المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الذكر عقب الصلاة - الإلمام بشرح عمدة الأحكام - جـ ١

[إسماعيل الأنصاري]

الفصل: ‌باب الذكر عقب الصلاة

‌باب الذكر عقب الصلاة

123 -

الحديث الأول عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "أن رفع الصوت بالذكر، حين ينصرف الناس من المكتوبة. كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس كنت أَعلم إِذا انصرفوا بذلك، إذا سمعته" وفي لفظ "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلا بالتكبير"

راويه

عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

مفرداته

المكتوبة: الفريضة

عهد: زمان

بذلك: برفع الصوت

سمعته: الذكر

يستفاد منه

1 -

جواز رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب الصلاة

2 -

تأخير الصبيان في الموقف إذ لو كان ابن عباس متقدمًا في الصف الأول لعل انقضاء الصلاة بسماع التسليم

3 -

أنه لم يكن هنالك جهير الصوت يسمع من بعد

4 -

أن قول الصحابي في شيء "كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" في حكم المرفوع عند الشيخين

ص: 181

124 -

الحديث الثاني عن وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: أملى علي المغيرة ابن شعبة من كتاب إِلى معاوية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: في دبر كل صلاة مكتوبة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". ثم وفدت بعد ذلك على معاوية فسمعته يأمر الناس بذلك. وفي لفظ "كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات"

راويه

وراد بتشديد الراء أبو سعيد أو أبو الورد الثقفي الكوفي كاتب المغيرة ومولاه ثقة

مفرداته

أملى: ألقى علي لأكتب

المغيرة بن شعبة: وكان إذ ذاك أميرًا على الكوفة من قبل معاوية وهو صحابي مشهور

إلى معاوية: ابن أبي سفيان صحابي جليل أسلم قبل الفتح وكتب الوحي في دبر كل صلاة: عقب كل صلاة

ص: 182

مكتوبة: مفروضة

لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله

وحده: منفردًا.

لا شريك له: في ربوبيته ولا في ألوهيته

له الملك: بضم الميم الولاية والتصرف

وله الحمد: له جميع حمد أهل السموات والأرض دون غيره

قدير: له القدرة الكاملة

ذا الجد: بفتح الجيم الغنى

منك: بدلك

وفدت: قدمت

قيل وقال: كثرة الكلام التي لا يؤمن معها التسبب إلى وقوع المفاسد والإخبار بالأمور الباطلة

إضاعة المال: بذله في غير مصلحة دينية أو دنيوية

كثرة السؤال: سؤال المال أو المسائل التي لا تدعو الحاجة إليها

عقوق الأمهات: لشدة حقوقهن

ووأد البنات: دفنهن مع الحياة وليس هذا الحكم خاصًا بالبنات وإنما خصصن لأن ذلك هو الواقع في الجاهلية

ومنع: حيث يؤمر بالعطاء

وهات: حيث يمنع من السؤال

يستفاد منه

1 -

العمل بالمكاتبة بالأحاديث وإجراؤها مجرى المسموع والعمل بالخط في مثل ذلك إذا أمن تغييره

ص: 183

2 -

قبول خبر الواحد وهو فرد من أفراد لا تحصى

3 -

استحباب هذا الذكر المخصوص عقب الفريضة وذلك لما اشتمل عليه من معاني التوحيد ونسبة الأفعال إلى الله تعالى والمنع والإعطاء وتمام القدرة

4 -

المبادرة إلى امتثال السنن وإشاعتها كما صنع معاوية

5 -

النهي عن كثرة الكلام وإضاعة المال وكثرة السؤال وعقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات

ص: 184

125 -

الحديث الثالث عن سمي - مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام - عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن فقراء المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله قد ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم. ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال لما فعلنا، ففعلوا مثله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" قال سمي (1): فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث. فقال وهمت إِنما قال لك تسبح الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبر الله ثلاثًا وثلاثين. فرجعت إلى أبي صالح، فقلت

(1) قوله "قال سمي" إلى قوله "وهمت" مما انفرد به مسلم كما في "الفتح"

ص: 185

له ذلك. فقال: قل الله أكبر وسبحان الله والحمد لله، حتى تبلغ من جميعهن ثلاثًا وثلاثين"

راويه

سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة

مفرداته

الدثور: الأموال الكثيرة

بالدرجات: درجات الجنة أو القدر عند الله

العلى: بضم العين جمع العليا تأنيث الأعلى

النعيم المقيم: الدائم إشارة إلى ضده وهو النعيم العاجل فإنه قل ما يصفو وإن صف فهو بصدد الزوال

من سبقكم: في الفضيلة

إلا من صنع مثل ما صنعتم: من الفقراء والأغنياء

دبر: بضمتين وبفتح ثم سكون اثر

وهمت: بكسر الهاء غلطت

إلى أبي صالح: السمان اسمه ذكوان ثقة مدني

يستفاد منه

1 -

فضيلة الذكر المذكور بعد الصلوات المكتوبة وذلك

2 -

المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم

3 -

أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق وهذا من فضل الله على عباده

4 -

تعليم كيفية الذكر المذكور في هذا الحديث أنه يكون مجموعًا ويكون العدد للجملة.

ص: 186

126 -

الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام. فنظر إلى أعلامها نظرة. فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني بانبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي"

راويه

عائشة رضي الله عنها

مفرداته

خميصة: كساء مربع له أعلام

أبي جهم: عبيد ويقال عامر بن حذيفة القرشي العدوي صحابي مشهور

انبجانية: كساء غليظ

ألهتني: قاربت أن تشغلني

آنفًا: قريبًا

يستفاد منه

1 -

جواز لباس الثوب ذي العلم

2 -

أن اشتغال الفكر يسيرًا غير قادح في الصلاة

3 -

طلب الخشوع في الصلاة ونفي ما يقتضي شغل الخاطر بغيرها

4 -

مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصالح الصلاة ونفي ما يخدش فيها حيث أخرج الخميصة واستبدل بها غيرها مما لا يشغل ولا يلزم من بعثها إلى أبي جهم أن يستعملها في الصلاة فقد قال لعمر في حلة عطارد "إني لم أكسكها لتلبسها

5 -

قبول الهدية من الأصحاب والإرسال إليهم وطلبها ممن يظهر السرور بذلك.

ص: 187