الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
.
وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ أَمَتِهِ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِالْوِلَادَةِ مُسْتَوْلَدَةً تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ وَيُقَدَّمُ عِتْقُهَا عَلَى الدُّيُونِ، وَاسْتِيلَادُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، كَاسْتِيلَادِ الصَّحِيحِ فِي النُّفُوذِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَإِنْفَاقِ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ.
وَيَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ أَيْضًا بِإِلْقَاءِ مُضْغَةٍ فِيهَا خِلْقَةُ آدَمِيٍّ، إِمَّا لِكُلِّ أَحَدٍ وَإِمَّا لِلْقَوَابِلِ وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنَ النِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَقُلْنَ: هَذَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ وَلَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ، لَمْ يَثْبُتِ الِاسْتِيلَادُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْعِدَدِ.
فَصْلٌ
يَحْرُمُ بَيْعُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِهَا، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ مَيْلُ الْقَوْلِ فِي بَيْعِهَا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله فِيهِ اخْتِلَافُ قَوْلٍ، وَإِنَّمَا مَيْلُ الْقَوْلِ إِشَارَةٌ إِلَى مَذْهَبِ مَنْ جَوَّزَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جَوَّزَهُ فِي الْقَدِيمِ.
فَعَلَى هَذَا هَلْ يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا:
[لَا] وَبِهِ قَالَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ.
وَالثَّانِي: نَعَمْ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالصَّيْدَلَانِيُّ كَالْمُدَبَّرِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيُحْتَمَلُ مِنَ الثُّلُثِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، فَقَضَى قَاضٍ بِجَوَازِهِ، فَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُنْقَضُ قَضَاؤُهُ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ، فَقَدِ انْقَطَعَ، وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ، وَنَقَلَ الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ.
فَرْعٌ
أَوْلَادُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إِنْ كَانُوا مِنَ السَّيِّدِ فَأَحْرَارٌ، وَإِنْ حَدَثُوا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى، فَلَهُمْ حُكْمُ الْأُمِّ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُمْ، وَيُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ قَدْ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْأُمَّ لَمْ يُعْتَقِ الْوَلَدُ، وَكَذَا حُكْمُ الْعَكْسِ كَمَا فِي التَّدْبِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَةَ يُعْتَقُ وَلَدُهَا، وَلَوْ وَلَدَتِ الْمُسْتَوْلَدَةُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ كَالْأُمِّ، وَهُوَ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى.
وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أَمَتَهُ، انْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ.
وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الْحَاصِلُونَ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًى، فَلَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْأُمِّ، بَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُمْ إِذَا وُلِدُوا فِي مِلْكِهِ، وَلَا يُعْتَقُونَ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ.
فَرْعٌ
الْمُسْتَوْلَدَةُ فِيمَا سِوَى نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا كَالْقِنَّةِ، فَلَهُ إِجَارَتُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَوَطْؤُهَا وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا التَّابِعِينَ لَهَا، وَقِيمَتُهُمْ إِذَا قُتِلُوا، وَمَنْ غَصَبَهَا، فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، ضَمِنَهَا كَالْقِنَّةِ، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى إِقْرَارِ السَّيِّدِ بِالِاسْتِيلَادِ، وَحُكِمَ بِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَغْرَمَانِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا، وَلَمْ يُفَوِّتَا إِلَّا سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ، وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا.
قَالَ الْإِمَامُ: فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ وَفَاتَ الْمِلْكُ، فَالَّذِي نَرَاهُ وُجُوبُ الْغُرْمِ عَلَيْهِمَا لِلْوَرَثَةِ، كَمَا لَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ، فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَحَكَمَتْ بِعِتْقِهِ، فَرَجَعَا غَرِمَا، وَفِي تَزْوِيجِهَا أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا لِلسَّيِّدِ الِاسْتِقْلَالُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهَا وَوَطْأَهَا، كَالْمُدَبَّرَةِ.