الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في الدال على العلة
ش: أي فيما يدل (1) على [العلة](2) الجامعة بين الأصل والفرع، لأن كل علة لا بد لها من دليل يدل عليها، كما أن كل حكم لا بد له من دليل يدل عليه.
قوله: (وهو ثمانية: النص، والإِيماء، والمناسبة، والشبه، والدوران (3)، والسبر، والطرد، وتنقيح المناط).
ش: زاد بعضهم تاسعًا وهو الإجماع (4).
(1) في ز، وط:"أي في بيان ما يدل".
(2)
ساقط من ز.
(3)
"والدورار" في ز.
(4)
وزاد بعضهم عاشرًا، وهو التأثير، ولم يتعرض المؤلف ولا الشوشاوي لهما. فانظر الإجماع في: اللمع ص 312، وأصول ابن مفلح 3/ 764، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 21، والمستصفى 2/ 293، والإحكام للآمدي 3/ 251، وشرح حلولو ص 338، وفواتح الرحموت 2/ 295، وتيسير التحرير 4/ 39، وإحكام الفصول 2/ 750، والمحصول 2/ 2/ 191.
وانظر التأثير في: اللمع ص 314، والمحصول 2/ 2/ 275، وتيسير التحرير 4/ 48، ومختصر ابن الحاجب 2/ 243، والمستصفى 2/ 297، وإحكام الفصول 2/ 769.
قوله: (فالنص (1) على العلة (2) ظاهر) (3).
ش: نحو قول (4) الشارع (5): العلة كذا، أو إنما (6) فعلته لأجل كذا.
ومنه قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} (7).
ومنه قوله عليه السلام: "إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة التي دفت عليكم".
ومنه قوله عليه السلام: "إنما جعل الاستئذان من أجل (8) البصر"(9).
قوله: (و (10) الإِيماء (11) خمسة).
(1)"فالأول النص" في ش.
(2)
"وهو" زيادة في نسخ المتن.
(3)
انظر مسلك النص في: المحصول 2/ 2/ 193، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 9، والمعتمد 2/ 775، والإبهاج 3/ 46، والمعالم للرازي ص 281، وفواتح الرحموت 2/ 295، وشرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
(4)
"قال" في ط.
(5)
"الشاعر" في ز.
(6)
"وانما" في ز.
(7)
المائدة: 32.
(8)
"لأجل" في ز وط.
(9)
حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث سهل بن سعد الساعدي، وهذا اللفظ موافق للفظ البخاري، فانظر كتاب الاستئذان من صحيح البخاري الحديث رقم 6241، وأخرجه أيضًا في كتاب الديات برقم 6901.
وانظره في الآداب من مسلم برقم 2156، وفي الاستئذان من سنن الترمذي برقم 2709، وانظر: الجامع لمعمر بن راشد الأزدي برواية عبد الرزاق في آخر مصنفه، الحديث رقم 19431.
(10)
"الثاني" زيادة في ش.
(11)
"وهو" زيادة في نسخ المتن.
ش: الإيماء ضد الصراحة، وهو الإشارة إلى العلة (1).
وهو محصور في خمسة أشياء:
قوله: (الفاء (2)، نحو قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} (3)).
ش: لأن الزنا علة الجلد.
ومثاله (4): قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (5)، لأن السرقة علة القطع.
ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} (6)،
(1) قال المسطاسي: والمراد به ما أفاد العلة ظاهرًا، انظر: شرحه ص 139، ونقل حلولو في شرحه ص 338، إن المراد به: ما لا يدل على التعليل وضعًا، ويفهم منه معنى التعليل، ضرورة حمل المذكور على فائدة، وإلا صار الكلام لغوًا يجل عنه منصب الشرع ويُنَزَّلْ في الإفادة منزلة الإشارة. اهـ.
(2)
يعني أن يوجد في الكلام لفظ غير صريح يدل على العلة، كتعليق الحكم على علته بالفاء، وهي إما أن تدخل على الحكم أو على العلة كما سيأتي، وانظر لهذه المسألة المعتمد 2/ 776، والمحصول 2/ 2/ 197، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 11، والروضة ص 297، وأصول ابن مفلح 3/ 765، والإحكام للآمدي 3/ 254، وتيسير التحرير 4/ 39، والمغني للخبازي ص 288، ومختصر ابن الحاجب 2/ 234، والإبهاج 3/ 49، ونهاية السول 4/ 63، وشرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
ونقل حلولو في شرحه ص 338، عن الفهري أن الفاء من النص وليست من الإيماء.
(3)
في خ: "زيادة كل واحد"، وفي أ، وز، وط زيادة:"كل واحد منهما". وهي في الآية رقم 2 من سورة النور.
(4)
"أيضًا" زيادة في ز وط.
(5)
المائدة: 38.
(6)
النساء: 93.
فإن قتل العمد علة لتغليظ العذاب.
ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (1)، فإن (2) قتل الخطأ علة لتحرير الرقبة.
ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ (3) (4) مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (5).
واعلم أن الفاء تارة تدخل على المعلول (6) مثل (7) هذه المثول (8) المذكورة،
(1) النساء: 92.
(2)
"لأن" في ز.
(3)
كذا في النسخ الثلاث وهي بفتح الياء، وفتح الظاء والهاء مع تشديدهما، دون ألف بينهما، وهي قراءة ورش عن نافع الشائعة في بلاد المغرب العربي، وقرأها هكذا أيضًا ابن كثير وأبو عمر.
أما عاصم فقرأ: "يظاهرون" بضم الياء، وتخفيف الظاء والهاء مع فتح الأولى وكسر الثانية، وبألف بينهما.
وقرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف بفتح الياء، وتشديد الظاء وفتحها، وتخفيف الهاء وفتحها، مع ألف بين الظاء والهاء.
انظر النشر 2/ 385، وحجة القراءات ص 703، والإقناع لابن الباذش 2/ 782.
(4)
"منكم" زيادة في الأصل، وهي خطأ.
(5)
المجادلة: 3.
(6)
أي الحكم بحيث تتقدم العلة، كقوله: زنا ماعز فرجم.
انظر: روضة الناظر ص 297، والمحصول 2/ 2/ 198، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 12، وأصول ابن مفلح 3/ 765، والإحكام للآمدي 3/ 254، والمعتمد 2/ 776، وتيسير التحرير 3/ 39، والإبهاج 3/ 50، والقرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
(7)
"نحو" في ز، وط.
(8)
كذا في النسخ الثلاث، ولم أجد لها قياسًا يناسب السياق، لأنها بهذه الصيغة مصدر لمثل يمثل بمعنى أقام ومكث، ضد: زال. =
فإن الزنا علة الجلد، فالجلد معلول الزنا، وكذلك ما ذكر معه من الأمثلة، وقد تدخل الفاء تارة على العلة (1)، كقوله عليه السلام في المحرم الذي وقصت (2) به ناقته (3):"لا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا"، فإن الإحرام علة المنع من الطيب.
قوله: (وترتيب الحكم على الوصف، نحو ترتيب الكفارة على قوله: واقعت (4) أهلي في نهار (5) رمضان.
قال الإمام: سواء كان مناسبًا أو لم يكن (6)).
ش: يعني: أن الحكم إذا رتب على وصف، فإن ذلك الوصف علة لذلك
= أما مثال فقياسها في القلة: أمثلة، وفي الكثرة: مثل: بضمتين.
انظر: الأصول لابن السراج 2/ 448، وأوضح المسالك مع ضياء السالك للنجار 4/ 190، 192، والقاموس مادة:"مثل".
(1)
أي ويكون الحكم متقدمًا.
وانظر: التمهيد لأبي الخطاب 4/ 11، والمحصول 2/ 2/ 197، والمعتمد 2/ 776، والإبهاج 3/ 50، وتيسير التحرير 3/ 39، وشرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
(2)
"وقعت" في ز.
(3)
الوقص بسكون العين: دق العنق، وقصه بفتحتين: دق عنقه، وهو لازم ومتعد، تقول: وقصت عنقه، ووقصت الناقة عنقه، وأغلب ما في روايات الحديث: وقصته، وأوقصته، ووقص بالبناء للمفعول، وفي قليل منها: وقصت برجل ناقته فقتلته، والمعنى: ألقته. انظر: المشوف المعلم، والقاموس، مادة: وقص.
(4)
"وقعت" في ط.
(5)
"شهر" في نسخ المتن.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 200.
الحكم (1)، لأن ترتيب الحكم على الوصف يؤذن بأن ذلك الوصف علة/ 301/ لذلك الحكم، سواء كان ذلك الوصف مناسبًا لذلك الحكم أم لا (2).
مثال المناسب للحكم المرتب عليه، قولك: أكرم العلماء وأهن الجهال، فإن الإكرام مناسب للعلم، والإهانة مناسب للجهل.
ومثال غير المناسب [قولك](3): أكرم الجهال (4) وأهن العلماء، فإن الإكرام غير مناسب (5) للجهل، والإهانة غير مناسب للعلم.
وقول الإمام: سواء كان مناسبًا أو لم يكن، هو إشارة إلى أن ترتيب الحكم على الوصف مستقل بالدلالة على العلية (6) وإن عري عن المناسبة، فإن القائل إذا قال: أكرم الجهال وأهن العلماء، فإن السامعين ينكرون ذلك ويعيبونه ويستقبحونه، ومدرك الاستقباح أنهم فهموا أن القائل جعل الجهل (7) علة الإكرام، وجعل العلم علة الإهانة، ولا مستند لهم في اعتقاد هذا التعليل إلا ترتيب (8) الحكم على الوصف لا المناسبة (9).
(1) انظر: روضة الناظر/ 300 - 301، والإحكام للآمدي 3/ 256، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 14، والمحصول 2/ 2/ 203 وما بعدها، والمعتمد 2/ 777، وأصول ابن مفلح 3/ 766، ومفتاح الوصول للتلمساني ص 147، وشرح حلولو ص 339.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"الجهار" في ط.
(5)
"المناسب" في ط.
(6)
"العلة" في ط.
(7)
"الجهال" في ط.
(8)
"الترتيب" في ط.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 139.
فإن المناسبة ها هنا مفقودة، فدل ذلك على أن ترتيب الحكم على الوصف يدل على العلية وإن فقدت المناسبة.
قوله: (نحو ترتيب الكفارة على قوله: واقعت (1) أهلي في نهار رمضان) يفهم (2) منه أن الجماع علة الكفارة.
[و](3) مثاله أيضًا: قوله عليه السلام: "خمس فويسقات يقتلن في الحل والحرم"(4)(5).
قوله: (وسؤاله عليه السلام عن وصف المحكوم عليه (6)، نحو قوله عليه
(1)"وقعت" في ط.
(2)
"ففهم" في ز، وط.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"والحرام" في ط.
(5)
حديث صحيح، معناه ثابت من حديث عائشة وابن عمر وابن عباس وغيرهم، فقد رواه البخاري من حديث عائشة في بدء الخلق برقم 3314، ولفظه:"خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفارة، والعقرب، والحديا، والغراب، والكلب العقور". ورواه في مواضع أخرى من حديثها، ومن حديث ابن عمر، بألفاظ مقاربة لهذا، وقد أخرجه مسلم عن عائشة أيضًا في الحج برقم 1198، بألفاظ: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم
…
" ثم ذكرهن وذكر الحية بدلًا من العقرب.
ورواه من عدة طرق من حديثها، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث حفصة.
وانظره أيضًا في الترمذي برقم 837، والدارمي 2/ 36، وأحمد 1/ 257، 6/ 97.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 208، والمستصفى 2/ 290، والمعتمد 2/ 777، والبرهان فقرة 764، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 13، والإحكام للآمدي 3/ 257، والروضة ص 299، والإبهاج 3/ 55 - 56، وأصول ابن مفلح 3/ 767، وشرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 208، من مخطوط مكناس رقم 352، وشرح حلولو ص 339.
السلام: "أينقص الرطب (1) إِذا جف؟ ").
ش: لم يكن سؤاله عليه السلام لعدم علمه بنقصان الرطب إذا جف، لأن (2) كل أحد (3) يعلم ذلك، وإنما سؤاله لتنبيه السامع على علة المنع، فيكون السامع مستحضرًا لعلة الحكم حالة وروده عليه، فيكون ذلك أقرب لقبوله للحكم، بخلاف إذا غابت العلة عن السامع، وربما صعب (4) عليه تلقي الحكم، واحتاج لنفسه من المجاهدة ما لا يحتاجه إذا علم العلة.
قوله: (وتفريق (5) الشارع بين شيئين في الحكم (6)، نحو قوله عليه السلام:"القاتل [عمدًا] (7) لا يرث"(8)).
(1)"التمر" في أ.
(2)
"فان" في ط.
(3)
"واحد" في ز، وط.
(4)
"ضعف" في ط.
(5)
"أو تفريق" في أ، وش.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 210، والمستصفى 2/ 290، والمعتمد 2/ 778، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 15، والإحكام للآمدي 3/ 259، وتيسير التحرير 4/ 45، والإبهاج 4/ 57، وأصول ابن مفلح 3/ 768، وفواتح الرحموت 2/ 297، والتوضيح 2/ 138، وشرح القرافي ص 390، والمسطاسي ص 208، من مخطوط مكناس رقم 352، وشرح حلولو ص 339.
(7)
ساقط من نسخ المتن، والصحيح إسقاطها لعدم ثبوتها في حديث صحيح كما سيأتي.
(8)
لم أجد الحديث بهذا اللفظ، وقد روى البيهقي في السنن 6/ 221، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة:"لا يتوارث أهل ملتين المرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرثها من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدًا"، قال الشافعي في هذا الحديث: ولا يثبته أهل العلم بالحديث.
وقد روى الدارقطني 4/ 120 عن عمر، والبيهقي 6/ 220 عن علي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا:"لا يرث القاتل عمدًا ولا خطأ شيئًا"، وعلى هذا جماهير =
[ش: وذلك أن قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ} (1)، يقتضي توريث جميع الأولاد، وقوله عليه السلام: "القاتل لا يرث"](2) يقتضي تفريق الحكم في الأولاد، فيقتضي ذلك أن القتل هو علة المنع من الميراث لأن التفريق بين شيئين في الحكم يؤذن (3) بالعلة، و [في](4) هذا أيضًا ترتيب الحكم على الوصف.
ومثاله أيضًا: تفريقه عليه السلام بين الفارس والراجل في الإسهام، فقال:"للفارس سهمان وللراجل سهم"(5)، فالتفريق بينهما يؤذن بالعلة.
= العلماء، خلافًا للمالكية في تقييدهم منع القاتل من الميراث بكونه متعمدًا.
انظر: المغني لابن قدامة 6/ 291، وبداية المجتهد 2/ 360، والكافي لابن عبد البر 2/ 1044، والقوانين لابن جزي ص 338.
(1)
النساء: 11.
(2)
ما بين القوسين ساقط من ز، وط.
(3)
"مؤذن" في ط.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
روي هذا الحديث بهذا اللفظ من عدة طرق عن ابن عمر، ومجمع بن جارية، فقد روى الدارقطني في سننه 4/ 106، 107، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين وللراجل سهمًا. وله عنده ألفاظ أخرى تدل على هذا المعنى.
أما حديث مجمع فقد رواه الدارقطني 4/ 105، وأحمد في المسند 3/ 420، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر على أهل الحديبية فكان للفارس سهمان وللراجل سهم ولفظ أحمد "فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهمًا".
وهذه الروايات مخالفة لما في الصحيحين من حديث ابن عمر لأن فيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين وللراجل سهمًا" وفي بعضها "وللرجل سهمًا" وفي بعضها "ولصاحبه" أي الفرس سهمًا، وهذه تدل على أن للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد، وهذا ما فسره به نافع بعد روايته لأحد الأحاديث في صحيح البخاري برقم 4228، قال:"إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فإن لم يكن له فرس فله سهم" اهـ. =
قوله: (وورود (1) النهي عن (2) فعل [يمنع](3) ما تقدم وجوبه) (4).
ش: مثاله: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (5)[الآية](6)، فهذا يدل على وجوب السعي إلى الجمعة، فقوله تعالى بعد ذلك:{وَذَروا الْبَيْعَ} ، يقتضي منع البيع؛ لأن البيع يمنع السعي الواجب وفعل الجمعة، فيكون ذلك من باب الإيماء إلى العلة، وأن تحريم البيع علته التشاغل عن (7) فعل الجمعة، فيدخل في ذلك النهي كل ما يشغله عن الجمعة من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، كما بينه (8)
= وانظر هذا الحديث في البخاري برقم 2863، ومسلم برقم 1762، والترمذي برقم 1554، قال ابن حجر في الفتح في تأويل اللفظ الأول: المقصود أسهم للفارس سهمين بسبب فرسه غير سهمه المختص به. اهـ.
انظر: فتح الباري 6/ 68.
(1)
"أو ورود" في نسخ المتن.
(2)
"على" في الأصل، وط، وأ.
(3)
ساقط من أ.
(4)
عبر بعض الأصوليين عن هذا النوع من الإيماء بقوله: أن يذكر في الكلام شيئًا لو لم يكن علة لذلك الحكم المقصود كان الكلام غير منتظم.
وانظر: المحصول 2/ 2/ 213، والمعتمد 2/ 779، والإحكام للآمدي 3/ 260، والروضة ص 300، والإبهاج 4/ 58، وأصول ابن مفلح 3/ 770، وشرح حلولو ص 339، والقرافي في شرحه ص 390، والمسطاسي ص 208، من مخطوط مكناس رقم 352.
(5)
الجمعة: 9.
(6)
ساقط من ط.
(7)
"على" في ط.
(8)
"ينبه" في ز.
ابن أبي زيد في قوله: ويحرم حينئذ البيع (1) وكل ما يشغل عن السعي (2).
قوله: (والمناسب: (3) ما تضمن [تحصيل](4) مصلحة أو درء مفسدة.
فالأول: كالغنى، علة في وجوب (5) الزكاة (6).
والثاني: كالإِسكار، علة في تحريم (7) الخمر).
ش: هذا هو الثالث من الأشياء الثمانية الدالة على العلة، وهو المناسب (8).
ومعنى قولهم: المناسب، أي المناسب لأن يترتب عليه الحكم، فسر المؤلف الوصف المناسب، بالوصف المتضمن لتحصيل مصلحة أو لدرء مفسدة.
وإنما كانت المناسبة تدل على العلة؛ لأن الأصل في ورود الشرائع إنما هو لتحصيل المصالح ودرء (9) المفاسد.
(1)"بيع" في ط.
(2)
انظر: الرسالة لابن أبي زيد ص 40.
(3)
"والثالث المناسبة" في ش.
(4)
ساقط من الأصل وأ.
(5)
"لوجوب" في نسخ المتن.
(6)
المعروف أن علة الزكاة هو ملك النصاب؛ إذ وجوب الزكاة يدور معه وجودًا وعدمًا.
(7)
"علة التحريم" في نسخ المتن.
(8)
انظر: البرهان فقرة 759 - 763، والمستصفى 2/ 296، والمحصول 2/ 2/ 217، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 238، وجمع الجوامع مع شرح المحلي وحاشية البناني 2/ 272، ونهاية السول 4/ 76، والإبهاج 3/ 59، والإحكام للآمدي 3/ 270، والروضة ص 302، وتيسير التحرير 3/ 325، وفواتح الرحموت 2/ 300، والتوضيح 2/ 143، وشرح القرافي ص 391، والمسطاسي ص 140، وحلولو ص 339.
(9)
"أو درء" في ز، وط.
مثل المؤلف الوصف المتضمن للمصلحة بالغنى، [فإنه](1) علة لوجوب الزكاة؛ لأن الغنى مناسب لوجوب الزكاة لما فيه من المواساة للفقراء، فالمصلحة على هذا هي المواساة.
وقيل (2): المصلحة ها هنا [هي](3) تطهير (4) النفس من رذيلة البخل؛ لأن المال محبوب بالطبع فلا يبذله لله تعالى إلا من غلبت عليه محبة الله تعالى وخلص (5) إيمانه، ولهذا قال عليه السلام:"الصدقة برهان"(6)، أي دليل على صدق الإيمان وخلوصه (7).
ومثل المؤلف (8) الوصف المتضمن للمفسدة بالإسكار، فإنه علة لتحريم (9) الخمر؛ لأن الإسكار مناسب للتحريم لما فيه من خلل العقل (10).
قوله: ([و] (11) المناسب ينقسم إِلى ما هو في محل الضرورات، وإِلى ما
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
"ان" زيادة في ز، وط.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
"تطهر" في ط.
(5)
"وتخلص" في ط.
(6)
جزء من حديث أخرجه مسلم في الطهارة عن أبي مالك الأشعري برقم 223، وأخرجه الترمذي برقم 3517، وقال في حديث صحيح، وأخرجه الدارمي 1/ 167، وأحمد 5/ 342.
(7)
انظر: شرح النووي على مسلم 3/ 101، وشرح المسطاسي ص 140.
(8)
"في" زيادة في ز.
(9)
"تحريم" في ط.
(10)
المعنى: لما يوجبه الإسكار من خلل العقل فيناسبه التحريم.
(11)
ساقط من ط.
هو في محل الحاجات، وإِلى ما هو في محل التتمات، فيقدم الأول على الثاني، والثاني على الثالث عند التعارف).
ش: قسم المؤلف الوصف المناسب للحكم ها هنا ثلاثة أقسام: ضروري، وحاجي، وتتمي (1).
فالضروري: هو الذي لا يستغنى عنه أصلًا، ولا بد [منه](2) لكل أحد (3)، على كل حال.
والحاجي: هو الذي يحتاج إليه في بعض الأحوال.
والتتمي: هو الذي يستغنى عنه ولا يحتاج إليه، ولكن هو من تتماته وتكميلاته وتحسيناته وتزييناته.
وفائدة هذا التقسيم تظهر في تعارض الأقيسة، فيقدم (4) الضروري على الحاجي، ويقدم الحاجي على التتمي (5).
قوله: (فالأول نحو الكليات الخمس، وهي حفظ النفوس، والأديان،
(1) هذه الأقسام الثلاثة هي أقسام مقاصد الشريعة، ولوجود العلاقة بين المناسب وبين مقاصد الشرع، قسمه القرافي إلى هذه الأقسام تبعًا للرازي في المحصول 2/ 2/ 220، وانظر هذه الأقسام في البرهان فقرة 901 وما بعدها، والإبهاج 3/ 60، والإحكام للآمدي 3/ 274، وتيسير التحرير 3/ 306، وشرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 240، وجمع الجوامع 2/ 280، والمستصفى 1/ 86، والموافقات للشاطبي 2/ 8، وشرح حلولو ص 341.
(2)
ساقط من ط.
(3)
"واحد" في ط.
(4)
"فيقسم" في ط.
(5)
"التتامي" في ز.
والأنساب/ 302/ والعقول، والأموال، وقيل: والأعراض).
ش: قال المؤلف: اختلف العلماء في عدد هذه [الكليات](1) فبعضهم يذكر الأديان، ولا يذكر الأعراض.
وبعضهم يذكر الأعراض، ولا يذكر الأديان.
وفي التحقيق: أن الجميع محرم (2) باتفاق، وقد حكى الغزالي وغيره إجماع الملل على [اعتبار](3) هذه الكليات، وأن الله تعالى لم يبح (4) شيئًا من هذه الكليات في ملة من الملل (5)(6) من لدن خلق (7)[الله](8) آدم إلى الآن.
بل أمر الله تعالى بحفظ هذه الكليات كلها.
فإنه أمر بحفظ النفوس من القتل وقطع الأعضاء.
وأمر بحفظ الأديان من الكفر.
وأمر بحفظ الأنساب من الزنا.
وأمر بحفظ العقول من المسكرات.
(1) ساقط من ز.
(2)
قوله: الجميع محرم، العبارة لا تؤدي المقصود، فلو قال: الجميع معتبر أو محرم الإخلال به، لكان أولى.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
انظر: تعليق (2) من هذه الصفحة.
(5)
"ملل" في ز، وط.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 392، والمستصفى 1/ 288، والإبهاج 3/ 60، والموافقات للشاطبي 2/ 10، وتيسير التحرير 3/ 306، وشرح المسطاسي ص 140.
(7)
"منذ خلق" في ز.
(8)
لفظ الجلالة ساقط من ز.
وأمر بحفظ الأموال من الغصب والسرقة.
وأمر بحفظ الأعراض من القذف والسب وما في معنى ذلك (1).
قال المؤلف: لم يبح الله تبارك وتعالى شيئًا من هذه الكليات في ملة من الملل (2) بالإجماع، إلا في المقدار الذي لا يسكر من المسكرات، ففيه خلاف في ملتنا (3)، وهو مباح في الملل المتقدمة قبل الإسلام، وأما المقدار الذي يسكر فهو حرام بإجماع الملل (4).
قال المسطاسي: فإن قيل هذا الإجماع المذكور يشكل بما يذكرونه من إباحة الخمر في أول الإسلام، فكيف يحرم الخمر في جميع الملل المتقدمة، ويباح في هذه الملة (5) التي هي أفضل الملل وأتمها في استيفاء المصالح ودرء المفاسد؟ (6).
(1)"وما في معناه" في ز، وط.
(2)
"جميع الملل" في ز، وط.
(3)
عبارة القرافي ص 392، ففي الإسلام هو حرام، فلعله أراد قول الجمهور، وعبارة الشوشاوي هنا أدق للخلاف المشهور عن الحنفية في القليل غير المسكر مما سوى عصير العنب المشتد؛ فإن الخمر عندهم مخصوصة بعصير العنب المسكر، فهو محرم لعينه، وغيره محرم لسكره، فإذا لم يسكر فلا يحرم، والجمهور مطبقون على تحريم قليل ما أسكر كثيره للأحاديث الصحاح الواردة بذلك.
انظر: سنن الترمذي الحديث رقم 1865 - 1866، وانظر المغني لابن قدامة 8/ 305، وبداية المجتهد 2/ 444، والتنبيه للشيرازي ص 143، والهداية 4/ 108، وما بعدها، والتلخيص الحبير 4/ 73.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 392، والمسطاسي ص 140.
(5)
"الملل" في الأصل.
(6)
"المفساد" في ز.
الجواب عنه: أن ما ذكروه من الإباحة، معناه: أنه مسكوت (1) عن تحريمه، وأن تصرفهم فيه إنما هو بالبراءة (2) الأصلية، لا [أ](3) ن الشرع أذن لهم في شربه.
قال: وأما احتجاجهم على إباحة الخمر في أول الإسلام بقوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (4)، في الكلام (5) حذف، تقديره: شيء تتخذون منه سكرًا ورزقًا حسنًا، أن تتخذوا (6) منه ما يسكر وما لا يسكر، فذكر المسكر في سياق الامتنان يدل على الإباحة؛ إذ لا يمتن إلا بمباح ولا يمتن بالمحرم.
قال (7): الجواب عنه [من](8) وجهين (9):
أحدهما: [أن](10) السكر (11) المذكور في الآية المراد به الخل، كما قاله جماعة من المفسرين (12)؛ لأن أصل السكر لغة هو ......................
(1)"سكوت" في ط.
(2)
"البراءة" في ط.
(3)
ساقط من ز وط.
(4)
النحل: 67.
(5)
كذا في النسخ الثلاث، والأنسب أن يقول: ففي الكلام.
(6)
كذا في النسخ الثلاث، والأنسب أن يقول: أي تتخذون منه
…
إلخ.
(7)
أي المسطاسي.
(8)
ساقط من ز، وط.
(9)
"بوجهين" في ز، وط.
(10)
ساقط من ط.
(11)
"المسكر" في ز.
(12)
هذا أحد أقوال المفسرين، وهو الذي رجحه ابن جرير بناء على أن الآية غير منسوخة، وقد رراه ابن جرير عن مجاهد والشعبي، وحكى عن ابن عباس قوله: =
المنع (1).
ومنه قوله تعالى: {سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} (2)(3)، أي منعت من الإبصار (4).
[و](5) سمي الخل سكرًا، لأنه يمنع من الأدواء الصفراوية وغيرها.
والوجه الثاني: سلمنا أن المراد به المسكر (6)، ولكن إنما وقع الامتنان [به](7) من حيث إنه لم يحرمه عليهم، وعدم تحريمه أعم من كونه مأذونًا فيه أو
= إن الحبشة يسمون الخل السكر. وقد روي تفسيرها بالخل عن ابن عباس ابن أبي حاتم، كما في الدر للسيوطي، ونسبه لابن عباس: أَبو حيان في البحر المحيط، قال صاحب اللسان: وقال المفسرون في السكر الذي في التنزيل: إنه الخل، وهذا شيء لا يعرفه أهل اللغة، انظر: اللسان مادة: سكر.
قلت: ذكر ابن جرير في تفسيره أن للسكر في لغة العرب أربعة أوجه:
1 -
ما أسكر من الشرب.
2 -
ما طعم من الطعام.
3 -
السكور.
4 -
المصدر من سكر فلان يسكر.
انظر: تفسير ابن جرير 14/ 84 - 85، من طبعة الميمنية، والدر المنثور 4/ 123، والبحر المحيط 5/ 511.
(1)
المنع هو أحد معاني السكر، بسكون الكاف، ومنه قولهم: سكرت النهر سكرًا، إذا سددته، وقال ابن فارس: سكر أصل واحد يدل على حيرة اهـ. ثم أول ما ورد من معاني السكر بهذا المعنى. انظر: الصحاح ومعجم مقاييس اللغة، مادة: سكر.
(2)
الحجر: 15.
(3)
زاد في ز بعد الاية: قوله: {إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} .
(4)
انظر: تفسير البحر المحيط 5/ 448، وتفسير ابن كثير 2/ 547.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"السكر" في ط.
(7)
ساقط من ط.
مسكوتًا (1) عنه، والدال على الأعم غير دال على الأخص، فيسقط الاستدلال بالآية (2) على إباحة الخمر (3).
قوله: (وهي حفظ النفوس والأديان والأنساب والعقول والأموال، وقيل: والأعراض).
قال المسطاسي: ومما يستدل به على اعتبار هذه الكليات في شريعتنا قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (4).
فقوله: {الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} ، يدل على حفظ الأنساب، فالظاهر منها كذوات الرايات (5)، والباطن [منها](6) كذوات الأخدان (7).
(1)"مسكورا" في ط.
(2)
"بالاباحة" في ز.
(3)
هنا انتهى كلام المسطاسي، فانظر: شرحه 140 - 141.
(4)
الأعراف: 33.
(5)
"الزيارات" في ز، وط، والمقصود بالرايات: التي تضعهن الزواني على حوانيتهن في الجاهلية.
(6)
ساقط من ز، وط.
(7)
يدل على هذا قول ابن عباس: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسًا في السر، ويستقبحونه في العلانية، فنهى الله عنه سرًا وجهرًا. انظر: تفسير الطبري 12/ 219، وانظر: تفسير البغوي بحاشية تفسير ابن كثير 3/ 469، وقيل: ما ظهر: طواف العراة، وما بطن: الزنا، قاله مجاهد. انظر: تفسير ابن جرير 12/ 403.
وقوله: {وَالْإِثْمَ} ، قيل: المراد به الخمر (1)، ومنه قول الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي
…
كذاك الإثم يذهب بالعقول (2)
يدل على حفظ العقول.
وقوله: {وَالْبَغْيَ} ، وهو الظلم (3)، يدل على حفظ النفوس والأموال والأعراض.
[و](4) قوله: {وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} ، يدل على حفظ الأديان.
وقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، إشارة إلى ما كانوا يحرمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام (5)(6)، المذكورة في قوله تعالى:{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (7).
(1) انظر: الكشاف للزمخشري 2/ 101، وتفسير أبي حيان 4/ 292، وتفسير البغوي مطبوع بحاشية تفسير ابن كثير 3/ 470، ويروى عن ابن الأنباري أنه ينكر أن يكون الإثم اسمًا للخمر، ويرى أن البيت الآتي مصنوع، وتبعه بعض اللغويين على هذا، وقالوا: سميت إثمًا مجازًا لأنها سبب إلى الإثم، قاله ابن سيده وأبو حيان وغيرهما.
انظر اللسان، وتاج العروس، والصحاح، مادة:"أثم"، وتفسير أبي حيان 4/ 292.
(2)
في هامش الأصل كتب الناسخ مقابل البيت ما يلي: من الوافر.
(3)
انظر: تفسير الطبري 12/ 403، والكشاف للزمخشري 2/ 101.
(4)
ساقط من ط.
(5)
انظر تفسير الطبري 12/ 404، وتفسير البغوي 3/ 470.
(6)
هنا انتهى كلام المسطاسي، فانظر صفحة 209، من مخطوط مكناس رقم 354.
(7)
المائدة: 103.
وقد كثر اختلاف المفسرين في معنى هذه الأشياء الأربعة.
وأقربها ما قال محمد بن إسحاق (1) قال: البحيرة بنت السائبة، والسائبة هي (2) الناقة [إذا](3) تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر، فإنها لم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها (4)، ولم يشرب لبنها إلا ضيف (5)، فكلما نتجت بعد ذلك من أنثى فهي البحيرة، فإنها تشق أذنها ويخلى (6) سبيلها، ويفعل بها ما يفعل بأمها (7).
(1) أَبو بكر: محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي ولاء، المدني، أحد من يرجع إليه علم المغازي والسير، وأهل الحديث يترددون في حديثه في الأحكام لأمور، منها: نسبته إلى التشيع والقدر، وتدليسه المشهور، ولا يتهمونه بشيء من الكذب. وقد حدث عنه شعبة والثوري والحمادان وابن عيينة وخلق لا يحصون، توفي سنة 150 هـ، من آثاره: السيرة، والمبتدأ، والمغازي، وكتاب الخلفاء، انظر ترجمته في: الفهرست ص 136، وتاريخ بغداد 1/ 214، وسير النبلاء 7/ 33، ووفيات الأعيان 4/ 276.
(2)
"بنت" زيادة في الأصل، وهي خطأ ليست من كلام ابن إسحاق.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"دبرها" في ز.
(5)
السائبة: بمعنى المسيبة كراضية ومرضية، والمعنى المهملة المخلاة، وقال قوم في تفسيرها: إنها التي ينذر الرجل أن يخلي سبيلها إذا سلم له مال أو شفي من مرض أو نحو ذلك.
انظر: تفسير ابن جرير 11/ 123، والكشاف للزمخشري 1/ 685، والسيرة لابن هشام 1/ 90.
(6)
"يخل" في الأصل.
(7)
وقال غير ابن إسحاق: هي الناقة تشق أذنها، فلا يركب ظهرها، ولا يجز وبرها، ولا يشرب لبنها إلا ضيف، أو يتصدق به، وتهمل لآلهتهم، وروي عن ابن عباس أنه قال: هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن، فإن كان الخامس ذكرًا، ذبحوه فأكل منه الرجال دون النساء، وإن كان أنثى جدعوا أذنها فقالوا: هذه بحيرة. وانظر أقوالاً =
فهي البحيرة (1) بنت السائبة، [يقال: بحرت أذن الناقة، إذا شققتها، فالبحيرة، معناها: مبحورة الأذن، أي مشقوقة الأذن] (2).
ومعنى الوصيلة: هي الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر، فهي (3) وصيلة، فما ولدت بعد ذلك فهو لذكورهم دون إناثهم، إلا أن يموت منها شيء فيشترك في [أكله](4) الذكور والإناث (5).
ومعنى الحام: هو الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر، فيقال: حمى ظهره، فلا يركب ولا يجز وبره (6)، ويخلى سبيله، ولا ينتفع منه إلا بالضراب في الإبل (7).
= أخرى في: البحر المحيط لأبي حيان 4/ 28، 29، وتفسير الطبري 11/ 121، وتفسير ابن كثير 2/ 107 - 108، والسيرة لابن هشام 1/ 89.
(1)
في الأصل: فالبحيرة هي بنت السائبة، والمثبت موافق لكلام ابن إسحاق.
(2)
ما بين القوسين لم أره في المصادر التي نقلت كلام ابن إسحاق فلعله إدراج من الشوشاوي.
انظر: القاموس، مادة:"بحر"، وتفسير ابن جرير 11/ 121.
(3)
"فهو" في الأصل.
(4)
ساقط من ز.
(5)
وقال غير ابن إسحاق: الوصيلة هي التي تلد أمها اثنين في كل بطن، فإذا ولدت في بطن ذكرًا وأنثى قالوا: وصلت أخاها بدفعها عنه الذبح، وقيل غير ذلك، فانظر: تفسير الطبري 11/ 124، وتفسير ابن كثير 2/ 108، وتفسير أبي حيان 4/ 29.
(6)
"دبره" في ز.
(7)
هنا انتهى كلام ابن إسحاق.
وانظره بمعناه في: سيرة النبي لابن هشام 1/ 90، وتفسير ابن جرير 11/ 125، وذكره مفرقًا ابن كثير في تفسيره 2/ 108، وابن العربي في أحكام القرآن 2/ 702.
قوله: (وقيل: [والأعراض] (1))، الأعراض (2) جمع عِرْضٍ.
اختلف (3) في عرض الرجل، قيل: ذاته ونفسه (4)، دليله قوله عليه السلام في أهل الجنة:"لا يبولون (5) ولا يتغوطون (6)، وإنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل ريح المسك"(7)، [و] (8) قوله عليه السلام:"لي الواجد يحل عرضه وعقوبته". [قال ابن العربي (9) في أحكام القرآن: يحل عرضه، بأن
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
"والأعراض" في ز.
(3)
"واختلف" في ط.
(4)
انظر: القاموس، والصحاح، واللسان، مادة:"عرض".
ومنال الطالب في شرح طوال الغرائب لابن الأثير ص 329، 592.
وهذا المعنى ينسب لابن قتيبة، ويخالفه فيه جماهير اللغويين، وانظر: الأمالي لأبي علي القالي 1/ 118.
(5)
"ولا يبولون" في ز.
(6)
"ولا يغوطون" في ز.
(7)
حديث صفة أهل الجنة، وأنهم يأكلون ويشربون، ولا يبولون ولا يتغوطون، وأن أكلهم وشربهم يخرج على هيئة رشح رائحته مسك. هذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره.
فانظره في البخاري برقم 3245، 3327، وفي مسلم برقم 2834، وفي الترمذي برقم 3537، من حديث أبي هريرة، وانظره من حديث جابر في مسلم برقم 2835، ولم أجد في الروايات التي طالعتها لفظ:"أعراضهم"، وهو الشاهد هنا.
وقد ذكره الهروي في غريب الحديث 1/ 156، وابن الأثير في النهاية 3/ 209، ويذكره أصحاب المعاجم اللغوية في مادة:"عرض".
ومعنى الأعراض في الحديث: المواضع التي تعرق من الجسد.
(8)
ساقط من ط.
(9)
"ابن عربي" في ط.
يقول: مطلني، ويحل عقوبته بأن يحبس (1) له حتى ينصفه] (2)(3).
وقيل: عرض الرجل، حسبه وشرفه (4)، دليله قول الشاعر:
رب مهزول سمين عرضه
…
وسمين الجسم مهزول الحسب
قوله (5): (فالأول نحو الكليات الخمس ..) المسألة، أي فمثال الأول الذي هو الوصف الكائن في محل الضرورة: هو الكليات الخمس، التي هي حفظ النفوس والأديان والأنساب والعقول والأموال والأعراض.
وبيان ذلك في حفظ النفوس: أن القتل وصف مناسب للقصاص / 303/ فترتيب القصاص عليه فيه مصلحة، وهي حفظ النفوس.
وبيانه في حفظ الأديان: أن الشرك وصف مناسب للحرابة، فترتيب الحرابة عليه لما فيه من مصلحة، وهي حفظ الأديان.
وبيانه في حفظ الأنساب: أن الزنا وصف مناسب للحد، فترتيب
(1)"يحس" في ز.
(2)
ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(3)
انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 112، وقد فسر حل العرض بأن يقول: يا ظالم، يا آكل أموال الناس، وقد روي التفسير الذي أورده الشوشاوي عن سفيان كما في البخاري، فانظر فتح الباري 5/ 62، وروى أحمد في المسند 4/ 388، عن وكيع أنه قال: عرضه: شكايته، وعقوبته حبسه.
(4)
هذا أحد معاني العرض بكسر العين، وينسب لأبي عبيد القول به، وتابعه جمهور أهل اللغة، خلافًا لابن قتيبة، لأنه يقول: العرض فيما يمدح ويذم الجسد، ويستدل بحديث أهل الجنة، وأهل اللغة يردون استدلاله بالحديث بأن المراد به مواضع العرق من الجسد. انظر: اللسان مادة: "عرض"، والأمالي لأبي علي القالي 1/ 118 - 119.
(5)
"وقوله" في ز، وط.
[الحد](1) عليه لما فيه من مصلحة، وهي حفظ الأنساب من الاختلاط.
وبيانه في حفظ العقول: أن شرب الخمر وصف مناسب للحد، فترتيب الحد عليه لما فيه من مصلحة، وهي حفظ العقول.
وبيانه في حفظ الأموال: أن السرقة مثلاً وصف مناسب للقطع، فترتيب القطع عليها لما فيه من مصلحة، وهي حفظ الأموال.
وبيانه [في](2) حفظ الأعراض: أن القذف مثلاً وصف مناسب للحد، [فترتيب الحد](3) عليه لما فيه من مصلحة، وهي حفظ الأعراض.
قوله: (والثاني مثل تزويج الولي الصغيرة، فإِن النكاح غير ضروري، لكن الحاجة تدعو إِليه في تحصيل الكفء (4) لئلا يفوت (5)(6)).
ش: هذا مثال للوصف (7) الذي في محل الحاجات.
فالكفء، وهو المثل (8) وصف مناسب لتزويج الولي الصغيرة، وتزويج الولي الصغيرة حكم مرتب على هذا الوصف، لما فيه من مصلحة، [وهي](9)
(1) ساقط من ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"الكفى" في ط.
(5)
"يموت" في ز.
(6)
انظر: المستصفى 1/ 289، والمحصول 2/ 2/ 222، والعضد في شرحه على ابن الحاجب 2/ 241، والإبهاج 3/ 61، والإحكام للآمدي 3/ 275، وتيسير التحرير 3/ 307، وانظر: الموافقات للشاطبي 2/ 10 - 11.
(7)
"الوصف" في ط.
(8)
"هو" زيادة في الأصل.
(9)
ساقط من ز.
مخافة (1) التفويت.
قوله: ([و] (2) الثالث: ما كان حثًا على مكارم الأخلاق كتحريم تناول القاذورات وسلب أهلية (3) الشهادة (4) عن الأرقاء (5)، ونحو (6) الكتابات، ونفقات القرابات) (7)(8).
ش: هذا مثال (9) الوصف الذي في محل التتمات، وذلك أن القاذورات وهي النجاسات وصف مناسب لتحريم تناولها، فترتيب (10) التحريم على هذا الوصف لمصلحة، وهي مكارم الأخلاق (11)، [و](12) هي من التتمات، وليس من الضرورات ولا من الحاجات.
وكذلك سلب أهلية الشهادة عن العبيد (13)، وذلك [أن](14)
(1) في صلب نسخة ز: "مخالفة"، وفي الهامش علق لمخافة.
(2)
ساقط من ط.
(3)
"أهل" في أ.
(4)
"الشهادات" في نسخ المتن.
(5)
"الأزواء" في ز.
(6)
"ومحو" في ز.
(7)
"القربات" في أ.
(8)
انظر: المستصفى 1/ 290، والمحصول 2/ 2/ 222، والإحكام للآمدي 3/ 275، والإبهاج 3/ 62، ومختصر ابن الحاجب 2/ 240، وشرح العضد عليه 2/ 241، وتيسير التحرير 3/ 307، والموافقات للشاطبي 2/ 11.
(9)
"مثالا" في ط.
(10)
"فرتب" في ز.
(11)
"ومكارم الأخلاق" زيادة في ز، وط.
(12)
ساقط من ز.
(13)
"العبد" في ز، وط.
(14)
ساقط من ز.
الخسة (1) التي هي وصف العبد، وصف مناسب لسلب أهلية الشهادة، فترتب (2) منع شهادته على هذا الوصف الذي هو الخسة لمصلحة هي (3) مكارم الأخلاق؛ لأن الشهادة منصب شريف فلا يناسبه العبد لخسته.
وليس سلب ذلك عن العبد (4) بضروري ولا بحاجي (5)، وإنما هو من مكارم الأخلاق (6).
وكذلك الكتابات، وذلك أن توهم المال في العبد وصف مناسب للكتابة، وكتابته حكم مرتب على هذا الوصف لما فيه من مصلحة، وهي العتق، لأنه من مكارم الأخلاق.
وإنما قلنا الكتابة من مكارم الأخلاق، لأنها عون على حصول العتق وإزالة الرق عن الصورة البشرية المكرمة، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (7)، فالكتابة من مكارم الأخلاق وتتمات المصالح.
وكذلك نفقات القرابات كالأبوين (8) والأولاد، فهي من مكارم الأخلاق
(1) في هامش الأصل ما يلي: الخسة: هي الحقرة والدنية، يقال: فلان هو أخس جماعته، أي هو أدناهم وأسفلهم في المرتبة. اهـ.
(2)
"فرتب" في ز، وط.
(3)
"وهي" في ز، وط.
(4)
"عبد" في ز، وط.
(5)
"حاجى" في ز، وط.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 141.
(7)
الإسراء: 70.
(8)
"كالايومن" في ز.
وتتمات المصالح (1).
وذلك أن القرابة وصف مناسب لوجوب (2) النفقة، فوجوب النفقة حكم مرتب على هذا الوصف لمصلحة، وهي مكارم الأخلاق (3).
قوله: (وتقع أوصاف مترددة بين هذه المراتب، كقطع الأيدي باليد (4) الواحدة (5)، فإِن شرعيته (6) ضرورية صونًا للأعضاء (7).
وأمكن (8) أن يقال: ليس منه، لأنه يحتاج (9) الجاني (10) فيه إلى الاستعانة (11) بالغير، وقد يتعذر).
ش: لما ذكر [المؤلف](12) أن الوصف قد يقطع بأنه في محل الضرورات،
(1) وهي مع ذلك - أعني نفقة الأبوين والأولاد - واجبة بالإجماع فلا منافاة بين كون الشيء واجبًا، وكونه تحسينيًا.
فإن ستر العورة واجب، وأكل النجاسات وبيعها محرم، والطهارة وإزالة النجاسة واجب، وهذه كلها في عداد التتمات التحسينيات. انظر: الموافقات للشاطبي 2/ 11، وانظر: الإجماع على وجوب نفقة الوالدين والأولاد. المغني لابن قدامة 7/ 583، ومراتب الإجماع لابن حزم ص 79.
(2)
"لوجود" في ط.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 392، والمسطاسي ص 141.
(4)
"الايد" في ط.
(5)
"الوحدة" في ط.
(6)
"شريعته" في ز.
(7)
"الأطراف" في ش.
(8)
"وان أمكن" في خ، وش.
(9)
"لا يحتاج" في أ.
(10)
"الجان" في ط.
(11)
"الاستقامة" في ز.
(12)
ساقط من ز، وط.
أو في محل الحاجات، أو في محل التتمات، ذكر ها هنا أن الوصف قد [لا](1) يقطع فيه بشيء (2)(3)، فيكون مترددًا، أي محتملاً (4).
مثال الوصف الذي لا يقطع عليه بشيء (5) من ذلك بل هو محتمل: قطع الأيدي باليد الواحدة، [فإن قطع الأيدي باليد الواحدة](6) وصف متردد بين الضروري والحاجي، فإنه يمكن أن يقال: قطع الأيد [ي](7) باليد الواحدة (8) حكم مرتب على قطع اليد الواحدة (8)، حكم ضروري لما فيه من مصلحة، وهي حفظ الأعضاء، كما نقول في قطع اليد الواحدة (9) باليد الواحدة (9)؛ إذ لو قلنا بعدم قطع الأيدي (10) باليد الواحدة لأدى ذلك إلى عدم صيانة الأعضاء، ولكان كل من أراد قطع عضو إنسان استعان بغيره، فينتفي القصاص.
ويمكن أن يقال (11): قطع الأيدي [باليد](12) الواحدة (13) ليس بضروري؛
(1) ساقط من ط.
(2)
"شيء" في ز.
(3)
"من ذلك" زيادة في ز، وط.
(4)
انظر: البرهان فقرة 907، والمحصول 2/ 2/ 223، والإبهاج 3/ 64، والموافقات 2/ 12.
(5)
"شيء" في ز.
(6)
ساقط من ط.
(7)
ساقط من ط.
(8)
"الوحدة" في ط.
(9)
"الوحدة" في ط.
(10)
"اليد المتعددة" في ط.
(11)
"يكون" في ط.
(12)
ساقط من الأصل.
(13)
"بالواحدة" في الأصل.
لأن الغير قد يساعد الجاني [على الإعانة](1)، وقد لا يساعده (2) فيتعذر (3).
فمن اعتبر الصيانة قال بأن القطع (4) ضروري.
ومن اعتبر عدم تحقق الاستعانة قال: ليس بضروري.
وقطع الأيدي المتعددة باليد الواحدة حكم مرتب على قطع اليد الواحدة، وهو (5) ضروري لمصلحة، وهي حفظ الأعضاء.
وأمكن أن يقال: ليس من الضروري، بل هو من الحاجي؛ لأنه يحتاج الجاني فيه إلى الاستعانة بغيره، والضروري لا يحتاج [الجاني](6) فيه إلى الاستعانة بالغير، وقد يتعذر الاستعانة بالغير.
قوله: (ومثال (7) اجتماعها كلها في وصف واحد: أن نفقة النفس ضرورية والزوجات حاجية (8)، والأقارب (9) تتمة) (10).
ش: وذلك أن الجوع وصف مناسب لوجوب النفقة، كانت النفقة
(1) كذا في النسخ الثلاث، والمعنى يستقيم بحذفها.
(2)
"يستاعده" في ط.
(3)
انظر: الإبهاج 3/ 64، وشرح المسطاسي ص 141.
(4)
"هو" زيادة في ط.
(5)
"وهي" في ز.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"ومثل" في الأصل.
(8)
"حاجة" في أ، وخ.
(9)
"الأقاريب" في الأصل.
(10)
"تتمية" في ط.
[ضرورية كالنفقة](1) على نفسه، أو كانت (2) حاجية كالنفقة على الزوجة، أو كانت تتمة (3) كالنفقة (4) على الأبوين، فقد اجتمعت الضرورة والحاجة والتتمة في شيء واحد، [وهو وجوب النفقة](5).
قوله: (واشتراط العدالة في الشهادة ضروري صونًا للنفوس والأموال، وفي الإِمامة (6) على الخلاف حاجية (7) لأنها شفاعة والحاجة داعية (8)[إِلى](9) إِصلاح (10) الشفيع، وفي النكاح تتمة لأن الولي قريب يزعه (11) طبعه عن الوقوع في العار والسعي في الإِضرار، وقيل: حاجية (12) على الخلاف.
ولا يشترط / 304/ في الإِقرار لقوة الوازع الطبعي (13)).
ش: هذا مثال [آخر](14) لاجتماع المراتب الثلاث (15)، وهي: الضرورة،
(1) ساقط من ط.
(2)
"على" زيادة في ط.
(3)
"تتمية" في ط.
(4)
"كنفقة" في ط.
(5)
ساقط من ز، وط.
(6)
"الأمانة" في ط.
(7)
"حاجة" في أ، وخ.
(8)
"تدعو" في ز، وط.
(9)
ساقط من نسخ المتن.
(10)
"لإصلاح" في نسخ المتن.
(11)
"يمنعه" في ش.
(12)
"حاجة" في أ، وخ.
(13)
"الطبيعي" في ش.
(14)
ساقط من ط.
(15)
"الثلاثة" في الأصل.
والحاجة، والتتمة.
وذلك أن اشتراط العدالة، قد يكون ضروريًا، وقد يكون حاجيًا، وقد يكون تتميًا.
مثال كونه ضروريًا: اشتراط العدالة في الشهادة، لأن الشهادة وصف مناسب لاشتراط العدالة، فاشتراط العدالة حكم مرتب على الشهادة لما فيه من مصلحة، وهي صون النفوس والأموال.
ومثال كون اشتراط العدالة حاجيًا: اشتراط العدالة في إمامة الصلاة، على القول باشتراط العدالة فيها، وهو قول مالك (1)، وذلك أن الإمامة وصف مناسب لاشتراط العدالة فيها (2)، فاشتراط العدالة حكم مرتب على الإمامة لما فيه من المصلحة، وهي الشفاعة، والحاجة داعية إلى إصلاح الشفيع.
ومراد المؤلف بالإمامة: الإمامة الصغرى، وهي إمامة الصلاة، يدل عليه قوله: لأنها شفاعة.
وأما الإمامة (3) الكبرى فاشتراط العدالة فيها ضروري، صونًا للنفوس
(1) وهي رواية عن أحمد، وأما الشافعية والحنفية ومشهور الحنابلة فهو الجواز لإمامة غير العدل.
وأول أَبو بكر الأبهري مذهب مالك هنا بقوله: إن صلى خلف من قطع بفسقه أعاد أبدًا، وإن صلى خلف مظنون الفسق أعاد في الوقت. اهـ. ويريد بالمقطوع بفسقه من كان مجمعًا على فسقه. انظر: المنتقى للباجي 1/ 236، والمدونة 1/ 83 - 84، وبداية المجتهد 1/ 145، والمغني 2/ 187 - 188، والهداية للمرغيناني 1/ 56، والوسيط للغزالي 2/ 699، وشرح العقيدة الطحاوية 421 - 423.
(2)
"فيهما" في الأصل.
(3)
"الأمانة" في ط.
والأموال (1).
ومثال كون اشتراط العدالة تتمة: اشتراط العدالة في ولي النكاح، وذلك أن الولاية وصف مناسب لاشتراط العدالة، فاشتراط (2) العدالة حكم مرتب على الولاية لما فيه من مصلحة، وهي دفع العار (3) عن الولي، فاشتراط العدالة في هذه الولاية تتمة، وقيل حاجية؛ لأن الحاجة داعية إلى إصلاح الولي.
قوله: (على الخلاف)، أي على القول باشتراط العدالة في ولي النكاح، وفي مذهب مالك قولان في اشتراط العدالة في ولي النكاح، المشهور عدم اشتراطها اكتفاء بالوازع الطبعي عن العدالة (4).
قوله: (ولا يشترط في الإِقرار)، (5) أي ولا يشترط اشتراط (6)
(1) هذا في نصب الخليفة ابتداء، أما إن غلب الناس بسيفه فاسق، أو كان عدلاً ثم أحدث فسقًا بعد بيعته، فلا يجوز الخروج عليه، هذا الذي عليه العلماء، وتدل عليه النصوص، كقوله صلى الله عليه وسلم:"إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان" رواه البخاري عن عبادة بن الصامت في الفتن برقم 7056، وانظر: فتح الباري 13/ 8، ومراتب الإجماع لابن حزم ص 126، وانظر كلام الشوشاوي هذا، في: شرح المسطاسي ص 141.
(2)
"فإن اشتراط" في ط.
(3)
"الجار" في ز.
(4)
انظر: بداية المجتهد 2/ 12، ومقدمات ابن رشد 2/ 47، والقوانين لابن جزي ص 174، والمنتقى للباجي 3/ 272، والقول بعدم اشتراط العدالة، هو قول الجمهور، خلافًا للشافعية وأحمد في رواية.
انظر: المغني 6/ 466، والتنبيه للشيرازي ص 95، وانظر: شرح القرافي ص 392، والمسطاسي ص 141.
(5)
"لقوة الوازع الطبعي" زيادة في ز، وط.
(6)
"اشتراك" في ط.
العدالة في الإقرار، لأن الوازع الطبعي يمنع (1) الإنسان من الإضرار بنفسه بغير موجب (2) فلا يقر (3) الإنسان إلا بما هو حق عليه، فيقبل (4) إقراره (5) سواء كان برًا أو فاجرًا (6)، مؤمنًا أو كافرًا، ولا خلاف (7) بين الأمة في ذلك (8).
فتبين بهذه الأمثلة أن الضرورة والحاجة والتتمة قد اجتمعت في شيء واحد، وهو العدالة.
قوله: (ودفع المشقة عن النفوس مصلحة، ولو أفضت إِلى مخالفة (9) القواعد، وهي ضرورية (10) مؤثرة في الترخيص، كالبلد الذي يتعذر فيه العدول.
قال: ابن أبي زيد في النوادر: تقبل شهادة أمثلهم (11) حالاً لأنها (12) ضرورة.
(1)"مع" في ز.
(2)
"وجب" في ز.
(3)
"يضر" في ز.
(4)
"فليقبل" في ط.
(5)
"اضراره" في ز.
(6)
"كان" زيادة في ز، وط.
(7)
"فيه" زيادة في ط.
(8)
انظر: مراتب الإجماع ص 56، والإفصاح لابن هبيرة ص 14، 15، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 387، وشرح القرافي ص 392، والمسطاسي ص 141.
(9)
"خلاف" في ش.
(10)
"ضرورته" في ز.
(11)
"امثلتهم" في أ.
(12)
"لأنه" في أ، وخ.
وكذلك يلزم في القضاة وولاة (1) الأمور، وحاجية (2) في الأوصياء (3) على الخلاف (4) في عدم اشتراط العدالة، وتمامية (5) في السلم والمساقاة (6) وبيع الغائب، فإِن [في](7) منعها مشقة على الناس، وهي من تتمات معايشهم (8)).
ش: هذا مثال آخر لاجتماع المراتب الثلاث، وهي: الضرورة، والحاجة، والتتمة.
وذلك أن دفع المشقة باعتبار تأثيرها في الترخيص، قد يكون ضروريًا، وقد يكون حاجيًا، وقد يكون تتميًا (9).
مثال كونه ضروريًا: البلد الذي ليس فيه عدول بل عمه الفسق، فإن عموم الفسق للبلد وصف مناسب [لجواز](10) قبول (11) شهادة غير العدل (12)، وقبول شهادة غير العدل (12) حكم مرتب على الفسق (13)، لما فيه من مصلحة،
(1)"وأولاة" في الأصل، وز، وط.
(2)
في أ، وخ:"حاجة"، وفي ط:"حاجيته".
(3)
في الأصل: "الأويصاء"، وفي خ:"الأولياء".
(4)
"على الخلاف في الأوصياء"، في ش بالتقديم والتأخير.
(5)
في الأصل: "تامية"، وفي ز، وط: تتمة.
(6)
"المساقاة والسلم" في ز، وط، بالتقديم والتأخير.
(7)
ساقط من أ.
(8)
"معاشهم" في نسخ المتن.
(9)
"تتما" في الأصل.
(10)
ساقط من ز، وط.
(11)
"لقبول" في ز، وط.
(12)
"العدول" في ط.
(13)
الأولى أن يقول: حكم مرتب على عدم وجود العدل.
وهي صون النفوس والأموال، فقبلت شهادة الفاسق هنا لهذه المصلحة، وإن كان ذلك مخالفًا لقاعدة الشهادة التي هي العدالة، لقوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1)، وقال أيضًا:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (2).
وذلك أنه لو كلف شهادة (3) العدول في البلد (4) الذي تعذر فيه العدول، لكان ذلك مشقة على النفوس، فقبلت شهادة غير العدول للضرورة، دفعًا لهذه المشقة.
وقد نص ابن أبي زيد [رضي الله عنه على هذا](5) في [كتابه](6) النوادر قال (7): تقبل شهادة أمثلهم حالاً، أي أحسنهم حالاً، وفي بعض تواليفه (8) قال:[قال](9) سحنون: من (10) غلب خيره على شره جازت شهادته، سيأتي على الناس زمان لا يوجد فيه عدل رضا.
قوله: (وكذلك يلزم [في] (11) القضاة وولاة (12) الأمور)، .............
(1) الطلاق: 2.
(2)
البقرة: 282.
(3)
"بشهادة" في ز.
(4)
"البلاد" في ط.
(5)
ساقط من ز، وط.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"وقال" في ط.
(8)
"توليفيه" في الأصل.
(9)
ساقط من ط.
(10)
"ومن" في ط.
(11)
ساقط من ط.
(12)
"وأولاة" في ز، وط.
هذا (1) مثال آخر للضروري أيضًا، وذلك أن البلد الذي ليس فيه عدل يستحق القضاء، أو يستحق ولاية الأمر، بل عم الفسق أهل البلد كلهم، فإنه يلزم أن يستقضي أحسنهم حالاً، وكذلك يلزم أن يتولى أمرهم أحسنهم (2) حالاً، فإن عموم الفسق وصف مناسب لجواز استقضاء غير العدل، فاستقضاء غير العدل [حكم](3) مرتب على عموم الفسق، لمصلحة، وهي حفظ النفوس والأموال، وكذلك تولية غير العدل.
وذلك من باب تغليب أحد الضررين (4) على الآخر، وذلك أن الضررين (4) إذا تعارضا فإنه يقدم أقواهما، لأن العمل بالراجح متعين، وذلك أن الضرر الحاصل من عدم قبول الشهادة وعدم نصب القضاء والإمامة لعدم العدالة، أعظم من الضرر الحاصل من قبول الشهادة ونصب القضاة والولاة لعدم العدالة (5).
قوله: (وحاجية في الأوصياء على الخلاف في عدم اشتراط العدالة)، هذا معطوف (6) على قوله: وهي ضرورية (7) هذا مثال كون المشقة (8) حاجية، وذلك أن عموم الفسق وصف مناسب لاستيصاء غير العدل، واستيصاء غير العدل حكم مرتب على عموم الفسق، لمصلحة، وهي دفع (9) المشقة عن
(1)"هذه" في ز.
(2)
"احاسنهم" في ط.
(3)
ساقط من ط.
(4)
كذا في ط، وفي الأصل، وز:"الضرورين".
(5)
الأولى أن يقول: مع عدم العدالة، وانظر: شرح المسطاسي ص 142.
(6)
"مقطوع" في ز.
(7)
"ضرورة" في ط.
(8)
"الثقة" في ز، وط.
(9)
"تدفع" في ط.
النفوس.
قال المؤلف في الشرح: قولي: حاجية في الأوصياء، معناه: أن الناس يحتاجون (1) أن يوصوا لغير العدول، وفي منعهم من ذلك مشقة عليهم، وفيه خلاف، ومذهب مالك إنه إنما يشترط (2) فيه أن يكون مستور الحال فقط (3).
وعلى القول بعدم اشتراط العدالة مع أنها ولاية، والولاية لا بد فيها من العدالة، لكن خولفت هذه القاعدة في عدم/ 305/، اشتراط العدالة في الأوصياء، دفعًا للمشقة الناشئة من الحيلولة بين الإنسان [و](4) بين من يريد أن يعتمد (5) عليه (6).
(1)"يحتاجوا" في ز.
(2)
"اشترط" في ز.
(3)
هذا ما يدل عليه نص مختصر خليل؛ فإنه اشترط كونه عدلاً فيما ولي عليه. قال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير للدردير: والمراد حسن التصرف، ليس عدالة الشهادة، ولا عدالة الرواية، ولكن جاء في المدونة أن مالكًا سئل عن الوصي الخبيث أيعزل عن الوصية؟ فقال: نعم، إذا كان الوصي غير عدل فلا تجوز الوصية إليه. اهـ.
وقد نسب ابن قدامة في المغني إلى مالك والشافعي ورواية عن أحمد عدم صحة الوصية إلى الفاسق، ورواية أحمد الأخرى: تصح الوصية إليه، ويضم إليه أمين، ونسب لأبي حنيفة صحة الوصية إليه ونفاذ تصرفه، وما ذكر القرافي هنا من الاكتفاء بالستر موافق لرأي أكثر الحنفية، فإن أكثرهم يعتبر العدالة: الإسلام وعدم إظهار ما يدل على الفسق.
انظر: المدونة 4/ 287، والشرح الصغير للدردير مع حاشية الصاوي 6/ 355، والمغني لابن قدامة 6/ 138، وبدائع الصنائع 6/ 268.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"يتعمد" في ط.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 392، والمسطاسي ص 142.
قوله: (وتمامية (1)، في السلم (2) والمساقاة (3)(4) وبيع الغائب)، هذا مثال كون المشقة تتمة.
وبيان (5) ذلك في السلم: أن العجز وصف مناسب لبيع ما ليس عندك، وبيع ما ليس عندك حكم مرتب على هذا الوصف لمصلحة، وهي دفع المشقة عن النفوس.
ونقول في المساقاة أيضًا:
إن العجز وصف مناسب لجواز إجارة مجهولة، فجواز الإجارة المجهولة حكم مرتب على هذا الوصف لمصلحة، وهي دفع المشقة.
[وكذلك نقول في بيع الغائب: فإن العجز وصف مناسب لجواز بيع الغائب، وجواز بيع الغائب حكم مرتب على هذا الوصف لمصلحة، وهي دفع المشقة](6) عن النفوس.
(1)"وتتمة" في ز، وط.
(2)
السلم لغة بمعنى السلف.
أما في الاصطلاح فقد ذكروا له حدودًا أحسنها، هو عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلاً.
انظر: الصحاح، مادة: سلم، والتعريفات للجرجاني ص 106، وتصحيح التنبيه للنووي ص 60، وأنيس الفقهاء للقونوي ص 218.
(3)
المساقاة هي أن يستعمل رجل رجلاً في نخيل ونحوها ليقوم بإصلاحها على أن يكون له سهم معلوم مما تغله.
انظر: أنيس الفقهاء ص 274.
(4)
"في المساقاة والسلم" في ز، وط بالتقديم والتأخير.
(5)
"وبين" في ط.
(6)
ما بين القوسين ساقط من ز، وط.
قال المؤلف في الشرح: وكذلك خولفت القواعد في السلم، والمساقاة، وبيع الغائب، والجعالة، والمغارسة (1)، وغير ذلك، لما (2) فيه [من](3) جهالة (4) وغرر (5)(6).
وكذلك الصيد لاشتماله على الفضلات، وعدم تسهيل الموت على الحيوانات، فقد خولفت القواعد في هذه الأشياء لتتمة المعاش (7)، فإن من الناس (8) من يحتاج في معاشه إلى هذه الأمور، وذلك شرع عام في الكل لعدم الانضباط في مقادير الحاجات (9).
فتقرر بما قررناه: أن الوصف الذي هو المشقة اجتمع فيه أيضًا الثلاثة الأشياء: الضرورة، والحاجة، والتتمة.
قوله: (و [هو] (10) ينقسم أيضًا (11) إِلى ما اعتبره الشرع، وإِلى ما ألغاه، وإِلى ما جهل حاله.
(1)"المغارسد" في ز.
(2)
"مما" في ز، وط.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
"حياله" في ز.
(5)
"غرور" في الأصل.
(6)
في شرح القرافي ص 392، فيما فيه جهالة في الأجرة وغرر.
(7)
"المعايش" في الأصل، والمثبت موافق لما فيه شرح القرافي.
(8)
"من في الناس" في ز.
(9)
انظر: شرح القرافي 392 - 393، وفيه اختلاف يسير عما هنا.
وانظر: شرح المسطاسي ص 142.
(10)
ساقط من ز، وط.
(11)
"أيضًا ينقسم" في نسخ المتن بالتقديم والتأخير.
فالأول (1) ينقسم إِلى ما اعتبر (2) نوعه في نوع الحكم، كاعتبار نوع الإِسكار في نوع التحريم، وإِلى ما اعتبر جنسه [في جنسه](3)، كالتعليل بمطلق (4) المصلحة، كإِقامة الشرب (5) مقام القذف لأنه مظنته.
وإِلى ما اعتبر نوعه في جنسه، كاعتبار الأخوة في التقديم في الميراث، فيقدم (6) في النكاح، وإِلى ما اعتبر جنسه في نوع الحكم، كإِسقاط الصلاة عن الحائض بالمشقة، فإِن المشقة جنس، وهو (7) نوع من الرخص.
فتأثير النوع في النوع، مقدم على تاثير النوع في الجنس، وتأثير النوع في الجنس مقدم على تأثير الجنس في النوع، وهو مقدم على تأثير الجنس في الجنس.
والملغى، نحو المنع من زراعة العنب خشية الخمر.
والذي جهل أمره، هو (8) المصلحة المرسلة، التي نحن (9) نقول بها، وعند التحقيق هي عامة في المذاهب (10)).
(1)"والأول" في نسخ المتن.
(2)
"إلى اعتبار" في أ.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"في كلو" في ز.
(5)
"المشرب" في ز.
(6)
"فتقدم" في ح، وش.
(7)
في خ، وز، وط:"وهي"، وفي ش زيادة:"أي الإسقاط".
(8)
"هي" في ز، وط.
(9)
"نحو" في ز.
(10)
"المذهب" في أ، وط.
ش: قوله: (وهو ينقسم أيضًا)، يعني المناسب.
وذلك أن المؤلف قسم المناسب أولاً باعتبار الضرورة والحاجة والتمام، ثم قسمه ها هنا بالنسبة إلى الاعتبار والإلغاء والإهمال.
وذلك أن (1) الوصف المناسب للحكم الشرعي، تارة يعتبره الشرع، وتارة لا يعتبره بل يلغيه ويتركه، وتارة يسكت (2) عنه ولم يعتبره ولم يلغه (3)، وسيأتي بيان جميعها.
قوله: (فالأول ينقسم إِلى ما اعتبر نوعه في نوع الحكم)، قسم المؤلف الأول من (4) الأقسام الثلاثة، وهو المناسب المعتبر إلى أربعة أقسام، وهي:
النوع في النوع، والجنس في الجنس، والنوع في الجنس، والجنس في
(1) فوق (أن) في نسخة ط حروف لم أتبينها.
(2)
"يسكته" في ز.
(3)
تختلف مناهج الأصوليين في تقسيم المناسب، والقرافي هنا تابع الرازي في تقسيمه واختصره، وانظر آراء الأصوليين في هذا الموضع في:
المستصفى 2/ 297، والروضة ص 303، ومختصر ابن الحاجب 2/ 242، وأصول ابن مفلح 3/ 786، والإحكام للآمدي 3/ 282، وفواتح الرحموت 2/ 265، وتيسير التحرير 3/ 310، وجمع الجوامع مع شرح المحلي 2/ 282، والتوضيح 2/ 143، وما بعدها.
وانظر: الإبهاج 3/ 65 - 70، ونهاية السول 4/ 91 - 103، فقد ذكرا كثيرًا من اصطلاحات المؤلف في التقسيم، وراجع شرح حلولو ص 343، ففيه تفصيل حسن، وانظر تقسيم القرافي هذا في: المحصول 2/ 2/ 226، والإبهاج 3/ 65، ونهاية السول 4/ 91، والمستصفى 1/ 284، ومختصر ابن اللحام ص 162، والاعتصام للشاطبي 2/ 113، وانظر: المنخول ص 353.
(4)
"في" في الأصل.
النوع (1).
ولا بد ها هنا من مقدمة بها يفهم كلام المؤلف رحمه الله تعالى، وهي: أن تعلم (2) أحوال الوصف وأحوال الحكم باعتبار الجنسية والنوعية.
فنقول: الوصف من حيث هو وصف هو جنس عال، وتحته مناسب وغير مناسب، ثم المناسب تحته معتبر وغير معتبر، ثم المعتبر تحته مصلحة ومفسدة، ثم المصلحة [أ](3) والمفسدة تحتها ضرورة أو حاجة أو تتمة (4)، فهذه أحوال الوصف.
وأما أحوال الحكم فنقول: الحكم من حيث هو حكم هو جنس عال، وتحته طلب وتخيير، ثم الطلب تحته طلب فعل و (5) طلب ترك، ثم طلب الفعل تحته طلب واجب وطلب مندوب، ثم الواجب [تحته](6) عبادي وعادي.
ونقول أيضًا في طلب الترك (7): تحته ترك محرم وترك مكروه، فهذه
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 226، والإبهاج 3/ 66، ونهاية السول 4/ 94، وشرح المسطاسي ص 142.
(2)
"أن" زيادة في ز.
(3)
ساقط من ط.
(4)
انظر: المحصول 2/ 2/ 228، والإحكام للآمدي 3/ 284، والإبهاج 3/ 67، ونهاية السول 4/ 97، والمستصفى 2/ 321، وشرح القرافي ص 393، وشرح المسطاسي ص 142، وشرح حلولو ص 344.
(5)
"تر" زيادة في ز.
(6)
ساقط من ط.
(7)
"التركة" في ط.
أحوال الحكم (1).
وبهذا الطريق تظهر الأجناس العالية والمتوسطة، والأنواع السافلة في الأحكام والأوصاف.
وبيان هذا أن نقول: الوصف أعم أحواله كونه وصفًا، وأخص منه كونه مناسبًا، وأخص منه كونه معتبرًا، وأخص منه كونه مصلحة أو مفسدة، وأخص منه كونه مصلحة كذا أو مفسدة كذا، وأخص منه كون المصلحة أو المفسدة من باب الضرورة أو الحاجة أو التتمة.
وأما الحكم فأعم أحواله كونه حكمًا، وأخص منه [كونه](2) طلبًا أو تخييرًا، وأخص منه كونه إيجابًا أو تحريمًا، وأخص منه كونه إيجاب كذا أو تحريم كذا.
فإذا تحققت هذه المقدمة (3) سهل عليك فهم كلام المؤلف.
قوله: (فالأول ينقسم إِلى ما اعتبر نوعه في نوع الحكم (4) كاعتبار نوع الإِسكار في نوع التحريم)، هذا مثال تأثير النوع في النوع (5)، اعتبر نوع
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 228، والإحكام للآمدي 3/ 284، والإبهاج 3/ 67، ونهاية السول 4/ 97، والمستصفى 2/ 320 - 321، وشرح القرافي ص 393، وشرح المسطاسي ص 142، وشرح حلولو ص 344.
(2)
ساقط من ط.
(3)
في ز: "المقامة"، وفي ط:"المتقدمة".
(4)
"فاعتبار" زيادة في ط.
(5)
انظر: المستصفى 2/ 298، 319، والإحكام للآمدي 3/ 282، وأصول ابن مفلح 3/ 788، والمحصول 2/ 2/ 226، والإبهاج 3/ 66، ونهاية السول 4/ 94.
الوصف (1) الذي هو الإسكار، في نوع الحكم الذي [هو](2) التحريم.
وإنما قلنا: الإسكار نوع، لأنه تحت المفسدة، وهو نوع من أنواع المفسدة؛ لأن المفسدة جنس تحتوي على الإسكار وغيره من [سائر](3) أنواع المفسدة (4).
وإنما قلنا: التحريم نوع، لأنه تحت الطلب، لأن الطلب جنس يحتوي على التحريم وغيره من أنواع الطلب.
فقد اعتبر ها هنا النوع في النوع.
قوله: (وإِلى ما اعتبر جنسه في جنسه كالتعليل بمطلق المصلحة، كإِقامة الشرب مقام القذف لأنه مظنته (5))، هذا مثال تأثير الجنس في الجنس (6)، معناه: كالتعليل/ 306/ بمطلق المصلحة في مطلق الحكم، أي كالتعليل بجنس المصلحة في جنس الحكم.
وذلك أن شرب الخمر جنس الوصف، والحد جنس الحكم.
(1)"الموصف" في ط.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 143.
(5)
"مظلته" في ز.
(6)
وهذا عند بعضهم أحد أقسام الملائم، ويمثله أكثرهم بقياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد بجامع القتل العمد العدوان. انظر: الإحكام للآمدي 3/ 282، وجمع الجوامع 2/ 283، وأصول ابن مفلح 3/ 787.
وانظر: المحصول 2/ 2/ 227، والإبهاج 3/ 67، ونهاية السول 4/ 95، والمستصفى 2/ 320.
وذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سئل عن [حد](1) شارب الخمر، فقال: أراه إذا شرب سكر، وإذا سكر [هذى](2)، وإذا هذى افترى، فأرى عليه حد المفتري، فأخذ رضي الله عنه مطلق المناسبة والمظنة، لأن الشرب مظنة القذف.
قوله: (وإِلى ما اعتبر نوعه في جنسه، كاعتبار الأخوة في التقديم في الميراث فيقدم في النكاح)، هذا مثال تأثير النوع في الجنس (3).
وذلك أن الأخوة نوع من الأوصاف، لأن النسب جنس للأخوة، والتقديم جنس من الأحكام، لأنه يحتوي على التقديم في الميراث، وعلى التقديم في النكاح، وعلى التقديم في صلاة (4) الجنازة.
فيقدم الإخوة مطلقًا في الأبواب الثلاثة قياسًا للنكاح والجنازة على الميراث.
قوله: (وإِلى ما اعتبر جنسه في نوع الحكم، كإِسقاط الصلاة عن (5) الحائض بالمشقة، فإِن المشقة جنس، وهو نوع من الرخص).
هذا مثال تأثير الجنس في النوع (6)، وذلك أن المشقة جنس؛ لأنها متنوعة
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
ساقط من ط.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 226، ونهاية السول 4/ 95، والإبهاج 3/ 66، والمستصفى 2/ 319، وشرح المسطاسي ص 143.
(4)
في الأصل: "في لصلاة".
(5)
"على" في ط.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 227، والمستصفى 2/ 319، والإحكام للآمدي 3/ 284، والإبهاج 3/ 66، ونهاية السول 4/ 95، وشرح المسطاسي ص 143.
إلى مشقة الصلاة وإلى مشقة الصيام و [إلى](1) غير ذلك من أنواع المشاق، فمطلق المشقة جنس، وإسقاط الصلاة عن (2) الحائض نوع من الأحكام والإسقاطات والرخص (3).
قوله: (فتأثير النوع في النوع مقدم على تأثير النوع في الجنس)، لما ذكر أقسام المناسب الأربعة أراد [ها](4) هنا أن يبين أحكام تلك الأقسام فيما إذا تعارضت.
فذكر ها هنا أولاً أن تأثير النوع في النوع مقدم على الجميع، أي مقدم على الأقسام الثلاثة (5)، وهي: تأثير النوع في الجنس، وتأثير الجنس في النوع، وتأثير الجنس في الجنس (6).
وإنما قدم تأثير النوع في النوع على الجميع لوجود الخصوصين فيه، أعني خصوص الوصف، وخصوص الحكم، بخلاف غيره من الأقسام الثلاثة الباقية إذ ليس في قسمين منها (7) إلا خصوص واحد، وهما النوع في الجنس؛ والجنس (8) في النوع، وليس في القسم الثالث خصوص أصلاً، وهو الجنس في
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
"على" في ط.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 394.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
"الثلاثة الأقسام" في الأصل بالتقديم والتأخير.
(6)
انظر: المحصول 2/ 2/ 227، والمستصفى 2/ 319، والإحكام للآمدي 4/ 279، ومختصر ابن الحاجب 2/ 318، والإبهاج 3/ 66.
(7)
"منهما" في ز.
(8)
"أو الجنس" في ز.
الجنس، فلأجل هذا قدم النوع في النوع على الجميع لوجود (1) الخصوصين فيه؛ إذ الأخص بالشيء مقدم على غيره أبدًا (2).
ولأجل هذه القاعدة قدمت البنوة في الميراث على الأخوة، وقدمت الأخوة على (3) العمومة.
ولذلك قدم النجس على الحرير [في الصلاة](4) من حيث المنع؛ لأن النجس أخص بالصلاة من الحرير، فإن منع الحرير لا يختص بالصلاة، فكان (5) تحريم النجس (6) أقوى من تحريم الحرير؛ لاختصاص منع النجس بالصلاة على الخلاف فيه.
وكذلك المحرم إذا لم يجد إلا ميتة وصيدًا، فإنه يأكل الميتة دون الصيد (7)،
(1)"الأجل وجود" في ز، وط.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 394، والمسطاسي ص 143.
(3)
"في" في ط.
(4)
ساقط من ز.
(5)
"فدان" في ز.
(6)
"الجنس" في ط.
(7)
هذا قول جمهور العلماء، وقال الشافعي في أحد قوليه: يأكل الصيد، وهو قول الشعبي، وهو اختيار أبي يعلى الحنبلي في الخلاف، ووجه تقديم الميتة في الأكل عند من قدمها على الصيد: أن الصيد فيه ثلاث جنايات، صيده، وذبحه، وأكله، بخلاف الميتة فليس فيها إلا الأكل، وقالوا أيضًا: إن الميتة إباحتها للمضطر منصوصة، أما الصيد فإباحته له بالاجتهاد.
أما من اختار أكل الصيد فلأن كلا منهما فيه جناية، فالضرورة أباحت الجناية في كل منهما، فيتميز الصيد بكونه مذكى فيقدم.
انظر: المغني لابن قدامة 8/ 601، والكافي لابن عبد البر 1/ 439، والتنبيه للشيرازي ص 53، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 87، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 90، والقواعد لابن رجب ص 246.
لأن تحريم الصيد خاص بالإحرام، بخلاف تحريم الميتة فإنه عام للإحرام وغيره.
فالقاعدة (1) أن الأخص أبدًا مقدم على الأعم (2).
ومعنى قولنا: يقدم الصيد على الميتة، أي يقدم عليه في المنع والترك، أي يقدم تحريم الصيد على تحريم الميتة، أي فيترك الصيد.
وكذلك قولنا: يقدم النجس على الحرير في الصلاة، أي يترك النجس ويصلى بالحرير؛ لأن ضرورة (3) الأخص أشد وأقوى من ضرورة (3) الأعم.
قوله: (فتأثير النوع في النوع مقدم على تأثير النوع في الجنس) يعني إذا تعارضا، أي [إذا](4) تعارض التأثيران.
مثاله: إذا لم يجد العريان إلا ثوب الحرير وثوب النجس، فإنه يترك النجس ويصلي بالحرير، وإنما يقدم تحريم النجس (5) ها هنا على تحريم الحرير؛ لأن تحريم النجس فيه تأثير النوع في النوع، بخلاف تحريم الحرير فهو تأثير النوع في الجنس.
وبيان ذلك أن لبس (6) الثوب النجس نوع من الوصف؛ لأن لبس الثوب أعم من النجس والطاهر، فلبس (7) النجس إذًا أخص من ذلك، ثم تحريم
(1)"فالقاعد" في الأصل.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 394، والمسطاسي ص 143.
(3)
"ضرر" في ز، وط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
"الجنس" في الأصل.
(6)
"لباس" في ز.
(7)
في ز: "والظاهر أن لبس".
لباسه في الصلاة نوع من الحكم؛ لأن لبس النجس أعم من كونه في داخل الصلاة أو في خارجها، فصار تحريم [لبس](1) النجس في الصلاة إذًا أخص من تحريمه (2) مطلقًا في الصلاة وفي خارجها.
فقد ظهر لك بهذا (3) التقرير أن لبس النجس في الصلاة فيه تأثير النوع في النوع.
ونقول في الحرير: إن لبس الحرير نوع من الوصف؛ لأن لبس الثوب أعم من الحرير وغيره، فصار لبس الحرير إذًا أخص من ذلك.
ثم تحريم لباسه أعم من كونه في الصلاة أو [في](4) غيرها.
فقد ظهر لك بهذا [التقرير](5) أن لبس (6) الحرير فيه تأثير النوع في الجنس، فلبس الحرير وصف مناسب لتحريمه مطلقًا في الصلاة وفي غيرها، ولبس النجس وصف مناسب لتحريمه في الصلاة خاصة، فيقدم النجس في الترك (7) ويصلى بالحرير؛ لأن مفسدة النجس خاص بالصلاة ومفسدة الحرير عامة للصلاة وغيرها؛ إذ لا تعلق لها (8) بخصوص الصلاة، فإن النهي الخاص يقدم
(1) ساقط من ز، وملغى من ط.
(2)
"تحريم" في ط.
(3)
"هذا" في ز، وط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"أو لبس" في ز.
(7)
"التروك" في الأصل.
(8)
"بها" في ط.
على النهي العام.
هذا هو توجيه القول المشهور بتقديم الحرير في الفعل على النجس، وهو قول ابن القاسم.
وقال أصبغ: يصلي بالنجس، ووجهه أن النجس يجوز لباسه في غير الصلاة، فهو أخف من هذا الوجه من الحرير؛ لأن الحرير لا يجوز لباسه في الصلاة (1) ولا في غيرها.
قال ابن الحاجب في الفروع: ويستتر العريان بالنجس وبالحرير، على المشهور، ونص ابن القاسم وأشهب في الحرير: يصلي عريانًا، فإن اجتمعا، فالمشهور ابن (2) القاسم (3) بالحرير، وأصبغ بالنجس، وخرج في الجميع قولان (4)، والمذهب: يعيد في الوقت، ولو صلى بالحرير مختارًا عصى، وثالثها: تصح إن كان (5) ساتر (6) غيره. انتهى (7)(8).
قوله: (وتأثير النوع/ 307/ في الجنس مقدم على ثأثير الجنس في النوع).
ش: اعترض كلام المؤلف ها هنا بكلامه في الباب الثامن عشر في
(1)"لا في الصلاة" في ط.
(2)
"لابن" في ز، وط.
(3)
"يصلي" زيادة في ز، وط.
(4)
انظر: الكافي لابن عبد البر 1/ 240.
(5)
"كانت" في ط.
(6)
في ز، وط:"ساترا"، والمثبت أولى باعتبار كان تامة هنا، والمعنى إن وجد ساتر.
(7)
انظر: جامع الأمهات، المعروف بفروع ابن الحاجب، الورقة 6/ أ، من المخطوطة الموجودة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 887 د.
(8)
انظر: الكافي لابن عبد البر 1/ 240، وبداية المجتهد 1/ 116.
التعارض والترجيح في الفصل الخامس منه، لأنه قال فيه: والمناسب الذي اعتبر نوعه في نوع الحكم مقدم على ما اعتبر جنسه في نوعه، ونوعه في جنسه؛ وجنسه في جنسه، لأن الأخص بالشيء أرجح وأولى به (1)، والثاني والثالث متعارضان (2).
فقوله: [و](3) الثاني والثالث متعارضان، يعني [أن] (4) القسمين (5) وهما: الجنس في النوع، والنوع في الجنس، متعارضان متساويان، لا مزية (6) لأحدهما على الآخر، فيجب التوقف لعدم الترجيح؛ إذ ليس تقديم خصوص أحدهما على خصوص الآخر (7) بأولى من العكس، لوجود الخصوص من وجه في كل واحد من النوعين، وذلك مناقض لما قال ها هنا؛ لأن كلامه ها هنا يقتضي تقديم أحد النوعين على الآخر، وكلامه في باب التعارض والترجيح يقتضي تساويها لتعارضهما، فلا يقدم (8) واحد منهما على الآخر (9).
(1)"به وأولى" في ز، وط.
(2)
انظر: صفحة 336 من مخطوط الأصل، وصفحة 585 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 427.
(3)
ساقط من ز، وط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
"المقسمين" في الأصل.
(6)
"لامرته" في ز.
(7)
"الأخرى" في ط.
(8)
"يتقدم" في ط.
(9)
قال القرافي في شرحه: والمنقول أنهما متعارضان لوجود الخصوص فيهما من حيث الجملة، والذي في الأصل ما أرى نقله إلا سهوًا. اهـ. باختصار، ويريد بالأصل: المتن، فانظر شرحه ص 394.
والمنقول (1) عن الأصوليين في هذين النوعين هو التعارض والتساوي، كما قال المؤلف في باب التعارض والترجيح (2).
ووجه التعارض [ظاهر](3)، وهو كون [كل](4) واحد من النوعين فيه خصوص من وجه واحد؛ إذ في أحد النوعين خصوص الوصف، وفي الآخر خصوص الحكم، فليس تقديم [خصوص](5) أحد النوعين على خصوص الآخر بأولى من العكس.
ووجه (6) ما قال المؤلف ها هنا في باب القياس: أن الوصف أصل للحكم؛ لأن الحكم إنما جيء (7) به لأجل الوصف، والحكم فرع له، وإذا تعارض الأصل مع الفرع قدم الأصل، فخصوص الأصل أولى بالاعتبار (8)
(1)"والنقول" في ط.
(2)
الذي يدل عليه كلام الغزالي في المستصفى 2/ 319، والآمدي في الإحكام 4/ 279، وابن الحاجب في المختصر 2/ 318، هو تقديم الثاني على الثالث، أي تقديم تأثير النوع في الجنس على عكسه، قالوا: لأن تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع إنما هو فرع تعدية العلة، فهي الأصل في التعدية وعليها المدار.
ويدل على تقديمه أيضًا كلام الرازي في المحصول 2/ 2/ 613، إلا أنه قال: وأما الثاني والثالث فهما كالمتعارضين. اهـ. فلم يصرح بالتعارض كالقرافي.
ويؤيد هذا كلام صاحب الإبهاج، حيث قال: هما متقاربان، لكن ذلك أولى، لأن الإبهام في العلة أكثر محذورًا من الإبهام في المعلول. اهـ. فانظر الإبهاج 3/ 67.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
ساقط من ط.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
"ووجهه" في ط.
(7)
"يجيء" في ز، وط.
(8)
"باعتبار" في ط.
[من](1) خصوص الفرع (2)، والله أعلم.
قوله: (فتأثير النوع [في النوع] (3) مقدم على تأثير النوع في الجنس)، إلى آخر [هـ](4).
مثال تقديم النوع في النوع على النوع في الجنس: اختلافهم في نية الوضوء.
قال مالك: عبادة بدنية، فتفتقر إلى نية أصله الصلاة (5).
قوله: عبادة بدنية، نوع الوصف.
قوله: فتفتقر إلى نية، نوع الحكم.
وقال الآخر (6): طهارة مائية، فلا تفتقر [إلى نية](7)، أصله زوال النجاسة.
قوله (8): طهارة مائية، نوع الوصف.
(1) ساقط من ط.
(2)
انظر: الإحكام للآمدي 4/ 279، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد 2/ 318.
(3)
ساقط من ط.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
قال بقول مالك: جمهور الفقهاء، خلافًا للحنفية، حيث قالوا: النية سنة، وسبب الخلاف: تردد الوضوء بين كونه عبادة محضة كالصلاة، أو كونة عبادة معقولة المعنى كالغسل من الجنابة، انظر: بداية المجتهد 1/ 8 - 9، والوسيط للغزالي 1/ 360، والتنقيح المشبع للمرداوي ص 38، والهداية 1/ 13.
(6)
"هو قول الحنفية" كما مر.
(7)
ساقط من الأصل.
(8)
"وقوله" في ز، وط.
وقوله: فلا تفتقر إلى نية، جنس الحكم.
هذا مثال قوله: فتأثير النوع في النوع مقدم على تأثير النوع في الجنس.
ومثال تقديم النوع في الجنس على الجنس في النوع، اختلافهم فيمن دفع الصائل (1) من البهائم عن نفسه، هل يضمن أم لا؟
قال مالك رحمه الله: هذا دفع الصائل عن النفس، فلا يضمن، أصله الصائل الآدمي (2).
قوله: دفع الصائل عن النفس، نوع الوصف.
وقوله: لا يضمن، جنس الحكم.
وقال الآخر: هذا إتلاف مال الغير فيضمن، أصله أكل مال الغير في زمان المسغبة.
قوله: إتلاف مال الغير، جنس الوصف.
وقوله: يضمن، نوع الحكم.
هذا مثال قوله: وتأثير النوع في الجنس مقدم على تأثير الجنس في النوع.
ومثال تقديم الجنس في النوع على الجنس في الجنس، اختلافهم في
(1)"الطائل" في ز.
(2)
وعلى قول مالك: جمهور العلماء، خلافًا لأبي حنيفة وأصحابه، إلا أبا يوسف، فعند أبي حنيفة ومن تابعه يجب الضمان؛ لأنه غير مأذون فيه من صاحبه وهو العبد، انظر: المغني لابن قدامة 8/ 328، والوجيز للغزالي 2/ 185، والجوهرة النيرة على مختصر القدوري 1/ 216، والهداية 1/ 177، والكافي لابن عبد البر 2/ 1126.
السلس والدود والحصى، هل يوجب الوضوء أم لا؟
قال الشافعي: هذا حدث فيجب منه الوضوء، أصله الصحيح (1).
قوله: حدث، جنس الوصف.
وقوله: يجب منه الوضوء، نوع الحكم.
ويقول المالكي: هذا مكلف يشق عليه الفعل فيسقط عنه الحكم، أصله لزوم المذي في الصلاة.
قوله: (مكلف يشق عليه الفعل، جنس الوصف).
وقوله: (يسقط (2) عنه [الحكم](3)، جنس الحكم).
هذا مثال (4) قوله: وهو (5) مقدم على تأثير الجنس في الجنس.
والضمير في قوله: وهو [مقدم على تأثير الجنس في الجنس](6)، عائد على تأثير الجنس في النوع، تقديره: وتأثير الجنس في النوع مقدم على تأثير الجنس في الجنس، وسيأتي زيادة بيان لهذا (7) في الفصل الخامس في ترجيح
(1)"الصيح" في الأصل.
(2)
"فيسقط" في ط.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"مثاله" في ز.
(5)
"وهذا" في ط.
(6)
ساقط من ز، وط.
(7)
"لبيان هذا" في ز.
طرق العلل (1)، في الباب الثامن عشر [في التعارض والترجيح](2)(3).
قوله: (والملغى (4)، نحو المنع من زراعة العنب خشية الخمر).
ش: هذا [هو](5) القسم الثاني من أقسام الوصف المناسب، وهو [المناسب](6) الملغى (7)، وهذا راجع إلى قوله: وهو ينقسم أيضًا إلى ما اعتبره الشرع، وإلى ما ألغاه، وإلى ما جهل حاله، فلما فرغ المؤلف من بيان المناسب المعتبر، شرع هنا في بيان المناسب الملغى.
مثاله: المنع من زراعة العنب خشية الخمر.
وكذلك مجاورة الرجال مع النساء [الأجنبيات في الدار الواحدة.
فإن المناسبة تقتضي ألا يزرع العنب سدًا لذريعة الخمر.
والمناسبة تقتضي ألا يسكن الرجال مع النساء] (8) في الدار الواحدة سدًا لذريعة الزنا.
(1)"العلة" في ز، وط.
(2)
ساقط من ز، وط.
(3)
انظر صفحة 335 من مخطوط الأصل، وصفحة 579 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 427.
(4)
"والمعنى" في ز.
(5)
ساقط من ط.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
انظر: المحصول 2/ 2/ 229، والمستصفى 1/ 285، والإبهاج 3/ 68، ونهاية السول 4/ 91، والمنخول ص 353، والاعتصام للشاطبي 2/ 113، والمختصر لابن اللحام ص 162، وشرح القرافي ص 394، والمسطاسي ص 143، وشرح حلولو ص 344.
(8)
ما بين القوسين ساقط من ز، وط.
ولكن [أجمع](1) المسلمون على جواز زراعة العنب، وعلى جواز سكنى الرجال مع النساء في الدار الواحدة.
فقد أجمعوا (2) على إلغاء المناسب (3) ها هنا (4).
قوله: (والذي جهل أمره، هو المصلحة المرسلة، التي نحن نقول [بها] (5)، وعند التحقيق هي (6) عامة في المذاهب) (7).
ش: هذا (8) القسم الثالث من أقسام المناسب الثلاثة، وهو المعبر (9) عنه بالمصلحة المرسلة (10)، وإنما سمي هذا بالمصلحة المرسلة لأن الشرع أهملها، لم يشهد لها باعتبارها ولا بإلغائها، بل سكت عنها جملة.
[وهي](11) مأخوذة (12) من الإرسال الذي هو الإهمال.
(1) ساقط من ز، وط.
(2)
"اجتمعوا" في ط.
(3)
"المناسبة" في ز، وط.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 394، والمسطاسي ص 143.
(5)
ساقط من ط.
(6)
"هو" في ز.
(7)
"المذهب" في ز.
(8)
"هو" زيادة في ز، وط.
(9)
"المعتبر" في ز، وط.
(10)
انظر: المحصول 2/ 2/ 230، والمستصفى 1/ 286، والاعتصام للشاطبي 2/ 114، والمختصر لابن اللحام ص 162، والإبهاج 3/ 68، 190، والروضة ص 169، وجمع الجوامع ص 284، وشرح القرافي ص 394، والمسطاسي ص 143.
(11)
ساقط من ز، وط.
(12)
"مأخوذ" في ز، وط.
ومعنى المصلحة المرسلة، [أي](1) المناسبة المهملة.
وقال بها مالك رضي الله عنه، وأنكرها جمهور العلماء (2).
وسبب الخلاف تعارض أصلين (3)، أحدهما: أن الأصل ألا يعتبر إلا ما اعتبره الشرع، والثاني: أن الأصل اعتبار المصلحة في الجملة (4).
فمن نظر إلى الأصل الأول، / 308/ قال: لا تعتبر المصلحة المرسلة؛ لأن الشرع لم يعتبرها.
ومن نظر إلى الأصل الثاني، قال باعتبار المصلحة المرسلة؛ لأن الشرع اعتبر المصلحة من حيث الجملة (5).
(1) ساقط من ط.
(2)
لا خلاف بين العلماء في قبول المصلحة إذا كانت ضرورية قطعية كلية، ويمثلون لهذه بتترس الكفار بقوم من المسلمين، فإن تركوا استأصلوا المسلمين ثم رجعوا على الترس فقتلوهم، وإن قتلوا اندفع شرهم، وأبقي على عامة المسلمين.
أما إذا كانت غير ذلك، فالمشهور عن مالك القول بها، وروي عن الشافعي أنه يقول بها في القديم، أما جل العلماء من فقهاء المذاهب فهم على عدم اعتبارها.
انظر: المستصفى 1/ 294 - 297، والمنخول 354 - 355، والاعتصام للشاطبي 2/ 111، والإحكام للآمدي 4/ 160، ومختصر ابن الحاجب 2/ 242، والوصول لابن برهان 2/ 287، وتيسير التحرير 4/ 171، وجمع الجوامع 2/ 284، والمسودة 450 - 451، والإبهاج 3/ 190، وشرح المسطاسي ص 143.
(3)
"الأصلين" في ز، وط.
(4)
"الجنس" في ط.
(5)
انظر: شرح المسطاسي 143 - 144.
قال المؤلف في شرحه: والمنقول عن العلماء أن المصلحة المرسلة خاصة بمذهبنا، وليس الأمر كذلك، بل هي عامة (1) للمذاهب، فإنا إذا وجدناهم قاسوا أو جمعوا [أو](2) فرقوا، فلا يطلبون شاهدًا بالاعتبار، بل يعتمدون على مجرد المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة التي نقول بها، فهي إذًا عامة للمذاهب، فإن المصلحة المرسلة، أخص من مطلق المصلحة، لأن المرسلة مصلحة بقيد السكوت عنها، والمصلحة المطلقة (3) أعم، لأنها تكون معتبرة وملغاة ومرسلة (4)(5)، فكل مرسلة مصلحة، وليس كل مصلحة مرسلة (6).
ويدل على اعتبار المصلحة المرسلة: قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور"، وفي رواية:"من الفجار (7) "(8) أي من ..........................................
(1)"علة" في ز، وط.
(2)
ساقط من ط.
(3)
"المصلقة" في ز.
(4)
"ومرسلات" في ط.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 394.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 144.
(7)
"الفجور" في ز.
(8)
بحثت عن هذا النص كثيرًا في الكتب التي ترجمت لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فلم أجده، لا في كتب التراجم العامة، ولا فيما أفرد من كتب لترجمة عمر.
والمالكية يذكرونه في كتبهم، وينسبونه لعمر، فقد ذكره ابن أبي زيد في الرسالة ص 110، ونسبه لعمر، ونقل الصاوي في حواشيه على الشرح الصغير للدردير 5/ 573 عن ابن فرحون أنه قال: قاعدة: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوه من الفجور، هو من كلام عمر بن عبد العزيز، استحسنه مالك لأن من قواعد مذهبه مراعاة المصالح العامة اهـ. =
أعمال (1) الفجار على حذف المضاف في هذه الرواية، وكان عمر بن عبد العزيز يحلف الناس بلا خلطة (2)(3)، فقيل له في ذلك فقال:"تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور".
وقال ابن أبي زيد في النوادر: كان سحنون يقبل الوكيل من الطالب ولا يقبله من المطلوب، فقيل له: لم فعلت ذلك [مع](4) أن مالكًا (5) يقبل الوكيل من الطالب والمطلوب؟ فقال: قال عمر بن عبد العزيز: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور.
= نقل القاضي عياض في المدارك 2/ 30 عن ابن وضاح أنه من قول مالك، وانظر: شرح المسطاسي ص 143.
(1)
"اهال" في ز.
(2)
الخلطة بكسر الخاء، وفتح الطاء، مأخوذة من الخلط وهو المزج، والمقصود بالخلطة هنا هي المعاملة بالبيع والشراء، واشترط بعض الفقهاء أن يسالفه مبايعة ويشتري منه مرارًا.
انظر القاموس مادة: "خلط"، والمنتقى للباجي 5/ 225.
(3)
روى مالك في الموطأ عن حميد بن عبد الرحمن المؤذن: أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس، فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقًا نظر، فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة، أحلف الذي ادعى عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه. اهـ.
انظر: المنتقى 5/ 224، فهذه الرواية تخالف ما هنا، فلعله فعل ذلك بعد أن كثر الفجور في الناس.
والقول بعدم التحليف إلا مع وجود الخلطة هو قول الفقهاء السبعة، وبه أخذ مالك، انظر: المنتقى 5/ 224، والمدونة 4/ 91.
(4)
ساقط من ط.
(5)
"مالك" في ز.
وقد قيل لابن وضاح (1): كان عاصم (2) يحلف الناس بالطلاق، فقال: أخذ ذلك من قول عمر بن عبد العزيز: يحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور (3).
ولأجل هذا قال التونسي: يجوز التحليف في المصحف إذا علم الارتداع به (4).
(1) هو: أبو عبد الله محمد بن وضاح بن بزيع القرطبي، رحل إلى المشرق، وأخذ عن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، وابن أبي شيبة، وسحنون، وأصبغ، وخلق، وقرأ بقراءة ورش على عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، وبعده اعتمد أهل الأندلس على قراءة ورش، كان إمامًا في الحديث والرجال، عاقلاً، زاهدًا، ورعًا، توفي سنة 286 هـ.
انظر: الديباج المذهب 2/ 179، وبغية الملتمس ص 123، وطبقات الشيرازي ص 163.
(2)
كذا في النسخ الثلاث، والصواب: ابن عاصم، وهو حسين بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفي القرطبي أَبو الوليد، رحل للمشرق، فسمع من ابن القاسم وأشهب ومطرف وابن وهب وابن نافع ونظرائهم، وأدخل العتبي سماعه في المستخرجة، توفي سنة 208 هـ.
انظر: ترتيب المدارك 2/ 28، وبغية الملتمس ص 251، وطبقات الشيرازي ص 162.
(3)
روى القاضي عياض في المدارك 2/ 30، عن ابن وضاح قال: قلت لسحنون: إن ابن عاصم يحلف الناس بقرطبة بالطلاق، قال: ومن أين أخذ هذا؟ قلت له: من قول مالك: يحدث للناس أقضية
…
إلخ.
وانظر: حاشية الصاوي على الشرح الصغير للدردير 5/ 573.
(4)
انظر لجواز التحليف بالمصحف: حاشية الصاوي على الشرح الصغير 5/ 689، وانظر كراهة ذلك لعدم وروده عن الرسول وخلفائه والسلف الصالح في: المغني 9/ 230.
قال المؤلف في شرحه (1): والدليل على العمل بالمصلحة المرسلة: أن الصحابة رضوان الله عليهم عملوا أمورًا بمطلق [المصلحة](2)، نحو: كتابة القرآن في المصحف، كما فعله عثمان رضي الله عنه (3)، وكالعهد بالولاية، كما فعله أَبو بكر (4) رضي الله عنه (5)(6)، وكاتخاذ (7) السكة للمسلمين (8)، واتخاذ
(1)"الشرح" في ز، وط.
(2)
ساقط من ز.
(3)
أخرجه البخاري في التفسير عن أنس برقم 4987، والترمذي في تفسير القرآن عنه أيضًا برقم 3104، وفيه: أن حذيفة قدم على عثمان من الشام، وأشار عليه بجمع القرآن بعدما رأى اختلاف الناس في القراءة، فأرسل إلى حفصة أن ترسل إليه بالصحف التي جمع أبو بكر، ثم أرسل إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير، فأمرهم بنسخ الصحف في المصاحف، ثم بعث إلى كل أفق بمصحف، وانظر الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد 17/ 33، 34، والكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 55، 56.
(4)
"لعمر" في ز، وط.
(5)
"عنهما" في ز، وط.
(6)
انظر: الفتح الرباني 23/ 70، والإصابة لابن حجر 2/ 165، والبداية والنهاية 7/ 18، والكامل لابن الأثير 2/ 291 - 293.
(7)
"وكعمل" في ز، وط.
(8)
ذكر المقريزي في شذور العقود في ذكر النقود ص 7 - 8، أن عمر بن الخطاب ضرب الدراهم سنة 18 هـ على نقش الدراهم الكسروية، نسبة إلى كسرى - غير أنه زاد في بعضها: الحمد لله، وفي بعضها: لا إله إلا الله وحده، وفى بعضها: محمد رسول الله، وجعل وزن كل عشرة ستة مثاقيل. اهـ.
والمعروف عند المؤرخين أن أول من ضرب الدراهم والدنانير عبد الملك بن مروان، ولعلهم أرادوا الضرب العربي؛ فإن عبد الملك منع تداول غير دراهمه ودنانيره، من دراهم ودنانير فارس والروم، بعد أن بلغه أنهم أوشكوا أن يكتبوا فيها سبًا للدين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الضرب على نقش الدراهم الكسروية والطبرية ونحوهما فقد فعله عمر وعثمان =
السجن (1)، كما فعله عمر رضي الله عنه، وكهدم الأوقاف لتوسعة المسجد، كما فعله عثمان بمسجد النبي عليه السلام (2)، وكجعل أذان الجمعة في السوق (3) ثم
= ومعاوية ومصعب بن الزبير وعبد الله بن الزبير، حتى جاء عبد الملك بن مروان فجعل النقد الإسلامي وحدة قائمة بذاتها.
انظر: شذور العقود للمقريزي ص 7 - 10، والدرهم الإسلامي للنقشبندي 1/ 21، وفتوح البلدان للبلاذري ص 451، والأموال لأبي عبيد ص 467، والبداية والنهاية 9/ 15، والكامل لابن الأثير 4/ 53.
(1)
روى البخاري تعليقًا أن نافع بن عبد الحارث، عامل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على مكة، اشترى دارًا للسجن من صفوان بن أمية على أنه إن رضي عمر فالبيع بيعه وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة دينار. اهـ.
انظر: كتاب الخصومات باب الربط والحبس في الحرم، وانظر: فتح الباري 5/ 75 - 76، وقد وصله الأزرقي في أخبار مكة 2/ 165، بسنده إلى عبد الرحمن بن فروخ، والبيهقي في سننه 6/ 34، وفيه قال ابن عيينة: فهو سجن الناس اليوم بمكة. اهـ.
انظر: المصنف لعبد الرزاق 5/ 148، الحديث رقم 9513، وغاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام لعز الدين بن فهد 1/ 44.
(2)
توسعة المسجد في عهد عثمان هي التوسعة التي زاد فيها المسجد زيادة كبيرة، وغير بناءه، فجعل جداره وعمده بالحجارة المنقوشة، وجعل سقفه من الساج، وقد روى البخاري في كتاب الصلاة عن ابن عمر حديثًا يفيد ذلك، فانظره برقم 446، وانظر أيضًا: الحديث رقم 450، وروى حديث ابن عمر: الإمام أحمد في المسند، فانظر: الفتح الرباني 23/ 276، وانظر: البداية والنهاية 7/ 154، والكامل لابن الأثير 3/ 51، وفتح الباري 1/ 545.
(3)
روى البخاري في كتاب الجمعة من الصحيح عن السائب بن يزيد قال: كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر إذا خرج الإمام، وإذا أقيمت الصلاة، فلما كان عثمان رضي الله عنه زاد النداء الثالث على الزوراء.
انظره في البخاري برقم 912، وفي الترمذي برقم 516، وفي المسند 3/ 450، وكان ذلك سنة ثلاثين من الهجرة، وانظر: البداية والنهاية 7/ 148، 156، والكامل لابن الأثير 3/ 58.
نقله هشام (1) إلى المسجد، وغير ذلك.
قوله: (الرابع الشبه، قال القاضي أَبو بكر: هو (2) الوصف الذي لا يناسب [بذاته (3) ويستلزم المناسب](4) لذاته، وقد شهد الشرع لتأثير جنسه القريب في جنس الحكم القريب.
والشبه يقع في الحكم، كشبه (5) العبد المقتول بالحر، [أ](6) وشبهه بسائر المملوكات، وعند ابن علية (7) يقع الشبه في الصورة، كرد الجلسة الثانية إِلى (8)
(1) هو: أمير المؤمنين، أَبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، ولد بعد السبعين، واستخلف سنة 105 هـ بعد أخيه يزيد، وكان عاقلاً حازمًا حسن السيرة والسياسة توفي سنة 125 هـ، انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 351، والبداية والنهاية 9/ 351، وشذرات الذهب 1/ 163، والكامل لابن الأثير 4/ 192، 254 - 256.
(2)
"هذا" في أ.
(3)
"لذاته" في ش.
(4)
ساقط من ط.
(5)
"كمشابهة" في ش.
(6)
ساقط من خ.
(7)
هو: أَبو بشر، إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، المعروف بابن علية، بضم العين وفتح اللام وتشديد الياء المفتوحة، بصري، أصله من الكوفة، روى عن أيوب وابن عون وأضرابهما، وعنه أحمد وشعبة وابن معين وجماعة سواهم، قال فيه ابن معين وغيره: هو ثقة مأمون صادق ورع تقي. اهـ.
ابتلي في آخر عمره بالقول بخلق القرآن فزل، ثم رجع وتاب، غير أن أهل السنة ما زالوا يجدون عليه حتى مات سنة 193 هـ، انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 229، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 99، والميزان 1/ 216، وتهذيب التهذيب 1/ 275، وتذكرة الحفاظ 1/ 322.
(8)
"الجلسة" زيادة في أ، وخ.
الأولى في الحكم، وعند الإِمام التسوية، بين الأمرين إِذا غلب على الظن أنه مستلزم للحكم (1))، و [هو](2) ليس بحجة عند القاضي منا).
ش: تكلم المؤلف ها هنا على الوصف الرابع من الأوصاف الثمانية الدالة على العلة وهو الشبه (3).
ذكر المؤلف حقيقته وأقسامه وحكمه.
أما حقيقته: فهو (4) الوصف الذي لا يناسب بذاته ويستلزم المناسب لذاته، كما قاله القاضي أَبو بكر (5).
(1) في خ: زيادة: "أو لما هو علة للحكم صح القياس". اهـ.
(2)
ساقط من ز، وط.
(3)
انظر: هذه المسألة في: المعتمد 2/ 842، واللمع ص 289، والمستصفى 2/ 310، وإحكام الفصول للباجي 2/ 733، والمنخول ص 378، والمحصول 2/ 2/ 277، والبرهان فقرة ص 825، وأصول ابن مفلح 3/ 791، والوصول لابن برهان 2/ 294، وروضة الناظر ص 312، والإحكام للآمدي 3/ 294، ومختصر ابن الحاجب 2/ 244، وتيسير التحرير 4/ 53، وفواتح الرحموت 2/ 301، ومفتاح الوصول ص 151، والمسودة ص 374، وجمع الجوامع 2/ 286، والإبهاج 3/ 72، وشرح القرافي ص 395، والمسطاسي ص 144، وحلولو ص 344.
(4)
"فهي" في الأصل.
(5)
انظر كلام القاضي في: البرهان فقرة ص 832، والمحصول 2/ 2/ 277، والإبهاج 3/ 72، وجمع الجوامع 2/ 287، والإحكام للآمدي 3/ 295، وتعريف القاضي للشبه هنا هو تفسير له بقياس الدلالة، كما قال الآمدي وابن مفلح وغيرهما؛ لأن قياس الدلالة: هو ما كان الوصف فيه دالاً على العلة وليس هو العلة.
وقد اختلف الأصوليون في حد الشبه، وذلك راجع إلى غموضه والتباسه بالمناسبة والطرد، فلذا يذكر كثير من الأصوليين الفروق بينها عند الكلام على الشبه، ويرجع الخلاف أيضًا إلى أن القياس كله مبني على المشابهة، والشبه هنا تخصيص وقصر للاسم على نوع من القياس، وأقرب ما قيل في حده: أنه ما توهم فيه المناسبة من غير =
مثال ذلك: قولنا: الخل مائع لا تبنى القنطرة على جنسه في العادة، وما لا تبنى القنطرة على جنسه فلا تزال به النجاسة، قياسًا على الدهن.
فقولنا: لا تبنى القنطرة على جنسه، ليس بمناسب (1)، ولكن (2) مستلزم للمناسب، وهو القلة، وذلك أن القنطرة لا تبنى على المائع القليل، وإنما تبنى على المائع الكثير كالأنهار، فالقلة (3) مناسبة لعدم مشروعية الطهارة بالمائع المتصف بالقلة، فإن الطهارة شرع عام، [وما هو شرع عام](4) يقتضي أن تكون أسبابه عامة الوجود، فإن تكليف الجميع بما لا يجده [إلا](5) البعض بعيد عن القواعد (6).
= اطلاع عليها، فهو بين المناسبة والطرد؛ لأن المناسبة عرفت فيها العلة، والطرد لا مناسبة فيه أصلاً.
انظر: المستصفى 2/ 310 - 311، والبرهان فقرة 825 - 833، والإحكام للآمدي 3/ 294 - 295، وأصول ابن مفلح 3/ 791 - 792، وجمع الجوامع 2/ 286، وإرشاد الفحول ص 219، وشرح القرافي ص 395، وانظر: شرح المسطاسي ص 144 حديث ذكر كثيرًا من تعريفاته مع أمثلتها، وانظر شرح حلولو ص 344 - 345.
(1)
في ز: "يناسب"، وفي ط:"مناسب".
(2)
"ولكنه" في ز، وط.
(3)
"والقلة" في ط.
(4)
ساقط من ز، وط.
(5)
ساقط من ط.
(6)
هذا المثال الذي ذكره هنا، ذكره الغزالي في المستصفى 2/ 311، والبيضاوي في المنهاج مثالاً للطرد، قال الغزالي: بناء القنطرة على جنس الماء القليل علة مطردة لا نقض عليها، ليس فيها علة سوى الاطراد، ونعلم أنها لا تناسب الحكم ولا تناسب العلة التي تقتضي الحكم بالتضمن لها والاشتمال عليها، فإنا نعلم أن الماء جعل مزيلاً للنجاسة لخاصية وعلة وسبب يعلمه الله. اهـ. =
قوله: (وقد شهد الشرع لتأثير جنسه القريب في جنس الحكم القريب).
أي: وقد اعتبر الشرع أن قلة الماء يؤثر في عدم استعماله في الطهارة، إذا ألجأت الحاجة إلى الماء في السفر مثلاً، فإنه يرجع إلى التيمم، فكذلك تؤثر القلة في عدم استعمال الخل في الطهارة، فكما أن الماء القليل لا يستعمل في الطهارة إذا احتيج إليه، كذلك الخل لا يستعمل في الطهارة، والجامع بينهما القلة.
قوله: (جنسه القريب)، أي جنس الوصف القريب من صورة النزاع (1)؛ لأن قلة الماء وصف قريب من الخل لاشتراكه مع الخل في القلة.
قوله: (لتأثير (2) جنسه القريب في جنس الحكم القريب)، فقد اعتبر الشرع في مثالنا [تأثير](3) قلة الماء في عدم استعمال الماء للطهارة، فجنس الحكم ها هنا هو عدم الاستعمال للطهارة.
= ومثل الغزالي للشبه بالمسح على الرأس، قال أَبو حنيفة: لا يكرر قياسًا على الخفين بجامع المسح، وقال الشافعي: ركن من أركان الوضوء يؤدى بالماء فيستحب فيه التكرار كباقي الأركان، وساق عدة أمثلة.
فانظر: المستصفى 2/ 311 وما بعدها، وانظر: الإبهاج 3/ 72 - 73، ونهاية السول 4/ 109، والعضد في شرحه على مختصر ابن الحاجب 2/ 245.
وساق القرافي هذا المثال للشبه عند القاضي، فانظر شرحه ص 395، وانظر أيضًا: المسطاسي ص 144.
(1)
"الشرع" في ز.
(2)
"التأثير" في ز.
(3)
ساقط من ط، وفي ز:"التأثير".
قوله: (والشبه يقع في الحكم)، هذا (1) بيان أقسام الشبه، وهو [على] (2) قسمين: شبه في الصورة، وشبه في الحكم (3).
مثال الشبهين معًا (4): العبد المقتول لأنه شبيه (5) بالحر في كونه آدميًا، وشبيه بسائر المملوكات في كونه مملوكًا.
ففيه إذًا شبهان، فمن غلب عليه الشبه الصوري، وهو كونه آدميًا أوجب فيه القيمة ما لم تزد (6) على دية الحر، وهو أبو حنيفة، بل قال أَبو حنيفة: لا بد أن ينقص دينار من دية الحر إذا بلغتها قيمة (7) العبد (8). ومن غلب عليه الشبه الحكمي، وهو الشبه الشرعي، وهو كونه مملوكًا، أوجب فيه القيمة بالغة ما بلغت، وهو مالك والشافعي (9).
(1)"فهذا" في ط.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
انظر ذكر أقسام الشبه في عرض الاختلاف في: المعتمد 2/ 842 - 843، والإبهاج 3/ 74، والمحصول 2/ 2/ 279، والبرهان فقرة 827، وشرح القرافي ص 395، والمسطاسي ص 145.
(4)
"مع" في ز.
(5)
"شبهه" في ط.
(6)
"تزيد" في ط.
(7)
"دية" في الأصل.
(8)
قال الحنفية: إذا بلغت قيمة العبد أو الأمة دية الأحرار أو زادت عليها، لم يدفع الجاني إلا دية الحر أو الحرة وينقص منها عشرة دراهم، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، أما أَبو يوسف فقال بقول الجمهور.
انظر: الهداية 4/ 209، وحاشية ابن عابدين 6/ 618، وبداية المجتهد 2/ 414.
(9)
انظر: المدونة 4/ 480، والأم 7/ 328، والتنبيه للشيرازي ص 132، وبداية المجتهد 2/ 414.
قوله: (والشبه يقع في الحكم)، أي وفي الصورة.
قوله: (كشبه العبد المقتول بالحر)، هذا عند أبي (1) حنيفة، لأنه قال: العبد/ 309/ آدمي، فالواجب في قتله القيمة ما لم تزد على دية الحر، قياسًا على الحر.
قوله: (أو شبهه بسائر المملوكات)، هذا (2) عند مالك والشافعي، لأنهما قالا: العبد مملوك (3)، فالواجب في قتله القيمة ولو زادت على الدية، قياسًا على سائر المملوكات.
قوله: (وعند ابن علية يقع الشبه في الصورة، كرد الجلسة الثانية إِلى الأولى في الحكم (4)) ، [أي] (5) قال ابن علية: تقاس الجلسة الثانية على الجلسة الأولى فتكونان سنتين لمشابهتهما (6) في الصورة.
قوله: (وعند الإِمام للتسوية [بين] (7) الأمرين (8) إِذا غلب على الظن أنه مستلزم للحكم (9)، وهو ليس بحجة عند القاضي منا) (10).
(1)"ابو" في ط.
(2)
"هو" في ط.
(3)
"مملوكًا" في ط.
(4)
انظر: المعتمد 2/ 842، والمحصول 2/ 2/ 279، والإبهاج 3/ 74، ونهاية السول 4/ 112، وشرح القرافي ص 395، وشرح المسطاسي ص 145.
(5)
ساقط من ط.
(6)
كذا في ز، وط، وفي الأصل:"لمشابهما"، ولعل الأنسب أن يقول: لتشابههما.
(7)
ساقط من ط.
(8)
"الأولين" في ز.
(9)
انظر: المحصول 2/ 2/ 279، وشرح القرافي ص 395، وانظر: الإبهاج 3/ 74.
(10)
انظر: البرهان فقرة ص 840، والمحصول 2/ 2/ 280، وشرح القرافي ص 396.
هذا بيان حكم الشبه، وذلك أن العلماء اختلفوا في قياس الشبه، هل هو حجة أم [لا]؟ (1). على ثلاثة أقوال؛ قيل: حجة، وقيل: ليس بحجة، وقيل: قياس الحكم حجة دون قياس الصورة (2).
والمراد بالأمرين في قوله: التسوية بين الأمرين: الشبهان (3)؛ الصوري والحكمي (4) إذا غلب على الظن أن [الشبه](5) مستلزم للحكم، أي إذا غلب على الظن أن الشبه علة الحكم أو مستلزم لعلة الحكم، فإنه يجب كونه علة، سواء كان صورة، أو حكمًا، أو غير ذلك، عملاً بموجب الظن.
حجة القول بأنه حجة: قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} (6)، والشبه نوع من الاعتبار، فوجب (7) اندراجه في دليل الاعتبار.
(1) ساقط من ط.
(2)
مذاهب الأصوليين في الشبه ترجع إلى سبعة هي:
1 -
بطلانه مطلقًا.
2 -
اعتباره في الحكم ثم في الصورة.
3 -
اعتباره فيهما على حد سواء.
4 -
اعتباره في الحكم فقط.
5 -
اعتباره في الصورة فقط.
6 -
اعتباره فيما يظن استلزامه للعلة.
7 -
اعتبار قياس (غلبة الأشباه) دون غيره.
انظر: الإبهاج 3/ 75، والمسودة ص 374 - 375.
(3)
"المشبهان" في ز.
(4)
"والحكم" في الأصل.
(5)
ساقط من الأصل.
(6)
الحشر: 2.
(7)
"فيوجب" في ط.
وقوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر"، والشبه ظاهر لأنه يفيد الظن، فوجب (1) اندراجه في دليل الظاهر.
وقول معاذ: أجتهد رأيي (2)، والشبه من الاجتهاد، فوجب (1) اندراجه في دليل الاجتهاد.
حجة القول بأنه ليس بحجة، كما قال القاضي: أن الأصل ألا يعمل بالظن (3) لقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (4)، خالفناه في قياس المناسبة، فيبقى قياس الشبه (5) على مقتضى الدليل (6).
حجة القول بأن قياس الشبه الشرعي حجة دون الصوري (7): أن الشرعي (8) أولى من غيره بالاعتبار.
وهذا الخلاف كله [إنما هو](9) فيما إذا عدم قياس العلة (10)، وكذلك
(1)"فيوجب" في ط.
(2)
انظر: الأدلة الثلاثة في: شرح المسطاسي 145 - 146.
(3)
"بالظاهر" في ط.
(4)
يونس: 36.
(5)
"الشبهة" في ز، وط.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 396، والمسطاسي ص 146.
(7)
"الضروري" في ز، وط.
(8)
"الشرع" في ز، وط.
(9)
ساقط من ز، وط.
(10)
في ز زيادة: "باعتبار قياس العلة".
إذ [ا](1) كان الفرع تجاذباه (2) أصلان، وكان الفرع أقوى شبهًا بأحدهما، فإن الأقوى شبهًا يقدم على الآخر باتفاق، عملاً بالراجح.
وإنما محل النزاع ما عدا هاتين الصورتين (3)(4).
قوله: ([الخامس] (5): الدوران، وهو عبارة عن اقتران ثبوت الحكم مع ثبوت الوصف، وعدمه مع عدمه، وفيه خلاف.
والأكثرون (6) من أصحابنا وغيرهم يقولون بكونه حجة).
ش: هذا هو الوصف الخامس من الثمانية الدالة على العلة، وهو المعبر (7) عنه بالدوران، ويعبر عنه أيضًا بالطرد والعكس (8)، وبالاطراد (9)
(1) ساقط من ط.
(2)
كذا في النسخ الثلاث، وهذا خلاف القياس؛ لأن القياس توحيد الفعل، وقد حكي عن طيء وعن أزد شنوءة لغة تفيد تثنية وجمع الفعل ليوافق الفاعل، نحو قول الشاعر:
يلومونني في اشتراء النخيل
…
أهلي فكلهم ألوم
انظر: أوضح المسالك 2/ 14 - 18.
(3)
"الضرورتين" في ط.
(4)
انظر: شرح المسطاسي ص 146.
(5)
ساقط من ز.
(6)
"والأكثر أن" في ز.
(7)
"المعتبر" في ط.
(8)
انظر: الإحكام للآمدي 3/ 299، وأصول الفقه لابن مفلح 3/ 795، وشرح المسطاسي ص 146، وشرح حلولو ص 346.
(9)
"بالطراد" في ز.
والانعكاس (1)(2).
ومعناه: اقتران الوجود بالوجود، والعدم بالعدم، أي إذا وجد الوصف وجد الحكم، وإذا عدم عدم (3).
مثاله: الإسكار مع التحريم، فإن التحريم يدور مع الإسكار وجودًا وعدمًا، إذا وجد الإسكار وجد التحريم، وإذا عدم الإسكار عدم التحريم.
فإن عصير العنب قبل الشدة [ليس بمسكر، فليس بحرام، فقد اقترن العدم بالعدم، وإذا صار مسكرًا صار حرامًا، فقد اقترن الوجود بالوجود، وإذا تخلل صار](4) ليس مسكرًا ولا حرامًا، فقد دار التحريم مع الإسكار وجودًا وعدمًا (5).
إلا أن الفقهاء ذكروا في الخمر إذا تخلل التفصيل بين أن يكون ذلك بغير معالجة فهو حلال باتفاق، وإن كان ذلك بمعالجة [ففيه] (6) قولان (7): قيل:
(1) انظر: المحصول 2/ 2/ 297، وشرح المسطاسي ص 146.
(2)
انظر هذا المسلك في: المعتمد 2/ 784، والمستصفى 2/ 307، والبرهان فقرة 796، وما بعدها، والمحصول 2/ 2/ 285، والروضة ص 308، والإحكام للآمدي 3/ 299، واللمع ص 314، والإبهاج 3/ 78، ونهاية السول 4/ 117، وجمع الجوامع مع شرح المحلي 2/ 288، ومختصر ابن الحاجب 2/ 245، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 24، وتيسير التحرير 4/ 49، وفواتح الرحموت 2/ 302، وشرح القرافي ص 396، والمسطاسي ص 146، وحلولو ص 346.
(3)
انظر: المحصول 2/ 2/ 285، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 24، واللمع ص 314، والمعتمد 2/ 784.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 396، والمسطاسي ص 146.
(6)
ساقط من ز، وط.
(7)
"فقولان" في ز، وط.
حرام، وقيل: حلال (1).
سببهما: انقلاب الأعيان، هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ (2)(3).
قوله: (اقتران ثبوت الحكم مع ثبوت الوصف، وعدمه مع عدمه)، قد يكون ذلك في صورة واحدة كما تقدم في عصير العنب، وقد يكون ذلك في صورتين (4).
مثاله: أن ندعي وجوب الزكاة في الحلي المتخذ للاستعمال المباح (5)،
(1) وهناك قول ثالث بالكراهة حكاه ابن رشد في بداية المجتهد، فانظر البداية 2/ 475، وانظر: المغني 8/ 319، وحاشية ابن عابدين 6/ 451، والأموال لأبي عبيد 104 - 106، والأموال لابن زنجويه 1/ 284.
(2)
"أولا" في ز، وط.
(3)
قال ابن رشد: سبب الخلاف تعارض القياس والآثار الواردة في ذلك، فقد ورد منع التخليل من حديث أنس أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرًا قال:"أهرقها"، قال: أفلا أجعلها خلاً؟، قال:"لا"، رواه أبو داود في الأشربة برقم 3675.
وروي عن عمر أنه قال: لا يحل خل من خمر أفسدت حتى يكون الله هو الذي أفسدها، رواه عبد الرزاق في المصنف برقم 17110، وأبو عبيد في الأموال ص 105، وابن زنجويه في الأموال 1/ 287، وأما القياس فهو عدم وجود علة تحريم الخمر في الخل. انظر: بداية المجتهد 2/ 475.
(4)
انظر: المحصول 2/ 2/ 285، والإبهاج 3/ 79، وشرح القرافي ص 396، والمسطاسي ص 146، وحلولو ص 346.
(5)
القول بوجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال هو قول الحنفية ورواية للشافعية ورواية للحنابلة، وبين الصحابة والتابعين والسلف والخلف نزاع قديم في هذه المسألة ولكل حجاج يقصر عنها هذا المقام. فانظر: المغني 3/ 11، والتنبيه ص 33، وبداية المجتهد 1/ 251، والهداية 1/ 104.
فنقول: الموجب (1) لوجود (2) الزكاة في النقدين كونهما أحد الحجرين؛ لأن وجوب الزكاة دار مع كونهما أحد الحجرين وجودًا وعدمًا.
أما وجودًا: ففي صورة المسكوك، فإنه أحد الحجرين، فالزكاة واجبة فيه.
وأما عدمًا: ففي صورة العقار، فإنه ليس أحد الحجرين، فلا تجب الزكاة فيه، إلا أنه في الصورة الواحدة أرجح منه في الصورتين؛ لأن انتفاء الحكم بعد ثبوته [في](3) الصورة (4) الواحدة يقتضي أنه ليس معه ما يقتضيه في تلك الصورة وإلا لثبت فيها، وأما انتفاء الحكم من صورة أخرى فيمكن أن يقال: موجب الحكم في صورة الثبوت غير الوصف المدعى علة (5)، وإن الوصف المدعى علة (6) لو فرض انتفاؤه لثبت الحكم بوصف آخر، فلم يتعين ها هنا عدم اعتبار [غير](7) هـ، بخلاف الصورة الواحدة (8).
قوله: (وفيه خلاف (9) والأكثرون من أصحابنا وغيرهم يقولون بكونه حجة).
واختلف الأصوليون في الدوران على أربعة أقوال:
(1)"الواجب" في ط.
(2)
"لوجوب" في ز.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"صورة" في ط.
(5)
"علته" في ز، وط.
(6)
"علته" في ز.
(7)
ساقط من ز، وط.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 396.
(9)
"اختلاف" في الأصل.
قيل: يفيد العلة قطعًا (1)، وقيل: يفيدها ظنًا (2).
وقيل: إن تكرر كثيرًا أفادها قطعًا، وإلا أفادها ظنًا (3).
والقول الرابع: لا يفيدها مطلقًا؛ لا قطعًا ولا ظنًا (4).
حجة الأكثرين القائلين بأن الدوران حجة: أن اقتران الوجود بالوجود والعدم بالعدم يغلب على الظن أن المدار علة (5) للدائر، بل يحصل القطع بذلك في بعض الصور.
وذلك أن من ناديناه باسم فغضب، ثم سكتنا عنه فزال غضبه، ثم ناديناه بذلك الاسم فغضب، ثم سكتنا عنه فزال غضبه، ثم ناديناه [به](6) فغضب، ثم كذلك مرارًا كثيرة (7)، حصل لنا الظن الغالب، [أو](8) القطع الجازم أن علة غضبه هو (9) نداؤه بذلك الاسم (10)، ولذلك جزم الأطباء/ 310/ بكثير من
(1) انظر: البرهان فقرة 796، والمحصول 2/ 2/ 285، والإبهاج 3/ 79، والإحكام للآمدي 3/ 299، وجمع الجوامع 2/ 289، والمسطاسي ص 146.
(2)
انظر: البرهان فقرة 801، والمحصول 2/ 2/ 285، والروضة ص 308، والإبهاج 3/ 79، والإحكام للآمدي 3/ 299، وجمع الجوامع 2/ 289، المسطاسي ص 146.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 146.
(4)
انظر: البرهان فقرة ص 800، والمحصول 2/ 2/ 286، والوصول لابن برهان 2/ 299، والإبهاج 3/ 79، والإحكام للآمدي 3/ 299، وجمع الجوامع 2/ 288، والمسطاسي ص 146.
(5)
"علته" في ط.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
"كثيرًا" في ط.
(8)
ساقط من ط.
(9)
"هي" في ز، وط.
(10)
"اسم" في ط.
الأدوية المسهلة والقابضة، والمبردات (1) والمسخنات، وغيرها، بسبب وجود تلك [الآثار عند وجود تلك](2) العقاقير (3)، وعدمها [عند عدمها](4).
فالدوران أصل كبير من أصول الدنيا والآخرة، [فإذا وجدناه بين الوصف](5) والحكم، جزمنا بعلة الوصف للحكم (6).
قال إمام الحرمين في البرهان: الدوران أقوى ما تثبت به العلة (7).
حجة القول بأن الدوران ليس بحجة: أن بعض الدورانات (8) ليس بحجة، فوجب أن يكون الجميع ليس بحجة، وذلك كالجوهر مع العرض، وكحركات الأفلاك مع الكواكب، فإن كل واحد منهما يدور مع الآخر وليس أحدهما علة للآخر، فوجب أن يكون الجميع ليس بحجة إلا ما وقع الاتفاق عليه.
أجيب عنه: بأن القول بكون الدوران حجة، مشروط بألا يجزم بعدم عليته (9) والموصوف بهذه الصفة لم يوجد في صورة النقض، فلا يرد النقض (10).
(1)"المرادات" في ط.
(2)
ساقط من ط.
(3)
"العقاقر" في ط.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
ساقط من ط.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 397، والمسطاسي 146 - 147.
(7)
انظر: البرهان فقرة 796، حيث نقل هذا عن الجدليين، ونقل عن أبي الطيب الطبري أنه قال: إن هذا المسلك من أعلى المسالك المظنونة. اهـ.
وانظر: الإبهاج 3/ 79.
(8)
"الدورنات" في ط.
(9)
"علته" في الأصل.
(10)
انظر الحجة والإجابة عنها في: شرح القرافي ص 397، والمسطاسي ص 147.
[قوله](1): (السادس: السبر والتقسيم، وهو أن تقول (2): إِما أن يكون الحكم معللاً بكذا أو بكذا [أو بكذا](3)، والكل (4) باطل إِلا كذا فيتعين).
ش: هذا هو الوصف السادس من الثمانية الدالة على العلة، وهو السبر والتقسيم (5).
والسبر في اللغة معناه: الاختبار، ومنه المسبار لما يختبر به الجرح طولاً وعرضًا، ومنه قول العرب: هذه القضية يسبر بها غور العقل (6).
قال المؤلف: والأولى أن يقال (7): التقسيم والسبر، بتقديم التقسيم على السبر، لأنا نقسم أولاً، ثم نسبر تلك الأقسام ثانيًا (8)، ولكن إنما قدموا (9)
(1) ساقط من ط.
(2)
"يقول" في ش، وخ، وز، وط.
(3)
ساقط من الأصل، وش، وز، وط.
(4)
"فالكل" في ز، وط.
(5)
انظر: البرهان فقرة 772، والمحصول 2/ 2/ 299، والمستصفى 2/ 295، والمنخول ص 350، ومختصر ابن الحاجب 2/ 236، والإحكام للآمدي 3/ 264، وروضة الناظر ص 306، وجمع الجوامع 2/ 270، والمسودة ص 426، وتيسير التحرير 4/ 46، وفواتح الرحموت 2/ 299، ونهاية السول 4/ 128، والإبهاج 3/ 83، وشرح القرافي ص 397، والمسطاسي ص 147، وحلولو ص 346.
(6)
انظر: المشوف المعلم، والصحاح، مادة:"سبر".
(7)
"يقول" في ز.
(8)
انظر: نهاية السول للإسنوي 4/ 129 - 130.
(9)
"تقدم" في ط.
السبر في اللفظ على التقسيم؛ لأن السبر هو القصد (1)، والتقسيم وسيلة إلى السبر، فالمقصد (2) أهم من الوسيلة، فإن شأن العرب [تقديم](3) الأهم والأفضل (4).
وهذا الوصف الذي هو السبر والتقسيم (5)، حجة [عند الأكثرين](6).
والدليل على (7) كونه حجة أصلان:
أحدهما: أن الأصل في الأحكام التعليل، فمهما أمكن أن يكون الحكم معللاً فلا يجعل تعبدًا (8).
والأصل الثاني: أنه مهما أمكن إضافة الحكم إلى المناسب فلا يضاف إلى غيره، ولم نجد ها هنا مناسبًا (9) إلا ما بقي بعد السبر، فوجب كونه علة عملاً بهذين الأصلين (10).
حجة القول بأنه ليس بحجة: أن إبطال ما بطل من المعاني لا يلزم (11) منه
(1)"المقصد" في ز، وفي ط:"المصدر".
(2)
"فالمصدر" في ط.
(3)
ساقط من ط.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 147.
(5)
"هو" زيادة في ز، وط.
(6)
ساقط من ز، وط، وانظر: شرح حلولو ص 347.
(7)
"بأن" في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 147.
(9)
"مناسب" في ط.
(10)
انظر: شرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 147.
(11)
"يرم" في ز.
صحة (1) ما بقي، لاحتمال بطلانه في نفسه، أو تكون للحكم علة أخرى (2).
مثال ذلك: سارق الكفن [من القبر](3)، قال مالك: يقطع (4)، وقال أَبو حنيفة:[لا يقطع](5)(6).
فيقول المالكي: سقوط القطع لا يخلو إما لعدم الملك، وإما لعدم الحرز، وإما لعدم الخصومة، فلا يصح أن يقال: لعدم الملك؛ لأن الملك ثابت إما للميت وإما للورثة، ولا يصح أن يقال: لعدم الحرز؛ لأن حقيقة الحرز ما لا يعد الواضع فيه [في العرف](7) مضيعًا للمال، فإن من كفن ميتًا ودفنه وسد قبره فلا ينسب إلى ضياعه في العرف، فإن القبر حرز للميت ولكفنه، ولا يصح أن يقال لعدم الخصومة فيه؛ لأن الخصومة فيه ثابتة إما للورثة وإما للإمام، فإذا انتفت أسباب السقوط تعين القطع.
قوله: (السابع: الطرد، وهو عبارة عن اقتران الحكم بسائر (8) صور الوصف، وليس (9) مناسبًا ولا مستلزمًا (10) للمناسب، وفيه خلاف).
ش: [هذا](11) هو الوصف السابع من الثمانية الدالة على العلة، وهو
(1)"حجة" في ز.
(2)
انظر: شرح المسطاسي ص 147.
(3)
ساقط من ط.
(4)
انظر: الرسالة لابن أبي زيد ص 109، وبداية المجتهد 2/ 449.
(5)
ساقط من ط.
(6)
انظر: الهداية 2/ 121، والمبسوط 9/ 159.
(7)
ساقط من ز، وط.
(8)
"سائر" في ط.
(9)
"فليس" في ش.
(10)
"ملتزمًا" في ط.
(11)
ساقط من ط.
الطرد (1).
ومعناه: اقتران الحكم بجميع صور الوصف، وهو اقتران الوجود بالوجود، وليس مناسبًا ولا مستلزمًا للمناسب؛ لأنه لو كان مناسبًا لكان هو المناسب المتقدم، ولو كان مستلزمًا [للمناسب](2) لكان هو الشبه المتقدم، ونحن إنما قصدنا [ها هنا](3) إثبات طريق آخر (4) غير المناسب وغير الشبه، فاقتران الوجود بالوجود طريق مستقل في إثبات العلة (5)، وفيه قولان:
قيل (6): يدل على العلة، وإليه ذهب القاضي ابن القصار (7) وجماعة (8).
(1) انظر بحث الطرد في: المعتمد 2/ 786، والبرهان فقرة 738، وما بعدها، والمحصول 2/ 2/ 305، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 30، والمستصفى 2/ 307، والتبصرة ص 460، والمنخول ص 340، وروضة الناظر ص 309، والوصول لابن برهان 2/ 303، ونهاية السول 4/ 135، والإبهاج 3/ 85، وجمع الجوامع 2/ 291، وشرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 147، وحلولو ص 347.
(2)
ساقط من ط.
(3)
ساقط من ط.
(4)
"الاخر" في ط.
(5)
انظر: الفرق بين الشبه والمناسبة والطرد في: المستصفى 2/ 310 - 311، والبرهان فقرة 825، والإحكام للآمدي 3/ 296، وجمع الجوامع 2/ 286، وشرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 148.
(6)
"وقيل" في الأصل.
(7)
انظر: مقدمة ابن القصار ص 125، وشرح المسطاسي ص 148.
(8)
منهم بعض الشافعية كأبي بكر الصيرفي والرازي والبيضاوي في المنهاج.
انظر: التبصرة ص 460، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 30، والمحصول 2/ 2/ 305، والإبهاج 3/ 85، والمسطاسي ص 148.
وقيل: لا يدل على العلة، وإليه ذهب [القاضي](1) أَبو بكر (2)، وأبو إسحاق الشيرازي (3)(4)، وأبو حامد الغزالي (5)، وغيرهم (6).
مثال ذلك: كما (7) لو قلنا [علة](8) وجوب الزكاة في الحلي من أحد النقدين كونه ذهبًا أو فضة، فإنه ليس بمناسب ولا هو مستلزم للمناسب الذي هو الغنى، فنقول بوجوب الزكاة في الحلي المباح إلحاقًا له بسائر الصور من المسكوك (9) والمثبور (10)، ..............................................
(1) ساقط من ط.
(2)
انظر: البرهان فقرة 739، 744، والإبهاج 3/ 85.
(3)
"والشيرازي" في ط، ويحتمل أن العبارة صحيحة ويكون المراد بأبي إسحاق: الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني؛ لأنه ممن أنكر القول بالطرد، انظر: البرهان فقرة 744.
(4)
انظر: التبصرة ص 460.
(5)
انظر: المنخول ص 340، والمستصفى 2/ 307.
(6)
كالجويني وأبي الخطاب من الحنابلة، وأبي الحسين البصري وابن قدامة وغيرهم.
انظر: البرهان فقرة 739، والتمهيد لأبي الخطاب 4/ 30، والمعتمد 2/ 786، 1038، والروضة ص 309، والمسطاسي ص 148.
(7)
"مكا" في ز.
(8)
ساقط من ط.
(9)
أي المضروب دراهم ودنانير، وسبب التسمية راجع إلى السكة بكسر السين وفتح الكاف، وهي الحديدة التي تضرب عليها الدراهم والدنانير.
انظر: اللسان، والصحاح، مادة:"سكك" والمخصص لابن سيده 12/ 28.
(10)
كذا في الأصل، وز، ومعناها في اللغة: المحبوس والمخزون، انظر: اللسان مادة: "ثبر" وفي ط: "التبور".
ولعل صواب الكلمة: التبر، وهو الذهب المكسور أو المنثور قبل صياغته، مأخوذ من التتبير، وهو التغيير والتكسير، فإذا ضرب فهو عين.
انظر: اللسان، والصحاح مادة:"تبر"، والمخصص 12/ 23.
والغلة (1)، والصحاح (2)، وغيرها.
حجة القول بأنه حجة ودليل، وجهان:
أحدهما: أن الأصل في الأحكام التعليل، وليس ها هنا غير هذا الوصف، فوجب كونه علة عملاً بهذا الأصل، نفيًا للتعبد بحسب الإمكان.
والوجه الثاني: [أن](3) اقتران الحكم بجميع الصور مع انتفاء ما يصلح (4) للتعليل غير هذا المقترن يغلب على الظن علية ذلك المقترن، والعمل بالراجح متعين (5).
حجة القول بأنه ليس بحجة، أربعة أوجه (6):
أحدها: أن الأصل في الشرائع اعتبار المصالح والمفاسد، فما لم يعلم (7) فيه تحصيل مصلحة ولا درء مفسدة، وجب ألا يعتبر (8).
الوجه الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم إنما نقل عنهم العمل بالمناسب، وأما غير المناسب فلا، فوجب بقاؤه على الأصل في عدم الاعتبار (9).
(1) الغلة: هي الدخل من كراء دار، أو فائدة أرض، ونحوهما. انظر: اللسان: "غلل".
(2)
صحاح بفتح الصاد والحاء، يقال: درهم صحاح، بمعنى صحيح، ويروى بضم الصاد، ومنهم من يرويه بالكسر ولا وجه له. انظر: اللسان، مادة:"صحح".
(3)
ساقط من ط.
(4)
"يصح" في ط.
(5)
انظر الوجهين في: شرح القرافي ص 398، والمسطاسي ص 148.
(6)
انظرها في: شرح المسطاسي ص 148.
(7)
"يصلح" في الأصل.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 398.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 398.
الوجه الثالث: أن العلل الشرعية أمارات (1) نصبها الشرع على الأحكام، فلا تثبت إلا بدلالة (2) السمع، فلا بد من إقامة الدليل على اعتبارها.
الوجه الرابع: أن الطرد راجع إلى السلامة من النقص، ولا يلزم [من](3) انتفاء مفسدة خاصة انتفاء جميع المفسدات، وعلى تقدير انتفاء جميع المفسدات فلا يلزم ثبوت الصحة.
قوله: (الثامن: تنقيح المناط، وهو إِلغاء الفارق، فيشتركان في الحكم).
ش: هذا هو الوصف الثامن الباقي من الثمانية الدالة على العلة، وهو المعبر عنه بتنقيح المناط (4).
تقدم لنا الخلاف في معنى تنقيح المناط (5)، هل هو إلغاء الفارق؟
قاله الغزالي، أو تعيين (6) العلة من أوصاف مذكورة، قاله غيره.
ومعنى قوله: فيشتركان في الحكم، أي يشترك الأصل والفرع في الحكم لعدم الفارق بينهما.
(1)"امارنا" في ز.
(2)
"بدالة" في ز.
(3)
ساقط من ط.
(4)
انظر: المحصول 2/ 2/ 215، وجمع الجوامع 2/ 292، والإبهاج 3/ 87، ونهاية السول 4/ 137، وشرح القرافي ص 399، والمسطاسي ص 148، وحلولو ص 347.
(5)
انظر: صفحة 301 من مخطوط الأصل، وصفحة 291 من هذا المجلد وشرح القرافي ص 388 - 389.
(6)
"تعين" في ز.
والدليل على أن تنقيح المناط حجة على تفسيره بإلغاء الفارق (1): أن الأصل [في](2) كل مثلين/ 311/ أن يكون (3) حكمهما واحد [اً](4)، فإذا استوت صورتان ولم يوجد (5) بينهما فارق، [فإن](6) الظن القوي (7) القريب من القطع يقتضي أنهما متساويتان (8) في الحكم (9).
مثال ذلك: قياس العبد على الأمة في تشطير الحد الوارد في الأمة [في](10) قوله (11) تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (12)؛ إذ لا فارق يصلح للتعليل بين العبد والأمة.
وكذلك قياس الأمة على العبد في التقويم على معتق الشقص؛ لأن النص وارد بلفظ العبد، لقوله عليه السلام: "من أعتق شركًا له في عبد قوم
(1) قال حلولو في شرحه ص 347: الأكثر على أنهما مسلكان لا مسلك واحد كما ظنه المصنف، والمسلك الأول: التنقيح، والثاني: إلغاء الفارق.
(2)
ساقط من ط.
(3)
"او يكون" في ط.
(4)
ساقط من الأصل وط.
(5)
"يجدوا" في ط.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"اللغوي" في ز، وط.
(8)
متساويان في الأصل.
(9)
انظر: شرح القرافي ص 399، والمسطاسي ص 148.
(10)
ساقط من الأصل.
(11)
"لقوله" في الأصل.
(12)
النساء: 25.
عليه نصيب شريكه".
وكذلك قياس بيع الصفة على بيع الرؤية؛ إذ لا فارق بينهما يصلح للتعليل.
***