الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشواهد.. وإسناد في إسناد
كثيراً ما يساق في باب الاعتبار أسانيد متعددة لمتن واحد، ولا شك أن تعدد الأسانيد للمتن الواحد مما يقويه، ويؤكد كونه محفوظاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلا أنه يكثر في هذا الباب التساهل في الأسانيد، وعدم مراعاة العلل الخفية التي تفضي إلى اطراح هذه الأسانيد ـ أو بعضها ـ، وعدم اعتبارها، أو الاعتداد بها، لتقوية الحديث.
وذلك؛ كأن يكون المتن مشهوراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد معين، فيخطئ بعض الرواة، فيرويه بإسناد آخر، يُروى به متن آخر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيظن الناظر أنهما إسنادان لمتن واحد، ولا يفطن لكون هذا الإسناد الآخر خطأ، وأنه مركب على هذا المتن، وليس هو إسناده.
فهذا الإسناد الآخر؛ قد يكون في نفسه صحيحاً؛ لاتصاله وثقة رواته، والمتن كذلك قد يكون صحيحاً مستقيماً بإسناده المعروف به، إلا أن العلة عند أهل العلم في رواية هذا المتن بهذا الإسناد خاصة.
وقد لا يكون المتن صحيحاً بإسناده الذي يُعرف به؛ لعلة فيه من ضعف في بعض رواته، أو انقطاع في إسناده؛ فلما رواه ذاك المخطئ ذلك الإسناد الصحيح، ظهر وكأنه إسناد آخر للحديث، فيصحح به، وليس الأمر كذلك؛ لما سبق.
وقد يكون هذا الإسناد الآخر، الذي أُلصق بهذا المتن، فيه نوع ضعف مما لا يُسقطه عن حد الاعتبار، فيظهر وللحديث إسنادان، قد يغتر بهما بعض من لم يفطن للعلة المشار إليها، فيقوي الحديث باجتماعهما.
والواقع؛ أن الحديث إنما يحكم عليه بإسناده المعروف به، أما هذا الإسناد الذي ألصقه ذلك المخطئ بهذا المتن، بل لمتن آخر، فلا اعتبار به في هذا المتن خاصة.
وفي مثل ذلك؛ يقول أهل العلم: " لا أصل له بهذا الإسناد " أو " هذا منكر بهذا الإسناد "، ونحو هذا.
وربما أطلقوا، فيقولون ـ مثلاً ـ:" لا أصل له "، أو " هذا منكر " يقصدون بهذا الإسناد خاصة، اللهم إلا أن لا يكون للمتن إسناد آخر، فحينئذ يحمل على إطلاقه.
وهذا النوع من الخطأ له صورتان:
** الصورة الأولى:
تغيير الإسناد، دون مخرج الحديث.
وذلك؛ كأن يأتي إلى حديث يرويه الزهري ـ مثلاً ـ بإسناد معين فيرويه هو عن الزهري بإسناد آخر.
فهو لم يخالف في أن الحديث حديث الزهري، وإنما خالف فيمن فوق الزهري من الإسناد.
فإن كان الزهري يروي الحديث ـ مثلاً ـ، " عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة "، فروى ذلك المخطئ الحديث بعينه، فقال " عن الزهري عن سالم، عن ابن عمر ".
فهو لم يخطئ في جعله الحديث من حديث الزهري، ،إنما أخطأ فقط في قوله " عن سالم عن ابن عمر ".
وهذه الصورة؛ أمثلتها كثيرة ومتداولة، وقلما تخفى على طالب العلم اليقظ، فأكتفي بذكر مثال واحد، هو من أشهر أمثلتها.
مثال ذلك:
حديث: " إنما الأعمال بالنيات ".
فهذا الحديث؛ صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث: يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا؛ أخرجه: البخاري ومسلم وغيرهما، من هذا الوجه.
ورواه عن يحيى الأنصاري: جماعة كثيرون؛ فهو مشهور عنه.
وممن رواه عنه: مالك ابن أنس؛ ورواه عن مالك: جماعة من أصحابه الثقات.
وخالفهم: عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، فرواه عن مالك، فجاء له بإسناد آخر؛ فقال:
" عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
أخرجه: الخليلي في " الإرشاد "(1/167-133) والخطابي في " أعلام الحديث "(1/111) وأبو نعيم في " الحلية "(6/342) .
وعبد المجيد بن أبي رواد هذا؛ صدوق، إلا أنه أخطأ في إسناد هذا الحديث عن مالك، والصواب: أن مالكاً يرويه كما يرويه الناس، عن يحيى الأنصاري، بالإسناد الأول.
هكذا؛ قال أهل العلم.
قال أبو حاتم الرازي (1) :
" هذا حديث باطل، لا أصل له؛ إنما هو: مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وقال أبو يعلى الخليلي (2) :
" أخطأ فيه عبد المجيد، وهو غير محفوظ من حديث زيد بن أسلم بوجه، وهذا أصل من أصول الدين، ومداره على يحيى بن سعيد؛ فهذا مما أخطأ فيه الثقة عن الثقة ".
وقال الخطابي:
" هذا عند أهل المعرفة بالحديث مقلوب؛ وإنما هو إسناد حديث آخر أُلصق به هذا المتن ".
(1)" علل الحديث "(362) .
(2)
بتصرف.
وقال أبو نعيم:
" غريب من حديث مالك عن زيد، تفرد به عبد المجيد؛ ومشهوره وصحيحه: ما في " الموطأ " عن يحيى بن سعيد.
وقال الدارقطني (1) :
" لم يتابع عليه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد؛ وأما أصحاب مالك الحفاظ عنه، فرووه: عن
مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن عمر؛ وهو الصواب ".
** الصورة الثانية:
تغيير الإسناد، والمخرج أيضاً:
وذلك؛ بأن يأتي إلى حديث معروف بإسناد معين، ورجال معينين، فإذا به يروي نفس الحديث، ولكن بإسناد آخر، لا يتفق مع الإسناد الأول في رجل من رجاله.
وهذا الخطأ؛ هو الذي يعبر عنه الأئمة غالباً بقولهم: " دخل عليه حديث في حديث "، أو " إسناد في إسناد ".
فالذي لا يفطن لذلك، يظن أن الإسناد الآخر إسناد مستقل للحديث، فيجعله شاهداً للأول؛ وليس الأمر كذلك.
وهذا؛ يقع من الثقات وغيرهم، ووقوعه من غير الثقات أكثر؛ وغالب هذه الأسانيد يستغربها العلماء ويستنكرونها على أصحابها، وربما
(1) في "العلل "(2/193-194) .
وراجع: ما تقدم حول هذا الحديث في " فصل: المتابعة.. والقلب ".
ضعفوا راويها بها، لاسيما إذا كان ممن يُكْثِر من الوقوع في هذا النوع من الخطأ؛ لفحشه، ويسوقون مثل هذه الأسانيد في تراجم الرواة من كتب الضعفاء؛ مثل:" الضعفاء " للعقيلي، و " الكامل " لابن عدي، و " المجروحين " لابن حبان وغيرها، لا يقصدون إنكار المتن، بل قد يكون
صحيحاً بالإسناد المعروف المشهور، وإنما يقصدون إنكار تلك الأسانيد لهذه المتون خاصة.
ومن هنا؛ ندرك خطأ من يتتبع هذه الأسانيد من هذه الكتب وأمثالها، ثم يجعلها في صعيد واحد، ويُقوي بعضها ببعض، فإنه بذلك إنما يقوي المنكر بالمنكر، من حيث لا يدري.
هذا؛ وهذا النوع من الخطأ يقع أحياناً بسبب التحديث من الحفظ، فيشتبه على الراوي إسناد حديث بإسناد حديث آخر، وأحيانا بسبب انتقال نظر الراوي، حيث يروي من كتابه، فينتقل نظره من إسناد إلى إسناد بعده لحديث آخر في الكتاب؛ وأمثلة هذا وذاك كثيرة.
مثال ذلك:
حديث: جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروني ".
فهذا المتن؛ معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث يحيى ابن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرج البخاري (1/164)(2/9) ومسلم (2/101) من هذا الوجه.
أما حديث أنس هذا؛ فلا يُعرف إلا من هذا الوجه، تفرد به جرير ابن حازم ـ وهو صدوق ـ وقد خطأه جماعة من أهل العلم في ذلك، وأنكروا عليه روايته لهذا المتن بهذا الإسناد، منهم: البخاري، والترمذي،
وأبو داود، وابن عدي، والدارقطني، وغيرهم (1) .
وقد بين حماد بن زيد سبب وقوع هذا الخطأ لجرير بن حازم فقال ـ فيما رواه عنه أبو داود في
" المراسيل "(2) بإسناد صحيح عنه ـ، قال:
" كنت أنا وجرير بن حازم عند ثابت البناني، فحدث حجاج بن أبي عثمان، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أُقيمت الصلاة، فلا تقوموا حتى تروني "؛ فظن جرير أنه إنما حدث به ثابت عن أنس ".
قلت: فهذا مما يؤكد أن جريراً قد أخطأ في إسناد هذا الحديث وأنه دخل عليه حديث في حديث، وأن هذا المتن لا أصل له من حديث ثابت، ولا من حديث أنس، إنما هو حديث أبي قتادة الأنصاري، لا يصح إلا من حديثه.
وقد أشار إلى ذلك البخاري بقوله (3) :
" وَهِمَ جرير بن حازم في هذا الحديث؛ والصحيح: ما رُوي عن ثابت، عن أنس، قال: " أقيمت
الصلاة، فأخذ رجل بيد النبي صلى الله عليه وسلم، فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم ".
(1) راجع: " شرح علل الترمذي "(2/645) .
(2)
64) .
(3)
حكاه عنه الترمذي في " الجامع "(517) .
قال البخاري:
" والحديث هو هذا، وجرير بن حازم ربما يهم في الشيء، وهو صدوق " ز
وهذا؛ ذهاب من البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ إلى أن جريراً قد دخل عليه حديث في حديث، وأن هذا الإسناد الذي ذكره لمتن " إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني "؛ ليس هو إسناد هذا المتن، إنما هو إسناد لمتن آخر، وهو المتن الذي ذكره البخاري رحمه الله.
مثال آخر:
حديث: أبي كريب، عن أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده، عن أبيه أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم:" المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء ".
فهذا؛ إسناد ـ في الظاهر ـ صحيح.
لكن؛ قال الحافظ ابن رجب الحنبلي (1) :
" هذا المتن معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة، وقد خرجاه في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أبي موسى هذا؛ فخرجه مسلم، عن أبي كريب، وقد استغربه غير واحد من هذا الوجه، وذكروا أن أبا كريب تفرد به، منهم:
(1)" شرح العلل "(2/645) .
البخاري، وأبو زرعة ".
قال الترمذي في " العلل "(1) :
" هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من قبل إسناده، وقد رُوي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا، وإنما يُستغرب من حديث أبي موسى.
سألت محمود بن غيلان عن هذا الحديث، فقال: " هذا حديث أبي كريب عن أبي أسامة.
وسألت محمد بن إسماعيل ـ هو: البخاري ـ عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث أبي كريب، عن أبي أسامة، لم نعرفه إلا من حديث أبي كريب، عن أبي أسامة.
فقلت له: حدثنا غير واحد عن أبي أسامة بهذا (2) .
فجعل يتعجب، وقال: ما علمت أحداً حدث هذا غير أبي كريب.
وقال محمد: كنا نرى أن أبا كريب أخذ هذا الحديث عن أبي أسامة في المذاكرة " اهـ.
وقال البرذعي (3) :
" سألت أبا زرعة عن حديث بريدة بن أبي بردة، عن أبي موسى:
(1) في آخر " الجامع "(5/760) .
(2)
ذكرهم الترمذي قبل ذلك، هم: أبو كريب، وأبو هشام الرفاعي، وأبو السائب، والحسين بن الأسود.
(3)
2/581-582) ، وهو في " تاريخ بغداد "(9/148) .
" المؤمن يأكل في معي واحد "؟
فقال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة.
فقلت له: حدثنا به أبو السائب سلم بن جنادة السوائي، عن أبي أسامة؟
فقال: أبو السائب؛ روى هذا؟!
فقلت: نعم! هو حدثنا به!
وقال لي أبو زرعة: كان أبو هشام الرفاعي يرويه أيضاً، فسألت أبا هشام أن يخرج إلى الكتاب؛ ففعل، فرأيته في كتابه بين سطرين بخط غير الخط الذي في الكتاب.
ثم قال لي: ما ظننت أن أبا السائب يروي مثل هذا ـ أو نحو ما قال أبو زرعة.
وأعاد عليَّ غير مرة: هذا حديث أبي كريب " اهـ.
فأنت ترى الأئمة قد تتابعوا على إنكار هذا الحديث على أبي كريب، وعلى التصريح بأنه حديثه، ليس حديث غيره، وأنه هو المخطئ فيه، رغم أنه المتن محفوظ ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك؛ فقد جاءت متابعات لأبي كريب، وقد وقف عليها الإمام البخاري وكذا أبو زرعة، كما تقدم، ومع ذلك فلم يعتدا بها، ولا دفعا بمقتضاها التفرد عن أبي كريب، ولا قويا روايته بها، بل صرحا ـ مع ذلك ـ بأن الحديث حديثه، وأشارا إلى أن من رواه عن أبي أسامة غير
أبي كريب، فهو واهم أو سارق.
وكذلك؛ قال الإمام ابن رجب في " شرح علل الترمذي "(1) .
قلت: وأبو السائب سلم بن جنادة، أحد الثقات، ومع ذلك فلم يعتد الإمام أبو زرعة، وكذا البخاري بمتابعته، فالظاهر أنهما ذهبا إلى أنه أخطأ في ادعائه سماعه لهذا الحديث من أبي أسامة.
وهذا من أدل دليل على أنه ليس كل متابعة تجيء يحتج بها، أو يعتمد عليها، لاسيما فيما صرح أهل العلم بتفرد الراوي به.
وأما أبو هشام الرفاعي؛ فهو معروف بسرقة الأحاديث، فروايته لحديث غيره، وادعاؤه سماع ما لم يسمع، ليس جديداً عليه، بل هو معروف عنه، مشهور به.
والحسين بن الأسود؛ ضعيف أيضاً، واتهمه ابن عدي بسرقة الحديث؛ فالظاهر أنه سرق هذا هو أيضاً.
قال ابن رجب:
" وظاهر كلام أحمد يدل على استنكار هذا الحديث أيضاً:
قال أبو داود (2) : سمعت أحمد، وذكر له حديث بريد هذا، فقال أحمد: يطلبون حديثاً من ثلاثين وجهاً، أحاديث ضعيفة! وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا. قال: هذا شيء لا تنتفعون به؛
أو نحو هذا الكلام " اهـ.
(1) 2/646) .
(2)
هو في " مسائله "(ص 282) .
قال ابن رجب:
" وإنما كره أحم تطلب الطرق الغريبة الشاذة المنكرة، وأما الطرق الصحيحة المحفوظة، فإنه كان يحث على طلبها ".
قلت: هذا؛ مع أن هذه الطرق من حيث الظاهر صحيحة، ولم يخالف أبو كريب فيها، بل تفرد بها فحسب، وهو ثقة، ومع ذلك قد أنكرها أحمد ـ كما ترى ـ غاية الإنكار، وذكر ابن رجب في شرحه لكلامه أن هذه الطريق شاذة منكرة، ومعنى ذلك: أنها خطأ لا شك في ذلك، عليه؛ فلا اعتبار بها ولا اعتداد.
وقد قال البخاري:
" كنا نرى؛ أن أبا كريب أخذ هذا عن أبي أسامة في المذاكرة ".
قال ابن رجب:
" قول البخاري هاهنا تعليل للحديث؛ فإن أبا أسامة لم يرو هذا الحديث عنه أحد من الثقات غير أبي كريب، والمذاكرة يحصل فيها تسامح؛ بخلاف حال السماع والإملاء ".
مثال آخر:
حديث: شبابة، عن شعبة، عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن الدباء والمزفت.
فإن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الدباء والمزفت؛ صحيح ثابت عنه؛ رواه جماعة من أصحابه رضي الله عنهم جميعاً ـ، وأما رواية عبد الرحمن بن يعمر عنه، فغريبة جداً، ولا تعرف إلا بهذا الإسناد
، تفرد به شبابة، عن شعبة، عن بكير بن عطاء، عنه.
وهذا إسناد؛ من حيث الظاهر صحيح؛ لاتصاله وثقة رواته، ومع ذلك فقد أنكر هذا الإسناد طوائف من أئمة الحديث على شبابة، منهم: الإمام أحمد، والبخاري، وأبو حاتم، وابن عدي، وغيرهم (1) .
قال الإمام أحمد:
" إنما روى شعبة بهذا الإسناد حديث: الحج عرفة ".
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي (2) :
" يشير إلى أنه لا يُعرف بهذا الإسناد غير حديث " الحج "، فهذا المتن هو الذي يُعرف بهذا الإسناد ".
قلت: وكذا قال ابن عدي (4/1366) والترمذي في " العلل " في آخر " الجامع "(5/761) .
وراجع أيضاً: " الضعفاء " للعقيلي (2/196) .
وقال أبوحاتم الرازي (3) :
" هذا حديث منكر؛ لم يروه غير شبابة، ولا نعرف له أصل ".
وأما قول الإمام علي بن المديني (4) :
" أي شيء نقدر نقول في ذاك ـ يعني: شبابة ـ، كان شيخاً صدوقا
(1) راجع " شرح علل الترمذي " لابن رجب (2/648) .
(2)
" شرح علل الحديث "(2/648) .
(3)
" العلل " لابنه (1557) .
(4)
" الكامل "(4/1365) .
ً؛ إلا أنه كان يقول بالإرجاء، ولا ينكر لرجل سمع من رجل ألفاً أو ألفين، أن يجيء بحديث غريب ".
فليس هذا القول من الإمام تصحيحاً منه للحديث، بل غاية ما يدل عليه، هو أنه لا ينبغي أن يضعف شبابة لمجرد خطئه في حديث واحد عمن هو مكثر من الرواية عنه.
وهذا؛ ما فهمه الإمام ابن عدي، فقد قال في آخر ترجمته:
" وشبابة ـ عندي ـ إنما ذمه الناس للإرجاء الذي كان فيه، وأما في الحديث؛ فإنه لا بأس به، كما قال علي ابن المديني، والذي أُنكر عليه الخطأ، ولعله حدث به حفظاً ".
فكون الحديث خطأ شيء، وكون رواية المخطئ فيه يضعف به شيء آخر، ولا تلازم بينهما، كما هو معلوم.
وبالله التوفيق.
مثال آخر:
حديث: سعيد بن أوس النحوي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا بلال! أسفر بالصبح؛ فإنه أعظم للأجر ".
أخرجه: ابن حبان في ترجمة سعيد هذا من " المجروحين "(1)، ثم قال:
" ليس هذا من حديث ابن عون، ولا ابن سيرين، ولا أبي هريرة
(1) 1/320-321) .
؛ إنما هذا المتن من حديث رافع بن خديج فقط ".
قلت: وسعيد هذا، صدوق؛ إلا أن هذا الحديث من أوهامه دخل عليه إسناد حديث في إسناد آخر.
ولهذا؛ قال الذهبي في " الميزان "(1) :
" ذكره ابن حبان ملينا له؛ لأنه وهم في سند حديث: أسفروا بالفجر ".
مثال آخر:
روى: زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، أنه اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه، فقال: لساني هذا أوردني الموارد.
رواه: الناس، عن زيد بن أسلم، وإن كانوا قد اختلفوا عليه في إسناده، إلا أنهم اتفقوا على أنه من حديثه، وليس من حديث غيره.
فجاء النضر بن إسماعيل أبو المغيرة القاص، وفيه ضعف، فرواه بإسناد آخر، يختلف عن هذا تماماً.
فقال: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر، به.
وهذا الإسناد؛ من حيث الظاهر يصلح للاعتبار، فربما جاء من يقوي حديث زيد بن أسلم.
لكن؛ انظر كيف كان نقد الإمام أحمد ـ عليه رحمة الله ـ لهذا الإسناد؟
قال (2) : " لم يكن ـ يعني النضر بن إسماعيل هذا ـ يحفظ الإسناد؛ روى عن إسماعيل حديثاً منكراً، عن قيس: رأيت أبا بكر أخذ بلسانه! ونحن نروي هذا، وإنما هذا حديث زيد بن أسلم " اهـ.
(1) 2/126) .
هذا؛ وقد استوعب الشيخ الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ طرق حديث رافع لهذا المتن في " الإرواء "(258) .
(2)
" العلل " لابنه عبد الله (5319) .
فقول الإمام أحمد: " روى حديثاً منكراً "، بعد قوله " لم يكن يحفظ الإسناد "؛ يدل على أن النكارة هاهنا متعلقة بالإسناد، لا بالمتن.
ثم قوله: " إنما هذا حديث زيد بن أسلم "، يشير إلى أن أبا المغيرة القاص دخل عليه حديث في حديث، وأن الحديث هو كما يرويه زيد بن أسلم، لا كما قال أبو المغيرة هذا، وعليه؛ فلا اعتبار بإسناد أبي المغيرة هذا؛ لأنه إسناد خطأ منكر، لا علاقة له بهذا المتن.
وفي ظني ـ والله أعلم ـ؛ أنه دخل عليه إسناد حديث أبي بكر: " إياكم والكذب، فإنه مجانب
الإيمان "، في إسناد هذا الحديث؛ فإن هذا قد رواه جماعة عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر رضي الله عنه (1) ـ، وهما حديثان من الممكن أن يشتبها على من ليس راسخاً في الضبط والإتقان؛ فهما عن صحابي واحد، وفي باب واحد.
(1) راجع: " العلل " للدارقطني (1/258) .
ويشبه أن يكون سبب ذلك؛ هو أن يكون حدث بالحديث حفظاً، وهو ليس بحافظ، فدخل عليه إسناد هذا في إسناد ذاك، أو أن الحديثين كانا في كتابه، يتلو أحدهما الآخر، فكتب أبو المغيرة إسناد حديث " إياكم والكذب
…
" ثم زاغ نظره، فنزل إلى متن حديث " لساني هذا
…
".
فتركب متن هذا على إسناد ذاك. والله أعلم.
وقد وقع مثل ذلك في غير ما حديث، سيأتي ذكر بعضها ـ إن شاء الله تعالى.
مثال آخر:
حديث: همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
أخرجه: أبو داود (19) والترمذي (1746) والنسائي (8/155) وابن ماجه (303) والبيهقي (1/95) .
قال النسائي (1) :
"هذا حديث غير محفوظ".
وقال أبو داود:
"هذا حديث منكر؛ وإنما يُعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم "اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه"؛ والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام".
(1) كما في "تحفة الأشراف"(1/185) .
وذكر البيهقي قول أبو داود هذا، ثم قال:
"هذا هو المشهور عن ابن جريج، دون حديث همام".
قلت: وهذا؛ معناه: أن هماماً دخل له حديث في حديث.
ولعل سبب وقوع همام في هذا الخطأ؛ هو تشابه المتنين، فكلاهما فيه ذكر الخاتم، وفي مثل ذلك يقع الاشتباه.
والله أعلم.
مثال آخر:
حديث: محمد بن عبد الله الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم.
وفي رواية: "وهو محرم صائم".
أخرجه: الترمذي (776) والنسائي في "الكبرى"(1) والطحاوي في " شرح معاني الآثار "(2/101) والخطيب في " التاريخ "(5/409) و " الموضح "(2/40) .
وهذا الحديث؛ إسناده صحيح في الظاهر، ومع ذلك؛ فقد أنكره جماعة من أهل العلم على محمد بن عبد الله الأنصاري، ورأوا أنه دخل عليه حديث في حديث، فأراد أن يحدث بحديث زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بميمونة، فأخطأ وقال: احتجم وهو محرم صائم.
قال عبد الله بن أحمد (2) .
(1) كما في "تحفة الأشراف"(5/253-254) .
(2)
في " العلل "(556 وهو في " تاريخ بغداد " (5/409-410) .
" قال أبي: وقال أبو خيثمة: أنكر معاذ ـ يعني: ابن معاذ العنبري ـ ويحيى بن سعيد ـ يعني: القطان ـ حديث الأنصاري ـ يعني: محمد بن عبد الله ـ، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن
عباس: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم (1) .
وقال أبو بكر الأثرم (2) :
" سمعت أبا عبد الله ذكر الحديث الذي رواه الأنصاري، عن حبيب بن الشهيد، عن ميمون، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم فضعفه، وقال: كانت ذَهَبَتْ كتب الأنصاري، فكان بعد يحدث من كتب غلامه: أبي حكيم أُراه. قال: فكان هذا من تلك ".
وقال في رواية مهنا (3) .
" ليس بصحيح؛ وقد أنكره يحيى بن سعيد [على] (4) الأنصاري ".
وسُئل علي بن المديني، عن هذا الحديث، فقال (5) :" ليس من ذلك شيء؛ إنما أراد حديث حبيب، عن ميمون، عن يزيد بن الأصم: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة محرماً".
(1) في " تاريخ بغداد ": " محرم صائم " وكذا في " تهذيب الكمال "(25/543) و " السير "(9/534) .
(2)
" تاريخ بغداد ".
(3)
" الفتاوى " لابن تيمية (25/253) و " زاد المعاد " لابن القيم (2/62) .
(4)
زيادة متعينة، فيحيى هذا هو القطان وليس الأنصاري. ثم وجدته في " شرح العمدة " لشيخ الإسلام (1/440 ـ صيام) على الصواب.
(5)
" تاريخ بغداد "(5/410) .
يعني: أنه دخل عليه حديث في حديث.
وبمثل هذا؛ أعلَّه النسائي، فقال:
"هذا حديث منكر؛ لا أعلم أحداً رواه عن حبيب غير الأنصاري، ولعله أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة".
وبمثل ذلك أيضاً؛ أعله الخطيب في "التاريخ"(1) .
وكذلك؛ الذهبي في "الميزان"(2) .
مثال آخر:
قال عبد الله بن أحمد (3) :
"عرضت على أبي حيث: عبيد الله بن موسى، عن سفيان، عن حكيم بن الديلم، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع، فقال: "إن الله لا ينام".
فقال أبي: هذا حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى؛ هذا لفظ حديث عمرو بن مرة، أراه دخل لعبيد الله بن موسى إسناد حديث في إسناد حديث" اهـ.
مثال آخر:
حديث: أبي عمير بن النحاس، عن ضمرة بن ربيعة، عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ملك ذا
(1)"تاريخ بغداد"(5/410) .
(2)
"الميزان"(3/601) .
(3)
"العلل"(1327) .
رحم محرم، فهو عتيق".
ذكره: الترمذي في "الجامع"(1) ؛ ثم قال:
"ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث".
وقد بيَّن البيهقي في "السنن الكبرى"(2) وجه ذلك الخطأ، وأنه دخل على الراوي حديث في حديث، فقال:
"وهم فيه راويه، والمحفوظ بهذا الإسناد حديث: " نهى عن بيع الولاء وعن هبته.
وقال في " معرفة السنن والآثار "(3) :
" هذا وهم فاحش، والمحفوظ بهذا الإسناد حديث: النهي عن بيع الولاء وعن هبته ".
وحكى أبو داود في " المسائل "(4) عن الإمام أحمد، أنه قال في هذا الحديث " ليس من ذا شيء؛ وهم ضمرة ".
(1)"جامع الترمذي"(3/638) .
(2)
"السنن الكبرى"(10/289-290) .
(3)
" المعرفة "(7/505) .
(4)
" المسائل "(ص 314) .
وقال أبو زرعة الدمشقي في " تاريخ "(1) :
" قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: فإن ضمرة يحدث عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من ملك ذا رحم فهو حر "؟ فرده رداً شديداً ".
وذكره الحافظ ابن رجب في " التهذيب "(2) عن أحمد، وزاد:" وقال: لو قال رجل: إن هذا كب لما كان مخطئاً ".
هذا؛ مع أن ضمرة هذا عند الإمام أحمد " صالح الحديث من الثقات المأمونين "(3) ، وهذا مما يُستدل به على أن الخطأ ـ إسناداً أو متناً ـ منكر لا أصل له، لا يعتبر به ولا يستشهد، ولو كان راويه ثقة، كما سبق في فصل
" المنكر.. أبداً منكر ".
وقد رُوي هذا المتن بإسناد آخر، وهو خطأ أيضاً: رواه: حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة ـ مرفوعاً.
واختلف فيه على حماد: فقيل: عنه، كذلك، وقيل: عنه، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة ـ فيما يحسب حماد.
(1)" تاريخه "(1168)(2294) .
(2)
" تهذيب التهذيب "(4/461) ، وانظر " الإرشاد " للخليلي " (2/476) .
(3)
" العلل " لعبد الله بن أحمد (2624)(3604) و " تهذيب الكمال "(13/319) .
أي: بشكه في ذكر " سمرة " في إسناده.
وقد خالفه: سعيد بن أبي عروبة، فقال: عن قتادة، عن الحسن، عن عمر ـ قوله.
وهذا أشبه؛ لأن ابن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة؛ وفي المقابل، فإن حماد بن سلمة له أوهام معروفة عن قتادة، فكيف وهو قد شك في روايته، ولم يثبت عليها.
ولذا؛ قال البيهقي (1) :
" والحديث إذا انفرد به حماد بن سلمة، ثم يشك فيه، ثم يخالفه فيه من هو أحفظ منه،
وجب التوقف فيه ".
وقد أشار البخاري، والترمذي، وأبو داود (2) إلى تضعيف حديث حماد بن سلمة هذا.
وقال علي بن المديني (3) :
" هذا عندي منكر ".
مثال آخر:
حديث: محمود بن محمد أبي يزيد الظفري، عن أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما توضأ من لم يذكر اسم الله ". الحديث.
(1)" المعرفة "(7/504-505) وانظر " السنن الكبرى "(10/289) .
(2)
" الجامع " للترمذي (1365) و " العلل الكبير "(ص 211) و " السنن " لأبي داود (3949) .
(3)
" المعرفة " للبيهقي.
أخرجه: الدارقطني (1/71) والبيهقي (1/44) .
قال البيهقي:
" هذا الحديث؛ لا يعرف من حديث يحيى بن أبن كثير، عن أبي سلمة، إلا من هذا الوجه، وكان أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثاً واحداً، وهو حديث: " الْتَقَى آدم وموسى " ـ: ذكره يحيى بن معين، فيما رواه عنه ابن أبي مريم
(1)
؛ فكان حديثه هذا منقطعاً. والله أعلم ".
وقال الحافظ بن حجر (2) :
"
…
فعلى هذا يكون في السند انقطاع؛ إن لم يكن الظفري دخل عليه إسناد في إسناد ".
والظفري هذا؛ قال فيه الدارقطني: " ليس بالقوي، فيه نظر ".
مثال آخر:
حديث: عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن يزيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال " أفطر الحاجم والمحجوم ".
أخرجه: في " مصنفه "(4/210) ، وعنه الترمذي في " الجامع "(774) و " العلل "
(ص 121 - 122) وأحمد (3/465) وابن خزيمة (1964) وابن حبان (3535) والطبراني (4/242) والحاكم (1/428)
(1) وهو في " تهذيب الكمال "(3/500) .
(2)
في " نتائج الأفكار "(1/226-227) .
والبيهقي (4/265) .
فهذا الحديث؛ قد ذُكِرَ عن أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، أنه أصح شيء في بابه.
حكاه الترمذي (1) ، عن أحمد، وحكاه عباس العنبري، عن ابن المديني.
ذكره عن عباس: ابن خزيمة في " صحيحه "، وعنه الحاكم في " المستدرك " والبيهقي في " السنن "(2) .
ورُوي عنهما أيضاً خلاف ذلك.
فروى البيهقي (4/267) ، عن علي بن سعيد النسوي، أنه قال:" سمعت أحمد بن حنبل، وقد سُئل: أيما حديث أصح عندك في " أفطر الحاجم والمحجوم "؟
فقال: حديث ثوبان؛ من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان.
فقيل لأحمد بن حنبل: فحديث رافع بن خديج؟
قال: ذاك تفرد به معمر ".
ومثل ذلك؛ حكى عنه غير واحد، كم في " شرح العمدة " لشيخ الإسلام (1/411 ـ صيام) .
(1) في " الجامع "(3/136) .
(2)
" صحيح ابن خزيمة "(3/227) و " المستدرك "(1/428) و " السنن الكبرى " للبيهقي (4/267) .
وحكى الترمذي أيضاً عن علي بن المديني، أنه قال: " أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد بن أوس
…
".
هذا؛ وقد صرح غيرهما من النقاد بضعف حديث رافع في هذا الباب، وأنه دخل على راويه حديث في حديث.
قال ابن معين: " هو أضعف أحاديث الباب "(1) .
وحكى الترمذي في " العلل " عن البخاري، أنه قال:" هو غير محفوظ ".
وقال الترمذي:
" وسألت إسحاق بن منصور عنه، فأبى أن يحدث به عن الرزاق، وقال: هو غلط. قلت له: ما علته؟ قال: روى عنه هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب ابن يزيد، عن رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " كسب الحجام خبيث، ومهر البغي خبيث، وثمن الكلب خبيث ".
وحكى ابن أبي حاتم (2) ، عن أبيه، أنه قال:
" إنما يروي هذا الحديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال: الحديثين (3)
(1) ذكره ابن حجر في " الفتح "(4/177) و " التلخيص "(2/205) .
(2)
في " العلل "(732) .
(3)
كذا.
عنده (1) . وإنما يُروى بذلك الإسناد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن كسب الحجام، ومهر البغي؛ وهذا الحديث في " يفطر الحاجم والمحجوم " عندي باطل ".
فقد تبين بهذا؛ أن معمراً دخل عليه حديث في حديث، فأخطأ، والصواب بهذا الإسناد حديث: النهي عن كسب الحجام.
ولذا؛ قال الحافظ بن حجر (2) :
" فهذا هو المحفوظ عن يحيى؛ فكأنه دخل لمعمر حديث في حديث. والله أعلم ".
مثال آخر:
حديث: محمد بن غالب المعروف بـ " تمتام "، عن محمد بن جعفر الوركاني، عن حماد بن يحيى الأبح، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:" شيبتني هود وأخواتها ".
وهذا الإسناد؛ يمكن أن يحسن بمفرده، بل قد حسنه فعلاً بعض العلماء الأفاضل، اغتراراً بظاهر الإسناد، فأخطأ؛ حيث إنه إسناد لا أصل لهذا المتن به.
وهذا المتن؛ مروي بأسانيد كثيرة، عن أبي إسحاق السبيعي ولا يصح منها إلا مرسلاً، أي: عن أبي إسحاق، عن عكرمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1) يعني: عند ابن أبي كثير.وقد سبق أن أحمد لم يثبت على تصحيحه.
(2)
في " فتح الباري "(4/177) .
وروي أيضاً عن حماد بن يحيى الأبح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، ويزيد الرقاشي ضعيف جداً.
وأما بهذا الإسناد؛ فهو مما أخطأ فيه تمتام هذا، وهو ثقة، إلا أن هذا مما أخطأ فيه.
وقد أنكره عليه موسى بن هارون وغيره؛ ذكر ذلك حمزة بن يوسف السهمي في "سؤالاته"(1) ، ثم ذكر عن الدارقطني، أ، هـ قال:
"والصواب: أن الوركاني حدَّث بهذا الإسناد، عن عمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، وحدَّث على أثره: ع حماد بن يحيى الأبح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "شيبتني هود"؛ فيشبه أن يكون التمتام كتب إسناد الأول ومتن الأخير، وقرأه على الوركاني فلم يتنبه عليه" (2) .
* تنبيه:
حكى السهمي في الموضع المشار إليه:
أن تمتاماً لما أنكر عليه موسى بن هارون وغيره هذا الحديث، "جاء بأصله إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، فأوقفه عليه، فقال إسماعيل
(1)"سؤالات السهمي"(9) .
(2)
وراجع: "العلل" للدارقطني (1/193-211) و"السلسلة الصحيحة"(955) .
هذا؛ وقد وقع تمتام في نحو هذا الخطأ أيضاً في حديث آخر، فانظره في "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألباني (943) .
القاضي: ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة، فلو تركته لم يضرك. فقال تمتام: لا أرجع عما في أصل كتابي".
وحكى السهمي أيضاً عن الدارقطني، بعد كلامه السابق والمتضمن إعلال الحديث بدخول إسناد في إسناد على تمتام، قال الدارقطني:
" وأما لزوم تمتام كتابه وتثبته فلا ينكر، ولا ينكر طلبه، وحرصه على الكتابة ".
ثم قال الدارقطني:
شيبتني هود والواقعة؛ معتلة كلها ".
والذي أريد أن أنبه عليه:
أن عدم إنكار الدارقطني لزوم تمتام لكتابه، لا يعني تصحيحه لحديثه هذا، وعدم تخطئة تمتام فيه، كيف وقد صرح هو بخطئه فيما سبق.
وإنما معنى هذا؛ أن تمتاماً يُعذر في هذا الخطأ، ولا يضعف من أجله؛ فقد عُلم من قواعد علوم الحديث من حال المصر على الخطأ، أن من بين له نقاد الحديث خطأه في حديث ما، ثم أصر على روايته، غير ملتفت لإنكار أهل الاختصاص، أنه يُضعف بذلك، بل ويترك؛ لتعمده رواية ما تبين له فيه الخطأ، اللهم إلا أن يكون له عذر في ذلك، كما هو حال تمتام؛ فإن الحديث
في كتابه، وكتابه لم يعهد فيه الخطأ، فكان جانب توقف تمتام في تخطئة النقاد عنده قوياً، فعذره الدارقطني بذلك
، ولم يضعفه، وإن كان الحديث خطأ (1) .
والله أعلم.
مثال آخر:
سأل ابن أبي حاتم أباه (2) :
عن حديث: رواه: هشام بن إسماعيل، عن محمد بن شعيب بن شابور، عن عبد الله بن العلاء بن زبر، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه صلى، فترك آية، فلما انصرف قال:"أفيكم أُبَي؟ " ـ وذكر الحديث
فقال أبو حاتم:
"هذا وهم، دخل لهشام بن إسماعيل حديث في حديث؛ نظرت في بعض أصناف محمد بن شعيب، فوجدت هذا الحديث، رواه محمد بن شعيب، عن محمد بن يزيد البصري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى، فترك آية؛ هكذا مرسل.
ورأيت بجنبه: حديث عبد الله بن العلاء، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سُئل عن صلاة الليل، فقال " مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح "؛ فعلمت أنه سقط على هشام بن إسماعيل متن حديث عبد الله بن العلاء، وبقي إسناده؛ وسقط إسناد حديث محمد بن يزيد البصري؛ فصار متن حديث محمد بن يزيد البصري بإسناد حديث عبد الله بن العلاء بن زَبْر؛ وهذا حديث
(1) كما فعل الإمام ابن خزيمة مع أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب، انظر:" تهذيب الكمال "(1/389) ، وتقد في مقدمة الكتاب.
(2)
في "العلل"(207) .
مشهور، يرويه الناس عن هشام بن عروة ".
قال أبو حاتم:
" فلما قدمت السفرة الثانية، رأيت هشام بن عمار يحدث به عن محمد بن شعيب، فظننت أن بعض البغداديين أدخلوه عليه، فقلت له: يا أبا الوليد! ليس هذا من حديثك!
فقال: أنت كتبت حديثي كله؟!
فقلت: أما حديث محمد بن شعيب؛ فإني قدمت عليك سنة بضعة عشر، فسألتني أن أُخرج لك مسند محمد بن شعيب، فأخرجت إليَّ حديث محمد بن شعيب، فكتبت لك مسنده.
فقال: نعم؛ هي عندي بخطك، قد أَعْلَمْتُ الناس أن هذا بخط أبي حاتم.
فسكت " اهـ.
مثال آخر:
حديث: ابن صاعد، عن محمد بن يحيى القطعي، عن عاصم بن هلال البارقي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طلاق ولا عتق، إلا بعد نكاح ".
فهذا المتن؛ مشهور من حديث: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ هكذا يرويه الناس.
أخرجه: أحمد (2/189 -190 - 207) وأبو داود (2190)
(2191)
(2192) والترمذي (1181) وابن ماجه (2047) وغيرهم.
أما بهذا الإسناد، فهو مما لا يعرف إلا من هذا الوجه، وهو خطأ لا أصل له.
وقد بين ابن عدي (1) سبب الخطأ، وأنه كان في كتاب القطعي حديث: عاصم بن هلال، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى:{يوم يقوم الناس لرب العالمين} ، وبعقبه حديث: عمرو بن شعيب عن أبيه 'ن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا طلاق
…
" فدخل على ابن صاعد إسناد الحديث الأول بمتن الحديث الثاني.
وقد حكى أبو يعلى الخليلي (2) ، عن أبي عروبة الحراني، أنه قال:" لو كان هذا الحديث عند أيوب عن نافع؛ لا يحتج (3) به الناس منذ مائتي سنة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جدة ".
يعني: لو كان هذا الحديث ثابتاً بهذا الإسناد " عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر "، لما تركه الناس واحتجوا في هذا الباب بما هو دونه في الصحة، أي: بإسناد " عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ".
وهذا؛ يدل على أنه ليس له أصل من حديث أيوب، ولا من حديث نافع، ولا ابن عمر، وإنما إسناده الذي يُروى به ويُعرف به، هو:" عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن حده ".
(1) في " الكامل "(5/1783 - 1874) .
(2)
في " الإرشاد "(1/459) .
(3)
لعل الأشبه: " لما احتج "، والمعنى مفهوم.
فهذا؛ هو الإسناد الذي يحكم بمقتضاه على هذا المتن، ولا اعتبار بهذا الإسناد الآخر.
فانظر؛ إلى دقة نقد أئمة الحديث، ومدى أهمية الكتاب لمعرفة ما إذا كان الحديث محفوظاً أم خطأ، وهذا مما يسلَّم لهم فيه؛ لأن الكتب والأصول ليست في حوزتنا كما كانت في حوزتهم، وقد كان أسهل عليهم أن يعتبروا بحديث عاصم بن هلال هذا، ويجعلوه شاهداً لحديث عمرو
بن شعيب، فرحمهم الله تعالى، وجزاهم الله خيراً على سعيهم ونصحهم للأمة.
مثال آخر:
حديث: محمد بن عبد الرحيم المعروف بـ " صاعقة "، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول؛ ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا".
أخرجه: الطبراني (4/137) وابن عدي في "الكامل"(3/1189) والدارقطني (1/60) والخطيب في "تاريخ بغداد"(2/363)(1) .
قال الدارقطني في "العلل"(2) :
"لم يحدِّث به ـ فيما أعلم ـ إلا صاعقة".
وقد بين الإمام ابن عدي وجه الخطأ في رواية هذا المتن بهذا
(1) استفدت مواضع تخريج هذا الحديث من: "الإرواء"(1/99) ، و "بذل الإحسان" لأخي الفاضل أبي إسحاق الحويني (1/217-218) .
(2)
6/116) .
الإسناد، فقال بعد أن ذكر بعقبه بهذا الإسناد متن:"من صام رمضان، وأتبعه بست من شوال، فهو صائم الدهر".
قال ابن عدي:
"حديث سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب: "من صام رمضان"، فهو مشهور، ومدار هذا الحديث عليه؛ قد حدَّث به عنه: يحيى بن سعيد أخوه، وشعبة، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم من ثقات الناس".
قال: "وحديث ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبلوا القبلة"، فهو غريب؛ غريب هذا المتن بهذا الإسناد؛ لأن بهذا الإسناد لا يُعرف إلا "من صام رمضان"، وفي حديث ورقاء قد جمع بين المتنين "لا تستقبلوا القبلة"، وهو غريب، و "من صام رمضان"،
وهو مشهور" اهـ.
مثال آخر:
حديث: يحيى بن يمان، عن الثوري، عن منصور، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود، قال: عطش النبي صلى الله عليه وسلم حول الكعبة، فاستسقى، فأتى بنبيذ من السقاية، فشمه، فقطب، فقال:"عَلَيَّ بذنوب من زمزم"، فصب عليه ثم شرب. فقال رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: "لا".
أخرجه: النسائي (8/325) .
وهذا الحديث؛ أنكره أهل العلم على يحيى بن يمان، منهم:
أحمد، والنسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن عدي، وغيرهم (1) .
وقالوا: هذا المتن إنما يرويه الثوري، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن المطلب بن أبي وداعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والكلبي، متروك الحديث.
وقد بين وجه الخطأ فيه أبو حاتم الرازي، فقال (2) :
"والذي عندي؛ أن يحيى بن يمان دخل حديث له في حديث: رواه الثوري، عن منصور، عن خالد بن سعد مولى أبي مسعود، أنه كان يشرب نبيذ الجر ـ وعن الكلبي، عن أبي صالح، عن المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يطوف بالبيت ـ الحديث (3) ؛ فسقط عنه إسناد الكلبي، فجعل إسناد منصور، عن خالد، عن أبي مسعود امتن حديث الكلبي".
ونحو ذلك؛ قال الدارقطني في "العلل"(4) .
مثال آخر:
حديث: ابن لهيعة، عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم.
فهذا الحديث؛ مما أخرجته له الأرض من أفلاذ أكبادها، فإن هذا
(1) انظر: "علل الحديث" للدارقطني (6/192) ، والتعليق عليه.
(2)
كما في "العلل" لابنه (675) .
(3)
يعني: حديثنا هذا.
(4)
" العلل "(6/193) ، وانظر " الكامل " لابن عدي (3/900)(7/2691) .
الباب إنما يقوم على موقوفات على الصحابة وبعض التابعين، فقد رُوي ذلك عن عثمان وابن عباس وابن الزبير، ثم عن عمر بن عبد العزيز.
ورُوي مرسلاً، من مرسل الشعبي وعطاء (1) .
فهذا؛ أعلى ما في الباب، فإذا بابن لهيعة يأبى إلا أن يأتي به مسنداً مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والعجب!! أنه جاء له بإسناد كالشمس، فقال:" عن محمد بن المنكدر عن جابر "، ولو كان هذا الحديث من حديث ابن المنكدر، وأنه حدث به فعلاً، لرواه عنه أصحابه العارفون به ـ أو بعضهم على
الأقل ـ كالسفيانين وغيرهما.د
ولهذا؛ عده ابن عدي من مناكيره في ترجمته من " الكامل "(2) .
ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه (3)، قال أبو حاتم:
" هذه حديث موضوع ".
وهذا الحديث؛ قد رواه ضعيف آخر، واسمه: عيسى بن عبد الله الأنصاري، فجاء له بإسناد آخر،
فقال: " عن نافع، عن ابن عمر "، وهذا من أنكر شيء يُروى، فلو كان هذا من حديث نافع لما تفرد هذا الضعيف به عنه؛ ولهذا أنكره عليه ابن حبان في " المجروحين "(1/121) وابن عدي
(1) راجع " المصنف " لعبد الرزاق (3/193) و " السنن الكبرى " للبيهقي (3/205) و " شرح السنة للبغوي "(4/212) و " الصحيحة " للشيخ الألباني (2076) .
(2)
" الكامل "(4/1465) .
(3)
في " العلل "(590) .
في " الكامل "(5/1893)(1) .
وهكذا؛ شأن الضعفاء حيث يخطئون، يأتون بأسانيد غريبة لمتون قد تكون ثابتة بغير هذه الأسانيد، وقد لا تكون معروفة أصلاً إلا من أحاديث الضعفاء؛ ولهذا نجد أهل العلم يضعفونهم مستدلين على ضعفهم بمثل هذه الغرائب والمناكير الإسنادية أو المتنية، أو
الإسنادية والمتنية معاً.
وبالله التوفيق.
(1) وأخرجه الطبراني في " الأوسط "(6677) .