المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني في التواتر - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٥

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل الثاني في التواتر

‌الفصل الثاني في التواتر

(1)

ش: شرع المؤلف (2) في خبر التواتر؛ إذ الخبر على ثلاثة أقسام:

خبر التواتر، وخبر الآحاد، وما ليس بتواتر ولا آحاد وهو خبر المنفرد (3) إذا احتفت (4) به قرائن تفيد العلم (5).

قال المؤلف: هذا (6) القسم ما علمت له اسمًا في الاصطلاح، فليس بمتواتر (7) لعدم العدد، وليس بآحاد (8) لإفادته (9) العلم (10).

(1) بدأ ناسخ ز في سرد المتن إلى نهاية الفصل ثم عاد للشرح، وقد انتهت صفحتي 46/ ب و47/ أمن نسخة (ز) في أثناء ذلك.

(2)

"ها هنا" زيادة في ز.

(3)

"الآحاد" في ز.

(4)

"اختلفت" في الأصل.

(5)

هذا التقسيم اصطلاح للقرافي تبعه فيه الشوشاوي، والمشهور عند الجمهور هو تقسيم الخبر إلى قسمين: متواتر وآحاد، ومنهم من يجعل الآحاد أقسامًا منها: المشهور، والمستفيض. أما الحنفية فجمهورهم على أن الخبر أقسام ثلاثة: تواتر، وآحاد، ومشهور. والمستفيض عند أكثر الأصوليين ما زادت نقلته على ثلاثة عدول. والمشهور عند الحنفية ما تواتر واشتهر في العصر الثاني أو الثالث بعد أن كان آحادًا.

انظر: شرح القرافي ص 349، والإحكام للآمدي 2/ 31، وجمع الجوامع 2/ 129، وإرشاد الفحول ص 49، والمغني للخبازي ص 192، وتيسير التحرير 3/ 37.

(6)

"في هذا" في الأصل.

(7)

"بتواتر" في الأصل.

(8)

"ولا بالآحاد" في ز.

(9)

"الفادة" في ز.

(10)

انظر: شرح القرافي ص 349، وفي النقل اختلاف يسير. وانظر: شرح المسطاسي ص 97.

ص: 25

ذكر المؤلف في هذا الفصل سبع (1) مسائل.

[المسألة](2) الأولى: حقيقة التواتر لغة.

قوله: (وهو مأخوذ من مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما)(3).

ش: هذه (4) حقيقته (5) لغة (6)، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} (7)، أي واحدًا (8) بعد واحد بفترة بينهم (9).

وقيل: مشتق من الوتر/ 272/ وهو الفرد (10).

وقال بعض اللغويين: من لحن العوام قولهم: تواترت عليّ كتبك، ومرادهم:"تواصلت عليّ كتبك" وهو لحن، ولا يقال ذلك إلا في عدم

(1)"سبعة" في ز.

(2)

ساقط من ز.

(3)

انظر: اللسان، والقاموس المحيط، مادة:"وتر".

(4)

"هذا" في ز.

(5)

"حقيقة" في ز.

(6)

"له" في ز.

(7)

المؤمنون: 44.

(8)

"واحد" في الأصل.

(9)

انظر: حجة القراءات لأبي زرعة ص 487، وتفسير البحر المحيط 6/ 407، وشرح القرافي ص 349، والمسطاسي ص 96.

(10)

حكى في اللسان أنه أصل الاشتقاق، قال:"وأصل ذلك كله من الوتر وهو الفرد وهو أني جعلت كل واحد بعد صاحبه فردًا فردًا" اهـ.

ونقله أبو زرعة بن زنجلة عن الزجاج.

انظر: اللسان مادة "وتر"، وحجة القراءات ص 487، وشرح القرافي ص 349، والمسطاسي ص 96.

ص: 26

التواصل (1).

قوله: (وفي الاصطلاح: خبر أقوام عن أمر محسوس يستحيل تواطؤهم (2) على الكذب عادة).

ش: هذه مسألة ثانية في حقيقته اصطلاحًا (3).

قوله: (خبر أقوام)، أي: جماعة، احترازًا من خبر واحد (4).

قوله: (عن أمر محسوس) وهو ما يدرك بالحواس الخمس، احترازًا من أمر عقلي كسائر النظريات، كما إذا أخبر الجمع العظيم بحدوث (5) العالم،

(1) قال في القاموس مادة "وتر": ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة، وإلا فهي مداركة ومواصلة. اهـ.

وانظر قريبًا من عبارة الشوشاوي في: درة الغواص في أوهام الخواص ص 7 - 9.

انظر: شرح القرافي ص 349، والمسطاسي ص 96.

(2)

"تواطئيهم" في ز.

(3)

اكتفى الشوشاوي بعرض حد القرافي وشرحه، وقد تعددت حدود الأصوليين للمتواتر فحده الباجي: بكل خبر وقع العلم بمخبره ضرورة من جهة الإخبار به.

وحده الرازي: بخبر أقوام بلغوا في الكثرة إلى حيث حصل العلم بقولهم.

وحده الآمدي: بخبر جماعة مفيد بنفسه للعلم بمخبره.

وحده ابن حزم: بما نقلته كافة عن كافة حتى تبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم. أما الحنفية فالمتواتر عندهم: خبر أقوام لا يحصى عددهم ولا: يمكن تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وعدالتهم وتباين أماكنهم.

انظر: الفصول 1/ 283، واللمع ص 208، والمحصول 2/ 1/ 323، والإحكام للآمدي 2/ 14، والإحكام لابن حزم 1/ 93، والمغني للخبازي ص 191، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 4.

(4)

"الواحد" في ز.

(5)

"يحدث" في ز.

ص: 27

فإن (1) خبرهم لا يحصل العلم (2).

قال إمام الحرمين في البرهان: ويلحق بذلك ما كان ضروريًا بقرائن (3) الأحوال كصفرة الوجل وحمرة الخجل فإنه ضروري عند المشاهدة (4).

قوله: (يستحيل تواطؤهم (5) على الكذب)، احترازًا من خبر الآحاد (6).

قوله: (عادة)، احترازًا من العقل، فإن العلم الحاصل بالتواتر (7) هو (8) عادي لا عقلي؛ لأن العقل يجوز الكذب على كل عدد وإن كثروا، فالإحالة المذكورة في التواتر هي عادية لا عقلية (9).

قوله: خبر أقوام، يريد عقلاء عالمين بما أخبروا به.

وقولنا: عقلاء، احترازًا من غير العقلاء كالمجانين (10) وغيرهم.

(1)"لأن" في ز.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 349، وشرح المسطاسي ص 97.

(3)

"يقر أين" في ز.

(4)

انظر: البرهان فقرة 492، وأيضًا الفقرات 504، 512، وشرح القرافي ص 349، وشرح المسطاسي ص 97.

(5)

"تواطئيهم" في ز.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 349، والمسطاسي ص 97.

(7)

"من التواتر" في ز.

(8)

"فإنه" في الأصل.

(9)

انظر: شرح القرافي ص 350، والمسطاسي ص 97.

(10)

"كالجانين" في ز.

ص: 28

وقوله: تواطؤهم (1)، معناه توافقهم، يقال: تواطأ القوم على الأمر، أي توافقوا عليه، ومنه قوله تعالى:{لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} (2) معناه (3)، ليوافقوا عدة ما حرم الله (4)، يقال: واطأتك على الأمر، أي: وافقتك عليه، [فالمواطأة هي الموافقة](5)(6).

ولا يشترط فيهم: الإسلام (7)، ولا العدالة (8)، ولا البلوغ، ولا الذكورية (9)، ولا الحرية (10).

وقولنا: عالمين بما أخبروا به، احترازًا مما إذا كانوا ظانين لذلك.

قوله: (وأكثر (11) العقلاء (12) على أنه مفيد للعلم (13) في الماضيات

(1)"تواطئيهم" في ز.

(2)

التوبة: 37.

(3)

"أي" في ز.

(4)

انظر: تفسير أبي حيان 5/ 40، والعمدة في غريب القرآن لمكي بن أبي طالب ص 147، والمفردات للراغب الأصفهاني ص 526.

(5)

ساقط من الأصل.

(6)

انظر: اللسان مادة: "وطأ".

(7)

ونقل الشيرازي في التبصرة قولاً باشتراطه. انظر: التبصرة ص 297.

(8)

انظر: التبصرة ص 297، واللمع ص 209، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 32، ومختصر ابن الحاجب 2/ 54.

(9)

"الذكورية" في الأصل.

(10)

انظر: شرح المسطاسي ص 97.

(11)

"فأكثر" في أ.

(12)

"العلماء" في أ.

(13)

"يفيد العلم" في ز.

ص: 29

والحاضرات. والسمنية أنكروا العلم واعترفوا بالظن، ومنهم من اعترف به في الحاضرات فقط).

ش: هذه مسألة ثالثة، هل يفيد العلم أم لا؟ ثالثها: يفيده في الحاضرات دون الماضيات.

حجة الجمهور بأنه يفيده مطلقًا في الماضيات والحاضرات (1).

أنا نقطع بوجود دولة الأكاسرة والأقاصرة والخلفاء الراشدين ومن بعدهم من بني أمية وبني العباس من الماضيات، وإن (2) كنا لا نقطع بتفاصيل ذلك، ونقطع بوجود مكة والمدينة ودمشق (3) وبغداد وخراسان وغير ذلك من الأمور الحاضرات (4)، فقد حصل العلم بالتواتر من حيث الجملة (5).

(1) انظر هذا القول في: التبصرة ص 291، واللمع ص 208، والفصول 1/ 284، والمعتمد 2/ 551، والوصول 2/ 139، ومقدمة ابن القصار ص 86، والمنخول ص 235، والمستصفى 1/ 132، والمحصول 2/ 1/ 324، والإحكام للآمدي 2/ 15، والعالم للرازي ص 237، وأصول الشاشي ص 272، والعدة 3/ 841، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 15، وابن الحاجب 2/ 52، والإبهاج 2/ 314، والمسطاسي ص 97.

(2)

"فإن" في ز.

(3)

"وذي مشق" في ز.

(4)

"الحاضرة" في ز.

(5)

انظر: شرح القرافي ص 350، والمسطاسي ص 97.

ص: 30

حجة السمنية: وهي طائفة من أهل الهند (1)(2): أنه كثيرًا (3) ما يجزم (4) بالشيء ثم ينكشف (5) الأمر بخلافه، فلو كان التواتر يفيد العلم لما انكشف الأمر بخلافه (6).

وحجة ثانية: أن كل واحد من المخبرين يجوز عليه الكذب، فيجور على المجموع، فإن (7) المجموع مركب من الآحاد، وخبر الآحاد مظنون، والمركب من المظنون مظنون، كما نقول (8) في الزنج: لما كان كل واحد منهم أسود، كان

(1) السُّمَنية بضم السين وفتح الميم فرقة من عبدة الأصنام في الهند ينسبون إلى سومنان بلد في الهند، أو إلى سومنات صنم لهم، ومذهبهم يبطل النظر والاستدلال ويحصر العلم في الحواس الخمس، وينكر أكثرهم البعث، وتقول طائفة منهم بالتناسخ.

انظر: الفرق بين الفرق ص 270، وانظر: تيسير التحرير 3/ 31.

(2)

وقد نسب هذا الرأي الشيرازي والآمدي وأبو الخطاب والقاضي أبو يعلى للبراهمة أيضًا، ونسبه ابن برهان للمعتزلة، ونسب الجويني في البرهان فقرة 45 للسمنية القول بإفادة المتواتر العلم، ثم نقل في فقرة 508 القول بإنكاره.

وانظر قول السمنية في: الفصول 1/ 284، والمنخول ص 235، والمستصفى 1/ 132، والمحصول 2/ 1/ 324، والإحكام للآمدي 2/ 15، والعدة 3/ 841، ومختصر ابن الحاجب 2/ 52، والإبهاج 2/ 314.

وانظر نسبة القول للبراهمة في: العدة 3/ 841، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 15، والإحكام للآمدي 2/ 15، والتبصرة ص 291.

(3)

عبارة ز هكذا: "وهي طائفة من أهل الهندانة قالوا: وكثير ما يجزم".

(4)

"مما يجزم" في الأصل.

(5)

"ليكشف" في ز.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 350، والمسطاسي ص 97.

(7)

"لان" في ز.

(8)

"تقول" في ز.

ص: 31

مجموعهم أسود.

أجيب عن الأول: أن تلك الصور التي ينكشف الأمر فيها بخلافه لم يحصل فيها العلم، والذي يحصل فيها هو الاعتقاد (1)، ولو حصل فيها العلم لما انكشف الأمر بخلافه، ونحن لا ندعي حصول العلم في جميع الصور بل ادعينا أنه قد يحصل وذلك لا ينافي عدم حصوله في كثير من الصور (2).

وأجيب عن الثاني: بأن من الأحكام ما لا يثبت إلا للمجموع دون الآحاد ومنها ما لا يثبت إلا للآحاد دون المجموع.

فمثال (3) الأول: إشباع مجموع (4) اللقم من الطعام، وإرواء مجموع (5)

(1) هذا الكلام يصح بناء على القول بأن الاعتقاد اسم لجنس الفعل على أي وجه وقع اعتقاده، وهذا خلاف الأصل، إذ الأصل فيه أنه مشبه بعقد الحبل، فالعالم بالشيء على ما هو عليه كالعاقد المحكم لا عقده. وعلى هذا يكون العلم أعم من الاعتقاد فكل معتقد عالم ولا عكس. ولذلك أيضًا أطلق بعضهم على الاعتقاد اسم العلم اليقيني. ومن هذا الباب تسمية العقائد بهذا الاسم لعقد القلب عليها وجزم المعتقد بها.

وقالوا في العلم: هو اعتقاد الشيء على ما هو به على سبيل الثقة.

انظر: الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري ص 73 و85، واللسان مادة:"عقد".

(2)

انظر هذا الجواب في: شرح القرافي ص 350، والمسطاسي ص 97، 98.

وفي سياق هذا الجواب نظر، لأن تخلف صورة عن القاعدة يبطلها، فلو قال إن عدم وجود العلم في الصور المدعاة سببه تخلف شروط التواتر الذي لا ندعي إفادته العلم إلا بعد توفرها.

(3)

"ومثال" في ز.

(4)

"الشنيع بمجموع" في ز.

(5)

"والإرواء بمجموع" في ز.

ص: 32

القطرات من الماء، وغلبة مجموع الجيش للعدو، [و](1) ما أشبه ذلك من الأحكام الثابتة للمجموعات دون الآحاد.

ومثال ما يثبت للآحاد دون المجموع: كالألوان، والطعوم، والروائح، فإنه يستحيل ثبوتها إلا للآحاد، وأما المجموعات فإنها أمور ذهنية، والأمور الذهنية لا يمكن أن تقوم بها كيفيات الألوان وغيرها (2).

ومحل النزاع ها هنا هو [من](3) القسم الأول الذي هو حصول الحكم للمجموع (4)، وليس من القسم الثاني الذي هو حصول الحكم للآحاد، فإنه قد يوجد في المركبات ما ليس في المفردات.

حجة الفرق بين الحاضرات والماضيات (5): أن الماضيات غائبة عن الحس فيتطرق إليها احتمال الخطأ والنسيان؛ ولذلك أن الدول الماضية لم يبق عندنا شيء من أحوالها.

وأما الحاضرات فمعضودة (6) بالحس فبعد (7)(8) تطرق احتمال الخطأ

(1) ساقط من الأصل.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 350، والمسطاسي ص 98.

(3)

ساقط من ز.

(4)

"المجموع" في ز.

(5)

انظر: المحصول 2/ 1/ 324، والإبهاج 2/ 314، ونهاية السول 3/ 70.

(6)

"فمقصودة" في ز.

(7)

"فبعدت" في ز.

(8)

"عن" زيادة في ز.

ص: 33

والنسيان إليها (1).

قال المؤلف: الجواب عنه: أن حصول الفرق (2) لا يمنع من الاشتراك في الحكم، ويدل عليه ما قدمناه من حصول العلم بالدول (3) الماضية والبلدان الغائبة فبطل ما تعلقوا به (4).

قوله: (والعلم الحاصل منه ضروري عند الجمهور (5)، خلافًا لأبي الحسين البصري (6) وإِمام الحرمين (7) والغزالي) (8)(9)(10).

(1) انظر: شرح القرافي ص 351، والمسطاسي ص 98.

(2)

"الفرض" في ز.

(3)

"الدولة" في ز.

(4)

انظر: شرح القرافي ص 351، وانظر: المسطاسي ص 98.

(5)

انظر رأي الجمهور في: التبصرة ص 293، واللمع ص 208، والفصول 1/ 286، والوصول 2/ 141، والمحصول 2/ 1/ 328، والمعالم ص 237، والإحكام للآمدي 2/ 18، والإبهاج 2/ 315، والعدة 3/ 847، والوجيز للكرماستي ص 144، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 22، ومختصر ابن الحاجب 2/ 53، وشرح القرافي ص 351، والمسطاسي ص 98.

(6)

"الحسن البصري" في الأصل وز.

وانظر: المعتمد 2/ 552، والوصول 2/ 341.

(7)

انظر: البرهان فقرة 509.

(8)

انظر: المنخول 237.

(9)

أصل هذا القول لأبي القاسم البلخي المعروف بالكعبي تابعه عليه أبو الحسين البصري، وقد تابعه أيضًا الجويني والغزالي أوَّلا كلامه كما سيأتي في حجج هذا القول. وقد قال بهذا القول أبو بكر الدقاق كما في: التبصرة ص 293.

وانظر: اللمع ص 208، والمعتمد 2/ 552، والبرهان فقرة 509، والمنخول ص 236، والوصول 2/ 141، والمستصفى 1/ 132، والمحصول 2/ 1/ 328، 329، والإحكام للآمدي 2/ 18، والمعالم ص 237، والإبهاج 2/ 315، والعدة 3/ 847، والتمهيد 3/ 23، ومختصر ابن الحاجب 2/ 53، والوجيز للكرماستي ص 144، والمسطاسي ص 98.

(10)

يوجد قول ثالث بالوقف ينسب للشريف المرتضى واختاره الآمدي.

انظر: المحصول 2/ 1/ 331، والإحكام للآمدي 2/ 19، 23، والإبهاج 2/ 316.

ص: 34

ش: هذه مسألة رابعة.

حجة الجمهور: أنا نجد العلم التواتري (1) يحصل (2) للصبيان والنسوان (3)، ومن ليس له أهلية النظر، فلو (4) كان نظريًا لما حصل (5) إلا لمن له أهلية النظر (6).

حجة القول بأنه نظري: أن السامع إذا توهم التهمة (7) من المخبرين فيما أخبروا (8) به لم يحصل له العلم، وإذا لم يتوهم ذلك حصل له العلم، وإذا علم أن المخبرين من أهل الديانة (9) والصدق حصل له العلم بالعدد اليسير منهم، وإذا علم أن المخبرين من أهل الفسق والكذب لم يحصل [له](10) العلم بإخبار العدد الكثير منهم، فإذا كان العلم يتوقف حصوله على ثبوت أسباب وشروط (11) وانتفاء موانع (12)، فلا بد من النظر في تلك الأسباب والشروط،

(1)"التواتر" في ز.

(2)

فوق هذه الكلمة علق ناسخ الأصل كلمة: العلم، ولم أر الكلام محتاجًا إليها، فيحتمل أنه وضعها للتوضيح.

(3)

"وانستون" في ز.

(4)

"ولو" في ز.

(5)

"فلا يحصل" في الأصل.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 351، والمسطاسي ص 98.

(7)

"التهمية" في ز.

(8)

"خبروا" في الأصل.

(9)

"الديانات" في ز.

(10)

ساقط من ز.

(11)

"الشروط" في الأصل.

(12)

"مانع" في ز.

ص: 35

وانتفاء [تلك](1) الموانع، وما توقف على النظر (2) فهو نظري (3)(4).

أجيب عن هذا: بأنه صحيح، ولكن تلك المقدمات حاصلة في أوائل الفكرة (5) ولا يحتاج في العلم الحاصل عنها/ 273/ إلى كبير تأمل ولا يقال في العلم إنه نظري إلا إذا كان لا يحصل إلا لمن له أهلية النظر، وقد بينا أن الأمر ليس كذلك (6).

قوله: (والأربعة لا تفيد العلم، قاله (7) القاضي أبو بكر، وتوقف في الخمسة (8)، قال (9) فخر الدين: والحق أن عددهم غير محصور خلافًا لمن حصرهم في

(1) ساقط من ز.

(2)

"نظري" في الأصل.

(3)

هذا ما جعل الجويني والغزالي يصرحان بأن الخلاف مع الكعبي لفظي، ويختاران ما اختاره، فالجويني نزل قوله على النظر في ثبوت إيالة جامعة وانتفائها، والغزالي في المنخول نزل قوله على النظر في القرائن ثم حصول العلم الضروري بعد الاطلاع عليها، وفي المستصفى أوَّله على أن المقصود بالنظر حصول مقدمتين: إحداهما: أن أهل التواتر لا يجمعون إلا على الصدق لكثرتهم واختلاف أحوالهم. والثانية: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة. وبعد هاتين المقدمتين يحصل العلم الضروري.

انظر: البرهان فقرة 509، والمنخول ص 238، والمستصفى 1/ 133، والإبهاج 2/ 315، 316.

(4)

انظر الدليل في: شرح القرافي ص 351، والمسطاسي ص 98.

(5)

"الفطرة" في ز.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 351، والمسطاسي ص 98.

(7)

"قال" في ز.

(8)

انظر رأي القاضي في: البرهان فقرة 496، والمنخول ص 240، 241، والمحصول 2/ 1/ 370.

(9)

"الإمام" زيادة في خ وش.

ص: 36

اثني (1) عشرة عدة (2) نقباء موسى عليه السلام (3) أو عشرين (4) عند أبي الهذيل لقوله تعالى: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (5) أو أربعين لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (6) وكانوا حينئذ أربعين، أو سبعين عدد المختارين (7) من قوم موسى عليه السلام (8)، أو ثلاثمائة عدد أهل بدر، أو عشرة عدد [أهل](9) بيعة (10) الرضوان).

ش: هذه مسألة خامسة: وهي هل عدد التواتر محصور أو غير محصور؟

(1)"اثنا" في الأصل.

(2)

"عدد" في ش وز.

(3)

النقيب العريف، وكان الله أمر موسى عليه السلام بأن يقيم نقباء من كل سبط نقيب، أي: عريف على قومه بالمبايعة والسمع والطاعة، وكان ذلك عندما توجه موسى لقتال الجبابرة كما روي عن ابن عباس. انظر كلام الشوشاوي الآتي بعد قليل، وانظر: القاموس المحيط مادة "نقب"، وتفسير ابن كثير 2/ 32.

(4)

"العشرين" في ش.

(5)

الأنفال: 65.

(6)

الأنفال: 64.

(7)

"عدد عند المختار" في أ.

(8)

هم المذكورون في قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبعينَ رَجُلاً لّميقَاتنا} [الأعراف: 155]، وقد اختارهم موسى من خيار بني إسرائيل للاعتذار من عبادة العجل. انظر: تفسير ابن كثير 2/ 249.

(9)

ساقط من نسخ المتن.

(10)

كذا في نسخ المتن الثلاث ونسختي الشرح، حيث جعل ما بعد العشرة تفسيرًا لها، ولم أجد هذا في شيء من كتب الأصول التي رجعت إليها، بل وجدت أنهما قولان: أولهما: أن يكونوا عشرة، ذكره في فواتح الرحموت 2/ 117، ونسبه حلولو في شرحه ص 298، والشوكاني في الإرشاد ص 47 للإصطخري. والقول الآخر أن يبلغوا عدد أهل بيعة الرضوان، ذكره في المحصول 2/ 1/ 380، والبرهان فقرة 495، والإبهاج 2/ 323. وعدد أهل بيعة الرضوان على القول الراجح ألف وأربعمائة. انظر: السيرة لابن هشام 2/ 309، والفصول لابن كثير ص 163، وجوامع السيرة ص 207، وانظر استدراك المسطاسي حول هذه النقطة في شرحه ص 100.

ص: 37

ذكر المؤلف فيه ها هنا ثمانية أقوال:

أحدها: وهو أصحها أنه غير محصور (1).

الثاني (2): الزائد على الخمسة (3)، الثالث: عشرة (4)، الرابع (5): اثنا (6) عشر (7)، الخامس: عشرون (8)، السادس: أربعون (9)، السابع: سبعون (10)، الثامن: ثلاثمائة (11).

(1) هذا أشهر الأقوال وهو قول جمهور الأصوليين، وانظره في: التبصرة ص 295، والفصول 1/ 297، والإحكام لابن حزم 1/ 96، والوصول 2/ 147، والمحصول 2/ 1/ 377، والمعالم ص 237، والعدة 3/ 855، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 28، والإحكام للآمدي 2/ 27.

(2)

"والثاني" في ز.

(3)

هذا القول محكي عن القاضي، وقد تقدم ذكر مصادره. وحكاه الشيرازي في التبصرة عن الجبائي/ 295، وانظر: الإحكام لابن حزم 1/ 94.

(4)

انظر: فواتح الرحموت 2/ 117، وإرشاد الفحول ص 47.

(5)

"الرابعة" في ز.

(6)

"اثني" في الأصل.

(7)

انظر: التبصرة ص 295، واللمع ص 209، والوصول 2/ 147، والعدة 3/ 856.

(8)

انظر: المعتمد 2/ 565، والإحكام لابن حزم 1/ 94، والإحكام للآمدي 2/ 26، والمحصول 2/ 1/ 378.

(9)

انظر: البرهان فقرة 495، والمنخول ص 241، والمحصول 2/ 1/ 379.

(10)

انظر: التبصرة ص 295، والمعتمد 2/ 565، والبرهان فقرة 495، والعدة 3/ 857.

(11)

وقيل: ثلاثمائة وبضع عشرة رجلاً، انظر: التبصرة ص 295، والإحكام لابن حزم 1/ 94، والعدة 3/ 857.

ص: 38

قوله: نقباء موسى [عليه السلام وهم](1) الذين أرسلهم موسى عليه السلام ليستخبروا (2) له (3) بلاد الجبارين [بالشام](4) وهم اثنا عشر رجلاً (5) عدد الأسباط، لأنه جعل على كل سبط نقيبًا (6)، والنقيب (7) معناه الأمين، [وسمي نقيبًا](8) لأنه ينقب على أحوال قومه (9).

وإنما جزم القاضي رحمه الله بأن الأربعة لا تفيد العلم، لاحتياج تزكيتهم في الزنا، فلو كان (10) خبر الأربعة (11) يفيد العلم لما احتاج الأربعة في الزنا إلى التزكية، وذلك خلاف الإجماع.

وإنما توقف في الخمسة لاحتمال حصول العلم بخبرهم.

وظاهر كلام القاضي رحمه الله أن العدد بما هو عدد هو مدرك العلم، وفيه نظر، بل (12) الحق (13) أن القرائن لا بد منها مع الخبر فقد يمكن

(1) ساقط من ز.

(2)

"ليستخبرون" في ز.

(3)

"به" في الأصل.

(4)

ساقط من ز ومكانها بياض.

(5)

"على" زيادة في ز.

(6)

انظر: تفسير ابن كثير 2/ 32.

(7)

"النقيب" في ز.

(8)

ساقط من ز.

(9)

انظر: اللسان مادة نقب.

(10)

"فلذلك لو كان" في ز.

(11)

"الآية" في الأصل.

(12)

"وفيه تطويل" في ز بدلاً من قوله: "وفيه نظر، بل".

(13)

"الخد" في ز.

ص: 39

حصول القرائن مع الأربعة فيفيد خبرهم العلم (1).

وهذه المذاهب المشترطة (2) عددًا معينًا فمدركها أن تلك الرتبة (3) من العدد وصفت بمنقبة حسنة، فجعل ذلك سببًا لأن تحصل لذلك العدد منقبة (4) أخرى وهو حصول العلم بخبرهم.

قال المؤلف في الشرح: وهذا غير لازم لأن الفضائل لا يلزم فيها التلازم، فقد يحصل العلم بقول الكفار أحيانًا، ولا يحصل بقول الأخيار أحيانًا، بل الضابط: حصول العلم، فإذا (5) حصل العلم بعدد فذلك العدد هو عدد التواتر (6).

قوله: (وهو ينقسم إِلى اللفظي وهو أن تقع الشركة (7) بين ذلك العدد في اللفظ المروي، والمعنوي وهو وقوع الاشتراك في معنى عام كشجاعة علي وسخاء (8) حاتم).

ش: هذه مسألة سادسة، وهي تقسيم (9) الخبر المتواتر إلى اللفظي والمعنوي (10).

ومعنى اللفظي: اشتراك المخبرين في اللفظ.

(1) انظر: شرح القرافي ص 352.

(2)

"المشرطة" في الأصل.

(3)

"المرتبة" في ز.

(4)

"متقبة" في ز.

(5)

"فمتى" في ز.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 352.

(7)

"المشترك" في ش، وفي التعليق:"الشركة" في نسخة خطية.

(8)

"وسخاوة" في ز.

(9)

"تنقسم" في ز.

(10)

انظر: اللمع ص 208، نهاية السول 3/ 87، والمسطاسي ص 100.

ص: 40

ومعنى المعنوي: اشتراك المخبرين في المعنى (1).

فمثال التواتر اللفظي: كما نقول (2) في القرآن العظيم: إنه متواتر، [أي](3) كل لفظ منه اشترك فيها العدد الناقلون للقرآن (4).

وكذلك دمشق (5) وبغداد، أي جميع المخبرين نطقوا بهذا اللفظ.

ومثال التواتر المعنوي: كشجاعة علي وسخاء (6) حاتم، فلم تقع الشركة في اللفظ وإنما وقعت في المعنى.

كما يروى أن عليًا قتل ألفًا في الغزوة (7) الفلانية، وقتل كذا وكذا في غزوة أخرى، وتروى قصص أخرى بألفاظ أخرى يدل مجموعها على شجاعته، وذلك بألفاظ (8) مختلفة ولكن معنى جميعها واحد وهو الشجاعة.

فشجاعة علي رضي الله عنه ثابتة بالتواتر المعنوي.

(1) انظر: المحصول 2/ 1/ 383، والإحكام للآمدي 2/ 30، والإبهاج 2/ 324، ومختصر ابن الحاجب 2/ 55، وفواتح الرحموت 2/ 119، والوجيز للكرماستي ص 145، وشرح القرافي ص 353.

(2)

"تقول" في ز.

(3)

ساقط من الأصل.

(4)

"للقراءات" في الأصل.

(5)

"ذي مشق" في ز.

(6)

"وسخاوة" في ز.

(7)

"الغزاوة" في ز.

(8)

"بالفظ" في الأصل.

ص: 41

وكذلك سخاء حاتم، كما يروى (1) أنه أعطى مائة ناقة، وأعطى ألف دينار، وأعطى كذا وكذا، وأضاف كذا وكذا، [وذلك](2) بألفاظ مختلفة ولكن (3) يدل مجموعها على معنى واحد وهو السخاء، فسخاء حاتم ثابت بالتواتر المعنوي.

قوله: (وشرطه على الإِطلاق إِن (4) كان الخبر لنا غير المباشر استواء الطرفين والواسطة، وإِن كان المباشر فيكون المخبر عنه محسوسًا، فإِن الإِخبار عن العقليات لا يحصل العلم).

ش: هذه مسألة سابعة، وهي شرط التواتر.

قال المؤلف في شرحه: التواتر له أربع حالات وهي:

إما طرف واحد، وإما طرفان، وإما طرفان وواسطة، وإما طرفان ووسائط.

فمعنى طرف واحد: إذا كان المخبر لنا هو المباشر لسماعه (5) من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

ومعنى طرفان: إذا كان المخبر لنا ناقلاً عن المباشر.

ومعنى طرفان وواسطة: إذا كان المخبر لنا ناقلاً عن الناقل المباشر،

(1)"روى" في ز.

(2)

ساقط من الأصل.

(3)

"ولا كل" في الأصل.

(4)

"وان" في ز.

(5)

"سماعه" في ز.

ص: 42

فهم ثلاث طوائف (1).

ومعنى طرفان ووسائط: إذا تعددت الوسائط بيننا وبين الناقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نقول في القرآن العظيم، فإن سامعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم نقله عنه وسائط وقرون متعددة حتى انتهى إلينا (2).

قوله: (وشرطه على الإِطلاق)، أي كان لفظيًا أو معنويًا.

قوله: (إِن كان الخبر لنا غير الباشر)، أي: غير مباشر السماع (3) من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: (استواء الطرفين (4) والواسطة)، يعني استواءهم (5) في الشرطين اللذين أشار إليهما المؤلف في حد التواتر، وهما (6) أن يكون كل طائفة يستحيل تواطؤهم (7) على الكذب عادة، [وأن يكون المخبر عنه أمرًا محسوسًا](8)(9).

(1)"ثلاثة طرائف" في الأصل.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 353، وانظر: المسطاسي ص 100.

(3)

"للسماع" في الأصل.

(4)

"اطرفين" في الأصل.

(5)

"استويهم" في ز.

(6)

"وهو" في الأصل.

(7)

"تواطيهم" في ز.

(8)

ساقط من الأصل.

(9)

انظر هذه الشروط وغيرها من شروط المتواتر في: اللمع ص 209، والفصول 1/ 289، والمعتمد 2/ 558، 561، والبرهان فقرة 513، والمنخول ص 243، والمستصفى 1/ 134، والمعالم ص 236، وفواتح الرحموت 2/ 115، 116، =

ص: 43

قوله: (وإِن كان المباشر فيكون المخبر عنه محسوسًا)، أي [و](1) إن كان المخبر لنا هو مباشر السماع (2) من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيشترط فيه أن يكون المخبر عنه أمرًا محسوسًا.

ظاهر هذا يوهم أن كونه محسوسًا خاص (3) بخبر المباشر، وليس الأمر كذلك، بل هذا الشرط (4) مشروط في جميع أنواع التواتر، وظاهره أيضًا [أنه](5) لا يشترط في المباشر/ 274/ إلا هذا، وليس كذلك، بل يشترط فيه استحالة التواطئ على الكذب عادة (6).

قوله: (فإِن الإِخبار عن العقليات لا يحصل العلم)، كحدوث العالم؛ فإن المعتمد عليه في ذلك إنما هو الدليل العقلي لا الخبر (7).

= والإبهاج 2/ 318، 319، 324، والوجيز للكرماستي ص 145، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 31، وروضة الناظر ص 97، ومختصر ابن الحاجب 2/ 53، وشرح القرافي ص 353.

(1)

ساقط من ز.

(2)

"المباشر للسامع" في الأصل، وقد عدلت في الهامش إلى:"مباشر سماع"، والمثبت من ز.

(3)

"حاضرا" في ز.

(4)

"شرط" في ز.

(5)

ساقط من ز.

(6)

انظر: المسطاسي ص 100.

(7)

"الخبري" في ز.

ص: 44

الفصل الثالث في الطرق (1) المحصلة للعلم غير التواتر (2)

ش: يريد الأشياء المحصلة للعلم بالمخبر عنه، ولم يرد الأشياء المحصلة للعلم مطلقًا، لأن العلم قد يحصل بغير ما ذكر ها هنا كالتجريبيات والحدسيات.

مثال التجريبيات: كحلاوة العسل ومرارة الحنظل وغير ذلك مما يعلم بالتجريب.

ومثال الحدسيات: كجودة الفضة والذهب ورداءتهما، ونضج الفاكهة وعدم نضجها وغير ذلك بما يعلم بالحدس والتخمين، وذلك أن العلم سبعة أقسام (3) وهي: الضروري، والنظري، والحسي، والتواتري، والتجريبي، والحدسي، والوجداني، وقد تقدم بيان ذلك في الباب الأول في الفصل الثاني عشر: في حكم العقل بأمر على أمر (4).

(1)"الصرق" في ز.

(2)

بدأ ناسخ ز في سرد المتن ثم عاد للشرح كعادته.

(3)

انظر أقسام العلم في: المستصفى 1/ 44، 45، 136، والبرهان فقرة 50، والمواقف للإيجي ص 14 وما بعدها.

(4)

انظر: مخطوط الأصل ص 68 وما بعدها، وشرح القرافي ص 63.

ص: 45

قوله: غير التواتر (1)، [لأن التواتر](2) قد تقدم أنه يفيد العلم ضرورة عند الجمهور.

وذلك أن الخبر محصور في ثلاثة (3):

إما خبر عن واجب، وإما خبر عن مستحيل، وإما خبر عن جائز.

فأما الخبر عن الواجب فلا يكون إلا صدقًا، وصدقه يعلم (4) بالضرورة، وقد يعلم بالنظر (5).

مثال ما علم صدقه بالضرورة: كقولك: الواحد نصف الاثنين.

ومثال ما علم صدقه بالنظر: كوجود الصانع وحدوث العالم.

وأما الخبر عن المستحيل فلا يكون إلا كذبًا، وكذبه قد يعلم بالضرورة، وقد يعلم بالنظر (6).

مثال ما علم كذبه [بالضرورة](7): كقولك: الواحد نصف الثلاثة (8) أو نصف العشرة.

ومثال ما علم كذبه بالنظر: كقولك: العالم قديم.

(1)"التأثير" في ز.

(2)

ساقط من ز.

(3)

انظر: شرح المسطاسي ص 95 و101.

(4)

عبارة ز: وصدقه قديم علم.

(5)

انظر: المعتمد 2/ 546، والبرهان فقرة 517، والمنخول ص 245.

(6)

انظر: البرهان فقرة 523.

(7)

ساقط من ز.

(8)

"الثلاث" في ز.

ص: 46

وأما الخبر عن الجائز فإما أن يكون المخبر معصومًا (1) فلا يكون إلا صدقًا (2) كخبر الله تعالى، وخبر الرسول عليه السلام (3).

وإن كان المخبر غير معصوم، فإما أن يكون تواترًا، أو آحادًا.

فإن كان تواترًا فلا يكون إلا صدقًا (4).

وإن كان آحادًا، فإما أن تقترن به قرائن تفيد العلم أم لا، فإن اقترنت به فهو صدق، وإلا فمحتمل، وسيأتي بيانه في خبر الآحاد [إن شاء الله تعالى](5).

قوله: (وهي سبعة، كون المخبر (6) عنه معلومًا بالضرورة، أو بالاستدلال (7) أو خبر (8) الله سبحانه، أو خبر (9) الرسول عليه السلام، أو خبر (10) مجموع الأمة، أو الجمع العظيم عن (11) الوجدانيات في أنفسهم (12)،

(1) في ز زيادة ما يلي: "أو غير معصوم فإن كان معصومًا".

(2)

"صادقًا" في ز.

(3)

انظر: البرهان فقرة 522، والمنخول ص 245.

(4)

انظر: البرهان فقرة 518، والمنخول ص 246.

(5)

ساقط من ز. وانظر صفحة 276 من مخطوط الأصل، وصفحة 63 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 356.

(6)

"الخبر" في ز.

(7)

"أو الاستدلال" في نسخ المتن.

(8)

"وخبر" في ش.

(9)

"وخبر" في ش.

(10)

"وخبر" في ش.

(11)

"على" في ز.

(12)

"نفوسهم" في نسخ المتن.

ص: 47

أو القرائن (1) عند إِمام الحرمين (2) والغزالي (3) والنظام (4) خلافًا للباقين).

ش: قوله: (كون المخبر (5)[عنه](6) معلومًا بالضرورة) (7)، كقولك: الواحد نصف الاثنين، والواحد ثلث الثلاثة (8).

قوله: (أو بالاستدلال)(9)، كقولك: الواحد سدس عشر الستين لأنك تستدل عليه بالقياس المنظوم من مقدمتين قطعيتين، كقولك: الواحد سدس الستة، والستة عشر الستين [فينتج لك الواحد سدس عشر الستين](10).

وكذلك قولك: الواحد ربع عشر الأربعين، لأنك تستدل عليه بالمعلوم بالضرورة وهو القياس المنظوم من مقدمتين قطعيتين، كقولك (11): والواحد

(1)"والقرائن" في الأصل، وفي أ:"أو القولين".

(2)

انظر: البرهان فقرة 503 - 507 و512، والمحصول 2/ 1/ 400.

(3)

انظر: المنخول ص 237 و239 - 240، والمستصفى 1/ 135، والمحصول 2/ 1/ 400.

(4)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 295، والمنخول ص 239 - 240، والمحصول 2/ 1/ 400.

(5)

"الخبر" في الأصل.

(6)

ساقط من الأصل.

(7)

انظر: المعتمد 2/ 546، والبرهان فقرة 517، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 15، والمنخول ص 245، والمحصول 2/ 1/ 387، والمسطاسي ص 101.

(8)

"الثلاث" في ز.

(9)

انظر: المعتمد 2/ 546، والبرهان فقرة 517، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 15، والمنخول ص 245، والمحصول 2/ 1/ 387، والإبهاج 2/ 310، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(10)

ساقط من ز.

(11)

في ز زيادة ما يلي: "الواحد ربع عشر الأربعين لأن".

ص: 48

ربع الأربعة، والأربعة عشر الأربعين، ينتج (1) لك: الواحد ربع عشر الأربعين.

قوله: (أو خبر الله سبحانه)(2)، فإن خبر الله تعالى صدق، لأن ضد (3) الصدق كذب، والكذب نقص، والنقص في حق الله جل جلاله محال.

قوله: (أو خبر الرسول عليه السلام (4) فإن خبر الرسول عليه السلام صدق؛ لأن المعجزات الظاهرة على يده تدل على صدقه قطعًا.

قوله: (أو خبر مجموع الأمة)(5)، لثبوت العصمة لمجموع الأمة، لقوله عليه السلام:"لا تجتمع أمتي على خطأ" كما تقدم في أدلة (6) الإجماع.

قوله: (أو لجمع العظيم عن الوجدانيات في أنفسهم)(7) ومعنى الوجدانيات هي المشاهدات (8) الباطنية التي يجدها الإنسان في نفسه،

(1)"فينتجي" في ز.

(2)

انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 301، والمستصفى 1/ 141، والمعالم ص 234، والإحكام للآمدي 2/ 12، ومختصر ابن الحاجب 2/ 51، والمعتمد 2/ 547، والمحصول 2/ 1/ 387، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(3)

"اضد" في ز.

(4)

انظر: المعتمد 2/ 547، والبرهان فقرة 522، والمنخول ص 245، والإبهاج 2/ 310، وإحكام الفصول 1/ 301، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(5)

انظر: إحكام الفصول 1/ 301، والمعتمد 2/ 547، والبرهان فقرة 522، والمستصفى 1/ 141، والمحصول 2/ 1/ 399، والإحكام للآمدي 2/ 12، ومختصر ابن الحاجب 2/ 51، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(6)

"ازلة" في ز.

(7)

انظر: المحصول 2/ 1/ 399، والإبهاج 2/ 311، ونهاية السول 3/ 60، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(8)

"المشاهدة" في ز.

ص: 49

كالجوع، والعطش، واللذة، والألم، والفرح، والغضب، والنشاط، والكسل، وغير ذلك، مثال ذلك: أن يخبر كل واحد من الجمع العظيم على أنه وجد هذا الطعام شهيًا أو كريهًا، فإنا نقطع بأن ذلك الطعام كما أخبروا به؛ لأن متعلق أخبارهم واحد وهو كونه شهيًا أو كريهًا، وإن كنا لا نقطع بما في نفس كل واحد من تلك الشهوة (1)، أو تلك الكراهة؛ لأن كل واحد لم يخبر عما قام بغيره، وإنما أخبر عن شهوة نفسه أو كراهته (2) القائمة به.

ففي كل واحد منهم خبر واحد لا نقطع (3) به، بخلاف متعلق تلك الشهوة أو الكراهة فإنا نقطع به، فإنه واحد كونه شهيًا أو كريهًا.

قوله: (والقرائن)(4)(5).

حجة القول: بأن القرائن تفيد العلم: أن الإنسان إذا أخبر عن مرضه مع اصفرار وجهه وسقم جسمه وغير ذلك من أحواله الموافقة لخبره (6)، فإنا نقطع بصدقه حينئذ (7).

(1)"الشهوات" في ز.

(2)

"كراهة" في ز.

(3)

"يقطع" في ز.

(4)

"أو القرينة" في ز.

(5)

انظر: إحكام الفصول 1/ 295، والوصول 2/ 150، والمنخول ص 139، والمحصول 2/ 1/ 400، والمعالم ص 236، والإبهاج 2/ 311، ومختصر ابن الحاجب 2/ 55، وشرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

(6)

"بخبره" في ز.

(7)

انظر: شرح القرافي ص 354، والمسطاسي ص 101.

ص: 50

حجة القول بأن القرائن لا تفيد العلم: أنا نقطع بموت زيد، ثم ينكشف الأمر بخلاف (1) ذلك، وأنه فعل ذلك خوفًا من سلطان، أو فعل ذلك لغرض آخر (2).

أجيب عن هذا: بأنا لا نسلم أن الحاصل في هذه الصورة هو العلم، بل الحاصل فيها [هو](3) الاعتقاد الجازم (4)، ونحن لا ندعي أن القرائن تفيد العلم في جميع الصور، بل يحصل العلم في بعضها، [ويحصل الظن في بعضها](5) ويحصل الاعتقاد في بعضها، ونقطع في بعض الصور بحصول العلم وأن الأمر لا ينكشف بخلافه، ومن أنصف (6) وراجع نفسه وجد الأمر كذلك في كثير من الصور.

نعم [و](7) في بعض الصور ليست كذلك، ولا نزاع فيه، وإنما النزاع هل يمكن أن يحصل العلم في صورة أم لا؟ فهم ينفونه على الإطلاق ونحن نثبته في بعض الصور، قاله المؤلف (8)، [وبالله التوفيق بمنه](9)./ 275/

(1)"بخلافه" في ز.

(2)

انظر: شرح القرافي ص 355، والمسطاسي ص 102.

(3)

ساقط من ز.

(4)

انظر تعليق رقم (1) من صفحة 32 من هذا المجلد.

(5)

ساقط من ز.

(6)

"انصاف" في ز.

(7)

ساقط من ز.

(8)

انظر: شرح القرافي ص 355.

(9)

ساقط من ز.

ص: 51