المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الجنابة 29 - الحديث الأول عن أَبي هريرة رضي الله - الإلمام بشرح عمدة الأحكام - جـ ١

[إسماعيل الأنصاري]

الفصل: ‌ ‌باب الجنابة 29 - الحديث الأول عن أَبي هريرة رضي الله

‌باب الجنابة

29 -

الحديث الأول عن أَبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب، قال: فانخنست منه، فذهبت فاغتسلت، ثم جئت، فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنبًا، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس".

راويه

أبو هريرة رضي الله عنه.

مفرداته

جنب: ذو جنابة وهذا اللفظ يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع.

فانخنست: تأخرت وانقبضت لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لقي أحدًا من أصحابه ماسحه ودعا له فخاف أبو هريرة أن يماسحه وهو جنب.

سبحان الله: في هذه الكلمة مع ما تضمنته من تنزيه الرب عما لا يليق معنى التعجب هنا.

لا ينجس: بضم الجيم وفتحها لغتان.

يستفاد منه

1 -

مصاحبة ذوي الفضل على أكمل الهيئات وأحسن الصفات.

ص: 46

2 -

استحباب تنبيه المتبوع تابعه على الصواب وإن لم يسأله.

3 -

التسبيح عند التعجب من الشيء واستعظامه.

4 -

جواز تأخير الاغتسال من الجنابة عن أول وقت الوجوب.

5 -

طهارة المؤمن حيًا وميتًا.

ص: 47

30 -

الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيديه شعره، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده وكانت تقول: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، نغترف منه جميعا"

راويه

عائشة رضي الله عنها.

مفرداته

اغتسل: شرع في الغسل.

من الجنابة: لأجل الجنابة وهي المعنى الحكمي الناشىء عن التقاء الختانين أو الإنزال.

غسل يديه: قبل إدخالها في الإناء.

يخلل بيديه شعره: يدخل أصابعه فيها بين أجزاء الشعر ليلين ويرطب فيسهل مرور الماء عليه.

ظن: علم.

بشرته: ظاهر جلده.

أفاض: أفرغ.

سائر جسده: بقية جسده.

ص: 48

يستفاد منه

1 -

بيان صفة الاغتسال من الجنابة.

2 -

غسل اليدين في ابتدائه قبل إدخالهما في الإناء.

3 -

تقديم غسل أعضاء الوضوء في ابتداء الغسل.

4 -

إكمال الوضوء قبل الغسل وعدم تأخير غسل الرجلين إلى فراغه لقولها "وضوءه للصلاة".

5 -

إن التخليل يكون بمجموع الأصابع العشرة لا بالخمس فقط.

6 -

جواز اغتسال الزوجة والزوج من إناء واحد.

ص: 49

31 -

الحديث الثالث عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها أنها قالت "وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة، فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثًا ثم غسل فرجه، ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه. ثم أفاض على رأسه الماء، ثم غسل جسده، ثم تنحى، فغسل رجليه، فأتيته بخرقة فلم يُردها، جعل ينفض الماء بيده"

راويه

ميمونة بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قيل اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة تزوجها بسرف سنة سبع وماتت ودفنت سنة إحدى وخمسين على الصحيح.

مفرداته

وضوء الجنابة: الماء الذي يتطهر به من الجنابة.

فأكفأ: قلب.

تمضمض: جعل الماء في فمه وأداره ثم مجه.

استنشق: أوصل الماء إلى داخل أنفه ثم جذبه بالنفس إلى أقصاه.

أفاض: أفرغ.

تنحى: تحول إلى ناحية.

فلم يردها: مخافة أن يصير عادة.

ص: 50

يستفاد منه

1 -

جواز الاستعانة بإحضار ماء الغسل والوضوء.

2 -

خدمة الزوجات لأزواجهن.

3 -

صفة غسل الجنابة.

4 -

البدء بغسل الفرج لإزالة ما علق به من الأذى.

5 -

ضرب المغتسل يده بالأرض أو الحائط بعد الانتهاء من غسل الفرج لإزالة ما علق باليد من الرائحة.

6 -

مشروعية المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه والذراعين في غسل الجنابة.

7 -

أنه صلى الله عليه وسلم لم يمسح رأسه كما يفعل في الوضوء.

8 -

جواز تأخير غسل الرجلين عن إكمال الوضوء.

9 -

أنه لا يستحب تنشيف الأعضاء من ماء الطهارة لرد النبي صلى الله عليه وسلم الخرقة.

10 -

جواز نفض الماء عن الأعضاء في الغسل والوضوء مثله ولم يثبت في النهي عن ذلك حديث.

ص: 51

32 -

الحديث الرابع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب: قال نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد"

راويه

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

مفرداته

أيرقد: أينام.

يستفاد منه

1 -

أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق عند القيام إلى الصلاة.

2 -

أن للجنب أن ينام قبل الاغتسال إذا توضأ والحكمة في الأمر بالوضوء ما في الكبير للطبراني بسند لا بأس به عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يا رسول الله هل يأكل أحدنا وهو جنب قال لا يأكل حتى يتوضأ قلت يا رسول الله هل يرقد الجنب قال ما أحب أن يرقد وهو جنب حتى يتوضأ فإني أخشى أن يتوفى فلا يحضره جبريل".

ص: 52

33 -

الحديث الخامس عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت "جاءت أمُ سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا رأت الماء"

راويه

أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبي سلمة سنة أربع وقيل ثلاث وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة اثنتين وستين على الأصح.

مفرداته

أم سليم: بضم السين وفتح اللام بنت ملحان بن خالد من الصحابيات الفاضلات ماتت في خلافة عثمان رضي الله عنهما.

أبي طلحة: زيد بن سهل الأنصاري من كبار الصحابة.

الحق: خلاف الباطل.

من غسل: بضم الغين اسم للفعل المشهور وبفتح الغين مصدر.

احتلمت: رأت في المنام أنها تجامع.

رأت: شاهدت.

الماء: المني بعد الاستيقاظ من النوم.

ص: 53

يستفاد منه

1 -

استفتاء المرأة بنفسها عن أمر دينها.

2 -

أصل ما يفعله البلغاء في ابتداء كلامهم من التمهيد لما يأتون به بعد ذلك لأن قولها "إن الله لا يستحي من الحق" تمهيد لبسط عذرها في ذكر ما تستحيي النساء من ذكره.

3 -

وجوب الغسل بإنزال المرأة الماء.

4 -

أن ماء المرأة يبرز وفي ذلك رد على من قال بأنه لا يبرز وإنما يعرف إنزالها بشهوتها.

5 -

بيان ما عليه الصحابيات من الاهتمام بأمر دينهن والسؤال عنه.

6 -

أن الحياء المانع من السؤال عن الأمور الدينية مذموم لا خير فيه ولا يعتبر حياء حقيقة.

ص: 54

34 -

الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنها قالت "كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه" وفي لفظ لمسلم "لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه".

راويه

عائشة رضي الله عنها.

مفرداته

الجنابة: المني.

بقع: بضم الموحدة وفتح القاف جمع بقعة اختلاف اللونين.

أفركه: أدلكه حتى يذهب أثره.

يستفاد منه

1 -

خدمة الزوجات للأزواج.

2 -

أن بقاء الأثر بعد زوال العين في إزالة النجاسة وغيرها لا يضر.

3 -

غسل المني على الرواية الأولى وفركه على الرواية الثانية ويجمع بينهما بحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف والفرك على بيان الجواز وهذا أولى ما جمع به بين الروايتين وأما التفرقة بين اليابس والرطب فيردها حديث ابن خزيمة عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الاذخر ثم يصلي فيه وتحكه من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه" فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين.

ص: 55

35 -

الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" وفي لفظ "وإن لم ينزل".

راويه

أبو هريرة رضي الله عنه.

مفرداته

جلس: الضمير فيها يرجع للرجل وإن لم يسبق له ذكر لدلالة السياق عليه كما في قوله تعالى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} .

بين شعبها: بين يديها ورجليها أو رجليها وفخذيها والضمير للمرأة وإن لم يتقدم لها ذكر لدلالة السياق.

جهدها: بلغ مشقتها.

يستفاد منه

1 -

الكناية عما يستحي من التصريح بذكره.

2 -

وجوب الغسل بالتقاء الختانين من غير إنزال وحديث "إنما الماء من الماء" كان رخصة في أول الإسلام ثم نسخ.

ص: 56

36 -

الحديث الثامن عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم "أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله وعنده قوم (1)، فسألوه عن الغسل؟ فقال: صاع يكفيك فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرًا وخيرًا منك - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أَمّنا في ثوب" وفي لفظ "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ الماء على رأسه ثلاثًا".

راويه

أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الباقر ثقة فاضل.

مفرداته

عنده: عند جابر.

فسألوه: متولي السؤال هو أبو جعفر الراوي ونسب إلى الجميع مجازًا لقصد ذلك ولهذا أفرد جابر الجواب بقوله "يكفيك".

فقال رجل: هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب المعروف أبوه بابن الحنفية.

جابر: ابن عبد الله بن عمرو بن حرام بمهملة وراء الأنصاري صحابي ابن صحابي

صاع: أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم والمد رطل وثلث بالبغدادي.

أوفى: أطول وأكثر.

أمّنا: جابر.

(1) لفظه "وعنده قوم" بزيادة الهاء من أفراد البخاري كما في (فتح الباري).

ص: 57

يستفاد منه

1 -

ما عليه السلف الصالح من الاحتجاج بأفعال النبي صلى الله عليه وسلم.

2 -

الاغتسال بالصاع قال ابن دقيق العيد دلت الأحاديث على مقادير مختلفة وذلك والله أعلم لاختلاف الأوقات أو الحالات وهو دليل على عدم التحديد.

ص: 58