المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - سؤالات الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي - جـ ٢

[يوسف بن محمد الدخيل]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع عشر: باب ما جاء في العمل في أيام العشر من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس عشر: باب ما جاء: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع عشر: باب ما جاء في فضل الطواف من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّامن عشر: باب ما جاء "في الحج عن الشيخ الكبير والميت

- ‌الحديث التاسع عشر: باب ما جاء في المشي أمام الجنازة من كتاب الجنائز عن رسول الله صلى الله عليه سلم

- ‌الحديث العشرون: باب ما جاء في (أمرك بيدك) من كتاب الطلا ق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الحادي والعشرون: باب ما جاء فيمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم من كتاب الحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّاني والعشرون: باب ما جاء في الغال ما يصنع به من كتاب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّالث والعشرون: باب ما جاء في ثواب الشهداء من كتاب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع والعشرون: باب ما جاء في الصف والتعبئة عند القتال من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس والعشرون: باب ما جاء في الألوية من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس والعشرون: باب ما ذكر من الشرب بنفسين من كتاب الأشربة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع والعشرون: باب ما جاء في صفة أبواب الجنة من كتاب صفة الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثامن والعشرون: باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة من أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث التّاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثلاثون: باب عرضت علي ذنوب أمتي من كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله علسه وسلم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون: باب ومن سورة التوية من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثاني والثلاثون: باب ومن سورة "ص" أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثالث والثلاثون: باب ومن سورة الطور من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌المجلد الثاني

‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحديث الثّالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدّثنا أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب1، أخبرنا أبو بكر بن عياش2، عن الأعمش3، عن أبي صالح4، عن أبي هريرة5 قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت6

1 محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة، حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين أي ومئتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 2/197.

2 ستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

3 سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة، حافظ، عارف بالقراءة، ورع، لكنه يدلس، من الخامسة، مات سنة سبع وأربعين، أي ومئة أو ثمان، وكان مولده أول إحدى وستين، روى له الجماعة "المصدر السابق" 1/331.

4 ذكوان، أبو صالح، السمان الزيات، المدني، ثقة ثبت، وكان يجلب الزيت إلى الكوفة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومائة، روى له الجماعة. "المصدر السابق" 1/238.

5 أبو هريرة الدوسي الصحابي، الجليل، حافظ الصحابة، اختلف في اسمه واسم أبيه، قيل عبد الرحمن بن صخر، وقيل ابن غنم، وقيل عبد الله بن عائذ، وقيل: إلى باقي الأقوال التي ساقها ابن حجر، ثم قال: هذا الذي وقفنا عليه من الاختلاف في ذلك، ويقطع بأن عبد شمس وعبد نهم، غير بعد أن أسلم، واختلف في أيها أرجح، فذهب الأكثرون إلى الأول، وذهب جمع من النسابين إلى عمرو بن عامر، مات سنة سبع، وقيل سنة ثمان، وقيل تسع وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة، روى له الجماعة "المصدر السابق" 2/484 وانظر:"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 4/202.

6 "صفدت" قال ابن حجر في "فتح الباري" 4/114: "بالمهملة المضمومة بعدها فاء ثقيلة مكسورة أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت" ا?.

ص: 551

الشياطين، ومردة الجن1، وغلقت أبواب النيران، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي2 الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر3، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة".

وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود، وسليمان.

كلام الترمذي على هذا الحديث

قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة الذي رواه أبو بكر بن عياش حديث غريب، لا نعرفه من رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة إلا من حديث أبي بكر.

وسألت محمد بن إسماعيل، عن هذا الحديث؟ فقال: أخبرنا الحسن ابن الربيع4، أخبرنا أبو الأحوص5، عن الأعمش، عن مجاهد6 قوله

1 المراد بالمردة: العتاة الكثيرو الشر.

2 يا باغي: يا طالب.

3 بفتح الهمزة وكسر الصاد أي: أمسك وكف وامتنع.

4 الحسن بن الربيع البجلي، أبو علي الكوفي، البوراني: بضم الموحدة ثقة، من العاشرة، مات سنة عشرين، أي ومئتين أو إحدى وعشرين، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/166.

5 ستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

6 مجاهد بن جبر -بفتح الجيم وسكون الموحدة- أبو الحجاج المخزومي مولاهم، المكي، ثقة، إمام في التفسير وفي العلم، من الثالثة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة، وله ثلاث وثمانون، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 2/229.

ص: 552

قال: "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان". فذكر الحديث.

قال محمد: وهذا أصحّ "عندي" من حديث أبي بكر بن عياش.

تخريج الحديث

أخرج الحديث غير الترمذي:

النسائي1.

ابن ماجة في "سننه"2.

ابن خزيمة في "صحيحه"3 ولكن فيه "الشياطين مردة الجن" بغير عطف.

ابن حبّان في "صحيحه"4.

الحاكم في "المستدرك"5. وقال: هذا حديث صحيح على شرط

1 قاله المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/147 وابن حجر في "فتح الباري" 4/114 ولعله في السنن الكبرى؛ لأنني لم أعثر عليه في "المجتبى" الذي هو "السنن الصغرى".

2 1/526 رقم الحديث صلى الله عليه وسلم1642) .

3 3/187.

4 عزاه إليه العيني في عمدة القارئ 5/178 والعجلوني في كشف الخفاء 1/92.

5 1/421.

ص: 553

الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة، وأقره الذهبي.

البيهقي في "السنن الكبرى"1، و"شعب الإيمان"2.

أبو نعيم في "حلية الأولياء"3 وقال: غريب من حديث الأعمش لم يروه عنه إلا قطبة بن عبد العزيز، وأبو بكر.

البغوي في "شرح السنة"4 بإسناده إلى الترمذي.

حكم هذا الحديث

ضعّف الترمذي هذا الحديث بهذا الإسناد؛ لأن أبا بكر الذي ذكر أنه تفرد به متكلم فيه من قبل حفظه، فقد قال الذهبي في ترجمته من "ميزان الاعتدال"5:"أحد الأئمة الأعلام، صدوق ثبت في القراءة، لكنه في الحديث يغلط ويهم، وقد أخرج له البخاري، وهو صالح الحديث، لكن ضعّفه محمد بن عبد الله ابن نمير".

ونقل عن أبي نعيم قوله: "لم يكن في شيوخنا أكثر غلطاً منه".

كما نقل عن أحمد أنه قال: "ثقة ربما غلط"، وأنه قال أيضاً فيما سمعه منه مهنا:"كثير الغلط جداً، وكتبه ليس فيها خطأ".

1 4/303.

2 مصور صلى الله عليه وسلم2) قسم صلى الله عليه وسلم2) لم ترقم صفحاته.

3 8/306.

4 6/216.

5 4/499.

ص: 554

وقال ابن سعد1: "كان ثقة، صدوقاً، عارفاً بالحديث والعلم، إلا أنه كثير الغلط".

وقال العجلي2: "كان ثقة، قديما، صاحب سنة وعبادة، وكان يخطئ بعض الخطأ".

وقال أبو أحمد الحاكم3: "ليس بالحافظ عندهم".

وقال ابن رجب في "شرح علل الترمذي"4: "وأما أبو بكر بن عياش فهو المقرئ الكوفي، وهو رجل صالح لكنه كثير الوهم، ومع هذا فقد خرّج البخاري حديثه، وأنكر عليه ابن حبان تخريج حديثه، وتركه لحماد بن سلمة".

وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب"5: "أبو بكر بن عياش: -بتحتانية ومعجمة- ابن سالم الأسدي الكوفي، المقرئ الحناط -بمهملة ونون- مشهور بكنيته، والأصح أنها اسمه، وقيل اسمه محمد، أو حبيب أو

فذكر في اسمه عشرة أقوال، ثم قال: ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، من السابعة، مات سنة أربع وتسعين أي ومئة،

1 الطبقات الكبرى 6/386.

2 انظر: تهذيب التهذيب 12/36.

3 الأسامي والكنى الجزء الثالث ورقة 27.

4 /126.

5 2/399.

ص: 555

وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين، وقد قارب المئة، وروايته في مقدمة مسلم. روى له البخاري، وأهل السنن الأربعة" ا?.

وقد سقط من نسخة "تقريب التهذيب" المصرية التي بين أيدينا الرمز للبخاري، وهو قد أخرج له أحاديث يسيرة توبع عليها عنده، والرمز للبخاري موجود في ترجمته من "تهذيب التهذيب"1.

فأنت ترى أنهم أثنوا على فضله، وعمله، وصدقه، وأمانته، وعبادته وصلاحه، وأن توثيقهم له من هذه الناحية دون حديثه، وحفظه، وضبطه، وإتقانه. وإذا عرف ذلك فإن تفرده لا يقبل؛ لأنه لا يؤمن أن يكون هذا الحديث مما أخطأ ووهم فيه، وهذا الذي يخشى منه، إذا انفرد بشيء قد وقع هنا بمخالفة أبي الأحوص له، فقد سأل الترمذي البخاري عن هذا الحديث فأجابه بأن رواه له بسنده عن أبي الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهد وصحح وقفه عليه، فكان هذا أرجح عنده من حديث أبي بكر بن عياش، فأبو الأحوص –واسمه سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة، متقن، كما وصفه ابن حجر في "تقريب التهذيب"2- لما رواه عن

1 12/34 وانظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري/455 فقد أورده ابن حجر فيه حيث كان أحد الرجال الذين انتقد البخاري بروايته له.

2 1/342 وهو من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئتين، روى له الجماعة وانظر في مصادر ترجمته:"ميزان الاعتدال" 2/176 و"المغني في الضعفاء" 1/271 و"تذكرة الحفاظ" 1/250 و"تهذيب التهذيب" 4/282 و"الخلاصة" للخزرجي/160 و"الجرح والتعديل" 2/1/259

ص: 556

الأعمش جعله من قول مجاهد، فتبيّن خطأ رواية أبي بكر له، حيث جعله عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً.

قال العراقي1: "لم يحكم المصنف على حديث أبي هريرة بصحة ولا حسن، مع كون رجاله رجال الصحيح، وكأن ذلك؛ لتفرد أبي بكر بن عياش به، وإن كان احتج به البخاري، فإنه ربما غلط كما قال أحمد، ولمخالفة أبي الأحوص له في روايته عن الأعمش، فإنه جعله مقطوعاً به من قول مجاهد، كما رواه في آخر الباب، وكذلك أدخله المصنف في كتاب "العلل المفرد"2، وذكر أنه سأل البخاري عنه، وذكر كونه عن مجاهد أصح عنده". ا?.

وفي هذا رد لما علقه الأعظمي على الحديث في صحيح ابن خزيمة3، وعزاه للألباني وهو قوله:"إسناده حسن للخلاف في أبي بكر ابن عياش من قبل حفظه" ا?.

ولا شك أن الألباني كان مصيباً في تعليقه على "مشكاة المصابيح"4، حين أقر الترمذي في حكمه على الحديث، وذلك أن صاحب "مشكاة

1 شرح سنن الترمذي صلى الله عليه وسلم3) ورقة صلى الله عليه وسلم3) وجه أ.

2 ورقة 21 وقد نقل الترمذي عنه فيه جواباً على سؤاله عن هذا الحديث قوله: "غلط أبو بكر بن عياش في هذا الحديث، ثم ساقه من رواية مجاهد، وقال هذا أصح عندي من حديث أبي بكر".

3 3/187.

4 1/613.

ص: 557

المصابيح" بعد أن أورد الحديث نقل قول الترمذي: "هذا حديث غريب"، فقال الألباني معلقاً عليه: "وهو كما قال" ا?، والألباني ممن يفسر غريب بمعني ضعيف، وما استدرك به من كون الحديث له شاهد في المسند يتقوى به، شيء آخر، بل الحديث أصله في الصحيحين، كما سيأتي.

وهذا الشاهد المشار إليه ذكره في "مشكاة المصابيح"1، وعزاه لأحمد2، والنسائي3، وهو عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".

وقد أورده المنذري في "الترغيب والترهيب"4، وقال:"رواه النسائي والبيهقي كلاهما عن أبي قلابة5 عن أبي هريرة، ولم يسمع منه فيما أعلم" ا?.

قال الألباني: "وهو حديث جيد لشواهده" ا?.

1 1/614.

2 انظر الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني 9/226.

3 سنن النسائي 4/129.

4 2/148.

5 عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر، الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل، كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة، مات بالشام هارباً من القضاء، سنة أربع ومائة، وقيل بعدها، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 1/417، وانظر تهذيب التهذيب صلى الله عليه وسلم5/225) .

ص: 558

أعود بعد هذا فأذكِّر بموقف العراقي، فإنه أقر الترمذي في عدم حكمه على الحديث بصحة أو حسن، ولم يعترض عليه، بل اجتهد في إظهار سبب ذلك.

وإذا تقرر ضعف الحديث بسند أبي بكر بن عياش، فلا نغتر بتصحيح الحاكم له على شرطهما وبموافقة الذهبي له، كما لا نغتر بإدخال ابن خزيمة وتلميذه ابن حبان له في صحيحهما، وقد مضى أن البخاري رجح وقفه على مجاهد.

نعم أصل الحديث في الصحيحين متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه دون قوله: "ونادى مناد يا باغي الخير أقبل

الخ"، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين".

هذا لفظ البخاري1، ولفظ مسلم2:"فتحت أبواب الرحمة".

وفي رواية أخرى لمسلم3: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين".

1 صحيح البخاري مع فتح الباري 4/112 ورواه مالك وأحمد والنسائي.

2 صحيح مسلم بشرح النووي 7/187.

3 صحيح مسلم بشرح النووي 7/187 وأخرجه أيضاً النسائي في سننه 4/127، 128 وابن خزيمة في "صحيحه" 3/187 وقد رواه البخاري في صحيحه 4/112 مع فتح الباري مختصراً:"إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة".

ص: 559

وأما الزيادة على هذا وهي قوله: "ونادى مناد

"، فقد جاءت في حديث الرجل الذي لم يسم من الصحابة الذي أخرجه مالك، وأحمد1، والنسائي2، وهو: والسياق لأحمد: عن عرفجة3 قال: "كنت عند عتبة ابن فرقد4، وهو يحدث عن رمضان، قال فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلما رآه عتبة هابه فسكت، قال:"فحدث عن رمضان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في رمضان تغلق أبواب النار، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتصفد فيه الشياطين، قال: وينادي فيه ملك يا باغي الخير أبشر، ويا باغي الشر أقصر حتى ينقضي رمضان".

وهذا يصلح أن يكون شاهداً للحديث الذي معنا ككل، أما الشاهد الذي أشار إليه الألباني فيما سبق فهو شاهد له على أوله فقط.

1 مسند الإمام أحمد بن حنبل 4/311-312 و5/411 وانظر: الفتح الرباني 9/228.

2 سنن النسائي 4/129-130.

3 عرفجة: بفتح فسكون ففتح هو كما في "تقريب التهذيب" 2/18 عرفجة بن عبد الله الثقفي أو السلمي، مقبول، من الثالثة، روى له النسائي.

4 عتبة بن فرقد بن يربوع السلمي أبو عبد الله صحابي، نزل الكوفة، وهو الذي فتح الموصل في زمن عمر، روى له النسائي. "المصدر السابق" 2/5.

ص: 560

تخريج الأحاديث التي أشار إليها الترمذي بقوله وفي الباب

حديث عبد الرحمن بن عوف: أخرجه النسائي1 من رواية النضر ابن شيبان2. قال: قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمن3: حدثني بشيء سمعته من أبيك، سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبيك أحد، قال: نعم حدثني أبي4 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى فرض صيام رمضان، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وأقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".

قلت (القائل ابن حجر) : فإذا كان أخطأ في حديثه وليس له غيره فلا معنى لذكره في "الثقات"، إلا أن يقال: "هو في نفسه صادق، وإنما غلط في اسم الصحابي فيتجه، لكن يرد على هذا أن في

1 سنن النسائي 4/158.

2 النضر بن شيبان الحداني بضم المهملة وتشديد الدال لين الحديث من السادسة/ روى له النسائي وابن ماجة. "تقريب التهذيب" 1/301.

3 أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل، ثقة مكثر، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، وكان مولده سنة بضع وعشرين، روى له الجماعة. "المصدر السابق" 2/430.

4 هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة القرشي الزهري، أحد العشرة، أسلم قديماً، ومناقبه شهيرة، ومات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك، روى له الجماعة. "المصدر السابق" 1/494 وانظر الإصابة في تمييز أسماء الصحابة 2/416.

ص: 561

بعض طرقه عنه: لقيت أبا سلمة فقلت له: حدثني بحديث سمعته من أبيك، وسمعه أبوك من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سلمة: حدثني أبي فذكر. وقد جزم جماعة من الأئمة بأن أبا سلمة لم يصح سماعه من أبيه، فتضعيف النضر على هذا متعيّن، وقد قال ابن خراش: أنه لا يعرف بغير هذا الحديث، وأعله الدارقطني أيضاً بحديث أبي سلمة عن أبي هريرة " ا?.

وحديث ابن مسعود أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"1 من رواية مقاتل بن حيان2، عن ربعي بن حراش3، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"إذا جاء أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منا باب واحد الشهر كله، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله، وغلت عتاة الجن، ونادى مناد من السماء

1 مصورة 2 القسم الأول لم ترقم صفحاته.

2 مقاتل بن حيان النبطي بفتح النون والموحدة، أبو بسطام البلخي الخزاز بزائين منقوطتين، صدوق فاضل، أخطأ الأزدي في زعمه أن وكيعاً كذّبه، وإنما كذّب بعده، من السادسة، مات قبل الخمسين أي ومئة بأرض الهند، روى له مسلم، وأهل السنن الأربعة. "تقريب التهذيب" 2/272.

3 ربعي بن حراش بكسر المهملة وآخره معجمة أبو مريم العبسي الكوفي، ثقة، عابد، مخضرم من الثانية، مات سنة مئة وقيل غير ذلك، روى له الجماعة. "المصدر السابق" 1/243.

ص: 562

كل ليلة إلى انفجار الصبح: يا باغي الخير تمم وأبشر، ويا باغي الشر أقصر وأبصر، هل من مستغفر يغفر له؟ وهل من تائب يتوب عليه؟ هل من داع يستجيب له؟ هل من سائل يعطى سؤله؟ ولله عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون ألفاً، فإذا كان يوم الفطر أعتق مثل ما أعتق من جميع الشهر كله، ثلاثين مرة ستين ألفاً ستين ألفاً".

قال العراقي1: "والراوي عن مقاتل، ناشب بن عمرو الشيباني2 وإن قال: فيه الراوي عنه وهو أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي3، كان ثقة صائماً قائماً، فقد قال فيه البخاري: إنه منكر الحديث وقال الدارقطني: ضعيف" ا?.

قال ابن حجر في "فتح الباري"4: "رواه البيهقي وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات، وفي إسناده ناشب بن عمر الشيباني وثق، وتكلم فيه الدارقطني" ا?.

1 شرح سنن الترمذي 3 ورقة 2 وجه أ.

2 انظر ترجمته في "ميزان الاعتدال" 4/239.

3 سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى التميمي الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، أبو أيوب، صدوق، يخطئ، من العاشرة مات سنة ثلاث وثلاثين أي ومئتين، روى له البخاري، وأهل السنن الأربعة. "تقريب التهذيب" 1/327.

4 9/235.

ص: 563

وحديث سليمان الفارسي رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"1 قال: ثنا عبد الله بن بكير، قال حدثني بعض أصحابنا رجل يقال له إياس رفع الحديث إلى سعيد بن المسيب، عن سليمان الفارسي قال:

"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان، فقال: "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليله تطوّعاً، فمن تطوّع فيه بخصلة من الخير كان كمن أدّى فريضة فيما سواه، ومن أدّى فريضة كان كمن أدّى سبعين فريضة، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة وهو شهر يزاد فيه رزق المؤمن، مَن فطر صائما كان له عتق رقبة، ومغفرة لذنوبه. قيل يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم قال: يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على جرعة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، ومن أشبع صائماً كان له مغفرة لذنوبه، وسقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه اعتقه الله من النار".

1 عزاه إليه العراقي في "شرح سنن الترمذي" 3 ورقة 2 وجه/ أ، وانظر "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية" 1/271-272.

ص: 564

قال العراقي1: "ولا يصح إسناده، وإياس المذكور الظاهر أنه ابن أبي إياس2 عن سعيد بن المسيب لا يعرف، والخبر منكر3، ورويناه في "شعب الإيمان" للبيهقي من رواية علي بن زيد بن جدعان4، عن سعيد بن المسيب، عن سليمان، وذكر نحوه النسائي".ا?.

ومن رواية علي بن زيد بن جدعان، رواه ابن خزيمة في "صحيحه"5 وقد ترجم عليه بقوله: باب فضائل شهر رمضان إن صحّ الخبر.

1 شرح سنن الترمذي 3 ورقة 2 وجه/ أ، وانظر: عمدة القارئ 5/178.

2 قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" 1/282: "إياس بن أبي إياس عن سعيد بن المسيب لا يعرف وخبره منكر".

3 قال أبو حاتم –وقد سأله ابنه عن هذا الحديث-: "هذا حديث منكر غلط فيه عبد الله بن بكر إنما هو أبان بن أبي عياش فجعل عبد الله بن بكر: أبان: إياس". علل الحديث 1/249 ومن المستحسن نقل نص السؤال هنا قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث حدثناه الحسن بن عرفة عن عبد الله بن بكر السهمي قال حدثني إياس عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب أن سلمان الفارسي قال: فذكره".

ففي هذا السند الذي يحدث عن إياس عبد الله بن بكر لا بكير، وهو الصواب انظر: تهذيب التهذيب 5/162.

4 ستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى.

5 3/191.

ص: 565

قال المنذري في "الترغيب والترهيب"1: "رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، ثم قال: إن صحّ الخبر. ورواه من طريقه البيهقي ورواه أبو الشيخ ابن حبان في "الثواب" باختصار عنهما" ا?.

وقال الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة2": "منكر، رواه المحاملي في "الأمالي (ج5 رقم50")، وابن خزيمة في صحيحه وقال:"إن صحّ" والواحدي في (الوسيط 1/640/1-2) والسياق له عن علي بن زيد ابن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان الفارسي قال:"خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال:" فذكره.

قلت: وهذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان، فإنه ضعيف كما قال أحمد وغيره، وبيّن السبب الإمام ابن خزيمة فقال:"لا أحتج به لسوء حفظه"؛ ولذلك لما روى هذا الحديث في صحيحه قرنه بقوله: "إن صحّ الخبر"، وأقره المنذري في "الترغيب"، وقال: إن البيهقي رواه من طريقه.

قلت وفي إخراج ابن خزيمة لمثل هذا الحديث في صحيحه إشارة قوية إلى أنه قد يورد فيه ما ليس صحيحاً عنده منبهاً عليه

، ثم إن الحديث قال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه:"حديث منكر".

1 2/143.

2 2/263.

ص: 566