الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معها معركة (بوفريك - أو بوفاريك) وأفادت القوات الإفرنسية من تفوقها بقدر ما استثمرت سوء تنظيم القوات المهاجمة فتمزقت قوات (ابن زعمون) تمزقا لم يتمكن معه قائدها من إعادة تنظيمها، مما أغضبه، فقرر الانسحاب والاعتزال في منزله (في فليسة) وامتنع بعد ذلك عن المشاركة بأي عمل. أما رفيق جهاده (سيدي السعدي) فقد انضم بعد ذلك إلى الأمير (عبد القادر).
ج - سيدي السعدي والجهاد
كان (سيدي السعدي) من أسرة كبيرة من المرابطين المقيمين في الجزائر. اشتهر بين قومه بالتقى والشجاعة، وأسهم بقدر غير قليل في إثارة القبائل ضد أعداء الدين، وفي التحريض على الجهاد وطلب الشهادة في سبيل الله، وأمكن له تحقيق نجاح في مسعاه بفضل ما عرف عنه من الصدق والإخلاص. وقد خرج من الجزائر بمجرد دخول القوات الإفرنسية إليها، وأقام بين قومه المرابطين في (سهل المتوجه - المتيجة) داعيا للثورة. ووجد في (ابن زعمون) كفاءة قيادية جيدة، وإخلاصا في القتال. فمضى لدعمه وتأييده. وبفضل دعوته وتأثيره، هاجم (عرب متيجة) المنتشرين في الفحص (الضواحي) المزارعين الأوروبيين الذين أخذوا في احتلال السهل والاستقرار فيه. وقد قتلوا أعدادا كبيرة منهم، واضطروهم إلى الفرار واللجوء إلى العاصمة. وكان لهذه الأحداث أثر على الأوروبيين الذين تزايد خوفهم وقلقهم فغادروا مزارعهم. وانتقل الخوف إلى (مدينة الجزائر) فأغلق الأوربيون متاجرهم ومؤسساتهم، وأخذوا في التفكير بالعودة إلى أوروبا، حاملين معهم ما أمكن لهم الحصول عليه من الغنائم والثروات. وساد الاعتقاد بأنه من الصعب مقاومة
هذه الثورة الشاملة، وظهر لفترة بأن المستعمرة الوليدة - الجزائر - قد ولدت وهي ميتة. واستمر (الحاج سعدي) في تجواله بين القبائل داعيا إلى الثورة العامة وعلم القائد الإفرنسي بتحركات (السعدي) بين القبائل، وانضمام كل شيوخ القبال إلى الثورة بفضل تأثيره من جهة، وبفضل جرائم الاستعمار من جهة أخرى، إذ اتهم الإفرنسيون (قبيلة العوفية) بالاعتداء على وفد فرحات بن سعيد (الذي جاء يطلب التعاون مع الإفرنسيين) وقاموا بالهجوم على هذه القبيلة ليلا، في 7 نيسان - أبريل - 1832م وأبادوها عن آخرها. وحاكموا شيخها (الربيعة) وأعدموه، رغم براءة القبيلة من هذه الحادثة، وبالرغم من سلوك شيخ قبيلة العوفيه سلوكا سالما، وحمله هدية إلى القائد الإفرنسي (دورو فيغو) وزاد هذا الحادث من سخط القبال على الإفرنسيين، حتى أن (آغا العرب الحاج محيي الدين)(1) الذي عينه الإفرنسيون، لم يلبث أن انضم إلى الثوار، وترك لهم حرية الدعوة للجهاد في (القليعة) مقر أسرته. وقرر القائد العام الإفرنسي القضاء
(1) كان الجنرال (برتزين) في سنة 1831 يحاول مهادنة العرب، فاستنصح حضر مدينة الجزائر، فنصحوه بتعيين الحاج (محيي الدين بن الصغير بن سيدي علي مبارك - في منصب - آغا العرب في سهل متيجة. وكان قائد الحملة الأول (دوبورمون) قد عين (الحاج ابن عمر) في منصب الباي، وعين ابنه (حمدان بن أمين السكة - منصب آغا العرب - وأثناء حملة الإفرنسين على المدية (تشرين الثاني - نوفمبر - 1830) كلف الإفرنسيون (آغا العرب حمدان) بمراقبة العرب في سهل متيجه. غير أن هذا ترك العمل والتزم في منزله معتكفا، وعندما أراد الإفرنسيون صب نقمتهم عليه حاول خداعهم، فعزله كلوزول في 7 كانون الثاني - يناير - 1831، وألغى منصب (الآغا) وأرسل حمدان منفيا إلى فرنسا. ثم عينت فرنسا ضابطا في منصب آغا العرب (العقيد ماندري). وبعد ذلك تم تعيين (محيي الدين بن الصغير) في هذا المنصب في محاولة لتهدئة (الثورة في سهل متيجة).