الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدهما: أن المراد من الاسم هنا اللفظ ولا خلاف في ورود الاسم بهذا المعنى إنما النزاع في أنه هل يطلق، ويراد به المسمى عينه ولا يلزم من تعدد الأسماء تعدد المسمى، والثاني: أن كل واحد من الألفاظ المطلقة على الله تعالى يدل على ذاته باعتبار صفة حقيقية أو غير حقيقية، وذلك يستدعي التعدد في الاعتبارات والصفات دون الذات ولا استحالة في ذلك، وفيه كما قال الخطابي دليل على أن أشهر أسمائه تعالى الله لإضافة هذه الأسماء إليه وقد روي أنه الاسم الأعظم.
وقال ابن مالك: ولكون الله اسمًا علمًا وليس بصفة قيل في كل اسم من أسمائه تعالى سواه اسم من أسماء الله وهو من قول الطبري على ما رواه النووي إلى الله ينسب كل اسم له فيقال الكريم من أسماء الله ولا يقال من أسماء الكريم الله (من أحصاها) أي حفظها كما فسره به البخاري كما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى والأكثرون ويؤيده ما سبق في الدعوات لا يحفظها أحد إلا (دخل الجنة) أو المعنى ضبطها حصرًا وتعدادًا وعلمًا وإيمانًا وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقًا أو بمعنى الإطاقة أي أطاق القيام بحقها والعمل بمقتضاها وذلك بأن يعتبر معانيها فيطالب نفسه بما تتضمنه من صفات الربوبية وأحكام العبودية فيتخلق بها.
وقال الطيبي: إنما أكد الإعداد دفعًا للتجوّز واحتمال الزيادة والنقصان وقد أرشد الله تعالى بقوله ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه إلى عظم الخطب في الإحصاء بأن لا يتجاوز المسموع والأعداد المذكورة وأن لا يلحد فيها إلى الباطل اهـ.
ثم إن مفهوم الاسم قد يكون نفس الذات والحقيقة، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الأجزاء، وقد يكون مأخوذًا باعتبار الصفات والأفعال والسلوب والإضافات ولا خفاء في تكثر أسماء الله تعالى بهذا الاعتبار وامتناع ما يكون باعتبار الجزء لتنزهه تعالى عن التركيب.
فإن قلت: اعتبار السلوب والإضافة يقتضي تكثر أسماء الله تعالى جدًّا فما وجه التخصيص بالتسعة والتسعين على ما نطق به الحديث على أنه قد دل الدعاء المشهور عنه صلى الله عليه وسلم أن لله تسعة أسماء لم يعلمها أحدًا من خلقه واستأثر بها في علم الغيب عنده. وورد في الكتاب والسُّنّة أسامٍ خارجة عن التسعة والتسعين كالكافي والدائم والصادق وذي المعارج وذي الفضل والغالب إلى غير ذلك؟ أجيب: بوجوه منها أن التنصيص على العدد لا لنفي الزيادة بل لغرض آخر كزيادة الفضيلة
مثلاً. ومنها: أن قوله من أحصاها دخل الجنة في موضع الوصف كقوله للأمير عشرة غلمان يكفونه مهماته بمعنى أن لهم زيادة قرب واشتغال بالمهمات.
فإن قلت: إن كان اسمه الأعظم خارجًا عن هذه الجملة فكيف يختص ما سواه بهذا الشرف وإن كان داخلاً فكيف يصح أنه مما اختص بمعرفة نبي أو وليّ وأنه سبب كرامات عظيمة لمن عرفه حتى قيل إن آصف بن برخيا إنما جاء بعرض بلقيس لأنه قد أوتي الاسم الأعظم؟ أجيب: باحتمال أن يكون خارجًا وتكون زيادة شرف تسعة وتسعين وجلالتها بالإضافة إلى ما عداه وأن يكون داخلاً مبهمًا لا يعرفه بعينه إلا نبي أو ولي، ومنها أن الأسماء منحصرة في تسعة وتسعين والرواية المشتملة على تفصيلها غير مذكورة في الصحيح ولا خالية عن الاضطراب والتغيير، وقد ذكر كثير من المحدّثين أن في إسنادها ضعفًا قاله في شرح المقاصد.
قال البخاري: (أحصيناه) أي (حفظناه). وأشار به إلى أن معنى أحصاها حفظها، لكن قال الأصيلي: الإحصاء للأسماء العمل بها لا عدّها ولا حفظها لأن ذلك قد يقع للكافر والمنافق كما في حديث الخوارج يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، وقال في الكواكب: أي حفظها وعرفها لأن العارف بها لا يكون إلا مؤمنًا والمؤمن يدخل الجنة لا محالة، وهذا أعني قوله أحصيناه حفظناه ثبت في رواية أبي ذر عن الحموي.
والحديث سبق في الشروط متنًا وإسنادًا.
13 - باب السُّؤَالِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالاِسْتِعَاذَةِ بِهَا
(باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها) ولفظ باب ثابت في رواية أبي ذر.
7393 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فِرَاشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِى وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَاغْفِرْ لَهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» . تَابَعَهُ يَحْيَى وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَزَادَ زُهَيْرٌ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله)
الأويسي المدني قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر بالجمع (مالك) الإمام ابن أنس الأصبحي (عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان (المقبري) بضم الموحدة نسبة إلى مقبرة المدينة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(إذا جاء أحدكم إلى فراشه) لينام عليه (فلينفضه) بضم الفاء قبل أن يدخل فيه (بصنفة ثوبه) بباء الجر بعدها صاد مهملة مفتوحة فنون مكسورة ففاء فهاء تأنيث أي بطرف ثوبه أو حاشيته أو طرته وهو جانبه الذي لا هدب له (ثلاث مرات) حذرًا من وجود مؤذية كعقرب أو حيّة وهو لا يشعر ويده مستورة بحاشية الثوب لئلا يحصل بها مكروه إن كان ثم شيء (وليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه) الباء للاستعانة أي بك أستعين على وضع جنبي ورفعه (إن أمسكت نفسي) توفيتها (فاغفر لها وإن أرسلتها) رددتها (فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) ذكر المغفرة عند الإمساك لأن المغفرة تناسب الميت والحفظ عند الإرسال لمناسبته له، والباء في بما تحفظ كهي في كتبت بالقلم، وما موصولة مبهمة وبيانها ما دل عليه صلتها لأنه تعالى إنما يحفظ عباده الصالحين من المعاصي وأن لا يهنوا في طاعته بتوفيقه ولطفه. (تابعه) أي تابع عبد العزيز الأويسي في روايته عن مالك (يحيى) بن سعيد القطان فيما رواه النسائي (وبشر بن المفضل) بالضاد المعجمة المشددة فيما رواه ضاد المعجمة المشددة فيما رواه مسدد كلاهما (عن عبيد الله) بضم العين ابن عمر العمري (عن سعيد) أي ابن أبي سعيد (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وزاد زهير) بضم الزاي وفتح الهاء ابن معاوية فيما سبق في الدعوات (وأبو ضمرة) بالضاد المعجمة المفتوحة بعدها ميم ساكنة أنس بن عياض فيما رواه مسلم (وإسماعيل بن زكريا) فيما رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (عن عبيد الله) العمري (عن سعيد عن أبيه) أبي سعيد كيسان المقبري (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم). والمراد بالزيادة لفظة عن أبيه. (ورواه) أي الحديث المذكور (ابن عجلان) بفتح العين المهملة وسكون الجيم محمد الفقيه المدني فيما رواه أحمد (عن سعيد) أي ابن أبي سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم. تابعه) أي تابع محمد بن عجلان (محمد بن عبد الرحمن) الطفاوي البصري (والدراوردي) عبد العزيز بن محمد فيما رواه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني عنه (وأسامة بن حفص). والمراد بهذه التعاليق بيان الاختلاف على سعيد المقبري هل روى الحديث عن أبي هريرة بلا واسطة أو بواسطة أبيه؟ ومتابعة محمد بن عبد الرحمن هذه سقطت لأبي ذر.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه. قال ابن بطال: مقصود البخاري بهذه الترجمة تصحيح الدليل بأن الاسم هو المسمى، ولذلك صحّت الاستعاذة به والاستعانة يظهر ذلك في قوله: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فأضاف الوضع إلى الاسم والرفع إلى الذات، فدلّ على أن الاسم هو الذات وقد أستعان وضعًا ورفعًا بها لا باللفظ اهـ.
قال في شرح المقاصد: المتأخرون اقتصروا على ما اختلفوا فيه من مغايرة الاسم المسمى، ثم قال: والاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى على ما يعم أنواع الكلمة وقد يقيد بالاستقلال والتجرد عن الزمان فيقابل الفعل والحرف على ما هو مصطلح النحاة، والمسمى هو المعنى الذي وضع الاسم بإزائه والتسمية هي وضع الاسم للمعنى، وقد يراد بها ذكر الشيء باسمه كما يقال:
سمى زيدًا ولم يسم عمرًا فلا خفاء في تغاير الأمور الثلاثة، وإنما الخفاء فيما ذهب إليه بعض أصحابنا من أن الاسم نفس المسمى، وفيما ذكره الشيخ الأشعري من أن أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام: ما هو نفس المسمى مثل الله الدال على الوجود أي الذات الكريمة وما هو غيره كالخالق والرازق ونحو ذلك مما يدل على فعل وما لا يقال إنه هو ولا غيره كالعالم والقادر، وكل ما دل على الصفات القديمة. وأما التسمية فغير الاسم والمسمى وتوضيحه أنهم يريدون بالتسمية
اللفظ وبالاسم مدلوله، كما يريدون بالوصف قول الواصف وبالصفة مدلوله، وكما يقولون: إن القراءة حادثة والمقروء قديم فالأصحاب اعتبروا المدلول المطابقي فأطلقوا القول بأن الاسم نفس المسمى للقطع بأن مدلول الخالق شيء ناله الخلق لا نفس الخلق، ومدلول العالم شيء ناله العلم لا نفس العلم، والشيخ أخذ المدلول أعم واعتبر في أسماء الصفات المعاني المقصودة، فزعم أن مدلول الخالق الخلق وهو غير الذات ومدلول العالم العلم وهو لا عين ولا غير وتمسكوا في ذلك بالعقل والنقل.
أما العقل؛ فلأنه لو كانت الأسماء غير الذات لكانت حادثة فلم يكن الباري تعالى في الأزل إلهًا وعالِمًا وقادرًا ونحو ذلك وهو مُحال بخلاف الخالقية فإنه يلزم من قدمها قدم المخلوق إذا أريد الخالق بالفعل كالقاطع في قولنا السيف قاطع عند الوقوع بخلاف قولنا السيف قاطع في الغمد بمعنى أن من شأنه ذلك فإن الخالق حينئذٍ معناه له الاقتدار على ذلك.
وأما النقل؛ فلقوله تعالى: {سبح اسم ربك} [الأعلى: 1] والتسبيح إنما يكون للذات دون اللفظ، وقوله تعالى:{ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها} [يوسف: 40] وعبادتهم إنما هي للأصنام التي هي المسميات دون الأسامي، وأما التمسك بأن الاسم لو كان غير المسمى لما كان قولنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمًا بثبوت الرسالة له صلى الله عليه وسلم بل لغيره فشبهة واهية فإن الاسم وإن لم يكن نفس المسمى لكنه دالٌّ عليه ووضع الكلام على أن تذكر الألفاظ وترجع الأحكام إلى المدلولات كقولنا: زيد كاتب أي مدلول زيد متصف بمعنى الكتابة، وقد ترجع بمعونة القرينة إلى نفس اللفظ كما في قولنا: زيد مكتوب وثلاثي ومعرب ونحو ذلك.
وأجيب: عن الأول: بأن الثابت في الأزل معنى الإلهية والعلم ولا يلزم من انتفاء اسم بمعنى اللفظ انتفاء ذلك المعنى، وعن الثاني بأن معنى تسبيح الاسم تقديسه وتنزيهه عن أن يسمى به الغير أو عن أن يفسر بما لا يليق به أو عن أن يذكر على غير وجه التعظيم أو هو كناية عن تسبيح الذات كما في قولهم: سلام على المجلس الشريف والجناب المنيف، وفيه من التعظيم والإجلال ما لا يخفى أو لفظ الاسم مقحم كما في قول الشاعر:
ثم اسم السلام عليكما
ومعنى عبادة الأسماء أنهم يعبدون الأصنام التي ليس فيها من الإلهية إلا مجرد الاسم كمن
سمى نفسه بالسلطان وليس عنده آلات السلطنة وأسبابها فيقال: إنه فرح من السلطنة بالاسم على أن تقرير الاستدلال اعترافًا بالمغايرة حيث يقال: التسبيح لذات الرب دون اسمه والعبادة لذوات الأصنام دون أساميها، بل ربما يدعي أن في الآيتين دلالة على المغايرة حيث أضيف الاسم إلى الرب عز وجل وجعل الأسماء بتسميتهم وفعلهم مع القطع بأن أشخاص الأصنام ليست كذلك ثم عورض الوجهان بوجهين.
الأول: أن الاسم لفظ وهو عرض غير باق ولا قائم بنفسه متصف بأنه متركب من الحروف، وبأنه أعجمي أو عربي ثلاثي أو رباعي، والمسمى معنى لا يتصف بذلك فربما يكون جسمًا قائمًا بنفسه متّصفًا بالألوان متمكنًا في المكان إلى غير ذلك من الخواص فكيف يتحدان.
الثاني: قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180] وقوله عليه الصلاة والسلام: "إن لله تسعة وتسعين اسمًا" مع القطع بأن المسمى واحد لا تعدد فيه.
وأجيب: بأن النزاع ليس في نفس اللفظ بل مدلوله ونحن إنما نعبر عن اللفظ بالتسمية وإن كانت في اللغة فعل الواضع أو الذاكر، ثم لا ننكر إطلاق الاسم على التسمية كما في الآية والحديث على أن الحق أن المسميات أيضًا كثيرة للقطع بأن مفهوم العالم غير مفهوم القادر وكذا البواقي، وإنما الواحد هو الذات المتصف بالمسميات.
فإن قيل: تمسك الفريقين بالآيات والحديث مما لا يكاد يصح لأن النزاع ليس في اس م بل في أفراد مدلوله من مثل السماء والأرض والعالم والقادر والاسم والفعل وغير ذلك على ما يشهد به كلامهم. ألا ترى أنه لو أريد الأول لما كان للقول بتعدد أسماء الله تعالى وانقسامها إلى ما هو عين أو غير أو لا عين ولا غير معنى، وبهذا يسقط ما ذكره الإمام الرازي
من أن لفظ الاسم مسمى بالاسم لا الفعل أو الحرف، فهاهنا الاسم والمسمى واحد ولا يحتاج إلى الجواب بأن لفظ الاسم من حيث إنه دالّ وموضوع والمسمى هو من حيث إنه مدلول وموضوع له بل فرد من أفراد الموضوع له فتغايرا. قلنا: نعم إلا أن وجه تمسك الأوّلين إن في مثل {سبح اسم ربك} أريد بلفظ الاسم الذي هو من جملة الأسماء مسماه الذي هو اسم من أسماء الله تعالى، ثم أريد به مسماه الذي هو الذات إلا أنه يرد إشكال الإضافة ووجه تمسك الآخرين إن في قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى} أريد بلفظ الأسماء مثل لفظ الرحمن والرحيم والعليم والقدير وغير ذلك مما هو غير لفظ أسماء، ثم إنها متعددة فتكون غير المسمى الذي هو ذات الواحد الحقيقي الذي لا تعدد فيه أصلاً.
فإن قيل: قد ظهر أن ليس الخلاف في لفظ الاسم وأنه في اللغة موضوع للفظ الشيء أو لمعناه، بل في الأسماء التي من جملتها لفظ الاسم ولا خلاف في أنها أصوات وحروف مغايرة لمدلولاتها ومفهوماتها، وإن أريد بالاسم المدلول فلا خفاء في أن المدلول اسم الشيء ومفهومه نفس مسماه من غير احتياج إلى استدلال بل هو لغو من الكلام بمنزلة قولنا ذات الشيء ذاته فما وجه
هذا الاختلاف المستمر بين كثير من العقلاء؟ قلنا: الاسم إذا وقع في الكلام قد يراد به معناه كقولنا زيد كاتب، وقد يراد نفس لفظه كقولنا: زيد اسم معرب حتى إن كل كلمة فإنه اسم موضوع بإزاء لفظ يعبر عنه كقولنا: ضرب فعل ماض ومن حرف جر ثم إذا أريد المعنى فقد يراد نفس ماهية المسمى كقولنا الحيوان جنس والإنسان نوع، وقد يراد بعض أفرادها لقولنا جاءني إنسان ورأيت حيوانًا وقد يراد جزؤها كالناطق أو عارض لها كالضاحك فلا يبعد أن يقع بهذا الاعتبار اختلاف واشتباه في أن اسم الشيء نفس مسماه أو وغيره اهـ بحروفه وإنما أطلت به لأمر اقتضاء والله الموفق والمعين.
وحديث الباب سبق في الدعوات.
7394 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِىٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ» . وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .
وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم أبو عمرو الفراهيدي الأزدي مولاهم البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك) بن عمير (عن ربعي) بكسر الراء والعين المهملة بينهما موحدة ساكنة ابن حراش بالحاء المهملة المكسورة وبعد الراء ألف فشين معجمة الغطفاني قيل إنه تكلم بعد الموت (عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه أنه (قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أوى) إلى فراشه دخل فيه (قال):
(اللهم باسمك) بوصل الهمزة أي بذكر اسمك (أحيا) ما حييت (و) عليه (أموت) أو باسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا لأن معاني الأسماء الحسنى ثابتة له تعالى فكل ما ظهر في الوجود فهو صادر عن تلك المقتضيات (وإذا أصبح قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا) أطلق الموت على النوم لأنه يزول معه العقل والحركة كالموت (وإليه النشور) الإحياء للبعث أو المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا هذه.
والحديث سبق في الدعوات أيضًا.
7395 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «بِاسْمِكَ نَمُوتُ وَنَحْيَا» . فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» .
وبه قال: (حدّثنا سعد بن حفص) بسكون العين الطلحي الكوفي الضخم قال: (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن أبو معاوية (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن ربعي بن حراش) الغطفاني (عن خرشة) بفتح المعجمتين والراء (ابن الحر) بضم الحاء المهملة وتشديد الراء الفزاري الكوفي
(عن أبي ذر) جندب بن جنادة رضي الله عنه أنه (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه) بفتح الجيم (من الليل قال):
(باسمك) بذكر اسمك (نموت ونحيا. فإذا) بالفاء ولأبي ذر وإذا (استيقظ) من نومه (قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا) ردّ أنفسنا بعد أن قبضها عن التصرف بالنوم أي الحمد لله شكرًا لنيل نعمة التصرف في الطاعات بالانتباه من النوم الذي هو أخو الموت وزوال المانع عن التقرب بالعبادات (وإليه) تعالى (النشور) الإحياء بعد الموت والبعث يوم القيامة.
7396 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِىَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِى ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا» .
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي مولاهم البغلاني البلخي قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد
(عن منصور) هو ابن المعتمر (عن سالم) هو ابن أبي الجعد (عن كريب) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لو أن أحدكم) بالكاف ولأبي ذر أحدهم (إذا أراد أن يأتي أهله) يجامع امرأته أو سريته (فقال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) وجواب لو الشرطية محذوف أي لسلم من الشيطان يدل له قوله (فإنه إن يقدَّر) بفتح الدال المشددة (بينهما ولد في ذلك) الإتيان (لم يضره شيطان) بإضلاله وإغوائه (أبدًا). بل يكون من جملة من لا سبيل للشيطان عليه وشيطان في قوله لم يضره شيطان بدون ال. وفي الكواكب فإن قلت: التقدير أزلي فما وجه أن يقدّر؟ وأجاب: بأن المراد به تعلقه. وقال في الفتح: أي إن كان قدّر لأن التقدير أزلي لكن عبر بصيغة المضارعة بالنسبة للتعلق.
والحديث سبق في باب التسمية على كل حال وعند الوقاع من كتاب الوضوء وفي النكاح أيضًا.
7397 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أُرْسِلُ كِلَابِى الْمُعَلَّمَةَ قَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ، وَإِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام القعنبي قال: (حدّثنا فضيل) بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة ابن عياض التميمي الزاهد الخراساني (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن همام) بفتح الهاء وتشديد الميم بعدها ميم أخرى ابن الحارث النخعي (عن
عدي بن حاتم) الطائي ولد الجواد المشهور أسلم في سنة تسع أو سنة عشر وكان قبل ذلك نصرانيًّا. قال خليفة عنه: إنه قال ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء وقد أسن. قال خليفة: بلغ مائة وعشرين سنة. وقال أبو حاتم السجستاني: بلغ مائة وثمانين رضي الله عنه أنه (قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت) يا رسول الله (أرسل كلابي المعلمة) بفتح اللام المشددة التي تنزجر بالزجر وتسترسل بالإرسال ولا تأكل من الصيد وفي كتاب الصيد في باب ما جاء في الصيد من وجه آخر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّا قوم نتصيد بهذه الكلاب (قال) صلى الله عليه وسلم:
(إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله) عز وجل بأن قلت بسم الله (فأمسكن) عليك (فكل) مما صادته (وإذا رميت بالمعراض) بكسر الميم وسكون العين المهملة آخره ضاد معجمة خشبة في رأيها كالزج يلقيها على الصيد (فخزق) بالخاء المعجمة والزاي والقاف أي جرح الصيد بحدّه (فكل) فإنه حلال وإن قتل بعرضه فهو وقيذ لا يحل لأن عرضه لا يسلك إلى داخله.
وسبق الحديث في الصيد.
7398 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هُنَا أَقْوَامًا حَدِيثًا عَهْدُهُمْ بِشِرْكٍ يَأْتُونَا بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِى يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: «اذْكُرُوا أَنْتُمُ اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا» . تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ، وَأُسَامَةُ بْنُ حَفْصٍ.
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد قال: (حدّثنا أبو خالد) سليمان بن حيان (الأحمر) الكوفي (قال: سمعت هشام بن عروة يحدّث عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها أنها (قالت: قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هنا) ولأبي ذر عن الكشميهني هاهنا (أقوامًا حديثًا) بالنصب منوّنًا، ولأبي ذر: حديث بالرفع والتنوين (عهدهم بشرك) برفع عهدهم (يأتونا) ولأبي ذر يأتوننا بنونين والأول على لغة من يحذف نون الجمع بدون ناصب وجازم (بلحمان) بضم اللام جمع لحم (لا ندري يذكرون اسم الله عليها) عند الذبح (أم لا. قال) عليه الصلاة والسلام:
(اذكروا أنتم اسم الله) عز وجل على الأكل (وكلوا). والحديث سبق في الذبائح (تابعه) أي تابع أبا خالد الأحمر (محمد بن عبد الرحمن) الطفاوي فيما أخرجه المؤلف موصولاً في البيوع (والدراوردي) عبد العزيز بن محمد فيما وصله العدني عنه (وأسامة بن حفص). فيما وصله المؤلف في باب ذبيحة الأعراب من الصيد. قال في الفتح: وقع قوله تابعه الخ هنا عقب حديث أبي هريرة المبدأ بذكره في هذا الباب عند كريمة والأصيلي وغيرهما، والصواب ما وقع عند أبي ذر وغيره أن على ذلك عقب حديث عائشة وهو سادس أحاديث الباب.
7399 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ يُسَمِّى وَيُكَبِّرُ.
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن الحارث بن سخبرة الأزدي أبو عمر الحوضي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن عبد الله الدستوائي (عن قتادة)