المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث التاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - سؤالات الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي - جـ ٢

[يوسف بن محمد الدخيل]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع عشر: باب ما جاء في العمل في أيام العشر من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس عشر: باب ما جاء: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع عشر: باب ما جاء في فضل الطواف من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّامن عشر: باب ما جاء "في الحج عن الشيخ الكبير والميت

- ‌الحديث التاسع عشر: باب ما جاء في المشي أمام الجنازة من كتاب الجنائز عن رسول الله صلى الله عليه سلم

- ‌الحديث العشرون: باب ما جاء في (أمرك بيدك) من كتاب الطلا ق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الحادي والعشرون: باب ما جاء فيمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم من كتاب الحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّاني والعشرون: باب ما جاء في الغال ما يصنع به من كتاب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّالث والعشرون: باب ما جاء في ثواب الشهداء من كتاب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع والعشرون: باب ما جاء في الصف والتعبئة عند القتال من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس والعشرون: باب ما جاء في الألوية من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس والعشرون: باب ما ذكر من الشرب بنفسين من كتاب الأشربة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع والعشرون: باب ما جاء في صفة أبواب الجنة من كتاب صفة الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثامن والعشرون: باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة من أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث التّاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثلاثون: باب عرضت علي ذنوب أمتي من كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله علسه وسلم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون: باب ومن سورة التوية من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثاني والثلاثون: باب ومن سورة "ص" أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثالث والثلاثون: باب ومن سورة الطور من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الحديث التاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌الحديث التّاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

.

5/87-88 سنن الترمذي بتحقيق وتعليق إبراهيم عطوة عوض

ص: 827

حدّثنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن أبي اليقظان، عن عدي –وهو ابن ثابت-، عن أبيه، عن جده رفعه قال:"العطاس، والنعاس، والتثاؤب في الصلاة، والحيض، والقيء، والرعاف، من الشيطان".

كلام الترمذي على هذا الحديث

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك، عن أبي اليقظان. وسألت محمد بن إسماعيل عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده قلت له: ما اسم جد عدي؟ قال: لا أدري. وذكر عن يحيى بن معين قال: "اسمه دينار"1.

تخريج الحديث

أخرج الحديث سوى الترمذي:

ابن ماجه في "سننه"2 قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا الفضل ابن دكين عن شريك بلفظ:"البزاق، والمخاط، والحيض، والنعاس في الصلاة من الشيطان".

1 سبق هذا السؤال والجواب في الحديث الرابع؛ لأن سنده هو سند هذا الحديث إلا أنه هناك قال: "وذكرت لمحمد (يعني البخاري) قول يحيى بن معين اسمه دينار، فلم يعبأ به".

2 1/311 رقم الحديث (969) .

ص: 829

قال في "الزوائد"1: "في إسناده أبو اليقظان، واسمه عثمان بن عمير أجمعوا على ضعفه".

وقد أورده السيوطي في "الجامع الصغير"2، وأشار في تخريجه إلى الترمذي فقط عن دينار، وقد استدركه عليه المناوي3 من رواية ابن ماجة فقال:"ومدار الحديث على شريك، وفيه مقال معروف، وظاهر صنيع المصنف (يعني السيوطي) أن الترمذي تفرد به عن الستة، وليس كذلك، بل رواه ابن ماجة أيضاً عن دينار المذكور" ا?.

هكذا قال السيوطي، والمناوي "عن دينار" مع أنه ليس في رواية الترمذي، وابن ماجة التصريح باسم جد عدي دينار، أو غيره.

وقد قال المناوي4 قبل ذلك: "أخرجه الترمذي في الاستئذان" من حديث عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده يرفعه. وجده قيل اسمه دينار5، وقيل: هو دينار

1 انظر تعليق محمد فؤاد عبد الباقي على سنن ابن ماجة.

2 4/381 مع فيض القدير.

3 فيض القدير 4/381.

4 فيض القدير 4/381.

5 قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 3/217: "دينار جد عدي بن ثابت الأنصاري قاله يحيى بن معين، وقيل اسم جده قيس، وقيل عبد الله بن يزيد الخطمي، والصحيح أن الخطمي جده لأمه، قلت: قد أشبعت القول فيه في ترجمة عدي ابن ثابت، فلا حاجة إلى تكراره" هكذا قال وصوابه ترجمة ثابت "تهذيب التهذيب" 2/19 وما بعدها.

وقال في "تقريب التهذيب" 1/237: "دينار قيل: هو جد عدي بن ثابت ولا يصح/ روى له أبو داود والترمذي وابن ماجة".

ص: 830

القراظ1 (بظاء معجمة) الخزاعي المدني، تابعي، كثير الإرسال" ا?.

الطبراني في "المعجم الكبير"، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"2:"وعن أبي اليقظان3، عن أبيه، عن جده يرفع الحديث قال: "العطاس، والنعاس، والرعاف، والحيض، والقيء، والتثاؤب في الصلاة من الشيطان" رواه الطبراني في الكبير. وأبو اليقظان ضعيف جداً" ا?.

1 قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 1/237: "دينار أبو عبد الله القراظ: (بظاء معجمة) الخزاعي مولاهم المدني، ثقة، يرسل من الثالثة، روى له مسلم، والنسائي".

2 2/86.

3 هنا سقط وهو (عن عدي بن ثابت) كما يدل عليه سند الترمذي، وابن ماجة. وأودّ أن ألفت نظر القارئ إلى نقطة مهمة، وهي ذكر الهيثمي لهذا الحديث مع كونه في الأصول التي التزم الهيثمي أن يخرج الزائد عليها، وقد أمعنت النظر في هذا فتحصل لدي جواب يمكن أن يكون صحيحاً؛ وهو أن الهيثمي لعله نقل هذا السند الناقص من الطبراني؛ ظاناً أن قوله "عن جده" فيه هو جد أبي اليقظان، وعلى هذا الاعتبار يكون أخرجه لاختلاف الصحابي فيهما.

ص: 831

درجة هذا الحديث

سند هذا الحديث باستثناء شيخ الترمذي قد سبق في الحديث الرابع حديث المستحاضة، وهو سند ضعيف للآتي:-

لتفرد شريك بن عبد الله به، عن أبي اليقظان، وهو شريك بن عبد الله النخعي، الكوفي، القاضي، بواسط، ثم الكوفة، أبو عبد الله صدوق يخطئ كثيراً، وتغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلا فاضلا، عابداً شديداً على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين أي ومئة، روى له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأهل السنن الأربعة1. وتفرده مع هذه الحالة لا يقبل ولا يحتج به.

لضعف أبي اليقظان، واسمه عثمان بن عمير، وهذا بالإضافة إلى تدليسه، وقد عنعنه، واختلاطه، وغلوه في التشيع.

لجهالة والد عدي.

لجهالة جد عدي.

وقد بحثت هذه الأمور هناك بحثاً وافياً من جميع الجوانب، فليرجع إليها من شاء. وقد قلت هناك: إن واحداً من هذه الأمور كاف في تضعيف الحديث، كيف وقد اجتمعت فيه كلها؟

1 تقريب التهذيب 1/351.

ص: 832

وقد اكتفى الهيثمي في "مجمع الزوائد"1 بواحدة منها، حين قال:"رواه الطبراني في "الكبير" وأبو اليقظان ضعيف جداً" ا?.

وكذا فعل المناوي في "فيض القدير"2 فذكر واحدة أخرى منها حيث قال: "ومدار الحديث على شريك، وفيه مقال معروف" ا?.

والترمذي قد حكم بقوله "غريب" بتضعيفه، كما بيّن بقوله:"لا نعرفه إلا من حديث شريك عن أبي اليقظان"، أي أنه مما تفرد به شريك عن أبي اليقظان.

قال الألباني في تعليقه على هذا الحديث من "مشكاة المصابيح"3: "وقال الترمذي: حديث غريب أي ضعيف، وفيه علتان: جهالة ثابت هذا، وضعف الراوي عن أبيه، وهو شريك بن عبد الله القاضي" ا?.

هكذا قال، وضعّف الراوي عن أبيه، وهو شريك بن عبد الله

، وهو خطأ صوابه، وضعّف الراوي عن أبي اليقظان، وهو شريك؛ لأن شريكاً هو الراوي عن أبي اليقظان، وقد قال: وفيه علتان. مع أن فيه أربع علل كما هو مبين، وقد ذكر ضعف الراوي عن أبي اليقظان وهو شريك مع أنه لو ذكر ضعف أبي اليقظان لكان أولى، لأن ضعفه أشد من ضعف شريك.

1 2/86.

2 4/381.

3 1/316.

ص: 833

ولا أدري –وقد أشار إلى جهالة والد عدي- لماذا لم يشر إلى جهالة جد عدي، مع أنه في تعليقه على حديث المستحاضة من "مشكاة المصابيح"، قال:"قد قيل في اسمه (يعني في اسم جد عدي) أقوال خمسة، وليس فيها شيء تطمئن النفس إليه" ا?.

وسبق أن نقلته عند الكلام على الحديث الرابع، فلعله اكتفى بما ذكره هناك، وإن كان يحسن منه الإشارة إليه هنا.

ولا يخفى أن فضيلة الشيخ/ محمد ناصر الدين الألباني عالم فاضل ومحدث كبير، وقد بيّن عذره في تعليقه على مشكاة المصابيح في أكثر من مؤلف له، بأنه كان تعليقاً سريعاً اقتضته ظروف خاصة لم تمكنه من إتقانه، واستقصاء طرق الحديث كما هي عادته، وقد نمى إلى مسامعي من مصدر موثوق به أنه بصدد إعادة هذا التعليق بشكل أكمل وأجود.

كلام العلماء في هذا الحديث

قال ابن عبد البر في "الاستيعاب في أسماء الأصحاب"1: "دينار الأنصاري انفرد بالرواية عنه ابنه ثابت بن دينار، وهو جد عدي بن ثابت، حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في "المستحاضة" يضعفونه، وله حديث آخر في "القيء، والعطاس، والنعاس، والتثاؤب من الشيطان" ولا يصح إسناده".

1 1/476.

ص: 834

وقال ابن حجر في "فتح الباري"1: "سنده ضعيف".

وأورده السيوطي في "الجامع الصغير"2، ورمز لضعفه وأقره المناوي.

وما جاء في هذا الحديث من أن الله يكره العطاس في الصلاة، يعارضه الحديث الصحيح الذي فيه محبة الله عز وجل للعطاس مطلقاً في الصلاة وخارجها، فقد روى البخاري3 وغيره4، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً قال:"إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق عل كل مسلم سمعه أن يشمته، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: هاء ضحك منه الشيطان" لفظ البخاري.

وقد جمع بعض العلماء بين هذين الحديثين، فخص الحديث الصحيح بالضعيف. قال ابن حجر في "فتح الباري"5 عند حديث أبي هريرة المذكور:

"وقد ورد ما يخص بعض أحوال العاطسين، فأخرج الترمذي من طريق أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده رفعه، فساق

1 10/607.

2 4/381 مع فيض القدير.

3 صحيح البخاري 10/607 مع فتح الباري.

4 كأبي داود والترمذي والنسائي.

5 10/607.

ص: 835

شطره الأول، ثم قال: وسنده ضعيف، وله شاهد عن ابن مسعود في "الطبراني"، لكن لم يذكر النعاس، وهو موقوف، وسنده ضعيف أيضاً1

1 هذا الشاهد الذي أشار إليه ابن حجر قد ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/86 فقال: وعن عبد الله بن مسعود قال: "التثاؤب، والعطاس في الصلاة من الشيطان" قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون".

ولا منافاة بين قول ابن حجر "سنده ضعيف"، وقول الهيثمي "رجاله موثقون"؛ لأنه قد يكون رجاله موثقين على رأي من وثقهم، وسنده ضعيفاً؛ لانقطاع أو تدليس أو نحو ذلك، وقلت على رأي من وثقهم؛ لأن قوله "رجاله موثقون" مشعر بأن رجاله مختلف فيهم بين علماء الجرح والتعديل، بأن يكون البعض وثقهم، والبعض الآخر تكلم فيهم، وهذا قد يفيد بأن يكون من ضعّف هذا الأثر رجّح جانب تضعيف رجاله، وفي رأيي أن هذا الشاهد لا يقوى على إنقاذ حديث تالف متهالك، كحديث جد عدي مشتمل على عدة آفات.

وقد قال الهيثمي عقب ذلك: "ويأتي عن ابن مسعود أثر في النعاس في الصلاة في سورة آل عمران عن شاء الله تعالى" وقد وفى بوعده فقال 6/328

"وعن عبد الله –يعني ابن مسعود- قال: "النعاس أمنة عند القتال من الله عز وجل، والنعاس في الصلاة من الشيطان" رواه الطبراني، وفيه قيس بن الربيع وثّقه شعبة وغيره، وضعّفه جماعة.

وعزاه ابن حجر في "المطالب العالية" 3/315 لمسدد.

وقد روى هذا الأثر ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/311 عن أبي بكر بن عياش عن عامر –هو الشعبي- عن زر قال: عبد الله: "النعاس عند القتل أمنة من الله، وعند الصلاة من الشيطان، وتلا هذه الآية: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" بأسانيد متعددة منها ما رواه 4/141 عن ابن بشار فقال: حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان عن عاصم عن أبي رزين، قال: قال عبد الله: "النعاس في القتال أمنة، والنعاس في الصلاة من الشيطان".

وأثر ابن جرير هذا أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" عن أبي سعيد الأشج، قال: حدثنا أبو نعيم، ووكيع عن سفيان به. انظر: تفسير ابن كثير 1/437.

ص: 836

ثم قال: "قال شيخنا –يعني العراقي- في "شرح الترمذي": لا يعرض هذا –يعني حديث عدي بن ثابت- حديث أبي هريرة في محبة العطاس وكراهة التثاؤب؛ لكونه مقيداً بحال الصلاة، فقد يتسبب الشيطان في حصول العطاس للمصلي؛ ليشغله عن صلاته.

وقد يقال: إن العطاس إنما لم يوصف بكونه مكروهاً في الصلاة؛ لأنه لا يمكن رده بخلاف التثاؤب؛ ولذلك جاء في التثاؤب: "فليرده ما استطاع"، ولم يأت ذلك في العطاس" ا?.

وقال ملا علي القارئ في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"1: "والظاهر أن الجمع بين الحديثين، بأن يحمل محبة الله تعالى العطاس مطلقاً على خارج الصلاة، وكراهته مطلقا في داخل الصلاة؛ لأنه في الصلاة لا يخلو عن اشتغال بال به، وهذا الجمع كان متعيناً لو كان الحديثان مطلقين، فكيف مع التقييد بها في هذا الحديث؟ " ا?.

وقيل "المراد من العطاس كثرته فلا ينافيه الخبر السابق إن الله يحب

1 3/15.

ص: 837

العطاس؛ لأن محله في العطاس المعتدل، وهو الذي لا يبلغ الثلاث على التوالي، بدليل أنه يسن تشميته حينئذ بعافاك الله، وشفاك، الدال على أن ذلك مرض"1 ا?.

ويقال: على جمع هؤلاء العلماء الأفاضل أنه كان من الأولى عدم إجرائه؛ لأن الحديث الضعيف لا يخصص الحديث الصحيح، فأرى أنه لا تقوم بهذا الجمع حجة على التخصيص؛ لضعف الحديث المخصص هذا مع العلم بوجود حديث ضعيف يزيل هذا التخصص، ويثبت ما نص عليه الحديث الصحيح من أن العطاس يحبه الله على إطلاقه بدون تخصيص.

فقد أخرج ابن أبي شيبة2 عن أبي هريرة: "إن الله يكره التثاؤب، ويحب العطاس في الصلاة".

قال ابن حجر3: "وهذا يعرض حديث عدي، وفي سنده ضعف أيضاً وهو موقوف. والله أعلم" ا?.

ويلاحظ أن ابن حجر ذكر هذا الأثر، والكلام عليه الذي ختم به هذه المسألة تلو نقله لكلام شيخه العراقي.

وبدل أن يسقط السيوطي حديث جد عدي، وأثر ابن أبي شيبة؛ لأنهما ضعيفان تعارضا، ويأخذ بمقتضى الحديث الصحيح، فإنه جمع

1 انظر: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" 3/14 و"تحفة الأحوذي" 8/23.

2 المصنف 2/428.

3 فتح الباري 10/607.

ص: 838

بينهما. قال صاحب فيض القدير1: "وأجاب المؤلف –يعني السيوطي- في "فتاويه": بأن المقام مقامان مقام إطلاق، ومقام نسبي:

أما مقام الإطلاق: فإن التثاؤب والعطاس في الصلاة كلاهما من الشيطان، وعليه يحمل حديث الترمذي هذا.

وأما المقام النسبي: فإذا وقعا في الصلاة مع كونها من الشيطان؛ فالعطاس في الصلاة أحب إلى الله من التثاؤب فيها، والتثاؤب فيها أكره إليه من العطاس فيها، وعليه يحمل أثر ابن أبي شيبة، فهو راجع إلى تفاوت رتب بعض المكروه على بعض" ا?.

1 4/381.

ص: 839