الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَدْلُكُهُ عَلَى حَجَرٍ بِخَلِّ خَمْرٍ حَاذِقٍ، وَتَطْلِيهِ عَلَى النَّمْلَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيمِ النِّسَاءِ الْكِتَابَةَ.
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: ( «لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ» )، الْحُمَةُ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا. وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " مِنْ حَدِيثِ عائشة: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ( «لَدَغَ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ مِنْ رَاقٍ؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ آلَ حَزْمٍ كَانُوا يَرْقُونَ رُقْيَةَ الْحَيَّةِ، فَلَمَّا نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى تَرَكُوهَا فَقَالَ: " ادْعُوا عمارة بن حزم " فَدَعَوْهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ رُقَاهُ فَقَالَ: " لَا بَأْسَ بِهَا " فَأَذِنَ لَهُ فِيهَا فَرَقَاهُ» ) .
[فَصْلٌ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْقَرْحَةِ وَالْجُرْحِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُقْيَةِ الْقَرْحَةِ وَالْجُرْحِ
أَخْرَجَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عائشة قَالَتْ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكَى
الْإِنْسَانُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ بِأُصْبُعِهِ: هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا، وَقَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا» ) .
هَذَا مِنَ الْعِلَاجِ الْمُيَسَّرِ النَّافِعِ الْمُرَكَّبِ، وَهِيَ مُعَالَجَةٌ لَطِيفَةٌ يُعَالَجُ بِهَا الْقُرُوحُ وَالْجِرَاحَاتُ الطَّرِيَّةُ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهَا مِنَ الْأَدْوِيَةِ إِذْ كَانَتْ مَوْجُودَةً بِكُلِّ أَرْضٍ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ طَبِيعَةَ التُّرَابِ الْخَالِصِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ مُجَفَّفَةٌ لِرُطُوبَاتِ الْقُرُوحِ وَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ الطَّبِيعَةُ مِنْ جَوْدَةِ فِعْلِهَا، وَسُرْعَةِ انْدِمَالِهَا، لَا سِيَّمَا فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ، وَأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْحَارَّةِ، فَإِنَّ الْقُرُوحَ وَالْجِرَاحَاتِ يَتْبَعُهَا فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ سُوءُ مِزَاجٍ حَارٍّ، فَيَجْتَمِعُ حَرَارَةُ الْبَلَدِ وَالْمِزَاجُ وَالْجِرَاحُ، وَطَبِيعَةُ التُّرَابِ الْخَالِصِ بَارِدَةٌ يَابِسَةٌ أَشَدُّ مِنْ بُرُودَةِ جَمِيعِ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ الْبَارِدَةِ، فَتُقَابِلُ بُرُودَةُ التُّرَابِ حَرَارَةَ الْمَرَضِ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ التُّرَابُ قَدْ غُسِلَ وَجُفِّفَ، وَيَتْبَعُهَا أَيْضًا كَثْرَةُ الرُّطُوبَاتِ الرَّدِيئَةِ، وَالسَّيَلَانُ، وَالتُّرَابُ مُجَفِّفٌ لَهَا، مُزِيلٌ لِشِدَّةِ يُبْسِهِ، وَتَجْفِيفِهِ لِلرُّطُوبَةِ الرَّدِيئَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ بَرْئِهَا، وَيَحْصُلُ بِهِ - مَعَ ذَلِكَ - تَعْدِيلُ مِزَاجِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَمَتَى اعْتَدَلَ مِزَاجُ الْعُضْوِ قَوِيَتْ قُوَاهُ الْمُدَبِّرَةُ، وَدَفَعَتْ عَنْهُ الْأَلَمَ بِإِذْنِ اللَّهِ.
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ رِيقِ نَفْسِهِ عَلَى أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ، ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ، فَيَمْسَحُ بِهِ عَلَى الْجُرْحِ، وَيَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَرَكَةِ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ، وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ إِلَيْهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، فَيَنْضَمُّ أَحَدُ الْعِلَاجَيْنِ إِلَى الْآخَرِ، فَيَقْوَى التَّأْثِيرُ.
وَهَلِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " تُرْبَةُ أَرْضِنَا " جَمِيعُ الْأَرْضِ أَوْ أَرْضُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مِنَ التُّرْبَةِ مَا تَكُونُ فِيهِ خَاصِّيَّةٌ يَنْفَعُ بِخَاصِّيَّتِهِ مِنْ أَدْوَاءٍ كَثِيرَةٍ،