المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 5 -رسائل وثائقية(للحاج أحمد باي قسنطينة) - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ٣

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول

- ‌ الموقف في دار الخلافة العثمانية

- ‌ محمد علي باشا في مصر

- ‌ معركة نافاران

- ‌الفصل الثاني

- ‌ ذريعة الاستعمار (البراغماتية)

- ‌ عشية ليل الاستعمار

- ‌ بدايات المقاومة

- ‌أ - فئات من المجاهدين

- ‌ب - ثورة ابن زعمون:

- ‌ج - سيدي السعدي والجهاد

- ‌د - ثورة الآغا محيي الدين بن المبارك

- ‌هـ - بومزراق - باي تيطري:

- ‌و- الحاج أحمد (باي قسنطينة):

- ‌ز - حمدان خوجة والصراع السياسي:

- ‌ حمدان عثمان خوجة:

- ‌ أحمد بوضربة:

- ‌ المفتي الحنفي سيدي محمد بن العنابي:

- ‌ الإدارة الإفرنسيةوتكوين وحدات خاصة

- ‌ الإدارة الإفرنسية(من التردد إلى التصميم)

- ‌الفصل الثالث

- ‌ في النظرية الاستعمارية

- ‌ في الجهاد والمقاومة

- ‌قرءات

- ‌ 1 -قصة اليهودي ومروحة دوفال

- ‌ 2 -نداء (دوبرمون) إلى أهل الجزائرعشية الغزوة الصليبية الإفرنسية

- ‌ 3 -معاهدة الاستلام التي وقعها داي الجزائر(حسين باشا) يوم 4 تموز (يوليو) 1830 م

- ‌ 4 -من تقرير اللجنة الإفريقية(سنة 1833)

- ‌ 5 -رسائل وثائقية(للحاج أحمد باي قسنطينة)

- ‌المراجع الرئيسية للبحث

- ‌الفهرس

الفصل: ‌ 5 -رسائل وثائقية(للحاج أحمد باي قسنطينة)

-‌

‌ 5 -

رسائل وثائقية

(للحاج أحمد باي قسنطينة)

ما أن سقطت العاصمة الجزائر تحت سيطرة قوات الغزو الإفرنسي، حتى أخذ الحاج أحمد باي قسنطينة على عاتقه قيادة الجهاد في سبيل الله في إقليمه، ومضى مستنفرا الهمم، منظما للقدرات والإمكانات، موجها القوى لأعمال القتال، عاملا على إدارة الحرب، منظما للعلاقات الجديدة، حريصا على صراع الأعداء سياسيا وعسكريا، محافظا في كل ذلك على نقل الموقف بأمانة إلى السلطات العليا في دار الخلافة (إستانبول) فكانت رسائله وثائق تاريخية تصور الموقف بدقة، يوم اجتاحت قوات الاستعمار الإفرنسي دار الإسلام في الجزائر. ويمكن في هذا المجال اقتطاع مقتطفات من تلك الرسائل المتشابهه أحيانا في مضمونها، والهادفة أبدا لتحقيق الغاية الواحدة: الحصول على دعم إقليم قسنطينة حتى يتمكن من مجابهة (الحملة الصليبية):

1 -

وفي رسالة أحمد باي قسنطينة إلى الصدر الأعظم بتاريخ 20 ربيع الأول 1251 هـ: المصادف يوم الخميس 16 تموز -

ص: 190

يوليو - 1835. جاء ما يلي (1):

(أنه تقرر في شريف علمكم ما قد حل بساحة قطرنا من المحن وتراكم الأهوال، واشتعال نار الفتنة عند دخول الإفرنسيين للجزائر دار الإسلام، وتشتت حال المسلمين، الذين هربوا بدينهم لا يدرون أين يذهبون، وصاروا في حيرة وشدة، لكون متولي أمرهم أخطأ في تدبيره، ولم يعلم أحدا من عماله وجنوده، واشترط على العدو نجاة نفسه وأهله وماله وترك المسلمين في حيرة عظيمة، فكبسهم العدو على غرة، إذ لم يكن لهم استعداد ولا عدة فاستولى عليهم الأعراب، واستحلوا منهم ما دون أنفسهم. وكنا ممن حضر وقت جباية المال بغير عدة قوية من الرجال، فقمنا بإعانة الله، وجمعنا شتاتهم، وحاربنا عدوهم، وما سلكنا بهم الطريق إلا بعد شدائد وأهوال حتى بلغوا محل الأمن من البلاد، وقهرنا أهل الشر والفساد، وبذلنا في سبيل الله وطاعتكم أنفسنا، ومالنا المخلف عن أسلافنا، وكسرنا شوكة أهل الفتن، الموقدين نارها، الخائضين تيارها، وجلبنا الرعية بالبذل الكثير والرفق والإحسان، وأسقطنا عنهم جميع المظالم السالفة والبدع الشاقة الباطلة، واكتفينا منهم بالقانون الشرعي، فطابت نفوسهم، وقرت عيونهم وسكن روعهم، ثم أمرناهم بالاستعداد والوقوف في حراسة الوطن والحذر من مكر أهل الكفر، وما زلنا على تلك الحال، باذلين النفس والمال، حيث أن الدخل الشرعي أقل من خرج ما يلزم صرفه في الجيوش والجند الكثير الوافر، ونحن واقفون به بعون الله وعزه

(1) نقلت هذه الرسائل عن (خط همايون) ونشرت بكاملها في نشرة (أبطال المقاومة الجزائرية - الصادرة عن المركز الوطني للدراسات التاريخية بإشراف أحمد توفيق المدني. الجزائر - 1976) كما كانت قد نشرت في مجلة التاريخ رقم 4 - نوفمبر - 1976.

ص: 191

ونصره في عين الكافر. منقادين لطاعة الدولة الخاقانية، وخدمة المملكة العثمانية، نأمر بها البوادي وأهل الحاضر، معلنين بذكر اسمه الشريف في الخطب والدعاء الصالح على المنابر، مستيقظين لأحوال الرعية، والحكم بينهم بالسوية، وتسديد شأن أهل الملة الإسلامية، والوقوف عند حدود الشريعة المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية. غير أننا في ضيق وهم وكرب وغم من تعذر الطرقات البرية والمسالك البحرية التي حالت بيننا وبين التوصل والوصول بأخبارنا، وإنما أعرض حالنا إلى الحضرة السعيدة، ولو كان بيدنا أقرب المرامي إلينا (مثل عنابة) لكان حبلنا متصلا بمقامكم وودنا متأكد عندكم وخدمتنا مستحسنة بين يديكم ونحن الآن لا يتهيأ لنا إرسال مكتوب إلا بالحيلة والتلطف والوسيلة، فانظروا أعزكم الله في شأن من هو عاكف على الطاعة ملازم للخدمة. فإن الأمور مرجعها إليكم، وشرح حالنا لا يخفى عليكم والسلام ختام).

2 -

ووجه أحمد باي قسنطينة رسالة إلى الصدر الأعظم نامق باشا في 2 ربيع الأول 1253هـ - الموافق يوم الثلاثاء 6 حزيران -يونيو - 1837 م. وهي رسالة أقرب إلى الإنذار، وفيها ما يلي بعد الدياجة:

(لا يخفاكم ما حل بقطرنا ونزل بساحنا من تراكم الأهوال منذ ذهبت الجزائر إلى الآن، وقد كابدت جميعها، وقواني الله عليها. وتحملت المشاق العظام والشدائد التي لا يطيقها أحد من الأنام، كل ذلك لرفع منار الدين وإظهار طاعة أمير المؤمنين، وتماديت على ذلك منتظرا الفرج وإزاحة الحرج على يدكم. ولما قدم سفير الدولة

ص: 192

السيد كامل بايك، عرفته بأمورنا، وكتبت معه عرض الحال لسيدنا أدامه الله للأنام، وكذلك مكاتبي ورسلي لم ينقطعا عن السيد طاهر باشا بتفصيل حالنا، وإنهاء جميع ما عندنا، وإلى الآن لم يصلنا جواب، وقد طال علينا الحال، وتواترت الأهوال، خصوصا حيث كان عدو الدين في طلبنا، فلا راحة لنا منه إلا بسطوتكم،

وواجب عليكم أن تشيروا علينا، وتجبروا صدعنا

وإن لم ترفعوا بطرفكم الأعز هذا الجانب كان عرضة للتلف والمصائب ويسألكم الله عنا

وعليكم إبلاغ خبرنا مع طوائف الكفار، ومعاشر البغاة الفجار).

3 -

ووصف أحمد باي قسنطينة سقوط المدينة في قبضة الإفرنسيين، والمقاومة الضارية للمسلمين في رسالته التي وجهها إلى (حسين باشا) وإلى طرابلس الغرب في 15 رجب 1253 هـ الموافق ليوم الأحد 15 تشرين الأول - أكتوبر - 1837 م والتي جاء فيها بعد الديباجة:

(لا يخفاكم أمرنا مع الإفرنج وعدم متابعته له في مرامه، من أن أكون تحت طاعته ومن إيالته ورعيته، فلما يئس منا أتانا في عام اثنين وخمسين. ومائتين وألف - قاصدا هلاك الإسلام وخراب البلد - بين الأنام بجيوش كثيرة، فحمانا الله تعالى منه، ورجع بالويل والبؤس بعد أن قطعت منه آلاف الرؤوس، فزاد غضبا على غضبه، وشكا لجنده وحزبه، وأتانا في العام التالي بجيش وعدة أكثر من الأولى، فتهيأنا للقتال، امتثالا للكبير المتعال، فحاصر البلد ثمانية أيام بلياليها، وتكلم مدفعه حواليها، فألفى رجالها كالأسود، راغمين العدو الحسود، جزاهم الله عن دينهم خيرا، لقد أذاقوه السم الأمر، فالتفت بالرمي على السور، إلى أن لم يبق منه إلا القليل، وأهل المدينة

ص: 193

بين جريح وقتيل، فهجم عليهم بالدخول لأنني من خلفه بأهل الإيمان أقطعناه المأمول، فلما وجد أهل الإيمان وهنوا من الضرب والطعن ما ونوا، دخل، وكان أمر الله قدرا مقدورا

وقد قتل بعد الدخول من أهل الإيمان كثيرا

وها أنا الآن بالبادية في غاية السلامة

وقد اجتمع علينا خلق كثير لا يحصي عددهم إلا الله تعالى، قاصدين إعزاز دينهم، وقد كاتبنا المولى الأعظم السيد قبطان باشا ليعملوا لنا تأويلا إن كان غرضهم نصر الدين المحمدي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، وإعزاز هذا الإقليم بين الأنام، وإلا يأمرونا بالقدوم إليهم، ويعينوا لنا طريقا مأمونا، لأموت بين أيديكم عزيزا، ولا أرضى بالمذلة، لأننا إن مكثنا بالبادية، وطال الأمر علينا، يحصل لهم الملل، والوطن دخلته رائحة الكفر، وأهل البوادي ضعفاء القلوب، لا سيما وأن (ابن محيي الدين - الأمير عبد القادر) منهم وهو الآن في إعانة العدو. فلا بد أيها السيد الجليل أن تعرفوا السيد قبطان باشا، وأن تعلموا أمير المؤمنين بهذه البلية العظيمة والثلمة الواقعة في إيالته. عساه يبلغ الإسلام في العدو المأمول، فكيف والله تعالى سائل أميرنا وسلطاننا عنا ويتركنا مهملين).

4 -

وفي رسالة مماثلة كتبها أحمد باي قسنطينة للصدر الأعظم أحمد قبطان باشا بتاريخ 15 رجب 1253 هـ (في ذات اليوم الذي أرسلت فيه الرسالة السابقة) جاء ما يلي:

(أما بعد .... اصغوا إلى ما حل بنا وإهمال ديننا، فكيف تتركونا للأعادي، وأنتم موجودون، ويشتت شملنا، وأنتم المخاطبون كلا، والله إنكم مسؤولون عن تسليمنا للكافر ومقته، وكل راع مسؤول عن رعيته، وذاك أنه لا يخفاكم شأننا، ومعاداتنا للإفرنح منذ

ص: 194

أخذ الجزائر ونحن معه في غاية الحرج، ويخاطبنا على الدخول تحت طاعته، وأن أكون من إيالته ورعيته. وأنا لا أزيد إلا فرارا، حرصا على الدين القويم، وامتثالا للملك العليم، فكيف أنبه في مراده الضنين وأكون خائنا للمسلمين بعد قوله تعالى:{ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} ).

ص: 195