الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح) بإثبات التحتية بعد المعجمة من قوله لا يشير نفي بمعنى النهي ولبعضهم بإسقاطها بلفظ النهي قال في الفتح وكلاهما جائز (فإنه) أي الذي يشير (لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده) بفتح التحتية وكسر الزاي بينهما نون ساكنة آخره عين مهملة أي يقلعه من يده فيصيب به الآخر أو يشد يده فيصيبه ولأبي ذر عن الكشميهني ينزغ بفتح الزاي بعدها غين معجمة أي يحمل بعضهم على بعض بالفساد (فيقع) في معصية تُفضي به إلى أن يقع (في حفرة من النار) يوم القيامة وفيه النهي عما يُفضي إلى المحذور وإن لم يكن المحذور محققًا سواء كان ذلك في جدّ أو هزل.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب.
7073 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرٍو يَا أَبَا مُحَمَّدٍ سَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ بِسِهَامٍ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا» قَالَ: نَعَمْ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) بن المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: قلت لعمرو) هو ابن دينار (يا أبا محمد سمعت) بفتح التاء (جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما (يقول: مرّ رجل) أي أعرف اسمه (بسهام في المسجد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(أمسك) بهمزة قطع مفتوحة وكسر السين (بنصالها) جمع نصل وهو حديد السهم ويجمع أيضًا على نصول (قال) عمرو بن دينار جوابًا السؤال سفيان بن عيينة (نعم) سمعته يقول ذلك وسقط قوله نعم في باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد من كتاب الصلاة، وقول ابن بطال حديث جابر لا يظهر فيه الإسناد لأن سفيان لم يقل إن عمرًا قال له نعم فبان بقوله نعم في الرواية الأخرى إسناد الحديث. قال في الفتح: هذا مبني على المذهب المرجوح في اشتراط قول الشيخ نعم إذا قال له القارئ مثلاً أحدّثك فلان؟ والمذهب الراجح الذي عليه أكثر المحققين أن ذلك لا يشترط بل يكتفى بسكوت الشيخ إذا كان متيقظًا.
7074 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ فِى الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا.
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي قال: (حدّثنا حماد بن زيد) أي ابن درهم الإمام أبو إسماعيل الأزدي أحد الأعلام (عن عمرو بن دينار) أبي محمد الجمحي مولاهم المكي (عن جابر) رضي الله عنه (أن رجلاً مرّ في المسجد) النبوي (بأسهم) جمع سهم في القلة وفيه دلالة على أن قوله في الأول بسهام أنها سهام قليلة (قد أبدى) أي أظهر (نصولها) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني بدا نصولها (فأمر) صلى الله عليه وسلم الرجل (أن يأخذ بنصولها) أي يقبض عليها بكفه كما في الرواية اللاحقة وفي نسخة فأمر بضم الهمزة (لا يخدش مسلمًا). بفتح التحتية وسكون الخاء المعجمة من خدش يخدش أي لا يقشر جلد مسلم، والخدش أول الجراح وهذا تعليل للأمر بالإمساك على النصال.
7075 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِى مَسْجِدِنَا أَوْ فِى سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا، أَوْ قَالَ فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَىْءٌ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة ابن عبد الله (عن) جدّه (أبي بردة عن) أبيه (أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(إذا مرّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل) بفتح النون وسكون الموحدة السهام العربية لا واحد لها من لفظها وأو للتنويع لا للشك والواو في قوله ومعه للحال (فليمسك على نصالها) عدّاه بعل للمبالغة وإلاّ فالأصل فليمسك بنصالها (أو قال) صلى الله عليه وسلم (فليقبض بكفه) عليها وليس المراد خصوص ذلك بل يحرص على أن لا يصيب مسلمًا بوجه من الوجوه كما دل عليه التعليل بقوله (أن يصيب) بفتح الهمزة أي كراهية أن يصيب ولمسلم لئلا يصيب بها (أحدًا من المسلمين منها شيء). ولأبي ذر والأصيلي: بشيء بزيادة حرف الجر.
8 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض).
7076 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِى أَبِى، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» .
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا شقيق) أبو وائل بن سلمة (قال: قال عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه (قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(سباب المسلم) بكسر السين وتخفيف الموحدة مصدر مضاف للمفعول يقال سب
يسب سبًّا وسبابًا. قال إبراهيم الحربي: السباب أشد من السب وهو أن يقول في الرجل ما فيه وما ليس فيه يريد بذلك عيبه، وقال غيره: السباب هنا مثل القتال فيقتضي المفاعلة، ولأحمد عن غندر عن شعبة سباب المؤمن (فسوق) وهو في اللغة الخروج وفي الشرع الخروج عن طاعة الله ورسوله وهو في الشرع أشد العصيان قال تعالى:{وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} [الحجرات: 7] ففيه تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بغير حق بالفسق (وقتاله) ومقاتلته (كفر) ظاهره غير مراد فلا متمسك به للخوارج لأنه لما كان القتال أشد من السباب لأنه مُفضٍ إلى إزهاق الروح عبّر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر ولم يرد حقيقة الكفر التي هي الخروج عن الملة بل أطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمدًا على ما تقرر من القواعد، أو المعنى إذا كان مستحلاًّ أو أن قتال المؤمن من شأن الكافر أو المراد الكفر اللغوي الذي هو التغطية، لأن حق المسلم على المسلم أن يعينه وينصره ويكف عنه أذاه فلما قاتله كان كأنه غطى هذا الحق.
والحديث سبق في الإيمان.
7077 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِى وَاقِدٌ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» .
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم الأنماطي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (أخبرني) بالإفراد (واقد) بالقاف ولأبي ذر واقد بن محمد أي العمري (عن أبيه) محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول) في حجة الوداع عند جمرة العقبة:
(لا ترجعوا) بصيغة النهي أي لا تصيروا ولأبي ذر مما في الفتح لا ترجعون (بعدي كفارًا) بصيغة الخبر (يضرب بعضكم رقاب بعض) برفع يضرب في الفرع كأصله قيل وهو الذي رواه المتقدمون والمتأخرون وفيه وجوه أن يكون جملة صفة لكفارًا أي: لا ترجعوا بعدي كفارًا متّصفين بهذه الصفة القبيحة يعني ضرب بعضكم رقاب بعض، وأن يكون حالاً من ضمير لا ترجعوا أي لا ترجعوا بعدي كفارًا حال ضرب بعضكم رقاب بعض، وأن يكون جملة استئنافية كأنه قيل: كيف يكون الرجوع كفارًا؟ فقال: يضرب بعضكم رقاب بعض. فعلى الأوّل يجوز أن يكون معناه لا ترجعوا عن الدين بعدي فتصيروا مرتدّين مقاتلين بضرب بعضكم رقاب بعض بغير حق على وجه التحقيق، وأن يكون لا ترجعوا الكفار المقاتل بعضهم بعضًا على وجه التشبيه بحذف أداته،
وعلى الثاني يجوز أن يكون معناه لا تكفروا حال ضرب بعضكم رقاب بعض لأمر يعرض بينكم باستحلال القتل بغير حق وأن يكون لا ترجعوا حال المقاتلة لذلك كالكفار في الانهماك في تهييج الشر وإثارة الفتن بغير إشفاق منكم بعضكم على بعض في ضرب الرقاب، وعلى الثالث يجوز أن يكون معناه لا يضرب بعضكم رقاب بعض بغير حق فإنه فعل الكفار وأن يكون لا يضرب بعضكم رقاب بعض كفعل الكفار على ما مرّ وروي بالجزم بدلاً من لا ترجعوا أو جزاء لشرط مقدّر على مذهب الكسائي أي فإن ترجعوا يضرب بعضكم.
والحديث سبق في أوائل الديات.
7078 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِى بَكْرَةَ، وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِى نَفْسِى مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ:«أَلَا تَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا» ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ: «أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ» ؟ قُلْنَا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَىُّ بَلَدٍ هَذَا؟ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ» ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ قَالَ:«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» . فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِىِّ حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ: أَشْرِفُوا عَلَى أَبِى بَكْرَةَ فَقَالُوا: هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَحَدَّثَتْنِى أُمِّى عَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان قال: (حدّثنا قرة بن خالد) بضم القاف وفتح الراء المشددة السدوسي قال: (حدّثنا ابن سيرين) محمد (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن) أبيه (أبي بكرة) نفيع بضم النون وفتح الفاء ابن الحارث الثقفي وسقط لابن عساكر عن أبي بكرة (وعن رجل آخر) هو حميد بن عبد الرحمن كما في كتاب الحج في باب الخطبة أيام منى. قال الكرماني: هو ابن عوف، وقال الحافظ ابن حجر: هو الحميري وكلاهما سمع من أبي بكرة وسمع منه محمد بن سيرين (وهو) أي حميد (أفضل في نفسي من عبد الرحمن بن أبي بكرة) لأنه دخل في الولايات وكان حميد زاهدًا (عن أبي بكرة) نفيع رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس) يوم النحر بمنى فقال:
(ألا تدرون) بتخفيف اللام (أي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال حتى ظننا) وفي باب الخطبة أيام منى من كتاب الحج فسكت حتى ظننا (أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس بيوم النحر)؟
بالموحدة قبل التحتية في يوم (قلنا بلى يا رسول الله قال) صلى الله عليه وسلم ولأبي ذر فقال (أي بلد هذا)
بالتذكير (أليست بالبلدة)؟ ولأبى ذر عن الحموي زيادة الحرام بتأنيث البلدة وتذكير الحرام الذي هو صفتها وذلك أن لفظ الحرام اضمحل منه معنى الوصفية وصار اسمًا والبلدة اسم خاص بمكة وهي المراد بقوله إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وخصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها لأنها أحب بلاده إليه وأكرمها عليه وأشار إليها إشارة تعظيم لها دالاًّ على أنها موطن بيته ومهبط وحيه (قلنا بلى يا رسول الله قال) صلى الله عليه وسلم (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم) جمع عرض بكسر العين وهو موضع المدح والذم هن الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه (وأبشاركم) بفتح الهمزة وسكون الموحدة بعدها معجمة ظاهر جلد الإنسان والمعنى فإن انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم (عليكم حرام) إذا كان بغير حق (كحرمة يومكم هذا) يوم النحر (في شهركم هذا) ذي الحجة (في بلدكم هذا) مكة وشبه الدماء والأموال والأعراض والأبشار في الحرمة باليوم وبالشهر والبلد لاشتهار الحرمة فيها عندهم، وإلاّ فالمشبه إنما يكون دون المشبه به ولهذا قدم السؤال عنها مع شهرتها لأن تحريمها أثبت في نفوسهم إذ هي عادة سلفهم وتحريم الشرع طارئ وحينئذ فإنما شبه الشيء بما هو أعلى منه باعتبار ما هو مقرر عندهم.
وهذا وإن كان سبق في موضعين العلم والحج فذكره هنا لبعد العهد به، وقال في اللامع كالكواكب لم يذكر في هذا الرواية أي شهر مع أنه قال بعد في شهركم هذا كأنه لتقرر ذلك عندهم، وحرمة البلد وإن كانت متقررة أيضًا لكن الخطبة كانت بمنى وربما قصد به دفع وهم من يتوهم أنها خارجة عن الحرم أو من يتوهم إن البلدة لم تبق حرامًا لقتاله صلى الله عليه وسلم فيها يوم الفتح، واختصره الراوي اعتمادًا على سائر الروايات مع أنه لا يلزم ذكره في صحة التشبيه اهـ.
وسقط لابن عساكر لفظ هذا من قوله يومكم هذا. ثم قال صلى الله عليه وسلم (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام يا قوم (هل بلغت)؟ ما أمرني به الله تعالى (قلنا: نعم) بلغت (قال: اللهم اشهد فليبلغ الشاهد) أي الحاضر هذا المجلس (الغائب) عنه وهو نصب مفعول سابقه (فإنه رب مبلغ) بفتح اللام المشددة بلغه كلامي بواسطة (يبلغه) غيره بكسرها كذا في الفرع بفتح ثم كسر وعليه جرى في الفتح. وقال في الكواكب بكسرهما، وصوّبه العيني متعقبًا لابن حجر قلت: وكذا هو في اليونينية بكسر اللام فيهما والضمير الراجع إلى الحديث مفعول أول له (من) بفتح الميم ولأبي ذر عن الكشميهني لمن (هو أوعى) أحفظ (له) ممن بلغه مفعول ثانٍ فقال محمد بن سيرين (فكان كذلك) أي وقع التبليغ كثيرًا من الحافظ إلى الأحفظ والذي يتعلق به رب محذوف تقديره يوجد أو يكون.
(قال) صلى الله عليه وسلم بالسند السابق من رواية محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة (لا ترجعوا) تصيروا (بعدي) بعد موقفي أو بعد موتي (كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض) برفع يضرب ومر ما فيه قريبًا قال عبد الرحمن بن أبي بكرة (فلما كان يوم حرق) بضم الحاء
المهملة (ابن الحضرمي) بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء عبد الله بن عمرو، وقول الدمياطي إن الصواب أحرق بالهمزة المضمومة تعقبه في الفتح بأن أهل اللغة جزموا بأنهما لغتان أحرقه وحرقه والتشديد للتكثير، وتعقبه العيني فقال: هذا كلام من لا يذوق من معاني التراكيب شيئًا، وتصويب الدمياطي باب الأفعال لكون المقصود حصول الإحراق، وليس المراد المبالغة فيه حتى يذكر باب التفعيل (حين حرقه جارية بن قدامة) بالجيم والتحتية وقدامة بضم القاف ابن مالك بن زهير بن الحصن التميمي السعدي، وكان السبب في ذلك أن معاوية كان وجه ابن الحضرمي إلى البصرة يستنفرهم على قتال عليّ رضي الله عنه فوجه عليّ جارية بن قدامة فحصره فتحصن منه ابن الحضرمي في دار