الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَشْفِي بِهِ أَسْقَامًا رَدِيئَةً.
قَالَ جالينوس: رَأَيْتُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَطْحُولِينَ، وَمُسْتَسْقِينَ كَثِيرًا، يَسْتَعْمِلُونَ طِينَ مِصْرَ، وَيَطْلُونَ بِهِ عَلَى سُوقِهِمْ، وَأَفْخَاذِهِمْ وَسَوَاعِدِهِمْ، وَظُهُورِهِمْ، وَأَضْلَاعِهِمْ، فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ مَنْفَعَةً بَيِّنَةً.
قَالَ: وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ فَقَدْ يَنْفَعُ هَذَا الطِّلَاءُ لِلْأَوْرَامِ الْعَفِنَةِ وَالْمُتَرَهِّلَةِ الرَّخْوَةِ، قَالَ: وَإِنِّي لَأَعْرِفُ قَوْمًا تَرَهَّلَتْ أَبْدَانُهُمْ كُلُّهَا مِنْ كَثْرَةِ اسْتِفْرَاغِ الدَّمِ مِنْ أَسْفَلَ، انْتَفَعُوا بِهَذَا الطِّينِ نَفْعًا بَيِّنًا، وَقَوْمًا آخَرِينَ شَفَوْا بِهِ أَوْجَاعًا مُزْمِنَةً كَانَتْ مُتَمَكِّنَةً فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ تَمَكُّنًا شَدِيدًا، فَبَرَأَتْ وَذَهَبَتْ أَصْلًا.
وَقَالَ صَاحِبُ الْكِتَابِ الْمَسِيحِيِّ: قُوَّةُ الطِّينِ الْمَجْلُوبِ مِنْ كُنُوسَ - وَهِيَ جَزِيرَةُ الْمَصْطَكَى - قُوَّةٌ تَجْلُو وَتَغْسِلُ، وَتُنْبِتُ اللَّحْمَ فِي الْقُرُوحِ، وَتَخْتِمُ الْقُرُوحَ. انْتَهَى.
وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي هَذِهِ التُّرْبَاتِ، فَمَا الظَّنُّ بِأَطْيَبِ تُرْبَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَأَبْرَكِهَا، وَقَدْ خَالَطَتْ رِيقَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَارَنَتْ رُقْيَتَهُ بِاسْمِ رَبِّهِ، وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ قُوَى الرُّقْيَةِ وَتَأْثِيرَهَا بِحَسَبِ الرَّاقِي، وَانْفِعَالِ الْمَرْقِيِّ عَنْ رُقْيَتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنْكِرُهُ طَبِيبٌ فَاضِلٌ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ، فَإِنِ انْتَفَى أَحَدُ الْأَوْصَافِ، فَلْيَقُلْ مَا شَاءَ.
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْوَجَعِ بِالرُّقْيَةِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ الْوَجَعِ بِالرُّقْيَةِ
رَوَى مسلم فِي " صَحِيحِهِ ": ( «عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّهُ شَكَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» ) ، فَفِي هَذَا الْعِلَاجِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَالتَّفْوِيضِ إِلَيْهِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِعِزَّتِهِ، وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ الْأَلَمِ مَا يَذْهَبُ بِهِ، وَتَكْرَارُهُ؛ لِيَكُونَ أَنْجَعَ وَأَبْلَغَ، كَتَكْرَارِ الدَّوَاءِ؛ لِأَخْرَاجِ الْمَادَّةِ، وَفِي السَّبْعِ خَاصِّيَّةٌ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي