الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ، فَيَحْلِفُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ، فَالزَّوْجُ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ مَا يَزْعُمُهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا، فَتَحْلِفُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ.
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمَتْ قَبْلِي، فَلِيَ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ، وَقَالَتْ: بَلْ أَسْلَمْنَا مَعًا، وَهُمَا بِحَالِهِمَا، فَقَوْلُهُ فِي الْفِرَاقِ يَلْزَمُهُ، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَعَلَى الثَّانِي قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ، فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً، وَحَلَفَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْأُمَنَاءُ الَّذِينَ يُصَدَّقُونَ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِمْ مُدَّعُونَ؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لَكِنِ اكْتُفِيَ مِنْهُمْ بِالْيَمِينِ، وَلِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَيْدِيَهُمْ، لِغَرَضِ الْمَالِكِ، وَقَدِ ائْتَمَنَهُمْ، فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُمْ بِنِيَّةِ الرَّدِّ.
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَهُمْ مُدَّعًى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ. قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْمُنَازَعَةِ الْوَاحِدَةِ، كَمَا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ، هَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
فَصْلٌ
فِي حَدِّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً مُلْزِمَةً.
الْأَوَّلُ الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ نَقْدًا اشْتُرِطَ ذِكْرُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّحَاحُ وَالْمُكَسَّرَةُ بَيْنَ أَنَّهَا صِحَاحٌ أَوْ مُكَسَّرَةٌ، وَمُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إِلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى بَيَانِ وَزْنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَقْدٍ، نُظِرَ إِنْ كَانَ عَيْنًا وَهِيَ مِمَّا تُضْبَطُ بِالصِّفَةِ، كَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ، وَصَفَهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً كَفَى الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً، اشْتُرِطَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ عِنْدَ التَّلَفِ.
وَإِنِ ادَّعَى سَيْفًا مُحَلًّى، اشْتُرِطَ ذِكْرُ قِيمَتِهِ، وَيُقَوِّمُهُ بِالذَّهَبِ إِنْ كَانَ مُحَلًّى بِالْفِضَّةِ، وَبِالْفِضَّةِ
إِنْ كَانَ مُحَلًّى بِالذَّهَبِ، فَإِنْ كَانَ مُحَلًّى بِهِمَا، قَوَّمَهُ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْشُوشَةِ يَدَّعِي مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا. أَوْ دِينَارًا مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا دِرْهَمًا.
هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوَّمٌ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ، وَفِي الْعَقَارِ يُتَعَرَّضُ لِلنَّاحِيَةِ وَالْبَلْدَةِ، وَالْمَحَلَّةِ وَالسِّكَّةِ، وَتُبَيَّنُ الْحُدُودُ، وَيُسْتَثْنَى مِنِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ صُوَرٌ:
إِحْدَاهَا: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ إِذَا طَلَبَ مُعَيَّنًا، فَأَمَّا مَنْ حَضَرَ لِيُعَيِّنَ، وَيَفْرِضَ لَهُ الْقَاضِي، كَالْمُفَوِّضَةِ تَطْلُبُ الْفَرْضَ عَلَى قَوْلِنَا: لَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِالْعَقْدِ، وَالْوَاهِبُ يَطْلُبُ الثَّوَابَ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِعْلَامُ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ: أَدِّعِي أَنَّ مُوَرِّثَكَ أَوْصَى لِي بِثَوْبٍ، أَوْ بِشَيْءٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ، فَكَذَا دَعْوَاهَا، وَأَلْحَقَ مُلْحِقُونَ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ بِدَعْوَى الْوَصِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَازَعُ كَلَامُهُ فِيهِ، وَيَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنِ الْمَجْهُولِ إِنْ صَحَّحْنَا الْإِبْرَاءَ عَنِ الْمَجْهُولِ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَادَّعَى حَقَّ إِجْرَاءِ الْمَاءِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعْلَامِ قَدْرِ الطَّرِيقِ وَالْمَجْرَى، وَيَكْفِي لِصِحَّةِ الدَّعْوَى تَحْدِيدُ الْأَرْضِ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الطَّرِيقَ وَالْمَجْرَى، وَكَذَا لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ: يُشْتَرَطُ إِعْلَامُ قَدْرِ الطَّرِيقِ وَالْمَجْرَى، وَقَالَ: وَكَذَا لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ، وَسَمَّى لَهُ طَرِيقًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الْإِعْلَامُ فِي الدَّعْوَى، لَكِنْ يُؤْخَذُ عَلَى الشُّهُودِ إِعْلَامُ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ بِالذِّرَعَانِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ أَعْلَى شَأْنًا، فَإِنَّهَا تَسْتَقِلُّ بِقُوَّةِ
إِيجَابِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الدَّعْوَى.
وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي وَرَقَةً، وَحَرَّرَ فِيهَا دَعْوَاهُ، وَقَالَ: أَدَّعِي مَا فِيهَا، وَأَدَّعِي ثَوْبًا بِالصِّفَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُهَا مُلْزَمَةٌ، فَلَوْ قَالَ: وَهَبَ لِي كَذَا أَوْ بَاعَ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ: وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إِلَيَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَهِبُ وَيَبِيعُ، وَيَنْقُضُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ هَكَذَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ: لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنَ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ، وَكَانَ هَذَا إِذَا قَصَدَ بِالدَّعْوَى تَحْصِيلَ الْمُدَّعَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى دَفْعَ الْمُنَازَعَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ.
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعْنِيهَا، صَحَّتِ الدَّعْوَى، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنَازِعَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَمْ يَقُلْ لِلْقَاضِي: مُرْهُ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِّي، أَوْ سَلْهُ جَوَابَ دَعْوَايَ، فَهَلْ يُطَالِبُهُ الْقَاضِي؟ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْأَصَحُّ نَعَمْ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنَ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ: الْأَصَحُّ لَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَلَا يُسْتَوْفَى إِلَّا بِاقْتِرَاحِهِ كَالْيَمِينِ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَعَلَى هَذَا الثَّانِي طَلَبُ الْجَوَابِ شَرْطٌ آخَرُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَسَوَاءٌ شَرَطْنَا هَذَا الِاقْتِرَاحَ، أَمْ لَمْ نَشْرُطْهُ فَاقْتَرَحَهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ
يُقَالَ: يُغْنِي ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ: وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إِلَيَّ، وَأَنَّ مَنْ شَرْطَهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاقْتِرَاحُ الْمَذْكُورُ.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يُعْرَفَ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُعَامَلَةٌ، وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ، فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ، وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: إِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِ الْمُدَّعِي لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى دَعْوَاهُ، مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ الدَّنِيءُ اسْتِئْجَارَ الْأَمِيرِ أَوِ الْفَقِيهِ لِعَلَفِ الدَّوَابِّ، أَوْ كَنْسِ بَيْتِهِ، وَمِثْلُهُ دَعْوَى الْمَعْرُوفِ بِالتَّعَنُّتِ، وَجَرِّ ذَوِي الْأَقْدَارِ إِلَى الْقُضَاةِ، وَتَحْلِيفِهِمْ لِيَفْتَدُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ.
فَرْعٌ
ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا، وَقَامَ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِشَيْءٍ، أَوْ قَالَا: نَعْلَمُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مَالًا، وَلَا نَعْلَمُ قَدْرَهُ، فَفِي سَمَاعِ شَهَادَتِهِمَا هَكَذَا وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَيَرْجِعُ فِي التَّفْسِيرِ إِلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِمُبْهَمٍ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ شَهِدَا بِغَصْبِ عَبْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، وَلَمْ يَصِفَاهُ.
فَرْعٌ
عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ: ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَاهُ، وَيَقُولُ لَهُ: بَيِّنِ الْأَقَلَّ الَّذِي تَتَحَقَّقُهُ، وَإِنِ ادَّعَى ثَوْبًا وَلَمْ يَصِفْهُ أَيْضًا، لَمْ يُصْغَ إِلَيْهِ، بَلْ لَوْ قَالَ: هُوَ كِرْبَاسٌ وَلَمْ يَصِفْ، أَمْرَهُ أَنْ يَأْخُذَ
بِالْأَقَلِّ وَهَذَا فِيهِ إِرْشَادٌ وَتَلْقِينٌ، ثُمَّ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مُسْتَقِيمٌ، لَكِنَّ الْأَخْذَ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ لَا وَجْهَ لَهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَطَلَبَ مِنَ الْقَاضِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَاهُ، لَمْ يُجِبْهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ، وَلِأَنَّهُ كَطَعْنٍ فِي الشُّهُودِ، وَإِنِ ادَّعَى إِبْرَاءً أَوْ قَضَاءً فِي الدَّيْنِ، أَوْ بَيْعًا، أَوْ هِبَةً وَإِقْبَاضًا فِي الْعَيْنِ، نُظِرَ إِنِ ادَّعَى حُدُوثَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ مَا يَقُولُهُ إِنْ مَضَى زَمَانُ إِمْكَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ.
وَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ جَرَى قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ، فَإِنْ لَمْ يَحْكُمِ الْقَاضِي بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِهِ، وَإِنْ حَكَمَ لَمْ يُحَلِّفْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشُّهُودُ فَسَقَةٌ، أَوْ كَذَبَةٌ، وَالْمُدَّعِي يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ؟ وَجْهَانِ، وَطَرْدًا فِي كُلِّ صُورَةٍ ادَّعَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لِنَفْعِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُدَّعَى عَيْنَ حَقٍّ لَهُ، بِأَنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إِنَّكَ أَقْرَرْتَ لِي بِكَذَا، أَوْ قَالَ وَقَدْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى: إِنَّ الْمُدَّعِيَ حَلَّفَنِي مَرَّةً، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ، أَوْ قَذَفَهُ، فَطَلَبَ الْحَدَّ، فَادَّعَى زِنَى الْمَقْذُوفِ، وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيفَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ: إِنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ، وَإِنَّ جَوَابَ الْأَكْثَرِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَذْفِ التَّحْلِيفُ. وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مَيِّتًا، وَأَرَادَ الْقَاذِفُ تَحْلِيفَ الْوَارِثِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ زِنَى مُوَرِّثِهِ حَلَفَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحْكِيَّةٌ عَنِ النَّصِّ، لَكِنْ ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُهُ إِذَا ادَّعَى فِسْقَ الشُّهُودِ، أَوْ كَذِبَهُمْ، وَأَمَّا تَحْلِيفُ الْقَاضِي وَالشُّهُودِ، فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا لِارْتِفَاعِ مَنْصِبَيْهِمَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ
بَاعَهُ الْعَيْنَ الْمَدْعَاةَ، أَوْ بَاعَهَا لِبَائِعِهِ، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنَ الدَّيْنِ الْمُدَّعَى، فَأَنْكَرَ، فَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعِي، وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ فِيمَا ذَكَرَهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْهَلَ لِيَأْتِيَ بِهَا أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يَوْمٌ فَقَطْ. وَلَوِ ادَّعَى الْإِبْرَاءَ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَ: حَلِّفُوهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْنِي، حَلَّفْنَاهُ، وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوَّلًا، وَعَنِ الْقَاضِي وَجْهٌ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ أَوَّلًا، ثُمَّ إِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى جَدِيدَةٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِ الْمُدَّعِي: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ مِنْهُ، وَلَا يُؤَخَّرُ إِلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلِفِهِ، لِعَظَمِ الضَّرَرِ فِي التَّأْخِيرِ وَهُنَا الْحَلِفُ مُتَيَسِّرٌ فِي الْحَالِ. وَلَوْ قَالَ: إِنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ؟ وَجْهَانِ اخْتَارَ الْقَفَّالُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعَ، وَادَّعَى الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ.
فَرْعٌ
مُدَّعِي الدَّفْعِ إِنْ قَالَ: قَضَيْتُ أَوْ أَبْرَأَنِي فَذَاكَ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَالَ: لِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ وَاسْتَفْسَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ مَعْرِفَتَهُ، وَإِنَّ عَيَّنَ جِهَةً، وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهَا، وَادَّعَى عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ بِلَا جِهَةٍ أُخْرَى وَاسْتَمْهَلَ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَابَ، وَإِنِ ادَّعَى فِي الْمُدَّةِ جِهَةً أُخْرَى وَجَبَ أَنْ تُسْمَعَ.
الْخَامِسَةُ: الدَّعْوَى أَنْوَاعٌ، مِنْهَا دَعْوَى الدَّمِ، وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا كَمَا سَبَقَ فِي الْقَسَامَةِ، وَأَمَّا دَعْوَى النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لَوِ ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَ امْرَأَةً، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ حَتَّى
يَقُولَ: نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ، فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنِ اكْتَفَى فِي دَعْوَى النِّكَاحِ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يَشْتَرِطِ التَّعَرُّضَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ، كَمَا يُكْتَفَى فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْمَالِ بِالْإِطْلَاقِ، وَحَمَلُوا النَّصَّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّأْكِيدِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: إِنِ ادَّعَى ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ وَجَبَ التَّفْصِيلُ، وَإِنِ ادَّعَى دَوَامَهُ فَلَا؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا تُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ، وَأَخَذَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ بِظَاهِرِ النَّصِّ، وَأَوْجَبُوا التَّفْصِيلَ وَالتَّعَرُّضَ لِلشُّرُوطِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا كَالدِّمَاءِ، وَالْوَطْءُ الْمُسْتَوْفَى لَا يُتَدَارَكُ كَالدَّمِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى نَفْسَ الْمَالِ فَإِنَّمَا اكْتُفِيَ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ لَا تَنْحَصِرُ، فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا، وَإِنْ كَانَ عَقْدًا عَلَى مَالٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ، وَذِكْرُ الشُّرُوطِ كَالنِّكَاحِ، وَالثَّانِي: إِنْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِجَارِيَةٍ اشْتُرِطَ احْتِيَاطًا الْبِضْعُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَصَحُّهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنِ النَّصِّ: لَا يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ شَأْنًا، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا التَّعَرُّضُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ لِعَدَمِ مَانِعِ النِّكَاحِ، كَالرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ وَالرِّضَاعِ، فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَلِكَثْرَتِهَا، فَإِنْ شَرَطْنَا التَّفْصِيلَ فِي النِّكَاحِ، فَيَقُولُ: نَكَحْتُهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ. وَيُشْتَرَطُ وَصْفُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ بِالْعَدَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيَاسُهُ وُجُوبِ التَّعَرُّضِ لِسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْأَوْلِيَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الشَّاهِدَيْنِ وَالْوَلِيِّ، وَالْغَرَضُ أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَخْلُ عَنْ وَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِرِضَا الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ رِضَاهَا شَرْطًا، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، اشْتُرِطَ التَّعَرُّضُ لِلْعَجْزِ عَنِ الطَّوْلِ، وَلِخَوْفِ الْعَنَتِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ شَرْطَنَا التَّفْصِيلَ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ، قَالُوا: يَقُولُ: تَعَاقَدْنَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَنَحْنُ جَائِزَا التَّصَرُّفِ، وَتَفَرَّقْنَا عَنْ تَرَاضٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ
التَّفْصِيلُ إِنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِهِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولُوا بَعْدَ تَفْصِيلِ النِّكَاحِ: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا، أَوْ وَهِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ، وَالْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ يَكْفِي فِيهِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إِلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ، وَقِيلَ: فِي اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى إِقْرَارِهَا، لَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَقُولُوا: وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا، وَلِتَكُنِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ إِذَا أَوْجَبْنَا التَّفْصِيلَ فِي الْبَيْعِ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ، وَنَقَلُوا فِي اشْتِرَاطِ تَقْيِيدِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ الْمُدَّعَيَيْنِ بِالصِّحَّةِ وَجْهَيْنِ، وَبِالِاشْتِرَاطِ أَجَابَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْوَجِيزِ» وَقَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِاشْتِرَاطِهِ فِي النِّكَاحِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشَّرَائِطِ، وَإِيرَادُ الْهَرَوِيِّ يَقْتَضِي اطِّرَادَهُمَا مَعَ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ لِيَتَضَمَّنَ ذِكْرُ الصِّحَّةِ نَفْيَ الْمَانِعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى النِّكَاحِ تَارَةً تَكُونُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَتَارَةً عَلَى وَلِيِّهَا الْمُجْبَرِ، كَمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ بِشَخْصٍ، وَسَبَقَ هُنَاكَ أَنَّ الْأَئِمَّةَ قَالُوا: لَوِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ سَبْقَ نِكَاحِهِ، وَعِلْمَ الْمَرْأَةِ بِهِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَهَا بِهِ هَلْ يُقْبَلُ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا عَلَيْهَا، وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ سُمِعَتْ، وَهَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ سَمَاعِ دَعْوَى النِّكَاحِ عَلَيْهَا أَبَدًا فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ، فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا اقْتِصَارًا عَلَى الْأَظْهَرِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ إِنِ اقْتَرَنَ بِهَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، كَصَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ، وَقَسَمٍ وَمِيرَاثٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، سُمِعَتْ، وَإِنْ تَمَحَّضَتْ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ، سُمِعَتْ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ سُمِعَتْ، نُظِرَ، إِنْ سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ، أَقَامَتِ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ، فَهَلْ يَكُونُ إِنْكَارُهُ طَلَاقًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا،
فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ طَلَاقٌ سَقَطَ مَا ادَّعَتْهُ، وَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلَوْ رَجَعَ عَنِ الْإِنْكَارِ، وَقَالَ: غَلِطْتُ فِي الْإِنْكَارِ، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ إِنْكَارُهُ طَلَاقًا، فَإِنْكَارُهُ كَسُكُوتِهِ، فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَجَعَ قَبِلْنَا رُجُوعَهُ، وَسَلَّمْنَا الزَّوْجَةَ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَحَلَفَ الرَّجُلُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ إِذَا لَمْ نَجْعَلِ الْإِنْكَارَ طَلَاقًا. وَإِنِ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا حَتَّى يُطَلِّقَهَا أَوْ يَمُوتَ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: أَوْ يُفْسَخُ بِإِعْسَارِهِ، أَوِ امْتِنَاعِهِ إِذَا جَعَلْنَا الِامْتِنَاعَ مَعَ الْقُدْرَةِ مُمْكِنًا مِنَ الْفَسْخِ وَلِيَكُنْ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ بِنَفْسِهَا، أَمَّا إِذَا أَحْوَجْنَاهَا إِلَى الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي، فَمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ النِّكَاحُ كَيْفَ يَفْسَخُ أَوْ يَأْذَنُ فِي الْفَسْخِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفِقَ الْحَاكِمُ بِهِ حَتَّى يَقُولَ: إِنْ كُنْتُ نَكَحْتُهَا، فَهِيَ طَالِقٌ، لِيُحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ نَكَلَ الرَّجُلُ، حَلَفَتْ هِيَ، وَاسْتَحَقَّتِ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ.
فَرْعٌ
امْرَأَةٌ تَحْتَ رَجُلٍ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، فَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً، لَمْ يُقَدِّمْ بَيِّنَةَ مَنْ هِيَ تَحْتَهُ، بَلْ هِيَ كَاثْنَيْنِ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى نِكَاحِ خَلِيَّةٍ، فَيُنْظَرُ إِنْ كَانَتَا مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُطَلَّقَتَيْنِ، فَقَدْ تَعَارَضَتَا وَلَا يَجِيءُ قَوْلَا الْقِسْمَةِ وَالْقُرْعَةِ، وَإِنْ كَانَتَا مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، قُدِّمَتِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي سَبَقَ تَارِيخُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هَذَا التَّعَارُضُ فِي مَالٍ، فَإِنَّ فِي التَّرْجِيحِ بِالسَّبْقِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْأَمْوَالِ غَالِبٌ دُونَ النِّكَاحِ. وَلَوْ
قَامَتِ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ عَلَى إِقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ، فَبَيِّنَةُ النِّكَاحِ أَوْلَى، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ كَذَا، وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَلَوْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا إِذَا زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ لِشَخْصَيْنِ، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ سَبْقَ نِكَاحِهِ.
فَرْعٌ
ادَّعَتْ ذَاتُ وَلَدٍ أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ، وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ، وَسَمِعْنَا دَعْوَى النِّكَاحِ مِنْهَا، فَإِنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالنَّسَبَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا وَلَدِي مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ هَذَا وَلَدِي، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ وَلَدِي مِنْهَا وَجَبَ الْمَهْرُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ، فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالْمَهْرُ وَالْكِسْوَةُ، فَإِنْ قَالَ: كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْفَرْضِ إِنْ لَمْ يَجْرِ دُخُولٌ، وَإِنْ جَرَى، فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ بِالدُّخُولِ، فَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ، فَقَالَ الْبَالِغُ: أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي اسْتَخْدَمَهُ قَبْلَ الْإِنْكَارِ، وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ، أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِرَارًا، وَتَدَاوَلَهُ الْأَيْدِي أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مَنْ غَيْرِهِ، وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ، فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ؟ فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي. فَإِنْ قَالَ الْبَالِغُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ: إِنَّكَ أَعْتَقْتَنِي أَوْ أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي لَكَ، طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوِ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ، لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ، نُظِرَ إِنِ اسْتَنَدَتْ إِلَى النِّقَاطِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: تُقْبَلُ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ اسْتِنَادُهَا إِلَى الِالْتِقَاطِ، صُدِّقَ وَحُكِمَ
لَهُ، كَمَا لَوِ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ، فَلَوْ كَانَ مُمَيِّزًا فَأَنْكَرَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِرِقِّهِ، وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالْبَالِغِ، وَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِرِقِّهِ فِي الصَّغِيرِ، فَبَلَغَ، وَأَنْكَرَ الرِّقَّ، فَالْأَصَحُّ اسْتِمْرَارُ الرِّقِّ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ، وَالثَّانِي: يُصَدَّقُ مُنْكِرُ الرِّقِّ إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَلَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ فِي الصَّغِيرِ مِلْكَهُ وَيَسْتَخْدِمَهُ، ثُمَّ يَبْلُغُ وَيُنْكِرُ، وَبَيْنَ أَنْ يَتَجَرَّدَ الِاسْتِخْدَامُ إِلَى الْبُلُوغِ، ثُمَّ يَدَّعِي مِلْكَهُ، وَيُنْكِرُ الْمُسْتَخْدَمُ، وَالْيَدُ عَلَى الْبَالِغِ الْمُسْتَرَقِّ، وَإِنْ لَمْ يُغْنِ عَنِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ إِنْكَارِهِ، فَهِيَ غَيْرُ سَاقِطَةٍ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ يَجُوزُ اعْتِمَادُهَا فِي الشِّرَاءِ إِنْ سَكَتَ الْمُسْتَرَقُّ اكْتِفَاءً بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يُسْتَرَقُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مَعَ سُكُوتِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ مَعَ إِنْكَارِهِ الرِّقَّ، بَلْ يُسْأَلُ، فَإِنْ أَقَرَّ، اشْتُرِيَ.
الثَّامِنَةُ: فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: لَا، إِذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إِلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، وَالثَّالِثُ: تُسْمَعُ إِنْ كَانَ لَهُ نِيَّةٌ لِيَسْتَحِلَّ فَيَأْمَنَ غَيْبَتَهَا وَمَوْتَهَا، وَإِلَّا فَلَا، أَوْ فِي دَعْوَى الْأَمَةِ الِاسْتِيلَادَ وَالرَّقِيقِ التَّدْبِيرَ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ، وَالثَّانِي: عَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، الِاسْتِيلَادُ أَوْلَاهُمَا بِالْقَبُولِ، وَهَذَا الْمَذْكُورُ فِي التَّدْبِيرِ إِذَا لَمْ نُجَوِّزِ الرُّجُوعَ عَنْهُ بِالْقَبُولِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَإِنْكَارُهُ رُجُوعٌ يُبْطِلُ مَقْصُودَ الْمُدَّعِي.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ سَمَاعُ دَعْوَى الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
ادُّعِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ قَبْلَ الْمَحَلِّ، فَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْجَوَابِ: لَا يَلْزَمُنِي دَفْعُ شَيْءٍ إِلَيْكَ الْآنَ، وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا شَيْءَ عَلَيَّ مُطْلَقًا، قَالَ الْقَفَّالُ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ هَلْ يُوصَفُ قَبْلَ الْحُلُولِ بِالْوُجُوبِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ.
التَّاسِعَةُ: سَلَّمَ ثَوْبًا أَوْ غَيْرَهُ إِلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ، فَجَحَدَهُ، وَشَكَّ فِي بَقَاءِ الثَّوْبِ، فَلَا يَدْرِي أَيُطَالِبُ بِالْعَيْنِ أَمْ بِالْقِيمَةِ، فَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الشَّكِّ، فَيَقُولُ: لِي عِنْدَهُ كَذَا، فَإِنْ بَقِيَ، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ، وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى الْجَزْمُ، فَيُفْرَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُطَالَبَةِ دَعْوَى بِرَأْسِهَا، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ نَكَلَ، وَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى التَّرَدُّدِ، كَمَا لَوِ ادَّعَى عَلَى التَّرَدُّدِ، أَمْ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ؟ وَجْهَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُفْرَدُ لِكُلِّ مَطْلَبٍ دَعْوَى، فَادَّعَى مَا رَآهُ أَقْرَبَ، وَنَكَلَ الْخَصْمُ، فَنُكُولُهُ يُؤَكِّدُ ظَنَّ الْمُدَّعِي بِكَذِبِهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ بِذَلِكَ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمِ اسْتِدْلَالًا بِنُكُولِهِ عَلَى كَذِبِهِ، كَمَا يُسْتَدَلُّ بِخَطِّ أَبِيهِ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا أَنْكَرَ الْمُودَعُ التَّلَفَ، وَتَأَكَّدَ ظَنُّهُ بِنُكُولِ الْمُودَعِ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ ثَوْبًا، فَقَالَ: كَانَ فِي يَدِي وَهَلَكَ، فَأَغْرَمُ لَكَ الْقِيمَةَ، فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْحَاكِمِ: قَدْ أَقَرَّ بِالثَّوْبِ، فَحَلَّفَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إِلَيَّ، حَلَّفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ قُنِعَ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى بَقَاءِ الثَّوْبِ طُولِبَ بِالْعَيْنِ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى
جَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِقْرَارٌ، أَوْ إِنْكَارٌ، فَإِنْ سَكَتَ، وَأَصَرَّ عَلَى