الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلِّ عُضْوٍ مِنِّي، وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُعْطِي كُلَّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنَ الْأَجْرِ» ) .
وَقَدْ رَوَى الترمذي فِي " جَامِعِهِ " مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ يَرْفَعُهُ: ( «إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمُ الْحُمَّى - وَإِنَّ الْحُمَّى قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ - فَلْيُطْفِئْهَا بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَيَسْتَقْبِلْ نَهَرًا جَارِيًا، فَلْيَسْتَقْبِلْ جَرْيَةَ الْمَاءِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ، وَصَدِّقْ رَسُولَكَ، وَيَنْغَمِسُ فِيهِ ثَلَاثَ غَمَسَاتٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَرِئَ، وَإِلَّا فَفِي خَمْسٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فِي خَمْسٍ، فَسَبْعٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فِي سَبْعٍ فَتِسْعٌ، فَإِنَّهَا لَا تَكَادُ تُجَاوِزُ تِسْعًا بِإِذْنِ اللَّهِ» ) .
قُلْتُ: وَهُوَ يَنْفَعُ فِعْلُهُ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، فَإِنَّ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَبْرَدُ مَا يَكُونُ لِبُعْدِهِ عَنْ مُلَاقَاةِ الشَّمْسِ، وَوُفُورِ الْقُوَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمَّا أَفَادَهَا النَّوْمُ، وَالسُّكُونُ، وَبَرْدُ الْهَوَاءِ، فَتَجْتَمِعُ فِيهِ قُوَّةُ الْقُوَى، وَقُوَّةُ الدَّوَاءِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ عَلَى حَرَارَةِ الْحُمَّى الْعَرَضِيَّةِ، أَوِ الْغِبِّ الْخَالِصَةِ، أَعْنِي الَّتِي لَا وَرَمَ مَعَهَا، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْأَعْرَاضِ الرَّدِيئَةِ وَالْمَوَادِّ الْفَاسِدَةِ، فَيُطْفِئُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ، لَا سِيِّمَا فِي أَحَدِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا بُحْرَانُ الْأَمْرَاضِ الْحَادَّةِ كَثِيرًا، سِيِّمَا فِي الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ لِرِقَّةِ أَخْلَاطِ سُكَّانِهَا، وَسُرْعَةِ انْفِعَالِهِمْ عَنِ الدِّوَاءِ النَّافِعِ.
[فصل هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ]
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ اسْتِطْلَاقِ الْبَطْنِ
فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": مِنْ حَدِيثِ أبي المتوكل عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَالَ: ("اسْقِهِ عَسَلًا "، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: قَدْ سَقَيْتُهُ، فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ شَيْئًا، وَفِي
لَفْظٍ: فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ:"اسْقِهِ عَسَلًا "، فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» ) .
وَفِي " صَحِيحِ مسلم " فِي لَفْظٍ لَهُ: " «إِنَّ أَخِي عَرِبَ بَطْنُهُ» "، أَيْ: فَسَدَ هَضْمُهُ، وَاعْتَلَّتْ مَعِدَتُهُ، وَالِاسْمُ: الْعَرَبُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالذَّرَبُ أَيْضًا.
وَالْعَسَلُ فِيهِ مَنَافِعُ عَظِيمَةٌ، فَإِنَّهُ جَلَاءٌ لِلْأَوْسَاخِ الَّتِي فِي الْعُرُوقِ وَالْأَمْعَاءِ وَغَيْرِهَا، مُحَلِّلٌ لِلرُّطُوبَاتِ أَكْلًا وَطِلَاءً، نَافِعٌ لِلْمَشَايِخِ وَأَصْحَابِ الْبَلْغَمِ، وَمَنْ كَانَ مِزَاجُهُ بَارِدًا رَطْبًا، وَهُوَ مُغَذٍّ مُلَيِّنٌ لِلطَّبِيعَةِ، حَافِظٌ لِقُوَى الْمَعَاجِينِ وَلِمَا اسْتُودِعَ فِيهِ، مُذْهِبٌ لِكَيْفِيَّاتِ الْأَدْوِيَةِ الْكَرِيهَةِ، مُنَقٍّ لِلْكَبِدِ وَالصَّدْرِ، مُدِرٌّ لِلْبَوْلِ، مُوَافِقٌ لِلسُّعَالِ الْكَائِنِ عَنِ الْبَلْغَمِ، وَإِذَا شُرِبَ حَارًّا بِدُهْنِ الْوَرْدِ، نَفَعَ مِنْ نَهْشِ الْهَوَامِّ وَشُرْبِ الْأَفْيُونِ، وَإِنْ شُرِبَ وَحْدَهُ مَمْزُوجًا بِمَاءٍ نَفَعَ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَأَكْلِ الْفِطْرِ الْقَتَّالِ، وَإِذَا جُعِلَ فِيهِ اللَّحْمُ الطَّرِيُّ، حَفِظَ طَرَاوَتَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ إِنْ جُعِلَ فِيهِ الْقِثَّاءُ، وَالْخِيَارُ، وَالْقَرْعُ، وَالْبَاذِنْجَانُ، وَيَحْفَظُ كَثِيرًا مِنَ الْفَاكِهَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَيَحْفَظُ جُثَّةَ الْمَوْتَى، وَيُسَمَّى الْحَافِظَ الْأَمِينَ. وَإِذَا لُطِّخَ بِهِ الْبَدَنُ الْمُقَمِّلُ وَالشَّعْرُ، قَتَلَ قَمْلَهُ وَصِئْبَانَهُ، وَطَوَّلَ الشَّعْرَ، وَحَسَّنَهُ، وَنَعَّمَهُ، وَإِنِ اكْتُحِلَ بِهِ جَلَا ظُلْمَةَ الْبَصَرِ وَإِنِ اسْتُنَّ بِهِ بَيَّضَ الْأَسْنَانَ وَصَقَلَهَا، وَحَفِظَ صِحَّتَهَا، وَصِحَّةَ اللَّثَةِ، وَيَفْتَحُ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ، وَيُدِرُّ الطَّمْثَ، وَلَعْقُهُ عَلَى الرِّيقِ يُذْهِبُ الْبَلْغَمَ، وَيَغْسِلُ خَمْلَ الْمَعِدَةِ، وَيَدْفَعُ الْفَضَلَاتِ عَنْهَا، وَيُسَخِّنُهَا تَسْخِينًا مُعْتَدِلًا، وَيَفْتَحُ سُدَدَهَا، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِالْكَبِدِ وَالْكُلَى وَالْمَثَانَةِ، وَهُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا لِسُدَدِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ مِنْ كُلِّ حُلْوٍ.
وَهُوَ مَعَ هَذَا كُلِّهِ مَأْمُونُ الْغَائِلَةِ، قَلِيلُ الْمَضَارِّ، مُضِرٌّ بِالْعَرَضِ لِلصَّفْرَاوِيِّينَ
وَدَفْعُهَا بِالْخَلِّ وَنَحْوِهِ فَيَعُودُ حِينَئِذٍ نَافِعًا لَهُ جِدًّا.
وَهُوَ غِذَاءٌ مَعَ الْأَغْذِيَةِ، وَدَوَاءٌ مَعَ الْأَدْوِيَةِ، وَشَرَابٌ مَعَ الْأَشْرِبَةِ، وَحُلْوٌ مَعَ الْحَلْوَى، وَطِلَاءٌ مَعَ الْأطْلِيَةِ، وَمُفَرِّحٌ مَعَ الْمُفَرِّحَاتِ، فَمَا خُلِقَ لَنَا شَيْءٌ فِي مَعْنَاهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَلَا مِثْلُهُ وَلَا قَرِيبٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَوَّلُ الْقُدَمَاءِ إِلَّا عَلَيْهِ، وَأَكْثَرُ كُتُبِ الْقُدَمَاءِ لَا ذِكْرَ فِيهَا لِلسُّكَّرِ الْبَتَّةَ، وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَإِنَّهُ حَدِيثُ الْعَهْدِ حَدَثَ قَرِيبًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُهُ بِالْمَاءِ عَلَى الرِّيقِ، وَفِي ذَلِكَ سِرٌّ بَدِيعٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ لَا يُدْرِكُهُ إِلَّا الْفَطِنُ الْفَاضِلُ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ هَدْيِهِ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ.
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ( «مَنْ لَعِقَ الْعَسَلَ ثَلَاثَ غَدَوَاتٍ كُلَّ شَهْرٍ، لَمْ يُصِبْهُ عَظِيمٌ مِنَ الْبَلَاءِ» )، وَفِي أَثَرٍ آخَرَ:( «عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلِ وَالْقُرْآنِ» ) فَجَمَعَ بَيْنَ الطِّبِّ الْبَشَرِيِّ وَالْإِلَهِيِّ، وَبَيْنَ طِبِّ الْأَبْدَانِ وَطِبِّ الْأَرْوَاحِ، وَبَيْنَ الدَّوَاءِ الْأَرْضِيِّ وَالدَّوَاءِ السَّمَائِيِّ.
إذَا عُرِفَ هَذَا، فَهَذَا الَّذِي وَصَفَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَسَلَ، كَانَ اسْتِطْلَاقُ بَطْنِهِ عَنْ تُخَمَةٍ أَصَابَتْهُ عَنِ امْتِلَاءٍ، فَأَمَرَهُ بِشُرْبِ الْعَسَلِ لِدَفْعِ الْفُضُولِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي نَوَاحِي الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ، فَإِنَّ الْعَسَلَ فِيهِ جِلَاءٌ، وَدَفْعٌ لِلْفُضُولِ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَ الْمَعِدَةَ أَخْلَاطٌ لَزِجَةٌ، تَمْنَعُ اسْتِقْرَارَ الْغِذَاءِ فِيهَا لِلُزُوجَتِهَا فَإِنَّ الْمَعِدَةَ لَهَا خَمْلٌ كَخَمْلِ الْقَطِيفَةِ، فَإِذَا عَلِقَتْ بِهَا الْأَخْلَاطُ اللَّزِجَةُ أَفْسَدَتْهَا
وَأَفْسَدَتِ الْغِذَاءَ، فَدَوَاؤُهَا بِمَا يَجْلُوهَا مِنْ تِلْكَ الْأَخْلَاطِ، وَالْعَسَلُ جِلَاءٌ وَالْعَسَلُ مِنْ أَحْسَنِ مَا عُولِجَ بِهِ هَذَا الدَّاءُ لَا سِيَّمَا إِنْ مُزِجَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ.
وَفِي تَكْرَارِ سَقْيِهِ الْعَسَلَ مَعْنًى طِبِّيٌّ بَدِيعٌ، وَهُوَ أَنَّ الدِّوَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِقْدَارٌ وَكَمِّيَّةٌ بِحَسْبِ حَالِ الدَّاءِ، إِنْ قَصَرَ عَنْهُ لَمْ يُزِلْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ جَاوَزَهُ أَوْهَى الْقُوَى، فَأَحْدَثَ ضَرَرًا آخَرَ، فَلَمَّا أَمَرَهُ أَنْ يَسْقِيَهُ الْعَسَلَ سَقَاهُ مِقْدَارًا لَا يَفِي بِمُقَاوَمَةِ الدَّاءِ وَلَا يَبْلُغُ الْغَرَضَ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ عَلِمَ أَنَّ الَّذِي سَقَاهُ لَا يَبْلُغُ مِقْدَارَ الْحَاجَةِ فَلَمَّا تَكَرَّرَ تَرْدَادُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَكَّدَ عَلَيْهِ الْمُعَاوَدَةَ لِيَصِلَ إِلَى الْمِقْدَارِ الْمُقَاوِمِ لِلدَّاءِ فَلَمَّا تَكَرَّرَتِ الشَّرَبَاتُ بِحَسْبِ مَادَّةِ الدَّاءِ، بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاعْتِبَارُ مَقَادِيرِ الْأَدْوِيَةِ وَكَيْفِيَّاتِهَا وَمِقْدَارِ قُوَّةِ الْمَرَضِ مَرَضٌ مِنْ أَكْبَرِ قَوَاعِدِ الطِّبِّ.
وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: ( «صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» ) إشَارَةٌ إِلَى تَحْقِيقِ نَفْعِ هَذَا الدَّوَاءِ، وَأَنَّ بَقَاءَ الدَّاءِ لَيْسَ لِقُصُورِ الدَّوَاءِ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لِكَذِبِ الْبَطْنِ، وَكَثْرَةِ الْمَادَّةِ الْفَاسِدَةِ فِيهِ، فَأَمَرَهُ بِتَكْرَارِ الدَّوَاءِ لِكَثْرَةِ الْمَادَّةِ.
وَلَيْسَ طِبُّهُ صلى الله عليه وسلم كَطِبِّ الْأَطِبَّاءِ، فَإِنَّ طِبَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُتَيَقَّنٌ قَطْعِيٌّ إلَهِيٌّ، صَادِرٌ عَنِ الْوَحْيِ وَمِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ. وَطِبُّ غَيْرِهِ أَكْثَرُهُ حَدْسٌ وَظُنُونٌ وَتَجَارِبُ، وَلَا يُنْكَرُ عَدَمُ انْتِفَاعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمَرْضَى بِطِبِّ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ إِنِّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَاعْتِقَادِ الشِّفَاءِ بِهِ، وَكَمَالُ التَّلَقِّي لَهُ بِالْإِيمَانِ وَالْإِذْعَانِ، فَهَذَا الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ - إِنْ لَمْ يُتَلَقَّ هَذَا التَّلَقِّيَ - لَمْ يَحْصُلْ بِهِ شِفَاءُ الصُّدُورِ مِنْ أَدْوَائِهَا، بَلْ لَا يَزِيدُ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَرَضًا إِلَى مَرَضِهِمْ، وَأَيْنَ يَقَعُ طِبُّ الْأَبْدَانِ مِنْهُ فَطِبُّ النُّبُوَّةِ لَا يُنَاسِبُ إِلَّا الْأَبْدَانَ الطَّيِّبَةَ، كَمَا أَنَّ شِفَاءَ الْقُرْآنِ لَا يُنَاسِبُ إِلَّا الْأَرْوَاحَ الطَّيِّبَةَ وَالْقُلُوبَ الْحَيَّةَ، فَإِعْرَاضُ النَّاسِ عَنْ طِبِّ النُّبُوَّةِ كَإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الِاسْتِشْفَاءِ بِالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ الشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِقُصُورٍ فِي الدَّوَاءِ، وَلَكِنْ لِخُبْثِ الطَّبِيعَةِ، وَفَسَادِ الْمَحَلِّ وَعَدَمِ قَبُولِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.