الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع في عدده
(1)(2)
ش: أي هل يشترط تعدد الراوي للحديث أم لا؟
قوله: (والواحد عندنا وعند جمهور الفقهاء يكفي، خلافًا للجبائي في اشتراطه (3) الاثنين (4)، أو يعضد الواحد ظاهر، أو عمل بعض الصحابة، أو اجتهاد، أو يكون منتشرًا فيهم، ولم يقبل في الزنا إِلا أربعة.
لنا أن الصحابة رضوان الله عليهم قبلوا خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين وحدها (5)، وهو مما (6) تعم به البلوى).
ش: قال بعضهم: الأولى [أن](7) يذكر المؤلف هذا الفرع في الفصل
(1) ابتدأ ناسخ (ز) في سرد المتن، ثم عاد للشرح كعادته في الفصول والأبواب السابقة.
(2)
ذكرت أغلب مسائل هذا الفصل ضمن الفصل الخامس في خبر الواحد، حيث ذكرها الشوشاوي مع مسألة اختلاف العلماء في التعبد بخبر الواحدة صفحة 277 من مخطوط الأصل، صفحة 67 وما بعدها من هذا الجلد، وسيشير الشوشاوي لهذا، وقد أشار لهذا التكرار حلولو في شرحه ص 315.
(3)
"اشتراط" في ش.
(4)
"اثنين" في أ، وخ.
(5)
"وحدهما" في أ.
(6)
"ما" في أ.
(7)
ساقط من ز.
الثامن الذي يلي هذا الفصل؛ لأن هذا الشرط من الشروط المختلف فيها، ولا وجه لإفراد الفصل له (1).
وقد تقدم لنا في الفصل الخامس في خبر الواحد خمسة أقوال (2):
قيل: يجب العمل به وحده، وقيل: لا بد مما يقويه، وقيل: لا بد من اثنين مطلقًا، وقيل: لا بد من اثنين (3) إلا في الخبر المتعلق بالزنا، فلا بد فيه من أربعة، وهذان القولان المذكوران في الاثنين مرويان عن الجبائي.
وقيل: لا بد من أربعة مطلقًا في كل خبر (4).
احتج الجبائي: بحديث ذي اليدين، لأنه عليه السلام سلم من اثنتين (5) فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله، فقال عليه السلام:"كل ذلك لم يكن"، فقال (6) [ذو اليدين] (7): قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم:"أحق ما يقول ذو اليدين"، فقالوا: نعم، فلم يقبل عليه السلام قول ذي اليدين وحده (8).
(1) أورد هذا المأخذ المسطاسي في شرحه ص 115.
(2)
انظرها في: شرح المسطاسي ص 115.
(3)
"الاثنين" في ز.
(4)
سبق الكلام عن هذه الأقوال ونسبتها في الفصل الخامس في خبر الواحد صفحة 68 - 74 من هذا المجلد.
(5)
"اثنين" في الأصل.
(6)
"قال" في الأصل.
(7)
ساقط من الأصل.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
واحتج الجبائي أيضًا: بحديث أبي موسى الأشعري في الاستئذان، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رده (1) ولم يقبله وحده حتى رواه غيره (2).
واحتج الجبائي أيضًا: بأن مقتضى الدليل ألا يعمل (3) بالظن لقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (4)، خالفناه في العدد، فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل (5).
أجيب عن الحديثين المذكورين: أن الرد فيهما لأجل الريبة، لا لكون العدد شرطًا، وليس [ذلك](6) محل النزاع.
أما حديث ذي اليدين فلأنها واقعة عظيمة في جمع عظيم فلو لم يخبر بها (7) إلا ذو (8) اليدين لكان ذلك ريبة (9) فيه، فسؤاله عليه السلام إنما هو لأجل الريبة، لا لأن العدد شرط (10)(11).
وأما حديث أبي موسى الأشعري فلأن الاستئذان مما يتكرر وتعم به
(1)"ردوه" في ز.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
(3)
"لا يعمل" في ز.
(4)
النجم: 28.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
(6)
ساقط من ز.
(7)
"يخربها" في ز.
(8)
"ذوا" في ز.
(9)
العبارة في ز هكذا: "لكان ذا لا ريبة"، وهو تصحيف.
(10)
"شرطا" في ز.
(11)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
البلوى، فلو لم يخبر به إلا أبو (1) موسى لكان ذلك ريبة (2) فيه، فالرد فيه إنما هو لأجل الريبة، لا لأن العدد شرط (3)(4).
وأما قوله مقتضى الدليل ألا يعمل بالظن خالفناه في العدد فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل.
الجواب (5) عنه: أن الأدلة على أنه لا يعمل بالظن مخصوصة بعمل الصحابة رضي الله عنهم/ 285/ لقبولهم خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين وحدها، وهو مما تعم به البلوى.
وقبولهم خبر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وحده في أخذ الجزية من المجوس لما روى لهم قوله عليه السلام: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" وغير ذلك من الأخبار.
وقد تقدم لنا ذلك في الفصل الخامس في خبر الواحد (6)، والجمع بين الدليلين أولى من اطراح أحدهما، وبالله التوفيق (7)(8).
قوله: (أو يعضد الواحد ظاهر)، تقديره: أو أن يعضد بالنصب بأن
(1)"أبي" في ز.
(2)
العبارة في ز هكذا: "لكان ذا لا ريبة"
…
وهو تصحيف.
(3)
"شرطا" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
(5)
"فالجواب" في ز.
(6)
انظر صفحة 70 - 72 من هذا المجلد.
(7)
"بمنه" زيادة في ز.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 368، والمسطاسي ص 115.
المحذوفة (1) لأن هذا الفعل معطوف على الاسم الذي هو الاثنين، ولا يمكن عطف الفعل على الاسم إلا أن يكون الفعل مقدرًا بالاسم، ولا يمكن تقدير الفعل ها هنا بالاسم إلا بأن المصدرية ليصير الفعل بمعنى (2) المصدر (3)، لأن أن المصدرية تقدر مع الفعل بعدها بتأويل المصدر، تقدير الكلام: خلافًا للجبائي في اشتراطه الاثنين [أو يعضد الواحد ظاهر، أي: اشتراطه الاثنين أو عضد الواحد ظاهر، فحينئذ يصح عطف العضد على الاثنين](4).
وهذا من المواضع التي يجوز فيها حذف أن المصدرية (5).
وإلى هذا أشار أبو موسى الجزولي فقال: والموضع الذي تضمر فيه وتظهر (6)(7): بعد لام كي إذا لم يكن معها لا، وبعد حرف العطف المعطوف به الفعل على المصدر الملفوظ به. انتهى نصه (8).
وقوله: إذا لم يكن [معها](9) لا، احترازًا مما إذا دخلت لا على لام كي، فإنه يجب التصريح فيه (10) بأن، أو التصريح بكي، كقولك:
(1)"المندوبة" في ز.
(2)
"لبعض" في ز.
(3)
انظر: الأصول في النحو لابن السراج 2/ 150، وشرح ابن يعيش على المفصل 7/ 22.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
انظر: الأصول في النحو لابن السراج 2/ 149.
(6)
"ولا تظهر" في ز.
(7)
في المقدمة الجزولية: وتظهر هو.
(8)
انظر: القانون في النحو ص 61.
(9)
ساقط من الأصل.
(10)
"فيه التصريح" في ز بالتقديم والتأخير.
جئت (1) لئلا تغضب، أو تقول: لكيلا تغضب (2).
ومنه قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} (3)، وقوله تعالى:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} (4)، إذ كلام أبي موسى ها هنا فيما يجوز فيه حذف أن ويجوز فيه إظهارها، فإن ما احترز منه يجب فيه إظهارها.
وإنما يجب إظهار أن فيما إذا دخلت لا على لام كي؛ لئلا يلتقي المثلان، وهما اللامان، فلا تقول: جئتك للا تغضب (5).
وقول أبي موسى: [و](6) بعد حرف العطف المعطوف به الفعل على المصدر الملفوظ [به](7)(8)، مثاله قولك: يعجبني ضرب زيد فيغضب، تقديره: فأن يغضب، ومنه قول الشاعر:
للبس عباءة وتقر عيني
…
أحب إلي من لبس الشفوف (9)
(1)"جئتك" في ز.
(2)
انظر: شرح ابن عقيل 2/ 170، وشرح المفصل 7/ 28.
(3)
الحديد: 23.
(4)
الحديد: 29.
(5)
انظر: شرح ابن يعيش على المفصل 7/ 28، وشرح التصريح على التوضيح 2/ 244.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: الأصول لابن السراج 2/ 149، 150، وشرح التصريح على التوضيح 2/ 244.
(9)
بيت من الوافر، لميسون بنت بحدل الكلبية، من قصيدة قالتها في الحنين إلى البادية لما تزوجت معاوية بن أبي سفيان فثقلت عليها الغربة، والرواية المشهورة: ولبس عباءة، والشفوف بضمتين: الثياب الرقاق.
انظر: خزانة الأدب 3/ 592، وشرح شواهد المغني 2/ 653.
ومنه قوله تعالى على قراءة غير نافع بالنصب {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} (1) أعني: بنصب "يرسل" عطفًا على قوله: "وحيًا"(2).
تقدير [هـ](3): أو أن يرسل، أي: إلا وحيًا أو إرسالاً (4)، ولا يجوز عطفه على أن يكلمه؛ لأنه يلزم منه نفي (5) الرسل، أو نفي المرسل إليهم، وذلك ممنوع (6).
وأما قراءة الرفع، فهو خبر مبتدأ محذوف، تقديره:[أو](7) هو يرسل رسولاً (8).
وقول أبي موسى: على المصدر الملفوظ به، احترازًا من العطف (9) على المصدر المتوهم، فإنه يجب فيه حذف أن، كقولك: ما تأتينا فتحدثنا، بالنصب على إضمار أن بعد الفاء، تقديره: فأن تحدثنا، فهو (10) معطوف على
(1) الشورى: 51، وتمامها {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} ،
(2)
انظر: النشر 2/ 368.
(3)
ساقط من الأصل.
(4)
"وإرسالاً" في ز.
(5)
"هي" في ز.
(6)
انظر: تفسير أبي حيان 7/ 527، وحجة القراءات ص 644.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: النشر 2/ 369، وحجة القراءات ص 644، وتفسير أبي حيان 7/ 527.
(9)
"اللفظ" في الأصل.
(10)
"معطوف وهو" زيادة في الأصل، وفي ز:"وهو".
مصدر متوهم تقديره: ما يكون منك إتيان فحديث (1).
وقول أبي موسى: وبعد حرف العطف المعطوف به الفعل على المصدر الملفوظ به، معترض [من](2) ثلاثة (3) أوجه.
أحدها: أنه أطلق في حرف العطف، مع أن سيبويه نص على أن هذا مخصوص بثلاثة أحرف من حروف العطف، وهي: الواو، والفاء، وأو (4)، فتقول: أعجبني ضرب زيد ويغضب، أو أعجبني ضرب زيد فيغضب، أو أعجبني ضرب زيد أو يغضب، ولا تقول: أعجبني ضرب زيد ثم يغضب.
صوابه: وبعد حروف (5) العطف الثلاثة الواو والفاء وأو.
الوجه الثاني: قوله المعطوف به الفعل، أطلق في الفعل، فيظهر منه أن الماضي والمضارع سواء، وليس كذلك، فيوهم كلامه على هذا دخول الفعل الماضي في هذا، فيوهم أن قوله تعالى:{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} (6) يضمر فيه "أن" بعد الواو في قوله تعالى: {أَقْرَضُوا} وليس الأمر كذلك.
(1) ولهذه العبارة معنيان: الأول: ما تأتينا إلا لم تحدثنا، والثاني: ما تأتينا فكيف تحدثنا.
انظر: الأصول في النحو لابن السراج 2/ 153، 154، وشرح المفصل لابن يعيش 7/ 27 و28.
(2)
ساقط من ز.
(3)
"بثلاثة" في ز.
(4)
انظر: الكتاب لسيبويه 1/ 427.
(5)
"حرف" في ز.
(6)
الحديد: 18.
صوابه: أن يقول: وبعد حرف العطف المعطوف به الفعل المضارع.
الوجه الثالث: قوله: على المصدر، ظاهره أن هذا مختص بالمصدر، وليس الأمر كذلك؛ لأن سيبويه نص على أن المصدر وغيره في ذلك سواء، وأنشد قول الشاعر:
[و](1) ما أنا للشيء (2) الذي ليس نافعي (3)
ويغضب منه صاحبي بقؤول (4)(5)
فعطف يغضب على الشيء، وهو اسم غير مصدر.
وقال آخر:
[ولولا](6) رجال من رزام أعزة
…
وآل سبيع أو أسوءك علقمًا (7)
(1) ساقط من ز.
(2)
"بالشيء" في الأصل.
(3)
"نافعني" في الأصل.
(4)
بيت من الطويل، لكعب بن سعد الغنوي، من قصيدة له أولها:
لقد أنصبتني أم قيس تلومني
…
وما لوم مثلي باطلاً بجميل
انظر: الأصمعيات ص 74 و76، والكتاب 2/ 426، وخزانة الأدب 3/ 619، والمفصل ص 249.
(5)
انظر: الكتاب لسيبويه 2/ 426.
(6)
ساقط من الأصل.
(7)
بيت من الطويل للحصين بن الحمام المري، من قصيدة له قالها في يوم دارة موضوع، أولها:
جزى الله أفناء العشيرة كلها
…
بدارة موضوع عقوقًا ومأثمًا
وفي رواية أخرى للبيت: من رازم بن مازن
انظر: المفضليات ص 64، 66، والكتاب 1/ 429.
فعطف أسوءك على رجال وليس بمصدر (1).
ومثاله أيضًا قولك (2): لولا أخوك ويغضب لما جئتك، بعطف (3) يغضب على أخوك، وليس [أخوك](4) بمصدر.
صوابه: المعطوف به الفعل على الاسم.
ولكن يشترط في هذا الاسم أن يكون خالصًا، أي غير شبيه بالفعل، احترازًا من الاسم المؤول بالفعل، كقولك: الطائر فيغضب زيد الذباب، فقولك: فيغضب مرفوع لا منصوب، لأنه معطوف في المعنى على الفعل، لأن الطائر اسم فاعل واسم الفاعل شبيه بالفعل، تقديره: الذي يطير فيغضب زيد الذباب (5).
وقد أشار ابن مالك إلى هذا بقوله:
وإن على اسم خالص فعل عطف
…
تنصبه "أن" ثابتًا (6) أو منحذف (7)
قوله: (أو اجتهادًا)، أراد به القياس.
قوله: (أو يكون)، هو معطوف على قوله:(أو يعضد)، تقديره: أو [أن](8)
(1) انظر: شرح التصريح 2/ 244.
(2)
"قولا" في ز.
(3)
"فعطف" في ز.
(4)
ساقط من ز.
(5)
انظر: أوضح المسالك لابن هشام 4/ 33 ومعه ضياء السالك، وانظر: شرح ابن عقيل 2/ 282 - 283، وشرح التصريح 2/ 245.
(6)
"ثابت" في ز.
(7)
انظر: ألفية ابن مالك ص 58، باب إعراب الفعل.
(8)
ساقط من ز.
يكون منتشرًا فيهم (1).
قوله: (ولم يقبل في الزنا إِلا أربعة)(2)(3)، الفاعل بيقبل هو الجبائي؛ لأن هذا كله كلام الجبائي.
ومنهم من يحكي عن الجبائي اشتراط الاثنين مطلقًا (4)، لا في الزنا ولا في غيره (5)(6).
[و](7) وجه اشتراط الأربعة في الخبر المتعلق بأحكام الزنا: قياس الرواية على الشهادة، كما تقدم في خبر الواحد في الفصل الخامس (8).
قوله: (لنا أن الصحابة قبلوا خبر عائشة رضي الله عنها في التقاء الختانين وحدها، وهو (9) مما تعم به البلوى).
هذا حجة الجمهور في قبول الراوي المنفر [د](10).
(1)"فهم" في ز.
(2)
"الأربعة" في الأصل.
(3)
انظر: المعتمد 2/ 622، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 75، ومختصر ابن الحاجب 2/ 68، وشرح القرافي ص 357، وشرح المسطاسي ص 103.
(4)
"مطقا" في الأصل.
(5)
كذا في النسختين، ولو قال: في الزنا وفي غيره، لكان أحسن.
(6)
انظر: المعتمد 2/ 622، واللمع ص 215، والبرهان فقرة 546، وإحكام الفصول 1/ 308، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 75.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: صفحة 278 من مخطوط الأصل، وصفحة 81 من هذا المجلد.
(9)
"فهو" في ز.
(10)
ساقط من ز.
وكذلك قوله عليه السلام: / 286/ "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر" يدل (1) على قبوله.
وكذلك قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (2)، مفهومه أن خبر العدل المنفرد مقبول، كما تقدم في الفصل الخامس في خبر الواحد (3).
…
(1)"لا يدل" في ز.
(2)
الحجرات: 6.
(3)
انظر: صفحة 277 من مخطوط الأصل، وصفحة 70 من هذا المجلد.
الفصل الثامن فيما اختلف (1) فيه من الشروط (2)
تعرض المؤلف ها هنا لذكر الشروط المختلف فيها، هل تعتبر في الرواية أم لا؟
والصواب أن يجعل هذا الفصل مع الذي قبله ترجمة واحدة، لأجل وجود الخلاف في الجميع.
قوله: (قالت (3) الحنفية: إِذا لم يقبل راوي الأصل الحديث، لا تقبل رواية (4) الفرع، قال الإِمام: إِن جزم كل واحد منهما لم يقبل، وإِلا عمل بالراجح، وقال أكثر أصحابنا والشافعية والحنفية: إِذا شك الأصل في الحديث لا يضر ذلك، خلافًا للكرخي).
ش: قوله: (إِذا لم يقبل راوي الأصل الحديث لا تقبل رواية الفرع)، يعني: أن الراوي إذا كذب من روى عنه فيما روى عنه، قالت الحنفية لا تقبل
(1)"اختلفوا" في ز.
(2)
في هذا الفصل لم يبدأ الناسخ في ز بسرد المتن أول الفصل كعادته في الفصول السابقة، وإنما سار على طريقة نسخة الأصل، وذلك بالبداية في الشرح وكذلك فعل إلى آخر الكتاب.
(3)
"قال" في نسخ المتن الثلاث.
(4)
"لا يقبل راوي" في أ.
رواية الفرع (1).
حجة الحنفية: أن اعتبار الفرع فرع اعتبار الأصل، والأصل قد أنكر رواية الفرع عنه، فلا يقبل الفرع، قياسًا على الشهادة إذا أنكرها الشاهد على الناقل قبل القضاء بها فإن الشهادة تبطل باتفاق (2)(3).
(1) الأولى أن تقسم المسألة إلى فرعين:
الأول: إذا جزم الأصل بتكذيب الفرع بأن قال: ما حدثتك به، أو ما رويته، ونحو ذلك، فهذا نقل الآمدي الاتفاق على رد الحديث وعدم العمل به، وفي نقله نظر لأن السيوطي نقل فيه أربعة أقوال:
1 -
الرد مطلقًا، وهو مختار متأخري المحدثين وكثير من أهل العلم.
2 -
القبول مطلقًا، واختاره السمعاني وعزاه الشاشي للشافعي.
3 -
أن تكذيب الأصل لا يقدح في صحة الحديث، لكن لا يجوز للفرع أن يرويه عن الأصل.
4 -
أنهما يتعارضان ويرجح أحدهما بطريقه، وهذا اختيار إمام الحرمين.
الفرع الثاني: إذا قال لا أذكره، أو لا أعرفه، ولم يجزم بعدم تحديثه، فجماهير المحدثين والأصوليين على قبول الحديث، وطائفة من الحنفية وبعض المحدثين على رده وأن ذلك يقدح في الرواية، وهو رواية لأحمد.
وهذا التفصيل قريب مما سيذكره الشوشاوي عن الرازي، وهو صنيع كثير من أهل العلم ممن صنف في المصطلح أو الأصول.
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 106، والبرهان فقرة 595 - 599، والعدة 3/ 959 وما بعدها، والمحصول 2/ 1/ 605، ومقدمة ابن الصلاح ص 233 - 234، وتدريب الراوي 1/ 334 - 336، والباعث الحثيث ص 86، وشرح حلولو ص 316.
وانظر لمذهب الحنفية: المغني للخبازي ص 214، وتيسير التحرير 3/ 107، والتوضيح 2/ 26، وقد نقل عن محمد بن الحسن أنه يقبل الحديث.
(2)
في هامش الأصل تعليق من الناسخ، نصه: انظر.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 369، والمسطاسي ص 115، 116.
قال ابن الحاجب في الفروع في كتاب الشهادة، وإذا كذب الأصل الفرع قبل الحكم بطلت، وبعده ثلاثة، ابن القاسم يمضي ولا غرم، ابن حبيب ينقض، محمد (1) يمضي ويغرم الأصل لرجوعه (2).
أجيب عن هذا: بأن قياس الرواية على الشهادة ضعيف لوجود الفارق، لأن الرواية أخف من الشهادة؛ إذ يشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية من العدد والذكورية والحرية، فباب الشهادة أضيق من باب الرواية (3).
قوله: (إِذا لم يقبل راوي الأصل الحديث لا تقبل رواية الفرع)، نسبة هذا البطلان للحنفية دون غيرهم غير صحيح.
ذكر سيف الدين الآمدي، وقطب الدين الشيرازي: أن الأصل إذا كذب الفرع فلا تقبل رواية الفرع باتفاق (4)، لا فرق بين الحنفية وغيرهم في هذا.
فالأولى الاجتزاء (5) بما قال الإمام (6).
(1) يعني ابن المواز، هذا اصطلاح متأخري المالكية، وإذا قالوا: المحمدان فهما: ابن المواز وابن سحنون، قاله الرهوني.
وانظر كناشا، فيه التعريف بجملة من كتب وأعلام المالكية مخطوط بمكتبة السيد محمد المنوني بالمغرب.
(2)
انظر: كتاب الفروع لابن الحاجب ورقة 91 ب من مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 887 د. وفيه: ويغرم الأصل لرجوعهم.
(3)
انظر: الفروق للقرافي 1/ 4، وتدريب الراوي 1/ 332، وشرح المسطاسي ص 116.
(4)
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 106، وشرح قطب الدين الشيرازي على مختصر ابن الحاجب الأصولي صفحة 206، من مخطوطات خزانة مكناس برقم 160.
قلت: لكن هذا الاتفاق الذي ذكراه إنما هو في الفرع الأول من فروع المسألة، وهو فيما إذا جزم الأصل بتكذيب الفرع. أما الحنفية فخلاف من خالف منهم في الجميع.
(5)
"الاجزاء" في ز.
(6)
انظر: المحصول 2/ 1/ 605.
وحاصل ما قال الإمام: أن الأصل والفرع إما أن يجزما معًا بما قالا، وإما (1) ألا يجزما معًا، وإما أن يجزم الأصل ولم يجزم الفرع، وإما أن يجزم الفرع ولم يجزم الأصل.
فإن جزما معًا: أي قال الأصل: كذب الفرع عني (2) فيما روى، وقال الفرع: بل رويت عنه، فلا يقبل هذا الحديث باتفاق بل يحصل فيه التوقف إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح (3).
وإن لم يجزم كل واحد منهما بما قال، لم يقبل الحديث أيضًا كالأول (4).
وإن جزم الأصل ولم يجزم الفرع، قدم ما قال الأصل لرجحانه بالجزم، إذ العمل بالراجح متعين فلا يقبل غير الجازم.
وإن جزم الفرع ولم يجزم الأصل، قبل الحديث لجزم الفرع بالرواية، فقوله راجح (5).
(1) في ز: "بما قال أو إما".
(2)
"اعني" في ز.
(3)
قد سبق القول بأن في هذا الفرع أربعة أقوال ذكرها السيوطي. وقد نقل الباجي في هذا الفرع تفصيلاً بين ما إذا جحد الرواية أصلاً فلا يقبل وبن ما إذا قال قد رويته لكني لم أحدثك به فيقبل.
انظر: تدريب الراوي 1/ 334، 335، والبرهان فقرة 599، وإحكام الفصول 1/ 330، وجمع الجوامع 2/ 137، وانظر مذهب الجمهور في: اللمع ص 234، والمنخول ص 277، والمعالم ص 256، والمحصول 2/ 1/ 605.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 605.
(5)
انظر هذا التفصيل في: شرح القرافي ص 369 إلا أنه لم يذكر عدم الجزم من كليهما. وانظر: شرح المسطاسي ص 116.
وهو معنى قول المؤلف: وقال أكثر أصحابنا والشافعية والحنفية إذ [ا](1) شك الأصل في الحديث لا يضر ذلك، أي: لا يقدح ذلك في رواية الفرع بل تقبل روايته، لأن عدالته مع جزمه تقتضي صدقه، وعدم علم الأصل لا ينافي صدقه، فالمثبت مقدم على النافي [لأن الإثبات أولى من النفي](2)(3).
قوله: (خلافًا للكرخي)، يعني مع جماعة من الحنفية (4)، قال: يقدح (5) شك الأصل في رواية الفرع فلا تقبل الرواية مع الشك.
(1) ساقط من ز.
(2)
ساقط من ز.
(3)
انظر لمذهب الجمهور في هذا الفرع اللمع ص 233، والتبصرة ص 341، والمعتمد 2/ 621، والبرهان فقرة 595، وإحكام الفصول 1/ 331، والمنخول ص 276، والمحصول 2/ 1/ 605، والمعالم ص 256، وروضة الناظر ص 122، وشرح العضد 2/ 71، والإحكام للآمدي 2/ 106، والعدة 3/ 959، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 125.
(4)
منهم القاضي أبو زيد وفخر الإسلام، ونسب لأبي يوسف تخريجًا، من رده شهادة شاهدين شهدا على قاض بحكمه في قضية وهو لا يذكر.
ونسبه بعض الأصوليين كالغزالي في المنخول لأبي حنيفة، وقال ابن همام ضم أبي حنيفة مع أبي يوسف يحتاج إلى تثبيت.
وبهذا القول قال بعض المحدثين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.
انظر: المغني للخبازي ص 214، وتيسير التحرير 3/ 107، والمنخول ص 277، وانظر نسبته للكرخي في: المعتمد 2/ 621، وتيسير التحرير 3/ 107، واللمع ص 233، وانظر نسبته لبعض الحنفية في التبصرة ص 341، والبرهان فقرة 595، وشرح العضد 2/ 71، وشرح المسطاسي ص 116، وانظر: العدة 3/ 960، وروضة الناظر ص 122، 123، والإحكام للآمدي 2/ 106.
(5)
"يقدم" في ز.
حجة الكرخي: قياس الرواية على الشهادة (1).
أجيب عنه: بأن القياس ضعيف، لما تقدم من أن الشهادة يشترط فيها ما لا يشترط في الرواية من العدد والذكورية والحرية (2) فالرواية أخف من الشهادة (3).
حجة الجمهور: أن الشك لا يعارض اليقين، فاليقين (4) مقدم على الشك، ولأن عدالة الفرع تمنع كذبه وتقتضي صدقه (5).
واستدل الجمهور أيضًا بما رواه ربيعة بن [أبي](6) عبد الرحمن (7) عن سهيل (8) بن (9) أبي صالح (10) ......................................
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 116.
(2)
"وغيرها" زيادة في ز.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 116.
(4)
"باليقين" في ز.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 116، وشرح حلولو ص 317.
(6)
ساقط من ز.
(7)
هو: أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ المدني التيمي مولاهم، روى عن أنس والسائب بن يزيد وسعيد بن المسيب وغيرهم، وعنه مالك والأوزاعي والثوري، وخلق، عرف بربيعة الرأي؛ لبصره بالرأي وفطنته، وكان مع هذا فقيهًا حافظًا عالمًا بالحديث حتى جلس إليه بعض شيوخه، توفي سنة 136 هـ.
انظر ترجمته في: كتاب مشاهير علماء الأمصار لابن حبان ص 81، وتهذيب التهذيب 3/ 258، وتذكرة الحفاظ 1/ 157، وتاريخ بغداد 8/ 420.
(8)
"سعيد" في ز.
(9)
"عن" في ز.
(10)
هو: أبو يزيد سهيل بن أبي صالح المدني، واسم أبي صالح ذكوان السمان، روى سهيل عن أبيه وابن المسيب والأعمش وغيرهم، وعنه ربيعة ومالك وشعبة، أثنى عليه جماعة من العلماء، وخرج له البخاري مقرونًا، ومسلم، والأربعة، يقال إنه =
عن أبيه (1) عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام: "أنه قضى باليمين مع الشاهد"، وكان سهيل نسي (2) هذا [الحديث] (3) ويقول: حدثني ربيعة عني (4) هذا الحديث (5)، وشاع وذاع ذلك بين الصحابة من غير نكير فدل ذلك على أن نسيان (6) الأصل لا يضر [مع](7) جزم الفرع.
قوله: (والمنقول عن مالك أن الراوي إِذا لم يكن فقيهًا فإِنه كان يترك روايته، ووافقه أبو حنيفة، وخالفه الإِمام (8) وجماعة).
ش: ذكر المؤلف ها هنا قولين في اشتراط الفقه في الراوي، فاشترطه
= أصابته في كبره علة أذهبت بعض حديثه. توفي سنة 140 هـ.
انظر ترجمته في: كتاب مشاهير علماء الأمصار ص 137، وتهذيب التهذيب 4/ 263، والكواكب النيرات لابن الكيال ص 241.
(1)
هو: ذكوان السمان أو الزيات، لقب بذلك لأنه كان يجلب السمن والزيت للكوفة، وذكوان بفتح المعجمة وسكون الكاف، وهو مولى لجويرية بنت الأحمس الغطفاني، روى عن أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي سعيد وجابر وعائشة وغيرهم، وعنه أولاده سهيل وصالح وعبد الله وعطاء بن أبي رباح والأعمش وغيرهم، وثقه العلماء كابن معين وأحمد وغيرهما توفي سنة 101 هـ، وانظر ترجمته في التاريخ الصغير 1/ 239، وتهذيب التهذيب 3/ 219، وتذكرة الحفاظ 1/ 89.
(2)
"لبني" في ز.
(3)
ساقط من ز.
(4)
"عن" في ز.
(5)
انظر: سنن أبي داود، الحديث رقم 3610، والكفاية للخطيب ص 542، 543، وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص 234، وتدريب الراوي 1/ 235.
(6)
"تسيان" في ز.
(7)
ساقط من ز.
(8)
"فخر الدين" زيادة في ش.
مالك لأنه كان يترك (1) رواية الراوي الجاهل بالفقه (2)، ووافقه على ذلك الشرط أبو حنيفة (3).
وقال الإمام فخر الدين وجمهور العلماء: لا يشترط في الراوي معرفته بالفقه (4).
حجة مالك وأبي حنيفة: أن غير الفقيه يسوء (5) فهمه، فيفهم الحديث على خلاف مقتضاه، وربما يخطر بباله أن ينقله بالمعنى الذي فهمه معرضًا علي اللفظ، فيقع الخلل في مقصود الشارع، فالاحتياط والحزم (6) ألا يروى
(1)"تترك" في الأصل.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 369، وشرح المسطاسي ص 116، وشرح حلولو ص 318.
وانظر: التوضيح لصدر الشريعة 2/ 7، 8.
قلت: ولم أجد فيما طالعته من كتب الأصول غير ما ذكرت من نسب هذا القول إلى مالك، وجل الأصوليين نسبه إلى أبي حنيفة؛ بعضهم مطلقًا، وبعضهم فيما خالف القياس.
(3)
روي عن أبي حنيفة إطلاق اشتراط الفقه، وروي عنه تخصيص هذا الشرط بما إذا خالفت الرواية القياس. وزاد بعضهم: إن المذهب قبوله إلا إذا خالف جميع الأقيسة وانسد باب الرأي بالكلية، وعلى هذا عيسى بن أبان، وأبو زيد الدبوسي، ومن الحنفية من لا يقول بهذا الشرط، كالكرخي.
انظر: فواتح الرحموت 2/ 144، 145، والمغني للخبازي ص 207، وأصول الشاشي ص 275، والتوضيح 2/ 8، وتيسير التحرير 3/ 52.
(4)
انظر: المحصول 2/ 1/ 607، وإحكام الفصول للباجي 1/ 363، والإبهاج 2/ 360، والإحكام للآمدي 2/ 94، والمستصفى 1/ 161.
(5)
"سواء" في ز.
(6)
"الجزم" في ز.
الحديث إلا عن فقيه (1).
حجة الجمهور [ثلاثة](2) أوجه.
أحدها: (3) قوله عليه السلام: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله"، فاشترط العدالة دون الفقه، فدل ذلك على أن الفقه ساقط عن الاعتبار (4).
الوجه (5) الثاني: قوله عليه السلام: "نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها" فلم يشترط إلا أن يؤديها كما سمعها، ولم يشترط الفقه (6).
الوجه الثالث: قوله عليه السلام: "رب حامل فقه [غير فقيه إلى فقيه ورب حامل فقه] (7) إلى من هو أفقه منه"، فقوله:"رب حامل فقه غير فقيه" يدل على أن الحامل للحديث لا يشترط فيه الفقه (8)./ 287/
قوله: (والمنقول عن مالك أن الراوي إِذا لم يكن فقيهًا فإِنه كان يترك روايته)، معناه: فإن مالكًا يترك رواية الراوي الجاهل بالفقه.
قال بعض الشراح: ما قاله مالك رضي الله عنه مؤول بما إذا لم يكن
(1) انظر: شرح القرافي ص 369، 370، والمسطاسي ص 117.
(2)
ساقط من الأصل، وهي معلقة في هامش ز وإثباتها أولى.
(3)
"ان" زيادة في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 370، والمسطاسي ص 116، 117.
(5)
"والوجه" في ز.
(6)
انظر: شرح المسطاسي ص 117.
(7)
ساقط من ز.
(8)
انظر: شرح المسطاسي ص 117.
الراوي ضابطًا لما رواه (1).
وقال القاضي (2) عياض في الإكمال: لا يشترط في رواية الثقة عندنا وعند المحدثين من الفقهاء والأصوليين والمحدثين كون المحدث من أهل العلم والفقه، بل يشترط ضبطه لما رواه خاصة (3).
وقال القاضي (4) عبد الوهاب في الملخص (5): لا يرد الخبر لكون الراوي لا يعرف معناه ولا يدري المراد به، ولا يشترط علمه بمعناه، وإنما المشترط صدقه في الرواية.
قوله: (قال الإِمام (6): ولا يخل بالراوي تساهله في غير الحديث، ولا جهله بالعربية، ولا الجهل بنسبه، ولا مخالفة (7) أكثر الأئمة (8) لروايته، [و](9) قد اتفقوا على أن مخالفة الحفاظ (10) لا تمنع من القبول، ولا كونه
(1) قال المولى حلولو في شرحه ص 318: وعندي أن هذا المروي عن مالك لا يدل على أنه يقول باشتراط الفقه في الراوي، بل لعله على جهة الاحتياط ليبني عليه مذهبه. اهـ.
(2)
"قاضي" في ز.
(3)
انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض ص 9 من مخطوطات الخزانة العامة بالرباط برقم/ ج/ 933 وفي النقل اختلاف يسير.
(4)
"قاضي" في ز.
(5)
"المخلص" في ز.
(6)
"فخر الدين" زيادة في ش.
(7)
"خلاف" في أ، وخ.
(8)
"الأمة" في نسخ المتن، وهو موافق لما في المحصول 2/ 1/ 627.
(9)
ساقط من ز.
(10)
"الحافظ" في أ، وز.
على خلاف الكتاب، خلافًا (1) لعيسى بن أبان).
ش: ذكر المؤلف ها هنا ستة أشياء لا تقدح في الراوي للحديث.
أحدها: جهله بفنون العلم سوى (2) علم الحديث، وهو المشار إليه بقوله: تساهله في غير الحديث، فإذا علم ضبط الراوي للحديث وعلم عدم تساهله فيه، فلا يضر تساهله في غيره؛ إذ المقصود ضبط الشريعة، فإذا علم ضبط الراوي للحديث حصل المقصود فتقبل روايته (3).
الثاني: جهله بالعربية، أي جهله بعلم النحو؛ لأن عدالته تمنعه أن يروي الحديث إلا كما سمع، وعلى إعرابه وصورته (4)، وأنه متى شك في شيء تركه (5).
الثالث: الجهل بنسبه؛ إذ المقصود إنما هو حصول عدالته، ولا يضر عدم العلم بنسبه (6).
(1)"خلاف" في الأصل.
(2)
"سواء" في ز.
(3)
انظر: المحصول 2/ 1/ 610، وجمع الجوامع 2/ 147، وشرح القرافي ص 370، والمسطاسي ص 117، وحلولو ص 118.
وقد ذكر ابن السبكي وحلولو: أن هناك من يقول برد روايته.
(4)
"وصوته" في ز.
(5)
انظر: المعتمد 2/ 620، والمحصول 2/ 1/ 611، والإحكام للآمدي 2/ 94، وشرح القرافي ص 370، وشرح المسطاسي ص 117.
(6)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 365، والمعتمد 2/ 621، والمحصول 2/ 1/ 612، والإحكام للآمدي 2/ 94، وانظر: الكفاية للخطيب ص 533، وشرح القرافي ص 370، وشرح المسطاسي ص 117.
الرابع: مخالفة أكثر الأئمة (1) لروايته، أي إذا خالفه أكثر الصحابة فيما رواه، فلا يقدح ذلك في حديثه لأنه قد ينفرد بما لم يطلعوا (2) عليه، والإحاطة في حق البشر متعذرة (3).
وقد حدث أبو حازم بحديث في مجلس هارون الرشيد بحضرة ابن شهاب الزهري، فقال ابن شهاب: لا أعرف هذا الحديث، فقال أبو حازم: أكُلَ (4) حديث النبي عليه السلام عرفته؟ [فقال: لا](5)، فقال له: أثلثيه؟ فقال: لا، فقال له: أنصفه؟ فسكت، فقال له أبو حازم: اجعل هذا الحديث في النصف الذي لم تعرفه (6).
الخامس: مخالفة الحفاظ (7) كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل؛ لأنه قد ينفرد بما لم يطلعوا عليه (8).
(1) سبق التنبيه على أن ما في نسخ المتن هو: الأمة. وهو كذلك في المحصول 2/ 1/ 627.
(2)
"يطلقوا" في ز.
(3)
انظر: المحصول 2/ 1/ 627، وشرح العضد على ابن الحاجب 2/ 72، وشرح القرافي ص 370، والمسطاسي ص 117.
(4)
"لكل" في ز.
(5)
ساقط من ز.
(6)
سبق الكلام على هذه الحكاية في صفحة 60 من هذا المجلد.
وانظر: شرح المسطاسي ص 117.
(7)
"الحافظ" في ز.
(8)
انظر: المحصول 2/ 1/ 627، 628، قال في المحصول: وأما القدر الذي خالفوه فيه فالأولى ألا يقبل لأن السهو يجوز عليه أكثر مما يجوز عليهم. اهـ. بمعناه وانظر: شرح القرافي ص 370.
السادس: كون [مذهب](1) الراوي مخالفًا للكتاب، خلافًا لعيسى بن أبان من الحنفية (2).
حجة عيسى بن أبان: قوله عليه السلام: "إذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه وإلا فاتركوه"(3).
أجيب عنه: [بوجهين](4)(5):
أحدهما: أن هذا الخبر معارض بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (6) والتخصيص بيان للعام (7) المخصص، والمخصص مخالف للمخصص، فكان يلزم على ذلك ترك المخصص لمخالفته عموم (8)
(1) كذا في النسختين، والصواب:"حديث"، يدل عليه سياق الكلام والاستدلال.
(2)
المراد من هذه المسألة: أن خبر الواحد إذا تكاملت شروطه لا يعرض على الكتاب، وقال عيسى: يعرض، والخلاف هنا لا أثر له؛ لأنه لا تتكامل شروطه إلا إذا كان غير مخالف للكتاب؛ لأنه إما ناسخ أو منسوخ أو مخصص أو مقيد أو نحو ذلك، ولذا نص الشافعي في الرسالة على أن الحديث لا يعارض كتاب الله أبدًا.
انظر: الرسالة الفقرات 419، 480، 537، 570، 607، 629، 1614.
وانظر: المعتمد 2/ 643، والمحصول 2/ 1/ 628، والإحكام لابن حزم 1/ 105، 106، وانظر رأي عيسى بن أبان في المعتمد 1/ 643، والمحصول 2/ 1/ 629، والمسطاسي ص 117.
(3)
انظر: شرح القرافي ص 370، وشرح المسطاسي ص 117.
(4)
ساقط من الأصل.
(5)
انظرهما في: شرح القرافي ص 370، 371، والمسطاسي ص 117.
(6)
النحل: 44.
(7)
"العام" في ز.
(8)
"لعموم" في ز.
الكتاب، وليس كذلك لقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .
الوجه الثاني: أن ظاهر [هذا](1) الحديث يقتضي رد الخبر وإن كان متواترًا مقطوعًا بدلالته، وليس كذلك، فيحمل الحديث الذي احتج به عيسى بن أبان على ما إذا دلت قواطع الكتاب على نقيض ما دل عليه الحديث، والحديث خبر واحد (2) أو مظنون الدلالة (3).
وحاصل ذلك: أن الكتاب إما أن يكون مقطوع الدلالة أم لا، فإن كان مقطوع الدلالة (4) فإما أن يكون الخبر متواترًا أو مظنونًا، فإن كان متواترًا فإما أن يكون مقطوع الدلالة أم لا.
فإن كان مقطوع الدلالة تساقطا لحصول (5) المساواة بينهما من كل وجه.
وإن كان مظنون الدلالة قدم [الكتاب](6) للقطع بدلالته.
وإن كان آحادًا قدم الكتاب للقطع بطريقه.
وإن كان الكتاب مظنون الدلالة، فإما أن يكون الخبر متواترًا أم لا، فإن كان متواترًا فإما أن يكون مقطوع الدلالة أم لا.
(1) ساقط من ز.
(2)
"الواحد" في ز.
(3)
هذا على رأي من يقول: إن الآحاد لا ينسخ الكتاب، وأيضًا على فرض صحة الحديث وقد سبق بيان بطلان ونكارة هذا الحديث، فانظره صفحة 74 من هذا المجلد.
(4)
في ز زيادة ما يلي: تساقطا لحصول المساواة. اهـ. وهو تكرار.
(5)
"بحصول" في الأصل.
(6)
ساقط من ز.
فإن كان مقطوع الدلالة قدم الخبر.
وإن كان مظنون الدلالة تساقطا لحصول المساواة.
فإن كان آحادًا، فإما أن يكون مقطوع الدلالة أم لا.
فإن كان مقطوع الدلالة قدم الخبر على المشهور.
وإن كان مظنون الدلالة قدم الكتاب للقطع بطريقه.
فهذا تلخيص هذا الموضع، وبالله التوفيق.
قوله: (ولا كون مذهبه على خلاف (1) روايته، وهو مذهب أكثر أصحابنا (2)، وفيه أربعة مذاهب:
قال الحنفي (3): إِن خصصه رجع إِلى مذهب الراوي؛ لأنه أعلم (4).
وقال الكرخي: ظاهر الخبر أولى (5).
وقال الشافعي: إِن خالف ظاهر الحديث رجع إِلى الحديث، وإِن كان أحد الاحتمالين رجع إِليه (6).
وقال القاضي عبد الجبار: إِن كان تأويله على خلاف الضرورة ترك، وإِلا
(1)"مذهبه بخلاف" في أ، وخ.
(2)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 328.
(3)
"الحنفية" في أ، وخ، وش.
(4)
انظر: المغني للخبازي ص 216، والتوضيح 2/ 25، وتيسير التحرير 3/ 71 و72.
(5)
انظر: المعتمد 2/ 670، وتيسير التحرير 3/ 71، والحصول 2/ 1/ 630، والإحكام للآمدي 2/ 115.
(6)
انظر: الرسالة الفقرة 1805 - 1811، والمحصول 2/ 1/ 631، والإحكام للآمدي 2/ 115، والمعتمد 2/ 670.
وجب النظر في ذلك) (1).
ش: قال المؤلف في شرحه: ينبغي أن تكون هذه المسألة مخصوصة بالراوي المباشر للنقل عن النبي عليه السلام، لأنه هو الذي يحسن أن يقال فيه: هو أعلم بمراد (2) المتكلم، وأما غيره كمالك (3) في مخالفته لحديث بيع الخيار الذي رواه، وغيره من الأحاديث التي رواها وخالفها، فلا يصح ذلك فيه ولا يندرج ذلك في هذه المسألة، فلا يكون مذهبه دليلاً حتى يخصص (4) كلام صاحب الشرع؛ إذ لا يحسن أن يقال فيه: لعله شاهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرائن [تقتضي مخالفة الحديث (5).
وهذه المسألة قد نبه عليها المؤلف في باب العموم في قوله: ومذهب الراوي لا يخصص عند مالك والشافعي، خلافًا لبعض أصحابنا وبعض أصحاب الشافعي (6).
وقال المؤلف في شرحه هنالك،/ 288/ والذي أعتقده أنه مخصوص بما إذا كان الراوي صحابيًا؛ لأنه هو الذي يحسن أن يشاهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: المعتمد 2/ 670، والمحصول 2/ 1/ 631، والإحكام للآمدي 2/ 115، والإبهاج 2/ 363. وانظر المسألة في الإحكام لابن حزم 1/ 148 وما بعدها.
(2)
"بمراذ" في ز.
(3)
"كمالاً" في ز.
(4)
"به" زيادة في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 371.
(6)
انظر: صفحة 181، من مخطوط الأصل، وانظر: شرح القرافي ص 219.
قوائن] (1) تدل على تخصيص ذلك العام، وأنه عليه السلام أطلق العام لإرادة (2) الخاص، وأما إذا كان الراوي مالكًا وغيره ممن لم (3) يشاهد الرسول (4) صلى الله عليه وسلم فلا يتأتى ذلك فيه، ومذهبه ليس دليلاً حتى يخصص به كلام صاحب الشرع، والتخصيص بغير دليل لا يجوز إجماعًا. انتهى كلامه (5).
فقد نص المؤلف على أن المسألة مخصوصة بالصحابي في هذا الباب وفي باب العموم.
فذكر فيها ها هنا أربعة مذاهب.
أحدها، وهو مذهب الجمهور: أن الحديث أولى من المذهب (6) مطلقًا (7).
حجته: أن الحجة في لفظ صاحب الشرع لا في مذهب الراوي؛ لاحتمال أن يكون ذلك اجتهادًا منه واجتهاده لا يكون حجة على غيره (8).
القول الثاني: أن مذهب الراوي أولى من الحديث، وهو مذهب الحنفية.
حجته: أن المباشر يحصل له من القرائن الحالية والمقالية ما يقتضي خلاف
(1) ما بين القوسين ساقط من ز.
(2)
"على إرادة" في ز.
(3)
"ممن لا" في ز.
(4)
"رسول الله" في ز.
(5)
انظر: شرح القرافي ص 219، وفيه اختلاف يسير عما ها هنا.
(6)
"المذاهب" في ز.
(7)
انظر هذا المذهب في: التبصرة 343، والوصول لابن برهان 2/ 195، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 193.
(8)
انظر هذه الحجة في: شرح القرافي ص 371، والمسطاسي ص 118.
الحديث فيرجع إلى مذهبه كما يرجع إليه في أصل الحديث (1).
القول الثالث، وهو مذهب الشافعي: أن الحديث إن كان له ظاهر فالحديث أولى.
مثاله: اللفظ العام، قال الشافعي: كيف آخذ بقول من لو عاصرته لحججته، وأترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).
وإن كان المذهب تفسيرًا للمجمل فالتفسير أولى.
حجته: أن الحديث إن كان له ظاهر، فالحجة في ظاهر الشريعة لا في مذهب الراوي، وإن لم يكن له [ظاهر](3) وكانت الاحتمالات متساوية فلا حجة فيه لإجماله، وحينئذ يرجع إلى تفسير الراوي لأنه أعلم بحال المتكلم (4).
مثاله: اللفظ المشترك، كما إذا قال عليه السلام:"اعتدي بالأقراء" فحمله الراوي على الأطهار، فيتعين مذهب الراوي.
القول الرابع، وهو قول عبد الجبار: التفصيل بين أن يكون مذهب الراوي مخالفًا للضرورة، وبين أن يكون موافقًا للضرورة.
ولكن قول عبد الجبار موافق من وجه مخالف من وجه.
(1) انظر: شرح القرافي ص 371، والمسطاسي ص 118.
(2)
ذكر هذا القول عن الشافعي: المحلي في شرحه لجمع الجوامع 2/ 146، وانظر: شرح حلولو ص 319.
(3)
ساقط من ز.
(4)
انظر هذه الحجة في: شرح القرافي ص371، وشرح المسطاسي ص 118.
فإذا كان مذهب الراوي مخالفًا للضرورة، فإنه يترك ويرجع إلى الحديث، وهذا (1) لا يخالف فيه أحد؛ إذ لا يمكن مخالفة الضرورة، وهو من هذا الوجه موافق للجماعة (2).
وأما إن كان مذهب الراوي على وفق الضرورة، فهو مخالف لمن جزم بتقديم الخبر مطلقًا، وهو مخالف أيضًا لمن جزم بتقديم المذهب مطلقًا؛ لأنه قال: وجب النظر في ذلك، فإنه ينظر في نص الحديث وفي مذهب الراوي بالمدارك المرجحة إما من نص أو ظاهر أو قياس أو أمارة، فإن وجد شيء من المرجحات في الحديث أو المذهب فإنه يقدم على الآخر، وإن تساوت الاحتمالات وجب التوقف؛ لأن الترجيح من غير مرجح محال (3).
قوله: (وإِذا ورد الخبر في مسألة علمية، وليس في الأدلة القطعية ما يعضده (4) رد؛ لأن الظن لا يكفي في القطعيات، وإِلا قبل (5)).
(1)"فهذا" في ز.
(2)
انظر: شرح المسطاسي ص 118.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 118.
(4)
"ما بعصره" في ز.
(5)
انظر المسألة في: المعتمد 2/ 659، والمحصول 2/ 1/ 632، والخلاف هنا مبني على الخلاف في خبر الواحد، أيوجب العلم أو لا يوجبه؟ وفيه كما مر بنا أربعة مذاهب:
1 -
أنه يفيد العلم مطلقًا، وهو قول معظم الظاهرية، حكاه ابن حزم عن داود، ونصره، وحكاه عن الحارث المحاسبي والحسين الكرابيسي، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك، واختاره، وهو رواية عن أحمد إلا أنها حملت على ما تلقته الأمة بالقبول.
2 -
أنه يفيد العلم إذا احتف بالقرائن، وعلى هذا الجويني والغزالي والنظام والرازي وابن الحاجب والبيضاوي والآمدي، ومن الحنابلة: ابن قدامة وابن حمدان والطوفي =
ش: المسائل العلمية هي أصول الدين، فإن المقصود (1) فيها (2) إنما هو العلم لا الظن، والمراد بالأدلة القطعية: العقلية والنقلية: [وهي](3) الكتاب والسنة المتواترة والإجماع.
فإذا ورد في المسألة العلمية خبر يفيد الظن، فإما أن يكون في الدلالة القطعية ما يقتضي ذلك الذي اقتضى الخبر أم لا.
فإن لم يكن ذلك فإن الخبر يُردُّ لعدم الفائدة فيه، لأن ما ورد فيه لا يعتبر فيه، والذي يعتبر فيه لم يرد فيه.
وإن كان في الدلالة القطعية ما يقتضيه حصل المقصود بالدليل العقلي،
= وجماعة. وقال الشوكاني: والخلاف مع هؤلاء لفظي؛ لأن القرائن إذا كانت قوية بحيث يحصل لكل عاقل عندها العلم كان من المعلوم صدقه. اهـ. إرشاد الفحول ص 50.
3 -
أنه يفيد العلم إذا تلقته الأمة بالقبول، وبه قال الخطيب البغدادي والشيرازي والباجي وأبو يعلى وتقي الدين ابن تيمية وجماعة من المحدثين.
4 -
أنه لا يفيد إلا الظن، وهو المحكي قولاً للجمهور.
انظر: الإحكام لابن حزم 1/ 107 وما بعدها، وإحكام الفصول للباجي 1/ 291، 302، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 78، والعدة 3/ 900، والبرهان فقرة 518، والمستصفى 1/ 136، 137، والمعتمد 2/ 566، والمحصول 2/ 1/ 400 وما بعدها، ومختصر ابن الحاجب 2/ 55، ونهاية السول 3/ 54، والإحكام للآمدي 2/ 32، والروضة ص 99، وشرح الكوكب المنير 2/ 348، وإرشاد الفحول ص 49، 50، والكفاية للخطيب ص 51، واللمع للشيرازي ص 210، والمسودة ص 240.
(1)
"المطلوب" في ز.
(2)
"بها" في ز.
(3)
ساقط من الأصل.
ويصير الخبر مؤكدًا له ومؤنسًا، ويكون أقوى مما ليس فيه إلا العقل وحده، فإن اليقين بما ورد فيه السمع والعقل أقوى مما ليس فيه إلا العقل وحده (1)، وهذا بناء (2) على القول بحصول التفاوت في العقليات، وهي مسألة الخلاف، والصحيح حصوله (3).
لقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (4) وهذا يدل على حصول التفاوت في العقليات (5).
وأيضًا نحن (6) ندرك بالضرورة حصول التفاوت بين النظريات والحسيات والبديهيات مع حصول القطع في جميع ذلك.
وسيأتي بيان ذلك في باب التعارض والترجيح في الفصل الثاني منه في قول (7)[المؤلف](8): ويمتنع الترجيح في العقليات لتعذر التفاوت بين القطعيين (9)(10).
(1) انظر: شرح القرافي ص 372.
(2)
"أبناء" في ز.
(3)
القول الآخر: عدم حصول التفاوت في القطعيات، وإليه ذهب الجويني في البرهان فقرة 46، 68، والغزالي في المنخول ص 48، وانظر: المحصول 1/ 1/ 102، وشرح الكوكب المنير 1/ 61 - 63.
(4)
البقرة: 260.
(5)
انظر: شرح المسطاسي ص 118.
(6)
"كحن" في ز.
(7)
"قوله" في ز.
(8)
ساقط من ز.
(9)
"القطعين" في الأصل.
(10)
انظر: مخطوط الأصل صفحة 325، وصفحة 485 من هذا المجلد، وشرح القرافي ص 420.
وقوله: (وإِن اقتضى عملاً تعم به البلوى عند المالكية والشافعية، خلافًا للحنفية.
لنا حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم في [التقاء](1) الختانين).
ش: يعني أن خبر الواحد إذا ورد في عمل تعم به البلوى، أي تمس إليه الحاجة في عموم الأحوال، فإنه مقبول عند المالكية (2) والشافعية (3)(4)، خلافًا للحنفية (5)، وابن خويز منداد من المالكية (6).
مثاله: قول عائشة رضي الله عنها: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا"(7).
وكذلك خبر ابن مسعود (8): ..........................................
(1) ساقط من أ، وخ.
(2)
انظر: إحكام الفصول للباجي 1/ 326، حيث حكاه عن أكثرهم، ومختصر ابن الحاجب 2/ 72.
(3)
انظر: اللمع ص 215، والتبصرة ص 314، والوصول لابن برهان 2/ 192، والمحصول 2/ 1/ 633، والإحكام للآمدي 2/ 112.
(4)
وقد حكاه أبو الحسين في المعتمد 2/ 661، عن أبي علي وعبد الجبار، وهو مذهب الحنابلة. انظر: العدة 3/ 885، والتمهيد لأبي الخطاب 3/ 86، وروضة الناظر ص 127.
(5)
انظر: أصول الشاشي ص 284، والمغني للخبازي ص 198، والتوضيح لصدر الشريعة 2/ 17، 18، وتيسير التحرير 3/ 112، ونسبه معظم الأصوليين إليهم.
(6)
انظر نسبة هذا الرأي له في: إحكام الفصول للباجي 1/ 326، وشرح المسطاسي ص 118.
(7)
"فاغسلنا" في ز.
(8)
أبو عبد الرحمن: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أسلم بمكة قديمًا، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها، وهو صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من =
"من مس ذكره فليتوضأ"(1).
وكذلك خبر أبي هريرة في غسل اليدين عند القيام من النوم [قال:](2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه؛ فإن أحدكم لا يدري أين (3) باتت (4) يده"(5)[وكذلك خبر أبي هريرة في رفع اليدين عند الركوع، قال: كان يرفع يديه في الصلاة كلما خفض ورفع](6) .........................................................
= علماء وفقهاء الصحابة، ومن المتشددين في الرواية، توفي بالمدينة، وقيل بالكوفة سنة 32 هـ، انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/ 27، وتذكرة الحفاظ 1/ 13، والإصابة 2/ 368، والاستيعاب 2/ 316.
(1)
المشهور عن ابن مسعود عكس ما يدل عليه هذا الحديث، فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 164، 165، وعبد الرزاق في مصنفه رقم 430، والطبراني والبيهقي 1/ 136، أن ابن مسعود سئل عن مس الذكر، فقال: لا بأس، وفي بعضها: هل هو إلا كطرف أنفك، وفي بعضها: إن علمت فيك بضعة نجسة فاقطعها، وهذا كله يدل على أن مذهب ابن مسعود عدم الوضوء من مس الذكر، وانظر: مجمع الزوائد 1/ 244، والمعتبر للزركشي ص 134. أما أحاديث الوضوء من مس الذكر فأصحها حديث بسرة، وقد روي أيضًا من حديث سبعة عشر صحابيًا غيرها، ولم أطلع لابن مسعود على حديث فيه، وانظر: التلخيص الحبير 1/ 123.
(2)
ساقط من الأصل.
(3)
"ان" في الأصل.
(4)
"بابت" في الأصل.
(5)
أخرجه البخاري بهذا اللفظ برقم 162، وأخرجه بغير هذا اللفظ مسلم برقم 278، والترمذي برقم 24.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
(1)
وغير ذلك من الأخبار التي تعم بها (2) البلوى.
مذهب الجمهور أنه مقبول، ومذهب الحنفية وجماعة قليلة أنه غير مقبول.
حجة الحنفية القائلين بعدم قبوله: وجهان:
أحدهما: أن ما تعم به البلوى شأنه أن يكون معلومًا عند الكل لعموم سببه، فيحتاج كل أحد (3) أن يعلم حكمه، فلو كان فيه حكم لعلمه الكل، فإذا لم يعلموه دل ذلك على كذبه (4).
الوجه الثاني: قوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (5) فإن
(1) أخرجه الدارقطني في العلل عن عمرو بن علي عن ابن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه كان يرفع يديه في كل خفض ورفع، ويقول: أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الدارقطني: لم يتابع عمرو بن علي على ذلك، وغيره يرويه بلفظ التكبير، وليس فيه رفع اليدين، وهو الصحيح. اهـ.
انظر: الإصابة 1/ 414، والتلخيص الحبير 1/ 219، قلت: وعلى هذا الحديث جماعة من العلماء، منهم البخاري صاحب الصحيح، وقد ألف جزءًا في ذلك، وللحديث شواهد عدة، وقال البخاري في جزئه: وقد روى الرفع سبعة عشر نفسًا من الصحابة. اهـ. انظر: التلخيص الحبير 1/ 220، ومن العلماء من لا يقول بالرفع إلا عند افتتاح الصلاة، وبعضهم يزيد عليه ثلاثة مواضع مع الركوع ومع الرفع منه ومع القيام من التشهد الأول، ويشهد للأخير حديث ابن عمر عند البخاري برقم 739.
(2)
"به" في ز.
(3)
"واحد" في ز.
(4)
انظر: شرح القرافي ص 372، وشرح المسطاسي ص 118.
(5)
يونس: 36.
مقتضى [هذا](1) الدليل ألا يعمل بالظن، خالفناه فيما لا تعم به البلوى، فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل (2).
أجيب/ 289/ عن الأول: بأنه لو صح ما ذكرتم للزم أن يثبت كل ما تعم به البلوى بالتواتر، وليس كذلك؛ لأن فيه ما ثبت بالتواتر، وفيه ما ثبت بالآحاد (3).
وأجيب عن الثاني: بأنه معارض بقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (4) مفهومه: إن جاءكم غير فاسق بنبأ فاقبلوا (5)، فإن مقتضاه الجزم بالعمل عند عدم الفسق كان فيما تعم به البلوى أم لا (6).
وأيضًا يرد على الحنفية: أنهم نقضوا أصلهم، فإنهم أوجبوا الوضوء من القهقهة، والحجامة، والفصادة، والرعاف، والقيء، وغيرها (7)، وهي كلها أخبار آحاد تعم بها البلوى (8).
قال المسطاسي: إطلاق القول بقبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى أو
(1) ساقط من الأصل.
(2)
انظر: شرح القرافي ص 372، 373، والمسطاسي ص 118، 119.
(3)
انظر: شرح المسطاسي ص 119.
(4)
الحجرات: 6.
(5)
"فاقبلوه" في ز.
(6)
انظر: شرح القرافي ص 373.
(7)
انظر نواقض الوضوء عند الحنفية في: الهداية 1/ 14 - 16، والجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري 1/ 8 - 10، وانظر الأحاديث في ذلك في: نصب الراية 1/ 37 - 42، 47 - 53.
(8)
انظر: شرح القرافي ص 372، والمسطاسي ص 119.
رده مطلقًا لا يتجه، والصحيح والصواب أن ذلك يختلف باختلاف القرائن والأحوال، فلا بد للمجتهد من النظر في كل صورة (1).
قوله: (وإِن اقتضى عملاً تعم به البلوى)، احترازًا مما لا تعم به البلوى، فإنه يقبل بأولى وأحرى كقوله عليه السلام في أخذ الجزية من المجوس:"سنوا بهم سنة أهل الكتاب" رواه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
ومذهب مالك وجمهور العلماء: أن خبر الواحد مقبول كان مما تعم به البلوى أم لا (2)، دليلهم: الكتاب والسنة.
فالكتاب: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (3) دليل الخطاب (4) أن غير الفاسق مقبول.
والسنة: قوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر والله متولي السرائر" والظن ظاهر فيحكم به.
وقول عائشة رضي الله عنها: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
وخبر أبي موسى الأشعري في الاستئذان: "الاستئذان ثلاث، فإن أذن
(1) انظر: شرح المسطاسي ص 119، وفيه اختلاف يسير عما هنا. وقال بعده: فتأتى على هذا في قبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى ثلاثة أقوال: يقبل مطلقًا، لا يقبل مطلقًا، لا بد من النظر في كل صورة صورة، وهو الصواب. اهـ.
(2)
"ولا" في ز.
(3)
الحجرات: 6.
(4)
"أي" المفهوم.
لك فادخل وإلا فارجع".
وخبر عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من المجوس: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، وغير ذلك من الأدلة.
***