الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِتْقِ غَانِمٍ، وَكَأَنَّ غَانِمًا تَلِفَ، وَهَذَا حَسَنٌ. وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبَاهُمَا، بَلْ قَالَا: أَعْتَقَ سَالِمًا، وَلَا يُدْرَى هَلْ أَعْتَقَ غَانِمًا أَمْ لَا. فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ عَدْلَيْنِ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِيمَا لَوْ كَانَ شُهُودُ الْعَبْدَيْنِ أَجَانِبَ، وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، عَتَقَ غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ. وَأَمَّا سَالِمٌ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَتَابَعَهُ كَثِيرُونَ: يُعْتَقُ مِنْهُ نِصْفُهُ إِذَا قُلْنَا: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ لَوْ كَانَا عَدْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هَذَا سَهْوٌ، وَصَوَابُهُ أَنْ يُعْتَقَ خُمُسَاهُ، وَذُكِرَ تَوْجِيهُهُ بِطَرِيقِ الْجَبْرِ. وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ لِغَانِمٍ، وَوَارِثَانِ لِسَالِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا، إِلَّا أَنَّ سَالِمًا سُدُسُ الْمَالِ، فَإِنْ كَذَّبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، عَتَقَا جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبَاهُمَا، فَإِنْ كَانَا عَدْلَيْنِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ شُهُودُ الْعَبْدَيْنِ أَجَانِبَ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ. وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، فَنَقَلَ الْبَغَوِيُّ أَنَّ الْأَوَّلَ حُرٌّ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لَهُ، انْحَصَرَ الْعِتْقُ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلثَّانِي، عَتَقَ الْأَوَّلُ بِالشَّهَادَةِ، وَعَتَقَ مِنَ الثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ، قَالَ: وَقِيَاسُ هَذَا أَنْ يُقْرَعَ أَيْضًا إِذَا كَانَ كُلُّ عَبْدٍ ثُلُثَ الْمَالِ وَالْوَارِثَانِ فَاسِقَانِ، وَكَأَنَّ هَذَا جَوَابٌ عَلَى قَوْلِ الْقُرْعَةِ فِيمَا إِذَا كَانَ الشُّهُودُ كُلُّهُمْ أَجَانِبَ، وَمَا نَقَلْنَاهُ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ الْقِسْمَةِ.
فَصْلٌ
شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْمَيِّتَ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالثُّلُثِ، وَآخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِبَكْرٍ بِالثُّلُثِ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، فَإِنْ قَالَ الْآخَرَانِ: رَجَعَ عَنْ زَيْدٍ، وَأَوْصَى لِبَكْرٍ بِالثُّلُثِ، سُلِّمَ لَهُ الثُّلُثُ، وَيَسْتَوِي فِي شَهَادَةِ الرُّجُوعِ الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ إِذَا جَرَى ذَكْرُ بَدَلٍ. وَلَوْ شَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّةِ بَكْرٍ أَيْضًا، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ لِعَمْرٍو، سُلِّمَ الثُّلُثُ لَهُ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِالثُّلُثِ لِزَيْدٍ، وَاثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِبَكْرٍ، ثُمَّ شَهِدَ
اثْنَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ، فَإِنْ عَيَّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا، ثَبَتَ الرُّجُوعُ، وَكَانَ الثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْآخَرِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَيْسَ لِلْآخَرِ إِلَّا السُّدُسُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الثُّلُثُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ وَصِيَّتَهُ وَقَعَتْ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى. إِنْ لَمْ يُعَيِّنَا الْمَرْجُوعَ عَنْهَا، نَصَّ فِي «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا. وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِبْهَامُ الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ يَمْنَعُ قَبُولَهَا، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَوْصَى لِأَحَدِهِمَا، وَقَالَ الْقَفَّالُ: تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَحْتَمِلُ الْإِبْهَامَ، وَيُقَسَّمُ الرُّجُوعُ بَيْنَهُمَا وَكَأَنَّهُ رَدَّ وَصِيَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ إِلَى السُّدُسِ، فَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِالسُّدُسِ، وَأُخْرَى لِعَمْرٍو بِالسُّدُسِ أَيْضًا، وَأُخْرَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ إِحْدَى الْوَصِيَّتَيْنِ، فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ: لَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ الرُّجُوعِ الْمُبْهَمِ، وَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ السُّدُسَ الْمُوصَى بِهِ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَفَّالِ: تُقْبَلُ وَكَأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ كُلِّ وَصِيَّةٍ، فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سُدُسٍ.
الْبَابُ السَّادِسُ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَدَبِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى؛ لِأَنَّهَا يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.
يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَغَيْرِهِ فِي إِحْضَارِ الْخَصْمِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، لَكِنْ لَا يُحْضَرُ إِذَا صَعَدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالْيَهُودِيُّ يَحْضُرُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيُكْسَرُ عَلَيْهِ سَبْتُهُ.
شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ غَصَبَ كَذَا، أَوْ سَرَقَهُ غَدْوَةً، وَآخَرَانِ أَنَّهُ غَصَبَهُ، أَوْ سَرَقَهُ عَشِيَّةً، تَعَارَضَتَا وَلَا يُحْكَمُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ هَكَذَا، وَآخَرُ هَكَذَا حَيْثُ يَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذُ الْغُرْمَ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَا تَعَارُضَ.
شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إِتْلَافِ ثَوْبٍ قِيمْتُهُ رُبُعُ دِينَارٍ، وَآخَرُ عَلَى إِتْلَافِ
ذَلِكَ الثَّوْبِ بِعَيْنِهِ، وَقَالَ قِيمَتُهُ ثُمُنُ دِينَارٍ، يَثْبُتُ الْأَقَلُّ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْآخَرِ. وَلَوْ شَهِدَ بَدَلُ الْوَاحِدِ وَالْوَاحِدِ اثْنَانِ وَاثْنَانِ ثَبَتَ الْأَقَلُّ أَيْضًا وَتَعَارَضَتَا فِي الزِّيَادَةِ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ وَزْنَ الذَّهَبِ الَّذِي أَتْلَفَهُ نِصْفُ دِينَارٍ، وَآخَرَانِ أَنَّ وَزَنَهُ دِينَارٌ، ثَبَتَ الدِّينَارُ؛ لِأَنَّ مَعَ شَاهِدَيْهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ، فَإِنَّ مَدْرَكَهَا الِاجْتِهَادُ، وَقَدْ يَقِفُ شَاهِدُ الْقَلِيلِ عَلَى عَيْبٍ. وَلَوِ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ، لَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا، فَقَدْ تَلِدُ قَبْلَ أَنْ تَمْلِكَهَا، فَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ فَنَصَّ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِمِلْكٍ سَابِقٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الشَّاةَ نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ، وَهَذِهِ الثَّمَرَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يَكْفِي نِتَاجُ شَاتِهِ، وَثَمَرُ شَجَرَتِهِ. وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ غَزْلِهِ، أَوِ الْفَرْخَ مِنْ بَيْضِهِ، وَالدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ، أَوِ الْخُبْزَ مِنْ دَقِيقِهِ، كَفَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْنُ مَالِهِ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ، بِخِلَافِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ وَالشَّاةِ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى رِقِّ شَخْصٍ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهُوَ إِثْبَاتُ الرِّقِّ. وَلَوِ ادَّعَى دَيْنًا، وَشَهِدَ بِهِ اثْنَانِ، لَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا مُتَّصِلًا بِشَهَادَتِهِ: إِنَّهُ قَضَاهُ، أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ، فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ مَفْصُولًا عَنِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ. وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلَّفَ مَعَهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ، سُئِلَ: مَتَى قَضَاهُ؟ فَإِنْ قَالَ: قَبْلَ أَنْ شَهِدْتُ،
فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاصِّ. وَذَكَرَ فِيمَا إِذَا شَهِدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ شَاهِدَانِ، ثُمَّ عَادَ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ: قَضَاهُ أَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ أَنْ شَهِدْتُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَبْطُلُ، بَلْ يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ وَيُؤْخَذُ، إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدِ الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ هُنَاكَ شَهِدَ عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ، وَالْقَضَاءُ وَالْإِبْرَاءُ يُنَافِيَانِهِ، فَبَطَلَتِ الشَّهَادَةُ، وَهُنَا شَهِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَالْقَضَاءُ وَالْإِبْرَاءُ لَا يُنَافِيَانِهِ، فَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ لَا تَبْطُلُ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ، الْخِلَافُ فِيمَا لَوِ ادَّعَى أَلْفًا، وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلٍ، لَكِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَضَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَفِي وَجْهٍ: لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا إِلَّا فِي خَمْسِمِائَةٍ، لَكِنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ لِبَاقِي الْأَلْفِ مَعَ الشَّاهِدِ الْآخَرِ. وَفِي وَجْهٍ: تَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْقَضَاءِ. وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ، وَيَقْرُبْ مِنْهُ قَوْلَانِ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فَلَانًا وَكَّلَ فُلَانًا، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: عَزَلَهُ بَعْدَ أَنْ شَهِدْتُ، فَفِي قَوْلٍ: تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ. وَفِي قَوْلٍ: تَثْبُتُ شَهَادَةُ الْوَكَالَةِ، فَيُعْمَلُ بِهَا، وَالْعَزْلُ لَا يَثْبُتُ بِوَاحِدٍ.
ادَّعَى شَرِيكَانِ فَأَكْثَرُ حَقًّا عَلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ، يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا، فَإِنْ رَضِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ، ثُمَّ رَجَعَا عَنِ الشَّهَادَةِ، وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ إِلَّا الثُّلُثَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِلْأَوَّلِ رَقَّ الثَّانِي، وَيُغَرَّمُ الرَّاجِعَانِ قِيمَةَ
الْأَوَّلِ لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ خَرَجَتْ لِلثَّانِي عَتَقَ وَرَقَّ الْأَوَّلُ، وَلَا غُرْمَ عَلَى الرَّاجِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَقَّيَاهُ. قَالَ: وَعِنْدِي يُعْتَقُ الثَّانِي بِلَا قُرْعَةٍ، وَعَلَى الرَّاجِعَيْنِ قِيمَةُ الْأَوَّلِ لِلْوَرَثَةِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِكَذَا، وَآخَرُ أَنَّهُ فَوَّضَهُ إِلَيْهِ، أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، ثَبَتَتِ الْوَكَالَةُ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِكَذَا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِوَكَالَتِهِ، لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثَبَتَ الْبَيْعُ. وَلَوِ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ هَذَا الْعَبْدَ، وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَعْتَقَهُ، وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً، تَعَارَضَتَا، وَذِكْرُ الْعِتْقِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُرَجَّحُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ كَالْقَبْضِ، نَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى دَابَّةً فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ، وَنَظَرَ الْحَاكِمُ فِي سَنِّهَا، فَإِذَا لَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ فَقَطْ، لَمْ يَقْبَلِ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهَا كَذِبٌ، وَأَنَّ الْمُسَّنَاةَ الْحَائِلَةَ بَيْنَ نَهْرِ شَخْصٍ وَأَرْضِ آخَرَ، يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا كَالْجِدَارِ الْحَائِلِ. وَلَوِ ادَّعَى مِائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى إِنْسَانٍ، فَقَالَ: قَبَضْتُ خَمْسِينَ، لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْمِائَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: قَضَيْتُ مِنْهَا خَمْسِينَ. وَلَوِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ قُضِيَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَمَا اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ عَلَيْهِ حِسًّا أَوْ حُكْمًا، بِأَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ، وَمَا كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا، أَوْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ تَحْلِيفُ الْآخَرِ، فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ لِلْحَالِفِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي دَوَامِ النِّكَاحِ، أَمْ بَعْدَ الْفِرَاقِ، وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَا هُمَا أَوْ وَرَثَتُهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَرَثَةُ الْآخَرِ، وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ، أَوْ لِلزَّوْجَةِ