المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلَمْ تُجِزِ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٢

[النووي]

الفصل: بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلَمْ تُجِزِ

بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ بِإِعْتَاقِهِمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الْمَالِ، وَلَمْ تُجِزِ الْوَرَثَةُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ أُطْلِقَتِ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ أُرِّخَتَا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَيْنِ بِالْمَوْتِ كَالْوَاقِعَيْنِ مَعًا فِي الْمَرَضِ. هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: يُقْرَعُ، وَالثَّانِي: يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ.

‌فَصْلٌ

لَا فَرْقَ فِي شُهُودِ الْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةِ

[بَيْنَ] أَنْ يَكُونُوا أَجَانِبَ، أَوْ مِنْ وَرَثَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. فَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ غَانِمٍ، وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ، وَأَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ أَيْضًا، قُبِلْتَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرُّجُوعِ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى، وَتَثْبُتُ بِهَا الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْبَتَا لِلرُّجُوعِ بَدَلًا يُسَاوِيهِ، فَارْتَفَعَتِ التُّهْمَةُ عَنْهُمَا، وَلَا نَظَرَ إِلَى تَبْدِيلِ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ قَدْ لَا يَكُونُ أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ، وَقَدْ لَا يُوَرَّثُ بِالْوَلَاءِ، وَمُجَرَّدُ هَذَا الِاحْتِمَالِ لَوْ رُدِّتْ بِهِ الشَّهَادَةُ، لَمَا قُبِلَتْ شَهَادَةُ قَرِيبٍ لِمَنْ يَرِثُهُ. هَذَا إِذَا كَانَ الْوَارِثَانِ عَدْلَيْنِ، فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، لَمْ يَثْبُتِ الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِمَا، فَيَحْكُمُ بِعِتْقِ غَانِمٍ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَيُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ بَعْدَ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثَانِ، وَكَأَنَّ غَانِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنَ التَّرِكَةِ. فَإِنْ قَالَ الْوَارِثَانِ: أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلرُّجُوعِ عَنْ عِتْقِ غَانِمٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ فِيمَا لَوْ كَانَتِ الْبَيِّنَتَانِ أَجَانِبَ، فَالْمَذْهَبُ الْقُرْعَةُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ، ثَانِيهِمَا: يُعَتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُهُ. وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، لَكِنَّ سَالِمَ سُدُسُ الْمَالِ، فَالْوَارِثَانِ مُتَّهَمَانِ بِرَدِّ الْعِتْقِ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي الرُّجُوعِ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا. وَفِي الْبَاقِي الْخِلَافُ فِي تَبْعِيضِ

ص: 86

الشَّهَادَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَبْعِيضَ، وَبِهِ أَجَابَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا فِيهِ أَيْضًا، وَيُعْتَقُ الْعَبْدَانِ، الْأَوَّلُ بِشَهَادَةِ الْأَجَانِبِ، وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا جَائِزَيْنِ، عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا يَسْتَحِقَّانِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: تُبَعَّضُ، عَتَقَ نِصْفُ الْأَوَّلِ، وَكُلُّ الثَّانِي. وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فِي الْبَعْضِ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْبَاقِي، فَتَبْقَى الشَّهَادَةُ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِ الْعَبْدَيْنِ، فَيَقْرَعُ كَمَا سَبَقَ، وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ أُخْرَى. فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَقَامَتِ الْبَيِّنَتَانِ لِغَانِمٍ وَسَالِمٍ كَمَا ذَكَرْنَا، قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْوَرَثَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ؛ لِأَنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ، فَلَيْسَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرُّجُوعِ تُهْمَةٌ، فَيُجْعَلُ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَعِتْقِ سَالِمٍ، فَيُعْطَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ الثُّلُثِ، وَيُعْتَقُ مِنْ سَالِمٍ ثُلُثَاهُ، وَهُوَ ثُلُثُ الثُّلُثِ، هَكَذَا ذَكَرُوهُ، لَكِنْ بِرَدِّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ بَعْضِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا، بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمُ الثُّلُثُ. وَقَبُولُ شَهَادَةِ الثُّلُثِ تُوجِبُ إِرْقَاقَ غَانِمٍ وَحِرْمَانَهُ، وَهُوَ مَحَلُّ تُهْمَةٍ، لِتَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِ الْعَبِيدِ. فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ عَتَقَ غَانِمٌ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، وَعَتَقَ سَالِمٌ بِإِقْرَارِهِمَا. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ غَانِمٍ سُدُسَ الْمَالِ، وَسَالِمٍ ثُلُثَهُ، قُبِلَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ وَصِيَّةِ غَانِمٍ، وَأُعْتِقَ سَالِمٌ. فَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ، وَعَتَقَ مِنْ سَالِمٍ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ سَالِمٍ، وَكَأَنَّ الْأَوَّلَ تَلِفَ. وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ غَانِمٍ فِي الْمَرَضِ وَوَارِثَانِ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ سَالِمٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الْمَالِ، نُظِرَ، إِنْ كَذَبَ الْوَارِثَانِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَقَالَا: لَمْ يُعْتِقْ غَانِمًا، وَإِنَّمَا أَعْتَقَ سَالِمًا، عَتَقَ الْعَبْدَانِ

[فَإِنْ] لَمْ يَكُونَا جَائِزَيْنِ، عَتَقَ مِنْ سَالِمٍ قَدْرُ حِصَّتِهِمَا، وَاسْتَدْرَكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: قِيَاسُ مَا سَبَقَ أَنْ لَا يُعْتَقَ مِنْ سَالِمٍ إِلَّا قَدْرُ مَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُ الْبَاقِي مِنَ الْمَالِ بَعْدَ

ص: 87