المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المجلس الثاني عشر - شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية - جـ ١

[شمس الدين السفيري]

الفصل: ‌المجلس الثاني عشر

‌المجلس الثاني عشر

كتاب الإيمان

في الكلام على الإيمان وشروط الإسلام وفيه فوائده ولطائف كثيرة

وأفتح هذا المجلس بخطبة فتح الباري لشيخ الإسلام ابن حجر لمناسبتها وانساجمها فأقول:

الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإيمان بالهدى، ونكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً فرداً صمداً وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، ما أكرمه عبداً وسيداً وأعظمه أصلاً ومحتداً، وأطهره مضجعاً ومولداً، وأبهره صدراً ومورداً صلى الله عليه وسلم وعلى إله وصحبه غيوث الندا، وليوث العدا، صلاةً وسلاماً دائمين من اليوم وإلى أن يبعث الناس غدا.

«كتاب الإيمان» لما فرغ البخاري رحمه الله من كتاب بدء الوحي عقبة بذكر الإيمان، وقدوم الإيمان على الصلاة وغيرها لأنه أصل لجميع العبادات، أو شرط لصحتها فالعبادات كلها مبينة عليه، وبه النجاة في الدارين.

والكتاب: في اللغة الضم والجمع، وأما الكتاب في اصطلاح المصنفين فهو اسم لضم مخصوص، أو لجملة مختصة من العلم مشتملة على أبواب وفصول، أو مسائل غالباً، وهو مصدر كتب لكنه اسم مفعول مجاز أي: المكتوب فهو على حد قوله تعالى ?هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي? [لقمان: 11] أي: مخلوقه.

والإيمان في اللغة: التصديق مطلقاً، مصدر أمن، وأصله:«أمان» قلبت الهمزة الثابتة ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها في علم الصرف من أن الهمزتين إذا التقتا في كلمة واحدة ثانيتهما ساكنة وجب قبلها بحركة ما قبلها، «وأمن» أصله «أمن» قلبت الثانية ألفاً لانفتاح ما قبلها وهمزة «أمن» يجوز أن تكون للتعدية بمعنى: أن المصدق جعل الغير آمنا من تكذيبه، ويجوز أن تكون للضرورة بمعنى: أن المصدق صار ذا أمن من أن يكون مكذوباً، وهو تارة يتعدى باللام وتارة يتعدى بالياء باعتبار تضمنه معنى الإذعان، والقول يعدى باللام كما في قوله تعالى ?فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ? [العنكبوت: 26] وباعتبار تضمنه معنى الإقرار والاعتراف يعدى بالباء كما في قوله: ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ? [البقرة: 285] وقوله ?يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ? [البقرة: 3] كأنه قال يؤمنون معترفين وهو حكم واحد لكنه يقع تعليقه بمتعلقات متعددة

ص: 276

باعتبارات مختلفة، مثل: آمنت بالله بأنه واحد متصف بكل كمال منزه عن كل وصف لا كمال فيه، وآمنت بالرسول بأنه مبعوث من الله، وآمنت بالملائكة أي: بأنهم عباد الله المكرمون المعصومون، وآمنت بكتب الله أي: بأنها منزلة من عند الله وبكل ما تضمنته حق وصدق.

وأما الإيمان في الشرع ففيه أقوال والمشهور منها أربعة:

الأول: أنه التصديق بالقلب فقط أي: قبول القلب وإذعانه لما علم بالضرورة أنه من دين محمد صلى الله عليه وسلم، بحيث تعلمه العامة من غير افتقار إلى نظر واستدلال، كالوحدانية والنبوة والبعث والجزاء وجوب الصلاة والزكاة وحرمة الخمر ونحوها، ويكفي الإجمال فيما يلاحظ إجمالاً كالإيمان بالملائكة والكتب والرسل، ويشترط التفصيل فيما يلاحظ تفصيلاً كجبريل وميكائيل وموسي وعيسي والتوراة والإنجيل، حتى أن من لم يصدق الواحد منها فهو كافر، وهذا القول هو المختار عند جمهور الأشاعرة، والتلفيظ بالشهادتين على هذا القول من القادر عليه شرط لإجراء أحكام الدين من الصلاة خلفه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين وعصمة الدم ونكاح المسلمة ونحوها شرطاً لصحة الإيمان، وإنما كان الإقرار شرطاً لاجراء الأحكام: لأن التصديق أمر باطن لا اطلاع لنا عليه فلابد من علامة فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه فهو مؤمن عند الله، وإن لم يكن مؤمناً في أحكام الدنيا، ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق فهو مؤمن في أحكام الدنيا، وإن لم يكن مؤمناً عند الله، والنصوص معاضدة مقوية لهذا القول قال الله تعالى ?أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ? [المجادلة: 22] وقال تعالى ?وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? [النحل: 106] وقال تعالى ?وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ? [الحجرات: 14] .

وقال صلى الله عليه وسلم «اللهم ثبت قلبي على دينك» (1)

، وقال لأسامة حين قتل من قال لا إله إلا

(1) أخرجه الترمذي في سننه (4/448، رقم 2140) عن أنس.

قال الترمذي: وفي الباب عن النواس بن سمعان وأم سلمة وعبد الله بن عمرو وعائشة، وهذا حديث حسن، وهكذا روى غير واحد عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس وروى بعضهم عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سفيان عن أنس أصح.

وأخرجه أيضاً: ابن ماجه (2/1260، رقم 3834) ، وأحمد في مسنده (3/112، رقم 12128) ، وأبو يعلى (6/359، رقم 3687) ، وابن أبي شيبة في المصنف (6/168، رقم 30405) ، والطبري في تفسيره (3/189) ، والديلمي في مسند الفردوس (1/478، رقم 1954) .

ص: 277

الله: «هل شققت قلبه» (1) .

الثاني: أنه تصديق بالقلب واللسان معاً ويعبر عنه: بأنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان، وهذا القول منقول عن أبي حنيفة مشهور عن أصحابه، وقال به كثير من المحققين كما قاله في شرح المقاصد.

فماهية الإيمان على هذا من أمرين إقرار باللسان وتصديق بالجنان، فمن أخل بواحد منهما فهو كافر فالإقرار باللسان على هذا شطر، وعلى الأول كما تقدم شرط فلا يثبت الإيمان على هذا القول إلا بهما عند العجز عن النطق والإكراه، فإنه يثبت بتصديق القلب فقط فالتصديق ركن لا يحتمل السقوط أصلاً، والإقرار قد يحتمله كما في العاجز عن النطق والمكره.

الثالث: أنه التصديق بالقلب والاقرار باللسان وعمل سائر الجوارح فماهيتة على هذا مركبة من أمور ثلاثة الإقرار باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان، فمن أخل بشيء منها فهو كافر، وهذا القول للخوارج، ولذا كفروا بالذنب فقالوا: إن مرتكبه مطلقاً كافر لانتفاء جزء الماهية، والذنوب كلها عندهم كبائر، وهذا القول مردود باطل لأنه ورد في الكتاب السنة عطف الأعمال عليه كقوله تعالى ?إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ? [البقرة: 277] مع القطع بأن العطف يقتضي المغايرة، وعدم دخول المعطوف في المعطوف عليه، ورد أيضاً بجعل الإيمان شرطاً لصحة الأعمال كما في قوله تعالى ?وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ? [طه: 112] مع القطع بأن المشروط لا يدخل في الشرط لامتناع اشتراط الشيء بنفسه، ورد أيضاً بإثبات الإيمان لمن ترك بعض الأعمال كما في قوله تعالى ?وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا? [الحجرات: 9] مع القطع بأنه لا تحقق للشيء بدون ركنه.

نعم جمهور السلف من المتكلمين والمحدثين والفقهاء ذهبوا إلى أن الأعمال شرط في كمال الإيمان وفي صحته.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (1/96، رقم 96) ، والنسائي في السنن الكبرى (5/176، رقم 8594) ، وأحمد في مسنده (5/207، رقم 21850) ، وابن أبي شيبة في المصنف (5/556، رقم 28932) ، وأبو عوانة في مسنده (1/68، رقم 192) ، وابن منده في الإيمان (1/206، رقم 61) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (2/119) ، والبيهقي في السنن الكبرى (8/19، رقم 15625) جميعاً عن أسامة بن زيد.

ص: 278

ونقل هذا المذهب عن الإمام الشافعي وهو مذهب البخاري رضي الله عنه فإنه عقد أبواباً بإطلاق الإيمان على الأعمال، فالسلف أرادوا إطلاق الإيمان على الأعمال كما قاله ابن حجر على أنها شرط في كماله لا في صحته.

والخوارج أرادوا بذلك أن الأعمال ركن من أركانه كما تقدم، فعند السلف متى فسد العمل بطل كمال الإيمان لا أصله وهو مقصود البخاري بإطلاق الإيمان على الأعمال.

الرابع: الإيمان تصديق باللسان فقط أي: الإتيان بكلمتي الشهادة، وهذا قول الكرامية، وهذا القول أيضاً مردود باطل، ويدل على بطلان صحة نفي الإيمان عن بعض المقرين باللسان قال الله تعالى ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ? [البقرة: 8] ، وقال الله تعالى: ?قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا? [الحجرات: 14] .

قال المولى سعد الدين: وأما المقر باللسان وحده فلا نزاع في أنه يسمى مؤمناً لغة وتجري عليه أحكام الإيمان ظاهراً، وأما النزاع في كونه مؤمناً بينه وبين الله، والنبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده كانوا يحكمون بإيمان من تكلم بكلمة الشهادة، وكانوا يحكمون بكفر المنافق، فدل على أن المعتبر في الإيمان إقرار اللسان فقط، وأيضاً الإجماع منعقد على إيمان من صدق بقلبه وقصد الإقرار باللسان فمنعه مانع من خرس ونحوه.

فائدة: تصديق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء سمي إيماناً لأن العبد إذا صدقه صلى الله عليه وسلم في ذلك أمن من القتل الدنيوي، والعذاب الأخروي.

فائدة: ذكر العلماء من الشافعية لصحة الإسلام أي: للإقرار بالشهادتين من الكافر سواء جعلناه شطراً أو شرطاً ست شرائط نظمها بعضهم فقال:

شرائط إسلام حقيقاً بصحة

نعم ستة تعزى لأهل البصيرة

بلوغ وعقل واختيار ولفظة

وقول مجهرالترتب تمت

الشرط الأول: البلوغ فلا يصح إسلام صبي استقلالاً كما قاله في الروضة.

وأما الصبي المميز ففيه أوجه الصحيح المنصوص عليه أنه لايصح إسلامه، لكن يشكل ذلك بإسلام سيدنا علي كرم الله وجهه فإنه كان قبل البلوغ، ولهذا كان بدر الدين بن جماعة قاضي مصر يقضي بصحة إسلامه، وبصحة إسلامه قال الأئمة الثلاثة قالوا: إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا علياً إلى الإسلام فأجابه، قالوا أولاً يلزم من كون غير مكلف لا يصح منه الإسلام فإن عباداته من صلاة وصيام ونحوها صحيحة فكذلك

ص: 279

إسلامه.

وقال إمام الحرمين (1) : قد صححوا إسلامه، والمعتمد عند الشافعية عدم الصحة، وأجابوا عن إسلام سيدنا علي بأجوبة من أحسنها ما نقله البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار، وهو أن الأحكام إنما علقت بالبلوغ بعد الهجرة عام الخندق.

وقال ابن العماد في شرح سيرته (2) : إنما علقت به عام خيبر، وعبارته:«وفي عام خيبر رفع القلم عن الصبي والمجنون والنائم، وكان قبل ذلك موضوعاً على ما نقل عن البيهقي أنه قال: واستمر عليهم التكليف إلى عام خيبر ثم رفع قال: ولهذا صح إسلام علي رضي الله عنه في حال الصبا لأنه كان في قبل رفع القلم والصبيان إذ ذاك مكلفون وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة» (3)

يشهد لما قاله فإن الرفع يدل على سبق وضع (انتهى) .

فانظروا إلى هذا التنافي في النقل عن البيهقي، وأما قبل ذلك فكانت متعلقة بالتمييز فصح، وحنيئذ فيسقط الإشكال، وأجابوا عن القياس على الصلاة ونحوها بأن صلاة الصبي وصومه ونحوهما يقع نفلاً، والإسلام لا ينتقل له، قاله أمامنا الشافعي رضي الله عنه.

وإذا نطق الصبي من أولاد الكفار بالشهادتين لا يصح إسلامه، لكن يحال بينه

(1) هو: العلامة الفقيه الأصولي أبو محمد عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني إمام الحرمين، كان مولده سنة 419هـ، ومن آثاره: نهاية المطلب في معرفة المذهب في الفقه، قال ابن خلكان: لم يؤلف في الإسلام مثله، وكانت وفاته سنة 487هـ.

انظر: سير أعلام النبلاء (18/475) ، ومعجم البلدان (2/193) ، وأبجد العلوم (3/119) ، ووفيات الأعلام (3/168) ، والنجوم الزاهرة (5/121) ، وشذرات الذهب (3/360) .

(2)

ابن العماد هو: أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي، أبو العباس، شهاب الدين الأقفهسي ثم القاهري، مولده سنة: 750هـ، فقيه شافعي، كثير الإطلاع، في لسانه بعض حبسة. له: التعقبات على المهمات للأسنوي، وشرح المنهاج، والسر المستبان مما أودعه الله من الخواص في أجزاء الحيوان، وكانت وفاته سنة: 08 هـ.

(3)

رواه البخاري معلقاً في صحيحه (5/2019) بقوله: «وقال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة» .

والحديث مسنداً إلى سيدنا علي عند أبو داود في سننه (4/141، رقم 4403) ، والترمذي في سننه (4/32، رقم 1423) وقال: حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر بعضهم:«وعن الغلام حتى يحتلم» ولا نعرف للحسن سماعاً من علي بن أبي طالب، وقد روي هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث، ورواه الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس عن علي موقوفاً ولم يرفعه، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، قال الترمذي: قد كان الحسن في زمان علي وقد أدركه ولكنا لا نعرف له سماعاً منه، وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب.

والنسائي في السنن الكبرى (4/324، رقم 7346) ، وابن ماجه في سننه (1/659، رقم 2042) ، وأحمد في مسنده (1/116، رقم 940) ، وابن حبان في صحيحه (1/356، رقم 143) ، وابن خزيمة في صحيحه (4/348، رقم 3048)، والطيالسي في مسنده (ص: 15، رقم 90) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (2/41، رقم 415) ، والبيهقي في شعب الإيمان (1/99، رقم 87) .

ص: 280

وبين أبويه وأهله الكفار استحباباً، لئلا يفتنوه، ولأنه ربما يثبت على ما وصفه من الإسلام إلى ما بعد بلوغه، فإن بلغ ووصف الكفر هدد فإن أصر رد إليهم، وينبغي أن يتلطف بوالديه ليؤخذ منهما، فإن أبيا فلا حيلولة هذا في أحكام الدنيا، وأما في الآخرة، فإذا أضمر الصبي كما أظهر ثم مات بعدها كان من الفائزين بالجنة، ويعبر عن هذا بصحة إسلامه باطناً لا ظاهراً نعم قال العلماء: يحكم بصحة إسلام الصبي بطريق التبع في ثلاث صور:

الأولى: تبعية الدار فإذا وجد الصبي لقيط في دار الإسلام لا يعرف له أهل يحكم بإسلامه، وان كان فيها أهل ذمة تغليباً للإسلام، أما إذا وجد اللقيط في دار الكفر لم يكن فيها مسلم فاللقيط الموجود فيها محكوم بكفره.

الثانية: تبعية السابي فإذا سبي المسلم طفلاً منفرداً عن أبويه حكم بإسلامه تبعاً للسابي، لأنه صار تحت ولايته كالأبوين، سواء كان السابي بالغاً أو غير بالغ، أو مجنوناً أما إذا سباه ومعه أبواه أو أحدهما فإنه لا يحكم بإسلامه، وكذا لو سباه ذمي لا يحكم بإسلامه ولو باعه لمسلم.

الثالثة: تبعية أصوله فمن كان أحد أبويه مسلماً يوم علوقه، حكم بإسلامه لأنه جزء من مسلم، وكذا إذا كانا كافرين يوم العلوق، ثم أسلما أو أحدهما قبل بلوغ الولد حكم بإسلامه في الحال، وفي معنى الأبوين الجد والجدة سواء الجد للأب وللأم تبعه الطفل سواء كان الأب حياً أو ميتاً لأن التبعية للفرعية، وهي لا تختلف بحياة الأب أو بموته.

الشرط الثاني من شروط الإسلام: العقل فلا يصح إسلام المجنون استقلالاً بل بطريق التبع كما في الصبي، سواء بلغ مجنوناً أو عاقلاً ثم جن.

الشرط الثالث من شروط الإسلام: الاختيار فلا يصح إسلام المكره على الإسلام، وظاهر النظم يقتضي أانه لا فرق بين الذمي وغيره، وليس كذلك بل يقال إذا أكره الذمي على التلفيظ بالشهادتين لا يصح إسلامه في الأصح، بخلاف ما إذا أكره الحربي أو المرتد على الإسلام فإنه يصح إسلام كل منهما، صرح بذلك النووي في الأذكار فقال: لو أكره مسلم كافراً على الإسلام فنطق بالشهادتين، فإن كان الكافر حربياً صح إسلامه، لأنه إكراه بحق، وإن كان ذمياً لم يصر مسلما لأنا إلتزمنا الكف عنهم فأكرهه بغير حق.

الشرط الرابع: التلفيظ بالشهادتين فلا يصح إسلام من صدق بقلبه ولم يتلفظ

ص: 281

بلسانه، وهل يتعين في صحة الإسلام التلفيظ بالقول المعروف أعني:«لا إله إلا الله محمد رسول الله» ، أو يحصل الإسلام بما يؤدي معناها؟

فال الروياني والماوردي: يتعين اللفظ المعروف ولا يحصل الإسلام بغيره، والمذهب المعتمد أنه لا يتعين اللفظ المعروف بل يحصل الإسلام به وبغيره مما يؤدي معناه، كما قاله الحليمي في منهاجه وأقروه عليه.

فلو قال: لا إله سوى الله، أو لا إله ما عدا الله، أو ما من إله إلا الله، ولا إله إلا الله الرحمن، أو لا رحمن إلا الله، أو لا إله الله البارئ، أو لا بارئ إلا الله كان كقوله: لا إله إلا الله، ولو قال: أحمد رسول الله أو أبو القاسم رسول الله كان كقوله محمد رسول الله، ولو قال كافر: آمنت بالله أو أسلمت بالله أو أسلمت وجهي لله فإن كان يشرك بالله غيره لم يصر مؤمناً بدون ذلك، ولو قال آمنت بالله وبمحمد كان مؤمناً بالله لإثبات الإله، ولا يكون مؤمناً بنبوة محمد حتى يقول بمحمد النبي أو محمد رسول الله، ولو قال: آمنت بمحمد النبي صح إيمانه برسول الله بخلاف ما لو قال: آمنت بمحمد الرسول، لأن النبي لا يكون إلا لله تعالى، والرسول قد يكون لغيره، ولو قال: الكافر لا إله إلا الملك أو لا إله إلا الرازق لم يكن مؤمن لأنه قد يريد بذلك السلطان الذي له جند يرتب أرزاقهم، بخلاف ما لو قال لا ملك إلا الله ولا رازق إلا الله فإنه يحكم بإسلامه، وهو قال يهودي إني بريء من اليهودية أو نصراني أنا بريء من النصرانية لم يحكم بإسلامه لأن ضد اليهودية والنصرانية غير منحصر في الإسلام.

ولو قال الكافر الإسلام وحق لم يكن مؤمناً، لأنه قد يقر بالحق ولا ينقاد له، ولو نطق الكافر بالشهادتين بغير إكراه فإن كان على سبيل الحكاية بأن قال: سمعت زيداً يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، لم يحكم بإسلامه، وإن نطق بهما بعد استدعاء مسلم بأن قال له مسلم قل لا إله إلا الله محمد رسول الله فقالهما صار مسلماً، وكذا لو نطق بهما ابتداء من غير استدعاء ولا حكاية فإنه يحكم بإسلامه كما قاله الجمهور.

ولو نطق الكافر بالشهادتين صح إسلامه وإن لم يقل وأنا برئ من كل دين يخالف دين الإسلام، إلا أن يكون من كفار يعتقدون اختصاص الرسالة بالعرب، فلا يحكم بإسلام العيسوية من اليهود وهم أبتاع أبي عيسى الأصبهاني اليهودي يقولون: إنه أرسل إلى العرب خاصة، دون بني إسرائيل فلا يكفي في إسلام واحد منهم الإتيان بالشهادتين فقط، بل لابد من البراءة المذكورة، أو يقول محمد رسول الله إلى جميع الخلق.

ص: 282

ولو قال الكافر: الصلاة واجبة علي الصوم أو غيره من أركان الإسلام وهو على خلاف عقيدته التي كان عليها لا يصير بذلك مسلماً على الأصح، ولو اقتصر الكافر على قول لا إله إلا الله لا يكون مسلماً على الأصح الذي عليه الجمهور.

وقيل: ويطالب بالشهادة فإن أبي جعل مرتداً ولو أشار الأخرس الكافر بالشهادتين إشارة مفهمة إسلامه، وقيل: لا يحكم بإسلامه إلا إذا صلى.

فائدة: يصح إسلام الكافر بجميع اللغات كما ذكره النووي في الروضة في الظهار، فلو نطق أعجمي بلسان صح إسلامه، وإن كان قادراً على النطق بالعربية لوجود الإقرار، ولكن إذا لقن الكافر الأعجمي كلمتي الإسلام بالعربية فنطق فصح بشرط أن يعلم معنى الشهادتين، فإن لم يعرف معناها لم يحكم بإسلامه، وكذا إذا نطق بهما بغير لغته أيّ لغة كانت يصح إسلامه بشرط أن يعرف المعنى.

قال في الأنوار: وأن يعرفه غيره ويكفي واحد.

فائدة أخرى: لو قال الكافر لا إله إلا الله عيسى رسول الله وموسى رسول الله وكذا غيره من الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم بإسلامه، لأن الإقرار برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إقرار برسالة من قبله لأنه شهد لهم وصدقهم.

قال الرافعي (1) : ويتوجه أن يقال كما أن محمد صلى الله عليه وسلم شهد لهم وصدقهم فقد شهدوا له وبشروا به أي: فينبغي الصحة بذلك.

وأجاب القاضي زكريا عن ذلك: بأن شريعته ناسخة لما قبلها باقية بخلاف شريعة غيره.

الشرط الخامس: الجهر بما تلفظ به، قال المولى سعد الدين في شرح المقاصد: ولا يخفى أن الإقرار لأجل الأحكام لابد، وأن تكون على وجه الإعلان والإظهار للإمام وغيره.

الشرط السادس: الترتيب بين كلمتي الشهادة، بأن يقول أولاً لا إله إلا الله ثم يقول محمد رسول الله، فلو قال الكافر أولاً محمد رسول الله ثم قال ثانياً لا إله إلا الله لا يصح إسلامه.

قال ابن الملقن: وهذا الشرط اشترطه القاضي أبو الطيب من أصحابنا ولم أر من وافقه ولا من خالفه.

(1) الرافعي هو: عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي القزويني ولد سنة: 557 هـ، فقيه، من كبار الشافعية، كان له مجلس بقزوين للتفسير والحديث، وتوفي فيها سنة: 623 هـ، نسبته إلى رافع بن خديج الصحابي. له: التدوين في ذكره أخبار قزوين، والإيجاز في أخطار الحجاز، والمحرر في الفقه، وفتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي في الفقه أيضاً، وشرح مسند الشافعي، وغيرها من المصنفات المفيدة في بابها.

ص: 283

وقال شيخ الإسلام ابن حجر (1) : اشترط الباقلاني في صحة الإسلام تقدم الإقرار بالتوحيد على الرساله، ولم يتابع مع أنه إذا دقق فيه بأن وجهه ويزداد اتجاهاً إذا فرقهما فليتأمل.

وسمعت من بعض مشايخي شرطاً سابعاً للإسلام وهو: أن يأتي بكلمة الشهادة بصيغة التنجيز دون التعليق فإن أتى بصيغة كأن قال: إذا فرغ الشهر فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ومحمد رسول الله لا يحكم بإسلامه، وقد صرح بالمسألة في الأنوار فقال: والعزم عليه في المستقبل ليس بإسلام حتى لو قال الكافر: أنا أسلم لا يحكم بإسلامه في الحال.

وأما المولاة بين الشهادتين فلا تشترط كما ذكره الحليمي وغيره، فلو قال كافر: أول النهار لا إله إلا الله ثم قال في آخره محمد رسول الله حكم بإسلامه.

وقد ردد بعض العلماء للمؤمن علامات يتميز بها عن غيره وهي في الحقيقة موعظة فقالوا: المؤمن إذا أدب تأدب، وإذا أهذب تهذب، المؤمن خفيف له من الله معونة كالنحلة إذا وقعت على عود لا تكسره، وهي تأكل طيبها، ويصدر عنها طيب، والمؤمن يأكل الحلال، فيصدر عنه صالح الأعمال، النحلة لعابها صاف، وشرابها شاف، والمؤمن رؤيته شفاء وموعظته دواء، ينتفع برؤيته قبل روايته، خيره بادر وشره نادر.

قال الفضيل: المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.

وقال: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه، أوسع شيء صدراً، وأحقر كل شيء قدراً، زاجر عن كل شر، حاضر على كل خير، لا حقود ولا حسود، ولا مرتاب ولا سباب ولا مغتاب، يكره الرفعة ويبغض السمعة، طويل الهم كثير الغم، حليف الصمت عزيز الوقت، لا متافك ولا متهتك، ضحكه تبسم، واستفهامه تعلم، ومراجعته تفهم، لا يبخل ولا يعجل، ولا يضجر، ولا يجهر، لا جزع، ولا هلع، ولا صلف، ولا عنف، قليل المنازعة، جميل المراجعة، عدل إن غضب، دقيق إن طلب، خليص الود، وثيق العهد، وفي الوعد شفوق، وصول حليم، حمود قليل الفضول، راض عن مولاه، مخالف لهواه، لا يغلظ على من يؤذيه، ولا يخوض فيما لا يعنيه، إن سب أو أوذي لم يسب، وإن طلب ومنع لم يغضب، لا يشمت بمصيبة، ولا يذكر أحد بعيبه، هشاش بشاش، لا فاحش ولا غشاش، كظام بسام صوام قوام، دقيق النظر، عظيم الحذر، وهذا هو المؤمن حقاً.

(1) انظر: فتح الباري (1/50) .

ص: 284

وجاء في الحديث: «المؤمن كالجمل الأنوف إن قيد انقاد، وإن أنيخ على جمرة استناخ» (1) ومعناه: أن المؤمن إذا دعي لخير أجاب بسهولة كالجمل المخروم في أنفه ولله در القائل في المعنى.

ومازال بي شوقي إليك يقودني

يذلل مني كل ممتنع صعب

إذا كان قلبي سائراً بزمامه

فكيف بجسمي بالمقام بلا قلب

وكما الجمل الأنوف إذا أُنيخ على جمرة استناخ، كذلك المؤمن مقيم على باب مولاه صابر على بلواه، تارك لشكواه، مقبل عليه بقلبه، ملازم لذكره وحبه، كلما ازداد المؤمن من بلواه ضراً، أكثر لمولاه طاعة وشكراً.

حكاية في المعنى: قال عبد الواحد بن زيد مررت في بعض الجبال بشيخ أعم أصم مقطوع اليدين والرجلين وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي متعتني بجوارحي حيث شئت، وأخذتها حيث شئت، وتركتني حسن الظن والأمل فيك، يا برياً يا وصول، فقلت في نفسي: أي بر من الله على هذا وأي وصل فقال: إليك عني أليس ترك لي قلباً يعرفه، ولساناً يذكره، فهو نعيم الدارين، فمن أكثر الشكوى، ولم يصبر على البلوى فليس عنده من الغرام سوى الدعوى، ولقد أحسن من من قال في المعنى:

خيانه أهل الحب أن يظهروا شكوى

وأن يسأموا من صحبة الضر والبلوى

ومن لم يذق هجر الحبيب كوصله

فما ذاق من طعم الغرام سوى الدعوى

ويقال: الإيمان كخاتم سليمان، العزم في جوده والذل عند فقده، الإيمان كعصى موسى تلقف عصى السحره وتطرد العصاة والبغاة والفجرة وكذلك الإيمان عنده الشبهات والتخيلات، وتغفر مع صحبته الخطايا والسيئات، الإيمان كالماء والطهور يطهر الوسخ والدرن، وكذلك الإيمان يغسل الذنوب ما ظهر وما بطن.

(1) أخرجه ابن ماجه في سننه (1/16، رقم 43) ، وأحمد في مسنده (4/126، رقم 17182) ، والحاكم في المستدرك (1/175، رقم 331) ، والطبراني في المعجم الكبير (18/247، رقم 619) ، واللالكائي في إعتقاد أهل السنة (1/74، رقم 79) ، وابن أبي عاصم في السنة (1/19، رقم 33) جميعاً عن العرباض بن سارية.

وقال محققه الألباني: حديث صحيح رجاله كلهم ثقات لولا أن عبد الله بن صالح ويكنى بأبي صالح فيه ضعف لكنه لم يتفرد به فالحديث صحيح، وأبو مسعود هو: أحمد بن الفرات الضبي الرازي وهو ثقة حافظ، والحديث أخرجه الحاكم من طريقين آخرين عن أبي صالح

به وأخرجه أحمد وعنه الحاكم وسنده صحيح وابن ماجه أيضاً.

ص: 285

خرج أبو حفص النيسابوري يوماً فرأى يهودياً مغشياً عليه فلما أفاق سئل عن ذلك فقال: رأيت رجلاً عليه لباس العدل، ورأيت عليّ لباس الفضل، فخشيت أن يبدل الله لباسي بلباسه.

لطيفة: دخل يهودي على بعض الصالحين، وفي يديه قلم يبريه فقال الرجل الصالح لليهودي: أسلم وإلا أقطع رأس القلم فامتنع اليهودي من الإسلام، وقال للرجل الصالح: اقطع رأس القلم فقطعه فوقع رأس اليهودي عن جسده، قالها في روض الأفكار.

لطيفة أخرى: قال النسفي: مر بعض العباد على رجل يعبد بقرة من دون الله تعالى فقال: قل لا إله إلا الله، فقال: لا، فقال العابد: بحق لا إله إلا الله يا بقرة كوني جمرة نار فكانت بإذن الله تعالى، فقال له: قل لا إله إلا الله وإلا فتصير مثلها.

لطيفة غريبة: ذكر ابن جماعة في كتابه أنس المحاضرة: أن يهودياً كان له دين على شخص من الصالحين يقال له: إبراهيم الآجري كان يصنع «الكلس» (1)، فجاء اليهودي إليه وطلب من دينه فقال له إبراهيم: أسلم، فقال له: أرني شيئاً أعرف به شرف الإسلام وفضله على ديني قال له: وتفعل، قال: نعم، قال: هات رداءك، فأخذ رداء اليهودي فجعله في رداء نفسه ولف رداءه عليه ورمى الردائين في النار، نار الأتون، ثم دخل بعد أن ألقاه في الأتون وداس على جمر النار، واليهودي ينظر إليه فأخذ الردائين وخرج من النار ففتح رداء نفسه فإذا هو صحيح، وأخرج رداء اليهودي من وسط ردائه فإذا هو حراق أسود فلما رأى اليهودي ذلك أسلم.

حكاية في المعنى: نقل الإخباريون أنه كان ببلد الهند شيخ كبير يعبد صنماً دهراً طويلاً، ثم حصل له أمر مهم وشده يوماً من الأيام فاستغاث به فلم يغثه فقال: أيها الصنم ارحم ضعفي، فقد عبدتك دهراً طويلاً، فلم يجب فانقطع عند ذلك رجاؤه منه، ونظر الله بعين الرحمة فخطر بباله بأن يدعو الصمد، فرمق بطرفه نحو السماء، وقد وقع في الخجل وقال: يا صمد فسمع صوتاً من الهواء يقول: لبيك يا عبدي أطلب ما تريد فأقر لله بالوحدانية فقالت الملائكة: ربنا دعى صنمه دهراً طويلاً ولم يجبه، ودعاك مرة واحدة فأجبته، فقال يا ملائكتي: إذ دعى الصنم فلم يجبه، ودعى الصمد فلم يجبه فأي

(1) قال ابن منظور في لسان العرب (6/197) : «الكِلْسُ» : مثل الصَّارُوج يُبْنَى به، وقيل: الكِلْسُ الصَّارُوجُ، وقيل: الكِلْسُ ما طُلِيَ به حائط أَو باطن قصْر شِبْهُ الجِصِّ من غير آجُرَ.

ص: 286

فرق بين الصنم والصمد.

وحكاية غريبة: مر بعض حواري عيسى عليه الصلاة والسلام على أولاد يلعبون وفيهم ابن وزير كافر، فلعب معهم ثم أخذه ابن الوزير إلى أبيه وأحضر له طعاماً قال له: يا أبت هذا غريب، فحضرت الشياطين ليأكلوا من الطعام، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم فهربت الشياطين، فسأله الوزير عن أمره وقال له: من أين أتيت ومن أنت؟ فقال: أنا من أصحاب عيسى أرسلني إليكم لتؤمنوا بالله وتتركوا عبادة الأصنام، فأسلم الوزير ولم يعلم الملك بذلك، ثم بعد مدة مات فرس للملك فقال له الوزير: قد مات فرس للملك وكان عزيزاً عنده فقال له صاحب عيسى: قل له: إن أطاعني أحيا الله فرسه، فأخبره الوزير بذلك، فقال له الملك: نعم، فأحضر الوزير عند الملك، فقال: خذ أيها الملك بعضو الفرس، وأبوك بعضو، وولدك بعضو، وأمك بعضو: وقولوا: لا إله إلا الله فلما قالوا تحرك كل عضو بيد قائليها، ووثب الفرس حياً بإذن الله تعالى.

* * *

ص: 287