الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحساب (اهزم
الأحزاب وزلزل بهم) ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي وزلزلهم فلا يثبتون عند اللقاء بل تطيش عقولهم (زاد الحميدي) عبد الله بن الزبير فقال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا خالد بن أي خالد) إسماعيل قال: (سمعت عبد الله) بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم) وغرضه بسياق هذه الزيادة التصريح في رواية سفيان بالتحديث والتصريح بالسماع وفي رواية ابن أبي خالد وبالسماع في رواية ابن أبي أوفى بخلاف رواية قتيبة فإنها بالعنعنة.
والحديث سبق في باب الدعاء على المشركين بالهزيمة من كتاب الجهاد.
7490 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِى بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]، قَالَ: أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ فَكَانَ إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ فَسَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} لَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ حَتَّى يَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمْ {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} أَسْمِعْهُمْ وَلَا تَجْهَرْ حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْكَ الْقُرْآنَ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري الحافظ أبو الحسن (عن هشيم) بضم الهاء وفتح المعجمة ابن بشير مصغرًا كأبيه أبو معاوية السلمي حافظ بغداد (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس البصري (عن سعيد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة الوالبي مولاهم أحد الأعلام (عن ابن عباس رضي الله عنهما) في قوله تعالى: ({ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110]، قال: أنزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ) وفي سورة الإسراء متخفٍّ (بمكة) أي في أول الإسلام (فكان إذا) صلّى بأصحابه (رفع صوته) بالقرآن و (سمع المشركون) قراءته (فسبوا القرآن ومَن أنزله) جبريل (ومَن جاء به) صلوات الله وسلامه عليه (وقال تعالى: {ولا تجهر}) ولأبي ذر والأصيلي فقال الله: ({ولا تجهر بصلاتك} فيه حذف مضاف أي بقراءة صلاتك ({ولا تخافت}) لا تخفض صوتك ({بها}) أي (لا تجهر بصلاتك) بقراءتها وسقط لأبي ذر والأصيلي ولا تخافت بها، ولأبي ذر وحده لا تجهر بصلاتك (حتى يسمع المشركون) فيسبوا واستشكل بأن القياس أن يقال حتى لا يسمع المشركون. وأجاب في الكواكب بأنه غاية للمنهي لا للنهي ({ولا تخافت بها} عن أصحابك فلا تسمعهم) برفع العين ({وابتغ}) اطلب ({بين ذلك سبيلاً}) وسطًا بين الأمرين لا الإفراط ولا التفريط. (أسمعهم ولا تجهر حتى يأخذوا عنك القرآن).
قال الحافظ أبو ذر: فيه تقديم وتأخير تقديره أسمعهم حتى يأخذوا عنك القرآن ولا تجهر، والمراد من الحديث قوله: أنزلت والآيات المصرحة بلفظ الإنزال والتنزيل في القرآن كثيرة والفرق بينهما في وصف القرآن والملائكة كما قال الراغب: إن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إلى
إنزاله متفرقًا مرة بعد أخرى والإنزال أعمّ من ذلك ومنه قوله تعالى: (إنّا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1] فعبّر بالإنزال دون التنزيل لأن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا ثم نزل بعد ذلك شيئًا فشيئًا ومن الثاني قوله تعالى: ({وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزّلناه تنزيلاً} [الإسراء: 106] ويؤيد التفصيل قوله تعالى: ({يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل} [النساء: 136] فإن المراد بالكتاب الأول القرآن وبالثاني ما عداه، والقرآن نزل نجومًا إلى الأرض بحسب الوقائع بخلاف غيره من الكتب، لكن يرد على التفصيل المذكور قوله تعالى:{وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} [الفرقان: 32] وأجيب: بأنه أطلق نزل موضع أنزل قال: ولولا هذا التأويل لكان متدافعًا لقوله جملة واحدة وهذا بناه على القول بأن نزل المشدد يقتضي التفريق فاحتاج إلى ادّعاء ما ذكر وإلاّ فقد قال غيره إن التضعيف لا يستلزم حقيقة التكثير بل يرد للتعظيم وهو في حكم التكثير يعني فبهذا يندفع الإشكال اهـ. من كتاب فتح الباري وسقط لأبي ذر والأصيلي من قوله: {ولا تخافت بها} إلى قوله: {ولا تجهر بصلاتك} .
وسبق الحديث آخر سورة الإسراء.
35 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15]{لَقَوْلٌ فَصْلٌ} حَقٌّ {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 13 و14] بِاللَّعِبِ
(باب قول الله تعالى: {يريدون أن يبدلوا كلام الله} [الفتح: 15]) قال المفسرون: واللفظ للمدارك أي يريدون أن يغيروا مواعد الله لأهل الحديبية، وذلك أنهم وعدهم أنه يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئًا. وقال ابن بطال: أراد البخاري بهذه الترجمة وأحاديثها ما أراد
في الأبواب قبلها أن كلام الله صفة قائمة به وبأنه لم يزل متكلمًا ولا يزال. قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أن غرضه أن كلام الله لا يختص بالقرآن فإنه ليس نوعًا واحدًا وأنه وإن كان غير مخلوق وهو صفة قائمة به فإنه يلقيه على من يشاء من عباده بحسب حاجتهم في الأحكام الشرعية وغيرها من مصالحهم قال: وأحاديث الباب كالمصرّحة بهذا المراد.
وقوله تعالى: ({لقول}) ولأبي ذر: إنه لقول ({فصل}) أي (حق {وما هو بالهزل} [الطارق: 13 و14]) أي (باللعب) وهذا مأخوذ من قول أبي عبيدة في كتابه المجاز ومن حق القرآن وقد وصفه الله تعالى بهذا أن يكون مهيبًا في الصدور معظمًا في القلوب يترفع به قارئه وسامعه أن يلمّ بهزل أو يتفكّه بمزاح.
7491 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِى الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» .
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم (عن سعيد بن المسيب) سيد التابعين (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(قال الله تعالى يؤذيني ابن آدم) أي بأن ينسب إليّ ما لا يليق بجلالي وهذا من المتشابهات والله تعالى منزّه عن أن يلحقه أذى إذ هو محال عليه فهو من التوسّع في الكلام والمراد أن من وقع ذلك منه تعرّض لسخط الله تعالى (يسب الدهر) الليل والنهار فيقول إذا أصابه مكروه بؤسًا للدهر وتبًّا له ونحو ذلك (وأنا الدهر) أي خالقه (بيدي الأمر) الذي ينسبونه إلى الدهر (أقلّب الليل والنهار) فإذا سبّ ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبّه إليّ لأني فاعلها وإنما الدهر زمان جعلته ظرفًا لمواقع الأمور.
ومطابقته لما ترجم في إثبات إسناد القول إلى الله تعالى وهو من الأحاديث القدسية.
وسبق في تفسير سورة الجاثية.
7492 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: الصَّوْمُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِى، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان كذا للجميع أبو نعيم عن الأعمش إلا لأبي علي بن السكن فقال: حدّثنا أبو نعيم حدّثنا الأعمش فزاد فيه الثوري لكن قال أبو علي الجياني: الصواب قول من خالفه من سائر الرواة (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه قال:
(يقول الله عز وجل الصوم لي) خصّه تعالى به لأنه لم يعبد به أحد غيره بخلاف السجود وغيره (وأنا أجزي) صاحبه (به). وقد علم أن الكريم إذا تولى الإعطاء بنفسه كان في ذلك إشارة إلى تعظيم ذلك العطاء ففيه مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب (يدع) يترك الصائم (شهوته) الجماع (و) يدع (أكله وشربه من أجلي) أي خالصًا (والصوم جنة) بضم الجيم وتشديد النون وقاية من النار أو المعاصي لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة (وللصائم فرحتان) يفرحهما (فرحة حين يفطر) حين انتهاء صومه في الدنيا (وفرحة حين يلقى ربه) يوم القيامة (ولخلوف) بفتح اللام وضم الخاء المعجمة رائحة (فم الصائم) المتغير لخلاء معدته من الطعام (أطيب عند الله من ريح المسك) أي أذكى عند الله منه إذ إنه تعالى لا يوصف بالشم نعم هو عالم به كبقية المدركات المحسوسات ألا يعلم من خلق.
والحديث سبق في الحج بمباحثه وما فيه ومطابقته لما ترجم به في قوله يقول الله.
7493 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِى فِى ثَوْبِهِ فَنَادَى رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِى عَنْ بَرَكَتِكَ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحافظ أبو بكر الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة ابن راشد (عن همام) بفتح الهاء والميم المشددة ابن منبه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(بينما) بالميم (أيوب) عليه السلام (يغتسل) حال كونه (عريانًا خرّ عليه رجل جراد) بكسر الراء وسكون الجيم جماعة كثيرة منه (من ذهب) وسمي جرادًا لأنه يجرد الأرض فيأكل ما عليها (فجعل) أيوب (يحثي) بفتح أوله وسكون الحاء المهملة بعدها مثلثة يأخذ بيده ويرمي (في ثوبه فناداه) فقال له (ربه) تعالى (يا أيوب) كلمه كموسى أو بواسطة الملك (ألم أكن أغنيتك) بفتح الهمزة وبعد التحتية الساكنة فوقية ولأبي ذر عن الكشميهني أغنك بضم الهمزة وبعد المعجمة الساكنة نون مكسورة فكاف (عما ترى) من جراد
الذهب (قال: بلى يا رب) أغنيتني (ولكن لا غنى لي عن بركتك) أي عن خيرك وغنى بكسر الغين المعجمة مقصور من غير تنوين ولا نافية للجنس.
وسبق الحديث في باب من اغتسل عريانًا من الطهارة.
7494 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس إمام دار الهجرة الأصبحي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي عبد الله الأغر) بالغين المعجمة المفتوحة والراء المشدّدة واسمه سلمان الجهني المدني (عن أبي هريرة) رضى الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(يتنزل) بتحتية ففوقية وتشديد الزاي في باب التفعل ولأبي ذر عن الكشميهني ينزل (ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر) أي ينزل ملك بأمره وتأوله ابن حزم بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا كالفتح لقبول الدعاء وأن تلك الساعة من مظانّ الإجابة وهذا معهود في اللغة يقال فلان نزل لي عن حقه بمعنى وهبه لي، لكن في حديث أبي
هريرة عند النسائي وابن خزيمة في صحيحه إذا ذهب ثلث الليل فذكر الحديث وزاد فيه: فلا يزال بها حتى يطلع الفجر فيقول هل من داع فيستجاب له، وهو من رواية محمد بن إسحاق، واختلف فيه، وفي حديث ابن مسعود عند ابن خزيمة: فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش وهو من رواية إبراهيم الهجري وفيه مقال، وفي أحاديث أُخر محصلها ذكر الصعود بعد النزول وكما يؤوّل النزول فلا مانع من تأويل الصعود بما يليق كما مرّ والتسليم أسلم والغرض من الحديث هنا قوله (فيقول من يدعوني فأستجيب) بالنصب على جواب الاستفهام وليست السين للطلب بل أستجيب بمعنى أجيب (له من يسألني فأعطيه) سؤله (من) وللأصيلي ومن (يستغفرني فأغفر له) ذنوبه.
وسبق الحديث مع مباحثه بالتهجد من أواخر الصلاة وكذا في الدعوات.
7495 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) بضم الشين المعجمة ابن أبي حمزة الحافظ أبو بشر الحمصي مولى بني أمية قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (أن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (حدّثه أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
(نحن الآخرون) في الدنيا (السابقون يوم القيامة).
7496 -
وَبِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ اللَّهُ: «أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» .
(وبهذا الإسناد) المذكور وهو: حدّثنا أبو اليمان إلى آخره (قال الله) عز وجل (أنفق) على عباد الله وأنفق بفتح الهمزة وكسر الفاء مجزوم على الأمر (أُنفق عليك) بضم الهمزة مجزوم جوابًا أي أعطك خلفه بل أكثر منه أضعافًا مضاعفة. ويحكى مما ذكره في الكواكب عن بعض الصوفية أنه قد تصدّق برغيفين محتاجًا إليهما فبعث بعض أصحابه إليه سفرة فيها أدام وثمانية عشر رغيفًا فقال لحاملها: أين الرغيفان الآخران؟ قال: كنت محتاجًا فأخذتهما في الطريق منها فقيل له: بم عرفت أنها كانت عشرين؟ قال من قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] وقوله: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" ذكره في الدّيات. وقوله: "أنفق أنفق عليك" طرف من حديث أورده تامًّا في تفسير سورة هود، والمراد منه هنا نسبة القول إلى الله تعالى في قوله أنفق.
7497 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيجَةُ أَتَتْكَ بِإِنَاءٍ فِيهِ طَعَامٌ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَأَقْرِئْهَا مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ.
وبه قال: (حدّثنا زهير بن حرب) بضم الزاي مصغرًا وحرب بالحاء المهملة وبعد الراء الساكنة موحدة النسائي الحافظ قال: (حدّثنا ابن فضيل) بضم الفاء وفتح المعجمة محمد الضبي مولاهم الحافظ أبو عبد الرحمن (عن عمارة) بن القعقاع (عن أبي زرعة) بضم الزاي وسكون الراء هرم البجلي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (فقال: هذه خديجة أتتك) ولأبي ذر عن المستملي تأتيك، وسبق في باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها من طريق قتيبة بن سعيد عن محمد بن فضيل إلى أبي هريرة قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتت (بإناء فيه طعام أو إناء فيه شراب) بالشك، وللأصيلي أو شراب ولأبي ذر أو إناء أو شراب كذا بالرفع في الفرع وأصله شك هل قال فيه طعام
أو قال إناء فقط لم يذكر ما فيه ويجوز الرفع والجر في قوله أو شرب (فأقرئها) بهمزة مفتوحة بعد الفاء وأخرى ساكنة بعد الراء (من ربها السلام وبشرها ببيت) في الجنة (من قصب) لؤلؤة مجوّفة كما في معجم الكبير للطبراني (لا صخب) بالصاد المهملة والخاء المعجمة والموحدة المفتوحات لا صياح (فيه ولا نصب) ولا تعب جزاءً وفاقًا، لأنه صلى الله عليه وسلم لما دعا الناس إلى الإسلام أجابت من غير منازعة ولا تعب، بل أزالت عنه كل تعب وآنسته من كل وحشة فناسب أن يكون بيتها في الجنة بالصفة المقابلة لفعلها قاله السهيلي.
وسبق الحديث فى الباب المذكور.
7498 -
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» .
وبه قال: (حدّثنا معاذ بن أسد) أبو عبد الله المروزي نزل البصرة قال: (أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (معمر) هو ابن راشد (عن همام بن منبه) بكسر الموحدة المشددة (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(قال الله) عز وجل (أعددت لعبادي الصالحين) والإضافة للتشريف أي هيّأت لهم في الجنة (ما لا عين رأت) أي ما رأت العيون كلهن ولا عين واحدة فالعين في سياق النفي فتفيد الاستغراق ومثله قولها (ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
وسبق الحديث في سورة السجدة.
7499 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ أَنَّ طَاوُسًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ،
وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِى لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ».
وبه قال: (حدّثنا محمود) هو ابن غيلان قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام قال: أخبرنا (ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (أخبرني) بالإفراد (سليمان) بن أبي مسلم (الأحول) المكي (أن طاوسًا) اليماني (أخبره أنه سمع ابن عباس) رضي الله عنهما (يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال):
(اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض) منوّرهما (ولك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض) الذي يقوم بحفظهما (ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق) المتحقق وجوده (ووعدك الحق) الذي لا يدخله خلف (وقولك الحق) الثابت مدلوله اللازم (ولقاؤك الحق) وللأصيلي حق بلا ألف ولام أي رؤيتك في الآخرة حيث لا مانع (والجنة حق والنار حق) أي كل منهما موجود (والنبيون حق والساعة حق) أي قيامها (اللهمّ لك أسلمت) أي انقدت لأمرك ونهيك (وبك آمنت) أي صدقت بك وبما أنزلت (وعليك توكلت) أي فوّضت أمري إليك (وإليك أنبت) رجعت (وبك خاصمت) أي بما آتيتني من البراهين خاصمت من خاصمني من الكفار (وإليك حاكمت) كل من أبى القبول ما أرسلتني به (فاغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت).
ومطابقته للترجمة في قوله: وقولك الحق، وسبق في التهجد وغيره.
7500 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِىُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِىُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِى طَائِفَةً مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِى حَدَّثَنِى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ فِى بَرَاءَتِى وَحْيًا يُتْلَى وَلَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ} [النور: 11] الْعَشْرَ الآيَاتِ.
وبه قال: (حدّثنا حجاج بن منهال) بكسر الميم قال: (حدّثنا عبد الله بن عمر) بضم العين (النميري) بضم النون وفتح الميم قال: (حدّثنا يونس بن يزيد الأيلي) بفتح الهمزة وسكون التحتية وكسر اللام (قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم (قال: سمعت عروة بن الزبير) بن العوّام (وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص) الليثي (وعبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن
مسعود أربعتهم (عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله) عز وجل (مما قالوا) بما أنزل في القرآن (وكلٌّ) من الأربعة (حدّثني) بالإفراد (طائفة) قطعة (من الحديث الذي حدّثني) به منه (عن) حديث (عائشة) رضي الله عنها (قالت) بعد أن ذكرت سفرها معه صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها الحديث بطوله في قصة الإفك السابقة في غير ما موضع وقولها: والله يعلم أني حينئذ بريئة وأن الله مبرئي ببرائتي (ولكن) ولأبي ذر عن الكشميهني ولكن (والله ما كنت أظن أن الله) تبارك وتعالى (ينزل) بضم الياء من أنزل (في براءتي) مما نسبه لي أهل الإفك (وحيًا يُتلى) يقرأ (ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله) عز وجل (فيّ) بتشديد
الياء (بأمر يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله تعالى: {وإن الذين جاؤوا بالإفك} [النور: 11] العشر الأيات) في براءتي.
ومطابقته للترجمة في قوله من أن يتكلم الله فيّ بأمر يُتلى، وسبق الحديث في غير مرة.
7501 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَقُولُ: اللَّهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِى أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِى فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ» .
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء قال: (حدّثنا المغيرة بن عبد الرحمن) المدني (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(يقول الله) عز وجل (إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها) بفتح الميم (فإن عملها) بكسرها ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فإذا عملها (فاكتبوها) عليه (بمثلها) من غير تضعيف (وإن تركها من أجلي) أي خوفًا مني (فاكتبوها له حسنة) واحدة غير مضاعفة وزاد في رواية ابن عباس في الرقاق كاملة (وإذا أراد) عبدي (أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة) زاد ابن عباس كاملة أي لا نقص فيها (فإن عملها) بكسر الميم (فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي إلى سبعمائة ضعف زاد في الرواية المذكورة إلى أضعاف كثيرة أي بحسب الزيادة في الاخلاص.
والغرض من الحديث قوله يقول الله. وسبق نحوه في باب: مَن همّ بحسنة من حديث ابن عباس.
7502 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ
الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَ: مَهْ قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ فَقَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ قَالَ: فَذَلِكِ لَكِ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22].
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثني) بالإفراد (سليمان بن بلال) وسقط ابن بلال لأبي ذر (عن معاوية بن أبي مزرد) بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء المشددة والذي في اليونينية فتحها بعدها دال مهملة واسمه عبد الرحمن بن يسار بالتحتية والمهملة المخففة (عن) عمه (سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(خلق الله) عز وجل (الخلق فلما فرغ منه) أي أتمّه وقضاه (قامت الرحم) حقيقة بأن تجسمت زاد في تفسير سورة القتال قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن وهو استعارة إذ من عادة المستجير أن يأخذ بذيل المُستَجار به أو بطرف ردائه وربما أخذ بحقو إزاره مبالغة في الاستجارة (فقال) تعالى لها (مه) بفتح الميم وسكون الهاء أي اكففي (قالت) بلسان الحال أو بلسان المقال وفي حديث عبد الله بن عمرو وعند أحمد أنها تكلم بلسان طلق ذلق وللأصيلي فقالت (هذا مقام العائد) أي قيامي هذا قيام المستجير (بك من القطيعة فقال) جلّ وعلا ولأبي ذر عن الكشميهني قال (ألا) بالتخفيف (ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه (وأقطع من قطعك) فلا أتعطف عليه (قالت: بلى) رضيت (يا رب. قال) تعالى (فذلك لك) بكسر الكاف فيهما (ثم قال أبو هريرة){فهل عسيتم} وفي الأدب قال رسول الله: فاقرؤوا إن شئتم ({فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} [محمد: 22]).
وهذا الحديث سبق في تفسير سورة القتال وفي كتاب الأدب.
7503 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: مُطِرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «قَالَ اللَّهُ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِى كَافِرٌ بِى وَمُؤْمِنٌ بِى» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن صالح) هو ابن كيسان (عن عبيد الله) بضم العين ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود (عن زيد بن خالد) الجهني رضي الله عنه أنه (قال: مطر النبي صلى الله عليه وسلم) بضم الميم وكسر الطاء أي حصل المطر بدعائه صلى الله عليه وسلم (فقال) عليه الصلاة والسلام.
(قال الله) عز وجل (أصبح من عبادي كافر بي) وهو من قال مطرنا بنوء كذا (ومؤمن بي) وهو من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته كما وقع مبيِّنًا في الحديث الآخر السابق في الاستسقاء ومطابقته هنا ظاهرة.
7504 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدِى لِقَائِى أَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَإِذَا كَرِهَ لِقَائِى كَرِهْتُ لِقَاءَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(قال الله) عز وجل (إذا أحب عبدي لقائي) أي الموت. وقال ابن الأثير: المراد باللقاء المصير إلى الدار الآخرة وطلب ما عند الله وليس المراد به الموت لأن كلاًّ
يكرهه فمَن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله (أحببت لقاءه) أي أردت الخير له والإنعام عليه (وإذا كره) عبدي (لقائي كرهت لقاءه) فيه أن محبة لقاء الله لا تدخل في النهي عن تمني الموت لأنها ممكنة مع عدم تمنِّيه لأن النهي محمول على حال الحياة المستمرة أما عند المعاينة والاحتضار فلا تدخل تحت النهي بل هي مستحبة.
وسبقت مباحث الحديث في باب من أحب لقاء الله من كتاب الرقاق.
7505 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) أي ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(قال الله) عز وجل (أنا) ولأبي ذر عن المستملي لأنا (عند ظن عبدي) إن ظن خيرًا فله أو غيره فله.
وسبق في باب {ويحذركم الله نفسه} [آل عمران: 28] من كتاب التوحيد.
7506 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، فَإِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ وَاذْرُوا نِصْفَهُ فِى الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِى الْبَحْرِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا لَا يُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ فَغَفَرَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله (عن الأعرج) عبد الرحمن (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(قال رجل) كان نبّاشًا في بني إسرائيل (لم يعمل خيرًا قط) لأهله أو لبنيه (فإذا) ولأبي ذر إذا (مات) كان مقتضى السياق أن يقول إذا متّ لكنه على طريق الالتفات (فحرقوه واذروا) بالذال المعجمة (نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله) بتخفيف الدال أي ضيق الله (عليه) كقوله تعالى: {ومن قدر عليه رزقه} [الطلاق: 7] أي ضيّق عليه وليس شكًّا في القدرة على إحيائه (ليعذبنّه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين) زاد في بني إسرائيل فلما مات فعل به ذلك (فأمر الله) عز وجل (البحر فجمع) بالفاء ولأبي ذر عن الحموي ليجمع (ما فيه وأمر البر فجمع ما فيه) وزاد أيضًا فإذا هو قائم أي بين يدي الله تعالى (ثم قال) تعالى له (لِمَ فعلت) هذا؟ (قال: من خشيتك) يا رب (وأنت أعلم) جملة حالية أو معترضة (فغفر له).
وسبق الحديث في ذكر بني إسرائيل.
7507 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى عَمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ فَاغْفِرْ فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِى ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِى ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ: أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِى فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِى أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِى ثَلَاثًا فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» .
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن إسحاق) بن الحصين بن جابر السرماري بفتح السين المهملة وكسرها وسكون الراء الأولى نسبة إلى سرمارة قرية من قرى بخارى قال: (حدّثنا عمرو بن عاصم) بفتح العين وسكون الميم أبو عثمان الكلاباذي البصري حدّث عنه البخاري بلا واسطة في كتاب الصلاة وغيره قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى قال: (حدّثنا إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة الأنصاري التابعي المشهور قال: (سمعت عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم التابعي الجليل المدني واسم أبيه كنيته وهو أنصاري صحابي وقيل إن لعبد الرحمن رؤية (قال: سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال):
(إن عبدًا أصاب ذنبًا وربما قال: أذنب ذنبًا) بالشك (فقال) يا (رب أذنبت ذنبًا وربما قال أصبت) أي ذنبًا (فاغفر) ذنبي ولأبي ذر فاغفره وللكشميهني فاغفر لي (فقال ربه أعلم عبدي) بهمزة الاستفهام والفعل الماضي وللأصيلي علم بحذف الهمزة (إن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به) أي يعاقب عليه وللأصيلي يغفر الذنوب ويأخذ بها (غفرت لعبدي) ذنبه أو قال ذنوبه (ثم مكث ما شاء الله) من الزمان (ثم أصاب ذنبًا) آخر وفي رواية حماد عند مسلم ثم عاد فأذنب (أو) قال
(أذنب ذنبًا فقال) يا (رب أذنبت أو) قال (أصبت) ذنبًا (آخر فاغفره}) لي وللأصيليّ فاغفر لي (فقال) ربه (أعلم) وللأصيلي علم (عبدي أن له ربّا يغفر الذنب ويأخذ به) ويعاقب فاعله عليه (غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله) من الزمان (ثم أذنب ذنبًا) آخر (وربما قال أصاب ذنبًا فقال) يا (رب أصبت أو قال) سقط لفظ قال لغير أبي ذر (أذنبت) ذنبًا (آخر فاغفره لي) كذا بالشك في هذه المواضع المذكورة كلها في هذا الحديث من هذا الوجه ورواه حماد بن سلمة عن إسحاق عند مسلم بلفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبدي ذنبًا ولم يشك وكذا في بقية المواضع. (فقال) ربه (أعلم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب
ويأخذ به غفرت لعبدي ثلاثًا) أي الذنوب الثلاثة وسقط لفظ ثلاثًا لأبي ذر كقوله (فليعمل ما شاء) إذا كان هذا دأبه يذنب الذنب فيتوب منه ويستغفر لا أنه يذنب الذنب ثم يعود إليه فإن هذه توبة الكذّابين؛ ويدل له قوله: أصاب ذنبًا آخر كذا قرّره المنذري.
وقال أبو العباس في المفهم: هذا الحديث يدل على عظم فائدة الاستغفار وكثرة فضل الله وسعة رحمته وحلمه وكرمه، لكن هذا الاستغفار هو الذي يثبت معناه في القلب مقارنًا للسان لتنحل به عقدة الإصرار ويحصل مع الندم، ويشهد له حديث: خياركم كل مفتن توّاب أي الذي يتكرر منه الذنب والتوبة، فكلما وقع في ذنب عاد إلى التوبة لا من قال: أستغفر الله بلسانه وقلبه مصرّ على تلك المعصية فهذا الذي استغفاره يحتاج إلى استغفار. وفي حديث ابن عباس عند ابن أبي الدنيا مرفوعًا: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه المستهزئ بربه، لكن الراجح أن قوله والمستغفر إلى آخره موقوف.
وقال ابن بطال في هذا الحديث إن المصرّ على المعصية في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له مغلبًا لحسنته التي جاء بها وهي اعتقاد أن له ربًّا خالقًا يعذبهُ ويغفر له واستغفاره إياه على ذلك يدل عليه قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] ولا حسنة أعظم من التوحيد. فإن قيل إن استغفاره ربه توبة منه قلنا ليس الاستغفار أكثر من طلب المغفرة وقد يطلبها المصرّ والتائب ولا دلالة في الحديث على أنه تاب مما سأل الغفران عنه لأن حدّ التوبة الرجوع عن الذنب والعزم أن لا يعود إليه والإقلاع عنه والاستغفار بمجرده لا يفهم منه ذلك.
وقال السبكي في الحلبيات: الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو بهما، فالأول فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول الخير، والثاني نافع جدًّا، والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان الذنب حتى توجد التوبة منه فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التوبة إلى أن قال: والذي ذكرته من أن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند كثيرٍ من الناس أن لفظ أستغفر الله معناه التوبة فمن كان ذلك معتقده فهو يريد التوبة لا محالة، ثم قال: وذكر بعضهم أن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لقوله تعالى: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} [هود: 3] والمشهور أنه لا يشترط. وقال بعضهم: يكفي في التوبة
تحقق الندم على وقوعه منه فإنه يستلزم الإقلاع عنه والعزم على عدم العود فهما ناشئان عن الندم لا أصلان معه، ومن ثم جاء الحديث "الندم توبة" وهو حديث حسن من حديث ابن مسعود أخرجه ابن ماجة وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان من حديث أنس وصححه اهـ ملخصًا من فتح الباري.
وسقط للأصيلي فقال أعلم عبدي أن له ربًّا الثالثة إلى آخر الحديث ومطابقته للترجمة في قوله فقال له ربه وفي قوله فقال أعلم عبدي، وأخرجه مسلم في التوبة والنسائي في اليوم والليلة.
7508 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً فِيمَنْ سَلَفَ أَوْ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالَ كَلِمَةً يَعْنِى «أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَدًا، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْوَفَاةُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَىَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا: خَيْرَ أَبٍ قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ أَوْ لَمْ يَبْتَئِزْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ يَقْدِرِ اللَّهُ عَلَيْهِ يُعَذِّبْهُ فَانْظُرُوا إِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى حَتَّى إِذَا صِرْتُ فَحْمًا فَاسْحَقُونِى -أَوْ قَالَ فَاسْحَكُونِى- فَإِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ عَاصِفٍ فَأَذْرُونِى فِيهَا» . فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَأَخَذَ مَوَاثِيقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَرَبِّى فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَذْرَوْهُ فِى يَوْمٍ عَاصِفٍ فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: كُنْ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ قَائِمٌ، قَالَ اللَّهُ: أَىْ عَبْدِى مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ أَوْ فَرَقٌ مِنْكَ، قَالَ: فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ رَحِمَهُ عِنْدَهَا» . وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عُثْمَانَ فَقَالَ: سَمِعْتُ هَذَا مِنْ سَلْمَانَ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ أَذْرُونِى فِى الْبَحْرِ أَوْ كَمَا حَدَّثَ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن أبي الأسود) البصري قال: (حدّثنا معتمر) قال: (سمعت أبي) سليمان بن طرخان التيمي البصري قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن عقبة بن عبد الغافر) الأزدي (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلاً) لم يسم (فيمن سلف) في جملتهم (أو فيمن كان قبلكم) أي في بني إسرائيل والشك من الراوي وللأصيلي قبلهم بالهاء بدل الكاف (قال) عليه الصلاة والسلام (كلمة يعني) معنى الكلمة.
(أعطاه الله) عز وجل وسبق في بني إسرائيل رغسه الله وهو معنى أعطاه الله (مالاً وولدًا فلما حضرت الوفاة) أي حضرته الوفاة ولأبي ذر فلما حضره الوفاة (قال لبنيه أيّ أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب). قال أبو البقاء هو بنصب أي على أنه خبر كنت وجاز تقديمه لكونه استفهامًا ويجوز الرفع. قلت: وهو الذي في الفرع وصحح عليه وخير أب قال أبو البقاء الأجود فيه النصب على تقدير كنت خير أب فيوافق ما هو جواب عنه ويجوز الرفع بتقدير أنت خير أب (قال: فإنه لم يبتئر)
بفتح التحتية وسكون الموحدة وفتح الفوقية بعدها همزة مكسورة فراء مهملة قال في المصابيح وهو المعروف في اللغة (أو) قال (لم يبتئز) بالزاي المعجمة بدل الراء المهملة وقال في المطالع وقع للبخاري في كتاب التوحيد على الشك في الراء والزاي وفي بعضها يأتبر أي لم
يقدّم (عند الله خيرًا) ليس المراد نفي كل خير على العموم بل نفي ما عدا التوحيد ولذلك غفر له وإلاّ فلو كان التوحيد منتفيًا أيضًا لتحتّم عقابه سمعًا ولم يغفر له (وإن يقدّر الله) يضيق الله (عليه يعذبه) بالجزم وسقط عليه لأبي ذر والأصيلي (فانظروا إذا متّ فأحرقوني) بهمزة قطع (حتى إذا صرت فحمًا فاسحقوني -أو قال فاسحكوني-) بالكاف بدل القاف وهما بمعنى والشك من الراوي (فإذا كان يوم ريح عاصف فاذروني فيها) بهمزة قطع وبإسقاطها في اليونينية وبمعجمة يقال ذرى الريح الشيء وأذرته أطارته وأذهبته (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فأخد مواثيقهم على ذلك وربي) قسم من المخبر بذلك عنهم تأكيدًا لصدقه وإن كان محقق الصدق صادقًا قطعًا (ففعلوا) ما قال لهم وأخذ عليهم مواثيقهم بعد موته من الإحراق والسحق (ثم أذروه في يوم عاصف) ريحه (فقال الله عز وجل كن فإذا هو رجل قائم) زاد أبو عوانة في صحيحه في أسرع من طرفة العين (قال الله) عز وجل له (أي عبدي ما حملك على أن فعلت ما فعلت؟ قال مخافتك أو فرق) وللأصيلي مخافتك أو فرقًا بالنصب فيهما (منك) بفتح الفاء والراي والشك من الراوي ومعناهما واحد ومخافتك ومعطوفه رفع.
قال البدر الدماميني: خبر مبتدأ محذوف أي الحامل لي مخافتك أو فرق منك فإن قلت: هلاّ جعلته فاعلاً بفعل مقدر أي حملني على ذلك مخافتك أو فرق منك؟ قلت: يمتنع لوجهين. أحدهما أنه إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلاً والباقي فاعلاً وكونه مبتدأ والباقي خبرًا فالثاني أولى لأن المبتدأ عين الخبر فالمحذوف عين الثابت فيكون حذفًا كلا حذف وأما الفعل فإنه غير الفاعل. الوجه الثاني: أن التشاكل بين جملتي السؤال والجواب مطلوب ولا خفاء بأن قوله ما حملك على أن فعلت ما فعلت جملة اسمية فليكن جوابها كذلك لمكان المناسبة ولك على هذا أن تجعل مخافتك مبتدأ والخبر محذوف أي حملتني اهـ.
(قال فما تلافاه) بالفاء (أن) بفتح الهمزة أي بأن (رحمه عندها). قال في الكواكب: مفهومه عكس المقصود، ثم أجاب: بأن ما موصولة أي الذي تلافاه هو الرحمة أو نافية وكلمة الاستثناء محذوفة عند من جوّز حذفها. قال البدر الدماميني: وهو رأي السهيلي والمعنى فما تلافاه إلا برحمته ويؤيد هذا قوله: (وقال مرة أخرى فما تلافاه غيرها}) قال سليمان التيمي (فحدّثت به) بهذا الحديث (أبا عثمان) عبد الرحمن النهدي (فقال: سمعت هذا) الحديث (من سلمان) الفارسي الصحابي كما رويته (غير أنه زاد فيه في البحر) أي ذروه في يوم عاصف في البحر (أو كما حدّث).
0000 -
حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِرْ وَقَالَ خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ وَقَالَ: لَمْ يَبْتَئِزْ فَسَّرَهُ قَتَادَةُ لَمْ يَدَّخِرْ.
وبه قال: (حدّثنا موسى) بن إسماعيل التبوذكي قال: (حدّثنا معتمر) هو ابن سليمان (وقال) في روايته (لم يبتئر) بالراء المهملة. (وقال خليفة) بن خياط شيخ المصنف (حدّثنا معتمر) المذكور (وقال لم يبتئز) بالزاي المعجمة (فسره قتادة) بن دعامة (لم يدّخر) خرّجه الإسماعيلي قال في
المصابيح، قال السفاقسي: وعند المعتزلة أن هذا الرجل إنما غفر له من أجل توبته التي تابها لأن قبول التوبة واجب عقلاً، والأشعري قطع بها سمعًا وغيره جوّز القبول سائر الطاعات وقال ابن المنير قبول التوبة عند المعتزلة واجب على الله تعالى عقلاً وعندنا واجب بحكم الوعد والتفضيل والإحسان.
لنا وجوه: الأوّل: الوجوب لا يتقرر معناه إلا إذا كان بحيث لو لم يفعله الفاعل استحق الذم فلو وجب القبول على الله تعالى لكان بحيث لو لم يقبل لصار مستحقًّا للذم وهو مُحال لأن من كان كذلك فإنه يكون مستكملاً بفعل القبول والمستكمل بالغير ناقص لذاته وذلك في حق الله تعالى مُحال.
الثاني: أن الذم إنما يمنع من الفعل من كان