الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في ترجيح طرق العلل
(1)
ش: قد تقدم لنا أن الترجيح يكون في الأخبار، ويكون في الأقيسة، ويكون في طرق العلة، وترجيح الأقيسة يكون باعتبار الأصل، أو (2) الفرع، أو (2) الحكم، أو (2) العلة.
قوله: (قال الإِمام: المناسبة أقوى (3) من الدوران، خلافًا لقوم، ومن التأثير، والسبر المظنون (4)، والشبه، والطرد) (5).
ش: ذكر [المؤلف رحمه الله](6) ها هنا [من](7) طرق العلة ستة (8) أشياء، وهي: المناسبة، والدوران، والتأثير، والسير، والشبه، والطرد، فجعل المناسبة أقواها؛ لأن المصلحة في المناسبة ظاهرة (9)، وأما الدوران فليس فيه
(1)"العلة" في نسخ المتن.
(2)
"و" في الأصل.
(3)
"أولى" في الأصل.
(4)
"والمظنون" في ط.
(5)
انظر: المحصول 2/ 2/ 607 - 611.
(6)
ساقط من ط.
(7)
ساقط من ط.
(8)
"خمسة" في الأصل.
(9)
انظر: المحصول 2/ 2/ 607، والإبهاج 3/ 257، ونهاية السول 4/ 514، وشرح القرافي ص 427.
إلا مجرد الاقتران، وهو اقتران الوجود بالوجود والعدم بالعدم.
والشرائع مبنية على المصالح، فما كانت فيه المصلحة (1) ظاهرة، فهو أولى بالمراعاة (2).
حجة القول بأن الدوران مقدم على المناسبة: أن الدوران (3) فيه طرد وعكس، وهو اقتران الوجود بالوجود، والعدم بالعدم، والعلة المطردة المنعكسة أشبه بالعلل العقلية، فيكون الدوران أولى من المناسبة (4).
وأجيب: بأن الترجيح بالطرد والعكس إنما يكون مع المساواة في المناسبة، [والمناسبة](5) المطردة [المنعكسة](6) أولى من المناسبة التي لا تكون كذلك، وأما مجرد الطرد والعكس فممنوع (7).
وأما تقديم المناسبة على التأثير؛ فلأن التأثير هو اعتبار الجنس في الجنس، والاعتبار أضعف من المناسبة؛ لأن الاعتبار مظنة المناسبة، فما ظهرت فيه المناسبة أولى (8).
(1)"مصلحة" في ز.
(2)
انظر: شرح المسطاسي ص 180.
(3)
"أولى" زيادة في ط.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 427، والمسطاسي ص 180.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من ط.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 427، والمسطاسي ص 180.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 427 - 428، والمسطاسي ص 180.
وأما تقديم المناسبة على الشبه؛ فلأن الشبه هو الذي لا يناسب لذاته ولكنه يستلزم المناسب لذاته، فالمناسب (1) في ذاته أولى مما ليس كذلك (2).
وأما تقديم المناسبة على السبر والتقسيم؛ فلأن السبر والتقسيم وقع التعيين (3) فيه بإلغاء (4) الغير، أو بعدم اعتباره، والمناسبة وقع الاعتبار فيه بالذات (5)، فكان (6) أولى (7).
وأما تقديم المناسبة على الطرد؛ فلأن الطرد عبارة عن اقتران الحكم بسائر صور الوصف، فمجرد (8) الاقتران أضعف من المناسب (9)؛ لأن المناسب (9) المصلحة فيه ظاهرة بادية فكان أولى؛ لأن المناسب (9) هو معدن الحكمة (10).
قوله: (قال الإِمام: المناسبة أقوى من الدوران)(11).
مثاله: اختلافهم في علة الربا.
(1)"والمناسب" في ط.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 428، والمسطاسي ص 180.
(3)
"التميبن" في ز.
(4)
"بالضاد" في ز.
(5)
"باذات" في الأصل.
(6)
"فكون" في ز.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 428، والمسطاسي ص 180 - 181.
(8)
"ومجرد" في ز وط.
(9)
"المناسبة" في ز وط.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 428، والمسطاسي ص 181.
(11)
انظر: المحصول 2/ 2/ 607، وشرح القرافي ص 427، وحلولو ص 382.
قال مالك: علته الاقتيات والادخار، وهما مناسبان للحكم؛ لأن الاقتيات والادخار لهما تأثير في إحياء النفوس، وما كان كذلك ينبغي ألا يهان بأن يباع متفاضلاً.
وعلله أبو حنيفة [بالكيل والوزن](1)، فحيث وجد الكيل أو الوزن وجد الحكم، وحيث عدم عدم.
قوله: (ومن التأثير)(2).
مثاله: / 335/ اختلافهم في تكرار مسح الرأس.
[[قال مالك: مسح [الرأس](3) مبني على التخفيف، فلا يُسَنُّ فيه التكرار (4)، أصله المسح على الخفين، فقد علل مالك بوصف مناسب للحكم، وهو: مبني]] (5) على التخفيف، والحكم هو عدم التكرار؛ لأن التخفيف يناسب عدم التكرار.
وقال الشافعي: مسح الرأس ركن من أركان الوضوء، فيسن (6) فيه التكرار، أصله الوجه (7).
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: المحصول 2/ 2/ 609، والإبهاج 3/ 358، ونهاية السول 4/ 514، وشرح القرافي ص 427 - 428.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 168 - 169.
(5)
ما بين المعقوفات الأربع ساقط من ط.
(6)
"فيحسن" في ط.
(7)
انظر: المجموع للنووي 1/ 432.
قوله: (والسبر المظنون)(1).
مثاله: اختلافهم في علة الكفارة في رمضان بالأكل والشرب.
فعلل (2) مالك وجوب الكفارة بهتك حرمة رمضان، فتجب الكفارة عنده بالأكل والشرب (3) (4). فيقال في القياس: هذا معنى يقصد (5) به هتك حرمة رمضان، فتجب فيه الكفارة، أصله الجماع؛ لأن الجماع متفق عليه في وجوب الكفارة به، وهو (6) محل النص؛ لأنه عليه السلام جاءه أعرابي وهو يضرب صدره، وينتف شعره، ويقول: هلكت هلكت يا رسول الله (7)، واقعت أهلي في نهار رمضان، فأمره النبي عليه السلام بالكفارة.
وعلل الشافعي وجوب الكفارة بالإيقاع وهو الجماع، فلا تجب [الكفارة](8) عنده بالأكل والشرب (9)(10)، ويقال (11) في قياسه: هذا
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 610، والإبهاج 3/ 358، ونهاية السول 4/ 514، وشرح القرافي ص 428.
(2)
"فقال" في ط.
(3)
"والشراب" في ز.
(4)
انظر: المنتقى 2/ 52، والشرح الصغير 2/ 252.
(5)
"يعضد" في الأصل.
(6)
"وهي" في ط.
(7)
في الأصل زيادة: "صلى الله عليه وسلم".
(8)
ساقط من ز.
(9)
"والشراب" في ز.
(10)
انظر: روضة الطالبين 2/ 377.
(11)
"ويقول" في ز وط.
[معنى](1) ليس بجماع فلا تجب الكفارة فيه (2)، أصله أكل ما لا يغذي كالحصاة.
فتعليل مالك بالهتك مناسب لوجوب الكفار [ة](3).
قوله: (والشبه): أي: المناسبة (4) أقوى من الشبه (5).
مثاله: اختلافهم في ولاية العبد في النكاح.
قال مالك: هو شخص محجور عليه في أفعاله فلا يكون وليًا، أصله المجنون.
وقال أبو حنيفة: هو شخص عارف بمصالح وليته فيكون وليًا، أصله الحر، فكونه محجور [اً](6) عليه مناسب للحكم.
قوله: ([و] (7) الطرد)، معناه: والمناسبة أقوى من الطرد (8).
(1) ساقط من ط.
(2)
في ز وط: "فيه الكفارة" بالتقديم والتأخير.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"المناسب" في ز وط.
(5)
انظر: المحصول 2/ 2/ 611، والإحكام للآمدي 4/ 274، والإبهاج 3/ 258، ونهاية السول 4/ 514، ومختصر ابن الحاجب 2/ 317، وروضة الناظر ص 393، وأصول ابن مفلح 3/ 1034، وشرح القرافي ص 428، وحلولو ص 382.
(6)
ساقط من ز
(7)
ساقط من الأصل.
(8)
انظر: المحصول 2/ 2/ 611، والإبهاج 3/ 258، ونهاية السول 4/ 514، وشرح القرافي ص 428، وحلولو ص 382.
مثاله: اختلافهم في تعليل الربا.
علل مالك بالاقتيات والادخار، وعلل أبو حنيفة بالكيل والوزن، فالتعليل بالاقتيات والادخار (1) مناسب، وأما التعليل بالكيل والوزن فليس بمناسب ولا مستلزم للمناسب؛ فالربا عند الحنفي مطرد في كل مكيل وموزون، حتى الجص.
قوله: (والمناسب [الذي] (2) اعتبر نوعه في نوع الحكم [مقدم](3) على ما اعتبر جنسه في نوعه (4)، ونوعه (5) في جنسه، وجنسه (6) في جنسه؛ لأن الأخص بالشيء أرجح وأولى به، والثاني والثالث متعارضان، والثلاثة راجحة على الرابع، ثم الأجناس عالية وسافلة ومتوسطة، وكلما قرب (7) كان أرجح).
ش: تقدم لنا في باب القياس في الفصل الثالث في الدال على العلة: أن المناسب الذي اعتبره الشرع ينقسم إلى أربعة أقسام: (8) إما ما اعتبر نوعه في نوع الحكم، وإما ما اعتبر جنسه في جنسه، وإما ما اعتبر نوعه في جنسة، وإما ما اعتبر جنسه في نوعه.
(1)"وادخار" في ط.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
ساقط من نسخ المتن.
(4)
في خ: "أو نوعه"، وفي ش:"أو نوع الحكم".
(5)
"نوع الحكم" في ش.
(6)
"أو جنسه" في خ وش.
(7)
"به" زيادة في ز وط.
(8)
انظر: صفحة 306 من مخطوط الأصل، وصفحة 335 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 393.
فذكر المؤلف رحمه الله ها هنا: أن القسم الأول الذي هو تأثير النوع في النوع يقدم على الثلاثة الأنواع الباقية (1)، وهي (2) تأثير الجنس في النوع، وتأثير النوع في الجنس، وتأثير الجنس في الجنس، وإلى هذه الثلاثة أشار بقوله: مقدم على ما اعتبر جنسه في نوعه، ونوعه في جنسه، وجنسه في جنسه.
وذكر: [أن](3) النوع الثاني والثالث، وهما الجنس في النوع والنوع في الجنس، يقدمان على الرابع، وهو (4) الجنس [في الجنس](5)، وإليه (6) أشار بقوله: والثلاثة راجحة على الرابع.
وأراد بالثلاثة: النوع في النوع، والجنس في النوع، والنوع في الجنس.
ولكن في كلامه تكرار بالنسبة إلى دخول النوع الأول في جملة الثلاثة؛ لأن كلامه أولاً يقتضي أن النوع الأول مقدم على الرابع، فلو قال: والثاني والثالث راجحان على الرابع، لكان أولى.
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 613، ونهاية السول 4/ 515، ومختصر ابن الحاجب 3/ 318، وأصول ابن مفلح 3/ 1038، والذخر الحرير للبعلي ص 189، والتقرير والتحبير 3/ 229، وفواتح الرحموت 2/ 325، والوجيز للكرماستي ص 208، وشرح المسطاسي 181، وحلولو ص 182.
(2)
"وهو" في ط.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"وهما" في ز وط.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"وإلى هذا" في ز وط.
وذكر المؤلف أن النوع الثاني والنوع الثالث متعارضان فيما بينهما، وليس تقديم أحدهما على الآخر بأولى من العكس (1)، وإلى هذا أشار بقوله: والثاني والثالث متعارضان، أي متساويان.
ولكن اعترض المؤلف بأن كلامه ها هنا مناقض لقوله أولاً في باب القياس: فتأثير النوع في النوع مقدم على تأثير النوع في الجنس، وتأثير النوع في الجنس مقدم على تأثير الجنس في النوع (2)؛ لأن كلامه في باب القياس عدم التعارض، وكلامه [هـ] (3) هنا في باب التعارض يقتضي تعارضهما؛ لأنه قال: والثاني والثالث متعارضان.
يحتمل أن يجاب عنه: بأنه (4) نقل أولاً قولاً، ونقل ها هنا قولاً آخر، ولكن قالوا: [المنقول عن الأصوليين إنما هو القول بالتعارض، كما قال المؤلف ها هنا في باب التعارض.
ووجه التعارض ظاهر: وهو أن] (5) كل واحد من القسمين فيه خصوص من وجه واحد؛ إذ في أحد القسمين خصوص الوصف، وفي الآخر خصوص الحكم، فليس تقديم خصوص أحد (6) القسمين على خصوص
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 181.
(2)
في الأصل وز وط: "الجنس". والمثبت موافق لما في الموضع المشار إليه في صفحة 306 من مخطوط الأصل، وشرح القرافي ص 393، ويحتمل أن يكون في الكلام سقط؛ لأن بعده:"وهو مقدم على تأثير الجنس في الجنس".
فانظر موضع الإحالة تتبين.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"لانه" في ط.
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(6)
"واحد" في ز.
الآخر بأولى من العكس.
ووجه ما قال المؤلف في باب القياس: أن الوصف أصل للحكم والحكم فرع له، فخصوص الأصل أولى بالاعتبار (1) من خصوص الفرع، والله أعلم (2).
قوله: (والمناسب الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم
…
إلى (3) قوله: راجحة على الرابع).
وحاصل كلامه ست صور (4): وذلك أن تأثير النوع في النوع يحتوي على ثلاث (5) صور، وهي: تأثير الجنس في النوع، وتأثير النوع في الجنس، وتأثير الجنس في الجنس، فهذه ثلاث صور في تأثير النوع [في النوع](6).
وأما تأثير الجنس في النوع، فيحتوي على صورتين، وهما:
تأثير النوع في الجنس، وتأثير الجنس في الجنس، فهاتان صورتان في
(1)"باعتبار" في ط.
(2)
انظر الموضع المشار إليه في: باب القياس صفحة 340 وما بعدها من هذا المجلد، حيث أورد الشوشاوي هذا الإشكال وناقشه.
وانظر شرح المسطاسي ص 181.
(3)
"اولى" في ط.
(4)
أي حاصل كلامه في تقديم كل منها على الآخر عند التعارض ست صور:
ثلاث يقدم فيها النوع في النوع، وثنتان يقدم فيها الجنس في النوع، وواحدة يقدم فيها النوع في الجنس.
(5)
"ثلاثة" في الأصل.
(6)
ساقط من الأصل.
تأثير الجنس في النوع.
وأما تأثير النوع في الجنس، فيحتوي على صورة واحدة، وهي: تأثير الجنس في الجنس، فهذه ست صور.
مثال تقديم النوع في النوع على الجنس في النوع، اختلافهم في قليل النبيذ.
قال مالك رضي الله عنه: شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، أصله الخمر، فاعتبر (1) نوع الإسكار في نوع التحريم.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: شراب لا مفسدة فيه فيباح (2)، أصله اللبن. / 336/
فقوله: لا مفسدة فيه، هذا (3) جنس الوصف، موثر في نوع الحكم، وهو الإباحة.
ومثال تقديم النوع في النوع على النوع في الجنس: اختلافهم في نية الوضوء.
قال مالك: عبادة بدنية فتفتقر إلى نية، أصله الصلاة.
قوله: عبادة بدنية، نوع الوصف، وقوله: تفتقر (4) إلى نية، نوع الحكم.
وقال غيره: طهارة مائية فلا تفتقر إلى نية، أصله زوال النجاسة.
فقوله: طهارة مائية، نوع الوصف، وقوله: فلا تفتقر إلى نية، جنس
(1)"واعتبر" في ز وط.
(2)
"فلا يحرم" في ز وط.
(3)
"هو" في الأصل.
(4)
"فتفتقر" في ز وط.
الحكم.
ومثال تقديم النوع في النوع على الجنس في الجنس: اختلافهم في القليل من النبيذ.
فيقول المالكي: شراب يسكر كثيره فيحرم قليله، أصله الخمر.
ويقول الحنفي: شراب لا مفسدة فيه فلا يحرم، أصله العسل.
فقوله: لا مفسدة فيه، جنس الوصف، وقوله: فلا يحرم، جنس الحكم.
ومثال الجنس في النوع مع النوع في الجنس: اختلافهم فيمن دفع الصائل من البهائم عن نفسه، هل يضمن أو لا يضمن؟
قال مالك رضي الله عنه: هذا دفع صائل عن النفس، فلا يضمن، أصله الصائل الآدمي.
قوله: (1) دفع صائل (2) عن النفس، نوع الوصف، وقوله: لا يضمن، جنس الحكم.
وقال الآخر: هذا إتلاف مال الغير فيضمن، أصله أكل مال الغير في زمان (3) المسغبة.
(1)"فقوله" في ز وط.
(2)
"الصائل" في ز وط.
(3)
"زمن" في ز.
قوله (1): إتلاف مال الغير، جنس الوصف، وقوله: يضمن، نوع (2) الحكم.
ومثال الجنس في النوع مع الجنس في الجنس: اختلافهم في السلس والدود والحصى، هل يوجب الوضوء أم لا؟
قال الشافعي: هذا حدث فيجب منه الوضوء، أصله الصحيح.
قوله: حدث، [هو](3) جنس الوصف، وقوله: يجب منه الوضوء (4)، نوع الحكم.
ويقول المالكي: هذا مكلف يشق عليه الفعل فيسقط عنه الحكم، [أصله لزوم المذي في الصلاة](5).
قوله (6): يشق عليه الفعل، جنس الوصف، وقوله: يسقط عنه الحكم، جنس الحكم.
ومثال النوع في الجنس مع الجنس في الجنس (7): اختلافهم في الأخ الشقيق، هل يقدم على الأخ للأب في ولاية النكاح والصلاة على الجنازة، أو هما سواء؟
(1)"وقوله" في ز.
(2)
"جنس" في ز.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"هو" زيادة في ز وط.
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(6)
"فقوله" في ز وط.
(7)
"النوع" في ز.
فيقول المالكي مثلًا: هذا أخ شقيق فيقدم في النكاح والجنازة، أصله الميراث (1).
ويقول الآخر (2): هذان (3) شخصان اشتركا في سبب التعصيب [فيستويان في الولاية](4)، أصله الابنان والعمان (5).
فقول (6) المالكي: أخ شقيق، نوع الوصف، وقوله: يقدم (7)، جنس الحكم.
وقول الآخر: شخصان اشتركا في سبب التعصيب، جنس الوصف، وقوله: فيستويان في الولاية، جنس الحكم.
قوله: (والمناسب الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم
…
إِلى قوله: راجحة على الرابع)، هذا كله تقسيم المناسب.
قسمه المؤلف رحمه الله إلى الأقسام المذكورة، وسكت المؤلف عن الخمسة الباقية من (8) أنواع العلة، وهي: الدوران، والتأثير، والسير، والشبه، والطرد؛ لأن المؤلف ذكر تعارض المناسب مع هذه الخمسة، ولم
(1) انظر: الشرح الصغير للدردير 1/ 114.
(2)
"الاخ" في ز.
(3)
"هذا" في الأصل.
(4)
ساقط من ز وط.
(5)
هذا القول قول لبعض الشافعية كما في الوجيز للغزالي 2/ 6، ورواية عن أحمد كما في الشرح الكبير لابن أبي عمر 4/ 185.
(6)
"فيقول" في ط.
(7)
"فيقدم" في ز وط.
(8)
"في" في الأصل.
يذكر تعارض هذه الخمسة فيما بينها، وفي (1) تعارض هذه (2) الخمسة فيما بينها (3) عشرة (4).
وذلك أنك تأخذ الدوران مع كل واحد (5) من الأربعة الباقية بعده، ثم تأخذ التأثير مع كل واحد من الثلاثة بعده، ثم تأخذ السير مع كل واحد من الاثنين بعده، ثم تأخذ الشبه مع ما بعده وهو (6) الطرد، فهذه عشرة أوجه.
قال أبو زكريا يحيى بن أبي بكر المسطاسي: ولم أر من تعرض لهذه الأوجه العشرة (7)، وبالله التوفيق بمنه (8).
قوله: (والمناسب الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم مقدم على ما اعتبر جنسه في نوعه ونوعه في جنسه وجنسه في جنسه، لأن الأخص بالشيء أرجح، وأولى به) ووجه هذا التقديم: أن النوع في النوع فيه الخصوص من وجهين، والنوع في الجنس وكذلك الجنس في النوع في كل واحد خصوص
(1)"وفيما" في الأصل.
(2)
"هذا" في ز.
(3)
"بينهما" في ز.
(4)
كذا في النسخ الثلاث، والمراد عشرة أوجه.
(5)
"واحدة" في ط.
(6)
"وهي" في ز.
(7)
انظر: شرح المسطاسي ص 181.
(8)
ذكر البيضاوي في المنهاج: أن الدوران يقدم على السبر والشبه والإيماء والطرد، ثم يقدم من هذه الأربعة السبر، ثم الشبه، ثم الإيماء، ثم الطرد.
انظر: الإبهاج 3/ 257 - 261، ونهاية السول 4/ 513 - 516، وانظر: شرح حلولو ص 381.
من وجه واحد، والجنس في الجنس لا خصوص فيه البتة، فما فيه الخصوص من وجهين أولى مما فيه الخصوص من وجه واحد، وما فيه الخصوص من وجه واحد أولى مما لا خصوص فيه البتة (1).
والثاني والثالث متعارضان؛ لأن كل واحد منهما خاص من وجه، فليس تقديم خصوص أحدهما على خصوص الآخر بأولى من العكس.
قوله: (لأن الأخص بالشيء أرجح وأولى به)، [أي:] (2) الأخص أرجح من الأعم، ألا ترى أن المحرم إذا لم يجد إلا صيدًا وميتة أكل الميتة ويترك الصيد؛ لأن تحريم الصيد خاص بالإحرام.
وكذلك المصلي، إذا لم يجد إلا ثوب الحرير وثوب النجس صلى بالحرير ويترك النجس؛ لأن تحريم النجس خاص بالصلاة، وغير ذلك من الأمثلة، فإن الأخص أبد [اً](3) آكد وأقوى من الأعم، فيقدم النهي الأخص في الترك، ويستعمل النهي الأعم (4).
قوله: (ثم الأجناس عالية وسافلة ومتوسطة، وكل ما قرب كان أرجح (5))، تقدم بيان هذا الفصل الثالث في باب القياس (6)، وهو: أن الوصف أعم أحواله كونه وصفًا، وأخص منه كونه مناسبًا، وأخص منه كونه
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 181.
(2)
ساقط من ط.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 181.
(5)
انظر: شرح حلولو ص 382.
(6)
انظر: مخطوط الأصل صفحة 306، وصفحة 337 من هذا المجلد.
معتبرًا، وأخص منه كونه مصلحة أو مفسدة، وأخص منه كونه مصلحة كذا أو مفسدة كذا، وأخص منه كون تلك المصلحة أو المفسدة في محل الضرورة أو الحاجة أو التتمة (1).
والحكم أعم أجناسه كونه حكمًا، وأخص منه كونه طلبًا أو تخييرًا، وأخص منه كونه تحريمًا أو تحليلاً، وأخص منه [كونه](2) تحريم كذا أو تحليل كذا، وبهذا تظهر الأجناس العالية والسافلة والمتوسطة من الأوصاف والأحكام (3).
قوله: (وكل ما قرب كان أرجح)، أي: وكل ما قرب إلى النوع كان أرجح، فيقدم الجنس السافل على العالي.
قوله: (والدوران في صورة (4) أرجح منه في صورتين) (5).
ش: تقدم لنا في باب القياس حقيقة الدوران (6)، وهو:[عبارة عن](7) اقتران ثبوت الحكم مع ثبوت الوصف، وعدمه مع عدمه.
مثاله في صورة واحدة: الإسكار مع التحريم، فإن الإسكار يدور/ 337/
(1)"التتمية" في ز.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 181.
(4)
"صورتين" في أ.
(5)
"صورة" في أ.
(6)
انظر: صفحة 310 من مخطوط الأصل، وصفحة 366 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 396، وانظر: شرح المسطاسي ص 181، وحلولو ص 382.
(7)
ساقط من ز وط.
مع التحريم وجودًا وعدمًا، فإن عصير العنب قبل الإسكار ليس بمسكر، فهو ليس بحرام، وإذا صار مسكرًا صار حرامًا، وإذا تخلل زال الإسكار فزال التحريم، فقد اقترن الوجود بالوجود والعدم بالعدم ها هنا في صورة واحدة.
ومثاله في صورتين: اقتران وجوب الزكاة في النقدين بكونهما أحد الحجرين، فإن وجوب الزكاة دار مع كونهما أحد الحجرين وجودًا وعدمًا، أما وجودًا ففي صورة المسكوك، وأما عدمًا ففي صورة العقار.
وإنما رجحت الصورة الأولى على هذه الصورة؛ لأن انتقاء الحكم بعد ثبوته في الصورة الواحدة، يقتضي أنه ليس معه ما يقتضيه في تلك الصورة، وإلا لثبت فيها، وأما انتفاء الحكم من صورة أخرى (1) غير صورة الثبوت، فيحتمل أن يكون موجب الحكم فيها غير الوصف المدعى كونه علة (2)، وأن (3) الوصف المدعى كونه علة لو فرض انتفاؤه ثبت الحكم بوصف آخر، فلا يتعين عدم اعتبار غيره بخلاف الصورة الواحدة.
قوله: (والشبه في الصفة أقوى منه في الحكم)، وفيه خلاف.
ش: تقدم حقيقة الشبه في باب القياس (4)، وهو عبارة عن الوصف الذي لا يناسب لذاته ويستلزم المناسب لذاته.
(1)"من" زيادة في الأصل.
(2)
"علته" في الأصل.
(3)
"واما" في ز وط.
(4)
انظر: صفحة 309 من مخطوط الأصل، وصفحة 358 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 394، وانظر: شرح المسطاسي ص 182.
مثاله: العبد المقتول، فإن فيه شبهين (1)، وهما: كونه آدميًا، وكونه مملوكًا، فكونه آدميًا وصف حقيقي، وكونه مملوكًا حكم شرعي. فمن [غلَّب فيه الشبه الأول (2) الذي هو كونه آدميًا - وهو أبو حنيفة - لم يوجب فيه الزيادة على الدية.
ومن] (3) غلب فيه الشبه الثاني الذي هو كونه مملوكًا - وهو مالك والشافعي - أوجب فيه القيمة بالغة ما بلغت، وإن زاد [ت](4) على الدية.
حجة القول بأن الشبه في الصفة أقوى: أن الأوصاف هي أصل العلل (5)، والأصل في الأحكام أن تكون معلولات لا عللاً، فالحكم (6) إذًا فرع الوصف والوصف أصل له، فإذا تعارضا قدم الأصل (7).
وحجة القول بأن الشبه في الحكم أقوى: أن الحكم يستلزم علته، فيقع الشبه في الصفة والحكم معًا، والشبه من وجهين أقوى منه من [و](8) جه واحد (9).
(1)"شبهتين" في ط.
(2)
"الأولى" في ز.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4)
ساقط من ز.
(5)
في هامش الأصل كتب الناسخ ما يلي: "انظر الأوصاف هي أصل العلل".
(6)
"فإن الحكم" في ز وط.
(7)
انظر: شرح القرافي ص 428.
(8)
ساقط من ط.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 428.
أجيب عن هذا بأنه لا يلزم من (1) الشبه في الحكم الشبه في العلة، فإن الأحكام المتماثلة تعلل بالعلل المختلفة (2)، وبالله التوفيق بمنه.
…
(1)"في" في الأصل.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 428.