المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَشَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا حَدَّثَتْ مَنْ شَجَرَتِهِ، أَوْ بَذْرَتِهِ، وَلَا يَقْتَضِي - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٢

[النووي]

الفصل: فَشَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا حَدَّثَتْ مَنْ شَجَرَتِهِ، أَوْ بَذْرَتِهِ، وَلَا يَقْتَضِي

فَشَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَنَّهَا حَدَّثَتْ مَنْ شَجَرَتِهِ، أَوْ بَذْرَتِهِ، وَلَا يَقْتَضِي جَرَيَانُ الْقَطْعِ فِيمَا لَوْ تَعَرَّضَتْ إِحْدَاهُمَا لِلشِّرَاءِ وَسَائِرِ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُوجِبُ ابْتِدَاءَ مِلْكِهِ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْلِهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَقَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُخْتَلِفَتَا التَّارِيخِ، فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أَسْبَقَ تَارِيخًا، قُدِّمَتْ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَسْبَقَ، فَإِنْ لَمْ نَجْعَلْ سَبْقَ التَّارِيخِ مُرَجِّحًا، قُدِّمَ الدَّاخِلُ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُرَجِّحًا، فَهَلْ يُقَدَّمُ الدَّاخِلُ أَمِ الْخَارِجُ، أَمْ يَتَسَاوَيَانِ؟ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ.

‌فَصْلٌ

ادَّعَى دَارًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ نَحْوَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، أَوْ بِالْأَمْسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ، نَقَلَ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَلَا يُحْكَمُ بِهَا، وَنَقَلَ الْبُوَيْطِيُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَيُحْكَمُ بِهَا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُمَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْمَنْعُ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوِ ادَّعَى الْيَدَ، وَشَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ، فَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، أَوْ يَقُولَ: كَانَ مِلْكَهُ وَلَمْ يَزَلْ، أَوْ لَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ مَا عَرَفَهُ مِنْ قَبْلُ، كَشِرَاءٍ وَإِرْثٍ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنِ احْتَمَلَ زَوَالَهُ، فَلَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ أَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ، فَوَجْهَانِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يُقْبَلُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرِّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ، وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، تُقْبَلُ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ سِوَاهُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَزَالَ مُلْكَهُ، أَمْ لَا، لَمْ يُقْبَلْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُرْتَابٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَقَرَّ أَمْسِ لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ، قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ، وَاسْتُدِيمَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحِ الشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ

ص: 63

فِي الْحَالِ وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَقَارِيرِ. وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كَانَ مِلْكُكَ أَمْسِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُؤَاخَذُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكُهُ أَمْسِ، وَأَصَحُّهُمَا، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: يُؤَاخَذُ، فَيُنْتَزَعُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَمْسِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَالشَّاهِدُ قَدْ يَتَسَاهَلُ وَيُخَمِّنُ، فَلَوْ أَسْنَدَ الشَّهَادَةَ إِلَى تَحْقِيقٍ، بِأَنْ قَالَ الشَّاهِدُ: هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ، اشْتَرَاهُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ، قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ، وَلَوْ قَالَ: كَانَ فِي يَدِكَ أَمْسِ، فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ الصَّبَّاغِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِذَا عَرَفْتَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الشَّاهِدُ إِلَى التَّعَرُّضِ لَهُ عَلَى قَوْلِنَا: لَا تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ، فَكَذَلِكَ إِذَا قُلْنَا: الشَّهَادَةُ عَلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ لَا تُسْمَعُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ الشَّاهِدُ لِزِيَادَةٍ، فَيَقُولُ: كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُ، أَوْ غَصَبَهُ، أَوْ قَهَرَهُ عَلَيْهِ، أَوْ بَعَثَ الْعَبْدَ فِي شُغْلٍ، فَأَبَقَ مِنْهُ، فَاعْتَرَضَهُ هَذَا، وَأَخَذَهُ، فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَيُجْعَلُ صَاحِبَ يَدٍ.

فَرْعٌ

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ قَالُوا: وَلَا نَعْلَمُ زَوَالَ مِلْكِهِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ، ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله قَالَ: يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ غَاصِبٌ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْيَمِينِ، قَالَ الْهَرَوِيُّ: هَذَا غَرِيبٌ.

فَرْعٌ

دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَاهَا آخَرَانِ، وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ،

ص: 64