الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النِّسَاءِ: 23] .
وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40][الْأَحْزَابِ: 40]، وَقَالَ فِي أَوَّلِهَا:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} [الأحزاب: 4][الْأَحْزَابِ: 4] ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الذَّبَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَفْعَ طَعْنِ الطَّاعِنِينَ عَنْهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ نِسَاءَهُ، وَكَانَ أَحَبَّهُنُّ إِلَيْهِ عائشة رضي الله عنها، وَلَمْ تَكُنْ تَبْلُغُ مَحَبَّتُهُ لَهَا وَلَا لِأَحَدٍ سِوَى رَبِّهِ نِهَايَةَ الْحُبِّ، بَلْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ:( «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» ) وَفِي لَفْظٍ: ( «وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ» ) .
[فَصْلٌ الْإِخْلَاصُ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْعِشْقِ]
فَصْلٌ
وَعِشْقُ الصُّوَرِ إِنَّمَا تُبْتَلَى بِهِ الْقُلُوبُ الْفَارِغَةُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، الْمُعْرِضَةُ عَنْهُ الْمُتَعَوِّضَةُ بِغَيْرِهِ عَنْهُ، فَإِذَا امْتَلَأَ الْقَلْبُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ، دَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُ مَرَضَ عِشْقِ الصُّوَرِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ يُوسُفَ {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] [يُوسُفَ: 24] ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِخْلَاصَ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْعِشْقِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ الَّتِي هِيَ ثَمَرَتُهُ وَنَتِيجَتُهُ، فَصَرْفُ الْمُسَبَّبِ صَرْفٌ لِسَبَبِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْعِشْقُ حَرَكَةُ قَلْبٍ فَارِغٍ، يَعْنِي فَارِغًا مِمَّا سِوَى مَعْشُوقِهِ.
قَالَ تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} [القصص: 10][الْقَصَصِ: 11] أَيْ فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ مُوسَى لِفَرْطِ مَحَبَّتِهَا لَهُ، وَتَعَلُّقِ قَلْبِهَا بِهِ.