الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السّابع عشر: باب ما جاء في فضل الطواف من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
3/210 سنن الترمذي
بتحقيق وتعليق محمد فؤاد عبد الباقي
حدّثنا سفيان بن وكيع: أخبرنا يحيى بن اليمان، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عبّاس1 قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طاف بالبيت خمسين مرة، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
قال: وفي الباب عن أنس، وابن عمر.
كلام الترمذي على هذا الحديث
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس، حديث غريب.
سألت محمداً عن هذا الحديث؟ فقال: إنما يروي هذا عن ابن عباس.
حدثنا ابن أبي عمر: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أيوب قال: "كانوا يعدون عبد الله2 بن سعيد بن جبير أفضل من
1 عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، بن هاشم بن عبد مناف ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم في القرآن، فكان يسمى البحر، والحبر، لسعة علمه، وقال عمر:"لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد"، مات سنة ثمان وستين بالطائف، وهو أحد المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 1/425 وانظر:"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 2/330.
2 عبد الله بن سعيد بن جبير، الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة فاضل من السادسة، روى له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي. "تقريب التهذيب" 1/419 قال العراقي في "شرح سنن الترمذي" 3 ورقة 111 وجه/ب: "وعبد الله بن سعيد بن جبير ليس له عند الترمذي إلا هذا الحديث الواحد، وله في بقية الكتب ثلاثة أحاديث أخر ولا يعرف له رواية إلا عن أبيه، وقد روى عنه أيضاً أيوب السختياني، ومحمد بن أبي القاسم الطويل، ووثقه النسائي، وابن حبان، وليس لأخيه عبد الملك المذكور عند الترمذي إلا حديث واحد في سبب نزول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} الآية.
أبيه1، وله أخ يقال له عبد الملك2 بن سعيد بن جبير، وقد روى عنه أيضاً".
تخريج الحديث
أخرج الحديث سوى الترمذي:
عبد الرزاق في "مصنفه"3.
1 هو سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة، قتل بين يدي الحجاج، سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين. روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/292.
2 عبد الملك بن سعيد بن جبير، الأسدي مولاهم، الكوفي، لا بأس به، من السابعة، روى له البخاري، وأبو داود، والترمذي. "المصدر السابق" 1/519.
3 قاله المحب الطبري في "القرى لقاصد أم القرى"/325 ونقله عنه العراقي في "شرح سنن الترمذي" 3 ورقة 112 وجه/أ، وقد بحثت عنه في "المصنف" فلم أعثر عليه.
الطبران في "الأوسط"1.
المحب ايلطبري في "القرى لقاصد أم القرى"2 بإسناده إلى الطبراني.
كلهم من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس مرفوعاً به إلا أن عندهم "خمسين سبوعا"3 بدل "مرة".
وفي هذا ردّ على العراقي الذي قال4: "حديث ابن عباس انفرد بإخراجه الترمذي"، اللهم إلا أن يريد أنه انفرد به عن باقي الستة. فنعم، وهذا ما يدل عليه ما نقلناه عنه في الهامش أسفل.
حكم هذا الحديث
حكم الترمذي على هذا الحديث بالضعف والأمر كما ذكر الترمذي؛ فإن شريكاً تفرد به عن أبي إسحاق السبيعي، وشريك هو ابن عبد الله النخعي الكوفي، القاضي، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني، والرابع، قال عنه
1 قاله العراقي في "شرح سنن الترمذي" الجزء والصفحة، والسيوطي في "قوت المغتذي"؛ مصور لم ترقم صفحاته، والمحب الطبري في "المصدر السابق" غير أن المحب الطبري لم يعزه للأوسط.
2 /325.
3 سبوع بلا ألف لغة قليلة في أسبوع انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/336.
4 شرح سنن الترمذي 3 ورقة 111 وجه/ب.
ابن حجر في "تقريب التهذيب"1: "صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، من الثامنة، مات سنة سبع، أو ثمان وسبعين أي ومئة، روى له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأهل السنن الأربعة".
وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني، قال عنه ابن حجر في "تقريب التهذيب"2:"ثقة عابد، من الثالثة، اختلط بآخره، مات سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: قبل ذلك، روى له الجماعة".
وهو مدلس، أورده ابن حجر في "طبقات المدلسين"3، في الثالثة منها، وهي من لم يقبل حديثه ما لم يصرح بالتحديث أو السماع، فقال:"عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي مشهور بالتدليس، وهو تابعي ثقة، وصفه النَّسائي وغيره بذلك" ا?.
وهو قد روى هذا الحديث بالعنعنة عن عبد الله بن سعيد بن جبير.
هذا وقد ذكر ابن الجوزي الحديث في كتابه "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية"4، وأعله بيحيى بن اليمان5، وقد نقل فيه قول أحمد:
1 1/351.
2 2/73.
3 /7.
4 2 ورقة 31.
5 يحيى بن يمان العجلي الكوفي، صدوق عابد، يخطئ كثيراً، وقد تغير من كبار التاسعة، مات سنة تسع وثمانين أي ومئتين، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأهل السنن الأربعة. "تقريب التهذيب" 2/361 هذا وقد تقدمت ترجمته في الحديث الخامس عشر بأوسع من هذا.
"ليس بحجة"، وقول ابن المديني:"تغير حفظه"، وقول أبي داود:"يخطئ في الأحاديث ويقلبها، إلى أن قال: وفيه شريك، قال يحيى: "مازال مخلطا".
وتبعه الذهبي في "مختصر العلل"1، ونقل قول البخاري الذي ذكره الترمذي عنه:"إنما يروى هذا من قول ابن عباس"، وقال: فيه يحيى بن يمان عن شريك كذلك عن أبي إسحاق
…
الخ، ونقل حكم الترمذي عليه.
وأورد الحديث السيوطي في "الجامع الصغير2"، ورمز لضعفه ووافقه المناوي في "فيض القدير"3.
وفي جواب البخاري للترمذي حين سأله عن هذا الحديث قال له: إنما يروى عن ابن عباس من قوله موقوفاً عليه لا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فالثابت إذاً وقفُه على ابن عباس، وقد ذكر صاحب "كنز العمال"4 أن ابن زنجويه أخرجه عن ابن عباس موقوفاً عليه.
1 مصور ورقة 45.
2 6/175 مع فيض القدير.
3 6/175.
4 5/89.
وكذلك ذكر المحب الطبري1 أن سعيد بن منصور أخرجه في "سننه" موقوفاً، ولكن على سعيد بن جبير، قال المحب الطبري:"ومثل هذا لا يكون إلا توقيفاً والله أعلم" ا?.
قلت: يريد أن مثل هذا من قبيل الأخبار التي لا مجال للرأي فيها، فيأخذ حكم الرفع، ولكن هذا مشروط بشرط، وهو أن يصح سنده إلى ابن عباس، أو سعيد بن جبير، وأنا لم أقف على سند ابن عباس أو سعيد ابن جبير بسبب أن صاحب "كنز العمال" الذي ذكر حديث ابن عباس وعزاه لابن زنجويه لم يورد سنده حتى ننظر فيه.
وكذلك حديث سعيد بن جبير فإن المحب الطبري الذي عزاه لسعيد بن منصور في "سننه" لم ينقل لنا سنده، وإنما اكتفى بأن قال:"وروى عن سعيد بن جبير".
والمطبوع في سنن سعيد بن منصور مجلدان: الأول في الجهاد، والثاني في الأنكحة والطلاق، ومعنى هذا أن الحديث ليس فيهما لأن مظانه الحج.
وتوجد نسخة كاملة مخطوطة من سنن سعيد بن منصور في ألمانيا عرفت هذا بواسطة فهرس مكتبات ألمانيا، ولا أدري إن كانت توجد في غير ألمانيا أو لا، وهذا الفهرس يوجد لدى المشرف على هذه الرسالة في مكتبته.
أما إذا كان السند إلى ابن عباس، وإلى سعيد بن جبير، هو سند الحديث المرفوع الذي أخرجه الترمذي، وهذا هو غالب ظني، فقد عرفتَ حاله، وأنه ضعيف لا يحتج به مع انفراده والله أعلم.
1 القرى لقاصد أم القرى/324.
وهنا ملاحظة وهي يمكن أن يرجع حديث سعيد إلى حديث ابن عباس، فإن حديث ابن عباس روي من طريق سعيد بن جبير.
تخريج الأحاديث التي أشار إليها الترمذي بقوله وفي الباب
حديث أنس:
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي"1: "لم أقف عليه" ا?.
وقد ذكره العراقي في "شرح سنن الترمذي"2، فقال: وحديث أنس رواه أبو الوليد الأزرقي في "تاريخ مكة"3، وأبو سعيد الفضل بن محمد الجندي في "فضائل مكة" من رواية عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوافان لا يوافقهما عبد مسلم إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، يغفر له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت؛ طواف بعد صلاة الفجر فراغه مع طلوع الشمس، وطواف بعد صلاة العصر فراغه مع غروب الشمس".
حديث ابن عمر: رواه الترمذي4 في باب ما جاء في استلام الركنين، وحسّنه، ولفظه:"من طاف بهذا البيت سبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة" لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله بها عنه خطيئة، وكتب له بها حسنة".
1 3/604.
2 3 ورقة 111 وجه/ب.
3 2/22 وقد قال أبو الوليد الأزرقي: حدثني جدي، عن عبد الرحمن ابن زيد العمى، عن أبيه عن أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب قالا:
…
الحديث.
4 سنن الترمذي 4/31 مع تحفة الأحوذي وأخرجه أيضاً ابن ماجة في سننه.
قال الشوكاني في "الفوائد المجموعة"1: "حديث من طاف أسبوعاً خالياً كان كعتق رقبة".
قال الصنعاني: "هو باطل لا أصل له، ولا عبرة بكون مثل هذه الأحاديث في "الأحياء" فهو لا يميز بين الصحيح والموضوع" ا?.
وقد أورده السيوطي في "الجامع الصغير"2 من رواية ابن ماجة، وأشار إلى ضعفه.
وقال المناوي3: قال ابن الجوزي حديث لا يصح4.
هذا وقد ذكر العراقي في "شرح سنن الترمذي"5 جملة من الأحاديث، مما لم يذكره الترمذي في الباب، مما يشترك في فضل الطواف والترغيب فيه، وكذا فعل قبله المنذري في "الترغيب والترهيب"6، والمحب الطبري في "القرى لقاصد أم القرى"7.
1 6/106-107 وانظر: المقاصد الحسنة/417 وقواعد في علوم الحديث للتهانوي/286 حاشية تعليقة رقم صلى الله عليه وسلم2) .
2 6/175 مع فيض القدير.
3 فيض القدير 6/175.
4 انظر: "قواعد في علوم الحديث" للتهانوي/282 وما بعدها.
5 3 ورقة 112 وجه/أ.
6 2/308 وما بعدها.
7 323 وما بعدها.