الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع في كيفية الرواية
[ش](1): أي في صفة الرواية، ولا يخلو الراوي إما أن يكون صحابيًا أو غيره.
فإن كان صحابيًا فذكر فيه المؤلف سبع مراتب.
وإن كان الراوي غير صحابي فذكر فيه ثماني مراتب (2).
قوله: (إِذا قال الصحابي: سمعت رسول (3) الله صلى الله عليه وسلم، أو أخبرني، أو شافهني، فهذا أعلى المراتب).
ش: يريد وكذلك إذا قال: حدثني عليه السلام بكذا (4).
(1) ساقط من ز.
(2)
يختلف علماء الحديث وعلماء أصول الفقه في حصر هذه المراتب والحكم عليها وألفاظ الرواية بها اختلافًا كثيرًا، لذا سأكتفي بالإحالة على ما أستطيع من المراجع، مع ذكر ما استقر عليه المتأخرون من علماء الحديث على ما في مقدمة ابن الصلاح، وتقريب النووي، وتدريب السيوطي، ومعظم المحدثين لم يذكروا مراتب الرواية للصحابي، بل يذكرون مراتب للصحابي وغيره؛ لذا سيكون التعرض لآرائهم في القسم الثاني من هذا الفصل، وهو المتعلق بغير الصحابي، إلا ما وجدتهم نصوا عليه لاختصاصه بالصحابي، والله الموفق.
(3)
"النبي" في أ، وخ، وش.
(4)
"وكذا وكذا" زيادة في ز.
[وهذه](1) المرتبة هي أعلى المراتب، ولا خلاف أنه (2)[كلام](3) النبي عليه السلام؛ لأنه لا يحتمل الواسطة بل هو محمول على المشافهة (4).
وأما المراتب الست (5) الباقية فهي محل الخلاف لما فيها من الاحتمال.
قوله: (وثانيها: أن يقول: قال عليه السلام.
ش: إنما (6) جعل المؤلف هذه المرتبة أخفض من الأولى، لأن الأولى لا تحتمل إلا المشافهة، وأما "قال": فيحتمل المشافهة [و](7) يحتمل الواسطة، كما (8) يقول أحدنا اليوم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان لم يسمعه ولا شافهه، ولا شك أن اللفظ الدال على المشافهة أنص في المقصود وأبعد عن الخلل المتوقع من الوسائط (9).
(1) ساقط من ز.
(2)
"في أن" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر الكلام على هذه المرتبة في: المحصول 2/ 1/ 637، والإبهاج 2/ 364، والروضة ص 90، والإحكام للآمدي 2/ 95، وشرح القرافي ص 373.
(5)
"الستة" في الأصل.
(6)
"وإنما" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"مما" في ز.
(9)
ولا خلاف في أنه حجة للعمل، وقال الأكثرون: يحمل على السماع، ونقل عن أبي بكر الباقلاني التردد في حمله على السماع، ونقل هذا أبو الخطاب عن الأشاعرة، وقال الرازي: ظاهره النقل، وليس نصًا صريحًا.
انظر: المحصول 2/ 1/ 638، والإبهاج 2/ 364، والإحكام للآمدي 2/ 95، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 68، والعدة لأبي يعلى 3/ 999، =
قوله: (ثانيها وثالثها ورابعها
…
) إلى آخرها، إنما أتى بها على صورة التذكير لأنه اعتبر الأقسام ولم يعتبر المراتب؛ لأن المراتب هي في المعنى أقسام.
قوله: (وثالثها: [أن يقول] (1) أمر (2) بكذا [أ](3) ونهي عن كذا).
ش: يعني أمر أو نهى بالبسط من غير ذكر الفاعل.
قال المؤلف في شرحه: يريد: وكذلك إذا قال: أمرنا أو نهانا (4).
قوله: (وهذا كله محمول عند المالكية على أمر (5) النبي عليه السلام خلافًا لقوم).
ش: هذا الكلام راجع إلى المرتبة الثالثة خاصة، وهي قوله: أمر أو نهى.
= والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 185، وروضة الناظر ص 90، وانظر: الكفاية للخطيب ص 589، وشرح القرافي ص 373، والمسطاسي ص 119.
(1)
ساقط من نسخ المتن.
(2)
"عليه السلام" زيادة في نسخ المتن الثلاث ونسخة: ز. وإثبات الفاعل يعتبر مرتبة أخرى، وهي التي تكلم عليها جل الأصوليين، لكن سياق الشوشاوي للمسألة كما سترى، وتنبيهه الآتي بأن المؤلف أسقط مرتبة أخرى، وهي ما صرح فيه بالفاعل كل ذلك يؤكد إسقاط الفاعل من هذه المرتبة هنا.
وهذه المرتبة أعني: أمر، بفتح الثلاثة بسطًا للفعل من غير ذكر الفاعل، لم أر من تعرض لها سوى القرافي في شرحه ص 373، وتبعه المسطاسي ص 119، والشوشاوي وحلولو ص 320.
(3)
ساقط من ز.
(4)
في شرح القرافي ص 373: بل يقول الراوي أمر بكذا أو أمرنا بكذا، وانظر صفحة 374 منه.
(5)
في ش: "أمره عليه السلام".
قال المؤلف في الشرح: [و](1) قولي: إنه محمول عند المالكية على أمر النبي عليه السلام، أريد إذا لم يذكر النبي عليه السلام في الأمر، بل يقول الراوي: أمر بكذا، أو أمرنا بكذا، فإن اللفظ يحتمل أن يكون فاعل هذا الأمر هو النبي عليه السلام أو غيره. انتهى (2).
وإنما جعل هذه المرتبة أخفض من التي قبلها؛ لأن التي قبلها لا تحتمل إلا احتمالاً واحدًا، وهو احتمال الوسيطة (3)، وأما هذه المرتبة الثالثة فتحتمل احتمالات كثيرة، أي: هل أمر عليه السلام أو أمر غيره؟ ثم هل المراد بالأمر الطلب أم لا؟ ثم الطلب، هل المراد به الجازم أو لا؟ ثم الجازم، هل المراد به الفور أو التراخي؟ ثم الفور، هل المراد به التكرار أو المرة الواحدة؟ وهل المراد به الكل أو البعض؟ (4).
حجة المالكية أن هذا محمول على أمره عليه السلام [أ](5) ونهيه: أن من له
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر شرح القرافي ص 373.
(3)
كذا في النسختين، وفي المسطاسي: الواسطة، وهو أولى.
وفي القاموس: الوسيط: هو المتوسط بين المتخاصمين، وفي اللسان: التوسيط: أن تجعل الشيء في الوسط.
وفيه أيضًا: صار الماء وسيطة إذا غلب على الطين.
ولم يوردها صاحب اللسان، ولا صاحب القاموس، ولا شارحه، بمعنى: الواسطة، لكنها تفهم من المعاني التي ذكرت.
انظر: المسطاسي ص 197 من مخطوط مكناس رقم 352، واللسان، والقاموس، والتاج، كلها مادة:(وسط).
(4)
انظر: شرح القرافي ص 373، والمسطاسي ص 119.
(5)
ساقط من ز.
رئيس معظم إذا قال: أمر بكذا، أو أمرنا بكذا، إنما يريد أمر رئيسه، ولا يفهم عنه إلا ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو رئيس الأمة وعظيمها ومرجعهم، وهو المشار إليه في أقوالهم وأفعالهم، فتنصرف إطلاقاتهم في ذلك إليه صلى الله عليه وسلم (1).
قوله: (خلافًا لقوم)، حجة المخالف: أن الفاعل إذا حذف احتمل النبي عليه السلام أو غيره، فيكون المعنى: أمر الكتاب، أو أمر (2) بعض الأمة، والاحتمال شك، ولا يثبت الشرع بالشك.
أجيب عنه: بأن شاهد الحال صارف للنبي عليه السلام كما تقدم تقريره من [أن](3) الفعل المطلق ينسب إلى الرئيس، والعمل بالراجح متعين (4).
قوله: (وثالثها: أن يقول: أمر بكذا أو نهى عن كذا) ببسط الفعل فيهما (5)، سكت المؤلف عن مرتبة أخرى، وهي: إذا صرح بالفاعل فقال: أمر النبي عليه السلام (6) أو نهى عليه السلام عن كذا (7)، ففيها الخلاف أيضًا (8)،
(1) انظر: شرح القرافي ص 374.
(2)
"امره" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر الدليل والإجابة عنه في: شرح القرافي ص 374، والمسطاسي ص 119.
(5)
"فيها" في ز.
(6)
"بكذا" زيادة في ز.
(7)
"بكذا" في ز.
(8)
وهذه حجة عند الأكثرين، وخالف داود الظاهري وبعض المتكلمين والقاضي في مختصر التقريب، حكى هذا صاحب الإبهاج وقال: وحكي عن داود الوقف، وإليه مال الإمام. اهـ. بمعناه: انظر: الإبهاج 2/ 365، والمحصول 2/ 1/ 638، 639، ومختصر ابن الحاجب 2/ 68، والإحكام للآمدي 2/ 96، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 186، وروضة الناظر ص 91، والكفاية للخطيب ص 590، 591.
وحكمها عند المالكية (1) حكم المرتبة التي هي: أمر أو نهى من غير ذكر النبي عليه السلام، إلا أن هذه المرتبة [التي](2) فيها التصريح بذكر النبي عليه السلام أقوى من المرتبة التي لم يذكر فيها النبي عليه السلام؛ / 290/ لأنه إذا ذكر النبي عليه السلام ارتفع منه احتمال واحد، وهو إرادة غيره (3) عليه السلام، وبقي سائر الاحتمالات (4).
قوله: (ورابعها: أن يقول: أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا، فعندنا (5) وعند الشافعية (6)، يحمل (7) على أمره (8) عليه السلام (9) خلافًا للكرخي (10)).
(1)"أيضًا" زيادة في ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"غير النبي" في ز.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 638، وروضة الناظر ص 91، وانظر: شرح المسطاسي ص 119.
(5)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 403، ومختصر ابن الحاجب 2/ 68.
(6)
انظر: المحصول 2/ 1/ 640، والإحكام للآمدى 2/ 97، والإبهاج 2/ 365.
(7)
"يحتمل" في ز.
(8)
"ونهيه" زيادة في ش.
(9)
وهو رأي جمهور العلماء من المحدثين والأصوليين.
انظر مقدمة ابن الصلاح ص 127 و128، والكفاية للخطيب ص 592، 593، وإحكام الفصول 1/ 403، والوصول لابن برهان 2/ 198، وشرح العضد 2/ 68، والإحكام للآمدي 2/ 97، والإبهاج 2/ 365، والعدة 3/ 992، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 177، والبرهان فقرة 594.
(10)
ونسب هذا الرأي أيضًا للصيرفي، وداود الظاهري، وأبي بكر الرازي، ومال إليه الغزالي، قال في المنخول: فلعله قاله قياسًا وسنة النبي اتباع القياس، ونصر هذا الرأي ابن حزم في الإحكام، ونسبه صاحب البرهان للمحققين.
انظر: المعتمد 2/ 667، والمحصول 2/ 1/ 640، والإبهاج 2/ 365، والإحكام للآمدي 2/ 97، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 177، والعدة 3/ 994، وإحكام الفصول للباجي 1/ 403، والإحكام لابن حزم 1/ 194، والبرهان فقرة 594.
ش: اعترض [على](1) المؤلف في جعل هذه مرتبة أخرى؛ إذ لا فرق بين بسط الفعل وتركيبه فيما إذا حذف الفاعل، فالأولى (2) أن يجعل هذه المرتبة مع التي قبلها مرتبة واحدة لاتحادهما في الحكم والاحتجاج (3).
قوله: (وخامسها: أن يقول: السنة كذا، فعندنا يحمل (4) على سنته عليه السلام (5)، خلافًا لقوم) (6).
ش: سبب الخلاف: النظر إلى اللغة، أو النظر إلى العرف.
من نظر إلى اللغة قال: لفظ السنة مجمل؛ لأن معنى السنة في اللغة هو الطريقة، ومنه قوله تعالى:{سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا} (7) أي: طريقتهم (8)، فقول الراوي: من السنة كذا، [أي من الطريقة كذا](9)، ولا يدرى هل طريقة النبي عليه السلام أو طريقة غيره من أصحابه؟ وذلك مجمل.
(1) ساقط من ز.
(2)
"فأولى" في ز.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 197، من مخطوط مكناس رقم 352.
(4)
"يحتمل" في ز.
(5)
وهو رأي الجمهور كالمسألة السابقة. انظر: التبصرة ص 331، والمعتمد 2/ 668، والعدة 3/ 991، والمحصول 2/ 1/ 641. وانظر مراجع قول الشافعي والجمهور في المرتبة السابقة.
(6)
منهم الكرخي، وأبو بكر الرازي، والصيرفي، ومن معهم في المرتبة السابقة، فانظر المراجع هنالك.
(7)
الإسراء: 77، وتمامها:{وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} .
(8)
انظر: المفردات للراغب ص 45، مادة:(سنن).
(9)
ساقط من ز.
ومن نظر إلى العرف قال: تعين أن المراد بذلك طريقة النبي عليه السلام، لأن السنة في العرف هي طريقة النبي عليه السلام في الشريعة (1).
فإذا قلنا: المراد بالسنة طريقة النبي عليه السلام وهو المعنى العرفي، [انظر](2) ما معنى السنة في اصطلاح أهل الشرع (3).
فقيل السنة: هي المندوب، ولأجل ذلك تذكر السنة في مقابلة الفرض، فيقال (4): فروض (5) الصلاة وسننها كذا وكذا (6).
وقيل: السنة ما ثبت من قِبَلَه عليه السلام من قول أو فعل غير القرآن كان
(1) انظر: رد الخلاف إلى المعنى اللغوي والاصطلاحي في: شرح القرافي ص 374، والمسطاسي ص 119.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
يختلف العلماء في تعريف السنة بحسب بحثهم فيها. فالمحدثون يعنون بالسنة كل ما ثبت عن الرسول من أقوال أو أفعال أو صفات خلقية، بضم المعجمة واللام، أو خلقية، بفتح المعجمة وسكون اللام، أو غير ذلك.
والأصوليون يعنون بها كل ما أثر عن النبي من قول أو فعل أو تقرير يتعلق به حكم شرعي سوى القرآن. والفقهاء يعنون أحد الأحكام الخمسة وهو المندوب. وقد تطلق في مقابلة البدعة. وقد تطلق على ما استقر عليه عمل الصحابة من الآيات والأحاديث، وهو معناها في القرون الأولى.
انظر تعريفات السنة في: العدة لأبي يعلى 1/ 166، والحدود للباجي ص 56، 57، والإحكام للآمدي 1/ 169، والموافقات للشاطبي 4/ 3 - 7، وتيسير التحرير 3/ 19، 20، وشرح الكوكب المنير 2/ 159، 160، وإرشاد الفحول ص 33، والتعريفات للجرجاني ص 107، 108.
(4)
"يقال" في ز.
(5)
"فرض" في الأصل.
(6)
انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 160، وإرشاد الفحول ص 33، والحدود للباجي ص 57، والعدة 1/ 166، وشرح القرافي ص 374.
مندوبًا أو واجبًا (1)، ولذلك قال الشافعي (2): الختان سنة، وهو عنده واجب، أي ثابت بالسنة (3).
وقيل: السنة ما فعله (4) عليه السلام [وداوم عليه](5) واقترن به ما يدل على أنه غير واجب (6).
وقيل: ما فعله عليه السلام في جماعة، وداوم (7) عليه، واقترن به ما يدل على (8) أنه غير واجب (9).
وتظهر ثمرة (10) الخلاف بين هذين القولين في ركعتي الفجر، هل هي من السنن أو من الرغائب؟ من اشترط الجماعة، قال: من الرغائب، ومن أسقط (11) الجماعة من الحد (12)، قال: من السنن (13).
(1) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 169، وشرح الكوكب المنير 2/ 160 وما بعدها، والحدود للباجي ص 56، وتيسير التحرير 3/ 19، وشرح القرافي ص 374.
(2)
العبارة في ز: "كان واجبًا أو مندوبًا، وكذلك يقول الشافعي
…
" إلخ.
(3)
انظر مذهب الشافعي في: المجموع للنووي 1/ 301. وانظر العبارة في شرح القرافي ص 374.
(4)
"النبي" زيادة في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
انظر: تيسير التحرير 3/ 20، وإرشاد الفحول ص 33، وشرح القرافي ص 374.
(7)
"ودام" في ز.
(8)
"عليه" في ز.
(9)
انظر: الحدود للباجي ص 57.
(10)
"فائدة" في ز.
(11)
"سقط" في الأصل.
(12)
"الحمد" في ز.
(13)
هذه مسألة خلاف عند المالكية.
قوله: (وسادسها: أن يقول عن النبي عليه السلام، قيل (1): يحمل على سماعه هو (2)، وقيل:[لا](3)(4)).
ش: هذا اللفظ يحتمل المباشرة ويحتمل الواسطة، وذلك أن قول الراوي: عن النبي عليه السلام يحتمل أن يكون متعلق هذا الجار رويت أو نقلت أو أخذت عن النبي عليه السلام، فيكون الراوي مباشرًا للسماع.
ويحتمل أن يكون متعلق هذا الجار روي أو نقل [أو أخذ](5) عن النبي عليه السلام بتركيب الفعل المتعلق، فلا يلزم أن يكون الراوي مباشرًا لسماعه من النبي عليه السلام.
فمن غلّب (6) حال الصحابي حمله على المباشرة؛ لأن غالب حال (7) الصحابي مباشرة السماع من النبي عليه السلام.
ومن غلب ظاهر اللفظ قال بالاحتمال؛ لاحتمال المباشرة والواسطة؛ لأن
= فابن القاسم وابن الحكم وجماعة يقولون: هي سنة، وصححه ابن عبد البر، وأشهب وأصبغ وجماعة يقولون هي من الرغائب وليست بسنة.
انظر: المقدمات لابن رشد 1/ 86، والكافي لابن عبد البر 1/ 255، والحدود للباجي ص 57.
(1)
"فقيل" في ش.
(2)
انظر: المعتمد 2/ 669، والمحصول 2/ 1/ 343، والإبهاج 2/ 366.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر: المعتمد 2/ 669، والمحصول 2/ 1/ 342.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"ظاهر" زيادة في ز.
(7)
"أحال" في ز.
اللفظ محتمل فلا يحمل (1) على المباشرة إلا بدليل (2) لإجماله، فيتعين التوقف.
قوله: (وسابعها: [أن يقول] (3): كنا نفعل كذا (4)، وهو يقتضي (5) كونه شرعًا).
ش: يريد وكذلك إذا قال: [كانوا](6) يفعلون كذا (7)(8).
والضمير (9) في قوله: (وهو)، يعود على قول الراوي.
والضمير في قوله: (كونه)، يعود على الفعل المكنى [عنه](10) بكذا (11)، أي: يدل قول الراوي: كنا، أو كانوا، على أن ذلك الفعل مشروع (12)،
(1)"محمل" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 374 - 375، والمسطاسي ص 120.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
كتب في الأصل: "كذا نفعل"، ثم شطب الكلمتين.
(5)
"مقتضى" في الأصل.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"له" في ز.
(8)
انظر: الكفاية للخطيب ص 595، ومقدمة ابن الصلاح ص 126، والمسطاسي ص 120.
(9)
"أو الضمير" في ز.
(10)
ساقط من ز.
(11)
"بذلك" في ز.
(12)
انظر: المعتمد 2/ 669، والتبصرة ص 333، وإحكام الفصول 1/ 407، والمحصول 2/ 1/ 643، ومختصر ابن الحاجب 2/ 69، والإبهاج 2/ 366، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 182، والروضة ص 92، والكفاية للخطيب ص 594، 595، ومقدمة ابن الصلاح ص 126.
خلافًا (1) لبعض الحنفية (2).
حجة المشهور: أن مقصود الصحابي أن يخبرنا بما كان شرعًا؛ لأن الغالب اطلاع النبي عليه السلام على ذلك الفعل وإقراره عليه، وذلك يقتضي كونه شرعًا لأنه عليه السلام لا يقر على باطل، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم لا يقرون بين أظهرهم إلا ما كان شرعًا، فيكون ذلك الفعل شرعًا (3).
حجة المخالف: أنهم كانوا يفعلون في زمانه عليه السلام ما لا يكون مسندًا (4) إليه، كما قال بعضهم حين اختلفوا في الغسل من التقاء الختانين:"كنا نجامع على (5) عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نغتسل"(6).
وقال جابر (7): ...................................................
(1)"خلاف" في ز.
(2)
انظر: تيسير التحرير 3/ 69 و70.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 375، والمسطاسي ص 120.
(4)
"مستندًا" في ز.
(5)
"في" في ز.
(6)
أخرجه أحمد من حديث طويل عن رفاعة بن رافع، وفيه: فقلت: كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسألتم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كنا نفعله على عهده فلم نغتسل.
انظر: مسند أحمد 5/ 115، وأخرجه البزار، انظر: كشف الأستار، الحديث رقم 325، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 265: رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، ما خلا ابن إسحاق، وهو ثقة إلا أنه مدلس. اهـ.
(7)
أبو عبد الله: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، من فقهاء الصحابة وعلمائهم، وأحد المكثرين من رواية الحديث، توفي سنة 78 هـ.
انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 43، ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان ص 11، وأسد الغابة 1/ 256.
كنا نبيع أمهات الأولاد على (1) عهد النبي عليه السلام (2)(3).
أجيب عن هذا: بأن محل النزاع إنما هو فيما الغالب عليه اطلاعه عليه السلام، وأما مثل هذه الأفعال مما يمكن إخفاؤه عنه عليه السلام فليس بمحل (4) النزاع (5).
قوله: (وأما غير الصحابي فأعلى مراتبه (6) أن يقول: حدثني، أو أخبرني، أو سمعته، وللسامع منه أن يقول: حدثني، [أ](7) وأخبرني، [أ](8) وسمعته يحدث عن فلان، إِن قصد إِسماعه خاصة (9)، أو في جماعة، وإِلا فيقول: سمعته يحدث).
ش: هذا مقابل (10) قوله أولاً: إذا قال الصحابي، فلما تكلم على كيفية
(1)"في" في الأصل.
(2)
رواه ابن ماجه في العتق برقم 2517 بلفظ: "كنا نبيع سرارينا وأمهات أولادنا والنبي صلى الله عليه وسلم فيناحي، لا نرى بذلك بأسًا"، ورواه أبو داود في العتق برقم 3954 ولفظه:"بعنا أمهات أولادنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا"، وانظر: التلخيص الحبير لابن حجر 4/ 218.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 120.
(4)
"محمل" في الأصل.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 120.
(6)
"مرتبته" في الأصل.
(7)
ساقط من خ.
(8)
ساقط من أ، وخ.
(9)
"خاصته" في أ.
(10)
"مقال" في الأصل.
رواية الصحابي، شرع ها هنا في كيفية رواية غير الصحابي، فذكر فيها ثماني مراتب (1):
المرتبة الأولى، وهي أعلاها: قراءة الشيخ لما يرويه الراوي عنه (2)، وهو معنى قول المؤلف:"أن يقول: حدثني، أو: أخبرني".
(1) ذكر المؤلف هنا ثماني مراتب، وذكر المحدثون أيضًا ثماني مراتب، لكنها تختلف اختلافًا يسيرًا عما ذكر المؤلف، فالمراتب عند المحدثين هي:
1 -
السماع من الشيخ.
2 -
القراءة على الشيخ، وهي تسمى: العرض، أو عرض القراءة.
3 -
الإجازة.
4 -
المناولة.
5 -
المكاتبة.
6 -
إعلام الراوي الطالب بأن الحديث من سماعه دون الإذن بالتحديث عنه.
7 -
الوصية بالكتب.
8 -
الوجادة.
والثلاث الأخيرة لم يذكرها المؤلف، وذكر بدلاً منها:
1 -
أن يقول الطالب للشيخ: أسمعت هذا؟ فيشير بأصبعه أو رأسه.
2 -
أن يقرأ عليه ولا ينكر.
3 -
أن يقول الشيخ: حدث عني، ولم يقل: سمعته.
انظر المراتب عند المحدثين في: مقدمة ابن الصلاح ص 245 - 295، وتدريب الراوي 2/ 8 - 63، وانظر: شرح حلولو ص 323 - 326 حيث جمع بينهما.
(2)
لا خلاف بين المحدثين والأصوليين أن هذا القسم هو والقسم الثاني أعلى المراتب، واختلفوا في أيهما أعلى، كما سيأتي. انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 245، وتدريب الراوي 2/ 8، والمحصول 2/ 1/ 644، والإبهاج 2/ 368، والمغني للخبازي ص 221.
يعني: أن يقول الشيخ: حدثني فلان بكذا، أو أخبرني (1)، أو سمعت (2) فلانًا يقول كذا، أو سمعته يحدث عن فلان.
فلا يخلو الشيخ إما أن يكون قصد إسماع السامع منه بالقراءة سواء كان السامع وحده أو كان مع غيره، أو لم يقصد إسماع السامع منه.
فإن قصد إسماعه خاصة، أو قصد إسماع جماعة هو فيهم، فذلك أعلى المراتب في الرواية؛ إذ لا خلاف في قبول روايته بقراءة الشيخ؛ لأنه إذا قصد الشيخ إسماعه خاصة، أو قصد إسماع جماعة [هو](3) فيهم، صدق لغة أن يقول السامع منه: حدثني، أو أخبرني، أو سمعته يحدث عن فلان (4).
وأما إذا لم يقصد الشيخ إسماع السامع خاصًا، ولا قصد إسماع جماعة هو فيهم، فلا يصدق أنه حدثه ولا أخبره (5) وإنما يصدق أنه سمعه فقط، ولأجل هذا لا (6) يقول السامع منه إلا سمعته فقط، فإن سماعه لا
(1)"بكذا" زيادة في ز.
(2)
"سمعته" في ز.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
قال الخطيب: وأرفعها سمعت
…
ثم حدثنا وحدثني
…
ثم أخبرنا
…
ثم نبأنا وأنبأنا، وهي قليلة في الاستعمال. اهـ. انظر: الكفاية ص 412، 415.
وقال ابن الصلاح: وكان هذا كله قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ. اهـ. انظر: المقدمة ص 245 - 248.
وانظر: التقريب وشرحه التدريب 2/ 8 - 11، والإحكام لابن حزم 2/ 255، والمحصول 2/ 1/ 644، والعدة 3/ 977، واللمع ص 234، والمعتمد 2/ 663، 664، وشرح القرافي ص 375، والمسطاسي ص 120، 121.
(5)
"أو أخبره" في ز.
(6)
"الا" في ز.
يتوقف/ 291/ على قصد إسماع الشيخ (1).
قوله: (عن فلان)، تعلق بالثلاثة، وكذلك قوله:(إِن قصد إِسماعه).
قوله: (وثانيها: أن يقول (2) له: أسمعت (3) هذا من فلان؟ فيقول: نعم، أو يقول بعد الفراغ: الأمر كما (4) قرأت (5)، فالحكم (6) مثل الأول في وجوب العمل ورواية السامع).
ش: هذه المرتبة الثانية هي قراءة الراوي أو غيره على الشيخ، وهي (7) أن يقول الراوي للشيخ بعد الفراغ من القراءة: هل سمعت هذا الحديث من فلان؟ فيقول الشيخ: نعم، أو يقول الشيخ بعد الفراغ من القراءة عليه: الأمر كما قرأت علي، أو كما قرأ (8)، فإن العمل بالحديث لازم للسامع، وللسامع
(1) انظر: الكفاية للخطيب ص 416، ومقدمة ابن الصلاح ص 247، والتدريب للسيوطي 2/ 10، والإحكام لابن حزم 1/ 255، والمحصول 2/ 1/ 644، والإبهاج 3/ 368، والإحكام للآمدي 2/ 100، وشرح القرافي ص 375.
(2)
"نقول" في ش.
(3)
"سمعت" في أ، وش.
(4)
"مكا" في ز.
(5)
"قرئ" في نسخ المتن.
(6)
في أ: "في للحكم"، وفي خ:"فالحكم فيه".
(7)
"وهو" في ز.
(8)
هذا القسم يسميه المحدثون عرضًا، أو عرض القراءة، احترازًا من عرض المناولة، وهو ما يعرضه التلميذ على شيخه من كتاب فيتأمل الشيخ ثم يناوله إياه، ويأذن له في التحديث به. والمحدثون هنا لا يشترطون النطق، فلو سكت ولم ينكر لجاز للطالب الرواية، كما سيذكر المؤلف في المرتبة الخامسة.
وقد روي عن أهل الظاهر وبعض الشافعية اشتراط النطق.
أيضًا أن يقول: حدثني، أو أخبرني، أو سمعته (1)، وإلى هذا أشار بقوله: فالحكم مثل الأول في وجوب العمل ورواية السامع، تقديره: فالحكم في وجوب العمل، و [في](2) رواية السامع في هذا القسم الثاني مثل الأول، أي مثل القسم الأول، وهو قوله: فأعلى مراتبه أن يقول: حدثني، أو أخبرني، أو سمعته
…
إلى آخره، وذلك أنه إذا قيل (3) له: أسمعت هذا من فلان؟ فيقول: نعم، فإن لفظة نعم في اللغة تقتضي إعادة الكلام الأول بعينه، فإذا قلت لغيرك: أقام زيد؟ فيقول: نعم، تقديره: نعم قام زيد، فإذا قيل لشيخ (4): أسمعت هذا؟ فيقول: نعم، [تقديره: نعم] (5) سمعته.
قوله: (الأمر كما قرأت)، عبر بالأمر ها هنا عما سمعه وضبطه (6).
= انظر: تدريب الراوي 2/ 12 و2/ 46، والكفاية ص 380 - 382، والمحصول 2/ 1/ 644، والإبهاج 2/ 368، والإحكام لابن حزم 1/ 255، 256.
(1)
هذا قول بعض المحدثين، وقال به أبو الحسين البصري وابن حزم والرازي في المحصول.
وقال آخرون: لا بد من تقييد ذلك بالقراءة، وهو قول أحمد وابن المبارك والنسائي.
وقال الشافعي ومسلم وجمهور المشارقة، وهو ما استقر عليه مذهب المحدثين: ليس له أن يقول إلا أخبرني وأخبرنا. وهناك أقوال أخرى.
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 250، 251، وتدريب الراوي 2/ 16، 17، والكفاية للخطيب ص 427، 428.
وانظر: اللمع ص 234، والمعتمد 2/ 664، والإحكام لابن حزم 1/ 255، والمحصول 2/ 1/ 645، والإبهاج 2/ 269، والعدة 3/ 977.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"قال" في ز.
(4)
"قال للشيخ" في ز.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"وضبطا" في ز.
تقديره: الذي سمعته وضبطته كما قرأت، [أي مثل الذي قرأت](1)، لأن اللفظ إذا أعيد بعينه كان الثاني مثل الأول، لأنها أمثال تتكرر وتتوالى، فإذا أعاد الإنسان (2) قراءة الفاتحة كانت أصواته الثانية مثل أصواته الأولى لا أنها عينها بل هي أصوات تتكرر وتتوالى (3).
قوله: فالحكم مثل الأول في وجوب العمل ورواية (4) السامع.
أما كون هذا القسم مثل القسم الأول في وجوب العمل فهو أمر متفق عليه (5).
وأما كونه مثل الأول في رواية السامع فهو مختلف فيه، فجرى كلام المؤلف على قول إذ فيه للمحدثين ثلاثة أقوال:
قيل: قراءة الشيخ على الطالب أصح، وهو مذهب الجمهور (6)، وقيل: قراءة الطالب على الشيخ أصح، على عكس القول الأول، وهو
(1) ساقط من الأصل.
(2)
"الانس" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 375، وشرح المسطاسي ص 121.
(4)
"في رواية" في ز.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 121.
(6)
قال ابن الصلاح وتبعه النووي في التقريب: هو مذهب جمهور المشارقة، وهو الصحيح، وكذا نقل صاحب الإبهاج. ورواه الخطيب في الكفاية عن وكيع وجمع من العلماء.
فانظر: الكفاية ص 395 وما بعدها، ومقدمة ابن الصلاح ص 250، وتدريب الراوي 2/ 15، والإبهاج 2/ 369.
مذهب مالك رضي الله عنه (1).
وقيل: هما سواء، وهو مذهب أهل المدينة قديمًا وحديثًا (2).
حجة القول بأن قراءة الشيخ على الطالب أقوى: أن الشيخ ربما يغفل ويذهل إذا كان الطالب هو الذي يقرأ، لأنه قد يخطئ الطالب في القراءة والشيخ غافل ذاهل لا يشعر بالخطأ.
حجة القول بأن قراءة الطالب (3) على الشيخ (4)[هي](5) أقوى كما قال مالك: أن الطالب إذا أخطأ في القراءة فإن الشيخ يرد عليه لعلمه بخطأ الطالب، لأن تصديه للنقل عنه يبعد (6) عنه الذهول والغفول (7)، وأما إذا كان
(1) نقله الخطيب البغدادي عنه في الكفاية، ونقله أيضًا عن ابن أبي ذئب، وشعبة، وأبي حنيفة، وعبد الرحمن بن مهدي، وابن بكير، وجماعة غيرهم، فانظر: الكفاية ص 398 - 403. وانظر: تدريب الراوي 2/ 15، ومقدمة ابن الصلاح ص 249، والباعث الحثيث ص 92.
(2)
انظر: الكفاية للخطيب ص 392، ومقدمة ابن الصلاح ص 250، والباعث الحثيث ص 92، وتدريب الراوي 2/ 14، قال ابن الصلاح: وقد قيل: إن التسوية بينهما مذهب علماء الحجاز والكوفة، ومذهب مالك وأصحابه وشيوخه من علماء المدينة، ومذهب البخاري وغيرهم. اهـ.
ونقل الخطيب هذا المذهب عن جهابذة العلماء، فانظر: الكفاية ص 383 - 394.
(3)
"الشيخ" في ز.
(4)
"الطالب" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"فبعد" في ز.
(7)
"العقول" في ز، والمثبت من الأصل، وهو الصواب إن شاء الله.
وهو مصدر غفل، قال في القاموس مادة (غفل): غفل عنه غفولاً تركه وسها عنه،
…
والاسم منه: الغفلة، والغَفَل بفتحتين. اهـ.
الشيخ هو القارئ فإذا أخطأ فلا يرد عليه الطالب إما لجهله بالخطأ، وإما لمهابة الشيخ وتوقيره (1)(2).
حجة القول بأنهما سواء: تعارض (3) الأدلة، لجواز الذهول على الشيخ إذا كان الطالب يقرأ (4)، ولجواز الجهل على الطالب إذا كان الشيخ هو القارئ (5)، وروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا: قراءتك على العالم كقراءة العالم عليك (6).
وهذه الأقوال الثلاثة [المذكورة](7) ذكرها ابن رشد في أول الجزء الثاني
(1)"وتوقيره" في ز.
(2)
انظر: الكفاية للخطيب ص 402.
(3)
"تغارض" في ز.
(4)
"هو القارئ" في ز.
(5)
وقد يقال: إنما سوي [بضم السين] بينهما لتساويهما في إفادة الرواية وصدقهما على التحديث، والله أعلم.
(6)
انظر الأثر عن علي رضي الله عنه في الكفاية للخطيب ص 383 ولفظه: "قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء إذا أقر لك به".
وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 429، بلفظ:"القراءة على العالم بمنزلة السماع منه". وانظر ة محاسن الإصلاح للبلقيني ص 249، وتدريب الراوي للسيوطي 2/ 14، وقال: رواه البيهقي في المدخل. قلت: ولم أجده في المطبوع، وانظر مقدمة محققه ص 79.
وأما الأثر عن ابن عباس فانظره في: الكفاية ص 385، بلفظ:"قراءتك العالم وقراءة العالم عليك سواء"، وفي لفظ:"فإن قراءتكم علي كقراءتي عليكم".
وانظر: المحدث الفاصل ص 429، ومحاسن البلقيني ص 249، والتدريب للسيوطي 2/ 14.
(7)
ساقط من الأصل.
من جامع البيان (1).
قوله: (وثالثها: أن يكتب إِلى غيره بسماعه (2)، فللمكتوب إِليه أن يعمل بكتابه إِذا تحققه أو ظنه، ولا يقول: سمعته (3) ولا حدثني، ويقول: أخبرني).
ش: قد تقدم لنا في الفصل السادس من هذا الباب (4): أن الاعتماد على الخط في الرواية جوزه جمهور العلماء، وقد جوزه كثير ممن منعه في الشهادة لأن الداعية إلى التزوير في الرواية ضعيفة بخلاف الشهادة، فإن التزوير فيها قوية (5).
لأن الشهادة مظنة العداوة، وأنها تكون في الأموال النفيسة والأمور العظيمة، فتقوى داعية التزوير فيها على ما تقتضيه الطباع البشرية بخلاف الرواية.
قوله: (أن يكتب إِليه (6) بسماعه)، أي يكتب الشيخ إلى الطالب شيئًا من حديثه، وذلك نوعان:
(1) يريد البيان والتحصيل، ولم أر من سماه بهذا الاسم، فهم يسمونه البيان، ويسمونه التحصيل، ويسمونه الشرح، فيحتمل أن هذا اسم أيضًا، والله أعلم.
انظر لتسميته: مقدمة البيان والتحصيل 1/ 6، 7، ولم أجد النقل في الكتاب المذكور بعد طول بحث.
(2)
"سماعه" في نسخ المتن.
(3)
"سمعت" في نسخ المتن.
(4)
انظر: مخطوط الأصل صفحة 285، وصفحة 136 من هذا المجلد.
(5)
كذا في النسختين، ولعل العبارة: فإن داعية التزوير فيها قوية.
(6)
"إلى غيره" في ز.
أحدهما: مجرد عن الإجازة.
والثاني: مقرون بالإجازة (1).
ومعنى المجرد عن الإجازة: أن يكتب إليه فيقول له: هذا الذي كتبته إليك هو سماعي.
ومعنى المقرون بالإجازة: أن يكتب إليه فيقول له: هذا الذي كتبته إليك هو سماعي، وأجزتك بأن تروي عني ما كتبت إليك، وهذه الكتابة المقرونة بالإجازة شبيهة بالمناولة [المقرونة](2) بالإجازة في الصحة والقوة (3).
وأما الكتابة المجردة عن الإجازة فقد منع قوم الرواية بها (4)، وأجازها قوم (5)، وهي كالمناولة المجردة عن (6) الإجازة.
قوله: (ولا يقول: سمعته ولا حدثني)؛ لأن الكتابة ليست مما يسمع ولا هي من الحديث.
(1) انظر: المحصول 2/ 1/ 645، والإبهاج 2/ 370، ومقدمة ابن الصلاح ص 286، وتدريب الراوي 2/ 55، والباعث الحثيث ص 105.
(2)
ساقط من ز.
(3)
سيأتي حكم المناولة المقرونة بالإجازة في المرتبة السابعة والمرتبة الثامنة.
وانظر: الباعث الحثيث ص 105، وتدريب الراوي 2/ 55، ومقدمة ابن الصلاح ص 288، والكفاية للخطيب ص 480.
(4)
منهم الماوردي والآمدي وغيرهما. انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 287، وتدريب الراوي 2/ 55، والإحكام للآمدي 2/ 101، والإبهاج 2/ 370.
(5)
هو قول الجمهور من المحدثين والفقهاء والأصوليين، وعليه عمل الأمة.
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 287، وتدريب الراوي 2/ 56، والمعتمد 2/ 665، والإحكام لابن حزم 1/ 256، والمحصول 2/ 1/ 645، والإبهاج 2/ 370.
(6)
"من" في ز.
قوله: (ويقول: أخبرني)(1)؛ لأن إطلاق الإخبار على الكتابة حقيقة عرفية مجاز لغوي؛ لأن الإخبار في اللغة إنما يكون باللفظ، وسميت الكتابة إخبارًا لأنها تدل على اللفظ؛ لأن الحروف الكتابية موضوعة للدلالة على الحروف اللسانية، فسميت الكتابة إخبارًا أو خبرًا من باب تسمية الدال (2) باسم المدلول، ولأن الإعلام يقع بالكتابة كما يقع باللفظ، فقولهم في الكتابة: أخبرني، معناه: أعلمني (3).
قوله: (ورابعها: أن يقال له: هل سمعت هذا؟ (4)، فيشير برأسه أو بإِصبعه (5) فيجب العمل (6) ولا يقول المشار إِليه: أخبرني، ولا حدثني، ولا سمعته (7)).
(1) المحدثون يرون أن من الورع والأمانة أن يصرح بالكتابة كأن يقول: أخبرني كتابة، كتب إليّ، حدثني كتابة
…
ونحو ذلك.
ونقل عن الليث بن سعد ومنصور بن المعتمر جواز إطلاق حدثنا وأخبرنا.
ونقل السيوطي عن قوم أنهم أجازوا أخبرنا دون غيرها، وهو رأي المؤلف.
انظر: الكفاية للخطيب ص 490، وتدريب الراوي 2/ 58، والباعث الحثيث ص 105، ومقدمة ابن الصلاح ص 288، واللمع ص 234، والتبصرة ص 345، والإحكام لابن حزم 1/ 256، والمحصول 2/ 1/ 645، والإبهاج 2/ 370.
(2)
"الدليل" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 376، والمسطاسي ص 121.
(4)
في ز زيادة: "من فلان"، وفي أزيادة:"فيقول".
(5)
"بإصبعه أو برأسه" في أ، وخ.
(6)
"به" زيادة في خ، وش.
(7)
لم يفرد هذه المسألة بمرتبة أكثر الذين كتبوا في مصطلح الحديث، وإنما جعلوها مع القراءة على الشيخ، سواء أقر بلفظه أو إشارته أو سكت.
انظر هذه المرتبة في: المحصول 2/ 1/ 646، والإبهاج 2/ 370.
وانظر: الكفاية للخطيب ص 409، وتدريب الراوي 2/ 20.
ش: وإنما قال ها هنا يجب العمل بمقتضى [الإشارة](1)؛ لأن الإشارة في اللغة والعرف تقوم مقام "نعم" فتفيد غلبة الظن، والعمل بالظن في هذا الباب واجب (2).
قوله: (ولا يقول المشار إِليه: أخبرني، ولا حدثني، ولا سمعته)(3)؛ لأن الإشارة ليست خبرًا حقيقة، ولا حديثًا، ولا هي مسموعة، لأنها من المبصرات لا من المسموعات.
وهذه المعاني/ 292/ موجودة أيضًا في الكتابة، فيحتاج أن يقال في الإشارة أخبرني، كما يقال ذلك في الكتابة.
قال المؤلف في شرحه: الفرق بين الكتابة والإشارة من وجهين:
أحدهما: أن الكتابة أمَسُّ بالإخبار لكثرة استعمالها وتداولها بين الناس، ولذلك (4) ملئت الخزائن بالكتب والدواوين بخلاف الإشارة.
الوجه الثاني: أن الكتابة [فيها](5) وضع اصطلاحي بخلاف
(1) ساقط من ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 376، والمسطاسي ص 121.
(3)
هذا أحد الأقوال، أي: أنه لا بد أن يقيد هذا بالقراءة كأن يقول: قرأت أو قرئ عليه وأنا أسمع أو حدثنا قراءة أو أخبرنا قراءة ونحو ذلك.
وقيل: يجوز الإطلاق. وقيل: يجوز أن يقول: أخبرنا بإطلاق، رواه الخطيب عن الشافعي.
انظر الأقوال والرواية مسندة عن أصحابها في: الكفاية للخطيب ص 427 - 445، وهي كلها أقوال في القراءة مطلقًا سواء أقر الشيخ أو لم يقر.
وانظر: الإبهاج 2/ 370، وتدريب الراوي 2/ 20.
(4)
"كذلك" في ز.
(5)
ساقط من ز.
الإشارة (1).
قوله: (وخامسها: أن يقرأ عليه ولا (2) ينكر (3) بإِشارة ولا عبارة ولا يعترف، فإِن غلب على الظن اعترافه لزم العمل (4) وعامة الفقهاء جوزوا روايته، وأنكرها المتكلمون، وقال بعض المحدثين ليس له أن يقول إِلا: أخبرني قراءة عليه، وكذلك الخلاف لو قال القارئ للراوي بعد قراءة الحديث: أأرويه (5) عنك؟ قال: نعم، وهو السادس: وفي مثل هذا اصطلاح المحدثين (6) وهو من مجاز التشبيه شبه (7) السكوت بالإِخبار).
ش: يعني إذا قرأ الطالب على الشيخ: حدثك فلان بهذا، فسكت الشيخ ولا ينكر بإشارة ولا عبارة، ولا يعترف أيضًا بصحة ما قرئ عليه لا بإشارة ولا عبارة.
وفي هذه المسألة ثلاثة فروع:
أحدها: هل يجب العمل بهذا أم لا؟
الثاني: هل تجوز الرواية بهذا أم لا؟
(1) انظر: شرح القرافي ص 376، وشرح المسطاسي صفحة 198 من مخطوط الجامع لكبير بمكناس برقم 352.
(2)
"فلا" في نسخ المتن.
(3)
"ينكره" في ش.
(4)
"به" زيادة في ش، وز.
(5)
"ارويه" في نسخ المتن.
(6)
"للمحدثين" في خ.
(7)
"فشبه" في ز.
الثالث: ما كيفية الرواية ها هنا؟
أما الأول، وهو هل يجب العمل أم لا؟ فقد بينه المؤلف بقوله: فإن غلب على الظن اعترافه لزم العمل (1)، يعني: وإن غلب على الظن عدم اعترافه حرم العمل (2).
قال المؤلف في الشرح: إذا غلب على الظن اعترافه لزم العمل؛ لأن العمل بالظن واجب في هذا الباب.
غير أن ها هنا إشكالاً، وهو أن مطلق الظن كيف كان لم يعتبر [هـ](3) صاحب الشرع، وإنما اعتبر ظنًا خاصًا عند سبب خاص، فإن قلنا: يكفي (4) ها هنا مطلق الظن كان على خلاف القواعد، وإن قلنا: المطلوب ها هنا ظن خاص فما ضبطه، فإن ضبطه صعب، فلزم (5) الإشكال. انتهى (6).
وإن لم يكن إلا مجرد السكوت، فمذهب الجمهور وجوب العمل (7)، وذهب [بعض](8) أهل الظاهر إلى أنه لا بد من التصريح بالتقرير، وإلا حرم العمل (9).
(1)"به" زيادة في ز.
(2)
انظر: المسطاسي ص 122.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"فيكفي" في ز.
(5)
"فيلزم" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 377، وفيه اختلاف يسير. وانظر: المسطاسي ص 122.
(7)
انظر: المعتمد 2/ 664، والمحصول 2/ 1/ 646، والإبهاج 2/ 370، والإحكام للآمدي 2/ 100.
(8)
ساقط من ز.
(9)
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 100، وقد ذكر ابن السبكي في الإبهاج عدم الخلاف فيه انظره 2/ 370، وانظر شرط الإقرار في الإحكام لابن حزم 1/ 255، 256.
حجة الجمهور: أن سكوته مع عدالته وثقته يتنزل منزلة التقرير؛ لأنه لو سكت غير مقرر مع علمه بأن الذي قرئ عليه يؤثر عنه لكان ذلك قدحًا في عدالته (1).
[حجة القول الآخر: أن السكوت محتمل، والاحتمال شك، والشرع لا يثبت بالشك (2)](3).
وأما الفرع الثاني وهو هل تجوز الرواية بهذا أم لا؟ فقد بينه المؤلف بقوله: وعامة الفقهاء جوزوا روايته (4)، وأنكرها المتكلمون (5).
حجة الفقهاء القائلين بالجواز من وجهين:
أحدهما: قياس الرواية على العمل؛ لأن المانع (6) في الرواية وافق على وجوب العمل.
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 122.
(2)
انظر: شرح المسطاسي ص 122.
(3)
ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(4)
وبه قال جماهير علماء الحديث والأصول.
انظر: الكفاية للخطيب ص 408، 409، ومقدمة ابن الصلاح ص 254، والباعث الحثيث ص 94، 95، والمعتمد 2/ 665، والمحصول 2/ 1/ 646، والإبهاج 2/ 370، والمسطاسي ص 123.
(5)
نسبه لهم صاحب المحصول، وهو أيضًا قول بعض المحدثين، وبعض علماء الشافعية كالشيرازي وسليم الرازي وابن الصباغ، نسبه لهم ابن الصلاح وابن السبكي وغيرهما.
انظر: الكفاية للخطيب ص 408، ومقدمة ابن الصلاح ص 254، وتدريب الراوي 2/ 20، والمحصول 2/ 1/ 646، والإبهاج 2/ 370، والمسطاسي ص 122.
(6)
"العامل" في ز.
الوجه الثاني: أن الظن حصل باعترافه، فتجوز الرواية، كما لو قال: نعم (1).
حجة المتكلمين القائلين بالمنع: أن الرواية عبارة عن التحمل والنقل، وهو لم يأذن في شيء فيتحمل (2) عنه، والتحمل من غير سماع ولا ما يقوم (3) مقام السماع لا يجوز (4).
أجيب بمنع الثاني: لأن ها هنا ما يقوم (5) مقام السماع، وهو غلبة الظن باعترافه (6).
وأما الفرع الثالث: وهو كيفية الرواية، فقد بينه المؤلف بقوله: وقال بعض المحدثين: ليس له أن يقول إلا: أخبرني قراءة عليه (7) يعني أنه لا يقول: أخبرني مطلقًا، من غير تقييد بالقراءة عليه، لأ [نه](8) محض الكذب، وإنما يقول: أخبرني قراءة عليه، فسر إخباره بأنه قراءة عليه، فإن قوله: قراء [ة](9) عليه، منصوب على التمييز، والتمييز مفسر لكون إخباره قراءة
(1) انظر الوجهين في: شرح القرافي ص 377، والمسطاسي ص 122.
(2)
"فتحتمل" في ز.
(3)
"تقوم" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 377، والمسطاسي ص 122.
(5)
"تقوم" في ز.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 122.
(7)
انظر: الكفاية للخطيب ص 428.
وانظر: المحصول 2/ 1/ 646، والمسطاسي ص 122.
(8)
ساقط من ز.
(9)
ساقط من ز.
عليه، لا سماعًا لفظيًا، هذا هو قول الجمهور (1).
وقيل يقول: أخبرني مطلقًا، [أو حدثني مطلقًا](2) من غير تقييد بالقراءة عليه (3).
قوله: (وكذلك الخلاف لو قال القارئ للراوي بعد قراءته (4) الحديث: أأرويه (5) عنك؟ قال: نعم، وهو السادس، وفي مثل هذا اصطلاح المحدثين، [وهو من مجاز التشبيه](6) شبه السكوت بالإِخبار).
ش (7): يعني أن الخلاف المذكور في القسم الخامس، هو (8) أيضًا كذلك في القسم السادس (9)، وهو أن يقول القارئ للشيخ بعد الفراغ من قراءة الحديث: أأرويه عنك؟ فيقول الشيخ: نعم.
وعورض ذلك: بأن هذا القسم السادس أقوى من القسم الخامس؛ إذ فيه
(1) انظر: الكفاية للخطيب ص 428، والإحكام للآمدي 2/ 100، وشرح القرافي ص 377، والمسطاسي ص 122.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر: الكفاية للخطيب ص 428، وقد نسبه للشافعي ورواه عنه في صفحة 435، ورواه أيضًا عن جماعة من العلماء، فانظر الصفحات 434 - 437، وانظر: المسطاسي ص 122.
(4)
"قراءة" في ز.
(5)
"ارويه" في الأصل.
(6)
ساقط من ز.
(7)
الأولى حذف الشين هنا؛ لأن المصنف ليس من عادته ذكرها إذا أعاد المتن.
(8)
"وهو" في ز.
(9)
انظر: المحصول 2/ 1/ 647.
التصريح بالجواب، وهو نعم بخلاف الخامس فليس فيه إلا السكوت، فإذا كان أقوى من الخامس فالأولى (1) تقديم هذا السادس على الخامس (2).
أجيب عن المؤلف في تأخيره هذا القسم السادس عن الخامس: بأن مقصوده عدد الأقسام لا ترتيبها.
قوله: (وفي مثل هذا اصطلاح المحدثين)، يعني السكوت في الخامس مثل السكوت في السادس في اصطلاح المحدثين؛ لأن المحدثين يطلقون الخبر على السكوت وعلى اللفظ (3).
قوله: (وهو من مجاز التشبيه)، أي: وإطلاقهم (4) الخبر على السكوت مجاز التشبيه (5)، شبه السكوت بالإخبار بجامع إفادة الظن؛ إذ كل واحد منهما يفيد الظن.
(1)"فأولى" في ز.
(2)
انظر: شرح المسطاسي ص 122.
(3)
أي أن المحدثين لا يفرقون في الحكم على الرواية، سواء نطق الشيخ بقوله: الأمر كما قرأت، أو أقر بقوله: نعم، أو سكت، فيعتبرون الرواية صحيحة والحكم عليها في لفظ الرواية واحد، حسب الخلاف المتقدم.
انظر: التدريب للسيوطي 2/ 20، والكفاية للخطيب ص 427، ومقدمة ابن الصلاح ص 254.
(4)
"لطلاقهم" في الأصل.
(5)
المجاز ضد الحقيقة، وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة هي: الاتساع، والتوكيد، والتشبيه. فإذا عدمت تعينت الحقيقة. وللمجاز جهات وأقسام عدة كالحذف والزيادة والتضاد وغيرها. والتشبيه أحد هذه الأقسام.
انظر: الخصائص لابن جني 2/ 442، والمزهر للسيوطي 1/ 356.
قوله: (وسابعها: إِذا قال له: حدث عني ما في هذا الكتاب، ولم يقل له: سمعته، فإِنه لا يكون محدثًا له به، وإِنما أذن له في التحدث عنه).
ش: هذه المرتبة هي المناولة.
قال الإمام في المحصول: المناولة (1) أن يشير الشيخ إلى كتاب فيقول: قد سمعت ما فيه، فإنه يكون بذلك محدثًا، فلغيره أن يرويه عنه سواء قال: اروه عني، أو لم يقل ذلك.
أما إذا قال له: حدث عني ما في هذا الكتاب، ولم يقل: سمعته، فإنه لا يكون محدثًا، وإنما أجاز له التحدث، وليس له أن يحدث به عنه.
أما إذا أشار الشيخ إلى نسخة معينة من كتاب مشهور وقال: سمعتها، لم تجز رواية نسخة أخرى؛ لأن النسخ تختلف (2) إلا أن يعلم أنهما متفقتان (3)(4).
قوله: (إِذا قال [له] (5) حدث عني ما في هذا الكتاب ولم يقل له:
(1) تنقسم المناولة عند المحدثين إلى قسمين:
1 -
مقرونة بالإجازة، وهي أعلى أنواع الإجازة، ولها صور عديدة، منها أن يناول الشيخ الطالب الكتاب ويقول: هذا سماعي من فلان فاروه عني.
2 -
مجردة من الإجازة، بأن يناوله الكتاب مقتصرًا على قوله: هذا سماعي، ولم يقل: اروه عني.
انظر: مقدمة ابن الصلاح 278 - 283، وتدريب الراوي 2/ 44 - 50.
(2)
"مختلف" في ز.
(3)
"متفقان" في ز.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 648، 649، والمعتمد 2/ 665، وانظر: تدريب الراوي 2/ 48.
(5)
ساقط من ز.
سمعته)، لأنه لم يقل: سمعته، لم يثبت إسناد الرواية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبطل العمل (1).
وأما إذا قال له: حدث عني ما في هذا الكتاب، وقد سمعته، / 293/ فلغيره أن يحدث به عنه (2)، وكذلك إذا قال له: سمعت ما في هذا الكتاب (3)، وأشار إلى كتاب معين، فلغيره أن يحدث به عنه.
قوله: (وثامنها: الإِجازة، [وهي] (4) تقتضي أن الشيخ أباح له أن يحدث به، وذلك إِباحة للكذب، لكنه في عرف المحدثين معناه: أن ما صح عند [ك](5) أني سمعته فارو [هـ](6) عني، والعمل عندنا بالإِجازة جائز، خلافًا لأهل الظاهر في اشتراطهم المناولة، وكذلك إِذا كتب إليه: إِن الكتاب الفلاني رويته فاروه عني إِذا (7) صح عندك، فإِذا صح عنده جازت (8) له الرواية، وكذلك إِذا قال له مشافهة: ما صح عندك من حديثي (9) فاروه عني) (10).
ش: تكلم المؤلف في هذه المرتبة في الإجازة، والكلام فيها في أربعة
(1) انظر: المعتمد 2/ 665، وشرح القرافي ص 378، والمسطاسي ص 122.
(2)
انظر: تدريب الراوي 2/ 45، والعدة 3/ 981.
(3)
"للكتاب" في الأصل.
(4)
ساقط من الأصل، ومن نسخ المتن.
(5)
ساقط من ز.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"ان" في ش.
(8)
"جاز" في الأصل.
(9)
في ز: "موحد ثي"، ولعلها التبست على الناسخ فصورها.
(10)
في ش زيادة: "إن صح عندك، فإذا صح عنده جازت الرواية". اهـ.
مطالب: ما صورتها، وما حكمها، وما كيفية الرواية به، وما حكم العمل بها.
أما المطلب الأول، وهو صورة الإجازة، فلها صورتان: مطلقة ومقيدة (1).
فالمطلقة: أن يقول الشيخ مثلًا: أجزتك أن تروي (2) عني كل شيء لأنك حاذق تقي، أو يقول له: أجزت لك الرواية عني مطلقًا، فهذه هي المطلقة، وهي تقتضي أن يروي عنه كل شيء، وذلك يقتضي (3) إباحة للكذب؛ لأنه أباح له أن يحدث بما لم يحدثه (4) به، وإلى هذه الإجازة المطلقة أشار المؤلف بقوله: الإجازة تقتضي أن الشيخ أباح له أن يحدث به، وذلك
(1) ذكر المحدثون للإجازة أقسامًا سبعة هي:
1 -
أن يجيز معينًا لمعين، مثل أجزتك البخاري.
2 -
أن يجيز معينًا غير معين، مثل أجزتك مسموعاتي.
3 -
أن يجيز غير معين بوصف العموم، كأجزت المسلمين.
4 -
الإجازة بمجهول أو لمجهول مثل: أجزتك كتاب السنن، وهو يروي كتبًا، أو أجزت لمحمد بن خالد الدمشقي، وهناك جماعة تشترك في الاسم، وهو لم يرد إلا واحدًا، ولم يعينه.
5 -
الإجازة لمعدوم، كأجزت لمن يولد لفلان.
6 -
الإجازة لما لم يتحمله المجيز ليرويه المجاز إذا تحمله المجيز.
7 -
إجازة المجاز، كأجزتك مجازتي.
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 262 - 275، وتدريب الراوي 2/ 29 - 41، والكفاية ص 466، 477، 492، 500، وانظر: المعتمد 2/ 665، والبرهان فقرة 588، 589، والمحصول 2/ 1/ 649، والمسطاسي ص 122.
(2)
عبارة ز: "أجزت لا أن تروي".
(3)
"تقتضي" في ز.
(4)
"يحدث" في ز.
إباحة للكذب (1).
والإجازة المقيدة: أن يقول له: ما صح عندك أني سمعته فاروه عني، أو قال له:[ما صح](2) عندك أني رويته فاروه عني، أو قال له مشافهة: ما صح عندك من حديثي فاروه عني، وما في معنى ذلك، فهذه الإجازة المقيدة ليس فيها إباحة للكذب، وإلى هذا أشار المؤلف بقوله: لكنه في عرف المحدثين معناه: أن ما صح عندك (3)[أني سمعته](4) فاروه عني.
قوله: (ما صح عندك أني سمعته فاروه عني)، وكذلك قوله:(إِذا كتب إِليه: إِن الكتاب الفلاني رويته فاروه عني)، [وكذلك] (5) قوله:(إذا قال له مشافهة: ما صح عندك من حديثي فاروه عني)، ذلك كله أمثلة للإجازة المقيدة.
قوله: (وكذلك إِذا كتب إِليه: إِن الكتاب الفلاني رويته فاروه عني)، وذلك (6) كما فعل المازري كتب إلى عياض: إن كتاب معلم رويته فاروه عني إذا صح عندك أنه خطي وروايتي (7).
وأما المطلب الثاني، وهو حكم الإجازة، فقال عبد الوهاب في الملخص (8): اختلف أهل العلم في الإجازة، وهو أن يقول الراوي لغيره:
(1) انظر: المحصول 2/ 1/ 649، والمعتمد 2/ 666، والمسطاسي ص 122.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
"من حديثي" زيادة في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"وكذلك" في ز.
(7)
انظر: الديباج المذهب 2/ 252، وانظر أيضًا: 2/ 47.
(8)
"المخلص" في ز.
قد أجزت لك أن تروي هذا الكتاب عني، أو يكتب بذلك إليه (1). فمنعها (2) مالك (3) وأشهب، وأكثر الفقهاء (4).
وأما المطلب الثالث، وهو كيفية الرواية بها على القول بإجازتها، فقال القاضي عبد الوهاب: اختلف فيما يقول المجاز، فقيل: يقول: أخبرني إجازة، ولا يقول أخبرني مطلقًا، ولا حدثني.
وقيل: يقول: كتب إلي، أو أجازني (5) فقط (6).
(1)"إليه بذلك" في ز بالتقديم والتأخير.
(2)
"فمعنها" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 378، حيث نقل هذا النص عن عبد الوهاب، وفيه: فقبلها مالك
…
إلخ، ولعله خطأ في الطبع؛ إذ في الطبعة التونسية ص 324: فمنعها، وكذا في شرح المسطاسي ص 123، ونقله السيوطي في التدريب 2/ 30.
(4)
منهم أبو حنيفة وأبو يوسف في قول لهما.
ورواية عن الشافعي بها أخذ الماوردي وجماعة من الشافعية، وقال به من المحدثين: شعبة وإبراهيم الحربي وجماعة، ونصره ابن حزم.
وقد ذكر الباجي في إحكام الفصول أنه لا خلاف فيها بين سلف الأمة وخلفها، وحكى هذا السيوطي عنه وعن عياض. والقول بجوازها قول جماهير العلماء واستقر عليه عمل الأمة. انظر: المنخول ص 270، والعدة 3/ 983، والإحكام للآمدي 2/ 105، وتيسير التحرير 3/ 94، والإحكام لابن حزم 1/ 256 و257، وإحكام الفصول 1/ 394، ومقدمة ابن الصلاح ص 262، 263، وتدريب الراوي 2/ 29، 30، وانظر: الكفاية ص 446، 465، حيث نقل الأقوال فيها مسندة إلى أصحابها.
(5)
"جاءني" في ز.
(6)
للمحدثين في ذلك عدة أقوال:
أ - قيل: لا بد من التقييد بالإجازة، وعليه أكثر الأصوليين.
ب - يجوز الإطلاق بأي لفظ، من حدثنا، وأخبرنا، ونحوه.
وأما المطلب الرابع وهو حكم العمل بها، فقال المؤلف:(العمل عندنا بالإِجازة جائز (1)، خلافًا لأهل الظاهر (2) في اشتراط المناولة (3)، ومعنى المناولة: أن يناوله (4) الشيخ كتابًا ويجيزه الرواية به عنه، والمناولة عندنا ليست بشرط ولكن (5) هي مؤكدة وعاضدة؛ لأن المقصود إِنما هو اتصال [السند](6) بطريق صحيح، فإِذا جمع اتصال السند (7) حصل (8) المقصود، ولا عبرة بالمناولة).
حجة أهل الظاهر: أن خصوص هذا الكتاب الذي وجده الآن لم يسمعه
= جـ - قيل: يقول: أنبأنا.
د- قيل: يقول: أخبرنا.
انظر: الكفاية للخطيب ص 474 - 476، واللمع ص 334، والمعتمد 2/ 666، وإحكام الفصول 1/ 394، وانظر النقل عن عبد الوهاب في: شرح القرافي ص 378.
(1)
المحكي عن الجمهور: الوجوب، ولعله أطلق الجواز تجوزًا. انظر: اللمع ص 334، وإحكام الفصول 1/ 352، والإبهاج 2/ 372، ومقدمة ابن الصلاح ص 264، والكفاية للخطيب ص 446.
(2)
انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 256 و257، وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 264، وتدريب الراوي 2/ 30، والكفاية ص 446، واللمع ص 334، والإبهاج 2/ 372.
(3)
انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 256، وإحكام الفصول 1/ 352، والمسطاسي ص 123.
(4)
"يتناوله" في ز.
(5)
"وإنما" في ز.
(6)
ساقط من الأصل، وفي ز:"المسند"، والمثبت أصوب لما سيأتي.
(7)
"المسند" في ز.
(8)
"حصله" في ز.
من شيخه فلم يتصل سنده (1) فيه، فلا تجوز نسبته إلى الرسول (2) صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز العمل به (3).
أجيب عنه: بأن السند متصل بالطريق الذي بيناه، وقد صح عنده رواية مجيزه له، فيتصل السند ولا حاجة للمناولة؛ لأن ثبوت رواية المجيز يقوم مقام المناولة، فالمقصود اتصال السند بطريق صحيح كيف كان (4).
قال المؤلف في الشرح: ومعنى جواز العمل، أنه يجوز للمجتهد أن يجعله مستنده فيما يفتي به من حكم الله عز وجل وأما من ليس بمجتهد فلا يجوز له العمل بمقتضى حديث وإن صح عنده سنده، لاحتمال نسخه وتخصيصه وتقييده، وغير ذلك من العوارض التي لا يضبطها إلا المجتهدون، وكذلك لا يجوز لغير المجتهد أن يعتمد (5) على آيات القرآن (6) لما ذكرنا، بل الواجب عليه تقليد مجتهد معتبر ليس إلا، لا يخلصه عند الله تعالى إلا ذلك، كما أن المجتهد لا يخلصه إلا ما أدى (7) إليه اجتهاده بعد بذل جهده (8) بشرطه،
(1)"مسنده" في الأصل.
(2)
"رسول الله" في ز.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 378، والمسطاسي ص 123.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 378، والمسطاسي ص 123.
(5)
"الاعتماد" في ز.
(6)
جاء في هامش الأصل ما يلي: "انظر: لا يجوز لغير المجتهد أن يعمل بمقتضى الحديث ولا آيات القرآن". اهـ.
(7)
"إذا" في ز.
(8)
"اجتهاده" في ز.
ولا يخلصه التقليد (1)، وسيأتي بيانه في باب الاجتهاد في الفصل (2) التاسع فيمن يتعين عليه الاستفتاء (3).
…
(1) انظر: شرح القرافي ص 379، وانظر: شرح المسطاسي ص 123.
(2)
هنا انتهى الخرم الذي في نسخة الخزانة الحسنية بالرباط والمرموز لها بحرف "ط".
(3)
انظر: مخطوط الأصل صفحة 352، 157، وما بعدها من المجلد السادس من هذا الكتاب، وشرح القراقي ص 443، 444.