المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - سؤالات الترمذي للبخاري حول أحاديث في جامع الترمذي - جـ ٢

[يوسف بن محمد الدخيل]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌الحديث الثالث عشر: باب ما جاء في فضل شهر رمضان من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع عشر: باب ما جاء في العمل في أيام العشر من أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس عشر: باب ما جاء: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع عشر: باب ما جاء في فضل الطواف من كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّامن عشر: باب ما جاء "في الحج عن الشيخ الكبير والميت

- ‌الحديث التاسع عشر: باب ما جاء في المشي أمام الجنازة من كتاب الجنائز عن رسول الله صلى الله عليه سلم

- ‌الحديث العشرون: باب ما جاء في (أمرك بيدك) من كتاب الطلا ق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الحادي والعشرون: باب ما جاء فيمن زرع في أرض قوم بغير إذنهم من كتاب الحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّاني والعشرون: باب ما جاء في الغال ما يصنع به من كتاب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثّالث والعشرون: باب ما جاء في ثواب الشهداء من كتاب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع والعشرون: باب ما جاء في الصف والتعبئة عند القتال من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الخامس والعشرون: باب ما جاء في الألوية من كتاب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّادس والعشرون: باب ما ذكر من الشرب بنفسين من كتاب الأشربة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السّابع والعشرون: باب ما جاء في صفة أبواب الجنة من كتاب صفة الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثامن والعشرون: باب الأخذ بالسنة واجتناب البدعة من أبواب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث التّاسع والعشرون: باب ما جاء أن العطاس في الصلاة من الشيطان من كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثلاثون: باب عرضت علي ذنوب أمتي من كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله علسه وسلم

- ‌الحديث الحادي والثلاثون: باب ومن سورة التوية من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثاني والثلاثون: باب ومن سورة "ص" أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الثالث والثلاثون: باب ومن سورة الطور من أبواب التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌الحديث الخامس عشر: باب ما جاء في الفطر والأضحى حتى يكون من كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

3/156 سنن الترمذي

بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي

ص: 583

حدّثنا يحيى بن موسى حدثنا يحيى بن اليمان، عن معمر، عن محمد ابن المنكدر، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس".

كلام الترمذي على هذا الحديث

قال أبو عيسى: سألت محمداً قلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ قال: نعم، يقول في حديثه "سمعت عائشة".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

تخريج الحديث

أخرج الحديث سوى الترمذي:

الدارقطني في "سننه"1.

البغوي في "شرح السنة"2 بإسناده إلى الترمذي.

وفي هذا ردّ على العراقي، حيث قال في "شرح سنن الترمذي"3:"حديث عائشة هذا انفرد بإخراجه الترمذي" ا?. اللهم إلا أن يريد أنه انفرد به عن باقي الستة فنعم.

1 2/225.

2 6/247.

3 3 ورقة 13 وجه/أ.

ص: 585

حكم هذا الحديث

هذا الحديث اختلف في إسناده على معمر1:

فرواه عنه يحيى بن اليمان، عن محمد بن المنكدر، عن عائشة (فجعله من مسند عائشة) .

وخالفه يزيد بن زريع فرواه عنه عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة (فجعله من مسند أبي هريرة) .

ولا شك بأرجحية يزيد بن زريع، وتقديمه على يحيى بن اليمان، فإن يزيد أوثق، وأحفظ، وأتقن من يحيى، يدرك الفرق بينهما من وقف على ترجمتيهما في كتب الرجال.

فكون الحديث من "مسند أبي هريرة" هو الأقرب إلى الصحة والصواب إن شاء الله تعالى.

قال في "تهذيب التهذيب"2: يزيد بن زريع3 العيشي4، ويقال

1 معمر بن راشد الأزدي مولاهم أبو عروة البصري، نزيل اليمن، ثقة، ثبت، فاضل إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدّث به بالبصرة، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين أي ومئة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 2/266 وقد تقدمت ترجمته في الحديث الأول.

2 11/325-326.

3 بتقديم الزاي مصغراً "تقريب التهذيب" 2/364.

4 بتحتانية كما في "الخلاصة" للخزرجي/431.

ص: 586

التميمي، أبو معاوية البصري الحافظ.

روى عن: سعيد بن أبي عروبة، وشعبة، والثوري، وغيرهم.

وروى عنه: ابن المبارك، وابن مهدي، وابن المدني، وآخرون.

وقد لحقه ثناء عظيم من ذلك ما قاله أبو بكر الأسدي، عن أحمد:"إليه المنتهى في التثبت بالبصرة".

وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه:"كان ريحانة البصرة".

وقال أبو طالب عن أحمد: "ما أتقنه! وما أحفظه! يا لك من صحة حديث صدوق متقن! ".

وقال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين: "يزيد بن زريع الصدوق الثقة المأمون".

وقال إبراهيم بن محمد بن عرعرة: "لم يكن أحد أثبت من يزيد بن زريع"1.

وقال أبو حاتم2: "إمام ثقة".

وقال ابن سعد3: "كان ثقة حجة، كثير الحديث".

قال ابن حجر في "تقريب التهذيب"4: "ثقة، ثبت، من الثامنة،

1 تهذيب التهذيب 11/326.

2 الجرح والتعديل 4/2/265.

3 الطبقات الكبرى 7/289.

4 2/364.

ص: 587

مات سنة اثنتين وثمانين أي ومئة، روى له الجماعة".

وقال الخزرجي في "الخلاصة"1: "الحافظ أحد الأعلام".

وقد ترجمه الذهبي في "تذكرة الحفاظ"2 في الطبقة السادسة، فقال عنه:"يزيد بن زريع الحافظ الحجة محدّث البصرة".

فهذه النصوص ونحوها ناطقة بما كان يتمتع به يزيد من ثقة وإمامة وحفظ، وإتقان، مما يثبت أرجحيته، وذلك بالنظر إلى ترجمة يحيى بن اليمان التي جاء فيها كما في "تهذيب التهذيب"3، و"ميزان الاعتدال"4، و"المغني في الضعفاء"5، و"تاريخ بغداد"6، وغير ذلك.

يحيى بن يمان العجلي أبو زكرياء الكوفي. روى عن: أبيه، وهشام ابن عروة، والأعمش، وآخرين. وروى عنه: ابنه داود، وأبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، وابن معين وغيرهم.

قال حنبل بن إسحاق عن أحمد: "ليس بحجة".

1 /431.

2 1/256 وانظر في مصادر ترجمته أيضاً: "التاريخ الكبير" 4/2/335 و"التاريخ الصغير" 2/228، 230 و"تاريخ خليفة بن خياط"/456 و"الطبقات" لخليفة بن خياط/224 و"شرح علل الترمذي" لابن رجب/151، 369.

3 11/306-307.

4 4/416.

5 2/746.

6 14/120-124.

ص: 588

وعن ابن معين ثلاث روايات:

الأولى: قال إبراهيم بن الجنيد، عن ابن معين:"ليس يثبت لم يكن يبالي أي شيء حدّث، كان يتوهّم الحديث".

والثانية: قال عثمان الدارمي عنه: "أرجو أن يكون صدوقاً"1.

والثالثة: قال عبد الخالق بن منصور عنه: "ليس به بأس".

وقال يعقوب بن شيبة: "كان صدوقاً كثير الحديث، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط، وليس بحجة إذا خولف" وقال أيضاً: "يحيى بن يمان ثقة أحد أصحاب سفيان، وهو يخطئ كثيراً في حديثه".

وقال الآجرّي عن أبي داود: "يخطئ في الأحاديث ويقلبها".

وقال أبو بكر بن عياش: "ذاك راهب" يعني لعبادته.

وقال أبو بكر بن عفان الصوفي، عن وكيع:"ما كان أحد من أصحابنا أحفظ منه، ثم نسي فلا أعلم بالكوفة أحفظ من داود ابنه".

وقال ابن أبي شيبة: "كان سريع الحفظ سريع النسيان".

وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه: "صدوق، فُلِج، فتغير حفظه".

1 تتمة هذا في "تاريخ بغداد" 14/123 و"شرح علل الترمذي" لابن رجب/385 قلت: فكيف حديثه؟ قال: "ليس بالقوي". وذكر الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 14/122 بسنده إلى ابن الغلابي، قال: قال أبو زكريا يحيى بن معين: "ربما عارضت أحاديث يحيى بن يمان بأحاديث الناس فما خالف ضربت عليه

" ا?.

ص: 589

وقال ابن عدي1: "عامة ما يرويه غير محفوظ، وهو في نفسه لا يتعمد الكذب إلا أنه يخطئ، ويشبه عليه".

وقال ابن سعد2: "كان كثير الحديث كثير الغلط لا يحتج به إذا خولف".

وقال أبو حاتم3: "مضطرب الحديث في حديثه بعض الصنعة، ومحله الصدق".

وقال النسائي4: "ليس بالقوي".

وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب"5: "صدوق، عابد، يخطئ كثيراً، وقد تغير، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وثمانين أي ومئة، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأهل السنن الأربعة".

فأنت ترى أن الرجل ضعيف من قبل حفظه، فلا غرو إذا قدم عليه يزيد بن زريع، وهو ثقة ثبت. وأعتقد أنه لا يعوزك الاستدلال على خطئه وغلطه في الأحاديث، وذلك من خلال النظر في ترجمته، وقد قال ابن عدي

1 الجزء الرابع صفحة 479.

2 الطبقات الكبرى 6/391.

3 الجرح والتعديل 4/2/199.

4 الضعفاء والمتروكين للنسائي/109.

5 2/361 وانظر في مصادر ترجمته أيضاً: "التاريخ الكبير" 4/2/313 و"تاريخ خليفة بن خياط"/458 و"الطبقات" لخليفة بن خياط/172 و"المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان 1/721-722 و"الخلاصة" للخزرجي/429.

ص: 590

–كما مرّ-: عامة ما يرويه غير محفوظ. وهذا ويؤيد كون هذا الحديث مما أخطأ فيه يحيى فقلبه على معمر، أن أيوب1 السختياني، وروح بن القاسم2 وعبد الوارث3، رووه4 فتابعوا فيه معمراً، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة. ولا يخفى أن رواية هؤلاء الثقات الأثبات تعتبر متابعات قاصرة لرواية يزيد.

1 أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني -بفتح المهملة بعدها معجمة ثم مثناة ثم تحتانية وبعد الألف نون- أبو بكر البصري، ثقة، ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة، وله خمس وستون، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/89.

2 روح بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث: صلى الله عليه وسلمبالمعجمة والمثلثة) البصري، ثقة، حافظ، من السادسة، مات سنة إحدى وأربعين أي ومئة، أرّخه ابن حبان، روى له الجماعة إلا الترمذي. "المصدر السابق" 1/254.

3 عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، أبو عبيدة التنوري: -بفتح المثناة وتشديد النون- البصري، ثقة، ثبت، رمي بالقدر، ولم يثبت عنه، من الثامنة، مات سنة ثمانين ومئة، روى له الجماعة. "المصدر السابق" 1/527 وتصحيح الوفاة من تهذيب التهذيب 6/443.

4 أخرج حديث أيوب أبو داود في "سننه" 6/441 مع عون المعبود، وسكت عنه هو والمنذري "مختصر سنن أبي داود" 3/213 ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/317، وأخرجه أيضاً من غير طريقه في 5/175، وأخرجه الدارقطني في "سننه" 2/224 وأخرج حديث روح بن القاسم الدارقطني في "سننه" 2/225، وأخرج حديث عبد الوارث البيهقي في "السنن الكبرى" 4/251 مقروناً به روح.

ص: 591

والواقع أنه لا يمكن أن يقف أمام تلك الروايات ما انفرد به يحيى بمصداق كلام الترمذي، الذي قال فيه عن هذا الحديث:"غريب من هذا الوجه".

ولم يكن ذلك وحده عن رواية يحيى، فإنه بالإضافة إلى ما ذكره وقع شك في رفعها، فقد قال أحد الرواة عن يحيى في هذا الحديث، وهو أبو هشام الرفاعي –كما عند الدارقطني1-:"أظنه رفعه" هكذا على الشك فلم يدر أبو هشام هل رفعه يحيى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو وقفه على عائشة رضي الله عنها، وقد صوّب الدارقطني وقفه عليها. قال ابن حجر في "التلخيص الحبير"2:"صوّب الدارقطني وقفه في العلل".

وأبو هشام هذا هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي الرفاعي، الكوفي، قاضي المدائن، قال فيه ابن حجر في "تقريب التهذيب"3:"ليس بالقوي، من صغار العاشرة. وذكره ابن عدي في شيوخ البخاري، وجزم الخطيب بأن البخاري روى عنه، لكن قد قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه، مات سنة ثمان وأربعين أي ومئتين، روى له مسلم، وأبو داود، وابن ماجه".

1 سنن الدارقطني 2/225.

2 2/256.

3 2/219.

ص: 592

نعم أخرج الحديث بمعناه، وبزيادة في أوله البيهقي في "السنن الكبرى"1 من حديث سفيان الثوري، عن ابن المنكدر، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عرفة يوم يعرف الإمام والأضحى يوم يضحي الإمام، والفطر يوم يفطر الإمام". وهذا الحديث يعتبر متابعة قاصرة لرواية يحيى بن يمان، وهو لا شك يؤثر في كلام الترمذي السابق عن حديث يحيى "غريب من هذا الوجه".

ولكن الراوي عن سفيان محمد بن إسماعيل الفارسي يُغرِّب قاله ابن حبان في "الثقات"2.

وقد قال البيهقي عقب تخريجه للحديث: "ومحمد هذا يعرف بالفارسي، وهو كوفي قاضي فارس، تفرد به عن سفيان".

ونقل ابن حجر3 عن البيهقي أنه قال هنا: وهو ما لم أقف عليه في "السنن الكبرى": "ومحمد ابن المنكدر عن عائشة مرسل".

وإذا عاد الحديث إلى حديث أبي هريرة فهو منقطع؛ لأن ابن المنكدر4 لم يسمع من أبي هريرة، حيث كانت وفاة ابن المنكدر سنة

1 5/175.

2 انظر لسان الميزان 5/77.

3 التلخيص الحبير 2/256-257.

4 محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بالتصغير التيمي، المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة ثلاثين أي ومئة أو بعدها، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 2/210.

ص: 593

ثلاثين ومئة 130?1، وفي رواية أخرى سنة إحدى وثلاثين ومئة 131 ?2، وبلغ ستاً وسبعين سنة 76? فتكون ولادته على هذا سنة أربع وخمسين 54?، أو خمس وخمسين 55?.

واختلف في وفاة أبي هريرة من سنة سبع وخمسين إلى سنة تسع وخمسين أي على ثلاثة أقوال: روى ابن عيينة عن هشام بن عروة قال: "مات أبو هريرة وعائشة سنة سبع وخمسين"3، وفيها أرّخه خليفة4 وعمر بن علي، وأبو بكر البزار، وجماعة5.

وقال الهيثم بن عدي، وضمرة بن ربيعة، وأبو معشر: مات سنة ثمان وخمسين6. وقال الواقدي، وأبو عبيدة، وغيرهما: مات سنة تسع وخمسين7.

1 انظر: تاريخ خليفة بن خياط/ 395 وتهذيب التهذيب 9/474.

2 انظر: التاريخ الصغير للبخاري 2/32.

3 سير أعلام النبلاء 2/448 وتهذيب التهذيب 12/266.

4 التاريخ/225.

5 تهذيب التهذيب 12/266.

6 الإصابة 4/210.

7 المصدر السابق الجزء والصفحة وتهذيب التهذيب 12/266 والذي فيهما أبو عبيد صوابه أبو عبيدة معمر بن المثنى كما في "سير أعلام النبلاء" 2/135.

ص: 594

قال ابن حجر1: "زاد الواقدي وهو ابن ثمان وسبعين سنة وهو صلى على عائشة في رمضان سنة ثمان وخمسين، وعلى أم سلمة في شوال سنة تسع وخمسين، ثم توفي بعد ذلك فيها". قال الذهبي2: "قلت: الصحيح خلاف هذا".

قال ابن حجر3: "قلت: هذا من أغلاط الواقدي الصريحة؛ فإن أم سلمة بقيت إلى سنة إحدى وستين، وثبت في صحيح مسلم ما يدل على ذلك، كما في ترجمتها، والظاهر أن التي صلى عليها ثم مات معها في السنة هي عائشة، كما قال هشام بن عروة: أنها ماتا في سنة واحدة".

قال ابن حجر في "الإصابة في تمييز أسماء الصحابة"4: "والمعتمد في وفاة أبي هريرة قول هشام بن عروة5".

وعلى هذا يكون ابن المنكدر أدركه وله من العمر سنتان أو ثلاث، مما لا يمكن معه سماع.

1 تهذيب التهذيب 12/266.

2 سير أعلام النبلاء 2/448.

3 تهذيب التهذيب 12/266.

4 4/210.

5 هكذا رجح ابن حجر هنا أما في "تقريب التهذيب" 2/484 فإنه حكى الأقوال من غير ترجيح.

ص: 595

وقد قال ابن معين1 وأبو بكر البزار2:"لم يسمع من أبي هريرة".

وقال أبو زرعة3: "لم يلقه".

وإذا كان الأمر كذلك فلم يسمع من عائشة أيضاً؛ لأنها ماتت قبل أبي هريرة، وبذلك جزم ابن حجر في ترجمة ابن المنكدر من "تهذيب التهذيب"4، وقد اعتمد ابن حجر في سنة وفاتها، على قول هشام بن عروة فقال في "تقريب التهذيب"5 في ترجمتها:"ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح".

ويفهم من كلامه هذا أنه مختلف في سنة وفاتها، وهو كذلك فقد قيل6: أنها توفيت سنة ثمان وخمسين ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان.

1 التاريخ 2/446 وانظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم/189 و"جامع التحصيل في أحكام المراسيل" 2/655 و"تهذيب التهذيب" 9/474.

2 انظر: تهذيب التهذيب 9/474.

3 انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم/189 و"جامع التحصيل في أحكام المراسيل" 2/655 و"تهذيب التهذيب" 9/474.

4 9/474.

5 2/606.

6 انظر: "سير أعلام النبلاء" 2/135 و"الإصابة في تمييز أسماء الصحابة" 4/361 و"تهذيب التهذيب" 12/43.

ص: 596

هذا ونقل ابن حجر عن ابن سعد ما يفيد عدم لقيه لعائشة فقال1: وأخرج ابن سعد من طريق أبي معشر قال: دخل المنكدر على عائشة رضي الله عنها فقال: إني قد أصابتني جائحة فأعينيني، فقالت: ما عندي شيء لو كان عندي عشرة آلاف لبعثت بها إليك، فلما خرج من عندها جاءتها عشرة آلاف من خالد بن أسد، فقالت: وما أوشك ما ابتليت، ثم أرسلت في أثره فدفعتها إليه، فدخل السوق فاشترى جارية بألف درهم فولدت له ثلاثة فكانوا عباد أهل المدينة محمد، وأبو بكر، وعمر.

قال ابن حجر: "وإذا كان كذلك فلم يلق عائشة؛ لأنها ماتت قبله".

وإذا تقرر ذلك فإن مما يدعو للتوقف ما نقله الترمذي هنا عن شيخه البخاري من إثبات سماع ابن المنكدر من عائشة رضي الله عنها، حيث قال الترمذي: سألت محمداً. قلت له: محمد ابن المنكدر سمع من عائشة؟ قال: نعم يقول في حديثه سمعت عائشة.

ولا أكتم للقارئ أنني بقيت حائراً أمام هذه المسألة التي أرى أنها من المسائل العويصة؛ نظراً لأن البخاري يثبت فيها أمراً تنفيه سائر المصادر2.

1 تهذيب التهذيب 9/475 وانظر: "الطبقات الكبرى" 5/28 و"سؤالات السلمي" للدارقطني ورقة صلى الله عليه وسلم15) .

2 يلاحظ عدم تعرّض ابن أبي حاتم في كتابه "المراسيل" والعلائي في كتابه "جامع التحصيل" لسماع ابن المنكدر من عائشة رضي الله عنها مع أن كلا منهما أورد ابن المنكدر في كتابه.

ص: 597

وإذا كان البخاري واحداً في هذا الأمر، ويجوز عليه الوهم والخطأ، حتى إنه ألف ابن أبي حاتم كتاباً في بيان خطأ البخاري في تاريخه، وكذا ألف الخطيب البغدادي "موضع أوهام الجمع والتفريق"، وهو في بيان أوهام البخاري في تاريخه بالنسبة لهذا النوع، فإن من الصعوبة بمكان توهيم البخاري أو إلصاق الخطأ به قبل التثبت والتأكد، وتجميع الأدلة، فالبخاري ليس رجلا عادياً. ورد عنه أنه قال1:"قَلّ اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة".

والواقع أنني قمت أول ما قمت بالتأكد والتثبت من نقل الترمذي عن البخاري، وقد تحققت من صحته فهو موجود في نسخة العراقي مع شرحه2 لسنن الترمذي، وذكره ابن حجر في كتابين من كتبه.

أحدهما: "تهذيب التهذيب"3: وفيه أثبت عقب ذكره أن ابن المنكدر لم يلق عائشة رضي الله عنها.

الثاني: "التلخيص الحبير"4: وفيه علق إمكان سماع ابن

1 هدي الساري مقدمة فتح الباري.

2 3 ورقة 64 وجه/ب.

3 9/474.

4 2/257 أما في "بلوغ المرام"/112 فأنه اكتفى بإيراد الحديث معزواً للترمذي، وسكت عنه وانظر: سبل السلام 2/63

ص: 598

المنكدر من أبي هريرة على ثبوت سماعه من عائشة؛ لأن أبا هريرة مات بعدها.

ثم هذا النقل جاء في كتاب "العلل الكبير"1 للترمذي، فقد أدخل فيه هذا الحديث، ويبدو أنه أدخله فيه من أجل سماع ابن المنكدر من عائشة، وقد جاء كلام البخاري حوله بصورة أكمل وأوضح، مما فتح لنا باباً في الجواب عنه، فقد قال الترمذي الذي أراد أن يتثبت من شيخه في سماع ابن المنكدر من عائشة:

سألت محمداً عن هذا الحديث؟ وقلت له: محمد بن المنكدر سمع من عائشة؟ فقال: نعم. روى مخرمة بن بكير عن أبيه2، عن محمد المنكدر قال: سمعت عائشة. فالبخاري يبدو هنا واضحاً، حيث يقرن الجواب بدليله، كما هي عادة علمائنا من سلفنا الصالح، فمستنده على إثبات سماع ابن المنكدر من عائشة هذا الإسناد الوحيد الذي ساقه، والذي فيه التصريح بسماع ابن المنكدر من عائشة.

وإذا تبيّن ذلك فإنني رجعت إلى مصادر ترجمة ابن بكير فوجدت

1 ورقة 24.

2 بكير بن عبد الله بن الأشج مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو يوسف، المدني، نزيل مصر، ثقة، من الخامسة مات سنة عشرين أي ومئة وقيل بعدها، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 12/108.

ص: 599

فيها ما يدل على ضعف هذا الإسناد، وعدم الاعتداد به في إثبات سماع ابن المنكدر من عائشة؛ لأن ابن بكير روى عن أبيه وجادة لم يسمع منه، فلم يحتج العلماء بمروياته عنه.

قال أبو طالب1: سألت أحمد عن مخرمة؟ فقال ثقة ولم يسمع من أبيه شيئاً، إنما يروي من كتاب أبيه، وقال ابن أبي خيثمة2: قلت لابن معين: مخرمة بن بكير؟ فقال: وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه.

وقال الدوري عن ابن معين3: مخرمة ضعيف الحديث ليس حديثه بشيء، يقولون: إن حديثه عن أبيه كتاب ولم يسمعه منه.

وقال أبو داود4: لم يسمع من أبيه إلا حديثاً واحداً، وهو حديث الوتر.

وقال سعيد بن أبي مريم5: سمعت خالي موسى بن سلمة قال: أتيت مخرمة بن بكير فسألته يحدثني عن أبيه قال: ما سمعت من أبي شيئاً إنما هذه كتب وجدناها عندنا عنه، ما أدركت أبي إلا وأنا غلام، وفي لفظ: لم

1 تهذيب التهذيب 10/70 والجرح والتعديل 4/1/363.

2 تهذيب التهذيب 10/70.

3 انظر: ميزان الاعتدال 4/81 وتهذيب التهذيب 10/70 والجرح والتعديل 4/1/364.

4 انظر: تهذيب التهذيب 10/70.

5 ميزان الاعتدال 4/81.

ص: 600

أسمع من أبي وهذه كتبه. وقال ابن حبان1: يحتج بحديثه من غير روايته عن أبيه؛ لأنه لم يسمع من أبيه. وقال ابن حجر في تقريب التهذيب2: "مخرمة3". بن بكير4 بن عبد الله بن الأشج أبو المسور المدني، صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه. قاله أحمد، وابن معين، وغيرهما. وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلا، من السابعة مات سنة تسع وخمسين أي ومئة، روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي. فلا شك أن هذه النصوص والنقول عن هؤلاء العلماء الكبار فيما يتعلق بأحاديث ابن مخرمة عن أبيه تضعيف الثقة بالإسناد الذي أتى به البخاري، والذي قصد من ورائه إثبات سماع ابن المنكدر من عائشة، وكما سبق أن الصواب في هذا الحديث أنه من مسند أبي هريرة لا من مسند عائشة، وأن الأدلة على عدم سماع ابن المنكدر من عائشة.

أما تحسين الترمذي للحديث من هذا الوجه، أو تصحيحه له كما في بعض النسخ5 فإنه –كما يبدو- إنما هو اعتماد على إجابة البخاري

1 انظر تهذيب التهذيب 10/71.

2 2/234.

3 بفتح فسكون ففتح.

4 بالتصغير.

5 انظر: سبل السلام وسلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ عند الحديث رقم صلى الله عليه وسلم224) وكتاب هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخاصة/30 ووقع عند العراقي من شرحه لسنن الترمذي صلى الله عليه وسلم3) ورقة صلى الله عليه وسلم64) وجه/ب: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".

ص: 601

له، وقد عرفت ما فيها ولله الحمد.

ولا يخفى أن الذهبي ترجم للسيدة عائشة رضي الله عنها في "سير أعلام النبلاء" بترجمة طويلة جداً، وقد سرد فيها الرواة عنها، ومنهم محمد ابن المنكدر، فقال1:"ومحمد بن المنكدر وكأنه مرسل".

هذا وقد جاء حديث عائشة رضي الله عنها من غير طريق ابن المنكدر موقوفاً عليها، أخرجه البيهقي في السنن الكبرى2 من طريق أبي حنيفة3، قال: حدثني علي بن الأقمر4 عن مسروق5، قال: "دخلت على عائشة يوم عرفة فقالت: اسقوا مسروقاً سويقاً،

1 2/11.

2 4/252.

3 النعمان بن ثابت الكوفي أبو حنيفة الإمام يقال أصله من فارس، ويقال مولى بني تميم، فقيه مشهور، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة على الصحيح، وله سبعون سنة، روى له الترمذي، والنسائي. "تقريب التهذيب" 2/303.

4 علي بن الأقمر بن عمرو الهمداني -بسكون الميم وبالمهملة- الوادعي -بكسر الدال وبالمهملة- أبو الوازع، كوفي، ثقة، من الرابعة، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 2/32.

5 مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي، أبو عائشة، الكوفي، ثقة، فقيه عابد مخضرم، من الثانية مات سنة اثنتين، ويقال سنة ثلاث وستين، روى له الجماعة "تقريب التهذيب" 2/242.

ص: 602

وأكثروا حلواه، قال: فقلت: إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون يوم النحر، فقالت عائشة: النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس".

قال الألباني1 "قلت: وهذا سند جيد بما قبله2، كما جاء حديث عائشة أيضاً من غير طريق ابن المنكدر مرفوعاً بإسناد تالف". ا?. أخرجه الشافعي في "مسنده"3 عن شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى قال حدثني عبد الله عن عطاء بن إبراهيم مولى صفية بنت عبد المطلب عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، فإبراهيم –كما سبق في الحديث الثالث- رماه الأكثرون بالكذب، وعطاء بن إبراهيم مولى صفية بنت عبد المطلب لم أعرفه، حيث لم أقف له على ترجمة في المصادر التي رجعت إليها، فاتضح من ذلك أن هذا الحديث بهذا الإسناد لا تقوم له قائمة.

وإذا كان حديث أبي هريرة رضي الله عنه منقطعاً؛ لأن ابن المنكدر لم يسمع منه كما سلف، وقد قال ابن عيينة4:"ما رأيت أحداً أجدر أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسأل عمن هو من ابن المنكدر" يعني

1 سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/عند الحديث رقم صلى الله عليه وسلم224) .

2 الذي يبدو أن هذا الحديث روي إلى مسروق بأسانيد أخري مع اختلاف يسير في اللفظ. انظر: "مجمع الزوائد" 3/189 و"الترغيب والترهيب" 2/169.

3 8/361 مع الأم.

4 تهذيب التهذيب 9/475 وانظر: التاريخ الكبير 1/1/220.

ص: 603

aq لتحريه، فإنه ورد من وجه آخر بزيادة جملة في أوله، أخرجه الترمذي في موضع آخر1 عن إسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري2، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون". قال الترمذي عقبه: " هذا حديث غريب حسن، وفسّر بعض أهل العلم

1 سنن الترمذي 3/382 مع تحفة الأحوذي، ومن طريقه أخرجه البغوي في "شرح السنة" 6/248، وأخرجه الدارقطني في "سننه" 2/164. أما أبو داود فإنه لم يخرجه في "سننه" من هذا الوجه كما يفهم من كلام المباركفوري في "تحفة الأحوذي" 3/383، وانظر: منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار 3/353. قال العراقي في "شرحه لسنن الترمذي" صلى الله عليه وسلم3) ورقة صلى الله عليه وسلم13) وجه/أ "حديث أبي هريرة انفرد بإخراجه المصنف صلى الله عليه وسلميعني عن باقي الستة) وحكم عليه بالغرابة، والحسن، ولم يرتفع به إلى درجة الصحة، وإن كان رواته ثقات، ولعثمان بن محمد الأخنسي عند المصنف ثلاثة أحاديث صحح منها حديثين وهما: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"، وحديث "إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة"، واقتصر في حديث الباب على الغرابة والحسن، كما في روايتنا من طريق الكروخي، لكن في رواية ابن المبارك عند الحباب الصيرفي "حسن غريب" وقد وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال علي بن المديني: روى عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مناكير، والأخنسي -بالخاء المعجمة والنون والسين المهملة- نسبة إلى جد أبيه، فإنه عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس بن شريف الثقفي".

2 سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبري أبو سعد المدني ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين، وروايته عن عائشة، وأم سلمة مرسلة، مات في حدود العشرين أي ومائة، وقيل قبلها، وقيل بعدها، روى له الجماعة. "تقريب التهذيب" 1/297.

ص: 604

هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس".

قال الألباني1: قلت: وإسناده جيد، رجاله كلهم ثقات، وفي عثمان ابن محمد، وهو ابن المغيرة بن الأخنس كلام يسير، وقال الحافظ في "التقريب"2:"صدوق له أوهام".

وعبد الله بن جعفر هو ابن عبد الرحمن بن المسور المخرمي المدني3، وهو ثقة، روى له مسلم. وإسحاق بن جعفر بن محمد هو الهاشمي الجعفري وهو صدوق، كما في "التقريب"4، وقد تابعه أبو سعيد مولى بني هاشم5 وهو ثقة من رجال البخاري قال: ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي به دون الجملة الوسطى "والفطر يوم تفطرون"، أخرجه البيهقي في "سننه"6.

قال العراقي في "شرح سنن الترمذي"7: ولم ينفرد به الأخنسي

1 سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/ عند الحديث رقم صلى الله عليه وسلم224) .

2 2/14.

3 انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" 5/171.

4 1/56.

5 انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" 6/209.

6 4/252.

7 3 ورقة 13 وجه/أ.

ص: 605

فقد رويناه في "سنن الدراقطني"1 من رواية محمد بن عمر، قال: ثنا داود ابن خالد وثابت بن قيس ومحمد بن مسلم جميعاً، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون".

ومحمد بن عمر هو الواقدي. ثم رواه من رواية الواقدي، عن عبد الله بن جعفر الزهري بلفظ ثم قال: الواقدي ضعيف وتعقبه القاضي أبو بكر بن العربي بقوله: "الواقدي ومحمد بن إسحاق إمامان عظيمان تقيان قويان، ومحمد بن إسحاق أكبر من محمد بن عمر فلا وجه لتضعيف القوي

". قلت (القائل العراقي) : الواقدي إمام في السير، ضعيف في الحديث، وأنى نقبل توثيق ابن العربي الذي لم يعاصره، ويخبر رواياته، والجمهور لم يقبلوا توثيق من عاصره، فقد وثقه أبو عبيد، ومصعب ابن عبد الله الزهري، ومحمد بن إسحاق الصنعاني؛ وذلك لأن الجرح مقدم إذا فسّر، لاسيما إذا فسّر بالكذب، ووضع الحديث.

قال فيه أحمد: هو كذاب يقلب الأخبار، يقلب حديث ابن أخي الزهري على معمر ونحوه.

وقال علي بن المديني، وأبو حاتم، الرازي، والنسائي: يضع الحديث.

وقال البخاري وأبو حاتم أيضاً: متروك.

وقال ابن معين: ليس بثقة.

1 2/164.

ص: 606

وقال علي بن المديني: لا أرضاه في الحديث، ولا في الأنساب، ولا في شيء.

وقال صاحب الميزان: استقرّ الإجماع على وهن الواقدي1.

ولم يقنع الواقدي بروايته عن أصحاب المقبري حتى ألصقه على مالك بإسناد آخر، فقال أبو أمية الطرسوسي، ثنا الواقدي، قال: ثنا مالك وابن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون".

وهذا لا يعرف من حديث مالك أصلا إلا من طريق الواقدي.

1 انظر: دفاع عن الحديث النبوي والسيرة للألباني/21 فقد وجه الأنظار إلى عدم الاغترار بما ذهب إليه ابن سيد الناس في مقدمة كتابه "عيون الأثر" من توثيق الواقدي، قال:"فإنه خلاف ما عليه المحققون من الأئمة قديماً وحديثاً، ولمنافاته علم المصطلح الذي ينص على وجوب تقديم الجرح المفسَّر على التعديل. قال: وأي جرح أقوى من الوضع" ا?. قد تقدمت ترجمة الواقدي في الحديث الثاني عشر وستأتي في الحديث الرابع والعشرون إن شاء الله تعالى.

ص: 607