المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلة - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٥

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلة

‌الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلة

ش: هذا الفصل نقيض الفصل الذي قبله.

قوله: (وهو خمسة).

[ش](1) جملتها: النقض، وعدم التأثير [والقلب](2)، والقول بالموجب (3)، والفرق (4)، وهي كلها ظنية.

(1) ساقط من الأصل.

(2)

ساقط من الأصل.

(3)

"بالوجوب" في ط.

(4)

لم يذكر القرافي من قوادح العلة أو الاعتراضات على القياس سوى خمسة، تبعًا لصاحب المحصول، وقد تفاوت الأصوليون في تعداد هذه القوادح، فأوصلها بعضهم إلى خمسة وعشرين، كالآمدي، وابن الحاجب، والاعتراضات منها ما يرجع إلى جملة القياس، ومنها ما يرجع إلى الأصل، ومنها ما يرجع إلى الفرع، ومنها ما يرجع إلى العلة، فلعله اقتصر على الأخيرة.

قال العضد في شرح ابن الحاجب: إن الحصر العقلي في مثل عدد هذه الاعتراضات مشكل، سيما وهو أمر للاصطلاح والمواضعة فيه مدخل. اهـ.

وقال الغزالي في المستصفى بعد أن عد بعض القوادح: وما لم يندرج تحت ما ذكرناه فهو نظر جدلي

فإن لم يتعلق بها فائدة، فينبغي أن تشح على الأوقات أن تضيعها بها، وإن تعلق بها فائدة

فهي ليست من جنس أصول الفقه، فينبغي أن تفرد بالنظر ولا تمزج بالأصول. اهـ.

انظر: المستصفى 2/ 349 - 350، والإحكام للآمدي 4/ 69، والإبهاج 3/ 91، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 257، 258، والروضة ص 339، والمسطاسي ص 154، وشرح حلولو ص 357.

ص: 381

والقادح في العلة أعم من كونه (1) ظنيًا أو قطعيًا، فالقطع مخالفته للنص أو الإجماع (2)، قال القاضي: وكذلك إذا لم يقم دليل (3) على نصبها فإنه يقطع بفسادها (4).

وكذلك إثباتها بطريق العقل دون اعتبار مور [د](5) الشرع، كما يفعله المعتزلة فيما يحل ويحرم عقلاً، فيلحقون الفروع (6) بالأصول على (7) قطعية (8) العقل (9).

قوله: (الأول (10): النقض، وهو وجود الوصف بدون الحكم) (11).

(1)"كونها" في ز، وط.

(2)

انظر: اللمع ص 321.

(3)

"الدليل" في ز.

(4)

"بفسداها" في ط.

(5)

ساقط من ط.

(6)

"الفرع" في ط.

(7)

"عن" في ط.

(8)

"قضية" في ز، وط.

(9)

إلى هنا كلام القاضي، فانظر: شرح المسطاسي 148 - 149.

(10)

"فالأول" في أ.

(11)

انظر هذا القادح في: المعتمد 2/ 822، والبرهان فقرة ص 969، والمحصول 2/ 2/ 323، والروضة ص 342، ومختصر ابن الحاجب 2/ 268، والمنخول ص 404، والإحكام للآمدي 4/ 89، وأصول ابن مفلح 3/ 849، والمسودة ص 412، والمستصفى 2/ 336، والتبصرة ص 466، وتيسير التحرير 4/ 9، وفواتح الرحموت 2/ 277، وجمع الجوامع 2/ 294، والإبهاج 3/ 92، ونهاية السول 4/ 145، واللمع ص 318، والمعالم للرازي ص 286، وشرح القرافي ص 399، وحلولو ص 350.

ص: 382

[ش](1): قوله: (وجود الوصف بدون الحكم)، يعني في صورة أخرى.

مثاله: تعليل وجوب الزكاة بالغنى، فإنه ينتقض بالعقار، فإن فيه الغنى مع عدم الزكاة، فقد وجدنا العلة بدون الحكم.

وكما يرد النقض على العلة، فكذلك (2) يرد على الأدلة والحدود، فإن وجود الدليل بدون المدلول، ووجود الحد بدون المحدود، [نقض عليه (3).

ولا خلاف في أنه قادح في الحد، واختلف في قدحه في العلة والدليل.

فقيل: يقدح في العلل والأدلة كما يقدح في الحد (4)،] (5) وقيل: لا يقدح.

قوله (6): (وفيه أربعة مذاهب.

ثالثها: إن وجد المانع في صورة النقض فلا يقدح، وإِلا قدح.

ورابعها: إِن نص عليها لم يقدح، وإِلا قدح).

ش: قيل: يقدح مطلقًا، [وقيل: لا يقدح مطلقًا] (7) وقيل: يقدح إلا أن يوجد المانع في النقض، وقيل: يقدح إلا أن تكون العلة منصوصة (8).

(1) ساقط من الأصل.

(2)

"وكذلك" في ز.

(3)

انظر: شرح القرافي ص 399، والمسطاسي ص 149.

(4)

"الحدود" في ز.

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(6)

"وقوله" في ط.

(7)

ساقط من ط.

(8)

وهناك أقوال أخرى في المسألة، منها:

1 -

أنه يقدح في المنصوصة دون المستنبطة.

ص: 383

ومعنى كون النقض قادحًا، أي يكون دليلاً على [عدم](1) اعتبار العلة.

ومعنى كونه لا يقدح، أي لا يكون دليلاً على عدم اعتبار العلة.

مثال هذه الأقوال الأربعة: [أن](2) الأمير مثلاً إذا كان يعطي صدقة لكل فقير في كل يوم، وفيهم رجل (3) لا يعطي له في بعض الأيام، فترك العطاء لهذا الرجل، نقض دال على [أن](4) الفقر ليس بعلة للعطاء (5) فيقدح فيه، وقيل: لا يقدح فيه.

والقول الثالث: إن وجد المانع من العطاء (6) كقلة الأدب مع الأمير، أو كون ذلك الرجل مبتدعًا، فلا يقدح [النقض، وإن لم يوجد مانع فيقدح.

والقول الرابع: إن نص الأمير على علة الإعطاء، كقوله: إنما أعطي لهم لأجل فقرهم، فلا يقدح] (7) النقض في عدم تأثير الفقر، وإن لم ينص على

= 2 - أنه يقدح في الحاظرة دون المبيحة.

3 -

أنه يقدح إلا أن يرد على جميع المذاهب.

وانظر: المحصول 2/ 2/ 323، وجمع الجوامع 2/ 297، ونهاية السول 4/ 148، والإبهاج 3/ 93، والمعتمد 2/ 822، والمسطاسي ص 149، وحلولو ص 350 - 351.

(1)

ساقط من ط.

(2)

ساقط من الأصل.

(3)

"رجلاً" في الأصل.

(4)

ساقط من ط.

(5)

"للإعطاء" في ط.

(6)

"الإعطاء" في ط.

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

ص: 384

ذلك [قدح](1).

حجة القول بأن النقض (2) يقدح في العلة مطلقًا، أي يمنع من اعتبار العلة: أن الوصف إما أن يكون علة أو مستلزمًا لها، أو لا يكون علة ولا مستلزمًا لها، فلو كان علة أو مستلزمًا لها لثبت الحكم معه في جميع صوره، وإن لم يكن الوصف علة ولا مستلزمًا لها لكان الوصف وحده (3) ليس بعلة، حتى ينضاف (4) إليه غيره، والمقدر أنه علة، هذا خلف (5).

حجة القول بأن النقض (6) لا يقدح، أي لا يمنع من اعتبار العلة مطلقًا وجهان:

أحدهما (7): أن الموجب (8) لعلية الوصف هو (9) المناسبة، والمناسبة تقتضي أن يثبت الحكم معها حيثما وجدت، [وقد وجدت](10) فيما عدا صورة النقض، فوجب أن يثبت الحكم معها و [إن](11) لم يوجد معها في صورة

(1) ساقط من ط.

(2)

"النص" في ز.

(3)

"وحدها" في ط.

(4)

"يضاف" في ز، وط.

(5)

كذا في النسخ الثلاث، وفي شرح المسطاسي ص 149، أما شرح القرافي ص 399، ففيه: وهذا خلف، والمعنى: والمقدر أن الوصف علة فإذا لم يكن علة بل كان جزء علة صار الوصف غير صالح للتعليل به.

(6)

"النص" في ز.

(7)

"وأحدهما" في ز.

(8)

"الموجوب" في ز.

(9)

"هي" في الأصل.

(10)

ساقط من ز، وط.

(11)

ساقط من ز، وط.

ص: 385

النقض (1).

الوجه الثاني: أن العلة أمارة على الحكم، فجاز تخصيصها، بمنزلة العام، وتكون العلة كالعام المخصوص إذا خرجت منه بعض الصور، فإنه يبقى حجة فيما عدا صورة التخصيص، سواء علم موجب التخصيص أم لا.

ولأجل هذا قال كثير من الأصوليين: النقض تخصيص للعلة (2).

قال المؤلف: وهذا هو المذهب المشهور (3).

حجة القول بالفرق بين وجود المانع من الحكم في صورة النقض وعدم المانع: أن الفرق إذا وجد في صورة النقض كان ذلك الفارق مانعًا من ثبوت الحكم مع العلة في صورة النقض، أما إذا لم يوجد فارق (4) كان عدم الحكم في صورة [النقض](5) منافيًا لعدم علية الوصف [لا](6) لقيام (7) المانع فلا يكون الوصف علة (8).

حجة القول بالفرق بين التنصيص على العلة وعدم التنصيص: أن

(1) انظر: شرح القرافي ص 400، والمسطاسي ص 149.

(2)

انظر: المعتمد 2/ 822، والمحصول 2/ 2/ 323، والإحكام للآمدي 3/ 218، والإبهاج 3/ 98 - 99، وشرح القرافي ص 400، والمسطاسي ص 149.

(3)

انظر: شرح القرافي ص 400.

(4)

"فإن" في الأصل.

(5)

ساقط من ز، وط.

(6)

ساقط من ط.

(7)

"القيام" في ط.

(8)

انظر: شرح القرافي ص 400.

ص: 386

الوصف إذا نص على كونه علة تعين الانقياد لنص صاحب الشرع، وهو أعلم بالمصالح فلا عبرة بالنقض مع نص صاحب الشرع بل النص مقدم، أما إذا لم يوجد نص فإنه يتعين أن الوصف ليس بعلة، لأنه لو كان علة لثبت الحكم معه في جميع صوره، وليس فليس (1).

قوله: (وجواب النقض (2) إِما بمنع (3) وجود الوصف في صورة النقض أو بالتزام الحكم فيها).

ش: لما كان النقض مركبًا من شيئين: أحدهما: وجود الوصف في صورة النقض، والثاني: عدم الحكم فيها، كان انتفاء أحدهما مانعًا من النقض؛ لأن الماهية المركبة من شيئين تنتفي بانتفاء أحدهما، فإذا عدم الوصف من صورة النقض، أو وجد الحكم فيها،/ 312/ لم يرد النقض (4).

مثال عدم الوصف من صورة النقض: أن يختلف في الوقف هل يفتقر (5) إلى القبول أم لا؟

فنقول (6): الوقف عقد (7) ينقل [ا](8) لملك، فوجب أن يفتقر إلى القبول

(1) انظر: شرح القرافي ص 400.

(2)

"النض" في ط.

(3)

"ما يمنع" في أ.

(4)

انظر: المحصول 2/ 2/ 343، والإحكام للآمدي 4/ 89 - 90، وجمع الجوامع 2/ 299، والمنخول ص 409، ومختصر ابن الحاجب 2/ 268، والروضة ص 342، والإبهاج 3/ 109، 114، وشرح القرافي ص 400، والمسطاسي ص 150، وحلولو ص 352 - 353.

(5)

غير واضحة في ز، وتقرب من:"يقتضي".

(6)

"فيقول" في الأصل.

(7)

"عدل" في ط.

(8)

ساقط من ز.

ص: 387

قياسًا على البيع.

فيقول المعترض (1): هذا منقوض بالعتق، لأنه عقد ينقل [ا](2) لملك، مع أنه لا يفتقر إلى القبول باتفاق.

فيقول المجيب: لا نسلم أن العتق نقل، بل هو إسقاط كالطلاق، والإسقاط لا يفتقر إلى القبول، بخلاف النقل والتمليك.

وسيأتي الفرق بين النقل والإسقاط في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى في قول المؤلف: الفصل الثاني في تصرفات المكلفين في الأعيان، وهي: إما نقل، أو إسقاط، أو قبض أو إقباض، إلى آخر كلامه هنالك (3).

ومثال آخر لعدم الوصف من صورة النقض: أن يختلف في الوضوء، هل يفتقر إلى نية أم لا؟

فيقول المستدل: الوضوء طهارة من حدث، فيفتقر إلى نية، قياسًا على التيمم.

فيقول المعترض: هذا ينتقض بإزالة النجاسة، لأنه وجد فيه الوصف، وهو الطهارة، مع أنه لا يفتقر إلى نية.

ويقول المجيب: لا نسلم وجود الوصف في زوال النجاسة؛ لأن الوصف

(1) في ز: "المخالف المعترض"، وفي ط:"المخالف".

(2)

ساقط من ز.

(3)

انظر: مخطوط الأصل صفحة 367، وصفحة 277 من المجلد السادس من هذا الكتاب، وشرح القرافي ص 455.

ص: 388

المعلل به في الوضوء هو (1) الطهارة من الحدث لا الطهارة المطلقة، فما به الاشتراك غير ما به الامتياز، لأن زوال النجاسة طهارة الخبث، والوضوء طهارة الحدث.

ومثال وجود الحكم في صورة النقض: أن يختلف في وجوب الزكاة فيما توالد بين الغنم والظباء، وفي ذلك في مذهبنا ثلاثة أقوال، أشار إليها ابن الحاجب فقال في كتاب الزكاة: وفي المتولد منها ومن الوحش، ثالثها: إن كانت الأمهات من النعم (2)، وجبت (3).

فيقول المستدل: هذا حيوان توالد بين حيوانين لا زكاة في أحدهما فلا تجب فيه الزكاة.

فيقول المعترض: هذا ينتقض بما توالد بين السائمة والمعلوفة، لأنه حيوان توالد بين حيوانين لا تجب الزكاة في أحدهما، وهي المعلوفة.

فيقول المجيب: لا نسلم أن المعلوفة لا تجب فيها (4) الزكاة بخلاف الظباء.

قوله: (الثاني: عدم التأثير، وهو أن يكون الحكم موجودًا مع وصف، ثم يعدم ذلك الوصف ويبقى الحكم، فيقدح، بخلاف العكس، وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى، فلا يقدح؛ لأن العلل الشرعية يخلف

(1)"وهو" في ط.

(2)

"الغنم" في ط.

(3)

انظر: فروع ابن الحاجب ورقة 20/ ب، من مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.

(4)

"فيه" في ز، وط.

ص: 389

بعضها بعضا).

ش: ذكر المؤلف ها هنا عدم التأثير (1)، ثم أدرج في (2)[هذا](3) دالاً آخر، وهو المعبر عنه بالعكس (4).

مثال عدم التأثير: تعليل تحريم الخمر بغليانه في دنه (5)، أو بلون خاص، ثم زال غليانه، [أ](6) وتغير لونه المعلل به إلى لون آخر، مع كون تحريمه باقيًا، فهذا عدم التأثير، وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة واحدة، فإن ذلك يدل على عدم تأثير ذلك الوصف لذلك التحريم؛ إذ لو كان ذلك الوصف علة لذلك الحكم، لكان ذلك الحكم معدومًا عند عدم ذلك (7) الوصف.

(1) انظر عدم التأثير في: المعتمد 2/ 789، وكتاب القياس الشرعي لأبي الحسين 2/ 1040، واللمع ص 317، والبرهان فقرة 1004، والمحصول 2/ 2/ 355، وأصول ابن مفلح 3/ 843، والمنخول ص 411، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 125، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 265، والإبهاج 3/ 119، وتيسير التحرير 4/ 134، 151، والوجيز للكرماستي ص 195 - 196، وروضة الناظر ص 349، وجمع الجوامع 2/ 307، ونهاية السول 4/ 183، والإحكام للآمدي 4/ 85، والمعالم للرازي ص 285، وشرح القرافي ص 401، والمسطاسي ص 150، وحلولو ص 353.

(2)

"فيها" في ز، وط.

(3)

ساقط من ز، وط.

(4)

انظر: المحصول 2/ 2/ 355، والإبهاج 3/ 119، والبرهان فقرة 1005، 1019، ونهاية السول 4/ 183، وأصول الشاشي ص 350، والمغني للخبازي ص 324، والمسطاسي ص 150، وحلولو ص 354.

(5)

"دهنه" في ز، وط. والدن: وعاء عظيم لا قاعدة له يستقر عليها، فلذا يحفر له حتى يثبت، انظر القاموس مادة:"دن". والمخصص لابن سيده 11/ 83.

(6)

ساقط من ز.

(7)

تستقيم العبارة بدون الإسراف في تكرار "ذلك".

ص: 390

قوله: (بخلاف العكس)، هذا هو دال آخر، وهو في المعنى رابع، وإن جعله المؤلف ثالثًا في اللفظ (1)، وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى، وهو عكس النقض الذي تقدم أولاً؛ لأن النقض معناه: وجود الوصف بدون الحكم في صورة أخرى.

وأما العكس فمعناه: وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى.

وأما عدم التأثير فمعناه: وجود الحكم بدون الوصف في صورة واحدة.

مثال النقض: تعليل الزكاة بالغنى، ثم يعترض عليه بالعقار كما تقدم.

ومثال عدم التأثير: تعليل الخمر بلون خاص، ثم يزول ذلك اللون ويبقى التحريم، كما تقدم [أيضًا](2).

ومثال العكس، وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى: تعليل الحد بالقذف؛ لأنه يعترض عليه بحد الزنا وحد الشرب، فهذا الاعتراض لا يرد؛ لأن العلل الشرعية يخلف بعضها بعضًا.

ومثال العكس أيضًا: تعليل وجوب الغسل بالإنزال، فيعترض عليه بوجوب الغسل من الإيلاج والحيض، فلا يرد هذا الاعتراض؛ لأن العلل

(1) لم يتضح لي معنى قوله: (رابع في المعنى) لأنه لم يسبق من القوادح إلا اثنان، النقض، وعدم التأثير: فلعله تبع المسطاسي في هذه العبارة، والمسطاسي قد استطرد عند كلامه على النقض فأورد الكسر، وهو قادح قريب من النقض ذكره كثير من الأصوليين، وهو تخلف الحكم عن معنى العلة، والمقصود بمعنى العلة: الحكمة، وعلى هذا تكون أربعة: النقض، والكسر، وعدم التأثير، والعكس، انظر: شرح المسطاسي ص 151، والإحكام للآمدي 3/ 230.

(2)

ساقط من ز، وط.

ص: 391

الشرعية يخلف بعضها بعضًا.

قال المؤلف في شرحه: قال سيف الدين الآمدي: يرد سؤال النقض ولا يرد سؤال العكس، إلا أن يتفق المتناظران (1) على اتحاد (2) العلة في النقض والعكس (3).

قال المؤلف: وكثيرًا ما يغلط طلبة العلم في إيراد العكس، فإنهم يوردونه كما يوردون النقض، وهو غلط؛ لأن (4) العلل الشرعية يخلف بعضها بعضًا.

فقد ظهر الفرق (5) بين النقض والعكس وعدم التأثير. انتهى نصه (6).

فالنقض وعكسه (7) في صورتين، وعدم التأثير في صورة واحدة، [اعلم ذلك](8).

قوله: (الثالث: القلب، وهو إِثبات نقيض الحكم بعين العلة، كقولنا في

(1)"المنتظران" في ز.

(2)

"الحاد" في ز.

(3)

كذا في النسخ الثلاث، والذي في شرح القرافي ص 401، على اتحاد العلة فيرد النقض والعكس، وهو أكثر وضوحًا مما هنا؛ لأن العكس - كما قال الآمدي - لا يرد إلا إذا كان جنس المعلل ليس له إلا علة واحدة، أما إذا كان معللاً بعلل، له في كل صورة علة فلا يرد.

فمعنى اتحاد العلة هنا ألا يكون له إلا علة واحدة. وانظر: الإحكام للآمدي 3/ 235.

(4)

"فإن" في ز، وط.

(5)

"النقض" في ط.

(6)

انظر: شرح القرافي ص 401.

(7)

"والعكس" في ز.

(8)

ساقط من ز، وط.

ص: 392

الاعتكاف: لبث في مكان مخصوص، فلا يستقل بنفسه، [قياسًا على](1) الوقوف (2) بعرفة، فيكون الصوم شرطًا فيه (3).

فيقول السائل: لبث في مكان مخصوص، فلا يكون الصوم شرطًا [فيه](4)، كالوقوف بعرفة.

وهو إِما [أن](5) يقصد به (6) إِثبات مذهب السائل، [أ](7) وإِبطال مذهب المستدل (8)، فالأول كما سبق، والثاني كما يقول الحنفي:[مسح الرأس](9) ركن من أركان الوضوء، فلا يكفي فيه أقل ما يمكن،

(1) ساقط من ش.

(2)

"كالوقوف" في ش.

(3)

الخلاف في اشتراط الصوم في الاعتكاف مشهور بين الصحابة ومن بعدهم، وذلك راجع لورود الأحاديث بالصوم وعدمه، وممن قال باشتراط الصوم: ابن عمر وابن عباس وعائشة، وأخذ به عروة بن الزبير والزهري والأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة، وهو رواية عن أحمد.

وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود: لا يشترط الصوم، وأخذ بهذا الحسن البصري وأبو ثور وداود والشافعي، وهو الرواية المشهورة عن أحمد، وعليها أكثر أصحابه. انظر المغني لابن قدامة 3/ 185 - 186، وبداية المجتهد 1/ 315، وبدائع الصنائع 2/ 108، وروضة الطالبين 2/ 393، والمجموع شرح المهذب 6/ 487.

(4)

ساقط من ز، وط.

(5)

ساقط من أ.

(6)

"فيه" في الأصل.

(7)

ساقط من ز.

(8)

المقصود بالسائل في عرف الجدليين هو المعترض على الدليل، والمستدل هو المنتصب لإثبات الدعوى بالدليل.

(9)

ساقط من أ، وفي ح، وش:"المسح".

ص: 393

أصله (1) الوجه (2).

ويقول (3) الشافعي: ركن من أركان الوضوء، فلا يقدر بالربع، أصله (4) الوجه).

ش: تكلم المؤلف ها هنا على الثالث من مبطلات العلة، وهو القلب (5) ، أي قلب العلة إلى حكم آخر، فقسمه المؤلف إلى قسمين:

أحدهما: يقصد به إثبات مذهب السائل.

(1)"اطه" في ز.

(2)

مذهب أبي حنيفة في مسح الرأس الاكتفاء بقدر الربع منه، وهو قول زفر، وذكر الكرخي والطحاوي عن بعض الحنفية أنه يقدر بمقدار الناصية، وقال بعضهم: يقدر بثلاثة أصابع، والمشهور عند الشافعية أنه يكفي ما يطلق عليه الاسم.

أما مالك، وظاهر مذهب أحمد فيجب التعميم، وخص به أحمد الرجل دون المرأة.

انظر: مذاهب العلماء وما استدل به كل فريق في المغني 1/ 125، والشرح الصغير للدردير 1/ 168، وروضة الطالبين 1/ 53، وبدائع الصنائع 1/ 4.

(3)

في أ: "يقول"، بدون الواو، وفي خ، وش:"فيقول".

(4)

"اطه" في ز.

(5)

انظر هذا القادح في:

المعتمد 2/ 819، وكتاب القياس الشرعي لأبي الحسين 2/ 1040، واللمع ص 319، والتبصرة ص 475، والبرهان فقرة 1032، والمنخول ص 414، والمحصول 2/ 2/ 357، والإحكام للآمدي 4/ 105، والإبهاج 3/ 136، ومختصر ابن الحاجب 2/ 278، والجدل لابن عقيل ص 62، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 202، والروضة ص 344، وأصول ابن مفلح 3/ 871، وجمع الجوامع 2/ 311، والمغني للخبازي ص 322، وشرح القرافي ص 401، والمسطاسي ص 151، وحلولو ص 354.

ص: 394

والآخر: يقصد به إبطال مذهب المستدل (1).

فالأول: قياس الاعتكاف على الوقوف بعرفة، لأن فيه إثبات مذهب السائل، وهو القالب (2).

والثاني: وهو ما يقصد به إبطال مذهب المستدل: أن الحنفي يقول: مسح الرأس ركن من أركان الوضوء فلا يكفي فيه أقل ما يسمى مسحًا، كما قاله الشافعي،/ 313/ قياسًا على الوجه.

فقول الحنفي: لا يكفي (3) فيه أقل ما يسمى مسحًا، فيه إبطال مذهب المستدل، و [هو](4) الشافعي، وليس فيه ما يثبت (5) مذهب الحنفي القائل بإيجاب مسح الربع؛ لأن قوله: لا يكفي (6)[فيه](7) أقل ما يمكن، أعم من إيجاب الربع، كما قاله الحنفي، ومن إيجاب مسح الجميع، كما قاله مالك رحمه الله، والدال على الأعم غير دال على الأخص.

وكذلك قول الشافعي: مسح الرأس ركن من أركان الوضوء فلا يقدر بالربع، أصله الوجه، فيه [أيضًا](8) إبطال مذهب الحنفي القائل بإيجاب

(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 361، والإبهاج 3/ 137، ونهاية السول 4/ 212، والإحكام للآمدي 4/ 109، وأصول ابن مفلح 3/ 871، وجمع الجوامع 2/ 314، ومختصر ابن الحاجب 2/ 278، وحلولو ص 354.

(2)

"القلب" في الأصل.

(3)

"يكتفى" في ز.

(4)

ساقط من ط.

(5)

"ثبت" في ز.

(6)

"يكتفى" في ز.

(7)

ساقط من الأصل.

(8)

ساقط من الأصل.

ص: 395

الربع، وليس فيه إثبات مذهب الشافعي القائل بأقل ما يسمى مسحًا، لأن قوله: لا يقدر بالربع أعم من إيجاب أقل المسح، كما قاله الشافعي، ومن إيجاب جميع (1)[الرأس](2)، كما قاله مالك رضي الله عنهم (3)[جميعًا](4)، والدال على الأعم غير دال على الأخص.

والمراد بالسائل في كلام المؤلف هو القالب، وإنما جعل القلب مبطلاً للعلة؛ لأن القالب إذا أثبت (5) نقيض الحكم في صورة النزاع كان ذلك مبطلاً للعلة، وإلا للزم (6) اجتماع النقيضين في صورة النزاع (7).

قوله: (الرابع: القول بالموجب (8)، وهو تسليم ما ادعاه المستدل موجب علته، مع بقاء الخلاف في صورة النزاع).

[ش:](9) تكلم المؤلف ها هنا على الرابع من مبطلات العلة، وهو القول بالموجب (10)، والموجب هو بفتح الجيم، وهو اسم مفعول، وهو ما توجبه

(1)"الجميع" في ز، وط.

(2)

ساقط من ز، وط.

(3)

"عنه" في ز، وط.

(4)

ساقط من ز، وط.

(5)

"إذا ثبت" في ز، وط.

(6)

"لزم" في ز، وط.

(7)

انظر: شرح القرافي ص 402، والمسطاسي ص 152.

(8)

"الموجب" في ط.

(9)

ساقط من الأصل.

(10)

انظر: المعتمد 2/ 821، والبرهان فقرة 965 وما بعدها، والمنخول ص 402، والمحصول 2/ 2/ 365، والإبهاج 3/ 141، والإحكام للآمدي 4/ 111، ونهاية السول 4/ 222، ومختصر ابن الحاجب 2/ 279، وشرح القرافي ص 402، وتيسير التحرير 4/ 124، وفواتح الرحموت 2/ 356، والمغني للخبازي =

ص: 396

العلة، أي الحكم الذي أوجبته العلة أو الدليل (1).

وإنما جعل المؤلف القول بالموجب مبطلاً للعلة، باعتبار صورة النزاع خاصة، وإلا فالعلة صحيحة مسلمة، وحكمها صحيح مسلم أيضًا، وإنما بطلانها باعتبار صورة النزاع خاصة، وذلك أن المستدل بها أراد أن يثبت الشيء المتنازع فيه، فإذا هو قد أثبت غيره، بمنزلة الرامي إذا رمى فأخطأ الغرض، فإن ذلك لا يقدح، فكذلك ها هنا، الاستدلال صحيح، وإنما فسد من جهة كونه حاد (2) عن محل النزاع (3).

مثال القول بالموجب: القاتل في الحرم، يقول المستدل: هذا شخص انصدر (4) منه القتال فوجب عليه القصاص، قياسًا على الحل.

= ص 315، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 186، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 876، وروضة الناظر ص 350، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 189، وشرح القرافي ص 402، والمسطاسي ص 153، وحلولو ص 355.

(1)

وبكسر الجيم هو نفس العلة أو الدليل، وانظر: شرح حلولو ص 355.

(2)

"حادا" في الأصل، وط.

(3)

انظر: البرهان، فقرة 965.

(4)

كذا في النسخ الثلاث، وبناء الفعل بهذه الصورة لم أجد له تعليلاً؛ لأن بناء:"انفعل" من أبنية المطاوعة، وهي لا تكون إلا من المتعدي، نحو: دفعته فاندفع، وقطعته فانقطع.

والفعل هنا وهو "صدر" لازم، نقول: صدر القتل من القاتل، ولا يصاغ منه مطاوعة، إلا إذا حولنا الفعل إلى أصدر، فإن مطاوعه يكون فَعَلَ، تقول: أصدرت الأمر فصدر، وأذهبت الحزن فذهب، وأجلست الرجل فجلس. انظر: التبصرة والتذكرة للصيمري 2/ 752 - 753.

ص: 397

فيقول المعترض: سلمنا في وجوب القصاص عليه، لكن لا نسلم في الاقتصاص [منه في الحرم حتى يخرج إلى الحل (1). فالذي ادعاه المستدل من وجوب القصاص عليه مسلم فيه، وصورة النزاع باقية](2).

ومثاله أيضًا قول المستدل: المحرم لا يُغَسل ولا يُطَيب، لقوله عليه السلام في محرم وقصت (3) به ناقته:"لا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم (4) القيامة ملبيًا"(5)(6).

فيقول المعترض: ليس النزاع في ذلك المحرم الذي ورد فيه النص، وإنما

(1) للفقهاء هنا ثلاثة أقوال هي:

1 -

أنه يقتص منه في الحرم، سواء جنى في الحرم أو خارجه ثم لجأ إليه.

2 -

أنه لا يقتص منه في الحرم مطلقًا.

3 -

التفصيل بين أن يفعل الجناية في الحرم فيقتص منه، أو يفعل الجناية خارج الحرم ثم يلجأ إلى الحرم فلا يقتص منه حتى يخرج، انظر: حاشية ابن عابدين 6/ 547، وروضة الطالبين 9/ 224، والمغني 8/ 236 - 239، والشرح الصغير للدردير مع حاشية الصاوي عليه 7/ 57.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

(3)

"أي عثرت" زيادة في ز، وط.

(4)

"قوم" في ز.

(5)

هذا قول الشافعية والحنابلة، وأما المالكية والحنفية فقالوا: المحرم يفعل به ما يفعل بغيره، من حنوط وطيب ونحوهما. والخلاف راجع إلى الخلاف في الموت هل يقطع الإحرام أم لا؟

انظر: بداية المجتهد 1/ 232، والمغني 2/ 537، وروضة الطالبين 2/ 107، والمبسوط 2/ 52 - 53.

(6)

هذا المثال أورده القرافي في شرحه ص 402، مثالاً على القول بالموجب في النصوص لأن القول بالموجب يدخل في العلل والنصوص وسائر ما يستدل به.

وانظر: شرح حلولو ص 355، 356.

ص: 398

النزاع في غيره؛ لأن ذلك النص ليس فيه عموم يتناول غيره، فلا يضرنا ذلك.

ومثاله أيضًا: استدلال الشافعي على وجوب العمرة بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (1)، فإن الأمر للوجوب (2).

ويقول (3) مالك: سلمنا أنها واجبة في إتمامها، وإنما النزاع في إنشائها، ودليل مالك على عدم وجوبها: قوله عليه السلام: "بني الإسلام على خمس"(4) فذكر الحج ولم يذكر العمرة.

[و](5) مثاله أيضًا: قول القائل: تجب الزكاة في الخيل؛ لأنه حيوان يسابق عليه، فتجب الزكاة فيه كالإبل.

فيقول المعترض: أقول بموجب هذه العلة، ولكن تجب الزكاة فيها إذا كانت للتجارة، وإنما محل النزاع هل تجب الزكاة في رقابها من حيث هي

(1) البقرة: 196.

(2)

هذا مذهب الشافعي في الجديد، وهو مشهور الحنابلة، أما الحنفية فقالوا: العمرة واجبة، والواجب عندهم ما احتمل الفرض والتطوع فيحتاط فيه.

وأما المالكية فالعمرة عندهم سنة مؤكدة آكد من الوتر. انظر: بدائع الصنائع 2/ 226، والشرح الصغير 2/ 295، وبداية المجتهد 1/ 322، والمغني 3/ 223، وروضة الطالبين 3/ 17.

(3)

"فيقول" في ز، وط.

(4)

حديث صحيح أخرجه البخاري وغيره من حديث ابن عمر، فانظره في البخاري في كتاب الإيمان برقم 8، وفي مسلم في الإيمان برقم 16، وفي الترمذي في الإيمان أيضًا برقم 2609.

(5)

ساقط من ط.

ص: 399

خيل (1)؟ (2).

قوله: (الخامس: الفرق، وهو إِبداء معنى مناسب للحكم في إِحدى (3) الصورتين مفقود في الأخرى (4)، وقدحه مبني على أن الحكم لا يعلل بعلتين، لاحتمال أن يكون الفارق إِحداهما، فلا يلزم من عدمه عدم الحكم لاستقلال الحكم بإِحدى العلتين).

ش: هذا هو الخامس من مبطلات العلة، وهو الفرق بين الأصل والفرع (5).

قوله: (مناسب للحكم)، يريد الحكم المدعى، احترازًا من غير المناسب

(1) أورد القرافي هذا المثال مثالاً لدخول القول بالموجب في العلل، فانظر شرحه ص 402.

(2)

القول بإيجاب الزكاة في الخيل هو قول أبي حنيفة، ويشترط أن تكون سائمة، وأن إسامتها للدر والنسل، وأن تكون مختلطة ذكورًا وإناثًا.

أما إن كانت ذكورًا أو إناثًا، فعنه روايتان: وأما إن كانت غير سائمة أو كانت إسامتها للركوب والجهاد ونحوهما، فلا زكاة فيها.

والصاحبان يقولان: لا زكاة فيها كيف كانت، وهو مذهب الجمهور، ويستثنى من قولهم ما إذا كانت للتجارة؛ لأنها حينئذ عروض.

انظر: بدائع الصنائع 2/ 34، والهداية 1/ 100، والشرح الصغير للدردير مع حاشية الصاوي 2/ 95، والمغني 2/ 620، وروضة الطالبين 2/ 151.

(3)

"أحد" في أ، وط.

(4)

"الآخر" في أ، وط، وز.

(5)

انظر هذا القادح في: البرهان فقرة 1065، والمحصول 2/ 2/ 367، والمنخول ص 417، والإبهاج 3/ 144، ونهاية السول 4/ 230، ومختصر ابن الحاجب 2/ 276، والإحكام للآمدي 4/ 103، وجمع الجوامع 2/ 319، وشرح القرافي ص 403، والمسطاسي ص 153، وحلولو ص 356.

ص: 400

أصلاً، ومن المناسب لغير الحكم المدعى (1)، فهذا المعنى الذي يقع به الفرق إذًا ثلاثة أقسام:

أحدها: غير مناسب.

والثاني: مناسب للحكم المدعى.

والثالث: مناسب لغير الحكم المدعى (2).

مثال الفرق بالمعنى الذي هو غير مناسب أصلاً: قياس الأرز على البر في منع التفاضل بجامع الطعم أو القوت.

ثم يقول المعترض: الفرق بينهما أن الأرز أشد بياضًا وأيسر تقشيرًا من سنبله من البر، فهذا الفرق لا عبرة به لعدم المناسبة فيه.

ومثال الفرق بالمعنى المناسب للحكم المدعى: قياس الهبة على البيع في منع الغرر، فإن المستدل يقول: عقد ينقل الملك فلا يجوز فيه الغرر قياسًا على البيع (3).

فيقول المعترض: الفرق بينهما أن البيع عقد معاوضة والمعاوضة مكايسة (4) يخل بها الغرر، بخلاف الهبة فإنها عقد مكارمة وإحسان محض، فلا يخل بها

(1) انظر: شرح القرافي ص 403.

(2)

انظر الأقسام الثلاثة وأمثلتها في: شرح القرافي ص 403، والمسطاسي ص 153 - 154.

(3)

جاء في هامش الأصل ما يلي: "انظر حكم الجهل في الهبة".

(4)

من الكيس وهو العقل، ومنه الحديث "الكيس من دان نفسه"، والمكايسة هي المغالبة بالعقل والكياسة، انظر: القاموس، والصحاح، مادة:"كيس".

ص: 401

الغرر، ولأن الموهوب (1) له إذا لم يحصل له شيء فلا يتضرر به، بخلاف المشتري، وهذا هو الفرق المعتبر.

ومثال الفرق بالمعنى المناسب لحكم آخر خلاف (2) الحكم المدعى: قياس المساقاة على القراض في جواز المعاملة على جزء مجهول.

فيقول المعترض: الفرق بينهما أن الشجر إذا ترك العمل فيها هلكت، بخلاف النقدين، فهذا ليس بمناسب للحكم المدعى، وهو جواز المساقاة، وإنما هو مناسب للزوم عقد المساقاة لا لجوازه، فإن القول (3) بجواز عقد المساقاة يؤدي إلى جواز رده بعد مدة من غير عمل فتهلك الشجر.

أما باعتبار الغرر فلا مدخل لمناسبة هذا الفرق فيه.

قوله: (وقدحه مبني على أن الحكم لا يعلل بعلتين ..) إلى آخره، يعني أن تأثير الفرق في بطلان (4) العلة إنما ذلك على القول بأن الحكم الواحد لا يعلل بعلتين.

أما إذا قلنا بأن الحكم في الأصل المقيس عليه معلل (5) بعلتين، فوجدت إحداهما في الفرع دون الأخرى، فإن عدم العلة الأخرى [من](6) الفرع (7) لا

(1)"الموهب" في ز.

(2)

"بخلاف" في ز.

(3)

"العقد" في ط.

(4)

"مطلق" في ز، وط.

(5)

"يعلل" في ز، وط.

(6)

ساقط من ز.

(7)

"للفرع" في ز.

ص: 402

يضر (1).

مثال ذلك: إذا عللنا إجبار الأب/ 314/ [بالصغر](2) والبكارة.

فإذا انفردت البكارة في المعنسة ثبت الجبر، أو انفرد الصغر في الثيب الصغيرة ثبت الجبر.

فإذا أورد (3) المعترض الفرق بوجود أحد الوصفين في الأصل دون الفرع لم يرد، لأنه علة أخرى في الأصل، ولا يضر عدمها من الفرع لاشتراكهما (4) في العلة الأخرى، فإن عدم إحداهما لا يمنع ترتب الحكم على الأخرى.

فلأجل هذا قال الإمام: وقدحه مبني على أن الحكم الواحد (5) لا يعلل بعلتين؛ لاحتمال أن يكون الفارق إحداهما (6)(7).

قال المؤلف في الشرح: وعليه إشكال؛ لأن الجمهور على جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين، والجمهور أيضًا على سماع الفرق، فكيف هذا البناء؟

(1) انظر: شرح القرافي ص 403، والمسطاسي ص 154.

(2)

مطموسة في الأصل.

(3)

"اراد" في ط.

(4)

"لاشتراكها" في ز، وط.

(5)

"الوحد" في ز.

(6)

"احدهما" في ط.

(7)

عبارة الفخر الرازي في المحصول 2/ 2/ 367: والكلام فيه مبني على أن تعليل الحكم الواحد بعلتين، هل يجوز أم لا؟ اهـ.

والنص الذي أورده الشوشاوي هنا هو عبارة القرافي في المتن كما سبق، وانظر: شرح القرافي ص 403، 404، والمسطاسي ص 154.

ص: 403

لأن ذلك يقتضي بطلان قوله: سماع [الفرق](1) ينافي تعليل الحكم بعلتين.

والجواب: أن الفرق قد يستقل بالعلة كالصغر مع البكارة، وقد لا يستقل كما نفرق بزيادة (2) المشقة وزيادة الغرر من باب صفة الصفة التي لا تصلح للتعليل المستقل.

فما (3) لا يصلح للاستقلال يمكن أن يسمع مع جواز التعليل بعلتين، فاتجه ما قاله الإمام.

وذلك أن ما يصلح (4) للاستقلال لا يمكن إيراده (5) إذا جوزنا التعليل بعلتين، وبالله التوفيق (6)(7).

(1) ساقط من ز، وط.

(2)

في الأصل: "كما نفرق بين زيادة".

(3)

"بما" في ز.

(4)

"ما لا يصلح" في ز.

(5)

عبارة الأصل: "لا يمكن أن يراده".

(6)

"بمنه" زيادة في ز، وط.

(7)

انظر: شرح القرافي ص 404.

ص: 404