الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثلاثون: باب عرضت علي ذنوب أمتي من كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله علسه وسلم
…
الحديث الثّلاثون: باب عرضت علي ذنوب أمتي من كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
5/178-179 سنن الترمذي بتحقيق وتعليق إبراهيم عطوة عوض
حدّثنا عبد الوهاب الورّاق البغدادي: أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة1 يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن، أو آية أوتيها رجل ثم نسيها".
كلام الترمذي على هذا الحديث
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه، واستغربه.
قال محمد: ولا أعرف للمطلب بن عبد الله بن حنطب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله: "حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول: لا نعرف للمطلب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الله: وأنكر على بن المديني، أن يكون المطلب سمع من أنس.
تخريج الحديث
أخرج الحديث بالإضافة إلى الترمذي:
1 القذاة: واحدة القذى وهو: ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك. "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/30.
أبو داود في "سننه"1، وسكت عنه.
ابن خزيمة في "صحيحه"2.
البيهقي في "السنن الكبرى"3، وفي "شعب الإيمان"4 بإسناده إلى أبي داود.
أبو يعلى في "مسنده"5.
البزار في "مسنده"6.
البغوي في "شرح السنة"7 بإسناده إلى أبي داود.
ابن الجوزي في "العلل المتناهية"8 بإسناده إلى الدارقطني.
هذا وقد ذكر صاحب "تحفة الأحوذي"9 أن ابن ماجة أخرجه، وهو وهم منه، فإنه لم يخرجه، فقد جهدت في البحث عنه في "سنن ابن ماجه" فلم أجده، وكذا لم أر أحداً ممن اعتنى بتخريج الأحاديث عزاه إلى ابن ماجه.
1 2/128.
2 2/271.
3 2/440.
4 1 قسم 2 ورقة 293.
5 4 ورقة 389.
6 عزاه إليه ابن كثير في "فضائل القرآن"/41.
7 2/364.
8 ورقة 31.
9 8/234.
ولعل صاحب تحفة الأحوذي تبع في ذلك المنذري في "الترغيب والترهيب"1، حيث نسبه إلى تخريج ابن ماجه.
أما في مختصر "سنن أبي داود"2 فإنه اقتصر في عزوه على الترمذي.
هذا وأورد الحديث النووي في كتابه "التبيان في آداب حملة القرآن3"، وفي "الأذكار"4، وقال: تكلم الترمذي فيه.
وكذا أورده السيوطي في "الجامع الصغير"5، ورمز لضعفه.
حكم هذا الحديث
ضعّف الترمذي هذا الحديث، وقال: إنه ذاكر به شيخه محمد بن إسماعيل البخاري فلم يعرفه، واستغربه.
وقول الترمذي: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه" عبر فيه عن معرفته هو، فقد روى من وجه آخر عن ابن جريج رواه حجاج بن محمد عنه، ولم يسم المطلب ولا غيره، أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي في
1 1/251.
2 1/259 مع شرح وتهذيب سنن أبي داود.
3 /36.
4 /89.
5 4/313 مع فيض القدير.
"فضائل القرآن"1 قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: حدثت عن أنس بن مالك، فذكره إلا أنه قال: حتى "القذاة والبعرة"2، وقال "أكبر" بدل أعظم.
وهو حديث كما لا يخفى سنده منقطع، وفي آخره قال أبو عبيد: قال ابن جريج: وحدثت عن سلمان الفارسي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكبر ذنب توافى به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله، كانت مع أحدهم فنسيها".
وهذا عدا أنه معلق؛ لأن أبا عبيد لم يدرك ابن جريج، وسنده منقطع أيضاً. وفي "تهذيب التهذيب"3:"قال الأثرم عن أحمد: إذا قال ابن جريج4: قال فلان، وقال فلان؛ وأخبرت: جاء بمناكير، وإذا قال: أخبرني، وسمعت، فحسبك به".
وحجاج المذكور هو: "حجاج بن محمد المصيصي5 الأعور أبو محمد، مولى سليمان بن مجالد، مولى أبي جعفر المنصور العباسي، ترمذي
1 133 نسخة محققة؛ لنيل درجة الماجستير من جامعة الملك عبد العزيز بمكة.
2 البعرة: واحدة البعر وهو روث الجمال.
3 6/404 وانظر: شرح علل الترمذي لابن رجب/229.
4 هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني عشر وقد قال عنه ابن حجر في "تقريب التهذيب" 1/520 ثقة، فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة
…
5 بكسر ميم وشدة صاد مهملة أولى ويقال: بفتح ميم وخفة صاد.
الأصل، سكن بغداد، ثم تحول إلى المصيصة".
قال ابن سعد1: تحول إلى المصيصة، ثم قدم بغداد في حاجة له، فمات بها
…
روى عن: ابن جريج، والليث، وشعبة، وجماعة. روى عنه: أحمد، ويحيى بن معين، والذهلي، وخلق2.
وثقه علي بن المديني، والنسائي3، وابن سعد4، ومسلم، والعجلي وابن قانع، ومسلم بن قاسم5، وذكره ابن حبان في "الثقات"6، وترجمه الذهبي في "تذكرة الحفاظ"7 فقال:"الحافظ أحد الأثبات". وقال في "ميزان الاعتدال"8، وقد أورده فيه؛ لأنه خلط كما يظهر:"حجاج بن محمد المصيصي الأعور أحد الثقات".
وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب"9: "ثقة ثبت، لكنه اختلط
1 الطبقات الكبرى 7/333.
2 تهذيب التهذيب 2/205.
3 المصدر السابق الجزء والصفحة.
4 الطبقات الكبرى 7/333.
5 تهذيب التهذيب 2/206.
6 انظر: "المصدر السابق" الجزء والصفحة.
7 1/345.
8 1/464.
9 1/154.
في آخر عمره1 لما قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات بغداد سنة ست ومئتين، روى له الجماعة".
يبدو أنه من أجل الاختلاف كان أحد من طعن فيه من رجال البخاري، لكن بين ابن حجر في دفاعه عنه في "مقدمة فتح الباري"2 أنه لم يسمع منه أحد بعد اختلاطه، فقال:
"حجاج بن محمد الأعور المصيصي أحد الأثبات، أجمعوا على توثيقه، وذكره أبو العرب الصقلي في "الضعفاء" بسبب أنه تغير في آخر عمره، واختلط، لكن ما ضره الاختلاط، فإن إبراهيم الحربي حكى أن يحيى بن معين منع ابنه أن يُدخل عليه بعد اختلاطه أحداً، روى له الجماعة" ا?.
ولا شك أنه كان أحفظ وأثبت من عبد المجيد بن أبي رواد، وغيره في ابن جريج.
قال أحمد3: "ما كان أضبطه، وأصح حديثه، وأشد تعهده للحروف ورفع أمره جداً".
1 جاء في كتاب "العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد/351 رواية ابنه عبد الله: "قلت لأبي: كان حجاج بن محمد اختلط؟ قال: نعم كان اختلط بآخره في آخر عمره" ا?.
2 /395.
3 انظر الجرح والتعديل 1/2/166 و"تذكرة الحفاظ" 1/345 و"تهذيب التهذيب" 2/205.
وقال ابن معين1: قال لي المعلي الرازي: "قد رأيت أصحاب ابن جريج بالبصرة ما رأيت فيهم أثبت من حجاج بن محمد. قال يحيى: وكنت أتعجب منه، فلما تبينت ذلك، إذا هو كما قال: كان أثبتهم في ابن جريج".
وقال أبو داود2: بلغني أن ابن معين كتب عنه نحواً من خمسين ألف حديث.
وقد تابع حجاجاً في رواية هذا الحديث عن ابن جريج عبد الرزّاق3، فلم يسم أحداً كذلك4.
وأما عبد المجيد فهو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد5 الأزدي، مولى المهلب أبو عبد الحميد المكي. روى عن: ابن جريج، ومعمر، وابن نابل، وغيرهم. وروى عنه: الشافعي، وأحمد، والحميدي وغيرهم6.
1 شرح علل الترمذي لابن رجب/349 و"تهذيب التهذيب" 2/205.
2 انظر تذكرة الحفاظ 1/345 و"تاريخ بغداد" 8/237.
3 عبد الرزاق بن همام بن نافع، الحميري مولاهم، أبو بكر الصنعاني ثقة حافظ مصنف، شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة أي ومئتين، وله خمس وثمانون، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/505.
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 3/361.
5 بفتح الراء وتشديد الواو "تقريب التهذيب" 1/517.
6 تهذيب التهذيب 6/381.
متكلّم فيه من حفظه، ووصف بأنه يخطئ، وأنه مرجئ، وأنه كثير الحديث. قال أحمد1:"ثقة، وكان فيه غلو في الإرجاء، وكان يقول: هؤلاء الشكاك".
وعلى أن المروزي قال2: "وكان أبو عبد الله يحث عن المرجئ إذا لم يكن داعية ولا مخاصماً" ا?.
فإننا نجد أبا داود يصفه بأنه كان داعية فيه، قال أبو داود3:"ثقة، وكان مرجئاً داعية في الإرجاء، وما فسد عبد العزيز حتى نشأ ابنه، وأهل خراسان لا يحدثون عنه" ا?.
وقال ابن معين4: "وكان يعلن بالإرجاء".
وقد وثقه ابن معين5، والنسائي6، وقال النسائي في موضع آخر7:"ليس به باس".
وعن يحيى: كان عبد المجيد أصلح كتب ابن علية، عن ابن جريج فقيل ليحيى: كان عبد المجيد بهذا المحل؟ فقال: كان عالماً بكتب ابن
1 تهذيب التهذيب 6/381.
2 المصدر السابق 6/382 وشرح علل الترمذي لابن رجب/86.
3 المصدر السابق 6/382.
4 المصدر السابق 6/381.
5 التاريخ 2/299.
6 تهذيب التهذيب 6/382.
7 المصدر السابق الجزء والصفحة.
جريج، إلا أنه لم يكن يبذل نفسه للحديث.
هكذا جاء هذا النص في "ميزان الاعتدال"1، عن ابن معين بغير ذكر الإسناد إليه، وورد في "الجرح والتعديل"2، عن ابن أبي حاتم بإسناده إلى ابن معين، وهو نحو من ذلك؛ إذ جاء على الصورة الآتية:
"نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: "ابن علية عرض كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود فأصلحها له. فقلت ليحيى: ما كنت أظن أن عبد المجيد هكذا، قال يحيى: كان أعلم الناس بحديث ابن جريج، ولكن لم يكن يبذل نفسه للحديث" ا?.
فيمكن أن يكون الذهبي عبر عن هذا النص بما ذكره، وهو يفيد أن ابن أبي رواد كان عالماً بكتب ابن جريج، وأنه أعلم بحديثه فيها.
ومعنى هذا أنه إذا حدث منها ضبط أما إذا حدث من حفظه، فإنه لم يضبط كما هو حاصل هنا كما سيأتي.
قال الساجي3: روى أحاديث عن ابن جريج لم يتابع عليها.
وفي نظري أن ما جاء من ثناء لعبد المجيد، وأنه ثبت، أو أثبت الناس في ابن جريج يحمل على ما إذا حدّث من كتبه؛ لكونه كان أعلم الناس بها كما قال يحيى.
1 1/648.
2 3/1/64.
3 تهذيب التهذيب 6/382.
قال الدارقطني في "العلل"1: "كل أثبت الناس في ابن جريج".
قال أبو أحمد بن عدي2 وقد روى له أحاديث: "كلها غير محفوظة على أنه ثبت في حديث ابن جريج، وله عن غير ابن جريج، وعامة ما أنكر عليه الإرجاء".
وهذا الحميدي يتكلم فيه، وقد روى عنه، قال البخاري3: كان يرى الإرجاء وكان الحميدي يتكلم فيه.
وقال أبو حاتم4: "ليس بالقوى يكتب حديثه، كان الحميدي يتكلم فيه".
وقال الدارقطني5: "لا يحتج به يعتبر به".
وقال العقيلي6: "ضعفّه محمد بن يحيى".
وقال ابن سعد7: "كان كثير الحديث مرجئاً ضعيفاً".
وقال أبو أحمد الحاكم8: "ليس بالمتين عندهم".
1 انظر: تهذيب التهذيب الجزء والصفحة.
2 الكامل 3 قسم 3 صفحة 234.
3 التاريخ الكبير 3/2/112 والضعفاء الصغير/78.
4 الجرح والتعديل 3/1/65.
5 تهذيب التهذيب 6/382.
6 الضعفاء 12 ورقة 261.
7 الطبقات الكبرى 5/500.
8 تهذيب التهذيب 6/382.
وقال الساجي: "روى عن مالك حديثاً منكراً عن زيد ابن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد: "الأعمال بالنيات".
وقال ابن عبد البر1: "روى عن مالك أحاديث أخطأ فيها، أشهرها خطأ حديث الأعمال".
وقال الخليل2: "ثقة لكنه أخطأ في أحاديث".
وقال ابن حبان3: "منكر الحديث جداً يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك" ا?.
وقد تعقب ابن حجر ابن حبان بالرد، كما سيأتي في "تقريب التهذيب".
وأورده الذهبي في "المغني في الضعفاء"4 فاكتفى بنقل بعض آراء العلماء فيه، وذكره في "ميزان الاعتدال"5 فقال:"صدوق مرجئ كأبيه"، ونقل عن البخاري أنه قال:"في حديثه بعض الاختلاف، ولا يعرف له خمسة أحاديث صحاح".
1 تهذيب التهذيب 6/382.
2 المصدر السابق 6/383.
3 المجروحون 2/160.
4 2/403.
5 1/648.
والذي استقر عليه رأى ابن حجر أنه صدوق يخطئ، فقال في "تقريب التهذيب"1:"صدوق يخطئ، وكان مرجئاً، أفرط ابن حبان فقال متروك، من التاسعة، مات سنة ست ومائتين، روى له مسلم، والأربعة".
وفي هامش "الخلاصة"2 للخزرجي: "روى له مسلم مقروناً بغيره".
فعلى هذا مسلم لم يعتمده، ولم يحتج به منفرداً، وهذا ما يتمشى مع ما ورد في ترجمته.
وأما ما قاله المعلق على "المغني في الضعفاء"3 للذهبي بعد نقله كلام ابن حجر السابق: "الأولى أنه ثقة أخطأ في أحاديث، فقد وثقه الأكثرون، واحتجوا به". فإنه في نظري ليس كذلك، وإن الأولى ما قاله ابن حجر فقد حكم فيه حكماً وسطاً يجمع شتات ما قيل فيه، وهذا واضح من النظر في ترجمته. والله أعلم.
قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود"4 بعد أن نقل كلام الترمذي على الحديث: "وفي إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد الأزدي، وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه غير واحد".
1 1/517.
2 /243.
3 2/403.
4 1/259 مع "شرح وتهذيب سنن أبي داود".
وقال في "الترغيب والترهيب"1 بعد نقل كلام الترمذي أيضاً: "ومع هذا ففي إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وفي توثيقه خلاف".
ومما يدل على أن هذا الحديث أخطأ فيه عبد المجيد، ولم يضبطه، هذا الاختلاف عليه الذي حكاه المزي في "تحفة الأشراف"2، فقال:"وتابعه (يعني عبد الوهاب الوراق البغدادي شيخ الترمذي في هذا الحديث) أيوب بن محمد الوزان عن عبد المجيد، وخالفهما محمد بن يزيد الآدمي، فرواه عن عبد المجيد، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس"3
وهؤلاء الرواة الثلاثة عن عبد المجيد كلهم ثقات، نقل كل منهم حسب ما سمع منه.
1 1/251.
2 1/408.
3 أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" 1/198 عن علي بن إسحاق ابن الوزير الأصبهاني، ووقع فيه بدل "الآدمي""الاذكى" وهو تحريف، وهو بلفظ حديث عبد الوهاب الوراق البغدادي، وقد قال الطبراني عقب تخريجه:"لم يروه عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس إلا عبد المجيد، تفرد به محمد ابن يزيد عن عبد المجيد، ورواه غير محمد، عن ابن جريج، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس" ا?.
وعن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب "ذكر أخبار أصبهان" 2/11-12.
قال ابن حجر في ترجمة عبد الوهاب من "تهذيب التهذيب"1: "عبد الوهاب بن عبد الحكم بن نافع أبو الحسن الوراق البغدادي –ويقال له ابن الحكم-، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة خمسين أي ومئتين، وقيل بعدها، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي".
وقال في ترجمته الوزان2: "أيوب بن محمد بن زياد الوزان أبو محمد الرقي، مولى ابن عباس، ثقة من العاشرة، ذكر الشيرازي: أنه هو الذي يلقب بالقلب، وقيل: هما واحد، مات سنة تسع وأربعين أي ومئتين، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه".
وقال في ترجمة الآدمي3: "محمد بن يزيد الآدمي أبو جعفر الخراز (بمعجمة ثم مهملة وآخره زاي) البغدادي، ثقة عابد، من صغار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين أي ومئتين، روى له النسائي، فالاختلاف منه وليس منهم؛ إذ لم يكن متثبتاً فيه، فحدث به مرة على هذا الوجه، ومرة على الوجه الآخر".
وقال ابن حجر4 معقباً على ابن خزيمة إخراجه له في "صحيحه" عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق به. وغفل ابن خزيمة
1 1/528.
2 1/91.
3 تقريب التهذيب 2/220.
4 النكت الظراف على الأطراف 1/407.
عن علته، فأخرجه في المساجد من صحيحه، عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق به1.
قال الألباني في "تعليقه على مشكاة المصابيح"2: "قلت: وعلته الانقطاع في موضعين، وقد بينته في "ضعيف السنن" (لم يطبع) رقم 71"3، وقال في "تعليقه على صحيح ابن خزيمة"4:"قلت: إسناده ضعيف فيه علتان بينتهما في "ضعيف أبي داود" ا?.
فلعل الألباني يريد بالموضع الأول: الانقطاع بين ابن جريج والمطلب ابن عبد الله بن حنطب.
وبالموضع الثاني: الانقطاع بين المطلب بن عبد الله بن حنطب وأنس.
وأما العلة الأولى وهي الانقطاع بين ابن جريج والمطلب؛ فإن ابن جريج من المشهورين بالتدليس5، وقد رواه هنا بالعنعنة عن المطلب ولا
1 هكذا قال هنا أما في "بلوغ المرام"/64 (وانظر سبل السلام 1/157) فإنه أورد الحديث وذكر تصحيح ابن خزيمة له، ولم يتعقبه بشيء، وقال في "فتح الباري" 9/86 بعد أن أورده من رواية أبي داود والترمذي "في إسناده ضعيف".
2 1/224.
3 وقد قال قبل هذا: "وضعفه (يعني الترمذي) تبعاً للبخاري بقوله: حديث غريب
…
الخ".
4 2/271.
5 ذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من طبقات المدلسين/10، وهي من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع.
تقبل عنعنته والحالة هذه، ما لم يصرح بالتحديث أو السماع، قد دل على هذه العلة ما ذكره الخطيب البغدادي في كتابه "الكفاية في علم الرواية"؛ إذ روى في باب "ذكر شيء من أخبار بعض المدلسين" بسنده إلى ابن المديني، فقال1: أخبرنا علي بن محمد بن الحسن الحربي قال: أنا عبد الله ابن عثمان الصفار، قال: أنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي، قال: ثنا عبد الله على بن المديني قال: سألت أبي عن حديث رواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد".
قال: ابن جريج لم يسمع من المطلب بن عبد الله بن حنطب، كان يأخذ أحاديثه عن ابن أبي يحيى"2 ا?.
وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية"3: "قال الدارقطني: قد روى عن ابن جريج، عن أنس، والأول أشبه بالصواب، والحديث غير ثابت؛ لأن ابن جريج لم يسمع من المطلب شيئاً. يقال: كان يدلسه عن ابن ميسرة، وغيره من الضعفاء".
1 الكفاية في علم الرواية/511.
2 هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي تقدمت ترجمته في الحديث الثالث، وقد قال فيه ابن حجر في "تقريب التهذيب" 1/42:"متروك".
3 1 ورقة 31.
وفي "تهذيب التهذيب"1: "قال الدارقطني: تجنب تدليس ابن جريج؛ فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح مثل إبراهيم ابن أبي يحيى، وموسى2 ابن عبيدة وغيرهما".
وقال الذهبي في "مختصر العلل المتناهية"3: "حديث عرضت علي
…
رواه ابن أبي رواد، عن ابن جريج، عن المطلب ابن حنطب، عن أنس، ولم يسمعه ابن جريج من المطلب". هذا عن العلة الأولى.
أما العلة الثانية وهي الانقطاع بين المطلب بن عبد الله بن حنطب4 وأنس، فقد دل عليها وعلى العلة الأولى أيضاً رواية حجاج بن
1 6/405.
2 موسى بن عبيدة (بضم أوله) ابن نشيط (بفتح النون وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة) الربذي (بفتح الراء والموحدة ثم معجمة) أبو عبد العزيز المدني، ضعيف ولاسيما في عبد الله بن دينار، وكان عابداً، من صغار السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين أي ومائة، روى له الترمذي، وابن ماجه. "تقريب التهذيب" 2/286.
3 ورقة 8.
4 المطّلب (بتشديد الطاء) ابن عبد الله ابن عبد المطلب بن حنطب (بفتح الحاء المهملة وإسكان النون وفتح الطاء المهملة) ابن الحارث المخزومي، صدوق، كثير التدليس والإرسال، من الرابعة، روى له أهل السنن الأربعة. "تقريب التهذيب" 2/254 وانظر في مصادر ترجمته:"تهذيب التهذيب" 10/178 "ميزان الاعتدال" 4/129 "تهذيب الأسماء واللغات" 2/98 "الجرح والتعديل" 4/1/359 "المعرفة والتاريخ ليعقوب ابن سفيان" 1/223، 246، 374 "المراسيل" لابن أبي حاتم/209.
محمد عن ابن جريج حين قال: "حدثت عن أنس"، ودل عليها كلام الأئمة الذين نقل الترمذي ما نصوا عليه بشأن سماع المطلب من أنس.
فقد نقل البخاري قوله: لا أعرف للمطلب بن عبد الله بن حنطب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلا قوله: "حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم 1.
ونقل عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قوله: "لا نعرف للمطلب سماعاً من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس". هذا، وحتى لو رجع الحديث إلى حديث عبد المجيد عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس الذي رواه محمد بن يزيد الآدمي كما سبق فإنه منقطع؛ لأن ابن جريج لم يسمع من الزهري.
قال قريش بن أنس2 عن ابن جريج: لم أسمع من الزهري شيئاً، إنما أعطاني جزءاً فكتبه وأجاز له.
وقال عثمان الدارمي3، عن إسماعيل بن داود، عن ابن معين: ليس بشيء في الزهري.
والخلاصة: أن هذا الحديث ضعيف بجميع أسانيده. والله أعلم.
1 قال البخاري في "تاريخه" 4/2/7: "سمع عمر" قال ابن حجر "تهذيب التهذيب": "لكن تعقبه الخطيب بأن الصواب ابن عمر، ثم ساق حديثه عن ابن عمر في الوتر بركعة". وانظر: تعليق أحمد محمد شاكر على "الرسالة" للشافعي/97-103 مهم.
2 تهذيب التهذيب 6/405.
3 المصدر السابق 6/404.