الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَرَصُ. قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ تَهَاوَنَ بِالْحَدِيثِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَفِي كِتَابِ " الْأَفْرَادِ " لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ نافع، قَالَ: قَالَ لِي عبد الله بن عمر: تَبَيَّغَ بِي الدَّمُ فَابْغِ لِي حَجَّامًا وَلَا يَكُنْ صَبِيًّا وَلَا شَيْخًا كَبِيرًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:( «الْحِجَامَةُ تَزِيدُ الْحَافِظَ حِفْظًا، وَالْعَاقِلَ عَقْلًا، فَاحْتَجِمُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَحْتَجِمُوا الْخَمِيسَ وَالْجُمُعَةَ وَالسَّبْتَ وَالْأَحَدَ، وَاحْتَجِمُوا الِاثْنَيْنِ، وَمَا كَانَ مِنْ جُذَامٍ وَلَا بَرَصٍ إِلَّا نَزَلَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ» ) . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ زياد بن يحيى، وَقَدْ رَوَاهُ أيوب عَنْ نافع، وَقَالَ فِيهِ:( «وَاحْتَجِمُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءِ وَلَا تَحْتَجِمُوا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ» ) .
وَقَدْ رَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ أبي بكرة، أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْحِجَامَةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( «يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ يَوْمُ الدُّمِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَرْقَأُ فِيهَا الدُّمُ» ) .
[فصل جَوَازُ احْتِجَامِ الصَّائِمِ وَالْخِلَافُ فِي فِطْرِهِ]
فَصْلٌ
وَفِي ضِمْنِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ اسْتِحْبَابُ التَّدَاوِي، وَاسْتِحْبَابُ الْحِجَامَةِ، وَأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَالُ، وَجَوَازُ احْتِجَامِ الْمُحْرِمِ، وَإِنْ آلَ إِلَى قَطْعِ شَيْءٍ مِنَ الشَّعْرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ نَظَرٌ، وَلَا يَقْوَى الْوُجُوبُ، وَجَوَازُ احْتِجَامِ الصَّائِمِ، فَإِنَّ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» ) . وَلَكِنْ هَلْ يُفْطِرُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، الصَّوَابُ: الْفِطْرُ بِالْحِجَامَةِ، لِصِحَّتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ،
وَأَصَحُّ مَا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثُ حِجَامَتِهِ وَهُوَ صَائِمٌ؛ وَلَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْفِطْرِ إِلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّوْمَ كَانَ فَرْضًا. الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَرَضٌ احْتَاجَ مَعَهُ إِلَى الْحِجَامَةِ. الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ: ( «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ) .
فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتُ الْأَرْبَعُ، أَمْكَنَ الِاسْتِدْلَالُ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَقَاءِ الصَّوْمِ مَعَ الْحِجَامَةِ، وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ نَفْلًا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِالْحِجَامَةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ مِنْ رَمَضَانَ لَكِنَّهُ فِي السَّفَرِ، أَوْ مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ، لَكِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا كَمَا تَدْعُو حَاجَةُ مَنْ بِهِ مَرَضٌ إِلَى الْفِطْرِ، أَوْ يَكُونُ فَرْضًا مِنْ رَمَضَانَ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَيْهَا، لَكِنَّهُ مُبْقًى عَلَى الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ:( «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ) نَاقِلٌ وَمُتَأَخِّرٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِثْبَاتِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الْأَرْبَعِ، فَكَيْفَ بِإِثْبَاتِهَا كُلِّهَا.
وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِئْجَارِ الطَّبِيبِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إِجَارَةٍ، بَلْ يُعْطِيهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مَا يُرْضِيهِ.
وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّكَسُّبِ بِصِنَاعَةِ الْحِجَامَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَطِيبُ لِلْحُرِّ