الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَتَقَ قَبْلَ أَخْذِ الْمَالِ، فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَفْوَهُ وَقَعَ لَاغِيًا، وَلَوْ جَنَى عَلَى طَرَفِ الْمُكَاتَبِ عَبْدُهُ، فَلَهُ الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ، لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِ الْمُكَاتَبِ انْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ، وَيَمُوتُ رَقِيقًا.
ثُمَّ إِنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْكَفَّارَةُ وَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ أَوِ الْقِيمَةُ، وَلَهُ أَكْسَابُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ.
فَرْعٌ
جَنَى عَلَى طَرَفِ مُكَاتَبِهِ، وَكَانَ الْأَرْشُ مِثْلَ النُّجُومِ، وَحَكَمْنَا بِالتَّقَاصِّ وَحُصُولِ الْعِتْقِ، ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ جِنَايَةً أُخْرَى مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ، فَهِيَ جِنَايَةٌ عَلَى حُرٍّ فَيَجِبُ الْقِصَاصُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأُمِّ» فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ حَصَلَ التَّقَاصُّ وَالْعِتْقُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ كَانَ عَبْدًا فَعَتَقَ، وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ عَتَقَ.
قَالَ الرَّبِيعُ: فِيهِ قَوْلٌ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ حُرٍّ، وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ، قَالَ فِي «الْأُمِّ» : لَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، فَاخْتَلَفَ هُوَ وَمَنْ جَنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: كُنْتُ حُرًّا عِنْدَ الْجِنَايَةِ، وَقَالَ الْجَانِي: بَلْ مُكَاتَبًا صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِلْمُكَاتَبِ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ.
قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: إِنْ عَجَزْتَ عَنِ النُّجُومِ بَعْدَ وَفَاتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ صَحَّ التَّعْلِيقُ، فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ: قَبْلَ الْحُلُولِ عَجَزْتُ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَهُ بَعْدَ الْحُلُولِ، وَوَجَدْنَا لَهُ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ، فَلَا عَجْزَ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِدِيُونِ الْمُعَامَلَةِ، وَبِالْبَيْعِ
وَمَا يَقْدِرُ عَلَى إِنْشَائِهِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَهَذَا ثَمَنُهَا قُبِلَ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ قَالَ: بِعْتُهَا، وَتَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِي، فَفِي الْقَبُولِ قَوْلَانِ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ، فَهَلْ يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: نَعَمْ، وَيُؤَدِّي مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا قَدْرُ قِيمَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ بِيعَ فِي دَيْنِ الْجِنَايَةِ.
وَالثَّانِي وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ: لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قَبِلْنَا إِقْرَارَهُ، فَعَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ، فَهَلْ يُبَاعُ فِيهِ أَمْ لَا يُبَاعُ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يُعْتَقَ؟ قَوْلَانِ.
وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْجِنَايَةِ، لَكِنْ لَوْ عَجَزَ أُلْزِمَ السَّيِّدُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ قَالَ: كَانَ جَنَى قَبْلَ الْكِتَابَةِ، لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ بِالْكِتَابَةِ.
وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْقَى، فَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ بِالْأَدَاءِ إِلَى الْوَارِثِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ، لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِأَدَاءِ حَقِّهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِالدَّفْعِ إِلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيَّانِ، لَمْ يُعْتَقْ إِلَّا بِالدَّفْعِ إِلَيْهِمَا إِلَّا إِذَا أَثْبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ.
فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَأَوْصَى بِوَصَايَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا عَتَقَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَرَثَةِ وَيَدْفَعُ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ قَامَ الْقَاضِي مَقَامَ الْوَصِيِّ، وَلَوْ دَفَعَ إِلَى الْغَرِيمِ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ دَفَعَ إِلَى الْوَارِثِ فَإِنْ قَضَى الدُّيُونَ وَالْوَصَايَا عَتَقَ، وَإِلَّا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَلَمْ يَعْتِقْ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ بَرِئَ الْمُكَاتَبُ بِالدَّفْعِ إِلَى الْغَرِيمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ لِإِنْسَانٍ، عَتَقَ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِلْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ أَوْصَى إِلَيْهِ،
فَيُفَرِّقُهَا، أَوْ إِلَى الْحَاكِمِ، وَإِنْ أَوْصَى بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْهَا، تَعَيَّنَ صَرْفُهَا إِلَيْهِ، وَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهَا لِإِنْسَانٍ.
وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْوَارِثِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَكَحَ الِابْنُ مُكَاتَبَةَ أَبِيهِ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَارِثٌ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ مَلِكَ زَوْجَتَهُ.
وَكَذَا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ وَبِنْتُهُ تَحْتَ مُكَاتَبِهِ فَوَرِثَتْ زَوْجَهَا، وَلَوِ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ أَوِ اشْتَرَتِ الْمُكَاتَبَةُ زَوْجَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.