط.

(8)

"فيضمن" في ز وط.

ص: 557

مالاً في مخمصة، والجامع بين الأصل والفرع في القياسين (1) الضرورة، فقياس المالكية أولى؛ لأن فرعه من جنس أصله وهو (2) قياس صائل على صائل، وقياس الحنفية فرعه مخالف لجنس أصله.

قال ابن الحاجب في الفروع: ويجوز دفع الصائل بعد الإنذار للفاهم من مكلف أو صبي أو مجنون أو بهيمة، عن النفس والأهل والمال، فإن (3) علم أنه لا يندفع إلا بالقتل، جاز قتله قصدًا ابتداء، وإلا فلا، ومن قدر على الهروب من غير مضرة لم يجز له الجرح (4).

قوله: (أو علته (5) متعدية) (6)، مثاله: اختلافهم في علة تحريم الخمر.

قالت المالكية:/ 332/ علته كونه مسكرًا، وقالت الحنفية: علته كونه خمرًا.

(1)"هو" زيادة في ز وط.

(2)

"وهي" في ط.

(3)

في الفروع لابن الحاجب: "وإن".

(4)

انظر: الفروع لابن الحاجب ورقة 103 أمن مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.

(5)

"علة" في الأصل وز.

(6)

انظر: اللمع ص 326، والبرهان فقرة 1356 - 1372، والمستصفى 2/ 404، والمنخول ص 445، والمحصول 2/ 2/ 625، ونهاية السول 4/ 521، وإحكام الفصول 2/ 922، والإشارة ص 194، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 243، والروضة ص 392، والمسودة ص 378، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 1032، والوجيز للكرماستي ص 210، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 178، وحلولو ص 380.

ص: 558

فعلة المالكية أولى؛ لأنها متعدية، بخلاف [علة](1) الحنفية فإنها قاصرة على محلها، والتعليل بالعلة المتعدية لمحلها أولى من العلة القاصرة على محلها؛ لأن المتعدية متفق على صحتها والقاصرة مختلف في صحتها، وما ذكره المؤلف من تقديم المتعدية على القاصرة هو المشهور، وقيل: القاصرة أولى، وقيل: هما سواء، ووجه الأول: أن النص يغني عن القاصرة.

ووجه الثاني: أن النص يقويها.

ووجه الثالث: تعارض المدركين (2)(3).

واعترض كلام المؤلف ها هنا: بأن ما ذكره ها هنا هو تعارض العلتين، لا تعارض القياسين الذي صدر به الفصل (4)، فتأمله.

قوله: (أو تعم فروعها)(5)، مثاله: اختلافهم فيمن ملك قريبه الذي ليس من عمودي النسب ولا من الإخوة، هل يعتق عليه أو لا؟.

كابن الأخ (6) والعم والخال [وغيرهم](7).

(1) ساقط من ط.

(2)

"المدركية" في ز.

(3)

انظر الأدلة الثلاثة في: شرح المسطاسي ص 178.

(4)

"الفعل" في الأصل وط.

(5)

انظر: المعتمد 2/ 846، و851، والبرهان فقرة 1409، والمحصول 2/ 2/ 627، ونهاية السول 4/ 519، وإحكام الفصول 2/ 923، والإشارة ص 194، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 317، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 245، والروضة ص 392، والمسودة ص 381، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 178، وحلولو ص 380.

(6)

"أخ" في ط.

(7)

ساقط من ز وط.

ص: 559

قالت المالكية: شخص تجوز شهادته له فلا يعتق عليه؛ قياسًا على الأجنبي (1).

وقالت الحنفية: شخص ذو محرم فيعتق عليه؛ قياسًا على الوالد والولد (2).

فنقول: علة المالكية أولى؛ لأنها تعم فروعها؛ لأنها تتناول (3) سائر العصبة كابن الأخ والعم وابن العم والخال (4) وغيرهم.

وعلة الحنفية لا تعم فروعها؛ لأن البنت تعتق على الأم، ولا يقال: إنها ذات محرم لأمها، وكذلك الابن يعتق على أبيه، ولا يقال: إنه ذو محرم لأبيه. وإنما كان العامة لفروعها أولى؛ لأن التي لا تعم فروعها تكون بقية الفروع معللة بعلة أخرى، وتعليل الأحكام المستوية بالعلل المختلفة مختلف فيه، والمتفق عليه أولى من المختلف فيه (5).

قوله: (أو هي أعم)(6)؛ لأن العلة التي هي أعم أكثر فائدة من العلة التي

(1) انظر: الشرح الصغير للدردير 6/ 255.

(2)

انظر: بدائع الصنائع 4/ 47.

(3)

"تناول" في الأصل وز.

(4)

الخال: ليس من العصبة، فلو قال: لأنها تتناول سائر الأقارب، لكان أتم.

(5)

انظر: شرح القرافي ص 426.

(6)

انظر: اللمع ص 324، والمنخول ص 442، والإحكام للآمدي 4/ 379، وإحكام الفصول 2/ 923، والإشارة ص 194، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 233، وأصول ابن مفلح 3/ 1036، والذخر الحرير شرح مختصر التحرير ص 187 و189، مخطوط بالمكتبة السعودية بالرياض برقم 341/ 86، والوجيز للكرماستي ص 211، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 178، وحلولو ص 380.

ص: 560

هي أخص.

مثاله: اختلافهم في جواز التحري في الأواني المشتبهة إذا كان أحد الإناءين مشوبًا بنجاسة لم تغيره.

قال مالك: هذا جنس وسيلة إلى الصلاة فيجوز فيه (1) التحري؛ قياسًا على الثياب وجهات (2) القبلة (3).

وقالت الحنفية: هذا [ن](4) إناءان أحدهما نجس، فلا يجوز فيه التحري (5)؛ قياسًا على ما إذا كان أحدهما بولاً والآخر ماء.

فعلة المالكية أولى؛ لأنها عامة (6) في الأواني والثياب والجهات، وعلة الحنفية خاصة بالأواني.

قوله: ([أ] (7) وهي منتزعة من أصل منصوص عليه (8)).

(1)"فيها" في ز وط.

(2)

"وجهلت" في ز.

(3)

انظر: المنتقى للباجي 1/ 59 - 60، والقوانين لابن جزي ص 32.

(4)

ساقط من ز وط.

(5)

فعلى هذا إما أن يتركها ويتيمم، أو يتوضأ من كل إناء ويصلي، وبالأول قال سحنون، وبالثاني ابن الماجشون. فانظر المنتقى 1/ 59 - 60.

وانظر: بدائع الصنائع 1/ 81، وحاشية ابن عابدين 1/ 327.

(6)

"تعم" في ز وط.

(7)

ساقط من ز.

(8)

انظر: اللمع ص 325، والمستصفى 2/ 399، وإحكام الفصول 2/ 295، والإشارة ص 194، ومختصر ابن الحاجب 2/ 317، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 228، والمسودة ص 384، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 178، وحلولو ص 380.

ص: 561

مثاله: اختلافهم في جواز التيمم بالأحجار وتراب المعادن الباقي في معادنه (1).

قال مالك: الأحجار وسائر المعادن صعيد، فيجوز التيمم به، قياسًا على التراب (2).

وقال أبو حنيفة: الأحجار وسائر المعادن ليس بصعيد، فلا يتيمم به، قياسًا على الذهب والفضة (3).

فعلة المالكية التي هي الصعيد أولى؛ لأنها منتزعة، أي مستخرجة من أصل منصوص عليه، وهو قوله تعالى:{صَعِيدًا طَيَّبًا} (4).

قوله: (أو أقل أوصافًا)(5).

(1) مثل المسطاسي هذه المسألة بما غنمته الطائفة القليلة هل يخمس قياسًا على الكثيرة؟ أو لا يخمس قياسًا على الحشيش؟.

(2)

انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 286 - 287.

(3)

المشهور من مذهب الحنفية: جواز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض، كالأحجار ولو أملس، والطين، والجص، والجدران، والمعادن في محالها، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، وخالفهما أبو يوسف، فخص الصعيد بالتراب.

وتخصيص الصعيد بالتراب هو قول الشافعية والحنابلة.

فانظر: بدائع الصنائع 1/ 53 - 54، وحاشية ابن عابدين 1/ 239 - 240، والوسيط للغزالي 1/ 443، والمغني لابن قدامة 1/ 247.

(4)

النساء: 43، والمائدة:6.

(5)

انظر: اللمع ص 325، والتبصرة ص 489، والبرهان فقرة 1400، والمستصفى 2/ 402، والمنخول ص 446، وإحكام الفصول 2/ 926، والإشارة ص 94، والتمهيد 4/ 235، 246، والمسودة ص 378، وأصول ابن مفلح 3/ 1032، والذخر الحرير ص 187، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

ص: 562

مثاله: اختلافهم في الواجب بقتل العمد، هل الواجب فيه بدل واحد وهو القصاص؟ وهو (1) مذهب ابن القاسم (2)، أو الواجب فيه بدلان وهما القصاص أو الدية؟ وهو مذهب أشهب (3) والشافعي (4).

فيقول ابن القاسم: هذا قتل، فيجب فيه بدل واحد قياسًا على قتل الخطأ؛ [إذ لا يجب في قتل الخطأ إلا بدل واحد، وهو الدية](5).

ويقول أشهب والشافعي: هذا قتل العمد العدوان (6)، تعذر فيه القود من غير عفو بعض الأولياء ولا عدم المحل، فتجب فيه الدية من غير رضا القاتل، قياسًا على الأب.

فعلة ابن القاسم أولى، لقلة (7) أوصافها.

وتظهر فائدة هذا الخلاف: فيما إذا أراد أولياء المقتول الدية، وأراد أولياء القاتل القصاص، فعلى قول ابن القاسم: القول قول القاتل، وعلى قول أشهب والشافعي: القول قول أولياء المقتول.

وتظهر فائدة الخلاف أيضًا: فيما إذا عفا أولياء المقتول عفوًا مطلقًا، فعلى قول ابن القاسم لا شيء لهم؛ إذ ليس لهم إلا شيء واحد وهو القصاص فقد

(1)"فهو" في ز.

(2)

انظر: المنتقى للباجي 7/ 123.

(3)

انظر المصدر السابق.

(4)

انظر: روضة الطالبين 9/ 239.

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(6)

"الجدوان" في ز.

(7)

"لعلة" في ز وط.

ص: 563

أسقطوه بعفوهم.

وعلى قول أشهب والشافعي: لهم الدية؛ إذ لهم شيئان (1) وهما القصاص أو الدية.

قوله: (والقياس الآخر ليس كذلك)، راجع [إلى](2) جميع الأشياء العشرة [المذكورة](3).

قوله: (قال الإِمام رحمه الله: أو يكون أحد القياسين متفقًا على علته، أو أقل خلافًا، أو بعض مقدماته يقينية، أو علته وصفًا حقيقيًا)(4)(5).

[ش]: (6) قوله: (أو يكون أحد القياسين متفقًا على علته)(7)؛ لأن القياس المتفق على علته أولى من (8) المختلف في علته.

مثاله: (9) اختلافهم في النبيذ.

(1) في ز وط: "إذ ليس لهم إلا شيئان".

(2)

ساقط من الأصل.

(3)

ساقط من ز وط.

(4)

في نسح المتن: "وصف حقيقي".

(5)

انظر: المحصول 2/ 2/ 594 - 595.

(6)

ساقط من ط.

(7)

انظر: المستصفى 2/ 399، والمحصول 2/ 2/ 594، والإحكام للآمدي 4/ 269، والروضة ص 393، والمسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

(8)

"القياس" زيادة في ز وط.

(9)

لم يذكر المسطاسي مثالاً لهذه المسألة.

ص: 564

قال مالك: هذا شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، قياسًا على الخمر.

ويقول أبو حنيفة: هذا شراب لا يذهب عقل صاحبه فلا يحرم، قياسًا على اللبن.

فعلة مالك أولى؛ لأنها متفق عليها وهي الإسكار.

قوله: (أو أقل خلافًا)(1)؛ لأن ما قل الخلاف فيه أولى مما كثر الخلاف فيه.

مثاله: اختلافهم في نجاسة ما ليس له نفس (2) سائلة إذا (3) مات.

قال مالك: هو (4) حيوان ليس له نفس سائلة، فلا ينجس بالموت (5)، قياسًا على ذباب العسل والباقلاء.

وقال الشافعي: هو حيوان بري فينجس بالموت، قياسًا على الشياه والبقر (6).

فقياس مالك أولى؛ لقلة الخلاف في ذباب العسل والباقلاء، وكثرة الخلاف في الحيوان البري.

(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 594، وشرح المسطاسي ص 179، ولم يذكر المسطاسي مثالاً لها، وانظر: شرح حلولو ص 381.

(2)

في ز وط: "ما لا نفس له".

(3)

"إذ" في ط.

(4)

"وهو" في ط.

(5)

انظر: الشرح الصغير 1/ 68.

(6)

انظر: روضة الطالبين للنووي 1/ 14.

ص: 565

قوله: (أو بعض مقدماته يقينية)(1)؛ لأن ما كان [بعض](2) مقدماته يقينية أقوى مما كان مقدماته ظنية.

مثاله: اختلافهم في القليل من النبيذ.

قال مالك: قليله يدعو إلى كثيره، وكل ما يؤدي قليله إلى كثيره فهو حرام، فيحرم قليل النبيذ.

وقال أبو حنيفة: هذا (3) شراب ليس بمسكر، [وكل ما ليس بمسكر](4) فلا يحرم.

فقياس الحنفية ها هنا أولى والله أعلم؛ لأن بعض مقدماته يقينية؛ لأن قوله: ليس بمسكر،/ 333/ وهو المقدمة الأولى يقينية.

قوله: (أو علته وصفًا حقيقيًا)(5)، أي: والقياس الآخر علته وصف عدمي؛ لأن التعليل بالوصف الحقيقي موافق للأصل، والتعليل بغير الحقيقي مخالف للأصل، وما وافق الأصل هو أولى مما خالف الأصل.

(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 594 - 595، 605، وشرح المسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

(2)

ساقط من ز وط.

(3)

"هو" في ط.

(4)

ساقط من ط.

(5)

انظر: المحصول 2/ 2/ 595، والإحكام للآمدي 4/ 273، والإبهاج 3/ 254، ونهاية السول 4/ 510، ومختصر ابن الحاجب 2/ 317، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 230، والمسودة ص 379، وأصول ابن مفلح 3/ 1031، والذخر الحرير ص 187، والتقرير والتحبير 3/ 229، والوجيز للكرماستي ص 209، وشرح القرافي ص 426، وشرح المسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

ص: 566

مثاله: اختلافهم أيضًا في القليل (1) من النبيذ.

فقال مالك مثلا: شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، قياسًا على الخمر.

وقال أبو حنيفة: شراب لا يسكر فلا يحرم، قياسًا على اللبن.

قوله: (ويترجح التعليل (2) بالحكمة على العدمي (3) والإِضافي والحكم الشرعي والتقديري، والتعليل بالعدمي (4) أولى من التقديري، وتعليل الحكم الوجودي بالوصف الوجودي أولى من العدمي بالعدمي ومن العدمي بالوجودي و (5) الوجودي بالعدمي؛ لأن التعليل بالعدم يستدعي تقدير الوجود، وبالحكم الشرعي أولى من التقديري؛ لكون (6) التقدير (7) على خلاف الأصل).

ش: قوله: (ويترجح التعليل بالحكمة على العدمي)(8).

مثاله: اختلافهم في الكبير السفيه، هل يجبره (9) الأب على النكاح أم لا؟

(1)"التعليل" في الأصل.

(2)

"التقليل" في ش.

(3)

"العدم" في نسخ المتن.

(4)

"بالعدم" في نسخ المتن.

(5)

"من" زيادة في ش.

(6)

"ليكون" في ط.

(7)

"التقديري" في ش وز.

(8)

انظر: المحصول 2/ 2/ 595، والإبهاج 3/ 254، ونهاية السول 4/ 511، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 179 وهو لم يذكر لها مثالاً، وانظر: شرح حلولو ص 381.

(9)

"يجره" في ز.

ص: 567

قال مالك (1): شخص جاهل بمصالحه، فيجبره (2) الأب على النكاح، [قياسًا](3) على الصغير (4).

وقال غيره: شخص ليس بصغير، فلا يجبره (5) الأب على النكاح، قياسًا على البالغ الرشيد (6).

والحكمة هي قولنا: جاهل بالمصالح، والوصف العدمي هو قولنا: ليس بصغير.

قوله: (والإِضافي)(7).

مثاله: اختلافهم في تقديم الجد أو الأخ في ولاية النكاح.

قال مالك: الجد أكثر شفقة ورحمة فيقدم في الولاية، قياسًا على الأب (8).

(1) ساقط من ط.

(2)

"فيجزه" في ز.

(3)

ساقط من ز.

(4)

انظر: المنتقى 3/ 386.

(5)

"يجره" في ز.

(6)

هذا رأي الشافعية، فانظر: الوجيز للغزالي 2/ 9، وهو قول عبد الملك بن حبيب من المالكية، فانظر: المنتقى للباجي 3/ 286.

(7)

انظر: المحصول 2/ 2/ 595، والإبهاج 3/ 254، وشرح المسطاسي ص 179، ولم يذكر لها مثالاً، وانظر: شرح حلولو ص 381.

(8)

هذه إحدى الروايات عن مالك، ذكرها ابن رشد في البداية 2/ 13.

والمشهور عن مالك، وهو مشهور مذهب المالكية: تقديم الأخ وابن الأخ على الجد.

فانظر: المدونة 2/ 143، والشرح الصغير للدردير 3/ 113، والكافي لابن عبد البر 2/ 525، وهذا أيضًا مذهب الشافعية والحنابلة. انظر: الوجيز للغزالي 2/ 6، والشرح الكبير لابن أبي عمر 4/ 184.

ص: 568

وقال غيره: الأخ شخص يدلي بالبنوة فيقدم، قياسًا على الابن (1).

فالتعليل بالشفقة أولى؛ لأنها هي الحكمة في ترتيب الأولياء، وهي أولى من الوصف الإضافي وهو البنوة.

قوله: (والحكم الشرعي)(2).

مثاله: اختلافهم في ولاية العبد في النكاح.

قال مالك: هو شخص محجور (3) عليه في أفعاله فلا يكون وليًا، قياسًا على المجنون (4).

وقال [غيره وهو](5) أبو حنيفة: هو (6) شخص عارف بمصالح وليته فيكون وليًا، قياسًا على الحر (7).

فقياس الحنفي هنا (8) أولى؛ لأنه علل بالحكمة، وهي: كونه عارفًا بمصلحة

(1) هو مشهور مذهب المالكية كما تقدم. ورواية عن الإمام أحمد، فانظر: الشرح الكبير لابن أبي عمر 4/ 184.

(2)

انظر: المحصول 2/ 2/ 595، وشرح القرافي ص 426، والمسطاسي ص 179، ولم يذكر لها مثالاً.

(3)

"مجبور" في الأصل.

(4)

انظر: الشرح الصغير للدردير 3/ 126.

(5)

ساقط من ز وط.

(6)

"هي" في ط.

(7)

ذكر هذا عن أبي حنيفة ابن رشد في البداية 2/ 12، والمتداول في كتب الحنفية: أن من شروط الولي الحرية، فلا يكون المملوك وليًا، مع قولهم بجواز النكاح بلا ولي.

انظر: بدائع الصنائع 2/ 239 و241، والهداية 1/ 199، وحاشية ابن عابدين 3/ 77، والجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري 2/ 76.

(8)

"ههنا" في ز وط.

ص: 569

الولية.

قوله: (والتقديري)(1).

مثاله: اختلافهم في نكاح المريض، هل ترث فيه الزوجة أم لا؟

قال مالك: هذا معنى يؤدي إلى توريث من لا يرث، فيقدر (2) وجوده كعدمه، فلا يثبت فيه الميراث، قياسًا على الوصية للوارث (3).

وقال أبو حنيفة: هذا نكاح يباح فيه الوطء، ويلحق فيه الولد، فيثبت فيه الميراث، قياسًا على نكاح الصحيح (4).

فقياس الحنفي ها هنا أولى؛ لأنه علل بحكمة النكاح، وهي [إباحة الوطء و](5) إلحاق الولد، وأما الأول، فقد علل بالوصف المقدر.

قوله: (والتعليل بالعدمي أولى من التقديري)(6).

مثاله: اختلافهم في المعتق عنه، هل يثبت له الولاء وتبرأ ذمته من الكفارة

(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 595، وشرح القرافي ص 426 - 427، والمسطاسي ص 179 ولم يذكر لها مثالاً.

(2)

في ز: "فقدر"، وفي ط:"فقد".

(3)

انظر: المدونة 2/ 186، وبداية المجتهد 2/ 46.

(4)

هذا مذهب الجمهور خلافًا للمالكية. فانظر: الشرح الكبير لابن أبي عمر 4/ 86. إلا أن الحنفية يقولون: إن كان عليه دين فلا يسلم لها ما أعطاها من مهر، وتكون أسوة الغرماء فيه. فانظر: المبسوط 28/ 78.

(5)

ساقط من ز وط.

(6)

انظر: المحصول 2/ 2/ 597، وشرح القرافي ص 427، والمسطاسي ص 179، ولم يذكر لها مثالاً، وانظر: شرح حلولو ص 381.

ص: 570

أم لا؟

فيقول المثبت وهو مالك: المعتق عنه يقدر مالكًا (1)، فيجزئه لكفارته، ويثبت (2) له الولاء، قياسًا على المعتق عن نفسه (3).

ويقول النافي وهو أبو حنيفة في المعتق [عنه](4): ليس بمالك فلا تبرأ (5) ذمته من الكفارة، ولا يثبت له الولاء، قياسًا على ما إذا أعتق عبد غيره (6).

هذا القياس الثاني أولى من الأول؛ لأن هذا الثاني علل بالعدمي، والأول [علل](7) بالتقديري.

قوله: (وتعليل الحكم الوجودي بالوصف الوجودي أولى من العدمي بالعدمي)(8).

مثاله: اختلافهم في قليل النبيذ.

(1)"مالك" في ز.

(2)

"ولا يثبت" في ط.

(3)

انظر: المنتقى للباجي 6/ 277.

(4)

ساقط من الأصل.

(5)

"ذمة" زيادة في ز.

(6)

انظر: بدائع الصنائع 5/ 107.

(7)

ساقط من ط.

(8)

انظر: المحصول 2/ 2/ 597، والإحكام للآمدي 4/ 273، والإبهاج 3/ 255، ونهاية السول 4/ 513، ومختصر ابن الحاجب 2/ 417، والتقرير والتحبير 3/ 230، وفواتح الرحموت 2/ 325، وشرح المسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

ص: 571

قال [مالك](1): شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، أصله (2) الخمر.

وقال أبو حنيفة: شراب لا يسكر [فلا يحرم](3)، أصله اللبن.

فالوصف الوجودي هو قولنا: يسكر، والحكم الوجودي هو قولنا: يحرم، والوصف العدمي، هو قولنا: لا يسكر، والحكم العدمي هو قولنا: فلا يحرم.

قوله: (ومن العدمي بالوجودي)(4)، معناه: وتعليل الحكم الوجودي بالوصف الوجودي أولى من تعليل الحكم العدمي بالوصف الوجودي.

مثاله: اختلافهم في نية الوضوء.

قال مالك: [الوضوء](5) عبادة بدنية فتشترط فيه النية، أصله الصلاة.

وقال أبو حنيفة: الوضوء طهارة مائية فلا تشترط فيه النية، أصله زوال النجاسة.

قوله: (والوجودي بالعدمي)(6) معناه: وتعليل الحكم الوجودي

(1) ساقط من الأصل.

(2)

"واصله" في ز.

(3)

ساقط من ز وط.

(4)

انظر: المحصول 2/ 2/ 597، والإبهاج 3/ 254 - 255، ونهاية السول 4/ 513، وشرح حلولو ص 381.

(5)

ساقط من ز وط.

(6)

انظر: المحصول 2/ 2/ 597، والإبهاج 3/ 254 - 255، ونهاية السول 4/ 513، وشرح حلولو ص 381.

ص: 572

بالوصف الوجودي أولى من تعليل الحكم الوجودي [بالوصف](1) العدمي (2).

مثاله: اختلافهم في قليل النبيذ.

قال مالك: شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، أصله (3) الخمر.

وقال أبو حنيفة: شراب لا يسكر فيباح، أصله اللبن.

قوله: (لأن التعليل بالعدم يستدعي تقدير الوجود)، وإنما استدعى العدم تقدير الوجود؛ لأن العلة العدمية لا بد أن تكون عدمًا مضافًا لشيء معين (4)، كقولنا: عدم الإسكار علة إباحة الخمر، وعدم العقل علة منع التصرف.

كما نقول: ليس بمسكر فلا يحرم، ليس بعاقل فلا يصح تصرفه.

ليس بجانٍ (5) فلا يعاقب، ونحو ذلك، فلا بد أن يقدر معنى [هذا](6) عدمه.

قوله: ([و] (7) بالحكم الشرعي أولى من التقديري) (8).

(1) ساقط من ط.

(2)

"بالعدمي" في ط.

(3)

"أقله" في الأصل.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 427، وشرح حلولو ص 381.

(5)

"بجاز" في الأصل.

(6)

ساقط من ز وط.

(7)

ساقط من ز.

(8)

انظر: المحصول 2/ 2/ 598، والإبهاج 3/ 255، وفواتح الرحموت 2/ 325، =

ص: 573

معناه: والتعليل بالحكم الشرعي أولى من التعليل بالوصف المقدر.

مثاله: اختلافهم في المعتق عنه، هل تبرأ ذمته من الكفارة إذا أعتق عنه بسببها ويثبت له الولاء، أو لا تجزئه تلك الكفارة ولا يثبت له الولاء؟.

قال مالك: هذا شخص أعتق عنه، فيقدر أنه مالك فتبرأ ذمته ويثبت له الولاء، أصله إذا أعتق [عبد](1) نفسه.

وقال أبو حنيفة: هذا شخص ليس بمالك، فلا تبرأ ذمته/ 334/ بعتق الغير عنه، أصله إذا أعتق عبد غيره عن نفسه.

فقياس الحنفي (2) ها هنا أولى؛ لأنه علل بالحكم الشرعي، وهو قولنا: ليس بمالك، وأما مالك فقد علل بالوصف التقديري، وهو تقدير الملك.

قوله: (والتقدير (3) على خلاف الأصل)، أي: إنما قدم التعليل بالحكم الشرعي على التقديري؛ لأن الحكم الشرعي جاء على وضعه لم يخالف فيه أصلاً (4)، وأما التقديري فهو على خلاف الأصل.

[وذلك أن إعطاء الموجود (5) حكم المعدوم، أو إعطاء المعدوم حكم

= والتقرير والتحبير 3/ 230، وشرح القرافي ص 427، والمسطاسي ص 179، وحلولو ص 381.

(1)

ساقط من ط.

(2)

"الحنفية" في ط.

(3)

في ز وط: "لكون التقدير".

(4)

"أصل" في الأصل وط.

(5)

"الوجود" في ط.

ص: 574

الموجود هو مخالف للأصل؛ لأن وضع المعلوم على خلاف ما هو عليه، خلاف الأصل.

أما المعدوم فهو باق على وضعه لم يخالف فيه أصلاً (1)، فلذلك قدم على التقديري] (2).

قوله: (والقياس الذي يكون ثبوت الحكم في أصله أقوى، أو بالإِجماع، أو بالتواتر، أقوى مما ليس كذلك).

ش: قوله: (والقياس الذي يكون ثبوت الحكم في أصله أقوى)(3).

معناه: والقياس الذي يكون ثبوت الحكم في أصله أقوى، هو أولى من القياس الذي يكون ثبوت الحكم في أصله أضعف.

مثاله: اختلافهم في الوضوء من مس الذكر.

قال المالكي: هذا عضو ملتذ بمباشرته، فيجب به الوضوء، قياسًا على القبلة في الفم (4).

وقال الحنفي: هذا عضو من (5) أعضاء الجسد، فلا يجب به (6) الوضوء،

(1)"أصل" في ط.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(3)

انظر: المحصول 2/ 2/ 618، والإحكام للآمدي 4/ 269، والإبهاج 3/ 261، ومختصر ابن الحاجب 2/ 317، والروضة ص 393، والمسودة ص 382، والذخر الحرير ص 186، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 1031، وشرح المسطاسي ص 180، ولم يذكر مثالاً لها، وانظر: شرح حلولو ص 381.

(4)

"القص" في ز.

(5)

"عن" في ز.

(6)

"فيه" في ز وط.

ص: 575

قياسًا على الركبتين.

فقياس المالكي أولى من قياس الحنفي؛ لأنه رواه جماعة كثيرة، وأما مستند الحنفي فلم يروه إلا طلق بن علي (1)، فما رواه الجماعة أولى مما رواه الواحد.

قوله: (أو بالإِجماع)(2)، معناه: والقياس الذي يكون ثبوته الحكم في أصله بالإجماع أولى من غيره.

مثاله: اختلافهم في تحديد أقل الصداق.

قال [مالك]: (3) محدود بربع دينار (4).

وقال الشافعي (5)، وابن وهب (6): لا حد له (7).

(1) ورواه أيضًا أبو أمامة، أخرج حديثه ابن ماجه برقم 484.

(2)

انظر: المحصول 2/ 2/ 617، والبرهان فقرة 1397، ونهاية السول 4/ 518، وشرح المسطاسي ص 180، ولم يذكر مثالاً لها.

(3)

ساقط من ز.

(4)

انظر: المدونة 2/ 173، والموطأ وشرحه المنتقى للباجي 3/ 288 - 289، والشرح الصغير للدردير 3/ 206.

(5)

انظر: الأم 5/ 58 - 60، وكفاية الأخيار 2/ 117.

(6)

عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، من أجلِّ تلاميذ مالك؛ بل من خلصائه، كان هو وابن قاسم أبرز من حمل علم مالك، وعرف بالعبادة والورع مع العلم والحفظ، أخرج له الجماعة ووثقه ابن معين وغيره، توفي سنة 197 هـ.

له تآليف منها الموطأ، والجامع، وكتاب الأهوال، وتفسير الموطأ، وكتاب المناسك، انظر ترجمته في: ترتيب المدارك 1/ 421، والديباج 1/ 413، وتهذيب التهذيب 6/ 71.

(7)

انظر: مقدمات ابن رشد 2/ 44، والمنتقى 3/ 289.

ص: 576

وسبب الخلاف: هل هو عبادة أو معاوضة؟ فمن جعله من باب العبادة قدره كالزكاة والكفارة، ومن جعله من باب المعاوضة لم يقدره، بل يجوز بكل ما يقع به التراضي كسائر المعاوضات (1).

فيقول المالكي في نظم قياسه: هذا عضو لا يستباح إلا بمال، فيقدر بربع دينار أو ثلاثة دراهم، قياسًا على السرقة.

ويقول الشافعي: هذا عقد بمعاوضة، فلا يقدر، بل يجوز بما يقع به التراضي، قياسًا على البيع (2).

وقياس الشافعي أولى؛ لأن أصله ثبت حكمه بالإجماع (3).

قوله: (أو بالتواتر)(4)(5)، معناه: والقياس (6) الذي يكون ثبوت الحكم [في أصله](7)(8) بالتواتر أولى من غيره.

مثاله: اختلافهم في الحيوان البحري الذي يعيش في البر.

(1) جاء في هامش الأصل ما يلي: "انظر لا يعتبر في المعاوضات إلا ما يقع به الرضا".

(2)

"بيع" في ز.

(3)

في الأصل: "لأن أصله ثبت بحكم الإجماع".

(4)

"التوتر" في ز.

(5)

انظر: المستصفى 2/ 399، والمحصول 2/ 2/ 619، وشرح المسطاسي ص 180، ولم يذكر لها مثالاً.

(6)

"أو القياس" في ز.

(7)

ساقط من الأصل.

(8)

"به" زيادة في الأصل.

ص: 577

هل حكمه حكم الحيوان (1) البحري كالحوت، فلا ينجس في نفسه، ولا ينجس ما مات فيه، أو حكمه حكم الحيوان البري كالشاة الميتة، فينجس (2) في نفسه، وينجس ما مات [فيه](3)؟.

قال ابن الحاجب في الفروع: والمشهور أن السلحفاة والسرطان والضفدع ونحوه مما تطول حياته في البر بحري كغيره (4)(5).

قال مالك [مثلا](6) في نظم قياسه: هذا حيوان بحري، فلا ينجس بالموت، أصله السمكة الميتة (7).

ويقول الآخر: هذا حيوان بري ذو نفس سائلة، فينجس بالموت، أصله الشاة الميتة (8).

وهذا القياس أولى؛ لأن ثبوت الحكم في أصله ثبت بالتواتر (9)، وأما القياس الأول فإنما ثبت بالآحاد، وهو قوله عليه السلام:"الطهور ماؤه، الحل (10) ميتته".

(1)"حيوان" في ز.

(2)

"وينجس" في الأصل.

(3)

ساقط من ز.

(4)

"لغيره" في ط.

(5)

انظر: الفروع لابن الحاجب المسمى جامع الأمهات ورقة 1/ أ، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط برقم 887 د.

(6)

ساقط من ز وط.

(7)

انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 70.

(8)

عزاه في المغني 1/ 45 للشافعي وابن المبارك وأبي يوسف.

وانظر: الوجيز للغزالي 1/ 6، والمبسوط للسرخسي 1/ 57، والجوهرة النيرة 1/ 16.

(9)

"التوتر" في ز.

(10)

"والحل" في ز وط.

ص: 578